• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

سورة البقرة (2) أقسام الناس

سورة البقرة (2) أقسام الناس
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/1/2021 ميلادي - 24/5/1442 هجري

الزيارات: 30445

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

سورة البقرة (2)

أقسام الناس


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: الْقُرْآنُ رَبِيعُ قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، وَشِفَاءُ صَدْرِهِ، وَجَلَاءُ حُزْنِهِ، وَذَهَابُ هَمِّهِ وَغَمِّهِ، وَهُوَ تَذْكِرَتُهُ وَعِظَتُهُ ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45]، وَسُورَةُ الْبَقَرَةِ سَنَامُ الْقُرْآنِ، وَسَنَامُ الشَّيْءِ أَعْلَاهُ، وَلَا غَرْوَ أَنْ تَكُونَ الْبَقَرَةُ سَنَامَ الْقُرْآنِ؛ فَفِيهَا آيَةُ الْكُرْسِيِّ، أَفْضَلُ آيِ الْقُرْآنِ، وَهِيَ سُورَةٌ زَاخِرَةٌ بِالْعِبَرِ وَالْعِظَاتِ، وَالشَّرَائِعِ وَالْأَحْكَامِ، وَالْقَصَصِ وَالْأَخْبَارِ، فَاجْتَمَعَ فِيهَا مَوْضُوعَاتُ الْقُرْآنِ الْكُلِّيَّةُ.

 

وَمِمَّا فِي سَنَامِ الْقُرْآنِ مِمَّا يُلْفِتُ الِانْتِبَاهَ، وَيُحَفِّزُ الْأَفْهَامَ: أَقْسَامُ النَّاسِ تُجَاهَ الْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ؛ إِذْ بُدِئَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ بِذِكْرِهِمْ؛ وَذَلِكَ لِيَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مَوْقِعَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، وَهِيَ: أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَأَهْلُ الْكُفْرِ، وَأَهْلُ النِّفَاقِ:

فَأَمَّا أَهْلُ الْإِيمَانِ فَبُدِئَ الْحَدِيثُ بِهِمْ ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 1 - 4].

 

فَأَهْلُ الْإِيمَانِ اهْتَدَوْا بِالْكِتَابِ الْمُبِينِ، الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُدًى لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، فَمَنْ قَبِلَهُ اهْتَدَى، وَمَنْ عَارَضَهُ ضَلَّ وَغَوَى. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَوْصَافَ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ:

فَهُمْ ﴿ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾ وَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ هُوَ أَسَاسُ الْإِيمَانِ وَلُبُّهُ، وَأَرْكَانُ الْإِيمَانِ كُلُّهَا غَيْبٌ؛ فَقُلُوبُهُمْ مُصَدِّقَةٌ بِالْغَيْبِ الَّذِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، مُذْعِنَةٌ لِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْإِيمَانِ، وَهَذَا مِنْ قَوْلِ الْقَلْبِ وَعَمَلِهِ.

 

﴿ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ﴾ وَهِيَ عَمُودُ الْإِسْلَامِ، وَصِلَةُ الْعَبْدِ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ عَمَلُ الْبَدَنِ، وَيَعْمَلُ الْقَلْبُ فِيهَا بِالْخُشُوعِ، وَهُوَ لُبُّهَا وَرُوحُهَا.

 

﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ وَهَذِهِ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ يَقِي بِهَا الْمُؤْمِنُ شُحَّ نَفْسِهِ، وَيُطَهِّرُ بِهَا مَالَهُ، وَيَتَعَوَّدُ عَلَى الْكَرَمِ وَالْبَذْلِ.

 

وَهُمْ كَذَلِكَ مُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ، وَبِالْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ قَبْلَهُ، كَمَا أَنَّهُمْ مُوقِنُونَ بِالْآخِرَةِ، وَيَعْمَلُونَ فِي دُنْيَاهُمْ لَهَا، وَفِي آخِرِ السُّورَةِ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى إِيمَانَهُمْ بِذَلِكَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 285].

 

فَجَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْعِبَادَاتِ الْقَلْبِيَّةَ وَالْقَوْلِيَّةَ وَالْعَمَلِيَّةَ وَالْمَالِيَّةَ، وَمَنْ حَقَّقُوا ذَلِكَ اهْتَدَوْا وَأَفْلَحُوا ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[الْبَقَرَةِ: 5].

 

ثُمَّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ الْإِيمَانِ ذَكَرَ أَهْلَ الْكُفْرِ وَالْعِنَادِ وَالِاسْتِكْبَارِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 6]. فَالتَّذْكِرَةُ وَالْمَوْعِظَةُ وَالْإِنْذَارُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِمْ. وَلْيَحْذَرِ الْمُؤْمِنُ أَنْ يُعْرِضَ عَنِ الْمَوَاعِظِ وَالتَّذْكِيرِ؛ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ شَبَهٌ مِنْ أَهْلِ الْجَحُودِ وَالِاسْتِكْبَارِ. وَسَبَبُ عَدَمِ تَأَثُّرِهِمْ بِهَا أَنَّ مَنَافِذَ الْعَلَمِ فِيهِمْ مُغْلَقَةٌ، وَهِيَ الْقُلُوبُ وَالْأَسْمَاعُ وَالْأَبْصَارُ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 7]. وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ هَوَى النُّفُوسِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْهَوَى ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 23].

 

وَلَا يَعْنِي ذَلِكَ عَدَمَ دَعْوَتِهِمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَمْرِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيِهِمْ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ بَلْ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ؛ فَلَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَفْتَحَ مَغَالِيقَ قُلُوبِهِمْ وَأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ.

 

ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ النِّفَاقِ فِي ثَلَاثَ عَشْرَةَ آيَةً؛ لِتَحْذِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ، وَبَيَانِ خَطَرِهِمْ، وَكَشْفِ حَقِيقَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ عَدُوٌّ بَاطِنٌ مُسْتَتِرٌ، يَكِيدُ مِنْ وَرَاءِ السُّتُورِ، وَيَقِفُ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصُّفُوفِ ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 8-9]، وَمُخَادَعَتُهُمْ هِيَ بِإِظْهَارِ الْإِيمَانِ وَالنُّصْحِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَإِبِطَانِ الْكُفْرِ وَالْغِشِّ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَهُمْ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ يُورِدُونَ أَنْفُسَهُمُ الْمَهَالِكَ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ. وَسَبَبُ نِفَاقِهِمْ مَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ مَرَضِ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ وَالشُّبْهَةِ ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 10].

 

وَمِنْ أَوْصَافِهِمُ ادِّعَاؤُهُمُ الْإِصْلَاحَ، وَهُمْ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ بِكُفْرِهِمْ وَمَعَاصِيهِمْ، وَمُعَادَاةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمُوَالَاةِ الْكَافِرِينَ، وَيَتَّهِمُونَ أَهْلَ الْإِيمَانِ بِالسَّفَهِ وَهُمُ السُّفَهَاءُ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 11-13].

 

وَمِنْ نِفَاقِهِمْ أَنَّهُمْ يَلْقَوْنَ الْمُؤْمِنِينَ بِوَجْهٍ، وَيَلْقَوْنَ الْكُفَّارَ بِوَجْهٍ؛ مُحَاوَلَةً مِنْهُمْ لِكَسْبِ الْفَرِيقَيْنِ، وَإِرْضَاءِ الطَّرَفَيْنِ، وَظَاهِرُهُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، لَكِنَّ بَاطِنَهُمْ مَعَ الْكَافِرِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُمْلِي لَهُمْ، وَيُؤَخِّرُ فَضِيحَتَهُمْ، وَلَا يَسْتَعْجِلُهُمْ بِالْعَذَابِ؛ مُخَادَعَةً لَهُمْ؛ لِتَكْثُرَ أَوْزَارُهُمْ، وَتَعْظُمَ آثَامُهُمْ، حَتَّى إِذَا ظَنُّوا أَنَّهُمْ نَجَحُوا خَابُوا وَخَسِرُوا؛ فَبِضَاعَتُهُمْ مُزْجَاةٌ، وَتِجَارَتُهُمْ بِالنِّفَاقِ كَاسِدَةٌ ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 14-16].

 

نَعُوذُ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنَ النِّفَاقِ، وَمِنْ حَالِ أَهْلِهِ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ زِيَادَةَ الْإِيمَانِ، وَالثَّبَاتَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَمَاتِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

 

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: ضَرَبَ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَثَلَيْنِ عَظِيمَيْنِ يَظْهَرُ فِيهِمَا خَسَارَةُ الْمُنَافِقِينَ وَبَوَارُهُمْ:

فَالْمَثَلُ الْأَوَّلُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 17 - 18]؛ «أَيْ: مَثَلُهُمْ فِي نِفَاقِهِمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فِي مَفَازَةٍ، فَاسْتَدْفَأَ، وَرَأَى مَا حَوْلَهُ فَاتَّقَى مِمَّا يَخَافُ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ طُفِئَتْ نَارُهُ فَبَقِيَ فِي ظُلْمَةٍ طَائِفًا مُتَحَيِّرًا، فَكَذَلِكَ الْمُنَافِقُونَ بِإِظْهَارِ كَلِمَةِ الْإِيمَانِ أَمِنُوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ، وَنَاكَحُوا الْمُؤْمِنِينَ وَوَارَثُوهُمْ وَقَاسَمُوهُمُ الْغَنَائِمَ، فَذَلِكَ نُورُهُمْ. فَإِذَا مَاتُوا عَادُوا إِلَى الظُّلْمَةِ وَالْخَوْفِ».

 

وَالْمَثَلُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ * يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 19 - 20] «فَشَبَّهَ دِينَ الْإِسْلَامِ بِالصَّيِّبِ؛ لِأَنَّ الْقُلُوبَ تَحْيَا بِهِ حَيَاةَ الْأَرْضِ بِالْمَطَرِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ شُبَهِ الْكُفَّارِ بِالظُّلُمَاتِ، وَمَا فِيهِ مِنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ بِالرَّعْدِ وَالْبَرْقِ، وَمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْأَفْزَاعِ وَالْبَلَايَا مِنْ جِهَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِالصَّوَاعِقِ» «فَهَكَذَا حَالُ الْمُنَافِقِينَ، إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ وَأَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ وَوَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ؛ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ، وَأَعْرَضُوا عَنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، فَيُرَوِّعُهُمْ وَعِيدُهُ، وَتُزْعِجُهُمْ وُعُودُهُ، فَهُمْ يُعْرِضُونَ عَنْهَا غَايَةَ مَا يُمْكِنُهُمْ، وَيَكْرَهُونَهَا كَرَاهَةَ صَاحِبِ الصَّيِّبِ الَّذِي يَسْمَعُ الرَّعْدَ، وَيَجْعَلُ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ خَشْيَةَ الْمَوْتِ، فَهَذَا تُمْكِنُ لَهُ السَّلَامَةُ. وَأَمَّا الْمُنَافِقُونَ فَأَنَّى لَهُمُ السَّلَامَةُ؟ وَهُوَ تَعَالَى مُحِيطٌ بِهِمْ قُدْرَةً وَعِلْمًا، فَلَا يَفُوتُونَهُ وَلَا يُعْجِزُونَهُ، بَلْ يَحْفَظُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ، وَيُجَازِيهِمْ عَلَيْهَا أَتَمَّ الْجَزَاءِ».

 

فَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ وَقَدْ عَلِمَ حَالَ الْمُنَافِقِ أَنْ يُجَانِبَ النِّفَاقَ وَأَهْلَهُ، وَأَنْ يُقَوِّيَ إِيمَانَهُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَإِنَّهَا مِنَ الْإِيمَانِ.

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الترابط في القرآن الكريم (سورة البقرة)
  • تفسير أواخر سورة البقرة
  • تفسير ابن باز لسورة البقرة: الآيات 11 - 20
  • سورة البقرة (1) الفضل والأثر
  • سورة البقرة (3) قصة الخلق والابتلاء
  • سورة البقرة (4) الإسلام والإيمان والإحسان
  • سورة البقرة (6) تقرير الألوهية
  • سورة البقرة (9) آيات الصيام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • لطائف وإشارات حول السور والآي والمتشابهات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • معنى السورة لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • مناسبة سورة الأنفال لسورتي البقرة وآل عمران(مقالة - آفاق الشريعة)
  • جدول متابعة الحفظ للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  • فوائد مختارة من تفسير ابن كثير (11) من سورة محمد إلى سورة الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • موهم التعارض بين القرآن والسنة: (دراسة نظرية تطبيقية) من أول سورة النحل إلى سورة الناس(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • شرح كتاب الدروس المهمة (تفسير سورة الفلق وسورة الناس) - مترجما للغة الإندونيسية(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أول خطوة لاحتراف إعراب سورة قرآنية | سورة الناس(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير القرآن بالقراءات القرآنية العشر (من سورة التغابن إلى سورة الناس )(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/12/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب