• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

من أسباب استجابة الدعاء

من أسباب استجابة الدعاء
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/6/2017 ميلادي - 16/9/1438 هجري

الزيارات: 33233

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب استجابة الدُّعاء

 

الحمدُ لله الذي أمَرَ بالدُّعاءِ وَوَعَدَ عليه الإجابة، وحثَّ على أفعالِ الخيرِ كُلِّها، وجعلَ جزاءها القَبُولَ والإثابة، فسُبحانه مِن كريمٍ جوادٍ رَؤُوفٍ بالعبادِ، يأمُرُ عبادَه بالتقرُّبِ إليه بالدُّعاء ويُخبرُهم أنَّ خزائنه ليسَ لها نفاد، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له ولا نِدَّ ولا مُضاد، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه سيِّدِ الرُّسلِ وخُلاصة العباد، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وعلى آله وأصحابه العُلماءِ العُبَّاد، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم التناد.


أمَّا بعد:

فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى، وتعرَّضُوا لنفحاتِ المولى في جميع الأوقات بالدُّعاء والرَّجاء، وخاصةً في هذا الشهرِ المبارك، فقد قال الله تبارك وتعالى في أثناء آيات الصيام: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]، قال ابنُ كثير: (وفي ذِكْرِهِ تعالى هذِهِ الآيَةَ الباعِثةَ على الدُّعَاءِ، مُتَخَلِّلَةً بينَ أحكَامِ الصِّيامِ، إرشادٌ إلى الاجتهادِ في الدُّعَاءِ عِندَ إكمَالِ العِدَّةِ، بل وعندَ كُلِّ فِطْرٍ) انتهى.

 

وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (ثلاثةٌ لا تُرَدُّ دَعوَتُهُم: الصائمُ حتى يُفطِرَ، والإمامُ العادلُ، ودَعْوَةُ المظلُومِ يَرْفَعُها اللهُ فَوْقَ الغَمَامِ ويَفْتَحُ لَهَا أبوابَ السماءِ، ويَقُولُ الرَّبُّ: وعِزَّتي لأنصُرَنَّكِ ولو بعدَ حِينٍ) رواه الترمذي وحسَّنه.

 

قال النوويُّ: (يُستَحَبُّ للصائمِ أنْ يَدْعُوَ في حالِ صَوْمِهِ بمُهِمَّاتِ الآخِرَةِ والدُّنيا لهُ ولِمَنْ يُحِبُّ وللمُسلمينَ.. وهكَذا الرِّوايةُ حتى بالتاءِ - أي حتى يُفطر - فيَقْتَضي استِحبَابُ دُعاءِ الصائمِ مِن أَوَّلِ اليومِ إلى آخرِهِ، لأنهُ يُسَمَّى صائماً في كُلِّ ذلكَ) انتهى.

 

وعن عبدِ اللهِ بن أبي مُلَيْكَةَ قال: (سَمِعتُ عبدَ اللهِ بنَ عمروِ بنِ العاصِ يقُولُ: قال رسولُ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّ للصائمِ عندَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً ما تُرَدُّ»، قالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ عمروٍ يقُولُ إذا أَفْطَرَ: اللهُمَّ إني أسألُكَ برحمتكَ التي وَسِعَتْ كُلَّ شيءٍ أنْ تغفِرَ لي) رواه ابن ماجه وصحَّحه البوصيري.

 

ولا ريبَ أن استجابة الدُّعاء من السعادة، قال الله حكايةً عن زكريا عليه السلام: ﴿ وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا ﴾ [مريم: 4]، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: (أيْ: لم تكُن تُخيِّبُ دُعائي إذا دَعَوْتُكَ، يعني أنكَ عَوَّدتَنِي الإجابةَ فيمَا مَضَى.. ولا شكَّ أنَّ إجابةَ الدُّعاءِ من السعادةِ، فيكُونُ عَدَمُ إجابتهِ من الشقاءِ) انتهى.

وقد كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يستعيذُ بالله (مِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا) رواه مسلم.

 

قال القرطبيُّ: (إنَّ إجابةَ الدُّعاءِ لا بُدَّ لها من شُروطٍ في الدَّاعي وفي الدُّعاءِ وفي الشيءِ المدعُوِّ بهِ، فمِن شَرْطِ الدَّاعي أن يكُونَ عالماً بأنْ لا قادرَ على حاجتهِ إلاَّ اللهُ، وأنَّ الوسائطَ في قَبْضتهِ ومُسخَّرَةٌ بتسخيرِهِ، وأنْ يَدعُوَ بنيَّةٍ صادقةٍ وحُضُورِ قلبٍ، فإنَّ اللهَ لا يَستجيبُ دُعَاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ، وأن يكونَ مُجتَنِباً لأكلِ الحرامِ، وألاَّ يَمَلَّ منَ الدُّعاءِ، ومن شرطِ المدعُوِّ فيهِ أن يكونَ من الأمورِ الجائزةِ الطَّلَبِ والفِعلِ شَرعاً، كَما قالَ: «ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قطيعةِ رحِمٍ»، فيَدخُلُ في الإثمِ كُلُّ ما يَأثمُ بهِ منَ الذُّنوبِ، ويَدخُلُ في الرَّحِمِ جميعُ حُقُوقِ المسلمينَ ومَظَالمهِم، وقالَ سهلُ بنُ عبدِ اللهِ التُّستَرِيُّ: شُرُوطُ الدُّعاءِ سبعةٌ: «أوَّلُها: التضَرُّعُ، والخَوْفُ، والرَّجاءُ، والْمُداوَمَةُ، والخُشُوعُ، والعُمُومُ، وأكلُ الحلالِ») انتهى.

 

أيها الصائمون:

إنَّ من أهمِّ أسباب استجابةِ الدُّعاء: الإخلاص، قال تعالى: ﴿ فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [غافر: 14]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غافر: 65]، ويدخلُ فيه أن تتوخَّى إخفاءَ دُعائك، قال تعالى: ﮋ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَﮊ، قال القرطبيُّ: (قال الحسنُ: لقد كانَ المسلمُونَ يَجتهدُونَ في الدُّعاءِ فلا يُسمَعُ لهُم صَوْتٌ، إنْ هوَ إلا الهَمْسُ بيْنَهُم وبينَ ربِّهِم، وذلكَ أنَّ اللهَ تعالى يقولُ: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ﴾ [الأعراف: 55]، وذكَرَ عبداً صالحاً رَضيَ فِعلَهُ فقالَ: ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ ) انتهى.

 

وعن أبي مُوسى الأشعَرِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: (كُنَّا معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فكُنَّا إذا أشْرَفْنا على وَادٍ، هلَّلْنا وكبَّرْنا ارتَفَعَتْ أصْواتُنا، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: يا أيُّها الناسُ ارْبَعُوا على أنفُسِكُم، فإنكُم لا تَدْعُونَ أصَمَّ ولا غائباً، إنهُ مَعَكُم إنهُ سَميعٌ قَريبٌ، تباركَ اسمُهُ وتعالى جَدُّهُ) رواه البخاري.

 

قال الإمامُ ابنُ تيمية رحمه الله: (وفي إخفاءِ الدُّعاءِ فوائِدُ عديدَةٌ: أحَدُها: أنهُ أعظَمُ إيماناً؛ لأنَّ صاحبَهُ يَعلَمُ أنَّ اللهَ يَسمَعُ الدُّعاءَ الخفيَّ، وثانيها: أنهُ أعظَمُ في الأدَبِ والتَّعظيمِ.. وثالثُها: أنهُ أبلَغُ في التضَرُّعِ والخُشُوعِ الذي هُوَ رُوحُ الدُّعاءِ ولُبُّهُ ومَقصُودُه.. ورابعُها: أنهُ أبلَغُ في الإخلاصِ، وخامسُهَا: أنهُ أبلَغُ في جَمْعِيَّةِ القَلبِ على الذِّلَّةِ في الدُّعاءِ.. وسادسُهَا: أنهُ دالٌّ على قُربِ صاحبِهِ للقرِيبِ لا مَسأَلَةِ نِداءِ البعيدِ للبعيدِ.. وهذا القُرْبُ من الداعي هُوَ قُرْبٌ خاصٌّ ليسَ قُرباً عامَّاً مِن كُلِّ أحَدٍ فهوَ قريبٌ من داعيهِ وقَرِيبٌ من عابديهِ، وأقرَبُ ما يكونُ العبدُ من ربِّهِ وهوَ ساجدٌ.. سابعُهَا: أنهُ أدعَى إلى دَوَامِ الطَّلَبِ والسؤالِ، فإنَّ اللِّسانَ لا يَمَلُّ والجَوَارِحَ لا تَتْعَبُ بخلافِ ما إذا رَفَعَ صَوتَهُ.. وثامنُهَا: أنَّ إخفاءَ الدُّعاءِ أبعَدُ لهُ من القواطعِ والمُشوِّشاتِ.. وتاسعُها: أنَّ أعظَمَ النعمَةِ الإقبالُ والتَّعبُّدُ ولكُلِّ نِعْمَةٍ حاسدٌ على قَدْرِها، ولا نِعْمَةَ أعظَمُ من هذهِ النِّعمةِ، فإنَّ أنفُسَ الحاسدينَ مُتعلِّقَةٌ بها، وليسَ للمحسُودِ أسلَمُ من إخفاءِ نِعْمَتِهِ عن الحاسدِ..) انتهى.

 

ومن أسباب استجابة الدُّعاء: الاستعانة بالله وحده، قال الله لخاتَمِ الرُّسل صلى الله عليه وسلم: ﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا ﴾ [الأعراف: 188]، قال الإمامُ ابنُ تيمية: (فعُلِمَ أنَّ مَعناها إفرادُ الرَّبِّ تعالى بالأمرِ وأنهُ لَيسَ لغيرِهِ أمْرٌ) انتهى.


ومن الاستعانة بالله: بثُّ الشكوى إليه، قال يعقوب عليه السلام: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ ، وانظر إلى تضرُّع أيوب عليه السلام وبثِّه شكواه لله: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ ﴾ [الأنبياء: 83].

 

ومن الاستعانة بالله: الدُّعاء بدعاء الكرب، فعنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: (أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ يقولُ عندَ الكَرْبِ: لا إلهَ إلاَّ اللهُ العظيمُ الحليمُ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ ربُّ العرشِ العظيمِ، لا إلهَ إلاَّ اللهُ ربُّ السماواتِ ورَبُّ الأرضِ، ورَبُّ العرشِ الكريمِ) رواه البخاري.

 

قال الحافظُ ابنُ حجر: (قالَ ابنُ بطَّالٍ: حدَّثني أبو بكرٍ الرازيُّ قالَ: كُنتُ بأصبَهَانَ عندَ أبي نُعَيْمٍ أَكتُبُ الحديثَ، وهُناكَ شَيْخٌ يُقالُ لهُ أبو بكرِ بنُ عليٍّ عليهِ مَدَارُ الفُتْيا، فَسُعِيَ بهِ عندَ السُّلطانِ فَسُجِنَ، فرأيتُ النبيَّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في المَنامِ وجبريلُ عَن يَمينهِ يُحرِّكُ شَفَتَيْهِ بالتسبيح لا يَفتر، فقالَ لي النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: قُلْ لأبي بكرِ بنِ عليٍّ يَدْعُو بدُعاءِ الكَرْبِ الذي في صحيحِ البخارِيِّ حتَّى يُفرِّجَ اللهُ عنهُ، قالَ: فأَصبَحتُ فأخبَرتُهُ، فدَعَا بهِ، فلَمْ يَكُن إلاَّ قليلاً حتى أُخْرِج) انتهى.

 

ومن أسباب استجابةِ الدُّعاء: حُضور القلب، قال صلى الله عليه وسلم: (ادعُوا اللهَ وأنتُم مُوقنُونَ بالإجابةِ، واعلَمُوا أن اللهَ لا يَستجيبُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

 

قال النووي: (اعلمْ أن مَقصُود الدُّعاء هو حُضور القلب، والدلائل عليه أكثر من أن تُحصر، والعلم به أوضح من أن يُذكر) انتهى.

ويدخلُ فيه: إظهارُ الضعف والخشوع في الدُّعاء، قال زكريا عليه السلام في دعائه: ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا ﴾، ﴿ وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ﴾ ، قال الشيخ محمد الأمين: (وهذا الذي ذكَرَهُ هُنا من إظهارِ الضَّعفِ يَدُلُّ على أنهُ يَنبغي للدَّاعي إظهارُ الضَّعفِ والخَشيَةِ والخُشُوعِ في دُعائهِ) انتهى.

 

ويدخلُ فيه: العزمُ في الدُّعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا دَعَا أحَدُكُم فلا يَقُلْ: اللهُمَّ اغفر لي إنْ شِئْتَ، ولكنْ ليَعْزِمِ المسألةَ ولْيُعَظِّمِ الرَّغبةَ، فإنَّ اللهَ لا يَتعاظَمُهُ شيءٌ أعطاهُ) رواه مسلم.

 

قال القرطبيُّ: (قالَ عُلماؤُنا: قولُهُ: «فلْيَعْزِمِ المسألَةَ» دليلٌ على أنهُ يَنبغي للمؤمنِ أنْ يَجتهدَ في الدُّعاءِ ويكونُ على رَجَاءٍ من الإجابةِ، ولا يَقنَطُ من رحمةِ اللهِ، لأنه يدعو كريماً.

 

قال سفيان ابنُ عُيينةَ: «لا يَمْنَعَنَّ أحَداً منَ الدُّعاءِ ما يَعْلَمُهُ من نَفْسِهِ، فإنَّ اللهَ قد أجابَ دُعاءَ شَرِّ الخلقِ إبليسَ: ﴿ قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ﴾ [الحجر: 36، 37]») انتهى.

 

ومن أسباب استجابة الدُّعاء: حُسنُ الظنِّ بالله، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ اللهَ يقولُ: أنا عندَ ظَنِّ عبدي بي وأنا مَعَهُ إذا دَعَاني) رواه مسلم.

 

قال الشيخ ابنُ باز: (ولا يستقيم له هذا إلا إذا أحسن الفعل، إذا أحسن العمل إذا اتقى ربه وجاهدَ نفسه، وحاذر محارمه، فإن هذا هو الذي يستطيع أن يُحسن ظنَّه بربِّه) انتهى.


ويدخلُ فيه: رفع اليدين بالدعاء، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ ربَّكُم تباركَ وتعالى حَييٌّ كرِيمٌ، يَستَحْيي من عبدِهِ إذا رَفَعَ يديهِ إليهِ أنْ يَرُدَّهُمَا صِفْراً) رواه أبو داود وجوَّد إسناده ابن حجر.

 

ويدخلُ فيه: عدم استبطاء الإجابة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يَزَالُ يُستَجَابُ للعبدِ، ما لَم يَدْعُ بإثمٍ أو قطيعَةِ رَحِمٍ، ما لم يَستَعجل»، قيلَ: يا رسولَ اللهِ ما الاستعجالُ؟ قالَ: يقولُ: «قد دَعَوْتُ وقد دَعَوْتُ، فلم أَرَ يَستَجيبُ لي، فيَسْتَحْسِرُ عندَ ذلكَ ويَدَعُ الدُّعاءَ) رواه مسلم.

 

ومن أسباب استجابة الدُّعاء: التوبة والاستغفار: قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10- 12].

 

ويدخلُ فيه: عدم أكل الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: (أيها الناسُ، إنَّ اللهَ طيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلاَّ طيِّباً، وإن اللهَ أمَرَ المؤمنينَ بما أمَرَ بهِ المرسلينَ، فقالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ ، وقالَ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾ [البقرة: 172]، ثُمَّ ذكَرَ الرَّجُلَ يُطيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغبَرَ، يَمُدُّ يديهِ إلى السماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرَامٌ، ومَشْرَبُهُ حرَامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وغُذِيَ بالحَرَامِ، فأنى يُستَجَابُ لذلكَ؟) رواه مسلم.

 

ويدخلُ فيه: عدمُ الاعتداء في الدُّعاء، قال تعالى: ﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [الأعراف: 55]، وعن عبدَ اللهِ بنَ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه (أنه سَمِعَ ابنَهُ يقُولُ: اللهُمَّ إني أسأَلُكَ القَصْرَ الأبيضَ عَن يَمِينِ الجنَّةِ، إذا دَخَلْتُهَا، فقالَ: أيْ بُنَيَّ سَلِ اللهَ الجنَّةَ، وعُذْ بهِ منَ النارِ، فإني سَمِعتُ رسولَ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «سَيكُونُ قومٌ يَعتَدُونَ في الدُّعَاءِ) رواه ابن ماجه وصحَّحه الألباني.

 

اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من علمٍ لا يَنْفَعُ، ومن صلاةٍ لا تنفعُ، ومن قلبٍ لا يَخشَعُ، ومن نفسٍ لا تَشبَعُ، وعَمَلٍ لا يُرفع، وقولٍ لا يُسمع، ومن دعوةٍ لا يُستَجَابُ لَهَا، آمين.

♦♦♦♦


إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

 

أمَّا بعدُ: ومن أسباب استجابة الدعاء: التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة، والتوسل بأسماء الله وصفاته، وافتتاح الدعاء بحمد الله والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم، وختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمامُ ابن القيم: (وإذا جَمَعَ مَعَ الدُّعاءِ حُضُورَ القلبِ وجَمْعِيَّتَهُ بكُلِّيَّتِهِ على المطلُوبِ، وصادفَ وَقتاً من أوقاتِ الإجابةِ السِّتَّةِ، وهيَ:

الثُّلُثُ الأخيرُ منَ الليلِ، وعندَ الأذانِ، وبينَ الأذانِ والإقامةِ، وأدبارُ الصَّلَوَاتِ المكتُوباتِ، وعندَ صُعُودِ الإمامِ يومَ الجُمُعَةِ على المنبَرِ حتى تُقضَى الصلاةُ من ذلكَ اليومِ، وآخِرُ ساعةٍ بعدَ العصرِ.

 

وصادفَ خُشُوعاً في القلبِ، وانكساراً بينَ يَدَيِ الرَّبِّ، وذُلاًّ لَهُ، وتَضَرُّعًا، ورِقَّةً، واسْتَقْبَلَ الدَّاعِي القِبْلَةَ، وكانَ على طَهَارَةٍ، ورَفَعَ يَدَيْهِ إلى اللهِ، وبَدَأَ بحمدِ اللهِ والثناءِ عليهِ، ثُمَّ ثنَّى بالصلاةِ على محمدٍ عبدِهِ ورسولِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثُمَّ قَدَّمَ بينَ يَدَيْ حاجتهِ التوبةَ والاستغفارَ، ثُمَّ دَخَلَ على اللهِ، وأَلَحَّ عليهِ في المسألَةِ، وتَمَلَّقَهُ ودَعَاهُ رَغْبَةً ورَهْبَةً، وتَوَسَّلَ إليهِ بأسمائهِ وصفاتهِ وتوحيدِهِ، وقَدَّمَ بينَ يَدَيْ دُعائِهِ صدَقَةً، فإنَّ هذا الدُّعاءَ لا يكادُ يُرَدُّ أبداً، ولا سِيَّمَا إِنْ صَادَفَ الأدعِيَةَ التي أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنها مَظَنَّةُ الإجابَةِ، أوْ أنها مُتَضَمِّنَةٌ للاسمِ الأعظَمِ) انتهى.

 

أيها المسلمون: إن الدُّعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء، ليسأل أحدكم ربه حاجاته كلها، وكيف لا يكون الدعاء مخ العبادة وخالصها؟ وهو من أعظم القرب لرب العالمين، وبه يدرك العبد مصالح الدنيا والدين، وبكثرة الإلحاح فيه على الله ينقطع الرجاء من المخلوقين، ويكمل رجاؤه وطمعه في رحمة أرحم الراحمين، ألا وإن الدعاء ينبئ عن حقيقة العبودية، وقوة الافتقار، ويوجب للعبد خضوعه وخشوعه لربه وشدة الانكسار، فكم من حاجة دينية، أو دنيوية ألجأتك إلى كثرة التضرع واللجأ إلى الله والاضطرار إليه، وكم من دعوة رفع الله بها المكاره وأنواع المضار؟! وجلب بها الخيرات والبركات والمسار، وكم تعرض العبد لنفحات الكريم في ساعات الليل والنهار، فأصابته نفحة منها في ساعة إجابة، فسعد بها، وأفلح والتحق بالأبرار، وكم ضرع تائب فتاب عليه وغفر له الخطايا والأوزار! وكم دعاه مضطر فكشف عنه السوء وزال عنه الاضطرار، وكم لجأ إليه مستغيث فأغاثه بخيره المدرار! فمن وُفِّق لكثرة الدعاء فليبشر بقرب الإجابة، ومن أنزل حوائجه كلها بربه فليطمئن بحصولها من فضله وثوابه، فحقيق بك أيها العبد أن تُلحَّ بالدعاء وخاصة في هذا الشهر ليلاً ونهاراً، وأن تلجأ إليه سراً وجهاراً، وأن تعلم أنه لا غنى لك عنه طرفة عين في دينك ودنياك، فإنه ربُّكَ وإلهُكَ ونصيُركَ ومولاك.


جعلني الله وإياكم من المقبولين، وأعاذنا من علمٍ لا يَنْفَعُ، ومن صلاةٍ لا تنفعُ، ومن قلبٍ لا يَخشَعُ، ومن نفسٍ لا تَشبَعُ، وعَمَلٍ لا يُرفع، وقولٍ لا يُسمع، ومن دعوةٍ لا يُستَجَابُ لَهَا، آمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الصيام فرصة لاستجابة الدعاء
  • الصيام الصحيح فرصة لاستجابة الدعاء
  • من أسباب استجابة الدعاء
  • العيد وفرحة استجابة الدعاء
  • الدعاء
  • شروط استجابة الدعاء
  • أوقات وأماكن استجابة الدعاء

مختارات من الشبكة

  • فضل الوضوء قبل النوم: النوم على وضوء سبب من أسباب استجابة الدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب استجابة الدعاء وموانعه (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • من أسباب استجابة الدعاء(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • أسباب استجابة الدعاء (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صدقة السر سبب من أسباب حب الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب رضى الله عنك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة الرحم سبب عظيم من أسباب الرزق(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب