• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان / خطب منبرية
علامة باركود

محبة الكافر والأخوة الإسلامية

الشيخ أحمد الزومان

المصدر: ألقيت بتاريخ: 8/2/1429هـ
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/4/2010 ميلادي - 25/4/1431 هجري

الزيارات: 27890

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محبة الكافر والأخوة الإسلامية

 

إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله مِن شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلِ اللهُ فلا هَادِيَ له، وأَشُهَدُ أن لا إله إلا الله، وحده لا شريكَ له، وأَشْهَدُ أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 -71].

 

أما بعدُ:

فالحُبُّ في اللهِ، والبُغْضُ في اللهِ أوثقُ عُرَى الإيمان؛ فَتَجِبُ محبَّةُ المسلمين وَمُوَالاتهم على قدرِ ولائِهِم لله، ويَجِبُ بُغْضُ الكافرين على اختلاف مِلَلِهِم: كِتَابِيِّهِم ووَثَنِيِّهِم، مُحَارِبِهم ومُسَالِمِهِم، قَرِيبِهِم وبَعِيدِهِم؛ قال ربُّنَا - تَبَارَكَ وتعالى -: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [الممتحنة: 4]، أفادت الآيةُ أنَّ بُغْضَ الكافِرِ مُؤبَّدٌ؛ بسببِ الكفرِ ما لم يُسْلِمْ ولم يُؤَقَّتْ بأمرٍ آخر، كَتَرْكِ محاربةِ المسلمين، وقد أُمِرْنَا باتِّبَاعِ مِلَّةِ إبراهيمَ؛ ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 123].

 

والقولُ بوجوبِ بُغْضِ الكافِرِ هو قولُ أهلِ العلمِ مِن السَّلَفِ والخَلَفِ، حتى ظَهَرَ أربابُ المدرسةِ العقليةِ في عصرِنا كمحمَّد عبده، ومَن تأثَّرُوا به مِمَّن أَتَى بعدَه، وتتلْمَذَ على كتبِهِ، وعَلَى ما كَتَبَه شيخُهُ الأفغانيُّ؛ فأتوا بقولٍ وهو التفريقُ بين المحاربِ وغيرِ المحاربِ، وأنَّ الذي يجبُ بُغْضُهُ هو الكافرُ المحاربُ، فهل كانت الأُمَّةُ عبرَ القرونِ الماضيةِ - ومنها القرونُ المُفَضَّلَةُ - تَجْهَلُ بابًا مِن أبوابِ العقيدةِ، بل تَجْهَلُ أوثقَ عُرَى الإيمانِ، وهو الحُبُّ في اللهِ، والبُغْضُ في اللهِ، ومنه بُغْضُ الكفارِ، حتى أَتَى عقلانِيُّو عصرِنا، وبَيَّنوا للأمَّةِ مُرادَ اللهِ في بُغْضِ الكافرين، وأنَّ المقصودَ بذلك بُغْضُ الكافرِ المحاربِ دون غيره؟! فيُقالُ لهم ما قالَه ابنُ القيِّم لعقلانِيِّ زمانِه:

أَيَكُونُ حَقًّا ذَا الدَّلِيلُ وَمَا اهْتَدَى
خَيْرُ الْقُرُونِ لَهُ مُحَالٌ ذَانِ
وُفِّقْتُمُ لِلْحَقِّ إِذْ حُرِمُوهُ فِي
أَصْلِ الْيَقِينِ وَمِقْعَدِ الْعِرْفَانِ
وَهَدَيْتُمُونَا لِلَّذِي لَمْ يَهْتَدُوا
أَبَدًا بِهِ وَا شِدَّةَ الْحِرْمَانِ
وَدَخَلْتُمُ لِلْحَقِّ مِنْ بَابٍ وَمَا
دَخَلُوهُ وَا عَجَبًا لِذَا الْخُذْلاَنِ
وَسَلَكْتُمُ طُرُقَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ دُو
نَ الْقَوْمِ وَا عَجَبًا لِذَا الْبُهْتَانِ

 

وهؤلاء يتركون الآياتِ المحكماتِ، والأحاديثَ الصِّحاحَ التي فيها البراءةُ مِن الكفَّار وبُغْضهم - إلى شُبَهٍ، أهمُّها: أنَّ اللهَ أباح الزَّواجَ بالكتابِيَّةِ، ولا بُدَّ أنْ يكونَ بين الزوجِ وزوجتِهِ محبةٌ وأُلْفَةٌ؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

وجوابُ هذه الشُّبْهَةِ: أنَّ هذه محبَّةٌ طبعيَّةٌ، لا يُؤاخذُ عليها المسلمُ، فالشخصُ مفطورٌ على محبَّةِ أقارِبِه؛ كالوالدين، والإخوةِ، ومثلُهُم الزوجةُ، فهذا مما لا يَمْلِكه الإنسانُ؛ فيُعْفَى عنه؛ فلِذَا مَن له أكثرُ من زوجةٍ لا يُؤاخذُ بميلِهِ القلبِيِّ لإحداهُنَّ؛ لأنَّه لا يَمْلِك ذلك.

 

وميلُ قلبِ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لعائشةَ - رضِيَ اللهُ عنها - أمرٌ مشهورٌ، وحاشاهُ أنْ يعصي ربَّه، وإنْ كان يجبُ بُغْضُ الزَّوجةِ الكافرةِ من جهةِ كفرِها، فالزوجةُ الكتابيَّةُ تُحَبُّ مِن وجهٍ، وتُبْغَضُ مِن جهة كفرِها، ولا مانِعَ مِن اجتماعِ محبةٍ وبُغْضٍ في وقتٍ واحدٍ في الأمورِ الشَّرعيَّةِ وغيرِها؛ فمثلاً الاستيقاظُ لصلاةِ الفجرِ مع شدَّةِ البردِ أو التَّعبِ، ليس محبوبًا لأغلبِ النُّفوسِ؛ بمقتضَى طبيعةِ النَّفسِ التي تَمِيلُ إلى الرَّاحةِ وعدمِ مخالفةِ الهوَى، ولكنه محبوبٌ مِن جهةِ الشَّرعِ، فتُقْبِلُ النَّفسُ عليه، وتُحِبُّه لأمرِ اللهِ به، وللثَّوابِ الموعودِ عليه، وكذلك استِئْصالُ عضوٍ مِن أعضاءِ الإنسانِ بسببِ المرضِ، تَكْرَهُه النُّفوسُ بمقتضَى الطبيعةِ، لكنَّها تُقبِلُ إليه، وتُحِبُّه؛ لأنَّ باستئصالِه حِفْظ النفس.

 

ومِن شُبَهِهِم: محبةُ النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - لعَمِّه أبي طالبٍ، وكان كافرًا كما ذَكَرَ اللهُ تعالى: ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [القصص: 56]، ولأهلِ العلمِ عدةُ توجيهاتٍ للآيةِ، منها: أنها محبةٌ طبعيَّةٌ وتقدَّم أنها جائزةٌ، ومنها: أنها عَلَى تقديرِ محذوفٍ، فتقدِيرُ الآيةِ: ﴿ إنك لا تهدي مَن أحْبَبْتَ هِدايَتَه ﴾، ومِن توجِيهِهِم لها: أنها على الأصلِ قبلَ وُرُودِ الأمرِ بِبُغضِ الكفَّار، وعلى كلِّ حالٍ فلا يَصِحُّ أن يُتْرَكَ المحكَمُ مِن كتابِ ربِّنا وسنةِ نبيِّنا - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - ويُلجَأُ للمُتشابَه تحت ضغطِ واقعٍ، أو انبهارٍ بالغربِ، أو غيرِ ذلك.

 

وليس معنى بغضِ الكفَّارِ حُرْمةَ الإحسانِ إليهم، وحرمةَ التعاونِ معهم فيما فيه مصلحةٌ للطرفين، أو حرمةَ الانتفاعِ بما عندَهُم من تقنيةٍ وتَطَوُّرٍ علميٍّ.

 

فالإحسانُ إلى الكافرِ غيرِ المحاربِ مِن أهلِ الكتابِ أو غيرِهم؛ قريبِهِم وبعيدِهِم، لم يُنْهَ عنه شرعًا؛ كما قال تعالى: ﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الممتحنة: 8 - 9]، والآيةُ عامَّةٌ في كلِّ الكفارِ، فـ(العبرةُ بعمومِ اللَّفظِ لا بخصوصِ السببِ)، وهذا الذي كان يفعَلُهُ النَّبِيُّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - في تعامُلِه مع الكفَّارِ، وكذلك الصحابةُ - رضِيَ اللهُ عنهم - فَعَن مجاهدٍ عن عبدِاللهِ بن عمرو: أنَّه ذُبِحَتْ له شاةٌ، فجَعَلَ يَقولُ لِغُلامِه: أَهْدَيْتَ لِجَارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أَهْدَيْتَ لجَارِنا اليَهُودِيِّ؟ سمعتُ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقول: ((مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّه سَيُوَرِّثُهُ))؛ رواه البخاريُّ في "الأدب المفرد" (105) بإسنادٍ صحيح.

 

ولا يَلزَمُ من الإحسانِ إلى الكافرِ محبتُهُ؛ فقد يُحسِنُ الشخصُ على ما لا يُتَصَوَّرُ محبَّتُه له؛ كقصَّةِ الإحسانِ إلى الكلبِ بسقيه الماء.

 

وبُغْضُ الكافرِ غيرِ المحاربِ لا يَستلزِمُ الاعتداءَ عليه، وسلبَه حقوقَهُ التي أوجَبَها اللهُ له، وإنْ كان كافرًا، سواءٌ كان في بلادِ المسلمين أو في بلدِهِ، فقد وَرَدَ التغليظُ في الاعتداءِ عليهم؛ فعن عبدِاللهِ بن عمرو عن النَّبِيِّ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - قال: ((مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ))؛ رواه البخاريُّ (6914).

 

معاشرَ الإخوةِ:

يجبُ الانتباهُ وعدمُ الخلطِ بين أمرين، وهما: سماحةُ الإسلامِ في تعامُلِهِ مع الكفَّارِ على شتى مِلَلِهِم، وعدمُ هضمِهِم حقوقَهُم، وحُرْمةُ الاعتداءِ عليهم، وبين مُوَالاتِهِم ومحبَّتِهِم، فالأوَّلُ: أمرٌ واجبٌ، والثاني: مُحَرَّمٌ.

 

الخطبة الثَّانية

الحمدُ لله الذي أوْجَبَ أُخُوَّةَ الدِّين، وجعَلَها أقوَى مِن أُخُوَّةِ النسب، والصلاةُ والسلامُ على مَن حقَّقَهَا تَمَامَ التحقيقِ، وعَلَى أصحابِه الذين قدَّمُوا إخوتَهُم في الدِّينِ عَلَى إخوتِهِم في النسب.

 

وبعدُ:

فالأُخُوَّةُ بين الناسِ الذين لا يَجتَمِعون بنسبٍ هي الأُخُوَّةُ الدِّينيةُ؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10]، فَحَصَرَ الأُخُوَّةَ في الدِّينِ بين المؤمنين، وكما قال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: ((المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ))؛ رواه البخاريُّ (2442)، ومسلمٌ (2580) من حديثِ ابنِ عُمَرَ.

 

وما عَدَاهم ليس بينهم أُخُوَّةُ دينٍ، فليس بين المسلمِ وبين الكافرِ أُخُوَّةٌ في الإنسانية، بل لا تتم الأخوة بين المسلم وبين الكافر إلا إذا تَرَكَ كفرَه، والتزمَ بالصلاةِ؛ كما هو مفهومُ قولِهِ تعالى: ﴿ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 11].

 

نعم، قد يكونُ بين المسلمِ وبين الكافرِ أخوةُ نَسَبٍ، وإنْ كان الدِّينُ مختلفًا؛ كما نقولُ: العباسُ بن عبدالمطلب أخو أبي طالبٍ، وأبو جهلٍ أخو قريشٍ؛ لأنه منهم، ومن ذلك ما ذَكَرَه ربُّنا عن أُخُوَّةِ الأنبياءِ لقومِهِم، فهي أُخُوةُ قرابةٍ؛ كما في قولِه تعالى: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ﴾ [الأعراف: 65]، وقولِه تعالى: ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا ﴾ [الأعراف: 73]، ومما يُبَيِّنُ ذلك أن شعيبًا بُعِثَ إلى قومِه وإلى أصحابِ الأيْكَةِ، وهم ليسوا من قومِه، فلمَّا ذَكَرَ اللهُ إرسالَه لقومِه وَصَفَه بالأُخُوَّةِ لهم: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ [الأعراف: 85]، ولما ذَكَرَ تكذيبَ أصحابِ الأيْكَةِ لم يَصِفْه بالأُخوَّةِ لهم؛ لأنهم ليسوا مِن قومِه: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ ﴾ [الشعراء: 176 - 177]، قال القرطبِيُّ في تفسيرِه (13/91): "أُرسِلَ شعيبٌ - عليه السلام - إلى أمَّتَيْن: إلى قومِه مِن أهلِ مدين، وإلى أصحابِ الأيْكَة؛ ... ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ ﴾، ولم يقلْ: (أخوهم شعيب)؛ لأنه لم يكن أخًا لأصحابِ الأيْكَةِ في النسب، فلما ذَكَرَ مَدينَ قال: ﴿ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾؛ لأنه كان منهم". اهـ.

 

وقال الشيخ محمد بنُ عُثَيْمِين في "لقاءاتِ البابِ المفتوحِ" رقم (185):

"أصحابُ الأيْكَةِ ليسوا مِن قومِ شعيبٍ؛ ولهذا قال في قومِهِ: ﴿ أَخَاهُمْ ﴾، وقال في هؤلاء: ﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ﴾ لكنهم قومٌ كَلَّفَ اللهُ شعيبًا أنْ يَذهَبَ إليهم، فذهَبَ إليهم بأمرِ اللهِ، ومِن ثَمَّ نعرفُ ضلالَ مَن قال: إنَّ قولَه: ﴿ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ﴾ أنَّ هؤلاءِ إخوةٌ له في الإنسانية، وأنَّ الأخوَّةَ الإنسانيةَ الشاملة لكلِّ إنسانٍ، فالكافرُ على تقديرِ قولِ هؤلاءِ يكونُ أخًا لنا، وهذا لا شَك أنَّه خَطَأٌ عظيمٌ، بل هي أخوةُ النسبِ؛ لأنهم قومُهُ، فهم إخوانُه، ولا يمكنُ أنْ نقولَ: إنَّ بَنِي آدمَ إخوةٌ في الإنسانية أبدًا؛ لأنه لا وَلايَةَ ولا أُخُوَّةَ بين المؤمنِ والكافر". اهـ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الموالاة والمعاداة
  • نظرات نقدية حول بعض ما كتب في تحقيق مناط الكفر في باب الولاء والبراء
  • تحية وهدية الكافرين
  • الولاء والبراء
  • الموالاة: معناها ومظاهرها
  • الولاء والبراء في الإسلام
  • الولاء والبراء (1)
  • ملخص: تذكرة النبلاء بتحقيق مناط الكفر في باب الولاء والبراء
  • الإيمان في التآخي
  • الأخوة رباط الأرواح وبساط الأفراح
  • المحافظة على الأخوة
  • أين أخوة الأنصار يا أمة المليار؟
  • الأخوة الإسلامية
  • حاجتنا إلى الأخوة (خطبة)
  • الأخوة الإسلامية (2) (خطبة)
  • كيف يتعايش المسلم مع المبتدع والكافر غير المحارب؟
  • الأخوة الإسلامية
  • تعريف الأخوة في الإسلام
  • الأخوة الخاصة
  • أخوة المؤمنين
  • القيام بحقوق الأخوة
  • حديث أخوة الإسلام وحقوق المسلم
  • آداب الأخوة (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • حديث: لا يرث المسلم الكافر ولا يرث الكافر المسلم(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • {وألقيت عليك محبة مني}: كيف ألقيت على موسى المحبة وقد لقي من العداوة ما لقي؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • محبة الله عز وجل ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • في محبة الله ومحبة نبيه - صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا اتباع النبي ومحبته وآل بيته (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أقسام المحبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( الذلة على المؤمنين والعزة على الكافرين )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحوال لعن الكافر والدعاء عليه(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • لماذا يحفظ الله الكافر ولا يحفظني؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف تخرج روح الكافر أو الفاجر؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب