• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات
علامة باركود

نماذج من المصطلحات

نماذج من المصطلحات
أ. د. علي بن إبراهيم النملة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/4/2021 ميلادي - 2/9/1442 هجري

الزيارات: 15028

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نماذجُ مِن المصطلحات

 

وهذه جملة من المصطلحات التي نالت قسطًا وافرًا من الغموض،وهي تمثل نماذج من عدد كبير من المصطلحات الشائعة فكريًّا وثقافيًّا، مما يحتاج معه إلى إعادة النظر في صياغتها وليس في مدلولاتها، مع إدراك الباحث أنه من شبه المستحيل إعادة النظر في صياغتها ما لم تتوافر عواملُ عدة تعين على هذه الخطوة، الأمر الذي قد يحدو ببعض الناس إلى القول بقبولها كما هي، بحجة أنه لا مُشاحة في الاصطلاح، فيضحي طرحُها بهذه الصورة من باب الترف الفكري الذي يمكن الاستغناء عنه.

 

وقد تعمَّدت أن أورد بعد المصطلح العربي المضطرب ما يقابله من المصطلح الأجنبي باللغة الإنجليزية؛ لمعرفتي بهذه اللغة، ولكون مصطلحاتها قد طغت على كثير من اللغات الحية، بحكم أنها أضحت لغة الاتصال الأولى بالعالم اليوم.

 

واكتفيت من حيث التحليل بسبعة مصطلحات شاعت بين المفكرين والكتَّاب، وكثر استخدامها في الإعلام على نطاق واسع، رأيت أنها كافيةٌ للتدليل على ما مرَّ نقاشه، والسبعة عند العرب كثير، وإلا فالقائمة طويلة، وتتفرَّع بحسب العلوم والفنون والمهن، وتحتاج إلى نقاشٍ مستفيض؛ لعله يكون نقاشًا قريبًا جدًّا من الموضوعية دون تهوين ولا تهويل.

 

ويستدعي هذا التوسع في هذه القائمة التي يجمعها جميعًا الاضطراب والغموض، مما أورد إشكالًا فكريًّا في المصطلح العربي،وأجَّلت الحديث عن مصطلح مهم كذلك هو العولمة؛ ليكون مستهل الفصل الثاني الذي يتمركز حول الخصوصية الثقافية في مقابل العولمة،كما أجَّلت الحديث عن الإشكالية في مفهوم الحقوق؛ لأني عقدت لها فصلًا خاصًّا، كانت نواته محاضرة في مقر المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بباريس.

 

ورتبت هذه المصطلحات هجائيًّا على النحو الآتي:

1-الإرهاب.

2- الاستشراق.

3-الأصولية.

4-التسامح.

5-العلمانية.

6- الغرب.

7-الليبرالية.

 

وقد يتَّضح للمتابع أن البحث قد توسع في بعض هذه المصطلحات دون بعض؛ ذلك لأن الباحث قد يكون ألصق ببعضها دون البعض الآخر،وهذا واضحٌ جدًّا في الوقفة عند مصطلح الاستشراق، الذي لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ناقش الباحث فيها غموض هذا المصطلح في الفكر العربي، فاستأنس بما سبق طرحه في مجال الاستشراق، ثم يأتي مصطلح التسامُح الذي توسع الباحث فيه كذلك؛ نظرًا لأنه يبدو أن المفهوم الإسلامي قد ظُلم عندما أعطي هذا المصطلح المستخدم بثقافة دينية أخرى، له فيها دلالة لا تتفق والدلالة الإسلامية الأشمل للمفهوم،وقد بدأت مناقشة الإشكالية والغموض والاضطراب في هذه المصطلحات السبعة على أنها نماذج منتقاة على النحو الآتي:

1- النموذج الأول: الإرهاب (Terrorism):

في نبذ الإرهاب مثلًا حفظ للحق في الحياة، وفي الإرهاب نفسه نفي لهذا الحق في الحياة الآمنة المستقرة،ونحن نؤكد دائمًا على حفظ الضرورات الخمس التي هي الدِّين والنفس والمال والنسل والعقل، يقول الإمام أبو حامد الغزالي في المستصفى: "إن مقصود الشرع من الخلق خمسة؛ وهو أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم، فكل ما يتضمن هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوِّتُ هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة"[1].

 

تلك الضرورات التي فصلها الإمام الشاطبي، وهو من أئمة المسلمين في القرن الثامن الهجري (790 هـ) الرابع عشر الميلادي (1388م) في كتابه الموافقات أيضًا، يقول: "فقد اتفقت الأمة، بل سائر الملل، على أن الشريعةَ وُضِعَتْ للمحافظة على الضروريات الخمس، هي: الدين والنفس والنسل والمال والعقل"[2].

 

ومع هذا فإنه لم يتفق دوليًّا على صيغة واضحة لتعريف الإرهاب، رغم محاولات البعض الوصول إلى تعريف مشترك يجمع شتات الأفكار التي تتضمنها التعريفات الكثيرة، حيث وصلت تعريفات الإرهاب إلى أكثر من مائة وعشرة (110) تعريفات، بحيث قيل: إن وصف ظاهرة الإرهاب أسهلُ من تعريفها[3].

 

لا يعني هذا الاضطرابُ في المفهوم والتعريف الدخولَ في جدال أو تشكيك حول شجب الممارسات الواضحة إنسانيًّا أنها الإرهاب بعينه، ولا مسوغ البتة لأي سلوك يكون من أهدافه التعرُّض لحقوق الإنسان وضروراته في الحياة وفي إنسانيته، على اعتبار أن الإرهاب بالمفهوم المتعارف عليه هو من أبرز أنواع النُّكران الفعلي لحقوق الإنسان وأوضحها.

 

الإشكالية المصطلحية هنا هي التقصير في تعميم المصطلح على جميع الأعمال التي ينطبق عليها مفهوم الترويع والعنف والقتل والتخريب للمصالح المدنية، دون النظر إلى الجهة المنفذة ومَن يقف وراءها، فكما أن أحداث يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من سنة 1422هـ الموافق الحادي عشر من سبتمبر من سنة 2001م، وأحداث إرهابية تلتها في مدريد والرياض ولندن ومومباي، وغيرها تعدُّ أعمالًا إرهابية، فإن أعمالًا أخرى لها النتائج ذاتها في أوكلاهوما، وفي أيرلندا الشمالية وفي فلسطين المحتلة ليست أعمالًا إجرامية فحسب[4]، بل هي كذلك أعمال إرهابية، مما يدعو إلى استقرار دولي على المفهوم بمصطلح يعبِّر عنه خير تعبير، والابتعاد في الوقت نفسه عن الكيل بمكيالين في إطلاق مصطلح الإرهاب[5].

 

2- النموذج الثاني: الاستشراق (Orientalisan):

يجري التفصيل هنا حول الاستشراق؛ لأنه عند الباحث من أكثر المصطلحات غموضًا من حيث المفهوم[6]؛ فقد دخل مصطلح "الاستشراق" القاموس الإنجليزي سنة 1204هـ الموافق 1779م، والقاموس الفرنسي سنة 1245هـ الموافق 1839م[7].

 

وانطلق المصطلح رسميًّا سنة 1290هـ/ 1873م في باريس، حيث بدأ تبني المصطلح في أول مؤتمر عام جمع عددًا من المستشرقين الأوروبيين، وأنشئت للمفهوم جمعية دولية تعنى به وتعين عليه[8]، ثم أنشئت جمعيات إقليمية ومحلية، بعضها نشِط، وبعضها دون ذلك.

 

وفي سنة 1393هـ/ 1973م وفي باريس نفسها تخلى المستشرقون عن المصطلح، وسعَوا إلى رميه في زبالة التاريخ على رأي المستشرق الإنجليزي الأمريكي برنارد لويس، والاستعاضة عنه بمصطلحات أكثر جاذبية وأكثر هروبًا من المصطلح نفسه الذي صاحبه الشؤم والتلوث[9]، وأصبحت شخصية المستشرق شخصية مشؤومة[10]،ومن هذه المصطلحات البديلة: الاستعراب، والاختصاص في العلوم الإسلامية أو الشرق أوسطية أو الأنثروبولوجيا، وما إلى ذلك من مصطلحات أخرى تسهم في السعي إلى إلغاء المصطلح "الاستشراق"، دون إلغاء المفهوم بالضرورة، في محاولات للتنصُّل منه والالتفاف عليه[11].

 

أدى هذا التحول إلى تخلي بعض المستشرقين عن العمق الاستشراقي في الدراسات والبحوث والميل إلى الشهرة والظهور الإعلامي من خلال التحليلات السريعة لأحداث راهنة، ولكنها ورثت أجندتها من الاستشراق، فلم تنفكَّ عنه[12].

 

مما يؤخذ على هذا المفهوم الإجرائي: أنه يقف عاجزًا عن تصنيف بعض المستشرقين، الذين تخصصوا في الجاهلية عند العرب - إن وجدوا - فهؤلاء إن تخصصوا بالجاهلية عند العرب، دون التعرُّض للإسلام، من قريب أو بعيد، فإنه قد يصدق عليهم مفهوم المستعربين،ويُشكُّ في أي مستشرق يتخصص في أصول العرب، ولا يتعرض للإسلام، وإن ركز في دراساته على الجاهلية؛ إذ قد لا يسلَم - من وراء هذه الدراسات - من لمز الإسلام بشيء، بالنظر إلى أنه قدِم بعد الجاهلية العربية، وغير العربية[13].

 

لا يتَّفق بعض المفكرين المسلمين ممن اهتموا بدراسة الاستشراق مع هذا المفهوم، فهذا عمر فروخ - رحمه الله تعالى - يقول: "والمستشرق لا يكون شرقيًّا ولا عربيًّا، مسلمًا أو غير مسلم،إن مولانا محمد علي الهندي الذي نقل القرآن إلى اللغة الإنجليزية ليس مستشرقًا، بينما القس ج.م.رودول الذي نقل القرآن إلى اللغة الإنجليزية ثم ريجيس بلاشير الذي نقل القرآن الكريم أيضًا إلى اللغة الفرنسية مستشرقان،وكذلك لا نعُدُّ لويس شيخو، الذي سلك في التأليف وفي نشر المخطوطات وفي موقفه من الإسلام موقف المتحاملين لا نعده مستشرقًا؛ لأنه شرقي الأصل عربي اللغة.

 

ومثله فيليب حتي الذي اعتنق الجنسية الأمريكية وعاش في الولايات المتحدة منذ سنة 1924 للميلاد، ووضع كتبه باللغة الإنجليزية، لا يُعدُّ من المستشرقين"[14].

 

ويضيف عمر فرُّوخ القول: "ونحن لا نعُدُّ طه حسين وقد سلك في كتابه الشعر الجاهلي مسلك المستشرقين،وكان في كتابه: مستقبل الثقافة في مصر أشدَّ على العرب والمسلمين من نفرٍ كثيرين من المستشرقين - مستشرقًا؛فالمستشرق إذًا شخص غربي غير مسلم، من أوروبة أو أمريكا، يدرس اللغة العربية وبعض وجوه الثقافة الإسلامية"[15].

 

إذا تجاوزنا رأي الأستاذ عمر فرُّوخ - رحمه الله تعالى - في عدم عد هذه الفئة من المستشرقين باعتبار الجغرافيا "الجهوية" محددًا من محددات المفهوم، وعُدنا إلى آراء نجيب العقيقي ومصطفى السباعي وعبدالرحمن بدوي - وجدنا في البلاد العربية مجموعة غير يسيرة من المستشرقين العرب ممن كتبوا عن الإسلام وعن علوم المسلمين، أمثال "الأب" لويس شيخو وفيليب حتي وجرجي زيدان ممن توفوا، وغيرهم من الأحياء من يكتبون عن الإسلام، دون الانتماء إلى ما يكتبون عنه[16].

 

على أنه لا يدخل في هذا المفهوم كُتَّاب العربية النصارى أو اليهود، والمنظِّرون النصارى أو اليهود، ممن يَدْعون للقومية العربية، أو يسعَون إلى تغليب الفكر القومي على حساب الانتماء الديني، أمثال: ميشيل عفلق، ولويس عوض، وسعيد عقل، وغيرهم كثير من نصارى العرب[17]،ويشاركهم في هذا التوجُّه بعض المفكرين العرب ذوو الخلفية الإسلامية.

 

ومع هذا، فلا يدخل في مفهوم المستشرق العلماء والمفكِّرون المسلمون الذين استوطنوا الغرب (أوروبا وأمريكا)، رغم أن ميشال جحا لا يوافق عمر فرُّوخ في عَدِّ المسلمين غيرَ مستشرقين، ويضرب مثلًا بالدكتور فؤاد سزكين على أنه "أستاذ في جامعة فرانكفورت، ويحمل الجنسية الألمانية، ويعمل في حقل تاريخ الأدب العربي، ويكمل ما قام به بروكلمان؛فالأدب العربي بالنسبة إليه أدبٌ غريب، وكذلك اللغة العربية، ومن هذه الناحية لا يختلف عن بروكلمان سوى أنه مسلم،ومتى كان الدين عاملًا يدخل في الأعمال الأكاديمية والإبداعية؟!"[18].

 

ونفيُ أن يكون للدين دخل في الأعمال الأكاديمية والإبداعية يؤكد ما تسعى هذه الوقفة إليه من أن عدم الانتماء إلى الثقافة لا يخدمها دائمًا من قِبَل أولئك الذين يكتبون عنها، إن لم يكن هناك تعمُّد إلى إغفالها وأثرها في الإبداع.

 

لا يدخل في مفهوم المستشرق كذلك من كانوا مواطنين غربيين "أصليين"، إلا أنهم مسلمون يكتبون عن الإسلام والمسلمين، أو كانوا مستشرقين ثم أسلموا، من أمثال المجري عبدالكريم جرمانوس[19]، والفرنسي نصر الدين دينيه، والنمساوي محمد أسد وعبدالواحد يحيى غينون، والألماني محمد هوبهوم، والفرنسي رجاء جارودي، والألماني مراد هوفمان، كما أوردهم لخضر شايب في كتابه القيِّم: نبوة محمد (في الفكر الاستشراقي المعاصر)[20]، حتى لو كتبوا بروح استشراقية، أو كانوا تبعًا للمستشرقين في نظرتهم لبعض قضايا المسلمين، إن كان بعضهم كذلك.

 

وليس العالم البوسنوي إسماعيل باليتش - رحمه الله تعالى - (1338 - 1424هـ الموافق 1920 - 2002م) مثلًا مستشرقًا[21]، كما يصفه محمد موفق الأرناؤوط، وإن تأثر بالاستشراق الصربي، بخاصة إبان وجود يوغوسلافيا، وبالاستشراق بعامة[22]،وليس العلماء المسلمون الآخَرون - الذين ذكرهم الدكتور الأرناؤوط الباحث في الاستشراق اليوغوسلافي بعامة، والشأن العلمي والثقافي البوسنوي بخاصة - بمستشرقين[23].

 

ورغم ما للاستشراق اليوغوسلافي من خصوصية تمثلت فيه الثنائية: الذات والآخر، فإن ذلك ليس مسوغًا لجعل علماء ومثقفين ومفكرين بوسنويين في عداد المستشرقين، من أمثال مَن ذكرهم الباحث محمد موفق الأرناؤوط في دراساته حول الاستشراق اليوغوسلافي والألباني؛ من أمثال: حسن كلشي، وسليمان غروزدانيتش وبسيم كركوت وصالح عليتش ومحمد مويتش وحميد حاجي بيغيتش وعمر موشيتش وحازم شعبانوفيتش وآدم خانجديتش وتوفيق مفتيتش وفتحي مهدي وأحمد عليتش، وغيرهم كثير ممن تعرَّض لهم المؤلف المرجع في الاستشراق البلقاني، بما فيه الاستشراق البوسنوي كما يسميه المؤلف، مع أن معظم - إن لم يكن جميع - العلماء البوسنويين مسلمون[24].

 

مِن باب أولى ألا يُعدَّ العلماء المسلمون من المستشرقين، وإن تبنوا نظريات المستشرقين في القضايا الإسلامية والعربية في الشريعة والعقيدة والأدب واللغة والاجتماع، من أمثال طه حسين ومنصور فهمي وعلي عبدالرازق ولطفي السيد[25]، وغيرهم ممن "استمالتهم أوروبا، فانتموا عليها، فهم أجانب منا، وإن تكلموا لغتنا وسكنوا وطننا، بل وإن دانوا بديننا"، كما يقول عبدالله النديم[26].

 

إن اعتبار هؤلاء العلماء والمفكرين والأدباء والمثقفين ونحوهم مستشرقين، وعَدَّ المسلمين المقيمين في الغرب مستشرقين كذلك لا يستند إلى مؤيدات قوية، بل إنه يضيق على مفهوم الانتماء إلى هذا الدين، ويصادر هوية هذه الفئة من بني الإسلام، التي لم يتخلوا عنها، ولم يتبرؤوا منها، بل ربما أنهم بإخلاص منهم، وإن جانَبَهم الصواب، أرادوا الإفادة من الآخرين في سبيل النهوض بالأمة، التي كانت تعاني من ركود واضح،ويظلُّون مسلمين حتى وإن نُظر إليهم على أنهم يمثلون "الجيل الذي نهل من ثقافة الغرب واكتمل نموه بمؤثرات بينة كانت المدارس الغربية قد تعهدتها بالرعاية والحنان"[27]؛ولذلك فإنه من غير المقبول أن يُطلق على أيٍّ من هؤلاء مهما كان تأثُّرهم مصطلح "المستشرق المسلم"؛ فلا جمع بين المفهومين[28].

 

3- النموذج الثالث: الأصولية (Fundammentlism):

لهذا المصطلح معانٍ متفاوتة في الثقافتين العربية الإسلامية والغربية المسيحانية،فهو عند الغربيين، لا سيما بين البروتستانت الأمريكيين مؤخرًا[29]، الالتزام بحرفية الإنجيل الداعية إلى التخاصم مع الواقع، ورفض التطور والعلم والتقنية، ومعاداة المجتمعات العلمانية خيرها وشرها، ثم تسرب المصطلح إلى الطوائف النصرانية الأخرى في أوروبا، وسُربت إلى الأديان والملل والنحل الأخرى، ومنها اليهودية والإسلام[30]، فيقال: الأصولية اليهودية، والأصولية الإسلامية، أحيانًا بحسن قصد في هذا الإطلاق؛ لغياب البديل الإسلامي الصحيح،وهذا ينبئ عن جهل غير مستغرب، وأحيانًا عن سوء قصد؛ رغبةً في التنفير من مفهوم الأصولية المنفور منها ابتداءً[31].

 

ولذا نجد من يعمد إلى تعريف "الأصولية الإسلامية" قريبًا من تعريف الأصولية النصرانية في أنها الالتزام بحرفية النص القرآني الكريم،يقول آرشي أوغتساين وهو يدافع عن الجهاد في الإسلام: "تقوم الأصولية الإسلامية على الاعتقاد بالتفسير الحرفي لآيات القرآن الكريم كما تنزلت تمامًا؛ رغبة في إعطاء المعنى الظاهر للآيات، وهو ما يتوافق مع القواعد المعاصرة لتفسير نصوص القانون؛ لذا تعتنق هذه الأصولية ما هو واضح وجلي وصادق، ولا يمكن نقده من محتوى الكتاب الكريم"[32].

 

والأصولية - عند بعض المفكرين الغربيين المناقشين للحركات الإسلامية المعاصرة - تعني التوجه المتطرف للمسلمين[33]،يتمثل ذلك التطرف، المعتبر في مقاييس بعض المفكرين الغربيين، في رفض المسلمين لكل سمات التغريب ومحاكاة الحياة الثقافية والاجتماعية الغربية المعلمنة[34]، ودعوتهم إلى العودة إلى أصول الدين وثوابته والفهم الإسلامي الصحيح للحياة، ذلك الفهم الذي يمزج الروحاني بالمادي، فيجعل من الفعل المادي روحانية، دون غلو في الروحانية ودون غلو في المادية، ودون غلبة أحد الوجهين على الآخر، في توازن يعطي للدنيا حقها وللآخرة حقها، من منطلق الآية الكريمة: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77]،والقول المأثور المرفوع عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"، ولا تعارض بين الاتجاهين؛ لأنهما في واقعهما اتجاه واحد.

 

هذا يعني بدوره غموض مفهوم التطرُّف، وأنه إنما يُطرحُ غالبًا طرحًا جزافيًّا لا يستند إلى مفهوم دقيق،وربما يُقصد بالتطرف عندنا ذلك السلوك الديني الذي نسميه نحن المسلمين بالغلو المنهي عنه شرعًا في مناحي الحياة كلها، ويوصف الناهجون هذا النهج بالغُلاة، وهم موجودون في كل زمان ومكان، ولكنهم لا يمثلون التيار الإسلامي العام الذي يتبنى المنهج الوسط والاعتدال والسماحة والتيسير في أمور الدين والدنيا،أما أن ينتقل المصطلح إلى مفهوم آخر غير الغلو في الدين فأمر يدعو إلى التوقف في قبوله مصطلحًا يكثر ترديده على المستوى الإعلامي خاصة.

 

والأصولية في الثقافة الإسلامية مصطلح حادث، ولم يؤثَرْ عن السلف استخدامهم له بهذا الإطلاق، ولم يرِدْ له تعريف في المعاجم العربية والقواميس،والموجود في المعاجم العربية المعتبرة هو لفظ الأصول، و"أصول العلوم: قواعدها التي تبنى عليها الأحكام"[35]، ويقرُّ ريتشارد ميتشي المَعْنِيُّ بالحركات الإسلامية المعاصرة، لا سيما حركة الإخوان المسلمين، بأنه "لا يوجد في اللغة العربية مقابل حقيقي لمصطلح الأصولية، ومن ثم لا يجوز تطبيق هذا المصطلح على الإسلام"[36]،ويقرُّ مارتن كريمر، شريك بايبس في الموقف السلبي من الإسلام والمسلمين، أن الأصولية الإسلامية ما زالت لغزًا[37]،وإنما استخدم المتأخرون لفظة الأصول لتدلَّ على "القواعد الأصولية الشرعية التي استمدها علماء أصول الفقه من النصوص التي قررت مبادئ تشريعية عامة، وأصولًا تشريعية كلية"[38].

 

وعلى هذا ليس للمدلول الكنسي الغربي مقابلٌ في الدين الإسلامي، بحيث يقالُ: إنه ظهرت طائفةٌ من المسلمين تقف في وجه العلم والتطور والتجديد واستخدام التقنية باسم الدين، وتحرِّم ذلك، وتخطئ من يستفيد من ذلك، فتدلل على منهجها هذا - لو وُجد - بنصوص من الكتاب والسنَّة وأقوال السلف،وهذا من مفهومات الأصولية في الفكر الغربي[39]، أو أن هناك فئة ثورية أيديولوجية متطرفة تسعى إلى تغيير سياسي سريع[40].

 

وربما يُقال: إن هناك أفرادًا مسلمين يرفضون العلم والتقدم والرقي، ويريدون العودة على الماضي المادي ببدائيته، وذلك برفض المدنية والتقنية، وبأنه يمكن تسميتها بالأصولية الجديدة، على طريقة إضافة السابقة اللاتينية (neo) على المصطلح، لتصبح (neofundametalism).

 

وفي هذا الإطلاق مغالطة بين الروحاني والمادي؛ إذ العودة إلى الماضي في تمثل الدين لا تعني الوقوف في وجه التطور والتقدم؛ فالماضي قام على التطوُّر والتقدم وتقدير العلم والعلماء،وفي القرآن الكريم: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 27، 28]، و﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]،والشواهد من الكتاب والسنة والواقع المتمثل لها واضحة وجلية في هذا المقام.

 

والعجيب أن يقال: إن في هذا التوجه توافقًا مع العولمة[41]! بل أن يقال: إن العولمة نفسها هي شكل من أشكال الأصولية،يقول الباحث ستوارت سيم: "يمكن اعتبار العولمة شكلًا من أشكال الأصولية"[42]،ويعني هذا أنه عندما يطلق مصطلح الأصولية لا ينبغي أن يذهب الذهن على الأصولية الدينية، ذات الخلفية المسيحية فقط؛فالأصولية أشمل من ربطها بالدين؛ إذ إن هناك الأصولية السياسية والأصولية الوطنية، وأصولية التفكير، حتى لقد عُدت العولمة نوعًا من أنواع الأصولية.

 

4- النموذج الرابع: التسامح (Tolerance).

التسامح صيغة تفاعل،والغالب على هذه الصيغة مفهوم التبادل والتقابل في الأداء بين طرفين فأكثر، بغض النظر عن مدى هذا التبادل وتطابقه بين الأطراف،والذي يظهر أن السماحة أبلغ وأعم دلالة من التسامح؛ فالسماحة لا تنتظر مقابلًا كما هو في صيغة تفاعل، بل هي موقف ومنهج وأداء مستمر، وإن لقي ذو السماحة منه عنتًا وصدًّا؛فالسماحة هنا هي جزء من مفهوم إسلامي أوسع يعبر عنه بحسن الخلق الذي يقتضي تحمل ما يكون من الناس، وعدم الغضب وعدم الحقد، وسهولة العريكة ولين الجانب وطلاقة الوجه وقلة النفور وطيب الكلمة، وما ذُكرت السماحة في كتب التراث العربي الإسلامي إلا ذكرت معها مفهومات حُسن الخُلُق[43].

 

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل المؤمنين رجلٌ سمحُ البيع، سمحُ الشراء، سمح القضاء، سمحُ الاقتضاء))؛رواه الهيثمي في المجمع (75: 4)، وقال: رواه الطبراني في الأوسط،وعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخل الجنة رجلٌ بسماحته قاضيًا ومتقاضيًا))؛رواه أحمد واللفظ له،وهناك أكثر من حديث باللفظ والمعنى،وأقوال السلف تؤيد استخدام المصطلح "السماحة"، وتؤكد حداثة المصطلح "التسامح"،ويمكن الرجوع إليها مجموعة في كتاب: نضرة النعيم في مكارم وأخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم[44].

 

وينقل شيخ الإسلام أبو حامد الغزالي (505م/ 112 هـ) أن من يتصف بالسماحة هو من يجمع علامات حسن الخُلُق بالعبارة الآتية: "أن يكون كثير الحياء قليل الأذى كثير الصلاح صدوق اللسان قليل الكلام كثير العمل قليل الزلل قليل الفضول برًّا وصولًا وقورًا صبورًا شكورًا رضيًّا حليمًا رفيقًا عفيفًا شفيقًا لا لعَّانًا ولا سبَّابًا ولا نمامًا ولا مغتابًا ولا عجولًا ولا حقودًا ولا بخيلًا ولا حسودًا، بشَّاشًا هشَّاشًا، يحب في الله ويُبغض في الله ويرضى في الله ويغضب في الله، فهذا هو حسنُ الخُلق"[45]،وقلما تجتمع هذه العلامات كلها في البشر، إلا في صفوة الخلق،واجتمعت في رسول الله محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم؛ فقد كان خُلقه صلى الله عليه وسلم القرآنَ.

 

ويأتي من معاني السماحة التسامُح مع الآخر في المعاملات المختلفة، "ويكون ذلك بتيسير الأمور والملاينة فيها، التي تتجلى في التيسير وعدم القهر"[46]؛ولذا فالتسامح قد يكون جزءًا من السماحة، ولا تقصر السماحة على التسامح فحسب،ويظهر أن رهطًا من كتَّابنا المتأخرين قد وقعوا في هذا المزلق الفكري،ولعل ذلك ناتج عن تلك الموجة التي سعت إلى إلصاق ما هو إيجابي في ثقافة الآخر المتأصلة أو الحادثة بالإسلام عن حسن قصد، وصاحب عن غير قصد؛ إذ إن المنطق كان، فيما يبدو، تسويغيًّا اعتذاريًّا، مع أن المقابل الأجنبي (Tolerance) يوحي بالسماحة والتحمل أكثر من إيحائه بالتسامح.

 

وتزخر الإسهامات الفكرية، لا العلمية، بكثرة استخدام المصطلح "التسامح"، بحيث توحي هذه الكثرة بصعوبة الإنكار على المستخدمين، وربما اتهام من ينكر ذلك بالتقعر والتشدق،وهو اتهام لا تريد هذه الوقفات تأييده أو تقويته، ومن ثم يضطر من يريد تقويم الفكر قبل اللسان إلى التسليم بأن الإسلام دين التسامح تجوزًا بمعنى السماحة،ولعل كثرة استخدام المصطلح المفضول "التسامح" جاءت بسبب كثرة ترديده من قِبل رهط من المستشرقين، وقليل من مفكري العربية الذين اطلعوا على بعض المذاهب الفلسفية،وقد شاع هذا في الكتابات المعاصرة، بحيث يمكن القول: إنه كلما أطلق مصطلح "التسامح" أُريد به مصطلح "السماحة"[47]،ولولا ضيق المقام هنا لأوردت عددًا من النصوص التي تؤيد استخدام التسامح بمعنى السماحة[48].

 

قد يكون من المسوغات لهذا الاستخدام المفضول عدم حضور المصطلح الفاضل، في ضوء استخدام المفضول في الأدبيات الأجنبية، ومن ثم ترجمة المفهوم بالمصطلح المفضول، مما أوجد هذا الخلط الذي أثر على المعنى، وقصر المفهوم على العلاقة التبادلية القائمة على التسامح بين طرفين فأكثر،وربما فهم بعض المتلقين أن يكون معنى السماحة هنا مأخوذًا مما يؤثر عن عيسى بن مريم عليه السلام: "إذا صفعك أحدهم على خدك الأيمن، فأدِرْ له خدك الأيسر"،وفي هذا الأثر نظر في نسبته لعيسى بن مريم عليه السلام؛ إذ إنه لا يتوافق مع الأحكام الدينية العامة التي جاءت بها الأديان، ولا يدلُّ هذا الإطلاق على مفهوم السماحة بحال، فليست السماحة كذلك، كما سيأتي ذكره.

 

ويرى رضوان السيد أن المصطلح "التسامح" دخيلٌ على اللغة العربية والفكر العربي الإسلامي، من حيث لفظه ومن حيث مفهومه؛ إذ ليس المقصود به سماحة الإسلام، لكن بعض المعنيين بالفكر الإسلامي سُرُّوا به، وأرادوا منه التوكيد على أن الإسلام دين متسامح[49]، وطفقوا ينسجون على هذا المفهوم الفرعي المقالات والكتب والأفكار والرؤى، إلى درجة السعي إلى تعريف التسامُح بما تُعرَّف به السماحة[50].

 

ويكاد يُجمع علماء المسلمين المعاصرين الذين يثيرون هذا المفهوم على استخدام مصطلح "السماحة"، فيكثر بينهم هذا التعبير، وإن عرَّجوا على مصطلح "التسامح" في الإسهامات المتأخرة من باب التجوز في اللفظ، فالمقصود السماحة[51]، ويوافقه في هذا محمد سعيد البوطي الذي يذكر أنه بحث في التراث الفقهي الإسلامي فلم يجد التعبير بالتسامُح مشهورًا بين الفقهاء[52]، حتى لتكاد تجد هذا "الاضطراب" في استخدام المصطلح في سِفر واحد يحوي عدة أبحاث لباحثين مختلفين حول المفهوم بتعبيرين أو مصطلحين؛ السماحة والتسامح،والأصل أن يتفق المحررون على المصطلح المختار[53]،بل ربما حصل هذا الخلط في كتاب واحد لمؤلف واحد يتحدث عن التسامح ويريد به السماحة[54]،ومن هنا يمكن القول: إن المراد هو مفهوم السماحة، مع تجاوز هذه الدقة المتناهية التي تصل إلى حد التشدق في الإصرار على مصطلح دون آخر لمفهوم واحد هو "السماحة".

 

كما يرى حسين أحمد أمين أنه مصطلح يوحي بالاضطهاد الديني الذي ساد في الغرب في القرن السابع عشر الميلادي "وقت كتابة جون لوك لرسالته في التسامُح لمقاومة ما ساد في زمنه من اضطهاد ديني، فهي لا تعني اليوم غير قلَّة الاكتراث بالتفرقة بين الحقيقة الروحية والخطأ الروحي، ولا سند لها على الإطلاق من حب الآخرين واحترامهم،هي كلمة توحي في واقع الأمر بنوع من الاحتقار للدين ذاته"[55].

 

ويقول آرشي أوغستاين عن مفهوم التسامح: "ليس من الكافي أن نقول: إننا نمارس التسامح الديني، بل يجب أن نتفحص تعبير التسامح بمعناه الحقيقي والفعال، إنه لا يعني الاحترام فقط، إنه في حقيقته سلوك،والتسامح ليس موقفًا إيجابيًّا، وأن تكون متسامحًا دينيًّا، فليس ذلك بإنجاز،إن الضروري هو الاحترام الإيجابي للإيمان بالاعتبار المستحق للمحتوى الحقيقي الفعلي لجوهر ذلك الإيمان"[56].

 

ولذا فالتسامح مفهوم غربي فلسفي مذهبي يُعزى في اضطرابه إلى عدد من الفلسفيين الغربيين، فيُقال: مذهب سبينوزا في التسامُح، ومذهب جون لوك في التسامُح، ومذهب فرانك أبوزيت في التسامح، ومذهب غابريل مارسيل في التسامح، ومذهب ريمون بولان في التسامح[57]،وإذا تعددت مذاهب التسامح لم يبقَ منه شيء على أرض الواقع، وإن بقي بقي تنظيرًا لا فائدة تطبيقية منه[58].

 

أدى غموض المصطلح بغموض المفهوم إلى الخوض الفكري حول مفهوم التسامح بصور أساءت إلى المفهوم، وإن كثُر ترديد المصطلح،ومن ثم فإن بعض المفكرين العرب ركزوا على ما كان من هجوم على المفهوم بأعمال عنيفة في الشرق والغرب المتهم فيها عدد قليل جدًّا من المسلمين، ومن ثم جرى التعميم على جميع المسلمين،وربما تغاضى هؤلاء المفكرون عن الهجوم على المفهوم نفسه عندما يكون المستهدف فيه مسلمين وغير مسلمين في المجتمعات النامية في الشرق والغرب، كما هو الحال في فلسطين المحتلة وكشمير والبوسنة والهرسك وكوسوفا والشيشان[59]، وكذا الحال في العراق وأفغانستان وجنوب غرب الصين.

 

وكأن هؤلاء المفكرين العرب يريدون السماحة من طرف واحد هو الجانب المسلم، فعبَّروا عن السماحة بالتسامح، وذلك بأسلوب المعتذر عن فعل اتُّهم به عدد محدود من الشباب المشتبه بهم، ولم يقم به المسلمون ولا يقرونه ولا يتحملون مسؤولية من اتهم بالقيام به،ولا يريد هؤلاء المفكرون العرب بالضرورة ذلك التسامح من باب التفاعل؛ أي: التبادل في السماحة، فلا تعمم تبعات الفعل على الجميع،ومن هذا الموقف فإنه ليس من سماحة الإسلام الذل والهوان أو الخنوع للظلم أو الاستكانة تجاه الظالمين[60]؛ولذلك فإن للسماحة حدودًا شرعية تقف عندها لتفرق بينها وبين الهوان والصغار والطأطأة والتهاون في بعض الواجبات وما تقوم به هذه الواجبات[61] والضعف[62]، مما قد لا يلتفت إليه مَن أخذ بالمفهوم المثالي للتسامح[63]، وما إلى ذلك من الصفات السلبية التي تتعارض مع الإيمان القوي الذي بقوته - وليس بضعف أهله - تبرز السماحة،وانظر إلى النقاش القوي بين كذا طرف من الأطراف المعنية بالتسامح من شرقيين وغربيين[64]،يقول عادل العوا: "يستطيع المسؤولون عن النظام العام استعمال القسر لمنع وقوع ما يسيء إلى هذا النظام إساءة خطيرة،ولا يمكن اعتبار هذا القسر عدوانًا على الكرامة الإنسانية؛ لأن المرء يكون قد فقَدَ احترام هذه الكرامة ذاتها من قبلُ برفضه مراعاة ما ينبثق عنها من حقوق وواجبات"[65].

 

وربما قيل من قبيل التفريق بين المفهومين باللغة العربية: إن السماحة مطلب ديني ثقافي اجتماعي والتسامح مطلب سياسي، على اعتبار أن السياسة تعطي اهتمامًا واعتبارًا للمعاملة بالمثل، مما يقتضي أن تكون السماحة أخذًا وعطاءً، فلا تخلو من "التفاعل"، مع أن بعض الدول تتعامل بالأريحية في هذا الجانب فلا تغلِّب التقليد الدبلوماسي القائم على المعاملة بالمثل، بل ربما تغلِّب المصالح أكثر من تعاملها بذلك التقليد الدبلوماسي،وقد كان أول ظهور للمصطلح الأجنبي بدافع سياسي على يد الفيلسوف الإنجليزي جون لوك (1632 - 1704م)[66]، في رسالة له عن التسامح ترجمتها مُنى أبو سنة[67].

 

وتبقى الإشكالية المفهومية هنا، وهي أن يظن المتلقي أن هذا النقاش حول المصطلح يصادر وجوده بين الناس، وأنهم ملزمون شرعًا بأن يكونوا متسامحين، دون ضياع حقوقهم بالضرورة،المقصود هنا هو التوكيد على أن البديل الإسلامي أبلغ وأرقى دلالة وفعلًا وأكثر تأثيرًا وقبولًا من المفهوم المنقول عن ثقافات أخرى.

 

5- النموذج الخامس: العَلمانية (Sacularism):

ذكر جورج طرابيشي العَلمانية بفتح العين من العالم لا من العلم، وذلك في معرض حديثه عن تاريخ العلمانية، وأنه ربما يُظن أنها منحوتة في نهاية القرن الثالث عشر الهجري، النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي لكلمة Laicitie، ويربطها بعد البحث والتنقيب عن أصلها باللاهوت المسيحي المكتوب بالعربية[68].

 

وقد ورد ذكر العلمانية عند ساويروس الأشمونين الملقب بأبي بشر بن المقفع المولود سنة 298هـ/ 910م أو 302هـ/ 915م (القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي) وتوفي أواخر القرن الرابع الهجري العاشر الميلادي عن عمر يناهز الخمسة وسبعين عامًا، وهو صاحب كتاب طبِّ الغمِّ وشفاء الحزن[69]، وكتاب آخر في اللاهوت المسيحي عنوانه: مصباح العقل[70]، وكان يشغل منصب كاتب في الدولة الإخشيدية في العهد الفاطمي، ويُذكر أنه أول من كتب باللغة العربية من الكُتاب الأقباط،وذكر لفظ العلمانية في معرض حديثه عن خروج الكاهن عن التبتل ونزوعه للزواج والانشغال بأمور الدنيا والعالم على حساب خدمة الكنيسة، مما أضحى يتعارض عندهم مع تعاليم الكنيسة.

 

ويذكر جورج طرابيشي أن المصطلح قد يعود إلى القرن الثاني الهجري أو قبل ذلك، وهو القرن الذي بدأ فيه تعريب الكنائس المسيحية؛ وذلك لاعتماده على أن ابن المقفع لم يشرح الكلمة عندما أرودها في كتابه: مصباح العقل، مما يعني أنها كانت مستخدمة قبله،فهو هنا ليس خروجًا عن الدين، بقدر ما هو تمرُّد على نهج ديني كنسي يتعارض مع فطرة الإنسان،ويتنافى هذا المفهوم مع بعض الذين يتبنون العلمانية الشاملة التي تفصل الدين عن الحياة، والتي قد يُفهم منها التعارض مع الدين، أو رفض إظهار مشاعر التديُّن.

 

كما يؤكِّد جورج طرابيشي أن المصطلح جاء بفتح العين نسبة إلى الخروج إلى العالم بالزواج والملكية والتجارة والإنجاب وتربية الأولاد وغيرها مما يتطلبه العيش في العالم؛ أي: الدنيا، وليست الكلمة تعود إلى العلم،وهو أصل الاشتقاق اليوناني Laikos واللاتيني Laicus،إلا أن الشيخ يوسف القرضاوي يخطئ من ينطقها بالفتح وينسبها إلى العلم، على اعتبار أن العلم مناقض للديانة النصرانية في فهم النصارى للدين وللعلم، وأنهما متضادان "فما يكون دينيًّا لا يكون علمًا، وما يكون علميًّا لا يكون دينيًّا؛ فالعلم والعقل يقعان في مقابل الدين، والعلمانية والعقلانية في الصفِّ المضاد للدين"[71].

 

ولو كانت بفتح العين نسبة إلى العالم - على رأي الشيخ يوسف القرضاوي - لكان المصطلح العالمية،وقد ذكر لي أحد المهتمين بهذا الشأن أن الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي قد رجع عن رأيه السابق القائل بأنها بكسر العين.

 

ولو ردَّد بعضنا العَلمانية بفتح العين لقيل عنه: إنه متشدق متقعر وخارج عن التعبير بالمألوف؛ ذلك أنه شاع الإطلاق في الفكر العربي المعاصر بكسر العين، رغبة في النسبة إلى العِلم لا إلى العالم، ويبعد أن يُعَدَّ المفكر العربي جورج طرابيشي متشدقًا وخارجًا عن التعبير بالمألوف عندما يحقق مصطلحًا كهذا.

 

والعلمانية - مصطلحًا ومفهومًا - من المصطلحات التي يكتنفها الغموض،وقد سعى كل من عبدالوهاب المسيري وعزيز العظمة إلى مناقشة المصطلح والمفهوم في كتاب كامل،ولم يظهر من خلال قراءة هذا الكتاب أنهما خرجا برؤية واضحة حول هذه الإشكالية، رغم أن طبيعة تحرير الكتاب تتيح مجالًا للردود والتعليقات بين الطرفين المتناقشين[72].

 

يقول عبدالوهاب المسيري عن غموض مصطلح العلمانية: "مصطلح "العلمانية" مصطلح خلافي جدًّا، شأنه شأن مصطلحات أخرى مثل "التحديث" و"التنوير" و"العولمة"، شاع استخدامها وانقسم الناس بشأنها بين مؤيد ومعارض.

 

ولعل مصطلح "العلمانية" خاصة من أكثر المصطلحات إثارة للفرقة؛ إذ يتم الحوار والشجار حوله بحدة واضحة، تعطي انطباعًا بأنه مصطلح محدد المعاني والأبعاد والتضمينات،ولكننا لو دققنا النظر قليلًا لوجدنا أن الأمر أبعدُ ما يكون عن ذلك"[73]، ويذكر ستة أسباب لبُعد مصطلح العلمانية عن الوضوح على النحو الآتي:

1-إشكالية العلمانيتين[74]؛ أي شيوع العلمانية باعتبارها فصلَ الدين عن الدولة، وهو ما سطَّح القضية تمامًا وقلَّص نطاقها، وحصرها في العلمانية الجزئية التي اقتصرت على فصل الدين عن الدولة، أو بتعبير آخر: فصل الدين عن السياسية، من منطلق أنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين[75].

 

2-التصوُّر أن العلمانية مجموعة أفكار وممارسات واضحة، الأمر الذي أدى إلى إهمال عمليات العلمنة الكامنة والبنيوية.

 

3- تصوُّر العلماني بأنها فكرة ثابتة لا متتالية آخذة في التحقُّق، فالعلمانية لها تاريخ، الأمر الذي يعني أن الدارسين - كلًّا بحسب لحظته الزمنية - درسوا ما هو قائم وحسب، دون أن يدرسوا حلقاته المتتالية.

 

4-إخفاق علم الاجتماع الغربي في تطوير نموذج مركب وشامل للعلمانية، الأمر الذي أدى إلى تعدد المصطلحات التي تصِفُ جوانب وتجليات مختلفة للظاهرة نفسها، والافتقار إلى وضوح الرؤية العامة العريضة، والعجز عن تحديد البؤرة المحددة.

 

5-الظن بأن مصطلح العلمانية قد استقر في الغرب في الثمانينيات الهجرية، الستينيات الميلادية من القرنين الماضيين، بينما ظهرت في الآونة الأخيرة دراسات للعلمانية من منظور جديد، فزادت المصطلح إبهامًا، مما يفضي إلى تقديم مصطلح جديد للعلمانية يحمل اسم "العلمانية المجددة" أو المتجددة (Neosecularism)[76].

 

6-حدوث مراجعة للمصطلح في المحيط العربي، ما أدى إلى التصالح بين القوميين العلمانيين والإيمانيين،ويفصِّل المؤلف القول في هذه الأسباب الستة[77].

 

وهناك مَن يربط بين العلمانية والديمقراطية والليبرالية، وأنها تشترك جميعها بأنها تقف ضد الدين، سواء من منظور جزئي أم من منظور شامل،ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى استقاء هذه الرؤى والأفكار من الفكر الغربي الذي مارَس الفصل بين الكنيسة والحياة، فرفض أو تمرَّد على تعاليم الكنيسة[78]، وقاس بعض الناس تعاليم الأديان الأخرى كالإسلام على تعاليم الكنيسة في موقفها من العلم والسياسة[79]،والذي يظهر أن هذا المنحى هو بؤرة الإشكالية التي يعاني منها المصطلح المنقول؛ إذ إنه نُقل بمفهومه لا بلفظه.

 

ويغلِب استخدام العلمانية في السياسة التي تقتضي فصل الدين عن الدولة، مما يسميها عبدالوهاب المسيري بالعلمانية الجزئية،أما فصل الدين عن الحياة فيطلق عليه عبدالوهاب المسيري العلمانية الشاملة[80]،ومن هنا فالمقصود من ذلك كله هو تحييد الدين، وألا تكون له "سلطة" أو "سيطرة" على الحياة، وقد يعبر عن ذلك بالاستقلال عن الدين في الحياة العامة،وواضح من هذا الطرح الهروب من وضع جُعل فيه الدين "محتلًّا" للحياة العامة[81]،وقد تكون الدعوة إلى العلمانية الجزئية أو الشاملة مخرجًا عند بعض الأقليات عندما لا تُحسن الأكثرية التعامُل معها من مفهوم ديني ضيق، لا يتسع للتعايش الحضاري[82].

 

يقول آرشي أوغستاين: "السبب الصحيح الوحيد لوجود العلمانية يمكن أن يكمن في: أن الإيمان يجب ألا يُفرض على أولئك الذين لا يرغبون بأن يكون الإيمان مفروضًا عليهم،بالطريقة نفسها العلمانية يجب أيضًا ألا تكون مفروضة على أولئك الذين لا يرغبون بأن تكون مفروضة عليهم،وهذا التعايش المشترك معترفٌ به كحقيقة في القرآن الكريم، فهو يتصور ويتنبأ بأن المؤمنين سوف ويجب أن يعيشوا جنبًا إلى جنب مع غير المؤمنين!"[83].

 

6- النموذج السادس: الغرب: (West):

ليس الغرب غربًا واحدًا، وليس له حد مانع جامع على حد قول جورج قرم في كتابه الأخير بالفرنسية: أوروبا وأسطورة الغرب، الذي يعيد فيه موقف أوروبا من العالم الثالث إنما جاء خدمة للكنيسة التي شجعت التنصير وموَّلت الاستكشافات وباركت الاحتلال[84].

 

يقول مفرِّح القوسي: "وتستعمل كلمة (الغرب) للدلالة على البيئة الاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية التي تكونت عبر صراعات وتفاعلات طويلة كانت أوروبا مهدها، ثم انتشرت في قارات أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا"[85]،وينقل عن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" أن "مفهوم الغرب لا يُحيل بالضرورة على المعنى الجغرافي للكلمة، بل هو مفهوم جيوإستراتيجي تأسس نتيجة تراكمات، وبفعل صيرورة تاريخية ابتدأت منذ حوالي أربعة قرون، ووصلت ذروتها في مرحلة العولمة الاقتصادية"[86].

 

وهذا مما يؤكد دائمًا أن الغرب ليس غربًا واحدًا، بل هو غرب وثانٍ وثالث،فهناك الغرب الأدنى بالنسبة للشرق "أوروبا الشرقية"، والغرب الأوسط "أوروبا الغربية"، والغرب الأقصى "أمريكا" الشمالية والوسطى والجنوبية،وداخل الغرب الواحد تفريعات[87]،على أن من الغربيين من يفرِّق "عقائديًّا" بين أوروبا والغرب وبين أوروبا الشرقية وأوروبا الوسطى،ويتَّهم من يسمِّيهم بـ: "المسلحين المسلمين" بأنهم لا يميزون كثيرًا بين أوروبا والغرب[88].

 

ويشترك الغرب الأدنى مع الشرق الأدنى في بعض السمات العامة، بل إنه من حيث الجهة "الجغرافيا" موقع واحد، اختلطت فيه الثقافات من نصرانية أرثوذوكسية وكاثوليكية وإسلامية وشيوعية؛ ولذلك فموقف الغرب الأدنى من الإسلام والمسلمين ظاهرةٌ فيه النزعة الدينية في الخلافات التي تحدث بين شعوب هذا الغرب،وهي واضحة في الحروب التي دارت في البوسنة والهرسك وكوسوفا.

 

وللغرب الأوسط من حيث موقفه من الشرق سماته السياسية التي تختلف عن الشعبية؛ فالشعبية لا تزال تعيش ظروف حروب الفرنجة التي سماها الغرب الأوسط بالحروب الصليبية،وهي حقبة لا تزال مسيطرة على أذهان هذه الشعوب،أما السمات السياسة فهي أقرب إلى مهادنة المسلمين؛ لأن القرب الجغرافي والمصالح تقتضي ذلك.

 

وللغرب الأقصى سماته الشعبية التي تختلف عن السياسية كذلك؛ فالسمات الشعبية لا تبالي بالشرق الإسلامي كثيرًا، ولا تحمل له ما تحمله السمات الشعبية في الغرب الأوسط، وهي واقعة تحت التأثير الإعلامي الذي يخدم السياسة، بينما السمات السياسية في الغرب الأقصى تعمل على ما يتعارض مع مصالحها في الشرق عمومًا، وفي الشرق الأوسط خصوصًا، وإن قيل: إن أصل العلاقات قائم على المصالح، فهي إلى السعي إلى الهيمنة على هذا الشرق تتوق.

 

ومن هنا تأتي هذا التفريعات التي ننظر إليها من منطق مفهوماتنا حول هذه التجزئة، ومن مدى قربها منا أو بعدها عنا،على أن مفهوماتنا هذه لم تَعُد تنظر إلى الجهة الجغرافية أكثر من نظرتها إلى الأبعاد الثقافة التي تتجسَّد فيها تلك السمات السابق ذكرها.

 

7- النموذج السابع: الليبرالية (Liberalism):

الليبرالية تعني هنا التحررية أو مذهب الحرية، وأصل إطلاقها كنسي ثم علماني،وقد جاءت ردَّ فعل للحروب الدينية داخل النصرانية نفسها ومظالم الكنيسة والإقطاع في أوروبا التي أزهدت الناس في الدين الذي سيطر عليه ما تعارف الناس عليه برجال الدين، مما أدى إلى ظهور البروتستانتية على يد مارتن لوثر (1483 - 1546) محتجة على سيطرة رجال الدين على الدين نفسه والوصاية عليه، ومن ثم على الحياة من وجهة نظر رجال الدين أنفسهم، لا من وجهة نظر الدين الذي جاء به عيسى بن مريم - عليهما السلام.

 

وهناك مَن يُعيد أصول الثقافة الليبرالية إلى الفلسفة اليونانية، بمعنى أنها ثقافة غير دينية[89]،وهي تسمية أقرب إلى الغموض[90]،وغموضها يأتي من غموض الحرية نفسها، ومن ثم اضطراب المصطلح،ويؤكد على غموضها عدد من المفكرين الغربيين من أمثال برتراند رُسل ودونالد سترومبورج، وكذا في الموسوعات المعتبرة مثل الموسوعة الشاملة (The World Book Encyclopedia) والموسوعة البريطانية (Encyclopedia Britanica)[91]؛ولذا فالليبرالية من أكثر المفهومات إثارة للإشكالية؛ إذ إنها هي مفهوم مراوغ[92].

 

وقد أعيدت الحرية في مفهومها وانطلاقها من الفلسفة اليونانية إلى كونها هي فلسفة تعددت مفهوماتها، وتخضع في تفريعاتها إلى المبادئ والمثُل والثوابت، أي الثقافة، التي يراد منها أن تنعكس على المفهوم،ولعلَّ هذا من أسرار هذا الغموض في مفهوم الحرية، ومن ثم الغموض في تعريفها[93]، مما يقتضي استحضار المصطلح الفكري لهذه الكلمة، بحيث يُنظر إلى مفهوم الحرية بحسب المحيط الثقافي المراد استخدامها فيه، فالحرية في الإسلام مثلًا لها مدلولات تختلف عنها في مجتمعات لا تلقي بالًا للدين، ومن تلك المجتمعات التي لا تلقي بالًا للدين المجتمعات الحديثة التي جاءت من مجتمعات قديمة سلبتها الحرية أحيانًا باسم الدين، فكانت الإساءة إلى الدين التي حتمت الهروب منه ما دام يُنظر إليه على أنه مقيِّدٌ للحريات المطلقة.

 

وكان من نتيجة ذلك أن انطلق مفهوم الحرية دون اعتبار لما أحدثه هذا الانطلاق من إشكالية في المفهوم التطبيقي لمعنى الحرية،ويظلُّ مفهوم الحرية مضطربًا إلى اليوم، وإذا اضطرب المفهوم اضطربت التعريفات وتعدَّدت[94].

 

وفي الساحة الفكرية العربية مَن يرى أن الليبرالية تتعارض مع الدين، كما جاءت في مبعثها للخروج من هيمنة الدين النصراني، لا سيما الكاثوليكية، بل ربما أن من أهدافها في الفكر العربي التهاون في أحكام الدين القائمة على خمسة أحكام، هي الاستحباب والوجوب والإباحة أو الجواز والكراهية والتحريم، مما يؤكد على تقييد مفهوم الحرية، حتى في المباحات تقيد بما لا يطلقها دون قيد، فالأكل مباح، ما لم يكن فيه ما يقيِّد إباحته، والتعدد مباح ما لم يعترضه ما يقيد إباحته من أحكام، وهكذا،فنرى في الردود على ذلك المفهوم وفي اجتماع الليبرالية والدين من صنَّف بعض العلماء المسلمين المعاصرين بأنهم ليبراليون معممون، من أمثال رفاعة رافع الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبدالرحمن الكواكبي وعلي عبدالرازق وأحمد أمين وأمين الخولي[95]، والقائمة تمتد وتطول إلى أن تصل إلى عصرنا الحاضر.

 

ويزيد هذا الإطلاق من غموض المصطلح، حينما نسمع من يقول عن نفسه: إنه ليبرالي مسلم أو مسلم ليبرالي، ويتبع هذا الحديث عن الليبرالية الإسلامية،وينفي هذا الانتماءُ القول بأن الليبرالية العربية تهدُف إلى المروق من أحكام الدين، وإن ظهر عليها ما يمكن أن يُقال عنه: إنه تهاونٌ في تطبيق أحكام الدين،والتهاون في تطبيق بعض أحكام الدين لا يخرج من الملَّة، كما ينصُّ علماء المسلمون.

 

وعلى الطريقة المحدثة في إعادة التفكير في المصطلح تُضاف إليه سابقة باللغات اللاتينية، تعني أنه يُعاد التفكير في مفهومه، فظهرت الليبرالية المجددة (Neolibralism)، فهو ليس مفهومًا جديدًا (new)، بل هو مفهوم مجدَّد (neo)، وإن ركزت الليبرالية المجدَّدة على السياسة والاقتصاد[96]، وسعت إلى أن تعمل الدولة لمصالح رجال الأعمال لكنها تصور هذه المصالح على أنها مصالح الأمة، كما يعرِّيها "نوشتاين فبلن[97]،بينما يجري النقاش الفكري الآن عن موضوعات ما بعد الحداثة وما بعد الاستشراق وليس الحداثة المتجددة أو الاستشراق المتجدد، في رغبة فكرية في التخلص من المصطلحينِ، وليس بالضرورة التخلص من المفهومين.

 

مصطلحات أخرى:

على أن لدينا عددًا من المصطلحات الأخرى مبهمة الدلالة، ولا يزال يكتنفها الغموض والاضطراب، لكنها لم تُثر إشكالًا قويًّا كما أثارته مصطلحات أخرى مما ذُكرتْ له نماذجُ في هذه الوقفة، وأضحت هذه المصطلحات متداولة واستساغها الناس، رغم ما يكتنفها من غموض واضطراب.

 

ومن تلك المصطلحات التي لم تستقرَّ في مفهوماتها:

الثقافة ويقابلها بالأجنبي Culture، وقد زادت تعريفات هذا المصطلح على مائتي تعريف[98]،وكثيرًا ما يخلط بينها وبين السلوكيات الاجتماعية أو الفكرية، فتسمى هذه السلوكيات بثقافات، بينما هي تصرفات قد تترى ويكثر ورودها من أطراف مختلفة من المجتمع الواحد، مما يزيد المصطلح اضطرابًا وقلقًا وإشكالًا.

 

العلوم ويقابلها بالأجنبي Sciences،وقد تلغي هذه الترجمة العلوم الأخرى التي لا ينطبق عليها المصطلح الأجنبي والتي يجمعها حقلَا العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية.

 

المعرفة ويقابلها بالأجنبي Knowledge،وغيرها كثير، مما يستدعي مزيدًا من التركيز والبحث في مدى غموض بعض المصطلحات المنقولة إلى اللغة العربية، ومدى اضطرابها وتقصيرها في التعبير عن دلالات الألفاظ.



[1] انظر: محمد بن محمد الغزالي، أبو حامد. المستصفى من علم الأصول - 1: 287.

[2] إبراهيم اللخمي الشاطبي. الموافقات في أصول الأحكام - 2: 4.

[3] انظر: أمل يازجي ومحمد عزيز شكري. الإرهاب الدولي والنظام العالمي الراهن - دمشق: دار الفكر، 1423هـ/ 2002م - ص 93.

[4] في التعامُل مع تفجير المبنى الفدرالي في مدينة أوكلاهوما بولاية أوكلاهوما يوم الأربعاء 19/ 11/ 1415هـ الموافق 19/ 4/ 1995م الذي نفذه تيموثي ماكفي، وراح ضحيته 168 شخصًا، وُصف في البدء بأنه عمل إرهابي، وعندما تبينت الطبيعة الفكرية للقائمين عليه وُصِف بأنه عملٌ إجرامي.

[5] انظر: سميح عاطف الزين. عالمية الإسلام ومادية العولمة - مرجع سابق - ص 85 - 94.

[6] معظم النقاش حول مفهوم مصطلح "الاستشراق" هنا مستلٌّ من كتاب المؤلف: الالتفاف على الاستشراق: محاولة التنصل من المصطلح - الرياض: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، 1426هـ/ 2005م - 173ص.

[7] انظر: فراج الشيخ الفزاري. في معنى الاستشراق وبداياته - ص14 - 17 - في: شُبهات حول الاستشراق - الدوحة: دار الثقافة، 1420هـ/ 2000م - 126ص.

[8] انظر: مازن بن صلاح مطبقاني. الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام - الرياض: دار إشبيلية، 1421هـ/ 2000م - 216ص.

[9] انظر: بيرنارد لويس. مسألة الاستشراق - ص159 - 182 - في: هاشم صالح/ معدٌّ ومترجم. الاستشراق بين دعاته ومعارضيه - ط 2 - بيروت: دار الساقي، 2000م - 261ص.

[10] انظر: ناديا أنجيليسكو. الاستشراق والحوار الثقافي - الشارقة: دار الثقافة والإعلام، 1420هـ/ 1999م - ص 72 - (سلسلة كتاب الرافد؛ 4).

[11] انظر: علي بن إبراهيم النملة. الالتفاف على الاستشراق: محاولة التنصُّل من المصطلح - الرياض: مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، 1427هـ/ 2006م - 173ص.

[12] انظر: طاهر عبد مسلم. تعارف الحضارات من أطروحات الاستشراق إلى التمركز الإعلامي والدعاية المضادة - ص 115 - 141 - في: زكي الميلاد، معد. تعارف الحضارات - دمشق: دار الفكر، 1427هـ/ 2006م - 226ص.

[13] انظر في مناقشة هذا المفهوم، من حيث العموم والخصوص: علي بن إبراهيم الحمد النملة. ظاهرة الاستشراق: مناقشات في المفهوم والارتباطات - الرياض: مكتبة التوبة، 1424هـ/ 2003م - ص 25 - 27.

[14] انظر: عمر فروخ. الاستشراق في نطاق العلم وفي نطاق السياسة - ص 126 - 127 - في: نخبة من العلماء المسلمين. الإسلام والمستشرقون - مرجع سابق - 511ص.

[15] انظر: عمر فرُّوخ. الاستشراق في نطاق العلم وفي نطاق السياسة - ص 126 - 127. في: نخبة من العلماء المسلمين. الإسلام والمستشرقون - المرجع السابق - 511ص.

[16] انظر: طارق سري. جرجي زيدان - ص 110 - 115 - في: المستشرقون ومنهج التزوير والتلفيق في التراث الإسلامي - القاهرة: مكتبة النافذة، 2006م - 185ص.

[17] انظر: سليمان موسى. عربيٌّ وليس مستشرقًا - العربي - ع 88 (3/ 1966م) - ص 6 - 7.

[18] انظر: ميشال جحا. موقف الدكتور عمر فرُّوخ من الاستشراق والمستشرقين - ص81 - 90 - والنص من 89 - في: الاستشراق - ع 4 (شباط 1990م) - بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1990م - 221 + 39ص. وأعيد نشر هذا البحث بعنوان: عمر فرُّوخ والاستشراق - الاجتهاد - ع 25 (خريف العام 1415هـ/ 1993م) - ص 131 - 151 - والنص من ص 150 - 151.

[19] انظر: محمد عبدالمنعم خفاجي. المستشرق المسلم عبدالكريم جرمانوس في وصف رحلته إلى الجزيرة العربية - المنهل - مج 30 ع 10 (10/ 1384هـ - 2/ 1965م) - ص 705 - 710.

[20] انظر: لخضر شايب. نبوة محمد صلى الله عليه وسلم في الفكر الاستشراقي المعاصر - الرياض: مكتبة العبيكان، 1422هـ/ 2002م - ص151 - 200.

[21] ربطتني بالأستاذ إسماعيل باليتش - رحمه الله - علاقة لأكثر من سنة وثلاثة أشهر، عندما التقينا بمعهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية بجامعة فرانكفورت، تحت إدارة الأستاذ الدكتور محمد فؤاد سزكين، ولم أكن أرى فيه مستشرقًا البتة.

[22] انظر: محمد الأرناؤوط. من دار الإسلام إلى الوطن، ومن الوطنية إلى القومية: حالة البوسنة - بيروت: الدار العربية للعلوم، 1425هـ/ 2004م - ص83 - 98، والردُّ على البحاثة بالشأن البوسنوي الأستاذ محمد موفق الأرناؤوط لا يُقلل من علميته وقدراته البحثية المستقصية.

[23] انظر: محمد الأرناؤوط. مراجعة الاستشراق: ثنائية الذات/ الآخر نموذج يوغوسلافيا - بيروت: دار المدار الإسلامي، 2002م - ص7 - 9.

[24] انظر: محمد الأرناؤوط. مراجعة الاستشراق: ثنائية الذات/ الآخر نموذج يوغوسلافيا - المرجع السابق - ص 22. وانظر، أيضًا: محمد م. الأرناؤوط. حوار/ صراع الحضارات: دور الاستشراق في النموذج اليوغوسلافي - الآداب - مج 48 ع 3 و4 (آذار/ مارس - نيسان/ إبريل 2000م) - ص 67 - 71.

[25] انظر: في الجدال حول إسهامات هؤلاء، فيما له علاقة بالتأثر برؤى المستشرقين: أنور الجندي، محاكمة فكر طه حسين - القاهرة: دار الاعتصام، 1404هـ/ 1984م، وانظر أيضًا: إبراهيم نويري. زكي مبارك شارك طه حسين التشكيك في القرآن - المجلة العربية - مج 315 (ربيع الآخر 1424هـ/ يونيو 2003م) - ص 34 - 35، وانظر كذلك: محمود مهدي الإستانبول. طه حسين في ميزان العلماء والأدباء - بيروت: المكتب الإسلامي، 1403هـ/ 1983م - 672ص.

[26] انظر: محمد عمارة. الانتماء الثقافي - القاهرة: دار نهضة مصر، 1997م - ص 77 - (سلسلة في التنوير الإسلامي؛ 6).

[27] انظر: مصطفى نصر المسلاتي. الاستشراق السياسي في النصف الأول من القرن العشرين - طرابلس: اقرأ، 1986م - ص 60.

[28] انظر: المستشرق الألماني المسلم فريتز كرنكو، أو محمد سالم الكرنكوي - ص 142 - 145 - في: محمد عزَّت الطهطاوي. لماذا أسلم هؤلاء؟: قساوسة ورهبان وأحبار مستشرقون وفلاسفة وعلماء - القاهرة: مكتبة النافذة، 2005م - 194ص. وانظر، أيضًا: أحمد رضا حوحو. ملاحظات مستشرق مسلم على بعض آراء المستشرقين وكتبهم المتعلقة بالعرب والإسلام - المنهل - مج 2 ع 5 (4/ 1356هـ - 5/ 1937م) - ص 31 - 33. وع 7 (6/ 1356هـ - 7/ 1937م) - ص 27 - 31. وع 8 (7/ 1356هـ - 9/ 1937م) - ص 30 - 34.

[29] انظر: زينب عبدالعزيز. هدم الإسلام بالمصطلحات المستوردة: الحداثة والأصولية - مرجع سابق - ص 65 - 81 - (سلسلة صليبية الغرب وحضارته؛ 4).

[30] انظر: زينب عبدالعزيز. هدم الإسلام بالمصطلحات المستوردة: الحداثة والأصولية - مرجع سابق - ص 65 - 81.

[31] انظر مثلًا: ديفيد لانداو. الأصولية اليهودية: العقيدة والقوة/ ترجمة مجدي عبدالكريم - القاهرة: مكتبة مدبولي، 1414هـ/ 1994م - 416ص، ولم أجد في هذا المرجع مناقشة للمفهوم.

[32] انظر: آرشي أوغستاني. وجهة نظر مسيحية: دفاعًا عن الجهاد حقيقة الجهاد. مرجع سابق - ص 9.

[33] انظر: بوبي س. سيد. الخوف الأصولي: المركزية الأوروبية وبروز الإسلام/ ترجمة عبدالرحمن إياس - بيروت: دار الفارابي، 2007م - ص 11 - 32.

[34] انظر: محمد عمارة. السماحة الإسلامية: حقيقة الجهاد والقتال والإرهاب - القاهرة: دار الشروق الدولية، 1426هـ/ 2005م - ص 77. (سلسلة هذا هو الإسلام؛ 2)، وينقل المؤلف عن صحيفة نيوزويك العدد السنوي (ديسمبر 2001 - فبراير 2002م).

[35] انظر: إبراهيم مصطفى وآخرين. المعجم الوسيط - إسطنبول: دار الدعوة، 1406هـ/ 1986م - ص 20 - (عن الإدارة العامة للمعجمات وإحياء التراث بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، جمهورية مصر العربية).

[36] انظر: عمرو الشوبكي. الأصولية - القاهرة: نهضة مصر، 2007م - ص 7 - (سلسلة الموسوعة السياسية للشباب؛ 5).

[37] انظر: عمرو الشوبكي. الأصولية - المرجع السابق - ص 72.

[38] انظر: محمد عمارة. الأصولية بين الإسلام والغرب - القاهرة: دار الشروق، 1418هـ/ 1998م - ص 7 - 9.

[39] انظر: سميح عاطف الزين. عالمية الإسلام ومادية العولمة - مرجع سابق - ص 73 - 85.

[40] انظر: عمرو الشوبكي. الأصولية - مرجع سابق - ص 71.

[41] انظر: أوليفيه روا. عولمة الإسلام - بيروت: دار الساقي، 2003م - ص 141 - 174.

[42] انظر: Stuart Sim. Fundamentalist: The New Dark Age of Dogma -. Cambridge: Icon Books -. 2005، p117.

[43] انظر: صالح بن عبدالله بن حميد وعبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن ملوح، محرِّران. موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم - ط2 - 12مج - الرياض: دار الوسيلة، 1420هـ/ 2000م - 5: 11569 - 1586.

[44] انظر: صالح بن عبدالله بن حميد وعبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن ملوح، محرران. موسوعة نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم - المرجع السابق - 6: 2287 - 2300. فقد أورد الكتاب في السماحة ثماني عشرة (18) آية وأربعة وعشرين حديثًا وأربعة عشر أثرًا.

[45] انظر: أبو حامد الغزالي. إحياء علوم الدين - 3مج - بيروت: دار المعرفة، 1402هـ/ 1982م - 3: 70.

[46] انظر: صالح بن عبدالله بن حميد وعبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن ملوح، محرران. موسوعة نضرة النعيم - مرجع سابق - 6: 2288.

[47] انظر: مفرِّح بن سليمان بن عبدالله القوسي. العلاقة الفكرية الثقافية بين العالمين الإسلامي والغربي في العصر الحاضر: الحواجز والجسور - مرجع سابق - ص 107 - 132.

[48] انظر على سبيل المثال: إسهامات ول ديورانت في قصة الحضارة، وجوستاف لوبون في حضارة العرب، ومراد هوفمان في إسهاماته في الإعلاء من شأن الإسلام، وقد أورد صالح بن عبدالرحمن الحصين شيئًا منها في كتابه: التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب - الرياض: مؤسسة الوقف الإسلامي، 1429هـ - 240ص، وبعض ما ورد ذكره في مراجع هذا البحث.

[49] انظر: رضوان السيد وآخرين. من التسامح إلى احترام الآخر - ص 285 - 309 - في: حسين نصر وآخرون. التسامح ليس منَّة أو هبة - بيروت: دار الهادي، 1427هـ/ 2006م - 344ص.

[50] انظر: عادل العوَّا. التسامح من العنف إلى الحوار - دمشق: دار الفاضل، 2002م - ص 116 - 125.

[51] انظر: السد أحمد المخزنجي. العدل والتسامح في ضوء الإسلام - القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2006م - ص 23 - 26 - (سلسلة مكتبة الأسرة، سلسلة الفكر).

[52] انظر: شمس الدين الكيلاني. الإسلاميون وفكرة التسامُح - صحيفة الحياة - ع 17067 (9/ 1/ 1431هـ - 26/ 21/ 2009م) - ص 28.

[53] انظر: جعفر عبدالسلام، محرر. التسامح في الفكر الإسلامي - القاهرة: رابطة الجامعات الإسلامية، 1425هـ/ 2005م - 240ص - (سلسلة فكر المواجهة؛ 13).

[54] انظر على سبيل المثال: مفرِّح بن سليمان بن عبدالله القوسي. العلاقة الفكرية الثقافية بين العالمين الإسلامي والغرب في العصر الحاضر: الحواجز والجسور - مرجع سابق - ص 107 - 132.

[55] انظر: حسين أحمد أمين. الطريق إلى تسامح دِيني حق - ص 24 - 38 - في: وليم سليمان قلادة وآخرون. التسامح الديني والتفاهم بين المعتقدات - القاهرة: مركز اتحاد المحامين العرب للبحوث والدراسات القانونية، 1986م - 158ص.

[56] انظر: آرشي أوغستاين. وجهة نظر مسيحية: دفاعًا عن الجهاد حقيقة الجهاد - مرجع سابق - ص101.

[57] انظر: عادل العوَّا. التسامح من العنف إلى الحوار - مرجع سابق - ص 127 - 169.

[58] انظر: مناقشة مفهوم التسامح من منظور فكري غربي: عصام عبدالله. التسامح - مرجع سابق - 95ص.

[59] انظر: عبدالله جان. حدود التسامح - ص 57 - 66 - في: خالد أبو الفضل وآخرين. مكانة التسامح في الإسلام - القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2006م - 144ص.

[60] انظر: صالح بن عبدالرحمن الحصين. التسامح والعدوانية بين الإسلام والغرب - مرجع سابق - ص 26.

[61] المقصود العبارة الأصولية: "ما لا يقوم الواجب إلا به فهو واجب".

[62] انظر: عبدالله بن إبراهيم بن علي اللحيدان. سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين ونماذج من التعامل الاجتماعي في المملكة العربية السعودية - الرياض: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1429هـ/ 2008م - ص 14 - (سلسلة موقف الإسلام من الإرهاب؛ 6).

[63] انظر: عادل العوَّا. التسامح من العنف إلى الحوار - مرجع سابق - ص 124 - 125.

[64] انظر: حسين نصر وآخرون. التسامح ليس منَّة أو هبة - مرجع سابق - 344ص، وانظر أيضًا: خالد أبو الفضل وآخرين. مكانة التسامح في الإسلام - مرجع سابق - ص 144ص.

[65] انظر: عادل العوَّا. التسامح من العنف إلى الحوار - مرجع سابق - ص 124.

[66] انظر: علي رضا بهشتي. مفهوم التسامح - ص311 - 341 - في: حسين نصر وآخرون. التسامح ليس منة أو هبة - مرجع سابق - ص 344ص.

[67] انظر: جون لوك. رسالة في التسامح/ ترجمة منى أبو سنة - القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2005م - 70ص - (سلسلة مكتبة الأسرة/ سلسلة الفكر؛ 2005).

[68] انظر: جورج طرابيشي. هرطقات عن الديموقراطية والعلمانية والحداثة والممانعة العربية - بيروت: دار الساقي، 2006م - ص 216 - 217.

[69] انظر: يوحنا نسيم يوسف. ساويرس الأشمونين: أول من استخدم اللغة العربية من الكتَّاب الأقباط - صحيفة الحياة - ع 17109 (22/ 2/ 1431هـ - 6/ 2/ 2010م) - ص 27.

[70] انظر: ساويروس بن المقفع. مصباح العقل/ تقديم وتحقيق الأب سمير خليل - القاهرة: مطبعة العالم العربي، 1978م.

[71] انظر: يوسف القرضاوي. الإسلام والعلمانية وجهًا لوجه: رد علمي على د. فؤاد زكريا وجماعة العلمانيين - القاهرة: دار الصحوة، 1408هـ/ 1987م - ص 48 - 50.

[72] انظر: عبدالوهاب المسيري وعزيز العظمة. العلمانية تحت المجهر - دمشق: دار الفكر، 1421هـ/ 2000م - 334ص - (حوارات لقرن جديد).

[73] انظر: عبدالوهاب المسيري. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة - 2 مج - القاهرة: دار الشروق، 1423هـ/ 2002م - 1: 15.

[74] المقصود بالعلمانيتين هنا العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة.

[75] انظر: ممدوح الشيخ. عبدالوهاب المسيري: من المادية إلى الإنسانية الإسلامية - مرجع سابق - ص 223.

[76] انظر: غي هارشير. العلمانية/ ترجمة رشا الصباغ، تدقيق حماد شحيد - دمشق: دار المدى، 2005م - ص 90 - 94.

[77] انظر: عبدالوهاب المسيري. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة - مرجع سابق - 1: 15 - 51.

[78] انظر: غي هارشير. العلمانية/ ترجمة رشا الصباغ، تدقيق حماد شحيِّد - دمشق: دار المدى، 2005م - ص 79 - 106.

[79] هناك رأي يرفض إطلاق كلمة "تعاليم" على الإسلام، ويرى حصرها على تعاليم الكنيسة، وإنما هي في الإسلام أحكام تطبق، لا تعاليم فحسب.

[80] انظر: عبدالوهاب المسيري. العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة - مرجع سابق - 1: 15.

[81] انظر: هنري بينا رويث. ما هي العلمانية؟/ ترجمة ريم منصور الأطرش ومراجعة جمال شحيد - دمشق: الأهالي، 2005م - ص 19 - 36.

[82] انظر: جورج طرابيشي. هرطقات - 2 - عن العلمانية كإشكالية إسلامية - إسلامية - بيروت: دار الساقي، 2008م - ص 9 - 96، مع ملاحظة اتكاء المؤلف على عدد من الروايات التاريخية التي تدعم وجهته وتؤيدها، ولكن منها ما هو غير موثوق الرواية، وإن ورد ذكرها في بعض أمهات كتب التاريخ.

[83] انظر: آرشي أوغستاين. وجهة نظر مسيحية: دفاعًا عن الجهاد حقيقة الجهاد - مرجع سابق - ص 108.

[84] انظر: جورج قرم. أوروبا وأسطورة الغرب - بالفرنسية - انظر عرضًا عنه لدى: أحمد زين الدين. أوروبا وأسطورة الغرب صدر بالفرنسية: جورج قرم يواجه ثوابت الفكر الغربي - الحياة - ع 16842 (20/ 5/ 1430هـ - 15/ 5/ 2009م) - ص 28.

[85] انظر: مفرِّح بن سليمان بن عبدالله القوسي. العلاقة الفكرية الثقافية بين العالمين الإسلامي والغربي في العصر الحاضر: الحواجز والجسور - مكة المكرمة: رابطة العالم الإسلامي، 1429هـ/ 2008م - ص 13 - (سلسلة دعوة الحق؛ 226).

[86] انظر: المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة. إستراتيجية العمل الثقافي الإسلامي في الغرب - الرباط: المنظمة، 1422هـ - ص 57 - نقلًا عن: مفرِّح بن سليمان بن عبدالله القوسي. العلاقة الفكرية الثقافية بين العالمين الإسلامي والغربي في العصر الحاضر: الحواجز والجسور - المرجع السابق - ص 14.

[87] انظر: زكاري لوكمان. تاريخ الاستشراق وسياساته: الصراع على تفسير الشرق الأوسط/ ترجمة شريف يونس - القاهرة: دار الشروق، 2007م - 428ص.

[88] انظر: بوبي س. سيد. الخوف الأصولي: المركزية الأوروبية وبروز الإسلام - مرجع سابق - ص 41.

[89] انظر: مرسي الأسيوطي. دراسة مقارنة في أصول وثوابت الثقافة الليبرالية بالمقارنة مع الثقافات المسيحية واليونانية واليهودية - القاهرة: مكتبة نهضة مصر، 2005م - ص 253 - 273. و316.

[90] انظر: سليمان بن صالح الخراشي. حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها - د.م: د.ن.، 1429هـ - ص 14.

[91] انظر: سليمان بن صالح الخراشي. حقيقة الليبرالية وموقف الإسلام منها - المرجع السابق - ص 15 - 17.

[92] انظر: ياسر قنصوه. الليبرالية: إشكالية مفهوم - مرجع سابق - ص 6 - 8.

[93] انظر: مجموعة من المؤلفين. فلسفة الحرية: أعمال الندوة الفلسفية السابعة عشرة التي نظمتها الجمعية الفلسفية المصرية بجامعة القاهرة - بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2009م - 429ص.

[94] انظر: فرانز روزنتال. مفهوم الحرية في الإسلام: دراسات في مشكلات المصطلح وأبعاده في التراث العربي الإسلامي/ ترجمة وتقديم معن زيادة ورضوان السيد. ط 2 - بيروت: دار المدار الإسلامي، 2007م - ص 17 - 55.

[95] انظر: رفعت السعيد. عمائم ليبرالية في ساحة العقل والحرية - دمشق: دار المدى، 2002م - ص 19 - 155.

[96] انظر: ديفد هارفي. الليبرالية الجديدة: موجز تاريخي/ نقله إلى العربية مجاب الإمام - الرياض: مكتبة العبيكان، 1429هـ/ 2008م - 406ص.

[97] انظر: أشرف منصور. الليبرالية الجديدة: جذورها الفكرية وأبعادها الاقتصادية - القاهرة: رؤية، 2008م - ص 5.

[98] انظر: فؤاد السعيد وفوزي خليل. الثقافة والحضارة: مقاربة بين الفكرين الغربي والإسلامي/ تحرير منى أبو الفضل ونادية محمود مصطفى - دمشق: دار الفكر، 1429هـ/ 2008م - 216ص - (سلسلة التأصيل النظري للدراسات الحضارية؛ 4).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تحرير المصطلحات
  • وقفة مع المصطلحات الوافدة
  • القرآن ومعركة المصطلحات
  • مقاصد مؤلفي كتب المصطلح ووظيفة مضمونها وتطوره من القرن الرابع الهجري إلى القرن السابع الهجري

مختارات من الشبكة

  • فهرس المصطلحات الواردة في كتاب (معجم المصطلحات السياسية في تراث الفقهاء)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أهمية تحرير المصطلحات(مقالة - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • ترجمة المصطلحات(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • أريد ورقتي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المصطلحات الجغرافية في القرآن الكريم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المصطلحات الصوتية في التراث اللغوي عند العرب(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • فاحشة قوم لوط عليه السلام (2) تزييف المصطلحات لتطبيع المنكرات(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • المصطلح النقدي سيرة ودلالة: الديباجة نموذجا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • بلغة الأريب في علم التصريف: مقدمة مختصرة تحوي أهم المصطلحات والتقسيمات (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر مخالفة المصطلحات في اللغة والشرع والعقل على الاختلاف العلمي والعملي على الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب