• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

اليهود في القرآن الكريم (6) قسوة القلوب

اليهود في القرآن الكريم (6) قسوة القلوب
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/1/2024 ميلادي - 21/6/1445 هجري

الزيارات: 10028

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

اليهود في القرآن الكريم (6)

قسوة القلوب


﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ‌الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الْفَاتِحَةِ:2-4]؛ أَنَارَ بِالْقُرْآنِ بَصَائِرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَدَاهُمْ بِالسُّنَّةِ لِشَرَائِعِ الدِّينِ، نَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا وَاجْتَبَانَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا أَعْطَانَا وَأَوْلَانَا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ أَلَانَ بِالذِّكْرِ قُلُوبَ الْخَاشِعِينَ، وَصَرَفَ عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلِينَ؛ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَوْحَشَتْ نُفُوسُهُمْ، وَفَسَدَتْ أَخْلَاقُهُمْ؛ فَكَانُوا أَضَلَّ مِنَ الْأَنْعَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ كَانَ أَكْثَرَ النَّاسِ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا، وَأَخْشَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَطْيَبَهُمْ نَفْسًا، وَأَحْسَنَهُمْ خُلُقًا، وَأَلْيَنَهُمْ طَبْعًا، وَأَكْثَرَهُمْ عَفْوًا، وَمَا انْتَصَرَ لِنَفْسِهِ قَطُّ، بَلْ كَانَ يَنْتَصِرُ لِلَّهِ تَعَالَى، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَالْزَمُوا دِينَهُ، وَتَمَسَّكُوا بِشَرْعِهِ؛ فَإِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُسْأَلُونَ عَنْهُ؛ ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ ‌وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ:6-7].

 

أَيُّهَا النَّاسُ: سَعَادَةُ الْإِنْسَانِ وَصَلَاحُ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِصَلَاحِ قَلْبِهِ، وَاسْتِقَامَتِهِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ، وَلِينِهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَخُشُوعِهِ فِي عِبَادَتِهِ، وَشَقَاءُ الْعَبْدِ عَاجِلًا وَآجِلًا فِي فَسَادِ قَلْبِهِ، وَصُدُودِهِ عَنْ شَرْعِ رَبِّهِ، وَقَسْوَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَتَرْكِ عِبَادَتِهِ، وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِإِسْلَامِهِمْ؛ لِصَلَاحِ قُلُوبِهِمْ بِالِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَخُشُوعِهَا عِنْدَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ، وَتَوَعَّدَ بِالْوَيْلِ مَنْ قَسَا قَلْبُهُ فَلَمْ يَسْتَسْلِمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَرِقَّ لِذِكْرِهِ وَكَلَامِهِ؛ ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ ‌لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ* اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ ‌تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الزُّمَرِ:22-23].

 

وَأَقْسَى النَّاسِ قُلُوبًا مَنْ عَرَفَ الْحَقَّ فَأَنْكَرَهُ، وَعَلِمَ بِهِ فَكَتَمَهُ، وَسَعَى فِي صَدِّ النَّاسِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِعْلُ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالْمُكَابَرَةِ؛ فَعُوقِبَ أَصْحَابُهُ بِقَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ، وَهِيَ مِنْ شَدَائِدِ الْعُقُوبَاتِ، قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «‌مَا ‌ضُرِبَ ‌عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ».

 

وَالْيَهُودُ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ قَسْوَةً فِي قُلُوبِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَارَضُوا أَنْبِيَاءَهُمْ، وَحَرَّفُوا كُتُبَهُمْ، وَبَدَّلُوا شَرَائِعَهُمْ، ثُمَّ لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَنَزَّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ؛ عَلِمُوا الْحَقَّ فَكَتَمُوهُ وَعَارَضُوهُ، وَعَرَفُوا صِدْقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَرُوهُ وَكَذَّبُوهُ وَحَارَبُوهُ؛ فَعَاقَبَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ؛ كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِي آيَاتٍ عِدَّةٍ مِنْ كِتَابِهِ الْكَرِيمِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ ‌قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾ [الْمَائِدَةِ:13]، وَفِي مَقَامٍ آخَرَ بَيَّنَ اللَّهِ تَعَالَى شِدَّةَ قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ مَعَ مُقَارَنَتِهَا بِالْحِجَارَةِ الَّتِي مِنْ طَبِيعَتِهَا أَنَّهَا قَاسِيَةٌ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ ثُمَّ ‌قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ:74]، فَشَبَّهَ قَسْوَةَ قُلُوبِهِمْ بِقَسْوَةِ الْحِجَارَةِ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّهَا أَشَدُّ قَسْوَةً مِنَ الْحِجَارَةِ؛ ﴿ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً ﴾ وَالْمَعْنَى: بَلْ هِيَ أَشَدُّ قَسْوَةً، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ لِينَ الْحِجَارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِقُلُوبِهِمُ الْقَاسِيَةِ بِبَيَانِ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْحِجَارَةِ:

فَنَوْعٌ مِنَ الْحِجَارَةِ تَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ الْعَظِيمَةُ؛ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا ‌عَشْرَةَ ‌عَيْنًا ﴾ [الْبَقَرَةِ:60]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا ‌عَشْرَةَ ‌عَيْنًا ﴾ [الْأَعْرَافِ:160]. وَنَوْعٌ آخَرُ يَشَقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ؛ كَالْأَحْجَارِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْآبَارِ، وَبَعْضِ الْجِبَالِ الَّتِي يَتَسَرَّبُ الْمَاءُ مِنْ خِلَالِ شُقُوقِهَا. وَنَوْعٌ آخَرُ يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَلَمَّا ‌تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا ﴾ [الْأَعْرَافِ:143]، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ ‌عَلَى ‌جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ﴾ [الْحَشْرِ:21].

 

وَقَدْ أَضَرَّتْ بِالْيَهُودِ قَسْوَةُ قُلُوبِهِمْ، وَأَرْدَتْهُمْ إِلَى شِقْوَتِهِمْ، وَكَانَ مِنْ آثَارِ قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ: تَكْذِيبُهُمْ لِلرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَإِيذَاؤُهُمْ وَقَتْلُهُمْ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ‌وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الْبَقَرَةِ:61]، وَنَهَى سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ سُلُوكِ مَسْلَكِهِمْ فِي أَذِيَّةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ ‌آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ﴾ [الْأَحْزَابِ:69].

 

وَمِنْ آثَارِ قَسْوَةِ قُلُوبِهِمُ: الطَّبْعُ عَلَيْهَا، فَلَا تَدْخُلُهَا أَنْوَارُ الْوَحْيِ؛ ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا ‌غُلْفٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ:88]؛ «وَالْمُرَادُ أَنَّنَا لَا نَعْقِلُ قَوْلَكَ، وَلَا يَنْفُذُ إِلَى قُلُوبِنَا مَفْهُومُ دَعْوَتِكَ؛ فَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا ‌فِي ‌أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فُصِّلَتْ:5]»، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا ‌غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النِّسَاءِ:155].

 

وَمِنْ آثَارِ قَسْوَةِ قُلُوبِهِمُ: الْجُرْأَةُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِسُوءِ الْأَدَبِ مَعَهُ سُبْحَانَهُ، وَمُبَارَزَتِهِ بِالْعِصْيَانِ، وَتَحْرِيفِ كُتُبِهِ وَدِينِهِ؛ فَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ ‌وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:181]، ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ ‌مَغْلُولَةٌ ﴾ [الْمَائِدَةِ:64]، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا: ﴿ ‌سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [الْبَقَرَةِ:93]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا ‌يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴾ [النِّسَاءِ:46]، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَالِهِمْ وَمَآلِهِمْ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكْبِتَهُمْ وَيَكْفِيَ الْمُؤْمِنِينَ شُرُورَهُمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:131-132].


أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: قَسْوَةُ الْقَلْبِ بَلَاءٌ عَظِيمٌ، وَشَرٌّ مُسْتَطِيرٌ، يَحْجُبُ صَاحِبَهُ عَنِ الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَيُرْدِيهِ فِي الْجَحِيمِ، وَلَا عَجَبَ أَنْ يَرَى صَاحِبُ الْقَلْبِ الْقَاسِي الزَّوَاجِرَ أَمَامَهُ فَلَا يَنْزَجِرُ، وَيَسْمَعَ الْمَوَاعِظَ الْقَوَارِعَ فَلَا يَتَّعِظُ، وَقَدْ يُصَابُ بِبَلَاءٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَرْتَدِعُ لِقَسْوَةِ قَلْبِهِ، وَبُعْدِهِ عَنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

 

وَالْيَهُودُ أُمَّةٌ عُذِّبَتْ وَهُجِّرَتْ وَأُوذِيَتْ عَبْرَ تَارِيخِهَا الطَّوِيلِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تَتْرُكْ مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَالصَّدِّ عَنِ الْحَقِّ وَمُحَارَبَتِهِ، وَلَمْ تَدَعِ النَّاسَ مِنْ شَرِّهَا وَأَذَاهَا؛ فَهِيَ أُمَّةٌ تَصُدُّ النَّاسَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَحُولُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عِبَادَةِ رَبِّهِمْ سُبْحَانَهُ، بِأَنْوَاعٍ مِنَ الشُّبُهَاتِ تَقْذِفُهَا عَلَى النَّاسِ، وَأَصْنَافٍ مِنَ الشَّهَوَاتِ تُغْوِيهِمْ بِهَا، وَقَدْ حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْإِيمَانِ مِنْ مُشَابَهَةِ الْيَهُودِ فِي كُفْرِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ، وَمِنْ سُلُوكِ مَسْلَكِهِمْ فِي قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ ‌تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الْحَدِيدِ:16]؛ فَفِي الْآيَةِ: «نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَتَشَبَّهُوا بِالَّذِينِ حُمِّلُوا الْكِتَابَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، لَمَّا تَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ؛ بَدَّلُوا كِتَابَ اللَّهِ الَّذِي بِأَيْدِيهِمْ، وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ، وَأَقْبَلُوا عَلَى الْآرَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَالْأَقْوَالِ الْمُؤْتَفِكَةِ، وَقَلَّدُوا الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى، وَاتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ، فَلَا يَقْبَلُونَ مَوْعِظَةً، وَلَا تَلِينُ قُلُوبُهُمْ بِوَعْدٍ وَلَا وَعِيدٍ».

 

وَدَلَّ التَّارِيخُ وَالْوَاقِعُ عَلَى قَسْوَةِ قُلُوبِهِمْ؛ فَهُمْ قَوْمٌ إِذَا ضَعُفُوا تَمَسْكَنُوا، وَصَارُوا إِلَى الْحِيَلِ وَالْغَدْرِ وَالْمَكْرِ، وَإِذَا تَمَكَّنُوا أَبَادُوا مِنَ النَّاسِ مَا اسْتَطَاعُوا؛ فَلَا يَرْحَمُونَ فِي طِفْلٍ طُفُولَتَهُ، وَلَا فِي هَرِمٍ شَيْخُوخَتَهُ، وَلَا فِي مَرِيضٍ عَجْزَهُ، وَلَا فِي امْرَأَةٍ ضَعْفَهَا، بَلْ يَسْتَبِيحُونَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مَا خُلِقُوا إِلَّا لِأَجْلِهِمْ، وَلَا سُخِّرُوا إِلَّا فِي خِدْمَتِهِمْ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوهِنَ قُوَّتَهُمْ، وَيَقْطَعَ الْحِبَالَ الْمَمْدُودَةَ إِلَيْهِمْ، وَيُدِيلَ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِمْ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اليهود في القرآن الكريم (1) كثرة ذكر اليهود في القرآن.. لماذا؟
  • اليهود في القرآن الكريم (2) عداوتهم لله تعالى ولأوليائه
  • اليهود في القرآن الكريم (3) الكفر والعصيان والاستكبار
  • اليهود في القرآن الكريم (4) نقض العهود والمواثيق
  • اليهود في القرآن الكريم (5) أشد الناس عداوة للمؤمنين
  • اليهود في القرآن الكريم (7) {ولتجدنهم أحرص الناس على حياة}
  • اليهود في القرآن الكريم (8) شدة تفرقهم واختلافهم
  • اليهود في القرآن الكريم (9) كبرهم وعلوهم على غيرهم

مختارات من الشبكة

  • شرح حديث: لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدكتور المسيري: مع اليهود أم ضد اليهود؟(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • لن تضيع القدس(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الكوشر... هل هو مجرد منتجات من اليهود لليهود؟!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حق اليهود التاريخي في فلسطين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • اليهودية والاستغراب(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • خطاب القرآن الكريم عن اليهود - دراسة نصية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأدلة من السنة على نهاية اليهود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عداوة اليهود للإنسانية عامة وللمؤمنين خاصة(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • مرحلة المجابهة في عقيدة اليهود (3)(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب