• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد / مقالات
علامة باركود

دور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات

دور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات
أ. د. فؤاد عبدالمنعم أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 6/1/2014 ميلادي - 4/3/1435 هجري

الزيارات: 29952

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

دور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات


الدَّوْر لغة:

الطَّبقة من الشيء المُدار بعضه فوق بعض.


(عند المناطقة) توقُّف كلٍّ من الشيئين على الآخر[1].


المقصود بالدور في الاصطلاح:

هو توقف الشيء على ما يتوقف عليه، والفرق بين الدور، وبين تعريف الشيء بنفسه هو أنه في الدور يلزم تقدُّمه عليها بمرتبتين، إن كان صريحًا، وفي تعريف الشيء بنفسه يلزم تقدمه على نفسه بمرتبه واحدة[2].


مكانة المسجد في الإسلام:

عظَّمَ الإسلام المسجد وأعلى مكانته، ورسَّخَ في النفوس قُدسيته، فأضافه الله تعالى إليه، إضافة تشريفٍ وتكريم.


فقال جل شأنه: ﴿ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ ﴾ [الجن: 18].


والمساجد أماكن عبادة ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ﴾ [التوبة: 18]، وعمارة المساجد لها معنيان:

الأول: تشييدها وإقامتها.

والثاني: عمارتها بالعبادة، والاجتماع فيها للجماعة، وبقراءة القرآن والذكر، والاعتكاف.


فكان أنِ احتلَّ المسجد مرتبةً مميزة في أفئدة المسلمين، تزكو به نفوسهم، وتطمئن قلوبهم، وتتآلف أرواحهم، وتصفو أذهانهم، يجتمعون فيه بقلوبٍ عامرةٍ بالإيمان، خاشعة متذللةٍ للخالق الديان.


إن بَدْأَهُ - عليه الصلاة والسلام - ببناء المسجد لحظة وصوله المدينة، وشروعه في إقامة مسجده في قلبها، لَيُعْطِي دَلالةً كبرى على الدور البارز الذي يقوم به المسجد، ويضطلع به في المجتمع المسلم، وفي حياة المسلمين العامة والخاصة[3].


فالمساجد بيوت الله، فيها يُعبَد، وفيها يُذكَر اسمه، وزوَّاره فيها عُمَّارُها، وهي خير بقاع الله في الأرض، ومنارات الهدى، وأعلام الدين، فكما أنها مجالس للذكر؛ ومحراب للعبادة؛ فهي منارات لتعلُّم العلم، ومعرفة قواعد الشرع، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))[4].


والنص هنا في الحديث هو أن الاجتماع في بيت من بيوت الله، والاجتماع مشروط بتلاوة كتاب الله، وتدارسه هو الشرط الثاني.


ولا ريب أن قمة العلم الواجب فَهْم القرآن، ومعرفة أسراره وأحكامه، التي تهم المسلم في دينه ودنياه؛ فهو مركز هداية وإشعاع وإصلاح، ومحضن تربية وتثقيف وتوجيه.


نوَّه القرآن الكريم بالمسجد وخطورته، والمثوبة الكبرى للمشتغلين بعمارته، فقال عَزَّ وجل: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ﴾ [النور: 36، 37].


وروى مسلم عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: ((أحَبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)).


الحكمة هي أن المسجد بوتقة لا بد منها؛ لتنصهر فيها النفوس، وتتجرد من علائق الدنيا، وفوارق الرُّتب والمناصب، وحواجز الكِبْر والأنانيات، وسكرة الشهوات والأهواء، ثم للتلاقي في ساحة العبودية الصادقة لله عز وجل بصدق وإخلاص، فالمسجد هو المكان الوحيد الذي يصهر النفوس هذا الصهر، ويحولها هذا التحويل، ثم يطبعها بطَابَع العبودية لمولاها عز وجل.


وعندئذ يكون لحقائق الإيمان بالله - عز وجل - وُجودٌ ملموس يهيمن على صاحبه بالقيادة والتوجيه، فلا تكون عبارة عن قائمة محفوظات مركونة في زاوية من العقل والفكر، بعيدًا عن قيادة العواطف والوجدان والشعور.


ولا بد أن تَلْقَى أحكام الشريعة الإسلامية عندئذ، بما فيها من واجبات ومحَرَّمات وآداب، من المسلم الذي رباه المسجد هذه التربية، صَدَى تجاوبٍ وإذعانٍ، فيشعر بمعاني الأخوة الإسلامية قائمة راسخة بينه، وبين سائر المسلمين على اختلاف منازلهم، ورتبهم الدنيوية، ويجد نفسه مندفعًا إلى وضع مقتضيات هذه الأخوة موضع التنفيذ، فيُؤْثِر على نفسه ولو كان به خصاصةٌ، ويغلق على نفسه نوافذ الغش والخديعة لسائر عباد الله، منساقًا بكل رغبة وطواعية للالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية دون حاجة من رقيب، ودون ملاحقة من ذي سطوة أو سلطان.


إن ركعة واحدة يؤديها المسلمون في بيت من بيوت الله، جنبًا إلى جنب، تغرس في نفوسهم من حقائق المساواة الإنسانية، وموجبات الوُد والأخوة، ما لا تفعله عشراتٌ من الكتب التي تدعو إلى المساواة، وتتحدث عن فسلفة الإنسان المثالي.


بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إقامة المجتمع الإسلامي في المدينة المنورة بعمارة المسجد، معلنًا بذلك أنه الركن الأول، والدِّعامة الأولى؛ لقيام المجتمع الإسلامي، حتى إذا تمت عمارة المسجد، وأقبل المسلمون إليه، شد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلوب المسلمين في ظله، إلى بعضها بنياط الأخوة في الله، فكان لهم من المسجد خيرُ ضمانة لذلك، وأعظم ملاذٍ من مشاغل الدنيا وفتن الشهوات والأهواء[5].


وظائف المسجد هي:

• أن المسجد تدريب للمسلمين على الضبط والانضباط في إجابتهم لنداء المؤذن خمسَ مرات في اليوم، وفي المسجد يَلْقى المسلم أخاه المسلم خمس مرات في اليوم والليلة، وهذا كفيل بتعميق هذه الأخوة التي حث عليها الإسلام.


• وفي المسجد تتعلم الأجيال النظام، والدقة، والاستواء، والانخراط في الصفوف مع المسلمين، وفي المسجد يتعلمون، ويتفقهون في أمور دينهم.


• وفيه يتفقد المسلم أخاه المسلم في الصلاة إذا غاب عن المسجد، فيعوده إن كان مريضًا ، وفيه يحدث التعارف بين المسلمين، وينمو التآلف والتواد بينهم، وفيه يتعلم المسلم النظافة والطهارة، ويحمله على أخذ زينته وهو ذاهب إليه، ويتنزه - وهو فيه - عن اللغو، ورفع الصوت[6].


المسجد مصدر الأمن والأمان، هو المكان الذي تطمئن فيه النفوس، وتهنأ في رحابه القلوب، وتجد فيه الخلاص مما يساورها من قلق، والنجاة مما تشعر به من خوف، والراحة مما تُحِس به من اضطراب؛ إذ تتردد في جنباته أسباب الاطمئنان، وبواعث الاستقرار والأمان، ومنها ذكر الله تعالى، قال عنه جل وعز: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وتُتلى فيه آيات القرآن الكريم، ويُسْمَع في أنحائه كلُّ ما يطهر القلوب، ويُصَفي النفوس، ويُنَقي الأفكار والأذهان، ويزكِّي الأرواح ويهذبها، ويغذيها ويشحنها بروح اليقظة الإيمانية، والاستقامة السلوكية.


فكلما ازداد تردُّدُ متعاطي المخدِّرات على المسجد، ازداد تعلقًا به، والتصاقًا بخالقه، وقربًا من مولاه وسيده، فارتقى برُوحه نحو مرضاة الرب، ومحاسبة النفس، ومراتب الفضيلة، وابتعد عن النوازع العدوانية، والدوافع الإجرامية.


إن الفرد حين يلتصق بالمسجد التصاقًا وثيقًا، ينعكس أثر ذلك إيجابيًّا على المجتمع بأسره، حين يتلقى في المسجد معانيَ الفضيلة، وقِيَم الإسلام السامية، التي تشيع في النفوس الاطمئنان، فتستقيم على المنهج الحق، وتنحسر فيها دواعي الشرور والإفساد.


صلاة الجماعة وثمارها:

المسجد أعظم مكان يُقوِّي صلة العبد بخالقه؛ إذ فيه تحقيق للراحة النفسية، والاطمئنان القلبي، والسلامة من الهموم والمنغِّصات، والخلاص من الغموم والمكدِّرات، بأداء العبادة، والمواظبة على الطاعة.


إن دوام ارتباط متعاطي المخدِّرات بهذه البقعة الطاهرة، وتعلقه بها، لا ينفك عنها طوال حياته، من شأنه أن يعمق إيمانه، ويُرسِّخ صلته بربه، فهو يؤدي الصلاة المفروضة خمس مرات في اليوم، ويتردَّد على المسجد لِيصليَ مع إخوانه، فتتلقى النفس جرعات إيمانية متوالية، تجعلها بعيدة عن الغفلة، منقادة للحق، ساعية في مرضاة الرب، حتى أصبح صلاحها واستقامتها مرتبطًا بالصلاة، وبها انشراحها وسعادتها، وأمنها وأُنْسها، وفرحها وسرورها، وسكونها وطُمَأْنينتها، كما أن فقدانها سبب في شقائها وتعاستها، وخوفها واضطرابها، وحزنها وقلقها.


فالصلاة مصدر الأمن والاستقرار، وينبوع السعادة والاطمئنان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية[7]: "القلب فقير بالذات إلى الله تعالى من جهتين: من جهة العبادة، ومن جهة الاستعانة والتوكل.


فالقلب لا يَصْلُح ولا يُفْلِح، ولا ينعم ولا يُسَرُّ، ولا يَلْتَذُّ ولا يطيب، ولا يسكن ولا يطمئن، إلا بعبادة ربه وحده، وحُبِّه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات، لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه بالفطرة، من حيث هو معبوده ومحبوبه، ومرغوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح والسرور، واللذة والنعمة، والسكون والطمأنينة، وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له؛ فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك له إلا الله، فهو دائمًا مفتقر إليه حقيقة ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] " انتهى كلامه.


فالصلاة تُنظِّم سلوك متعاطي المخدِّرات، وتجعله يسير وَفْق منهج الخالق وتشريعاته، وتصقله على الالتزام بهَدْي المصطفى - عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم - وتُرَبِّيه على مقاومة كل ما في نفسه من ضعف، والتغلب على ما يتجاذبها من شهوات، وما ينازعها من الشرور والمفسدات، وما تفكر به من عدوان، فالعبادة تَأْطُرها على أن تكون منبع خير وأمان، ومصدر ضبط واعتدال واتزان[8].


من المؤكد أن تتركز رسالة المسجد في الإسلام في الدرجة الأولى على التربية الروحية، لما لصلاة الجماعة، وقراءة القرآن الكريم من ثواب عظيم وأجر جزيل.


روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((صلاة الرجل في جماعة تضعُف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا أحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يُخْرِجه إلا الصلاة، لم يخطُ خُطوة إلا رُفعت له بها درجة، وحُطَّت عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تَزَلِ الملائكةُ تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يُحْدِثْ، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة)).


وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال - رسول الله صلى الله عليه وسلم - : ((وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم إلا حفَّتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده))، لهذا كان من أهم وظائف المسجد التربوية أنه يُعَوِّد المسلمين التزام الجماعة، والارتباط بها عدة مرات في اليوم الواحد؛ حيث يستشعر المسلم أهمية أن يكون مع إخوانه، يؤدون شعائر دينهم، وهم في ذلك سواسية كأسنان المشط حين وقوفهم أمام البارئ المصور، فهم متساوون موحدون متوحدون.


وقد حثنا الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - على الحرص على الذَّهَاب للمساجد، والتزام الجماعة، وعلمنا أن كل خطوة للمسجد ترفع درجة، وتحط خطيئة، ومَن يعي ذلك من المسلمين ولا يسارع متى استطاع إلى هذا المغتَسَل العظيم الذي يتطهَّر فيه من الذنوب أولاً بأول كل يوم حتى لا يبقى من أدرانه شيء؟!


إن المسلمين في المسجد يشعرون بأخوَّة الإسلام، ومجتمع المصلين داخله مجتمع يسوده الحب والصفاء والوئام؛ فهو مجتمع يتفقد الغائب، ويجامل الحاضر، ويعين بعضه بعضًا؛ فلقاء المسلمين في اليوم خمس مراتٍ داخل المساجد ينمِّي بينهم روح الجماعة، والتآلف العاطفي، كما أنه يقوي الصلة الفكرية والنفسية والشعورية والاجتماعية فيما بينهم، ويُعوِّدهم الالتقاء على الخير والتعاون على البر والتقوى، والبعد عن الإثم والعدوان[9].


المسجد والقرآن الكريم وحلقات التحفيظ:

القرآن هدًى وبيان، وموعظة وبرهان، ونور وشفاء، وذكر وبلاغ، ووعد ووعيد، وبشرى ونذير، يهدي إلى الحق، وإلى الرشد، وإلى صراط مستقيم، يُخرج الناس من الظلمات إلى النور، بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، ويحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، فيه تِبْيانٌ لكل شيء، وهو شفاء لما في الصدور.


ومما قال فيه - صلى الله عليه وسلم - : ((... كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحُكمُ ما بينكم؛ من ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، لا يشبع منه العلماء، ولا يَخْلَقُ عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيم))[10].


الله جل وعلا يشهد للإنسان أن هذا القرآن كلامه، من خلال الأحداث التي يُقَدِّرها الله له، أو عليه، وعندئذ يشهد القرآن للإنسان، أن هذا الذي أُنزل عليه القرآن هو رسول الله، قال تعالى: ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 166].


دليلٌ أول: قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97].


فإذا آمن الإنسان كما ينبغي، وعمل صالحًا في صدق وإخلاص، أذاقه الله طعم الحياة الطيبة، من طمأنينة، واستقرار، وتيسير، وتوفيق، وسعادة، وحُبور، عندئذٍ يشعر من خلال الحياة الطيبة، التي ذاقها مصداقًا لوعد الله، وأن الله - جل جلاله - شهد له بأن هذا القرآن كلامه، وأن هذه الحياة الطيبة من فعله، قدَّرها له تحقيقًا لوعده، وحينما يتطابق فعل الله مع ما في القرآن يقوم الدليل القطعي على أن القرآن كلام الله.


دليلٌ مقابل: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا ﴾ [طه: 124].


فمَن أعرض عن ذكر الله - وهو القرآن - وهجَرَه، وجعله وراءه ظِهْريًّا، واستحل محارمه، ولم يعبأ بأمره ونهيه، ووعده، ووعيده، أذاقه الله طعم المعيشة الضنك من خوف، وقلق، وضيق، وشدة، وتعسير، وإحباط، وشقاء، وضياع، عندئذ يشعر من خلال هذه المعيشة الضنك، التي ذاقها مصداقًا لوعيد الله، أن الله شهد له بأن هذا القرآن كلامه، وأن هذه المعيشة الضنك من فعل الله قَدَّرها عليه تحقيقًا لوعيده.


وحينما يستنير المؤمن بنور الله، فلن يَضِل عقله، ولن تشقى نفسه، قال تعالى: ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123] وكيف يضل امرؤ يقرأ القرآن، والقرآن يقدم له تفسيرًا صحيحًا لحقيقة الكون والحياة والإنسان، من عند مكون الأكوان، وواهب الحياة، وخالق الإنسان؟!


• والإنسان لم يُخلق عبثًا، ولن يترك سدًى، وهو على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره.


وأنه المخلوق الذي خلقه الله في أحسن تقويم، وكرمه أعظم تكريم، حمل الأمانة التي أشفقت من حملها السموات والأرض، وأن الإنسان خُلق ضعيفًا، وخُلق عَجُولاً، وخُلِق هلوعًا، إذا مسَّه الشر جزوعًا، وإذا مسه الخير منوعًا، إلا المصلين، وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنَّ سعيه سوف يُرى، ثم يُجزاه الجزاء الأوفى، وهو يُفْلِح ويفوز، إذا أطاع الله ورسوله، وتزكَّى وذكر اسم ربه فصلَّى، ولا ينفعه يوم القيامة مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، وأن الإنسان لَفِي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالصبر.


• وكيف يضل امرؤٌ يقرأ القرآن، والقرآن يُبَيِّن له أنه لا إله إلا الله، وهو غالب على أمره، ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون، وأنه في السماء إله وفي الأرض إله، وأنه إليه يُرْجَع الأمر كله، وأنه على كل شيء وكيل، وأنه يحكم لا مُعقِّب لحكمِه، وأنه لا يُشرِك في حكمه أحدًا، وأنه ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها، وأنه ما يَفْتَحِ الله للناس من رحمةٍ فلا مُمسكَ لها، وما يُمسكْ، فلا مُرسلَ له من بعده، وأنه لا يُغَيِّر ما بقوم، حتى يغيروا ما بأنفسهم[11].


القرآن الكريم كلام الخالق - جل وعز - فيه من الهدى والرشاد، والحكمة والسَّداد، والعبر والمواعظ، ما تلين له الصخور الصماء، وتتيقَّظ من سباتها القلوب العمياء، وفيه ترغيب في الفضائل، وترهيب من الرذائل، ولا يخفى على أحد مكانةُ القرآن في نفوس المسلمين، وأهميته في تحقيق الراحة النفسية، والاطمئنان القلبي، والسلامة من القلق والهموم، والخلاص من الأفكار الذميمة والغموم، وحين تجتمع القلوب على تلاوة آيات القرآن الكريم، وتتحلَّق على مأدبته الفاضلة، في أشرف البقاع، بيوت الله، فإن ذلك يُضفِي عليها أجواءً من السكينة والارتياح، ويكسوها برحمة الخالق فتطمئن بها الأرواح قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾[الرعد: 28]، وقال جل وعلا: ﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الإسراء: 82].


وبالتالي فإن المواظبة على قراءة القرآن وسماعه - وبالأخص في المساجد - مدعاة لاطمئنان القلوب، وأمن النفوس، ووسيلة فاعلة لتحقيق الحياة الطيبة لأفراد المجتمع، وبَثِّ الأمن النفسي في أوساطه، وإزالة الخوف والعنف من نفوس أبنائه، وغرْس معاني التوكل على الله تعالى، والرضا بقضائه وقَدَره، والتحلي بالصبر في معالجة المصائب، وصيانة النفوس من الانحراف السلوكي، والخروج بها من المصاعب.


الخطب والمحاضرات:

يقوم المسجد بدور مهم في التربية والدعوة، وإرشاد الناس وتوجيههم، وتقوية الوازع الديني، والحفاظ على الوَحْدة الإسلامية حقيقةً ومظهرًا .


ولقد كان المصطفى - عليه الصلاة والسلام - يجلس بالمسجد النبوي، يُعَلِّم الصحابة أحكام دينهم، ويُبَصِّرهم بعاقبة أمرهم، حتى كان التنافس بينهم في التسابق إلى حضور مجلسه، والتقدم للظَّفَر بالإنصات إليه، لينهلوا من مناهله الثَّرَّة العذْبة، فلم يكن المسجد مخصَّصًا للعبادة فقط، بل كان جامعة علمية للتربية الإسلامية، والعلوم المفيدة، ومنبعًا للثقافة، وتعلُّمِ القرآن، وفَهْمِ آياته وأحكامه التشريعية، ودراسةِ الأحاديث النبوية الشريفة، والتفقُّهِ بنصوصها ومضامينها.


فالتعليم في المسجد له سمة فريدة، وخاصية مميزة، عن التعليم المتلقَّى في أي مكان آخر، فالفرق بين التعليم في المسجد، والتعليم في غيره من وجوه، منها:

1- أن التعليم في المسجد يكتنفه جو عبادي، يشعر فيه العالم والمتعلم والسامع أنهم في بيت من بيوت الله، فيكونون أقرب إلى الإخلاص والتجرد والنية الحسنة، لا يقصدون - في الغالب - من التعلم والتعليم إلا وجه الله تعالى.


2- أن التعليم في المساجد أشمل؛ حيث يدخل من شاء من العلماء المؤهَّلين، ليعلِّم الناس، كما أنه يدخل من شاء من المتعلمين أو المستمعين، فيستفيد في المسجد جمع غفير، العالم والمتعلم والمستمع.


3- أن علماء المسجد وطلابه أقرب إلى عامة الشعوب من طلاب المدارس والجامعات؛ حيث تجد عامة الناس يُقبلون إلى عالم المسجد وطلابه، ويستفيدون منهم، كما تجد عالم المسجد وطلابه يهتمون بعامة الناس في التعليم والدعوة أكثر من غيرهم[12].

 

تهدف خطبة الجمعة إلى تحقيق الأغراض التالية:

1- الوعظ والتذكير بالله تعالى واليوم الآخر، وبالمعاني التي تحيا بها القلوب، والدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.


2- تفقيه متعاطي المخدِّرات، وتعليمهم حقائق دينهم من كتاب الله، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، مع العناية بسلامة العقيدة من الخرافات، وسلامة العبادة من المبتدعات، وسلامة الأخلاق والآداب من الشطط والانحراف.


3- تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام، وَرَدُّ الشبهات والأباطيل التي يثيرها خصومه لبلبلة الأذهان بأسلوب مقنع حكيم بعيدًا عن المهاترة والسباب، ومواجهة الأفكار الهدامة بتقديم الإسلام الصحيح.


4- ربط الخطبة بالحياة، وبالواقع الذي يعيشه الناس، وعلاج أمراض المجتمع، وتقديم الحلول لمشكلاته على ضوء الشريعة الإسلامية الغرَّاء[13].


التعارف والتآلف:

إن متعاطي المخدِّرات يقابل أخاه في المسجد، فيسلم عليه، ويبادله تحية الإسلام إحدى شعائر الإسلام الفاضلة، وقيمه السامية، وآدابه السلوكية الرفيعة التي تتضمن معاني التكريم الصادقة والمودة والألفة، وتُعَمِّق رُوح التضامن بين المسلمين، وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أَوَلاَ أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفْشُوا السلام بينكم))[14].


إن الإسلام ينشد السلام؛ لأنه الأمن والأمان، ويسعى إلى تعميقه في النفوس، وترسيخه في القلوب، وإشاعته بين الناس، حتى يشعر الجميع بالارتياح والأمان، والاستقرار والاطمئنان، ويسود بينهم الشعور الصادق، والعواطف النبيلة، حيث حَضَّ الإسلام على توطيد تلك الأخوة، وبيَّن مقتضياتها ومستلزماتها في كثير من النصوص، قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا ﴾ [آل عمران: 103]، وقال: ((المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يُسْلِمُه، ولا يخذُلُه، ولا يحقره، بحسْبِ امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرامٌ: دمُه، ومالُه، وعِرْضُه))[15].


لقد أوضح المصطفى - عليه الصلاة والسلام - بثاقب نظرته التربوية، التي استقاها من تأديب ربه له، أنه لا يَسْتَلُّ سخائم الحقد من الصدور، ولا ينتزع أدران التنافس والحسد من النفوس، إلا أخوةٌ صادقةٌ تسود حياة المسلمين، وتعم المجتمع المسلم على أساسٍ من المحبة والتواد، والتناصح والألفة والبِشْرِ[16]، وينتفي عنها الكيد والغل، ويزول الحسد والتباغض.


إن المسجد أهم وسيلة تعمِّق الصلاتِ بين متعاطي المخدِّرات، وتفتح قلوبهم للمحبة والتلاقي على الخير، وتغرس بذور المحبة في النفوس، وتتعاهدها بالرعاية على مدار اليوم والليلة، فإذا صَفَتِ النفوس، وتآلفت القلوب، عاش الجميع في أمن وسلام، ومحبة ووئام.


المساواة وترسيخ الأمن في النفوس:

يؤدي المسجد دورًا مهمًا في تهذيب النفوس، وتنقيتها من شوائب الحقد والضغينة، المؤدية إلى التشتت والافتراق، والمثيرة للنزاع والانقسام والشقاق؛ إذْ يغرس في نفوس الأفراد السلوك الصحيح لتنمية الشعور بأن الجميع أسرة واحدة، تجمعهم رابطة الإسلام، وتضمهم وشيجة الإيمان، وذلك من خلال المساواة التي هي من أبَرِّ القيم التي أصَّلَها الإسلام في النفوس، والمنبثقة من وحدة الأصل الإنساني.


فحين تنطلق من مآذن المساجد كلمة التوحيد مُدَوِّيَةً في كل اتجاه، يستجيب المؤمنون لنداء الحق، ويُلَبُّون دعوة خالق الخلق ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]. فإذا تكاملت أعدادهم، والْتَأَمَتْ جموعهم، أعلن المؤذن إقامة الصلاة، فانتظمت جموع المصلين صفوفًا متراصَّةً خلف إمامهم، لا يمتاز شخص على آخر، بل تذوب كل الفوارق، وتزول جميع الحواجز، يضمهم الصف متجاورِينَ، مهما تباينت أحوالهم المادية. ومستوياتهم الثقافية، وحالاتهم الاجتماعية، لا يجد أحدهم غضاضةً أن يقف بجانب أخيه، المأمورُ بجانب الأمير، والغني إلى جوار الفقير، والأبيض ملاصق للأسود، والتاجر مجاور للعامل، والمثقَّف مساوٍ للأمي، وجميعهم في صف واحد، لا تفاضلَ في مواقفهم، ولا تمايزَ في أفعالهم، لا يتقدم واحد بالركوع قبل إمامه حتى يركع، ولا يسجد حتى يسجد، ولا يزيد فعلاً، ولا ينصرف من صلاته قبل انصراف إمامه.


عبادة تتجلى فيها المساواة، وتبرُزُ الوحدة بأسمى صورها، وأجلِّ معانيها، فتعمِّق في نفوس المصلين انتماءهم إلى أصل واحد، وأنهم أمة نبعت من منبع واحد ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا ﴾ [النساء: 1].


يؤكد المسجد المبدأ القويم الذي قرره الإسلام من المساواة بين جميع أفراده، ويؤكد الحقيقة الناصعة من تساوي الناس كلهم أمام خالقٍ واحد، فالكل له عبيد، لا تفاضل بينهم إلا بتقواه، وشدة الخوف منه ورجائه، وهي الدعوة إلى نبذ الاستعلاء، وتنقية الصدور من الكبرياء، وتصفيتها من الحنق والشحناء، فجميع الفوارق تتهاوى، وسائر الفواصل تتساقط، وتبقى التقوى الميزة الفريدة التي تسمو بها النفوس وتتسامى، قال تعالى: ﴿ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].


ووقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمام الجموع الغفيرة في حَجة الوداع؛ ليعلن المساواة، ويؤكد عليها، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ((إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى))[17].


إن المساواة تتكرَّر في المسجد كل يوم خمس مرات، حتى تترسخ في نفوس المصلين ولا تُنسى، ولتتضاءل في أحاسيسهم كل الفوارق الزائفة المؤدية إلى تفتيت المجتمع، والنخر في جسد الأمة، وإيغار النفوس، وتمزيق الصفوف، وليزول من المجتمع كل ما يؤدي إلى الضعف والوهن، وتبطل كل نعرة مَقِيتَة تتسلل وتندس بين صفوفه، ويحُلُّ محلَّها المحبةُ والوئام، والتآلف والانسجام، حتى يبقى المجتمع قويًّا آمنًا، رصينًا متماسكًا، بعيدًا عن كل ما يثير العداوة والشحناء، أو يسبب القطيعة والبغضاء[18].

 

الخاتمة:

• إن التوعية الدينية لمنسوبي الحرس الملكي هي إدراك الإسلام على حقيقته، وأن الإسلام يُحرِّم المخدِّرات بكافة أنواعها؛ لأنها من الخبائث، تصرف الإنسان عن عبادة ربه، وتُخِل بالعقل، وتبدد المال، وتهون العِرْض، وتؤثر في سلامة النسل، وتدفع إلى ارتكاب الجرائم، وتُخِل بأداء الواجبات الملقاة على عاتقه، فيخل بأمن البلاد، ويضر العباد.


• إن التربية الإسلامية لمنسوب الحرس الملكي بالإيمان الصادق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله واليوم الآخر، والقضاء خيرِه وشرِّه، والقيام بأركان الإسلام من إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وتطبيق ذلك في خاصة النفس، وفي من حولهم، والتوبة والندم على ما قصَّر في حق ربه، ونفسه ووطنه، والعمل الجاد على تغيير نفسه وإصلاحها، فتتغير شخصيته، وتتوازن، وتطمئن، ويصبح من عباد الله الصالحين، فيبدل الله سيئاتهم حسنات، بتجنُّبهم للشر في تعاطي المخدِّرات، وحث الآخرين على عدم تعاطيها، وبيان أضرارها على الدين والنفس والعقل والمال والعِرْض.


• إن المساجد هي بيوت الله، وهي أحب الأماكن إليه يذكر فيها اسمه، ويسعى منسوبو الحرس الملكي فيها لإقامة العبادة فيها على الوجه الشرعي، وتَلَقِّي العلم النافع المؤهِّل للعمل الصالح فيخلصون في أداء أعمالهم، ويؤدون المهمات الملقاة عليهم بأمانة وإخلاص، فيتحقق الأمن والسلامة لخادم الحرمين الشريفين والعباد والبلاد.


وآخر دعوانا أنِ الحمد لله رب العالمين.



[1] المعجم الوسيط، كلمة الدور، ص 303.

[2] الإبياري، إبراهيم، كتاب التعريفات للجرجاني، دار الكتاب العربي، بيروت، ط 3، 1418هـ - 1998م، ص140، رقم 695.

[3] العمري، عبدالكريم بن صنيتان، دور المسجد في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي من ندوة المجتمع والأمن، في دورتها السنوية الثالثة، ج 1، 1425هـ - 2004م، ص 189.

[4] جزء من حديث رواه مسلم 2700.

[5] السدلان، صالح بن غانم، المسجد ودوره في التربية والتوجيه وعلاقته بالمؤسسات الدعوية في المجتمع، ط 1، 1415هـ - 1994م، ص 7 - 8 - 9 - 15 - 16 - 17.

[6] دراسة علي عبدالحليم محمود: 1395هـ، المسجد وأثره في المجتمع الإسلامي.

[7] العبودية لابن تيمية 108.

[8] العمري، عبدالكريم بن صنيتان، مرجع سابق، ص 192 - 195 - 196.

[9] السدلان، صالح بن غانم، المسجد ودوره في التربية والتوجيه، وعلاقته بالمؤسسات الدعوية في المجتمع، مرجع سابق، ص 34 -35.

[10] رواه الترمذي وغيره: أوله:" ألا إنها ستكون فتنة .. " الحديث، وقال محقق جامع الأصول: في سنده مجهول.

[11] النابلسي، محمد راتب، نظرات في الإسلام، مرجع سابق، ص 26 - 28 - 29 - 30.

[12] العمري، عبدالكريم بن صنيتان، دور المسجد في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي، مرجع سابق، ص 201 - 202.

[13] لمزيد من التفاصيل يراجع كتاب المسجد ودوره في التربية والتوجيه، وعلاقته بالمؤسسات الدعوية في المجتمع، د. صالح غانم السدلان، مرجع سابق، ص 36.

[14] رواه مسلم 1/74، رقم 93، 54.

[15] رواه البخاري 2442، ومسلم 2580، والترمذي 1426، واللفظ له.

[16] أبحاث الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الإسلام والحضارة 1/62 - 63.

[17] رواه أحمد 5/411، وقال الهيثمي 3/266: رجاله رجال الصحيح.

[18] العمري، عبدالكريم بن صينيتان، دور المسجد في تحقيق مفهوم الأمن الاجتماعي، مرجع سابق، ص 204 - 205 - 206 - 207 - 208 - 209.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الأسرة ودورها في وقاية أبنائها من المخدرات (عرض)
  • ملخص بحث: الحرب على المخدرات
  • ملخص بحث: المخدرات والأسرة والنشء والإسلام والمجتمع
  • ملخص بحث: دور الأسرة مع مدمن المخدرات
  • ملخص بحث: تعامل الأسرة مع مدمن المخدرات
  • دور المسجد في المجتمع
  • دور المسجد (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • التوعية الدينية والتربية الإسلامية ودور المسجد في الحد من تعاطي المخدرات (WORD)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • التوعية الدينية، التربية الإسلامية، دور المساجد في الحد من تعاطي المخدرات(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • التربية الإسلامية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • التوعية الدينية ودورها في الحد من تعاطي المخدرات(مقالة - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • دور المسجد في التبصير بجرائم تقنية المعلومات والحد منها(كتاب - موقع د. سهل بن رفاع بن سهيل الروقي)
  • الأساليب اللاتربوية التي تؤدي إلى تفاقم مشكلة تعاطي المخدرات، ودور الأسرة في الوقاية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دور المراجعة الداخلية الحديثة وأثرها في الحد من المخاطر المصرفية (WORD)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • دور المسجد وبعض آدابه(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • دور المسجد في الإسلام(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • دور المسجد في التربية(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب