• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   صوتيات   عروض تقديمية   مواد مترجمة   بلغات أخرى   في الإعجاز   مرئيات   الإعجاز العلمي للفتيان  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الرياح والتراب
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الرياح في المرسلات والنازعات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    القسم القرآني بالذاريات
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الإعجاز في فرش الأرض
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    قاع البحر في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار البحار في القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    حماية الماء من التلوث
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    أسرار الماء الجوفي في آيات القرآن
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    وفي الأرض آيات للموقنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الفاحشة وطاعون الإيدز
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    الخمر أم الخبائث: داء وليست دواء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    مراحل خلق الجنين
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من أسرار السنة النبوية: شريط الخلق
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    دواب في السماء
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    العلم وأصل الحياة
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
  •  
    من نبوءات القرآن الكريم
    د. حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري / مقالات
علامة باركود

المسائل العقدية المتعلقة بسورة التكوير (خطبة)

المسائل العقدية المتعلقة بسورة التكوير (خطبة)
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/3/2020 ميلادي - 7/7/1441 هجري

الزيارات: 18239

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسائلُ العَقَديَّة المتعلِّقة بسورة التكوير

 

الحمدُ للهِ الذي قهَرَ بالموتِ العباد، وأذلَّ به رِقابَ أهلِ التجبُّرِ والعِناد، وجَعَلَه تذكرةً لأهلِ المعرفةِ والسدادِ، فسبحانه مِن إلهٍ تفرَّدَ بالعَظَمَةِ والبقاءِ والإيجادِ، وقَضَى على عبادهِ بالسعادةِ والشقاءِ، فكَمْ من مُتكبِّرٍ أباد، وجَعَلَ الدُّورَ ثلاثةً طيِّبةً لأهلِ الطاعةِ والازدياد، وخبيثةً لأهل الكُفرِ والإلحاد، ومَشوبةً بهما امتحاناً لتظهر الحكمةُ من الكريمِ الجواد، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له؛ شهادةً ندخرها عند مَن لا تضيعُ لديه الودائعُ يومَ تذوبُ الأكباد، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه الهادِ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آله وأصحابهِ الأئمةِ الأمجادِ، وسلَّم تسليماً.


أما بعدُ: فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2].


أيها المسلمون: لا ريبَ أن ما ذكَرَهُ اللهُ من غيبيِّاتٍ واقعٌ لا مَحالة، والعبدُ مُطالبٌ بالتزوِّدِ قبلَ الرَّحيل، وإنَّ تَذاكُرَ هذه المشاهدِ الغيبيَّة فيها تنبيهٌ للغافلين، وزجرٌ للمُصرِّين على الذنوب، وزادٌ للسالكين، فَمَا أحوجَنا لدراستها وتذاكُرِها، لتلينَ قُلُوبُنا، وتقوى عزائِمُنا على طاعةِ ربِّنا.


ألا وإنَّ من أعظَمِ سُوَرِ القُرآنِ الكريم التي ذُكرَ فيها بعضُ مشاهد يوم القيامة (سورة التكوير المكيَّة)، حيث بدأت في مَطلعها بالحديثِ عن اثني عَشَرَ مَشْهَداً من مشاهد القيامة وأشراط الساعة، قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (مَنْ سَرَّهُ أنْ يَنظُرَ إلى يومِ القيامةِ كأَنهُ رَأْيُ عَيْنٍ، فلْيَقْرَأْ: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ﴾ ، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ ﴾، و﴿ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ ﴾) رواه الترمذيُ وحسَّنه الألباني، و(عن ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ أبو بكْرٍ: يا رسولَ اللهِ قدْ شِبْتَ، قالَ: «شَيَّبَتْني هُودٌ، والواقِعَةُ، والْمُرْسَلاتُ، وعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وإذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ») رواه الترمذيُّ وصحَّحه الألباني.


أيها المسلمون: إن أولَ المشاهدِ الْمُروِّعة التي تسبقُ يوم القيامة، كما أوردته هذه السورة، إنه مشهدُ تكويرِ الشمس، ومحو ضوئها، وطيِّ أشعتها كطي الثوب، فتتركُ الخلائق في ظلام لا ينتهي، وهلَعٍ لا يُطاق، يموجُ بعضهم في بعض، حَدَثٌ مُفاجئٌ، ذهَبَ بنعمةٍ هيَ من أجلِّ النِّعَم، إيذاناً بخراب الدنيا، وقيام الساعة، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (الشَّمْسُ والقَمَرُ مُكَوَّرانِ يومَ القيامةِ) رواه البخاريُّ، فالشَّمْس والقَمَرُ إنما يُكَوَّرانِ في النَّارِ لِيُعَذِّبا أهلَ النَّارِ، وخاصةً ممن كان يعبُدُهما في الدنيا، ولا تضُرُّهما النارُ كما لا تضرُّ الملائكةَ الموكَّلُين بتعذيبِ أهل النار، (نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ)، وأصلُ التكوير في اللغة: لفُّ الشيء على جهة الاستدارة، قال ابنُ الجوزي: (قال المفسرون: تُجمع الشمس بعضُها إلى بعض، ثم تُلَفُّ ويرمى بها في البحر. وقيل: في النار. وقيل: تعاد إلى ما خلقت منه) انتهى.


وقد افتُتحت السورةُ الكريمة بـ(إذَا) والابتداءُ بها يبعث على الفزع والتهويل، وقد ذكرت السورةُ الكريمة اثني عشر مشهداً من مشاهد يوم القيامة، ستة منها تحدث قبل قيام الساعة مؤذنة بخراب العالَم وفنائه، وستة منها تحدث بعد قيام الساعة مؤذنة بانقسام الناس إلى فريقين، قال أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله عنه: (سِتُّ آياتٍ قبلَ يومِ القيامةِ: بَيْنَا الناسُ في أسواقِهِمْ، إذْ ذهَبَ ضَوْءُ الشَّمْسِ، فبَيْنَما هُمْ كذلكَ، إذْ تَنَاثرَتِ النُّجُومُ، فبَيْنَما هُم كذلكَ، إذْ وقَعَتِ الجبالُ على وَجْهِ الأرضِ، فتَحَرَّكَتْ واضْطَرَبَتْ واحْتَرَقَتْ، وفَزِعَتِ الجِنُّ إلى الإنسِ، والإنسُ إلى الجِنِّ، واخْتَلَطَتِ الدَّوابُّ والطَّيْرُ والوَحْشُ، وماجُوا بعْضُهُم في بَعْضِ) رواه ابنُ جرير.


أيها المسلمون: وأما المشهدُ الثاني: ﴿ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ ﴾، قال ابنُ جرير: (وإذا النُّجُومُ تَنَاثرَتْ مِنَ السَّمَاءِ فتَسَاقَطَت) انتهى.


ثم أتبعَ سبحانه ذلكَ بذكرِ أعلامِ الأرض، فقال مُكرِّراً للظرف لمزيد الاعتناء بالتهويل والتخويف، فقال: ﴿ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ﴾، أي أن هذه الجبال التي جعلها الله شامخة رواسيَ للأرض لئلاَّ تميد بأهل الأرض، تُصابُ بالفزع فتتزلزل وتتهاوى وتنهال كالرَّمل السائل، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ﴾، قال ابنُ كثير: (أيْ: تَصيرُ كَكُثْبانِ الرَّمْلِ بعدَما كانت حِجارَةً صَمَّاءَ، ثمَّ إنها تُنْسَفُ نَسْفاً فلا يَبْقَى منها شيْءٌ إلاَّ ذَهَبَ، حتى تَصيرَ الأرضُ قاعاً صَفْصَفاً، لا تَرَى فيها عِوَجاً، أيْ: وَادِياً، ولا أَمْتاً، أيْ: رابيَةً، ومعناهُ: لا شيءَ يَنخفِضُ ولا شيءَ يَرتفِعُ) انتهى، وقال تعالى: ﴿ وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ ﴾، قال الألوسيُّ: (رُفعتا من أحيازهما بمجرد القدرةِ الإلهية) ﴿ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الحاقة: 14] (فضُربت الجملتان إثر رفعهما بعضهما ببعض ضربة واحدة حتى تفتَّت وترجع كما قال سبحانه: (كَثِيبًا مَهِيلًا)) انتهى.

 

عباد الله: ولَما ذكر سبحانه في الآيات السابقة ما يحدث لأعلام الجمادات العلوية والسفلية من مشاهد مروعة وأحداث مزلزلة، أتبعه بذكر ما يحدث لأعلام الحيوان النافع من تعطيل وإهمال، فقال: ﴿ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ﴾، فلشدة الفزع والهول الشديد فينشغل الناس عن أعزِّ ما لديهم من كرائم أموالهم التي كانوا يتعلَّقون بها في الدنيا.

 

ولما ذكر سبحانه في الآيات الأربع السابقة تلك المشاهد المروعة والكوارث المذهلة التي تُصيب العوالم العلوية والسفلية، وكان وقوعها مؤذنًا بحدوث أمر جلل بيَّنه في الآية الخامسة أنه الحشر، ودلَّ على عمومه بذكر ما تظنُّ النفسُ إهمالَه وعدم الاكتراث به وهو الوحوش المختلفة في طبائعها ونفورها، فما ظنك بغيرها، فقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ﴾، ثم أتبعه بما يصيب الناس من الحرِّ الشديد والأمر العصيب فقال: ﴿ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ﴾، قال عليٌّ وابنُ عباس رضي الله عنهم: (أُوقدت البحار فاشتعلت ناراً).

 

أيها المسلمون: ولما ذكر سبحانه في الآيات الست السابقة ما ذكر من الأهوال العظام والخطوب الجسام في مشاهد ستةٍ تحدث قبيل قيام الساعة، وكان حدوثها بمثابة نُذرٍ محدقة وقوارع مرجفة، أعقبه بذكر ستةٍ أُخرى تقع بعد قيام الساعة، وبدأ بأولها وهي تَشَوُّف النفوس إلى معرفة ما يُفعَل بها، وما يؤول إليه مصيرها ترغيباً وترهيباً، فقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ﴾، قال عمر رضي الله عنه: (يُقْرَنُ بينَ الرَّجُلِ الصالِحِ مَعَ الرَّجُلِ الصالِحِ في الجنَّةِ، وبينَ الرَّجُلِ السُّوءِ معَ الرَّجُلِ السُّوءِ في النَّارِ) رواه ابن جرير.


ولما ذكر سبحانه تصنيف النفوس حسب أعمالهم، ذكر في الآية الثامنة سؤال الموؤدة عن سبب وأدها، وهو سؤال يُفهم منه العموم في كلِّ مَن لم يؤدِّ أمانته في بناته، فقال سبحانه: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]، وإنما سُئلت وفي قراءة (سألت) عن تعيين الذنب الموجب قتلها دون أن تُسأل أو تَسأل عن قاتلها لزيادة التهديد.

 

ولما ذكر سبحانه في الآية السابقة مشهد سؤال الموءودة وكان هذا دالاً على عموم السؤال عن الأعمال، كما قال تعالى: ﴿ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ ﴾، بيَّن سبحانه النتيجة المترتبة على السؤال من سعادة وشقاء، فأهل السعادة تُنشر لهم صحائفهم بعد طيها بالموت، فيتناولونها بأيمانهم فرحين مستبشرين بما وجدوه فيها من الأعمال الصالحة، وأما أهل الشقاوة فيأخذونها بشمائلهم من وراء ظهورهم، قد ساءهم ما وجدوه فيها من الأعمال السيئة، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾، (عن أُمِّ سلَمَةَ قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «يُحْشَرُ الناسُ يومَ القيامةِ عُرَاةً، حُفَاةً» فقالتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، واسَوْأَتَاهُ، يَنظُرُ بعْضُنا إلى بعضٍ؟ فقالَ: «شُغِلَ النَّاسُ» قُلتُ: ما شَغَلَهُم؟ قالَ: «نَشْرُ الصُّحُفِ، فيها مَثَاقِيلُ الذَّرِّ، ومثاقيلُ الخَرْدَلِ») رواه الطبرانيُّ في الأوسط وصحَّحَ إسناده البوصيري.


ولما ذكر سبحانه نشر الصحف وبسطها، وما ترتب عليه من كشف أعمال النفوس خيرها وشرها، وما أنتجه ذلك من معرفة شقيِّها وسعيدها أتبع ذلك بذكر كشط السماء وطيِّها ليبدو ما فوقها من العجائب المكنونة والأسرار المحجوبة فقال: (وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ)، وقد سبق الحديث في خطبة كاملة قبل أكثر من شهرين عن أحوال السماوات يوم القيامة.

 

ولما ذكر سبحانه في الآية السابقة مشهداً مروعاً لا يقلُّ هولاً عن سوابقه، تَمثَّل في كشط السماء وإزالتها بقدرته، ذكر في هذه الآية ما أنتجه ذلك المشهد من انكشاف لعالم الخلود والبقاء، وظهر ما اشتمل عليه من مُرهِّبات تمثلت في ذكر دار الأشقياء، ومُرغِّبات تمثلت في ذكر دار السعداء، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ﴾، أي أُوقدت وأُضرم نارها تهيئة لاستقبال أهلها من الكفرة والمشركين ومن لم يعف الله عنهم من عصاة الموحدين، (عن عبدِ اللهِ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «يُؤْتَى بجهنَّمَ يومئذٍ لَهَا سَبعُونَ ألْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمامٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا») رواه مسلم.

 

الخطبة الثانية

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عبدُهُ ورسولُهُ.


أمَّا بعدُ: (فإنَّ خَيْرَ الحديثِ كِتابُ اللهِ، وخيرُ الْهُدَى هُدَى مُحمَّدٍ، وشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثاتُها، وكُلُّ بدعَةٍ ضَلالَةٌ)، و(لا إيمانَ لِمَن لا أَمانةَ لَهُ، ولا دِينَ لِمَنْ لا عَهْدَ لَهُ).


أمَّا بعدُ: فيا عبادَ الله: إنَّ سورةَ التكويرِ تُعالجُ حقيقتين هامتين: القيامةُ ومشاهِدُها، والوحيُ والرسالة، وكلاهُما من لوازمِ الإيمان.

 

ابتدأت سورةُ التكوير بالحديث عن الحقيقةِ الأولى بذكر ما يحدث عن فناءِ العالَمِ وما يُصاحبُ ذلكَ مِن انقلابٍ كونيٍ هائلٍ يشملُ الشمسَ والنجومَ والجبالَ والبحارَ والأرضَ والسماءَ والأنعامَ والوُحوشَ كَمَا يَشمَلُ البشرَ، يرتجفُ الكونُ رجفةً عنيفةً فينفَرِطُ عِقدُهُ ويَختلُّ نظامُهُ، ولا يبقى منه شيءٌ إلاَّ وقد تبدلَّ وتغيَّرَ من هولِ ما يَحدُث في هذا اليومِ الرهيبِ، فتتكوَّرُ الشمسُ ويُمْحى ضوءها، وتتساقطُ النجومُ ويُطمسُ ضوءُها، وتزولُ الجبالُ عن أماكنها فتسيرُ في الجوِّ كالعِهنِ المنفوش، وتُسَجَّرُ البحارُ وتشتعلُ، وتزولُ حواجزها وتنفجرُ حتى تُصبح بحراً واحداً من نارٍ، وتُعطَّلُ العِشارُ ويَزهَدُ الناسُ في الأموالِ والأملاكِ لانشغالهم بأنفسهم، ويَدفعُ البلاءُ النازلُ الوحوشَ للفرارِ يلوذُ بعضُها ببعضٍ طلباً للنجاةِ من الهول، وبعدَ النفخة الثانيةِ تُقرَنُ الأرواح بأجسادها كما يُقرَنُ بين النفوسِ وأشكالِها في دارِ السعادةِ أو دارِ الشقاء، ويُسألُ كلُّ إنسانٍ عن عملِه كما يُسألُ المقتولُ عن سبب قتله، وتُنشر الصُّحُفُ ليُعايِنَ كلُّ إنسانٍ عمَلَهُ بنفسه، وتُكشَطُ السماءُ وتُقلَعُ كما يُقلَعُ السَّقْفُ إيذاناً بتبديلِها، قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴾ [إبراهيم: 48]، وتُسعَّرُ الجحيمُ ويُزادُ في إيقادِها تهيئةً لاستقبالِ أصحابها، وتُزيَّنُ الجنَّةُ وتدنُوا من خُطَّابها، عندئذ تعلَمُ كلُّ ﴿ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ ﴾.

 

ثمَّ تحدَّثت السورةُ في نصفها الثاني عن حقيقة الوحي والرِّسالة، فبَدَأت بقَسَمِ اللهِ بعظيمِ مخلوقاتهِ بأنَّ القرآنَ حَقٌّ ثابتٌ من عند الله، نَزَلَ بهِ رسولٌ كريمٌ على خيرِ البشرِ محمد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، ثم خُتمت السورةُ ببيان بُطلانِ مزاعمِ المشركين حول القرآن الكريم، والتأكيد على أنه موعظة للمتقين، ﴿ فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ ﴾، وبهذا البيان انكشفت الشُّبَهُ، وانتفى كلُّ ريبٍ، وسَقَطَ كلُّ عُذرٍ، فمن شاءَ من العبادِ أن يتقدَّم مستقيماً على طريق الحقِّ فله أجره، ومن شاء منهم أن يتأخَّر مُنحرفاً بنفسه إلى طريق الهَوَى والضلالِ فعليهِ وِزْرُه، ﴿ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾، اللهُمَّ فاهدنا فيمن هديتَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علوم سورة عبس وسورة التكوير
  • نفحات قرآنية في سور عم والنازعات والتكوير
  • إعراب سورة التكوير
  • تفسير الزركشي لآيات من سورة عبس والتكوير
  • تفسير سورة التكوير للناشئين
  • وقفات مع سورة التكوير (2)
  • تفسير سورة التكوير
  • تفسير سورة التكوير

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المسائل الأمتع شرح القواعد الأربع: أكثر من 70 مسألة علمية وعقدية مهمة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • محاضرتان بعنوان: مسائل الإيمان والقدر، ومسائل الصفات في فتح الباري، ومنهج الأشاعرة فيها(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • موقف شراح الحديث من مسألة الاستشهاد بالحديث على المسائل النحوية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مسألة تكفير المعين من المسائل التي لا يحكم فيها على شخص إلا أهل العلم(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • مخطوطة أربعون مسألة من المسائل المشكلة في القراءات(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المسائل العقدية المتعلقة بسورة التكوير(محاضرة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سيبويه وبعض مسائل المعاملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المسائل العقدية المتعلقة باسم الله الفتاح وآثار الإيمان به (خطبة)(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب