• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    بيان شبكة الألوكة إلى زوارها الفضلاء حول حقوق ...
    خاص شبكة الألوكة
  •  
    من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فهو بخيل
    جمعية مشكاة النبوة
  •  
    هشام بن حسان ومروياته عن الحسن المرفوعة: جمعا ...
    حصة بنت صالح بن إبراهيم التويجري
  •  
    وصية النبي - صلى الله عليه وسلم- بطلاب العلم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    دعاء الشفاء ودعاء الضائع
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    لنصلح أنفسنا ولندع التلاوم (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الأمن.. والنعم.. والذكاء الاصطناعي
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    الشباب والعمل التطوعي: طاقة إيجابية تصنع الفرق
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    أسماء العقل ومشتقاته في القرآن
    محمد ونيس
  •  
    كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    فتاة أغواها معلمها
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقفات تربوية مع سورة التكاثر
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    {وما كان لنبي أن يغل}
    د. خالد النجار
  •  
    المفردات - تصنيف: علي بن عبيد الله بن نصر ابن ...
    د. عبدالمجيد بن عبدالله بن محمد الخنين
  •  
    علم نفس المراحل العمرية: النمو من الحمل إلى ...
    أ. د. عمر بن عبدالرحمن المفدى
  •  
    خطبة: {أفمن زين له سوء عمله...}
    د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم
  •  
    طوق النجاة
    افتتان أحمد
  •  
    عالم الفساد والعفن: السحر والكهانة والشعوذة
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    الإسلام والحث على النظافة
    عبد الإله جاورا أبو الخير
  •  
    فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج
    بدر عبدالله الصاعدي
  •  
    كيف أصبح مؤمنا حقيقيا وأفوز بالجنة؟
    بدر شاشا
  •  
    لا تغرنكم الحياة الدنيا (خطبة)
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    من مائدة الصحابة: سعيد بن زيد رضي الله عنه
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    يا معاشر المسلمين، زوجوا أولادكم عند البلوغ: ...
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    شرح كتاب السنة لأبي بكر الخلال (رحمه الله) المجلس ...
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    شرح حديث: "أنتم أعلم بأمر دنياكم"‏
    أبو عاصم البركاتي المصري
  •  
    حقوق الجيران
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    حديث: يا رسول الله، أرأيت أن لو وجد أحدنا امرأته ...
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    الاحتفاء بالمتفوقين بامتحانات البكالوريا يعيد ...
    أ. هشام البوجدراوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / روافد
علامة باركود

من وراء حجاب

محمود محمد شاكر

المصدر: مجلة الرسالة، السنة الرابعة عشرة (العدد 653)، يناير 1946، ص 8 – 11.
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/2/2008 ميلادي - 6/2/1429 هجري

الزيارات: 8783

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

 من وراء حجاب

أخي الأستاذ الزيات:
السلام عليكم ورحمة الله، وبعدُ، فقد أكرمْتَنِي ودعوتني لكتابة مقالتي لعدد الهجرة من الرسالة، فجعلتُ أُماطل الساعات كعادتي حتى تضطرني إلى مأزق أجد عنده مفرًّا من حمل القلم، والإكباب على الورق، وترك الزمن يعدو عليَّ، وأنا قارٌّ في مكان لا يتغير، وزمان لا يتحول. فلما كارب الوقت وأزفت الساعة، فزعت إلى ذلك الكتاب القديم الذي طال عهد "الرسالة" به، وهو "مذكَّرات عمر بن أبي ربيعة" حملت الكتاب حريصًا عليه، ووضعته على المكتب بين يدي، وترفقت بصفحاته وأنا أقلبه، كما يقلب العاشق المهجور تاريخًا مضى من آلام قلبه، ووقعت على ورقة حائلة اللون قد تخرمها البلى، وإذا فيها هذه الأبيات الثلاثة، لم ينل منها شيء، لا تزال ظاهرة السواد بينة المقاطع:
فَصُرُوفُ   الدَّهْرِ   فِي   أَطْبَاقِهِ        خِلْفَةٌ فِيهَا ارْتِفَاعٌ وَانْحِدَارُ[1]
بَيْنَمَا    النَّاسُ    عَلَى    عَلْيَائِهَا        إِذْ هَوَوْا  فِي  هُوَّةٍ  مِنْهَا  فَغَارُوا
إِنَّمَا      نَعْمَةُ      قَوْمٍ      مُتْعَةٌ        وَحَيَاةُ   الْمَرْءِ   ثَوْبٌ    مُسْتَعَارُ
لَمْ أدر لِمَ نقل "عمر بن أبي ربيعة" هذه الأبيات في مذكراته، فإنها قائمة وحدها ليس قبلها ولا بعدها شيء يدل على ما أراد من ذكرها، فجعلت أداور الأوراق لعلّي أبلغ مبلغًا من توهّم خبرها الذي سيقت من أجله، وجعل معناها يداوِرُ قلبي ويساوره حتى كفَّت يدي عن الحركة، وسكن بصري على مكانها، وأحسست كأن القدر قد نام في ظلالها؛ كالمارد الثمل طرحه طغيان السكر حيث اسْتقرَّ، وأطاف بنفسي جو من السكون والرهبة والجلال، وأخذت أستغرق في تأمّل هذه الحياة المُتكررة المتطاولة الدائبة منذ عهد أبينا الشيخ آدم - رحمه الله - إلى يوم الناس هذا. فآنستُ فترة[2] تأخذني، ثم نعسة تتغشاني، وسبحت في غمرة طويلة لذيذة لا عهد لي بمثلها منذ عقلتُ.

وإذا أنا أفْضِي من غَمْرَتي إلى ميدان فسيحٍ أخضرِ الجوانب، متراحب الأرجاء، وإذا مسجد بعيد يستقبلني كأحسنِ ما رأيت من مسجدٍ بناءً وبهاء، قد تباعدت أركانه وتسامت في جو السماء مآذنه، ويبرق بابه ويتلألأ شعاع الشمس عليه، فقصدت قصده، ولم أكد أدنو حتى رأيت جموعًا غفيرة من الخلق يستقبلون الباب خارجين، في ثياب بيض وعمائم بيض؛ كأنها غمام تزجيه الرياح[3].

فوقفتُ وسألتُ أوَّلَ مَن لقيتُ: ما الذي جمع الناس؟ قال: إنه الشيخ أيها الفتى: قلت: فمن الشيخ يرحمك الله؟ قال: غريبٌ واللَّهِ، إنَّه الشيخ أبو جعفر الطبري إمامُ أهل السنة، وشيخ المفسّرين، وعُمدة المُحدّثين، وثقة المؤرخين، ردَّ الله غربتك يا فتى. قلت له: جزاك الله خيرًا ورضيَ عنك وأرضاك، أتراني أُدْرِكه الساعة؟ قال: هو رهين هذا المسجد لا يبرحه، فادخل تلقَهُ.

ولم أَزَلْ أحتال للدخول وأمواج الناس تتقاذَفُنِي عن الباب حتى كِدْتُ أيأس من لقاء الشيخ، وظننت أني لو بقيت دهرًا لم تنقطع هذه الأمواج المُتدفّقة من باب المسجد. وظللت أزاحم حتى بلغ مني الجهد، وانتهيتُ إلى صحن في المسجد وقدِ انفض جمع الناس، ولم يبق فيه غيري، وجعلتُ أسير أتلفَّت وأنظر في مقصورة بعد مقصورة حتى رأيت بصيصًا من ضوء في مقصورة بعيدة، فلمَّا وافيْتُها، وكانت الشمس قد آذنتْ بغروب، رأيت مسرجة معلَّقة وحجرة واسعة، وآلافًا مُؤَلَّفة من الكتب قد غطت الجدران. فاستأذنت ثم سلمت فلم أسمع مجيبًا، فدخلتُ، وإذا في جانبٍ منها شيخٌ ضافي اللحية أبيضُها، جميل الوجه، قد اتكأ وأخذته سنة من نوم، وقد مالت عمامته عن جبين يلمع؛ كأنه سنة مصقولة من ذهب، وبين يديه كُتُب وأوراق مبعثرة أو مركومة ومحابرُ وأقلام.

سرقت الخطو حتى قُمْت بين يدي هذا الشيخ النائم، ثم جلسْتُ وجعلت أُقدِم ثم أحجم؛ أريد أن أمسك شيئًا من ورقه لأقرأه، ثم عزمت فأخذت ما وقعتْ عليه يدي، فإذا هو تتمة تاريخ أبي جعفر الطبري الذي سمَّاه "تاريخ الأمم والملوك"، وكان الجزء الذي فيه يبدأ من سنة خمسٍ وستّين وثلاثِمائة بعد الألف من الهجرة (سنة 1365 هجرية، الموافق 1946م) فانطلقت أقرأ تاريخ هذا الزمن وما بعده. وعسيرٌ أن أنقل لك كُلَّ ما قَرَأْتُ، فسأختار لك منها نُتفًا تُغْنِي، كما كتبها الإمامُ أبو جعفر، وبعضُها منقولٌ بِتَمامه، وبعضها اختصرْتُ منه حتى لا أطيل عليك. قال أبو جعفر:

[ثم دخلت سنة خمس وستين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
فمن ذلك ما كان من إجماع المجلسَيْنِ الأمريكيّيْنِ على فتح أبواب فلسطين لشُذَّاذ المهاجرين من اليهود. وكتب إليَّ السدي، وهو مقيم هناك في أمريكا، أنَّ موقف الرئيس ترومان الذي كان ادَّعاه من إيثاره العقل على الهوى في هذا الأمر، إنَّما كان حيلة مخبوءة أراد بها أن يُغرّر بالبلاد العربية والإسلامية، ثم يفاجئها بحقيقته، وهو في ذلك إنما يعمل للظفر بمعونة اليهود في الانتخاب الآتي للرياسة، ولما كان هواه هو الذي يصرفه، فقد علم أنه طامِع في الرياسة حريص عليها، وأن اليهود في أمريكا هم أهل المال، أي أهل السلطان، أي هم الأنصار الذين إذا خذلوه فقد ضاع.


قال السدي: وقد سمعت بعض أهل العقل والرأي في أمريكا يستَنْكِرُون ما كان منه ومن قرار مَجلسَيْهِ، ويرون أن الديمقراطية اليوم قد صارت كلمة يراد بها التدليس على عقول البشر، ليبلغ به القوي مأربه من الضعيف المغرور بهذه الرقية الساحرة، التي يدندنون بها في الآذان، وقد أخبرني الثقة أنَّ الرئيس ترومان قد أوحى إليه بعض بطانة السوء أن العرب والمسلمين قوم أهل غفلة، وأن دينَهُم يأمرهم بالصبر ويلح فيه، فهم لا يلبثون أن يستكينوا للأمر إذا وقع، ولا يجدون في أنفسهم قوة على تغييره أو الانتقاض عليه، وأن الزمن إذا تطاول عليهم في شيء ألِفُوه، ولم ينكروه. فإذا دام دخول اليهود فلسطين، وبقي الأمر مسندًا إلى الدولة المنتدبة (وهي بريطانيا)، وانفَسَحَ لِحَمقى اليهودِ مجال الدعوة والعمل والتبجح، وألحَّ على العرب دائمًا إجماع الدنيا كلّها (أي الديمقراطية) بأنَّ الدولة اليهودية في فلسطين حقيقة ينبغي أن تكون، وأن تتم كما أراد الله، فيومئذ يلقي العربُ السَّلَم، ولا يزالون مختلفين حتى ينشأ ناشئهم على إلف شيء قد صبر عليه آباؤه، فلا يكون لأحد منهم أدنى هِمَّة في تغيير ما أراد الله أن يكون، مما صبر عليهم آباؤهم وأسلافهم – وهم عند العرب والمسلمين – أهل القدوة.

وفي هذه السنة كتب إلَيَّ السدي أيضًا يقول: إنه لقي أحد كبار الدعاة من اليهود، وكان لا يعرفه، فحدَّثَهُ عن أمر اليهود في فلسطين، فقال له الداعي اليهودي: لا تُرَع، فنحن لا بد منتهون إلى ما أردنا، رضِيَ العرب أم أَبَوْا، وما ظنُّك بقوم كالعرب خير الحياة عندهم النساء، وقد قال نبيهم: ((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة))، ولقد سلطنا عليهم بنات صهيون، وهن من تعلم جمالاً ورقة وأبدانًا تجري الحياة فيها؛ كأنَّها نبعٌ صافٍ يتَفَجَّرُ من صفاة شفَّافة كالبلَّور، وهُن بنات صهيون دلال وفتنة، وعطر يساور القلوب فيسكرها ويذهلها، ثم يغرقها في لذة يَضَنّ المرء بنفسه أن يصحو من خمارها أو نشوتها، منصرفًا عن أمر الدنيا كله لا عن الصلاة وحدها التِي جُعِلَت قُرَّة لعين نبيهم، فهن في فلسطين، وهن في الشام، وهن في مصر والعراق وتونس والجزائر ومراكش، ولولا تلك البقعة العصية التي لا تزال نَخْشى بأسها على ضعفها وقلتها وفقرها - أعني الحجاز وما جاوره - لقلت لك: لقد قضينا على هذه العرب، وعلى هذا الدين الدخيل الذي سرق منا التوحيد وادعاه لنفسه.

[ثم دخلت سنة ست وستين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
فمن ذلك ما كان من اجتماع ملوك العرب، وأُمَرائِهم، ووزرائهم بعد الحج من السنة التي قبلها، اجتمعوا في مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرَّ قرارُهم على أن يعلنوا للناس جميعًا، وينذروهم بما رأوا وبما أجمعوا عليه:
الأول: أنَّ ميثاق الأطلسي، ومواثيق الدول الكبرى كلها تغرير بالضعفاء، وتلعب بعقولهم.

الثاني: أنَّ فِلسطين ستجاهد، ومن ورائها من بلاد العرب والمسلمين جميعًا؛ تظاهرها بالمال والولد.
الثالث: أنَّ الفَتْكَ والغَدْرَ والاغتيال ليس من شيمة العرب ولا من دين المسلمين، وأنَّ حوادث الاغتيال الشنيعة المنكرة التي اقترفها اليهود، ينبغي أن تقابل بالصدق والصراحة لا بالغيلة والغدر.

الرابع: أنَّ الأمم العربيَّة والإسلاميَّة تعلم أن ليس لديها اليوم من السلاح ما يكفي لقتال الأمم المعتدية، التي تظاهر اليهود بالمال والسلاح، ولكنَّها ستقف كلها على بكرة أبيها صفًّا واحدًا تقاتل بما تصل إليه يدها في مقاطعة ومُنابذة وكبرياء، وأنها تفعل ذلك ما استطاعت، ولكنها لن تظلم يهوديًّا ولا نصرانيًّا ولا أحدًا من أهل الأديان، ولن تضطهد بريئًا ولا لاجئًا، وأنها لن تقنع بشيء بعد اليوم إلا بجلاء المُعتدين والمستعمرين من بلادها، وجلاء اليهود عن أرض فلسطين، ومن شاء أن يبقى فيها من يهود، فله ما لنا، وعليه ما علينا.

الخامس: أنَّ الأُمَمَ العربيَّة الإسلامية قد عزمت على أن تبدأ منذ هذا اليوم في انتخاب مجلس عام تمثّل فيه جميعًا، وهذا المجلس هو الذي سيضع الدستور العام للدول العربية والإسلامية، حتى إذا تَمّ، وحدت هذه الدول سياستها الداخلية والخارجية، وصارت يدًا واحدة في العمل، لتقاوم بذلك اتحاد الأمم الديمقراطية الغربية، التي لم تزل تريد أن تجعل الشرق سوقًا، وأهله عبيدًا.

[ثم دخلت سنة ثمان وستين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
ففيها أراد اليهود في بعض البلاد العربية أن يُظاهروا إخوانهم في فلسطين فأجمعوا على جعل يوم السبت كله منذ الصباح يوم عطلة فأغلقوا دكاكينهم، ورفعوا عليها أعلام الدولة الصهيونية المجترئة، واجتمعوا في بِيَعِهِم، وجمعوا مالاً كثيرًا بلغ عشرين مليونًا من الجنيهات؛ لمساعدة المصانع التي كادَتْ تُغلق أبوابَها من جرَّاء المقاطعة التامَّة التي أحسنت الأمم العربية توجيهها وتدبيرها.

ومِمَّا كان من ذلك في هذه السنة اجتماع المؤتمر العام لنساء العرب في دمشق، وقد قرَّرن أن تعود المرأة إلى بيتها عاملة على إنشاء جيل من البنين والبنات لم تفسده الشهوة التي استبدَّت بالناس في تقليد ذلك الفجور القبيح، الذي عملتْ يهودُ على نَشْرِه في بلادِهِن من زينة وتبرّج ورقص وتحلّل من أخلاق السلف، وذلك لكثرة ما وقع من حوادث هدمت بيوتًا عزيزة وأسرًا كريمة، وأفضت إلى ضروب من المآسي لم يطق أحدٌ عليها صبرًا.

وفيها أيضًا أجمعتِ الصحف العربية والهندية الإسلامية والتركية والفارسية مقاطعة الإعلان اليهودي، وكل صحيفة تخالف هذا الإجماع يُمْحَى اسمها، واسم رئيس تحريرها ومحرّريها من سجل نقابة الصحافة، ولا تُفْسَح لأحدٍ منهم فرصة حتَّى يعمل في صحيفة أخرى بعد هذه المخالفة.

[ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
اشتعلتْ نيران الحروب في الشرق كله، واجتمع رؤساء الدول العربية والإسلامية في مكة المكرَّمة ووحَّدوا قيادة الجيوش العربية، ولكن لم يلبث سفير بريطانيا في مصر وسفير أمريكا أن أرسلا برقية إلى المجتمعين في مكَّة؛ يطلبون وقف الحركات الحربية التي سموها (ثورة)، ورغبوا إلى ملوك العرب ووزرائهم أن يتمهَّلوا حتى يصدر تصريح مشترك من الدولتين الكبيرتين، على شريطة أن تمتنع البلاد العربية من متابعة السياسة الروسية التي تتظاهر بمُؤازرة العرب والمسلمين.

وبعد أيام صدر هذا التصريح، وهو ينصّ على أنَّ للعرب ما أرادوا من وقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وعلى العرب أن يتولَّوْا بأنفسهم مفاوضة يهود فلسطين على السياسة التي يُرِيدونَها، وأنَّ بريطانيا وأمريكا لن تتدخَّلا في الخلاف الناشب بين الفريقيْنِ، وأنَّ الدولَتَيْنِ الكبيرتين ستمْنَعَانِ كلَّ مساعدة ترسل من بلادهما إلى فلسطين من مال أو سلاح.

[ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
تمَّ استخدام الذَرَّة وانفلاقها في كل شيء، وحدث في زراعة البلاد انقلابٌ عظيم، إذ أصبح من اليسير استنباتُ نبات الصيف في الشتاء، ونبات الشتاء في الصيف، وقد بدأ ملوك العرب أعظم عمل في التاريخ، وهو استخدام أسلوب جديد يُحَوّل الرمال العاقرة إلى أرض خصب وافرة الزرع، وقد نفّذ هذا في جزء كبير من صحراء جزيرة العرب، أمَّا في مصر والسودان، فقد تَمَّ توزيع ماء النيل، وضبطه، حتى لا يضيع من مائه إلا أقل قدر، وبذلك أُتِيح لمصر أن تُنْشِئَ ثلاثة فروع جديدة شقَّتها في الصحراء الشرقية، حتى أفْضَتْ إلى بحر القلزم (البحر الأحمر)، وصار ما بينها أرضًا مريعة ذات خصب، وبذلك سيتاح لمصر أن يَبْلُغ عدد سكانها أربعين مليونًا من الأنفس في أقلَّ من عشرين سنة.
ومِمَّا كان من ذلك نهضة عامَّة في سياسة البلاد العربية، جعلت الرأي العام العالمي يناصر القضية العربية مناصرة تامَّة في أكثر بقاع الأرض.

[ثم دخلت سنة خمس وسبعين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
كثُرَتْ حوادث الاغتيال والفَتْكِ في كثير من البلاد العربية والأجنبيَّة، وقتل من العرب وأنصار العرب من سائر الأمم خلقٌ كثير، واستَفْحَل الشَّرّ استفحالاً عظيمًا، حتى ثارتِ الصحف الإنجيزيَّة والأمريكيَّة وطالبتْ حكوماتِها بإعلان قرار واحد بأن الرأي العام والسياسة العامة في سبيل السلام تقتضي أن تبذل النّصرة الكاملة للعرب وللقضية العربية، وأن تتعاون الدول على ردّ العدوان الصهيوني الذي صار طغيانًا شديدًا في جميع بلاد الأرض، وأنَّه ينبغي على الدول جميعًا أن تضحي في سبيل ذلك بكثير من المصالح المالية، وهي قيود اليهودية التي جعلت كل الأمم ترسف في أغلالها.


[ثم دخلت سنة ثمانين وثلاثمائة بعد الألف]
ذكر ما كان فيها من الأحداث:
كتب إليَّ السّدّي يقول: إنَّ أمريكا قد قرَّرت إجلاء اليهود من أرضها كلها، وأن تستصفي أموالهم، ولا يبقى فيها إلا علماء اليهود وحْدَهُم إن شاؤوا، ومن المنتظر أن تفعل بريطانيا وسواها من الدول مثل ما فعلت أمريكا.

وفيها ثار العمَّال اليهود في فلسطين على أصحاب المصانع اليهودية، وذلك من جرَّاء بوار أكثر التّجارة اليهودية التي نَهَكَتْها المقاطعة العامَّة في بلاد العرب والمسلمين، ولقلة الأجور، ولكن الحكومة اليهودية ضبطت الأمر وبذلتِ الأموال، وجنَّدت جيوشًا عظيمة العدة والعدد. وحدثت أحداث عظيمة في أكثر بقاع الأرض، حتى وقع التنابُذ بين الدول الكبيرة التي لا يزال لليهود فيها سلطان عظيم.
وأخوف ما يُخاف أن تقع في هذه السنة حربٌ عالميَّة تستخدم فيها جميع الأسلحة الجديدة، التي يخشى أن تكون على العالم دمارًا وخرابًا.
• • • • • • • •  

واستيقظ الشيخ من غفوته، ونظر إلي نظرة المُتعجّب، وقال مَنْ أنت؟ وما تفعل؟ فانتبهتُ فزِعًا، وإذا أنا أقرأ في تفسير الشيخ أبي جعفر الطبري تفسيرَ قولِه تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64].

[1]   أطباقه: أحواله المختلفة، خلفة: يخلف بعضها بعضًا، يتعاقب فيها الخير والشر، والغنى والفقر، والصحة والمرض.
[2]   فترة: ضعف وفُتُور. 
[3]   تزجيه: تدفعه وتسوقه.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أم على قلوب أقفالها
  • أدلة حجاب الوجه ومنع الاختلاط ووجوب التسليم لله رب العالمين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الوراء الزمني والوراء المكاني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • مسلسل "ما وراء الطبيعة" وخطره على العقيدة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسلسل "ما وراء الطبيعة" وخطره على العقيدة (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عرض كتاب: رفع الارتياب في بيان أحكام إجازة القراءة والسماع عن بعد ومن وراء حجاب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تسلم على طليقها من وراء حجاب(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • "نزع الحياء" ما وراء انتزاع الحجاب(WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • "نزع الحياء" ما وراء انتزاع الحجاب(PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وماذا سنخفي وراء الحجاب؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تخريج حديث: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • تيوتشاك تحتضن ندوة شاملة عن الدين والدنيا والبيت
  • مسلمون يقيمون ندوة مجتمعية عن الصحة النفسية في كانبرا
  • أول مؤتمر دعوي من نوعه في ليستر بمشاركة أكثر من 100 مؤسسة إسلامية
  • بدأ تطوير مسجد الكاف كامبونج ملايو في سنغافورة
  • أهالي قرية شمبولات يحتفلون بافتتاح أول مسجد بعد أعوام من الانتظار
  • دورات إسلامية وصحية متكاملة للأطفال بمدينة دروججانوفسكي
  • برينجافور تحتفل بالذكرى الـ 19 لافتتاح مسجدها التاريخي
  • أكثر من 70 متسابقا يشاركون في المسابقة القرآنية الثامنة في أزناكاييفو

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 8/2/1447هـ - الساعة: 16:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب