• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان / خطب منبرية
علامة باركود

معاملة من يكسب المال الحرام

الشيخ أحمد الزومان

المصدر: ألقيت بتاريخ: 19/4/1429هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/4/2010 ميلادي - 22/4/1431 هجري

الزيارات: 57528

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

معاملة من يكسب المال الحرام


إنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ، ونستعينُهُ ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه.

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كثيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضلالَةٌ.

 

في هذا الزمانِ كَثُرتْ وجوه أكلِ المالِ الحرامِ؛ مِن ربًا، ورشوةٍ، وسرقةٍ، ومُتاجَرَةٍ في المحرَّمات، وغير ذلك مِن المكاسبِ المحرَّمةِ، فَيَقَعُ البعضُ في حرجٍ في التَّعامُلِ مع مثلِ هؤلاء، ويزدادُ الحرجُ حينما يكونُ الشَّخصُ قريبًا؛ كالأبِ والأخِ، وغيرِهما مِن الأقاربِ، الذين يَحصُلُ بينهم زياراتٌ ودعواتٌ: هل أقبلُ دعوةَ مَن يأكلُ مالاً حرامًا، وأقبل هديَّتَه، أو لا؟ هل يجوزُ التعامُلُ مع البنوكِ الرِّبَوِيَّةِ بالشراء منهم؟

 

فلعلِّي فيما يأتي أحاولُ أنْ أُلقِي الضوءَ على بعضِ المسائلِ المُهمَّةِ في هذا البابِ، فأقولُ مستعينًا بالله:

أصحابُ الأموالِ المُحَرَّم كَسْبها - أفرادًا ومؤسساتٍ - نوعانِ:

النوعُ الأوَّلُ: مَن مالُهُ مختلط: حرامٌ وحلال، فله معاملاتٌ مباحةٌ، وله معاملاتٌ محرَّمةٌ، كبعضِ البنوكِ الرِّبَوِيَّةِ التي تتعاملُ معاملاتٍ رِبَوِيَّةً، ومُعاملات مُباحَةً، وبعض الشَّركات والأفراد، أو مَن له أكثرُ مِن دَخْلٍ: دَخْلٍ حلالٍ، ودخل حرامٍ - فيجوزُ الشراءُ منهم؛ كالشراءِ من البنوكِ الرِّبويَّةِ بالتقسيطِ، إذا كانت المعاملةُ استوفتْ شروطَهَا الشرعية؛ فالنَّبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يتعاملُ مع اليهود في الشِّراءِ؛ فَعَن عائشةَ - رَضِيَ اللهُ عنها -: أنَّ النَّبِيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ يَهُودِيٍّ إِلَى أَجَلٍ، وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ؛ رواه البخاريُّ (2068)، ومسلم (1603).

 

وقد كان اليهودُ يتعامَلون مُعاملاتٍ محرَّمة؛ كما أخبرَنَا ربُّنَا - تَبَاركَ وتَعَالَى- بقوله: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [النساء: 160، 161]، لكنْ يجبُ التَّثَبُّتُ في خبر مَن مالُهُ مُختلط؛ لعدمِ عَدَالَتِهِم؛ فإذا كان يجبُ ملكهم للسِّلْعَةِ قبل بيعِها، فيتأكدُ المشترِي من وجودِها، ولا يشترِي منهم، إلاَّ إذا تأكَّدَ أنَّهم يملِكُون السِّلعةَ، وكذلك حينما يشترِيها إذا أرادَ تَوْكِيلَهُم في البيع، فَيَتَثَبَّت أنَّ المعاملةَ تمَّتْ وفقَ الشرع، وليس فيها محذورٌ شرعيٌّ؛ فرَبُّنَا - عَزَّ وَجَلَّ - أَمَرَنَا أنْ نَتَثَبَّتَ من خبرِ الفاسقِ، فلا نقبلُه ابتداءً، ولا نَرُدُّه، بل نتثبَّتُ مِن صدقِهِ؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [ الحجرات: 6]، وإذا كان البنكُ لا يَتَعامَلُ بالرِّبَا ظاهرًا، فَيُقْبَلُ قول الموَظَّفِ مِن غيرِ تَثَبُّت.

 

ومما يحْسُنُ التَّنبِيهُ عليه أنَّ بعضَ البنوكِ تَذكُرُ لعُمَلائِها أنَّ هذه المعامَلة مُجَازَة مِن الهيئةِ الشرعيةِ، وهي هيئةٌ مؤلَّفةٌ مِن عددٍ يسيرٍ مِن أهلِ العلمِ، فينبغي أنْ يُنْتَبَهَ لأمرَيْن:

الأوَّلُ: أنَّ هذا هو رأي الهيئةِ الشَّرعيَّةِ التَّابعةِ للبنكِ في مسألةٍ اجتهاديَّةٍ، ولا يَلْزَمُ أنَّ رأيَ اللَّجنةِ يكونُ موافِقًا للرَّاجِحِ مِن أقوالِ أهلِ العلم، إنَّما هو اجتهادٌ يَحْتَمِلُ الصوابَ والخطأ، لكن صاحبه مأجور إذا بَذَلَ وسعَه، أَصَابَ أو أخطأ.

 

ثُمَّ الأمرُ الثَّاني الأهم: أنَّ الهيئةَ الشَّرعيَّةَ تَجعلُ ضوابطَ تُوصِي البنكَ بها، فإذا نَفَّذَها البنكُ أصبحت المعاملةُ مُباحةً على رأي الهيئةِ الشرعيةِ، ثم يأتي دورُ البنكِ بالْتزامِ الضوابطِ الموضُوعةِ، فقد لا يَلْتَزِمُها كلها، فتكونُ المعاملةُ والحالة هذه ليستْ جائزةً، حتى على رأي الهيئةِ الشرعيةِ؛ لأنَّ البنكَ لم يلتزمِ الضَّوابطَ التي حدَّدَتْها الهيئةُ الشرعيةُ لإباحةِ هذه المعاملة.

 

وكذلك يجوزُ البيعُ على مَن مالُه مختلطٌ وإجارته، إلا إذا عُلِمَ أنَّه سوف يَبِيعُ السلعةَ بيعًا مَحرَّمًا، أو يستخدمُ المكانَ المؤَجَّرَ في معصيةِ اللهِ؛ فَيَحْرُمُ البيعُ عليه وتأجيره؛ لأنَّ ذلك من إعانَتِهِ على معصيةِ اللهِ، وهي مُحَرَّمَةٌ؛ لقولِهِ تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

 

وكذلك يجوزُ قَبُولُ هديَّةِ مَن مالُه مختلطٌ: حلالٌ وحرام، وكذلك أَكْلُ طعامِهِ؛ فقد كان النَّبِيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقبلُ هَدَايَا أهلِ الكتابِ، ويأكلُ طعامَهُم، وهم لا يَتَحَرَّزُون عن أكلِ المالِ المحرَّمِ عليهم؛ ففي حديثِ أبي حميد الساعدي - رضي اللهُ عنه - قال: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - غزوةَ تبوكٍ، وأَهَدَى مَلِكُ أَيْلَةَ للنَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بَغْلَةً بَيْضَاءَ، وَكَسَاهُ بُرْدًا؛ رواه البخاريُّ (1482)، ومسلم (1392)، وكان نَصرانِيًّا.

 

وعن أنس بن مالك - رضي اللهُ عنه - أنَّ يهوديَّةً أَتَتِ النَّبِيَّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - بِشَاةٍ مسمُومةٍ، فَأَكَلَ منها؛ رواه البخاريُّ (2617)، ومسلم (2190).

 

لكنْ إذا كان في عدمِ الأكلِ مصلحةٌ، فَتَرْكُ الأكلِ أَوْلَى، وقد يكونُ عدمُ الأكلِ واجبًا؛ إذا كان يمنعُ آكلَ الحرامِ مِن الاستمرارِ في معصيَتِهِ، ويكون سببًا في توبتِهِ، كما لو امْتَنَعَ الأَبُ مِن الأكلِ مِن طعامِ ابْنِهِ، ولم يَقبَلْ هديَّتَه، فرُبَّمَا كان ذلك سببًا في توبَتِه.

 

لكنْ إذا عَلِمْنَا أنَّ عينَ المالِ التي بِيَدِ مَن مالُه مُختَلطٌ، إذا عَلِمْنَا أنَّه مالٌ محرَّمٌ بعينِهِ؛ كأنْ يكون مسروقًا، أو رِبْحَ رِبًا، أو غير ذلك من المكاسِبِ المحرَّمَة، فَيَحْرُمُ التَّعامُلُ معه به بيعًا، أو شراءً، أو هديةً؛ لأنَّه ليس مالاً له، فحين وَقَعَ في يدِهِ بطريقٍ غيرِ شرعيٍّ، لم يَجُزْ تصرُّفُهُ فيه، فَمِنْ شروطِ صحةِ التَّصَرُّفِ في المالِ: أنْ يكونَ مِن مالكٍ، أو مَن يقومُ مقامه كالوكيل، بل لو كان عينُ المالِ مُحَرَّمًا مِن شخصٍ مالُهُ حلالٌ، حَرُمَ التَّعامُلُ معه به؛ فعن رجلٍ مِن الأنصارِ قال: خرجْنَا مع رسولِ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في جنازةٍ، فرأيْتُ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - وهو على القبرِ يُوصِي الحافر: ((أوسع من قِبَل رجليه، أوسع من قبل رأسه))، فلما رجع استقبله داعي امرأة، فجاء وجيء بالطَّعام، فوضع يده، ثم وضع القوم فأكلوا، فنظر آباؤنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يَلُوكُ لقمة في فمه، ثم قال: ((أَجِدُ لحْم شَاةٍ أُخِذَتْ بغير إذن أهلها))، فأرسلت المرأة، قَالَتْ: يا رسول الله، إِنِّي أَرْسَلَتُ إلى البقيع يشترى لي شاة، فَلَم أَجِدْ، فَأَرْسَلْتُ إِلَى جَارٍ لِي قَدِ اشْتَرَى شَاةً: أَنْ أرسلْ إِلَيَّ بها بثمنها، فلم يوجدْ، فَأَرْسَلْتُ إلى امرأته، فَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ بها، فقاَل رسول الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((أَطْعِمِيهِ الأُسَارَى))؛ رواه أبو داود (3332) بإسنادٍ حسنٍ.

 

فامْتِنَاعُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - والصَّحابةِ - رضي اللهُ عنهم - مِن الأكلِ؛ لأنَّ الشَّاةَ أُخِذَت مِن غيرِ رِضا صاحِبِها، وإنْ كان سيُعْطِي قيمَتَها.

 

ومع الشَّكِّ، هل عينُ المالِ حرامٌ، أو كسبُ الرجلِ حرامٌ؟

يتمسك بالأصل وهو الحِلُّ والجوازُ.

 

الخطبة الثَّانية

الحمدُ للهِ الذي أَبَاحَ لنا الطَّيِّبات، وحَرَّمَ علينا الخبائث، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبِيِّنَا محمَّدٍ، وعَلَى آلِه وأصحابِهِ أجمعين.

 

وبعدُ:

فالنَّوعُ الثاني: مَن مالُه كلُّه حرامٌ؛ كتاجِرِ المخدِّرات، ومَن يَعْمَلُ بالرِّبا، وليس له دَخْلٌ آخر، فما بيده ليس مالاً له شرعًا؛ فيَحْرُمُ التعاملُ معه بالبيعِ والشراء والإجارة، ويَحْرُمُ قَبُولُ هَدِيَّتِه؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِن أنَّ مِن شروطِ صحَّةِ التصرُّفِ في المالِ: أنْ يكونَ مِن مالِكٍ، أو مَن يَقُومُ مقامه، وهو هنا مُنْتَفٍ.

 

بعضُ مَن كَسَبَ مالاً حرامًا يَمُنُّ اللهُ عليه بالتوبة قَبْلَ الوفاةِ، فَمِن تمامِ التوبةِ: التَّخلُّصُ مِن المالِ الحرامِ.

 

وهذه الأموالُ لا تخلو من حالَيْن: أنْ يكونَ أَخْذُهَا ظلمًا وعُدوَانًا من غير رضا صاحِبِها، كالمالِ المغصوبِ، والمسروقِ أو مَن أَكْرَهَ غيره على أن يَدفَعَ له رِشوة، فَيَجِبُ عليه أنْ يُعِيدَ هذه الأموالَ إلى أصحابِهَا، أوْ وَرَثَتِهِم، أوْ يَسْتَحِلهم؛ لِتَبْرَأَ ذمَّتُهُ، وإن لَم يستطِعْ ما تقدَّمَ، تَصَدَّقَ بالمال عنهم؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال: ((مَن كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلله منها؛ فإنه ليس ثَمَّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه مِنْ حسناته، فإنْ لَم يَكُن له حسنات أُخِذ من سيئات أخيه فَطُرِحَتْ عليه))؛ رواه البخاري (6534).

 

الحال الثانية: إذا كان أخْذُهُ عوضًا عن مُحَرَّمٍ برِضَا صاحِبِها؛ كثمَنِ خمرٍ، أو زنًا، أو رِشوة، أو هَدِيَّةٍ، أَخَذَهَا المُوَظَّفُ بسببِ وظيفتِهِ، فلا تُرَدُّ عَلَى صاحِبِها، بل تُصْرَفُ في وجوهِ البِرِّ؛ ففي حديثِ أبي حميد الساعدي - وهو في الصَّحِيحَيْن، في قصة ابن اللُّتْبِيَّة - لم يأمرْهُ النَّبِيُّ بِرَدِّ الهدايا المحرَّمَة إلى أصحابِها، مع أنَّه بيَّنَ أنَّه يَحْرُمُ أخْذُها.

 

قال ابنُ القيِّم في "زاد المعاد" [5/778]:

"مَن قَبَضَ ما ليس له قَبْضُهُ شرعًا، ثُمَّ أرادَ التخلصَ منه، فإنْ كان المقبوضُ قد أُخِذَ بغيرِ رضا صاحِبِه، ولا اسْتَوفَى عِوَضَهُ؛ رَدَّهُ عليه، فإنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ عليه، قَضَى به دينًا يَعلَمُهُ عليه، فإنْ تَعَذَّرَ ذلك رَدَّه إلى وَرَثَتِهِ، فإنْ تعذَّر ذلك تَصَدَّق به عنه، فإنِ اخْتارَ صاحبُ الحقِّ ثوابَه يومَ القيامَةِ كان له، وإنْ أَبَى إلا أنْ يأخذَ مِن حسناتِ القابضِ اسْتَوفَى منه نظير مالِهِ، وكان ثوابُ الصَّدَقةِ للمُتَصدِّق بها؛ كما ثَبَتَ عن الصحابةِ - رضِيَ اللهُ عنهم - وإنْ كان المقبوضُ برضا الدَّافِعِ، وقد استوفَى عِوَضَه المحرَّم؛ كَمَنْ عَاوَضَ عَلَى خمرٍ أو خنزيرٍ، أو عَلَى زنًا أو فاحشةٍ، فهذا لا يجبُ ردُّ العِوَضِ عَلَى الدافعِ؛ لأنَّه أخْرَجَه باختيارِهِ، واستوفَى عِوَضَه المحرَّمَ، فلا يجوزُ أنْ يُجْمَعَ له بين العِوضِ والمُعَوَّضِ، فإنَّ في ذلك إعانةً له عَلَى الإثمِ والعُدْوانِ، وتيسير أصحابِ المعاصِي عليه، وماذا يُرِيدُ الزَّانِي وفاعلُ الفاحشةِ إذا عَلِمَ أنَّه ينال غرضه، ويسترد ماله؟ فهذا مما تُصانُ الشريعةُ عن الإتيانِ به، ولا يُسَوَّغُ القولُ به ..."، لكن لا يَطِيبُ للقابضِ أكلُهُ، بل هو خبيثٌ؛ كما حَكَمَ عليه رسولُ الله - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ولكن خبثه لخُبْثِ مكسبِهِ، لا لظلمِ مَن أخذ منه، فطريقُ التَّخَلُّصِ منه، وتمام التوبة بالصدقة به، فإنْ كان محتاجًا إليه فله أنْ يأخُذَ قدرَ حاجَتِه، ويَتَصَدَّقَ بالباقي، فهذا حكمُ كلِّ كسبٍ خبيثٍ لِخُبْث عوضه عينًا كان أو منفعة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المال الحرام
  • التحذير من أكل الحرام
  • المال الحرام
  • قصة اختراع المال
  • مهلكات الكسب الحرام في الأسرة وخارجها

مختارات من الشبكة

  • بركة المال الحلال، وتلف المال الحرام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21/5/1433 هـ - التحذير من أكل المال الحرام(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • المال الحلال والمال الحرام(محاضرة - موقع الشيخ صفوت الشوادفي)
  • هل السعادة في المال أم المال طريق إلى السعادة؟(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • مخطوطة الفوز في المآل بالوصية بما جمع من المال(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • التحذير من المال الحرام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنفاق المال طلبا لمرضاة الله تعالى(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • خلاصة أحكام الأكل عند أصحاب المال الحرام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التصرف في المال الحرام (عرض تقديمي)(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • خطورة المال الحرام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب