• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / أبحاث في فقه المصرفية الإسلامية
علامة باركود

الفرق بين الحيل المحرمة والمخارج المشروعة، المعاملات المالية نموذجا

الفرق بين الحيل المحرمة والمخارج المشروعة، المعاملات المالية نموذجا
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/7/2024 ميلادي - 17/1/1446 هجري

الزيارات: 1880

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الفرق بين الحيل المحرمة والمخارج المشروعة،

المعاملات المالية نموذجًا


لما انقسمت الطرق الخفية في تعاملات الناس إلى حيلٍ محرمة، ومخارج شرعية مباحة اشتبه المحرم بالمباح، واستدل البعض بأدلة مشروعية الثاني لتجويز الأول، وتعين علينا ابتداءً ضبط معالم القسمين بما يحدد معنى كلٍ منهما، وصوره، ويوجّه أدلته، ولو على جهة التقريب، قال العز بن عبد السلام: "ما لا يحد ضابطه لا يجوز تعطيله، ويجب تقريبه"؛[1] وعلّل ذلك تلميذه القرافي بقوله: "لأن التقريب خير من التعطيل"[2].


أولاً: حقيقة الحيل المحرمة:

إذا نظرنا في الأدلة الشرعية التي ذمّت سلوك الطرق الخفية، مما يُقصد به التخلص من تبعة الحكم الشرعي، وجدنا أنها دارت على محدداتٍ بارزة، كانت هي سبب الذمّ والمنع؛ فمن ذلك:

1- المحدد الأول: ما أخرجه ابن بطة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل"[3].

 

وفي هذا الحديث دليلٌ على أن مقصود الحيلة الوقوع فيما حرّم الله تعالى؛ بأيِّ صورةٍ يُخدع فيها الناظر لها ابتداء، وتكون سهلة التنفيذ، مقارنةً بالطريق الشرعي.

 

ويظهر هذا بعرض مثالين لتحايلهم؛ الأول نبّه عليه القرآن، والثاني نبّهت عليه السنة:

‌أ- المثال الأول: في قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾[4].

 

فوصلوا إلى حقيقة المحرم، لا إلى صورته: فهم لم يصطادوا الحيتان يوم السبت، لكن هي التي وقعت في الشباك أو الحُفر يوم السبت،[5] وأخذوها هم يوم الأحد، ففعل الصيد لم يحدث منهم مباشرة، وفعل الأخذ والأكل لم يكن يوم السبت،[6] لكن حقيقة الأمر أنهم أخذوا حيتان السبت، وهي عين ما نهوا عنه، ثم إن ذلك دعاهم إلى استحلال ذات المحرم بعد ذلك.

 

قال ابن كثير: "وهؤلاء قومٌ احتالوا على انتهاك محارم الله، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة، التي معناها في الباطن تعاطي الحرام"[7].

 

فكان مقصود الحكم منعهم من أخذ الصيد بطريق المباشرة، أو التسبب؛ لكنهم تجرؤوا عليه بحيلةٍ هي " استحلال تأويل واحتيال، ظاهره ظاهر الاتقاء, وحقيقته حقيقة الاعتداء؛ ولهذا - والله أعلم - مسخوا قردةً؛ لأن صورة القرد فيها شبهٌ من صورة الإنسان، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبهٌ منه، وهو مخالفٌ له في الحدّ والحقيقة"[8].

 

‌ب- المثال الثاني: ما أخرجه الشيخان من حديث جابر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: "إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر، والميتة، والخنـزير، والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس[9]؟، فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرّم شحومها جملوه،[10] ثم باعوه، فأكلوا ثمنه"[11].

 

فاليهود هنا وصلوا إلى حقيقة المحرم، لا إلى صورته، فهم نهُوا عن أكل الشحوم، فأذابوها حتى تغيرت صورتها، وتغير اسمها، فصارت دهنًا سائلاً، وسمي ودكاً،[12] ثم باعوها، فلم يأكلوها مباشرة، وإنما أكلوا بدلها،[13] لكن حقيقة الأمر أنهم وصلوا إلى الانتفاع بما حُرم عليهم، بعد تغيير صورته مرتين.

 

فحقيقة الحيلة أن يأتي حقيقة المحرم من جهة تختلف في الصورة، أو الاسم عن الجهة التي نهي عنها؛ كمثل التحايل على قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾،[14] فلا يأكلها، لكن ينفقها في بعض حاجته[15].

 

2- المحدد الثاني: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم"[16].

 

والالتفاف على أوامر الله تعالى، وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم صورةٌ أخرى من صور الاحتيال، فلا يأتي بالواجب على وجهه، بل يسعى للتحايل عليه، ولهذا مثالان:

أ‌- المثال الأول: ما أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه حدّثه أن في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة: "ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرّق بين مجتمع؛ خشية الصدقة"[17].

 

وصورة المنهي عنه: أن يجمع أو يفرّق مال الزكاة من بهيمة الأنعام؛ لتقل حصّة الزكاة؛ فيتحيل بذلك على أداء الواجب[18].

 

ب‌- والمثال الثاني: ما أخرجه الخمسة إلا النسائي عن علي رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل، والمحلَّل له[19].

 

والمحلِّل يتحايل لإسقاط شرط التحليل؛ وهو نكاح الرغبة مع الوطء[20].

 

ومن الحيل التي نهُي عنها نصًا في خصوص المعاملات المالية: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن العينة،[21] وصورتها: أن يبيع سلعةً بثمنٍ آجل، ثم يشتريها بثمنٍ عاجلٍ أقل،[22] فقصدوا بيع نقدٍ بنقد، مع التأجيل والتفاضل، وهو محرم؛ لاشتماله على ربا النسيئة والفضل، وأخرجوه في صورة بيعتين بينهما شرط أو تواطؤ، مع أنه لا غرض لواحدٍ منهما في السلعة، وإنما هي كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة[23].

 

فدار التحيل على حصول المحرم بعينه، مع قيام مفسدته، وزيادتها بتعب الاحتيال في معصية ومخادعة الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيًا: حقيقة المخارج الشرعية:

وإذا نظرنا في الأدلة الشرعية التي رخصت في سلوك الطرق الخفية، مما يُقصد به الدلالة على المخارج عند المضايق، وجدنا أنها دارت على محدداتٍ بارزة، كانت هي سبب الترخيص والإباحة؛ فمن ذلك:

1- المحدد الأول: ما جاء من الدلالة على سلوك طرقٍ خفية؛ لأداء الواجب، ووصول الحق لصاحبه:

‌أ- فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾[24].

 

فأيوب عليه السلام كان شديد التعظيم لأمر اليمين، حتى نقل الطبري[25] أنه كان يمرّ على الرجلين يتنازعان، فيذكران الله، فيرجع إلى بيته، فيكفّر عنهما؛ كراهية أن يُذكر الله إلا في حق،[26]وقد حلف على امرأته إن شفاه الله، ليجلدنها مائة جلدة، وكانت قائمةً بحقه في مرضه، فأمره الله بسلوك هذه الطريقة لأداء ما وجب عليه، دون أذيةٍ لزوجه؛ وذلك بأن يأخذ غصنًا، فيه مائة عودٍ، فيضربها به ضربةً واحدة، فيحصل بذلك مقصود الشرع في حصول التقوى في الأمرين؛ برّه بيمينه، وعدم أذية زوجته البارّة به، أو ضربها فوق حد الأدب[27].

 

‌ب- ومن الثاني: ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال: "اذهب، فاصبر"، فأتاه مرتين أو ثلاثًا، فقال: "اذهب، فاطرح متاعك في الطريق"، فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه، فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه؛ فعل الله به، وفعل، وفعل، فجاء إليه جاره، فقال له: ارجع، لا ترى مني شيئًا تكرهه[28].

 

فوصل بهذه الطريق الجائزة إلى حقه في الجوار، ودفع الأذى عنه.

 

2- المحدد الثاني: ما جاء من الدلالة على سلوك طرقٍ خفية؛ للتخلص من الوقوع في المحرم، أو لدفع شرٍ وظلم:

أ‌- فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾[29].

 

والمقصود بالحيلة في هذه الآيات الحيلة المشروعة، التي يثاب عليها فاعلها؛ لأن فيها تخلصاً من الكفار، ومن البقاء بين ظهرانيهم[30].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلو احتال المؤمن المستضعف على التخلص من بين الكفار لكان محمودًا في ذلك... وللناس في التلطف، وحسن التحيل على حصول ما فيه رضا الله ورسوله, أو دفع ما يكيد الإسلام وأهله سعيٌ مشكور"[31].

 

ب‌- ومن الثاني: ما أخرجه أحمد وغيره عن سويد بن حنظلة رضي الله عنه قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدوٌ له، فتحرّج الناس أن يحلفوا، وحلفتُ أنه أخي، فخلى عنه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: " أنتَ كنتَ أبرهم وأصدقهم، صدقتَ، المسلم أخو المسلم"[32].

 

فسلك رضي الله عنه المعاريض المباحة للوصول إلى مقصدٍ مشروع، وهو رفع ظلمٍ، وإنقاذ نفس مسلمٍ، وكما جازت المعاريض القولية جازت المخارج؛ إذ حقيقتها معاريض عملية[33].

 

ومن المخارج التي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها في خصوص المعاملات المالية: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء بلال بتمر بَرْني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أين هذا؟"، فقال بلال: تمرٌ كان عندنا رديء، فبعت منه صاعين بصاعٍ؛ لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "أوِّه، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر، ثم اشتر به"[34].

 

وعليه فالحيل المذمومة والمخارج المشروعة يجتمعان في سلوك طريقٍ خفيٍّ، ظاهره الجواز،[35] لا تدرك حقيقته إلا بنوع فطنة؛ إما لأن ظاهره خلاف باطنه، وإما لأن الذهن لا يلتفت له عادةً[36].

 

ويفترقان في أنّ المخارج المشروعة حقيقتها التوصل لأداء ما أوجب الله تعالى، أو التخلص من الوقوع فيما حرّمه سبحانه، وأما الحيل فمقصودها التوصل لما حرّمه الله تعالى؛ من ارتكاب محظور، أو ترك واجب، أو إسقاط حق،[37] قال ابن عباس رضي الله عنهما: "سدت عليكم أبواب الربا، فأنشأتم تطلبون مخارجها"؛ أيّ حيلها[38].

 

وتعرف الحيل المذمومة بعلامات فارقة بينها وبين المخارج المحمودة، ومن أبرز تلك العلامات في أبواب المعاملات المالية ما يلي:

(‌أ) من جهة سببها:

1- وأسباب الحيل لخصَّها ابن تيمية في القواعد النورانية، فقال: "ولقد تأملتُ أغلب ما أوقع الناس في الحيل؛ فوجدته أحد شيئين: إما ذنوب، جُوزوا عليها بتضييقٍ في أمورهم، فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل... وإما مبالغةٌ في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد، وإلا فمن اتّقى الله، وأخذ ما أحلّ له، وأدى ما أوجب عليه، فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبدًا"[39].

 

(‌ب) من جهة القصد منها:

2- أن يقصد بالعقد ما ينافيه، أو ما لم يشرع له؛ كأن يقصد من العقد بعض أحكامه التي تحصل تبعًا لحصوله على الوجه المشروع[40].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "العقد إذا كان له مقصودٌ يراد في جميع صوره، وشُرط فيه ما ينافي ذلك المقصود، فقد جمع بين المتناقضين؛ بين إثبات المقصود ونفيه، فلا يحصل شيء، ومثل هذا الشرط باطلٌ بالاتفاق، بل هو مبطلٌ للعقد عندنا"[41].

 

3- أو يقصد مقصدًا مخالفًا للشرع، وتعرف المقاصد المذمومة بالنظر في مسالك: التهمة، والتواطؤ، والمآلات،[42] وأن ينظر خصوصًا إلى الباعث على العقد، قال ابن القيم: "من نوى بالبيع عقد الربا حصل له الربا، ولا يعصمه من ذلك صورة البيع"[43].

 

(‌ج) من جهة شكلها:

4- غالب الحيل قوامها على التركيب، وعلى الناظر أن يُفرد كل عقدٍ منهما، وينظر هل قصد المتعاقدان عقده؛ بحظه من الثمن، أو لا؟[44].

 

فمن صور الحيل المنتشرة: أن يجمع بين عقدين بشرطٍ أو تواطؤ، يُمنع الجمع بينهما؛ كالتحايل على أخذ زيادةٍ على القرض، بجمع عقد القرض مع محاباة في عقد معاوضة، أو مشاركة[45].

 

وقد تظهر الحيلة في الجمع بينهما، وقد تظهر في محاولة إظهارهما منفصلين، وحقيقة الأمر اجتماعهما، أو إظهار أن الشرط الذي حصل به التركيب خارج العقد، والحقيقة أنه من صميمه[46].

 

5- وغالب الحيل تعتمد على تغيير الألفاظ، أو الأخذ بظاهر العقد، دون النظر إلى الحقائق، وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على فشو هذا المسلك في آخر الزمان، فعند أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليشربنَّ ناسٌ من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها"[47].

 

6- وقوامها كذلك على فعل اللغو؛ فيعقد عقدًا؛ ليفسخه، أو يدخل سلعة؛ ثم يخرجها كما دخلت، فمن الأول: أن يضم إلى العقد عقدًا ليس بمقصود؛ كالتحايل على ربا النسيئة في مسألة العينة، ومنه صورة المحلل في النكاح، ومن الثاني: أن يضم لأحد العوضين عوضًا غير مقصود؛ كالتحايل على ربا الفضل في مسألة مدّ عجوة، ومنه صورة المحلِّل في الميسر.

 

ومن دلائل ذلك: أن تفحص المعاملة بقاعدة المدخلات والمخرجات، وهي قاعدة ذهبية أصلّها المالكية في بيوع الآجال، وملخصها: أن "ما خرج من اليد، وعاد إليها يعدّ لغوًا"،[48] و"أن ينظر ما خرج من اليد وما خرج إليها، فإن جاز التعامل به صح، وإلا فلا"،[49] فتلغى الوسائط، وينظر في المحصّلة النهائية؛ فإن كانت نقدًا حاضرًا بزيادةٍ في الذمّة فهو ربا، أو ضمانًا بجعل، فهو غرر، ولا عبرة بما توسط من عقود[50].

 

ويتردد الناظر بين كون الحيلة جائزةً أو ممنوعةً، إذا تردد في عين المقصود من الفعل، أو في حكمه،[51] وأكثر ما يكون ذلك إذا قصد المكلف بصورة الفعل أثرًا من آثاره، ونتيجةً من نتائجه، ولم يقصد حقيقته، والحكمة من تشريعه؛[52] كنكاح المحلِّل، يريد بالنكاح أثره من حلّها للأول، ولا يقصد به مقاصد النكاح التي شُرع لها؛ من المودة، والسكن، ونحوها.



[1] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، (2/ 12).

[2] الفروق، (1/ 218).

[3] في إبطال الحيل، ص(46-47)، قال ابن كثير في تفسيره (1/ 108): "وهذا إسناد جيد"، وحسّنه ابن تيمية في الفتاوى الكبرى، (3/ 418).

[4] [الأعراف: 163].

[5] ينظر: تفسير البغوي، (2/ 208)، المغني، لابن قدامة، (4/ 43).

[6] ينظر: تفسير ابن كثير، (2/ 259).

[7] المصدر السابق، (2/ 258).

[8] بيان الدليل، لابن تيمية، ص(45).

[9] أيّ يشعلون بها سرجهم ومصابيحهم، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (2/ 506).

[10] أيّ أذابوه، واستخرجوا دهنه، ينظر: عمدة القاري، للعيني، (12/ 56)، الديباج على مسلم، للسيوطي، (4/ 180).

[11] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، (3/ 110)، برقم 2236، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام، (3/ 1207)، برقم 1581.

[12] ينظر: معالم السنن، للخطابي، (3/ 133).

[13] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(56-57)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 244).

[14] [البقرة: 188].

[15] يراجع: تفسير القرطبي، (2/ 338)، تفسير السعدي، ص(88).

[16] سبق تخريجه، ص(137).

[17] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، (2/ 144)، برقم 1450.

[18] ينظر: شرح البخاري، لابن بطال، (3/ 451)، شرح السنة، للبغوي، (6/ 14).

[19] أخرجه أحمد، (2/ 67)، برقم 635، وأبو داود، في كتاب النكاح، باب التحليل، (2/ 227)، برقم 2076، والترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء في المحلّ والمحلّل له، (2/ 418)، برقم 1119، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب المحلّل والمحلّل له، (1/ 622)، برقم 1935، وحسّنه ابن القطان في الوهم والإيهام، (5/ 760).

[20] ينظر: تفسير البغوي، (1/ 209)، الاستذكار، لابن عبد البر، (5/ 448)، المغني، لابن قدامة، (7/ 181).

[21] ينظر: مسند الإمام أحمد، (9/ 51)، برقم 5007، وسنن أبي داود في كتاب الإجارة، باب في النهي عن العينة، (3/ 274)، برقم 3462، وصحّح بعض طرقه ابن القطان في بيان الوهم والإيهـام، (5/ 296)، وابن عبد الهادي في المحرر، ص(487).

[22] ينظر: تفسير القرطبي، (2/ 59)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 416-417)، الكافي، لابن قدامة، (2/ 25).

[23] سبق تخريجه، ص(104).

[24] [ص: 44].

[25] هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، أبو جعفر الطبري، رأس المفسرين، كان حافظًا فقيهًا محدثًا مؤرخًا، وكان شافعيًا، ثم انفرد بمذهب مستقل، وله أتباع، من تصانيفه: تفسير القرآن، وهو أجلّ التفاسير، وتاريخ الأمم، توفي سنة 310هـ، له ترجمة في طبقات المفسرين، للأدنه وي، ص(48-51)، تاريخ بغداد، للخطيب، (2/ 162-168).

[26] ينظر: تفسير الطبري، (23/ 167).

[27] ينظر: تفسير ابن كثير، (4/ 40)، تفسير القرطبي، (15/ 213)، المبسوط، للسرخسي، (30/ 209).

[28] أخرجه في كتاب الأدب، باب حق الجوار، (4/ 339)، برقم 5153، وحسّنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص(71)، برقم 92.

[29] [النساء: 97-99] .

[30] ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، (18/ 331).

[31] بيان الدليل، ص(158).

[32] أخرجه أحمد، (27/ 284)، برقم 16726، واللفظ له، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب المعاريض في اليمين، (3/ 224)، برقم 3256، وابن ماجه في كتاب الكفارات، باب من ورّى في يمينه، (1/ 685)، برقم 2119، وقد سكت عنه أبو داود، ونقل الشوكاني في نيل الأوطار، (9/ 111) عن الحافظ ابن حجر قوله: "ورجاله ثقات".

[33] ينظر: الحيل الفقهية، لصالح بوبشيش، ص(83).

[34] سبق تخريجه، ص(62).

[35] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (4/ 201)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 127).

[36] يراجع: غمز عيون البصائر، للحموي، (1/ 38)، الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 274)، بحوث وفتاوى إسلامية، لجاد الحق علي جاد الحق، (3/ 424).

[37] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (30/ 210)، الموافقات، للشاطبي، (2/ 387)، فتح الباري، لابن حجر، (12/ 326)، المغني، لابن قدامة، (4/ 43)، وينظر أيضًا: الفتاوى الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، (2/ 59)، وفتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، برقم (128)، (2/ 24-25).

[38] الاستذكار، لابن عبد البر، (19/ 210).

[39] القواعد النوارنية، ص(130-131).

[40] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (2/ 331)، بيان الدليل، لابن تيمية، ص(35)، نظرية المصلحة، لحسين حامد، ص(280).

[41] مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 156).

[42] ينظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 221).

[43] إعلام الموقعين، (3/ 91)، وانظر ذلك في مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 439)، وجامع الرسائل، له، (1/ 223).

[44] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(238).

[45] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 27-28)، التدابير الواقية من الربا في الإسلام، لفضل إلهي، ص(129-132).

[46] ينظر: الحيل الفقهية، لرفيق المصري، ص(257).

[47] أخرجه أحمد، (29/ 615)، برقم 18073، وأبو داود في كتاب الأشربة، باب في الدّاذيّ، (3/ 329)، برقم 3688، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب العقوبات، (2/ 1333)، برقم 4020 عن أبي مالك الأشعري t، وحسّنه ابن تيمية في بيان الدليل، ص(61).

[48] حاشية الدسوقي، (3/ 62).

[49] الفروق، للقرافي، (3/ 422).

[50] ينظر: قضايا في الاقتصاد، لسامي السويلم، ص(387).

[51] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (2/ 388).

[52] ينظر: الفـتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 109)، وتراجع: أنواع التحيل في مقاصد الشريعة الإسلامية، للطاهر بن عاشور، ص(356-360).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ضبط المعاملات المالية بالحكمة التي حرمت لأجلها بعض العقود
  • مجمل أصول وقواعد المعاملات المالية في الشريعة الإسلامية
  • شهادة النساء في غير المعاملات المالية، والعقوبات، وما يطلع عليه الرجال
  • الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (1)
  • ما حكم إصدار البطاقة مع شرط جزائي عند التأخر عن الوفاء؟

مختارات من الشبكة

  • الفرق بين الفرقة الناجية وباقي الفرق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • ما الفرق بين حروف المعاني - حروف المباني - الحروف الأبجدية؟ ستفهم الفرق الآن(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • بعض ما يتعلق بالثلاث والسبعين فرقة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأدب والغزو الفكري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الفرق بين الضاد والظاء مخرجا وصفة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بيان الفرق بين بعض العبارات الجهمية الصريحة وبين العبارات المجملة التي يقولها عامة المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القواعد الأصولية: تعريفها، الفرق بينها وبين القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين محاولة أبرهة هدم الكعبة وبين المحاولات التي بعده(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • الفرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في قضية معينة وبين تبديل شرع الله بقانون وضعي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب