• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. صغير بن محمد الصغير / خطب مكتوبة
علامة باركود

نماذج من سير الصالحين (5) سودة رضي الله عنـها (خطبة)

د. صغير بن محمد الصغير

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2019 ميلادي - 15/4/1441 هجري

الزيارات: 33146

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نماذج من سير الصالحين (5)

سودة رضي الله عنـها


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾.[1]

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾.[2]

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.[3]

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها الإخوة: بعد وفاة أمِّ المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، جاءت خولة بنت حكيم - زوجة عثمان بن مظعون ورفيقة سودة في الهجرة إلى الحبشة - إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله أن يتزوج، وقالت له: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَرَاكَ قَدْ دَخَلَتْكَ خَلَّةٌ لِفَقْدِ خَدِيجَةَ»، قال: «أَجَلْ أُمُّ الْعِيَالِ، وَرَبَّةُ الْبَيْتِ»، فقالت: «أَلا أَخْطُبُ عَلَيْكَ؟»، قال: «بَلَى أَمَا إِنَّكُنَّ مَعْشَرَ النِّسَاءِ أَرْفَقُ بِذَلِكَ»، فسألها: «وَمَن؟»، قالت: «إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا»، فقال: «وَمَنِ البِكْرُ وَمَنِ الثَّيِّب؟» فذكرت له البكر عائشة بنت أبي بكر والثيب سودة بنت زمعة - وكانت سودة عند السكران بن عمرو أخو سهيل بن عمرو فتوفي عنها رضي الله عنه وعنها وكانت وإياه ممن هاجر إلى الحبشة -، فقال صلى الله عليه وسلم لخولة: «فَاذْكُرِيْهِمَا عَلَيّ». فلمَّا انتهت عدة سودة خطبتها خولة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: «أمري إليك يا رسول الله»، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مري رجلا من قومك يزوجك»، فأمَّرت حاطب بن عمرو أخا السكران، فتزوجها عليه الصلاة والسلام فكانت أول امرأة تزوجها النبي بعد خديجة. وكان زواجها في رمضان سنة عشرة من البعثة النبوية، وبنى صلى الله عليه وسلم بسودة بمكّة، وهي أول امرأة تزوجها بعد خديجة رضي الله عنهن وانفردت به صلى الله عليه وسلم نحواً من ثلاث سنين أو أكثر حتى بنى بعائشة بعد ذلك حين قدم المدينة.[4]

 

أيها الأحبة: أم المؤمنين سودة بنت زمعة بن قيس القرشية رضي الله عنها في سيرتها وحياتها الكثير من الدروس والمآثر التي سطرتها، ما أحوجَ نساء اليوم بل ورجاله إلى الاقتداء ولو بشيء منها.. إي والله في سيرة سودة رضي الله عنها درسٌ لمن يقدس متاع الدنيا ويؤثرها على العبادة، ودروس لصاحبات الغيرة المذمومة ومواعظ لمن فرطن بالحجاب ومن يسافرن بدون محرم ويخالطن الرجال! وفي سيرتها شحذٌ لهمم العبّاد الأتقياء الصادقين، ولعلنا اليوم نطلع على قطوف من هذه السيرة الفوّاحة العطرة النضرة..

 

اشتهرت رضي الله عنها برجاحة عقلها وحكمتها وإيثارها حبّ النبي صلى الله عليه وسلم وأن تبعث يومَ القيامة زوجةً من زوجاته صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك ما رواه الترمذي عَنْ عبد الله ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "خَشِيَتْ سَوْدَةُ أَنْ يُطَلِّقَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي، وَاجْعَلْ يَوْمِي لِعَائِشَةَ، فَفَعَلَ" فَنَزَلَتْ: ﴿ فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128] فَمَا اصْطَلَحَا عَلَيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ[5].

 

وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ «وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ»[6].

 

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».[7]

 

قال ابن القيم رحمه الله: "فَلَمَّا توفاها الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، تزوج بعْدهَا سَوْدَة بني زَمعَة رَضِي الله عَنْهَا.. وكَبرت عِنْده وَأَرَادَ طَلاقهَا فَوهبت يَوْمهَا لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَأَمْسكهَا وَهَذَا من خواصها أَنَّهَا آثرت بيومها حب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تقرباً إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحبًّا لَهُ وإيثاراً لمقامها مَعَه فَكَانَ يقسم لنسائه وَلَا يقسم لَهَا وَهِي راضية بذلك مُؤثرَة لرضا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَضِي الله عَنْهَا"[8].

 

روى مسلم بإسناده عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ، قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، «فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ».[9]

 

قال ابن الأثير: "كأنها تمنت أن تكون في مثل هديها وطريقتها"[10].

 

عُرفت سودة رضي الله عنها بكرمها، فعَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنَّ عُمَرَ بَعَثَ إِلَى سَوْدَةَ بِغِرَارَةِ دَرَاهِم. فَقَالَتْ: مَا هَذِهِ؟ قَالُوا: دَرَاهِم. قَالَتْ: فِي الغِرَارَةِ مِثْلَ التَّمْرِ، يَا جَارِيَةُ بَلِّغِيْنِي القُنْعَ، فَفَرَّقَتْهَا.[11]

 

ومع هجرتها رضي الله عنها وهديها وسمتها وحكمتها ورجاحة عقلها، إلا أنها كانت طيبة المعشر، وكانت تُضحك النبي أحيانًا، فرُوى أنها قالت له: صليت خلفك الليلة، فركعت بي حتى أمسكت بأنفي مخافة أن يقطر الدم، فضحك وكانت تضحكه بالشيء أحيانًا[12].

 

وَرُبَّمَا تَمَازَحَتِ الزَّوْجَتَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: "أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ طَبَخْتُهَا لَهُ - وَهِيَ نَوْعٌ مِنَ الْمَرَقِ أَوِ الْحَسَاءِ -، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ - وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا -: كُلِي، فَأَبَتْ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لَأَلْطَخَنَّ وَجْهَكِ، فَأَبَتْ، فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ فَطَلَيْتُ بِهَا وَجْهَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَوَضَعَ فَخِذَهُ لَهَا، وَقَالَ لِسَوْدَةَ: الْطِخِي وَجْهَهَا فَلَطَّخَتْ وَجْهِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا".[13]

 

وكانت سودة رضي الله عنها ممن نزل فيها آيات الحجاب فكانت من أشد النساء تمسكاً به، فخرجت ذات مرة ليلًا لقضاء حوائجها وكانت امرأة طويلة جسيمة تفرُعُ النساء جسمًا لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرفها فقال: عرَفناكِ يا سَودَةُ، حِرصًا على أن يَنزِلَ الحجابُ، فنزلت الآيات: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.[14]

 

شهدت سودة رضي الله عنها غزوة خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت معه حجة الوداع، واستأذنته أن تصلي الصبح بمنى ليلة المزدلفة فأذن لها، فعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ، تَدْفَعُ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَبِطَةً - يعني الثَّقِيلَةُ - قَالَ: فَأَذِنَ لَهَا، فَخَرَجَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ، وَحَبَسَنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا فَدَفَعْنَا بِدَفْعِهِ" وَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ، فَأَكُونَ أَدْفَعُ بِإِذْنِهِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ[15].

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله..

لم تحج سودة بعد حجها مع النبي صلى الله عليه وسلم ولزمت بيتها حتى وفاتها، فكانت تقول: «لَا أَحُجُّ بَعْدَهَا أَبَدًا»، وتقول: «حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ فَأَنَا أَقَرُّ فِي بَيْتِي كَمَا أَمَرَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ»[16]، وكانت زوجات النبي يحججن إلا سودة بنت زمعة وزينب بنت جحش رضي الله عنهن، قالتا: «لَا تُحَرِّكُنَا دَابَّةٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم»[17].

 

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: "نُبِّئْتُ أَنَّهُ قِيلَ لِسَوْدَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا لَكِ لَا تَحُجِّينَ وَلَا تَعْتَمِرِينَ كَمَا يَفْعَلُ أَخَوَاتُكِ؟ فَقَالَتْ: قَدْ حَجَجْتُ وَاعْتَمَرْتُ، وَأَمَرَنِي اللَّهُ أَنْ أَقَرَّ فِي بَيْتِي، فَوَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ بَيْتِي حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَوِاللَّهِ مَا خَرَجَتْ مِنْ بَابِ حُجْرَتِهَا حَتَّى أُخْرِجَتْ بِجِنَازَتِهَا"[18]

 

قِيلَ: تُوُفِّيَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ لِلْهِجْرَةِ، وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ قَدْ مَكَثَتْ فِي حُجْرَتِهَا وَلَمْ تَخْرُجْ مِنْهَا أَبَدًا زُهَاءَ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً[19].

 

فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْ سَودة وَعن جَمِيعِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالصَّحَابَةِ أَجْمَعِينَ، وَجَمَعَنَا بِهِمْ فِي دَارِ النَّعِيمِ.


[1] [آل عمران: 102].

[2] [النساء: 1].

[3] [الأحزاب: 70، 71].

[4] تاريخ دمشق لابن عساكر (3/ 198)، وبعضه أخرجه أحمد في "المسند"(25769)، والحاكم في "المستدرك"(4500)، والنسائي في "الكبرى"(13748).

[5] صحيح؛ أخرجه الترمذي (3040)، وصححه الألباني في "الإرواء" (2020).

[6] صحيح البخاري (5212).

[7] صحيح البخاري (2593).

[8] جلاء الأفهام (ص: 237)

[9] صحيح مسلم (1463).

[10] النهاية لابن الأثير (2/389).

[11] سير أعلام النبلاء للذهبي (3/509)، سنده ضعيف: أخرجه ابن سعد (8/56)، وإسناده منقطع بين ابن سيرين وعمر، قاله محققو طبعة دار الحديث.

[12] أخرجه ابن حجر في "الإصابة" (8/197) وقال هذا مرسل، رجاله رجال الصحيح.

[13] أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4476)، وقال محقق المسند (حسين سليم أسد) إسناده حسن، ط دار المأمون للتراث.

[14] عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "خَرَجَتْ سَوْدَةُ، بَعْدَمَا ضُرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابُ لِتَقْضِيَ حَاجَتَهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً تَفْرَعُ النِّسَاءَ جِسْمًا، لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ! وَاللهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ ، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ ، فَدَخَلَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي خَرَجْتُ، فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَأُوحِيَ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ وَإِنَّ الْعَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ". رواه مسلم (2170). وفي حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، " وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلاَثٍ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوِ اتَّخَذْنَا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: ﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾، وَآيَةُ الحِجَابِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ أَمَرْتَ نِسَاءَكَ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَإِنَّهُ يُكَلِّمُهُنَّ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ..." رواه البخاري (402).

[15] أخرجه البخاري (4795)، ومسلم (1290).

[16] ابن سعد في الطبقات الكبرى (8/55).

[17] ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (8/207).

[18] الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي ط هجر (12/ 30)

[19]مختصر من خطبة للدكتور الحقيل. الأحاديث الطوال: زواج النبي صلى الله عليه بسودة وعائشة رضي الله عنهما.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • اللهم اجعلنا من الصالحين (خطبة)
  • أنس السبر في ركاب الصالحين
  • نماذج من سير الصالحين (6) عبدالله بن عمر رضي الله عنهما

مختارات من الشبكة

  • نماذج من سير الصالحين (2) أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (9) عبدالله بن عباس رضي الله عنه وطلبه للعلم(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (8) المروءة: صفوان بن معطل رضي الله عنه أنموذجا(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (7): الإمام النسائي رحمه الله تعالى(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (4) الإمام البخاري رحمه الله تعالى(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (3) الإمام النووي رحمه الله تعالى(محاضرة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (3) الإمام النووي رحمه الله تعالى(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج من سير العلماء والصالحين (1) بقي بن مخلد رحمه الله(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • نماذج سيئة لم ينفعها القرب من الصالحين(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • نماذج من أدب الاختلاف في عصر الصحابة رضي الله عنهم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب