• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

الكعبة

الكعبة
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/10/2012 ميلادي - 12/12/1433 هجري

الزيارات: 33803

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الكعبة


الحمد لله رب العالمين؛ جعل البيت الحرام مثابة للناس وأمنا؛ يثوبون إليه من بلدانهم لعبادة ربهم سبحانه، ويأمنون فيه على أنفسهم وأموالهم وأهلهم، ويحسون بأمن في قلوبهم لا يحسونه في غيره، نحمده على وافر نعمه، ونشكره على جزيل عطاياه؛ فله نفحات وهبات، من تعرض لها فأصابته سعد في دنياه وأخراه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ ما ذُكر أحد كذكره، ولا عُظِّم مُعَظٌّم كتعظيمه، ولا أُحِبَ محبوب كحبه، ولا استحق العبودية أحد سواه ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ ﴾ [البقرة: 165] وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ بعثه الله تعالى رسول هدى وداعية حق؛ فبلغ الأمة دينها، وفصّل لها شريعتها، وسلك بها طريق نجاتها؛ فمن اتبعه سعد أبدا، ومن عصاه شقي أبدا؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظموا شعائره وحرماته، والتزموا أمره ونهيه، وقفوا عند حدوده، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

 

أيها الناس:

للبشر على اختلاف أجناسهم وأديانهم شعائر يعظمونها، ومعتقدات يوقنون بها، وأزمنة ينتظرونها، وأماكن يقدسونها..

 

وشرفت أمة الإسلام عن سائر الأمم بأنها أمة عظَّمت ما يستحق التعظيم، وقدَّست ما هو جدير بالتقديس، وهديت للمعتقد الصحيح، وجانبت ما سوى ذلك من الباطل؛ فكانت أمة معصومة من الاجتماع على الجهل أو الهوى.

 

والكعبة أشرف بناء في قلب المسلم، وبقعتها أقدس البقاع عنده؛ فإليها يهوي فؤاده، وإليها تحن نفسه، وبمشاهدتها تتحرك مشاعره، ويرق قلبه، وتفيض مدامعه.

 

إذا ذكرت الكعبة عند المسلم اهتز القلب بالتعظيم، وتحرك بالحنين، وإذا شاهدها صغرت الدنيا في نفسه، وزهدت عينه في كل منظر سوى الكعبة.

 

كم من دعوات رفعت حولها، وكم من عبرات سكبت أمامها.. وكم من قلوب تقطعت تريد بلوغها والتعبد عندها.. يرخص المؤمن كل شيء من الدنيا ليصل إليها..

 

الكعبة.. وما الكعبة؟ هي ذلكم البناء القديم، والبيت العتيق.. أول بيت وضع للناس، وأول بناء للعبادة بني على الأرض، رفع الخليل وابنه عليهما السلام بنيانه، ووضعه على أساس كان موجودا قبله، ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ ﴾ [الحج: 26] ابتناه الشيخ وابنه الشاب حتى أتماه وأحكماه ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127] فتتابعت أجيال على التعبد فيه، وطافت به أمم تلو أمم..

 

لا يُعلم في الأرض بناء طيف به قدر ما طيف بالكعبة، ولا تعبد عنده كما تعبد عندها، ولا يحصي ذلك إلا الله تعالى.. ولأهل الباطل أصنام وأضرحة يطوفون بها، ويتعبدون لها أو حولها.. لكن الكعبة انفردت بأن التعبد فيها تعبد بحق، والطواف حولها طواف بحق، واستقبالها استقبال بحق ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴾ [البقرة: 149].

 

كما امتازت الكعبة بأنها تضرب في عمق التاريخ البشري.. لم يتغير مكانها، ولم يطمر تاريخها، ولم يتخذ المؤمنون بناء غيرها، ولم يختلفوا عليها، ولم يملوا من التوجه إليها، وكل مؤامرات هدمها أو صرف الناس عنها باءت بالفشل الذريع؛ فالكعبة هي الكعبة منذ زمن الخليل إلى يومنا هذا، وإلى أن ينزل المسيح ابن مريم عليهما السلام فيطوف بها.

 

ذكر أهل التواريخ أنها انهدمت مرة فبناها العمالقة، وانهدمت أخرى فبنتها جرهم، وكانت العرب تعظمها وتكسوها؛ كما أخبرت عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فقَالَتْ: كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الكَعْبَةُ رواه البخاري.

 

وأشهر ما نقل في ذلك أنها احترقت أو هدمها السيل والنبي - صلى الله عليه وسلم - في ريعان شبابه قبل أن يبعث بالنبوة، فوهت أركانها، فهدمتها قريش بعد تردد خوفا من العذاب، وأعادت بناءها، حَتَّى إِذَا ابْتَنَوْا فَبَلَغُوا مَوْضِعَ الرُّكْنِ اخْتَصَمَتْ قُرَيْشٌ فِي الرُّكْنِ، أَيُّ الْقَبَائِلِ تَلِي رَفْعَهُ؟ حَتَّى كَادَ يُشْجَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: تَعَالَوْا نُحَكِّمْ أَوَّلَ مَنْ يَطْلُعُ عَلَيْنَا مِنْ هَذِهِ السِّكَّةِ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى ذَلِكَ، فَطَلَعَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ غُلَامٌ عَلَيْهِ وِشَاحُ نَمِرَةٍ، فَحَكَّمُوهُ، فَأَمَرَ بِالرُّكْنِ فَوُضِعَ فِي ثَوْبٍ، ثُمَّ أَمَرَ سَيِّدَ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَأَعْطَاهُ نَاحِيَةَ الثَّوْبِ، ثُمَّ ارْتَقَى هُوَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَرْفَعُوهُ إِلَيْهِ، فَرَفَعُوا إِلَيْهِ الرُّكْنَ فَكَانَ هُوَ يَضَعُهُ.

 

وقبل هذه الحادثة بخمس وثلاثين سنة ابتنى أبرهة كنيسة وزينها وأحكمها، أراد أن يحول الناس إليها بدل الكعبة، وأمر العرب بقصدها في الحج، فلم يحجوا إليها، بل أحدث بعضهم فيها؛ لأنهم رأوا أن الكعبة بيت الله المعظم، قد توارثوا تعظيمه منذ زمن الخليل عليه السلام، فعظم في نفوسهم أن تزاحم الكعبة بغيرها، فسير أبرهة جيشا عظيما لهدمها جبنت قريش عن مواجهته ففرت في الجبال، فانتصر الله تعالى لبيته، وأهلك أبرهة وجنده، وجاء خبر ذلك في سورة الفيل.

 

وسار تبع اليماني إلى الكعبة يريد هدمها فهاجت عليه ريح ردته عنها حتى ثاب إلى رشده، وتاب عن قصده.

 

لقد حفظها الله تعالى بيتا لعبادته، وقبلة لصلاته، ومقصدا لنسكه.. ﴿ جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ ﴾ [المائدة: 97].

وفي أول الإسلام كان المسلمون يتوجهون في صلاتهم لبيت المقدس حتى نزل قول الله تعالى ﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ [البقرة: 144] فكانت الكعبة قبلة المسلمين إلى يومنا هذا، وإلى ما شاء الله تعالى..

 

فزادها ذلك تعظيمًا وتشريفًا حين صيرها الله تعالى قبلة للمسلمين، فيتوجهون إليها من كل أقطار الأرض كل يوم خمس مرات، عدا النوافل الأخرى وهي كثيرة.. وفي صلوات الجمع والأعياد والكسوف والاستسقاء والجنائز تستقبل الكعبة، فهي تستقبل في كل صلاة سواء كانت فرضا أم كانت نفلا، وسواء صليت جماعة أم فردًا.

 

وبنيت مساجد المسلمين في كل الأرض على اتجاه واحد هو اتجاه الكعبة، ومن يصلي في البنيان أو في العراء يستقبلها، وأهم سؤال يشغل المسلم إذا سافر إلى أي بلد من بلدان العالم سؤاله عن اتجاه الكعبة، فكانت الكعبة حاضرة بشكل مكثف في حياة المؤمن.

 

والذبيحة توجه للكعبة تقربا إلى الله تعالى بذبحها، والميت يوضع في قبره فيوجه للكعبة، وقد جاء في الحديث أنها قبلة المسلمين أحياء وأمواتا، والداعي يستقبلها في دعائه، وفضلت الصلاة في المسجد الذي حوى الكعبة بمئة ألف صلاة عما سواه من المساجد، وينسب المسجد إليها فيقال مسجد الكعبة، كما قال النبي: - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن مسجده في المدينة: "صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ" رواه مسلم.

 

ومن تشريف الله تعالى لها أنها لا تستقبل في قضاء الحاجة مهما كان الإنسان بعيدا عنها، كما في حديث أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" رواه الشيخان.

 

وما دامت هذه الأمة تعظمها فهي على خير، ولا يزول الخير عنها إلا بزوال تعظيم الكعبة من قلوبهم؛ كما جاء في الحديث: إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ لَا تَزَالُ بِخَيْرٍ مَا عَظَّمُوا هَذِهِ الْحُرْمَةَ يَعْنِي الْكَعْبَةَ حَقَّ تَعْظِيمِهَا فَإِذا ضيعوا ذَلِك هَلَكُوا.رواه أحمد، وحسنه الحافظ ابن حجر.

 

وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغرس تعظيم الكعبة، واحترام حرمتها، والحفاظ على قدسيتها في قلوب أصحابه رضي الله عنهم؛ ففي فتح مكة اشتد فرح سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ - رضي الله عنه - فقال: يَا أَبَا سُفْيَانَ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ... فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ"رواه البخاري.

 

نسأل الله تعالى أن يحرسها، وأن يدحر أعداءها، وأن يرزقنا تعظيمها، وأقول قولي هذا وأستغفر الله..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، نحمده ونشكره ونتوب إليه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واستقبلوا عشر ذي الحجة بالإقبال على الله تعالى، والتوبة من الذنوب، والانقطاع للعمل الصالح؛ فإنها خير أيام السنة، والعمل الصالح فيها ليس كمثله في غيرها، كما قال النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟" قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: "وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ" رواه البخاري.

 

وشرعت في عيدها الأضحية، ومن أراد أن يضحي فلا يحلق شعرا، ولا يقلم أظفارا؛ لحديث أُمِّ سَلَمَةَ - رضي الله عنها -، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا" رواه مسلم.

 

أيها الناس:

ما فضلت الكعبة لجمال جدرانها، أو ثمنية بابها وميزابها، أو فخامة كسوتها، فكل ذلك يوجد ما هو أفخم منه وأجمل وأعلى ثمنا، وإنما فضلت الكعبة لموضعها، فقد جعله الله تعالى مباركا، وفضله على غيره من البقاع، وشرع فيه عبادة تخصه كالطواف به، وتقبيل الحجر الأسود؛ ولذا قال الفقهاء: لَوْ زَالَتْ الْكَعْبَةُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ إلَى مَوْضِعِ جِدَارِهَا.

 

والظاهر من الأحاديث أن الكعبة تبقى إلى آخر الزمان، ويرد الله تعالى عنها عدوان المعتدين، ويردهم على أعقابهم خاسرين، كما في حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ" رواه البخاري.

 

ويطوف بها المسيح ابن مريم عليهما السلام بعد نزوله وقتله الدجال كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "أُرَانِي اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةِ، فَرَأَيْتُ رَجُلًا آدَمَ، كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ اللِّمَمِ قَدْ رَجَّلَهَا، فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ، أَوْ عَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ" رواه البخاري.

 

فإذا انتهى زمن المسيح عليه السلام، وقبضه الله تعالى إليه، وفسد الناس هدم الأحباش الكعبة، وجاء خبر ذلك في حديث أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يُبَايَعُ لِرَجُلٍ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَلَنْ يَسْتَحِلَّ الْبَيْتَ إِلَّا أَهْلُهُ، فَإِذَا اسْتَحَلُّوهُ فَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَلَكَةِ الْعَرَبِ، ثُمَّ تَجِيءُ الْحَبَشَةُ فَيُخَرِّبُونَهُ خَرَابًا لَا يَعْمُرُ بَعْدَهُ أَبَدًا، هُمُ الَّذِينَ يَسْتَخْرِجُونَ كَنْزَهُ" رواه أحمد بسند صحيح.

 

يهدمها رجل منهم، جاءت صفته في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "يُخَرِّبُ الكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الحَبَشَةِ" وقَوْله ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ: تَصْغِيرُ السَّاقَيْنِ صَغَّرَهُمَا لِدِقَتِهِمَا وَحُمُوشَتِهِمَا. وفي حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "كَأَنِّي بِهِ أَسْوَدَ أَفْحَجَ، يَقْلَعُهَا حَجَرًا حَجَرًا" رواهما البخاري.

 

وفي حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ، وَيَسْلُبُهَا حِلْيَتَهَا، وَيُجَرِّدُهَا مِنْ كِسْوَتِهَا، وَلَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أُصَيْلِعَ أُفَيْدِعَ، يَضْرِبُ عَلَيْهَا بِمِسْحَاتِهِ وَمِعْوَلِهِ" رواه أحمد.

 

هذه هي الكعبة التي ابتناها الخليل عليه السلام، وتعبد فيها وإليها عبر القرون خلق لا يحصيهم إلا الله تعالى، يهدمها في آخر الزمان حبشي بمسحاته!

 

بناها الخليل، وبعث فيها محمد وهما خير البشرية عليهما السلام، ويهدمها شرير من أشرار الناس عند فسادهم، وذهاب أهل الإيمان.. وبين البناء والهدم تاريخ للكعبة حافل بالأحداث، مليء بسير الرسل والصحابة والعلماء والدعاة الطائفين والعاكفين في ساحات الكعبة، وأخبار العباد والصالحين والركع السجد المجاورين عندها..

 

هذه قبلتكم يا أمة محمد لتفاخروا بها، وتتوجهوا إليها بقلوبكم كما توجهت إليها أجسادكم في صلواتكم، فتحققوا العبودية في أعلى درجاتها، وأسمى معانيها، فأروا الله تعالى من أنفسكم خيرا، واعملوا في العشر المقبلة برا ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ المُتَّقِينَ ﴾ [المائدة:27].

 

وصلوا وسلموا على نبيكم..





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • بناء الكعبة
  • أسماء الكعبة، وأسباب التسميات
  • هل رأيت الكعبة؟
  • في جوف الكعبة
  • الكعبة (خطبة)
  • الكعبة رمز التوحيد الخالص

مختارات من الشبكة

  • باب نقض الكعبة وبنائها وباب جدر الكعبة وبابها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • أحكام استقبال الكعبة في الصلاة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فضائل الخروج إلى الكعبة والطواف حولها(مقالة - ملفات خاصة)
  • بناء الكعبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بناء الكعبة قبل الإسلام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • بناء الكعبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة بناء الكعبة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجديد بناء الكعبة وتحكيم النبي صلى الله عليه وسلم في الحجر الأسود(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تجديد بناء الكعبة المشرفة(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • فزت ورب الكعبة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب