مراجعة استبانة رسالة ماجستير عن الغارمات (2)

مراجعة استبانة رسالة ماجستير عن الغارمات (2)

أولًا: ملاحظات عامة

1- أول ما يمكن ملاحظته في هذه الاستبانة هي أنها لا تعكس وجود مشكلة بحثية، فهناك فارق بين ما يعتقد الباحث أنه مشكلة بحثية، وهو في الحقيقة موضوع أو مشروع بحثيٌّ، يضمُّ تحته العديد من المشكلات البحثية الجزئية.

تعرَّف المشكلة البحثية بأنها "الجزئية التي يريد أن يبرهن عليها الباحث في بحثه"، وبتفصيل أدقَّ هي: "معضلة يثور بشأنها جدلٌ غير محسوم يأخذ شكلَ ادِّعاءات متنافسة بشأن تفسير واقع معيَّن، أو بشأن القيم التي يجب أن تسود في هذا الواقع، يجتهد الباحث في أن يرجِّح فيها ادعاء على الآخر بالأدلة الميدانية، ويقوم ترجيحه هذا على دليل يستند إليه ويدافع عنه"، وهذا التعريف لا ينطبق على البحث الذي وضعت على أساسه الاستبانة.

2- من المفترض على الباحث أن يضع في مقدِّمة الاستبانة صياغة دقيقة لمشكلته البحثيَّة في عبارة تقريريَّة نثريَّة في جملة أو جملتين على الأكثر، يُبيِّن فيها القضية الأساسية التي يتمحور حولها البحث، والهدف من إجرائه، ويبيِّن بوضوح أيضًا وجه القصور أو الخلل أو الفجوة مما لاحظه واستلزم قيامه بهذا البحث، هذا الأمر لا تعكسه هذه الاستبانة.

3- من الشروط الأساسية في المشكلة البحثية ألا تكون واسعة بشدة أو ضيقة بشدة، وأسئلة الاستبانة تكشف عن أن هناك خللًا يرجع إلى أن المشكلة البحثية واسعة جدًّا.

4- من أهم أوجه الخلل في هذه الاستبانة أن الأسئلة التي وضعت فيها إجابتُها معروفة، ويمكن الحصول عليها عبر الإنترنت، ولا تُقبل بالتالي كأسئلة بحثية؛ لأنه من المفترض ألا يصل الباحث إلى إجابة عن أسئلته البحثية قبل انتهاء البحث.

5- من أكبر الأخطاء التي يقع فيها الباحثون وهي تنطبق أيضًا على هذا البحث: تصوُّرهم أن السؤال البحثيَّ المحوريَّ (وهو غير موجود في هذا البحث؛ حيث إن الباحث لم يحدِّده تمامًا) والأسئلة الفرعية ذات طابع وصفيٍّ فقط، ومثيله في هذا البحث: (ما أنواع المساعدات... )، فإذا كان السؤال المحوريُّ ذا طابع وصفيٍّ، فإن الأسئلة الفرعية يجب أن تشمل أنواع الأسئلة البحثية الأخرى، مثل أسئلة العلاقات، وأسئلة الفروق، والأسئلة السببية، ولعل هذا يرجع إلى أن متغيرات البحث غير واضحة تمامًا في هذا البحث.

ثانيًا: ملاحظات تخصُّ الاستبانة:

1- خطاب التقديم يحتاج إلى إعادة نظر، ويجب أن تخصص له صفحة مستقلة ولا يكتب في صفحة العنوان كما هو الحال في هذه الاستبانة، (انظر مواصفات خطاب التقديم في المراجعات تحت عنوان: مراجعة دليل مقابلة لرسالة دكتوراه (1) على موقعنا في شبكة الألوكة.

وأرى أن خطاب التقديم يجب أن يخاطب الغارمات بلغة ودِّيَّة متفائلة، فيها دعوة لإبداء الرأي والمشاركة الفاعلة، مع مَنْحِهنَّ الثقة المُطلقة بأن آراءهن لن تستخدم إلا لأغراض البحث العلمي، ومن المهم إخبارهن بأن هناك حمايةً لخصوصياتهن ولإجاباتهن، وأنه لن يطَّلع أحد غير القائمين على الاستبانة عليها مهما كانت إجاباتهن.

فلم أجد أن هذا الأمر قد روعي في استبانة الغارمات، ولكنه روعي في استبانة المختصين، مع أن التأكيد عليه في استمارة الغارمات أولى.

2- الاستبانة لا تحتوي على المعلومات التي تبين للغارمات كيف يُجِبْن عن الأسئلة في حالة ما إذا كان بعضهن تجيب عنها بنفسها بدون مساعدة الباحث، وإذا كانت الاستبانة مغلقة فيجب أن يحدد لهن: ما الإشارة التي يجب عليهن وضعها، أو التعليق المراد إضافته؟

3- استخدام عبارة البيانات الديموجرافية بدلًا من البيانات الأولية، أفضل.

4- بعض أسئلة الاستبانة تحتاج إلى مراجعة إملائية ومطبعية، مثل: الأسئلة التي تحتوي على عبارة: (كم قضيتِ - كيف خرجتِ... هل تعرضتِ - هل قدمت لكِ المؤسسة)، وكذلك عبارة: (ما تدلون به من بيانات سيكون موضع السِّرِّيَّة).

ثالثًا: الملاحظات على المحاور والفِقرات:

1- بعض الفِقرات غير متقاربة في الطول مثل فقرات السؤال رقم 1 في المحور الأول، والسؤال رقم 9 في المحور الثاني، والقول بأن ذلك يعتمد على كثرة عناصر الفقرة وقلَّتها في أخرى يمكن علاجه باختيار أهمِّ الفِقرات ووضع الباقي تحت بند: (أخرى تذكر).

2- العبارات غير موحَّدة في الدلالة الزمنية (في الماضي أو الحاضر أو المستقبل)، مثل (أشعر - تعرض - مرض) كما جاء في السؤال رقم 11 في بند المشكلات الصحيَّة والنفسيَّة.

3- بعض العبارات غير متطابقة في البداية، كأن تبدأ بالمصدر أو الفعل المضارع أو أداة استفهام، مثل ما جاء في عبارات السؤال رقم 9 في المحور الثاني.

4- بعض الفقرات غير متسلسلة منطقيًّا.

5- بعض العبارات غير منتمية إلى المحور الخاص بها.

6- بعض المحاور مركبة بحيث يصعب بيان اندراج العبارات تحت أيٍّ منهما، مثل محور المشكلات الاجتماعية والنفسية.

7- تفتقد البيانات التعريفية في الاستبانة إلى بيانات مهمة، لها ارتباط وثيق بموضوع البحث، خاصة أن البند رقم (10) الخاص بعدد أفراد الأسرة لا يكفي، فمن المفترض أن تضم البيانات التعريفة بيانات عن وجود أطفال من عدمه، والمراحل التعليمية التي يندرجون تحتها وهل يعملون أو لا يعملون، كما يجب أن تضم البيانات التعريفية بيانات عن حالة المسكن ووضعه وما إذا كان بالإيجار من عدمه، كما تفتقر الاستمارة إلى بيانات تكشف عن وضع أطفال الأسرة وظروفهم المعيشية في فترة قضاء الغارمة للسجن.

رابعًا: ملاحظات على استبانة المختصِّين:

1- السؤال رقم 1 في المحور الأول يغني عنه السؤال نفسه في استبانة الغارمات، ولا حاجة لسؤال المختصين عنه؛ لأن الإجابة من الغارمات أوثق وأدقُّ.

2- هناك قاعدة في جمع البيانات وهي: أن الأسئلة التي يمكن جمعها من الوثائق والسجلات لا يتمُّ استيفاؤها من المبحوثين؛ لأنها أسئلة حقائق في المقام الأول، ومن هنا فإن الأسئلة الآتية لا حاجة لها في استمارة المختصين: الأسئلة 2و 3و 4و 5و 6 في المحور الثاني.

ويمكن القول بصفة عامة: إن الكثير جدًّا من الأسئلة الخاصَّة بالمختصين يمكن جمعها من سجلات ووثائق المؤسسة، وبالتالي تحتاج استبانة المختصين بكاملها إلى إعادة نظر.

خامسًا: اقتراحات للباحث:

1- أقترح على الباحث قبل تطبيق الاستبانة أن يحصُرَ كلَّ المعلومات المطلوبة، وأن يتصوَّر النتائج الفعليَّة المتوقع الحصول عليها، ويضعها في شكل جداول صمَّاء قبل بدء البحث، ومن شأن هذا الحصر أن يوصل الباحث إلى تحديد الأسئلة أو الفقرات ذات الدلالة، وإلى تحديد الارتباطات بين المتغيرات على نحو يمكنه من وضع خطة التحليل الإحصائي اللازمة.

2- إضافة ما يسمَّى "أسئلة التصفية" Filter Questions التي تستهدف التعرف – منذ البداية – على قدرة المبحوث على الإجابة عن أسئلة صحيفة الاستبانة؛ وذلك لقياس مدى معرفة المبحوث بالموضوعات التي تتطرَّق إليها الاستبانة ودرجة معرفته بها.

3- توزيع الاستبانة على عدد من مفردات العيِّنة محل الدراسة، أو توزيعها على عينة أخرى بديلة تتوافر في مفرداتها الخصائص نفسها التي تتوافر في مفردات العيِّنة الأصلية التي ستكون محلًّا للبحث فيما بعدُ.

وبناءً على ذلك؛ تُعدَّل الأسئلة التي تتكوَّن منها الاستبانة في ضوء النتائج التي يسفر عنها اختبار الاستبانة.

4- أن يهتم قبل تطبيق الاستبانة بالحصول على بعض التعليقات العامة التي يحصل عليها من الغارمات، مثل أن الاستبانة أهملت موضوع كذا، أو أنها ركَّزت على جانب محدد، ويتمُّ ذلك عن طريق إجراء حوار معهنَّ أثناء الإجابة عن الاستبانة أو أن تطلب منهنَّ تسجيل ملاحظاتهن أثناء الإجابة، وتوضيح الغموض أو عدم الدقة أو الانحياز الذي يلاحظنه، ويمكن للباحث أن يتعرف على بعض المشكلات من خلال الإجابات، فقد يجد أن كلَّ مَنْ أجابت عن الاستبانة في مرحلة الاختبار قد تركت سؤالًا محدَّدًا أو استغرقت وقتًا طويلًا للإجابة عنه.

5- التأكُّد من جمع البيانات من مصادرها الأصلية؛ لأنه في حالة جمعها من غير المصادر الأصلية ستقع في خطأ التحيُّز.

6- من المفترض عند وضع أسئلة الاستبانة أن يتجنَّب الباحث إنهاء الصفحة بجزء من السؤال، واستكمال الجزء الآخر في الصفحة التالية، وهذا الأمر ملاحظ في هذه الاستبانة.

7- من المتعارف عليه علميًّا في الخارج وضع خانة بعد التعريف وقبل أسئلة الاستبانة عن موافقة الشخص من عدمه على المشاركة في البحث؛ ذلك لأن عدم الحصول على موافقة الشخص قد يعرِّض الباحث لمساءلة أخلاقية أو قانونية. والآتي أحد هذه النماذج:

أفهم كلَّ المعلومات التي قدِّمت لي ووصلتني إجابة عن كلِّ أسئلتي، وأوافق على أن أشارك في هذه الدراسة بطواعية وبدون أي نوع من الإجبار أو الضغوط، وأفهم كذلك أنه بإمكاني التوقُّف عن المشاركة في أي وقت.

الاسم:

التوقيع:

ويمكن الحصول على موافقة المبحوث شفاهةً ودون اسمه وتوقيعه، لكن ذلك يستلزم موافقة الجهة المشرفة على البحث.