• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي / استشارات
علامة باركود

حزين على موت صديقي

حزين على موت صديقي
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/1/2017 ميلادي - 3/5/1438 هجري

الزيارات: 14351

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ ملخص السؤال:

شابٌّ كان يسير بسيارته أمام سيارة صديقِه بسُرعة كبيرة، فتبعَه صديقُه واصطدمَ بشاحنة مُقابلة فمات، والشاب يَشعر بالذنب، ويُحمِّل نفسه مسؤولية موت صديقِه.

 

♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ أعيش حالةَ اكتئاب شديدة، ولديَّ وسواسٌ شديد وتأنيب للضمير، وشعور كبير بالذنب؛ وذلك بسبب أني كنتُ أسير بسيارتي بسُرعة (تقريبًا 100 كم / س)، وكان صديقي يسير خلفي بسرعةٍ كبيرة أيضًا، فقمتُ بمُجاوزة شاحنة، فتبعني صديقي دون تثبُّت، واصطدم بالسيارة المقابلة ومات هو وسائق السيارة الأخرى، أسأل الله أن يرحمهما!


هذا الحادثُ الأليم حدَث منذ سنة تقريبًا، وفي أول الأمر كنتُ متقبلًا له، ولم أحمِّل نفسي شيئًا مِن مسؤولية الحادث، لكن منذ شهرين بدأتُ أُعاني نفسيًّا حتى صرتُ أُحَمِّل نفسي المسؤولية جزئيًّا مع صديقي المتوفَّى، حتى صار ذلك محور تفكيري الوحيد في كل لحظة، وصرتُ دائم الشرود والقلق، وصرتُ ضيِّق الصدر، أحتقر نفسي، ولم أعُدْ أستطيع النوم، وإن نمتُ أستيقظ بعد ساعة أو ساعتين، وأبدأ في التفكير في الحادث وفي تحميل المسؤولية لنفسي حتى الصباح.


ألوم نفسي باستمرار وأقول: لو لم أُسرعْ لَمَا أسرع، ولو لم أتجاوز لما تجاوز.

تعبتُ من التفكير، ولا أدري هل هي صحوة ضمير أو وسواس شيطان؟!

سألتُ مِن الناحية الشرعية، فقال بعض أهل العلم: إنني لستُ مسؤولًا، وبعضهم قال: إن الأمر يرجع إلى قانون المرور، فسألتُ مِن الناحية القانونية فقيل لي: إنني لستُ مسؤولًا، وإن كل سائق مسؤول عن تصرُّفاته، ويجب على كل سائق ألا يعتمدَ على تصرف السائق الذي أمامه!


شعوري بالذنب يُؤلمني جدًّا، وتأنيب ضميري يكاد يَقتُلني، وأحسُّ بحسرة شديدة جدًّا، وأخاف مِن عقاب الله، وأخاف أن ألقى الله وأنا أحمل وزر دماء معصومة بريئة!

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

ففرَّج الله همَّك، ونفَّث كربك، وعافاك من نزغات الشيطان، وعظَّم الله أجرك في فَقْد صديقك، فإنَّ لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مُسمى، فلتصبِرْ ولتحتَسِبْ.


الأخ الكريم، أعلَمُ أن فَقْد أحد الأصدقاء وبهذه الصورة المؤلمة مِن أقدار الله المؤلمة حقًّا، وزاد من وقعها عليك حدوث ذلك أمامك، ممَّا فتح باب الوسوسة، فاستَعِن بالله تعالى، فقد قدَّر ذلك عليك لحِكَم بالغة قد يَغيب بعضها عنا، لكنَّنا على يقين أن الله تعالى قدَّر علينا الموت وهو أحكم الحاكمين، وأرحَمُ الراحمين، كتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تَغلب غضبه، وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها، وأرحم بالعبد من نفسه، وأعلم بما يُصلحهم، ولم يَمتحنا ليُهلكنا ولا ليُعذِّبنا ولا ليَجتاحنا، وإنما ليَمتحن صبرنا، وليَرى تضرُّعنا إليه وابتهالنا له، ولنطَّرح ببابه لائذين بجنابه، وتَنكسر قلوبُنا بين يديه، ونبثَّ شكوانا إليه.


قال الشيخ عبدالقادر: يا بنيَّ، إنَّ المصيبة ما جاءت لتُهلكك، وإنما جاءت لتَمتحن صبرك وإيمانك، يا بُنيَّ القدَر سبع، والسبع لا يأكل الميتة؛ كما في الآداب الشرعية لابن مُفلح.


فدَعْ عنك وساوس الشيطان، ولا تَسترسِل مع الخطرات، وإنما اقْطَعْها كلَّما أحسَسْتها، وتحلَّ بالعقل الراجح؛ فقد استفتَيت أهل الدِّين والمختصين في المرور فأخبروك أنه لا شيء عليكَ، وكان هذا بمفرده كافيًا لقطع الوسواس.


أمر آخر: أنت تعلم أنَّ القدر يُحتجُّ به بعد وقوع المصائب، فقل: قدَرُ الله وما شاء فعل، وركونك إلى قدَرِ الله في هذا المقام واحتجاجُك به على وقوع ذلك الخطأ لا محذورَ فيه، بل هو ما أوصى به الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث يقول: ((المؤمن القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى الله مِن المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعِن بالله ولا تعجز، وإن أصابَك شيءٌ فلا تقلْ: لو أني فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قَدُر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان)).


فالمصائبُ التي لا حيلة لنا في دفْعِها يجب علينا أن نُقابلها بالصبر والتسليم، فهذا أعظم ما يُعينك على الصبر والرضا بأقدار الله المؤلمة، والإيمان بهذا مِن تمام الرضا بالله ربًّا، فهو الحكيمُ العليم بما يُصلح عباده.


فاحتسب صديقك عند الله تعالى، واقرأ القرآن بتدبُّر تجدْ فيه شفاءً للروح والقلب؛ قال الله تعالى:

﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155، 156]، وقال تعالى: ﴿ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، وعن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن عِظَم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمَن رضيَ فله الرضا، ومَن سخط فله السخط))؛ رواه الترمذي.


اجعل تلك الحادثة مُنطلقًا لك لتعديل بوصلة حياتك جهة الصراط المستقيم، واستغفر الله لصديقِك، واعمل له ما يَنفعه من جهة الثواب، فهذا خير له مِن تعذيبك نفسك بغير فائدة.


واستعِن به، والجأ إليه، واستشعرْ معيَّته وقُربَه سبحانه ورعايته، وأن ما أصاب صديقَكَ لم يكن ليُخطئه، وأنَّ ما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويقينك بهذا يُشعرك ببرد التسليم والانقياد في قلبك.


قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ﴾ [التغابن: 11]؛ قال بعض السلف: هو الرجل تُصيبه المصيبة فيَعلم أنها مِن عند الله فيَرضى ويُسلِّم.


وإذا أحسستَ بالوسواس فاقطعه، وقل لنفسك: ما يصنع الجزع والهلع، أو الضيق والشعور بالذنب؟ فهل يردُّ مِن قدَرِ الله شيئًا؟! أو يُغيِّر من واقع الأمر، بل على العكس يَزيد النفس همًّا وكمَدًا.


وتأمَّل قوله تعالى تسليةً لنبيه بسبب حُزنه وتأذِّيه من تكذيب الكافرين: ﴿ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ * وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأنعام: 33 - 35].


هذا؛ وتأمَّلْ كلام شيخ الإسلام ابن القيم في كتابه زاد المعاد (4 / 173 - 178) ففيه إن شاء الله شفاءٌ لعِلَلِكَ، قال في باب: هديه صلى الله عليه وسلم في علاج حرِّ المصيبة وحزنها: "قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157]، وفي "المسند" عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما مِن أحد تُصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهمَّ أجرني في مصيبتي، وأخلِفْ لي خيرًا منها، إلا أجاره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها)).


وهذه الكلمةُ مِن أبلغ علاج المُصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلتِه، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقَّق العبد بمعرفتهما تسلَّى عن مصيبتِه:

أحدهما: أنَّ العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه فهو كالمُعير يأخذ متاعه من المستعير، وأيضًا فإنه محفوف بعدمَين: عدمٍ قبله، وعدم بعده، وملك العبد له مُتعة مُعارة في زمن يَسير، وأيضًا فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه، حتى يكون ملكه حقيقةً، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده، ولا يُبقي عليه وجوده، فليس له فيه تأثير، ولا ملك حقيقيٌّ، وأيضًا فإنه متصرِّف فيه بالأمر تصرُّف العبد المأمور المنهيِّ لا تصرف الملاك، ولهذا لا يُباح له من التصرفات فيه إلا ما وافَقَ أمرَ مالكِه الحقيقي.


والثاني: أن مَصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره، ويَجيء ربه فردًا كما خلقه أول مرة؛ بلا أهل، ولا مال، ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خوَّله ونهايته، فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود؟ ففكره في مبدئه ومعاده مِن أعظم علاج هذا الداء، ومِن علاجه أن يعلم علم اليقين أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليُصيبه؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور ﴾ [الحديد: 22، 23].


ومِن علاجه أن ينظر إلى ما أصيب به، فيجد ربه قد أبقى عليه مثله أو أفضل منه، وادَّخر له - إن صبر ورضيَ - ما هو أعظم من فوات تلك المصيبة بأضعاف مُضاعَفة، وأنه لو شاء لجعلَهَا أعظم مما هي.


ومِن علاجه أن يُطفئ نار مصيبته ببرد التأسِّي بأهل المصائب، وليعلم أنه في كل وادٍ بنو سعد، ولينظر يمنةً فهل يرى إلا محنة؟ ثم ليَعطف يسرة فهل يرى إلا حسرةً؟ وأنه لو فتَّش العالم لم يرَ فيهم إلا مُبتلى؛ إما بفوات محبوب، أو حصول مكروه، وأنَّ شرور الدنيا أحلام نوم، أو كظلٍّ زائل، إن أضحكتْ قليلًا أبكتْ كثيرًا، وإن سرَّت يومًا ساءتْ دهرًا، وإن متَّعت قليلًا منعت طويلًا، وما ملأت دارًا خيرة إلا ملأتها عبرة، ولا سرَّته بيوم سرورٍ إلا خبأتْ له يومَ شرورٍ؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "لكل فرحة ترحة، وما مُلئ بيت فرحًا إلا مُلئ ترحًا"، وقال ابن سيرين: "ما كان ضحكٌ قط إلا كان مِن بعده بكاءٌ".


ومِن علاجِها أن يعلم أنَّ الجزَع لا يردُّها، بل يُضاعفها، وهو في الحقيقة مِن تزايد المرض.

ومِن علاجها أن يعلم أن فَوْتَ ثواب الصبر والتسليم - وهو الصلاة والرحمة والهداية التي ضمنها الله على الصبر والاسترجاع - أعظم مِن المصيبة في الحقيقة.


ومن علاجها أن يعلم أن الجزع يُشمت عدوه، ويَسوء صديقه، ويُغضب ربه، ويسرُّ شيطانه، ويحبط أجره، ويُضعف نفسه، وإذا صبر واحتسب أنضى شيطانه وردَّه خاسئًا، وأرضى ربه، وسرَّ صديقه، وساء عدوَّه، وحمل عن إخوانه، وعزاهم هو قبل أن يعزُّوه، فهذا هو الثبات والكمال الأعظم، لا لطم الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بالويل والثبور والسخط على المقدور.


ومن علاجها: أن يَعلم أن ما يَعقبه الصبر والاحتساب من اللذَّة والمسرَّة أضعاف ما كان يحصل له ببقاء ما أصيب به لو بقيَ عليه، ويَكفيه من ذلك بيت الحمد الذي يُبنى له في الجنة على حمده لربِّه، واسترجاعه، فلينظر: أي المصيبتَين أعظم؟ مُصيبة العاجلة، أو مُصيبة فوات بيت الحمد في جنة الخلد؟ وفي الترمذي مرفوعًا: ((يودُّ ناس يوم القيامة أنَّ جلودهم كانت تُقرض بالمقاريض في الدنيا لما يَرون مِن ثواب أهل البلاء)).


وقال: بعض السلف لولا مصائب الدنيا لورَدنا القيامة مفاليس.

ومن علاجها: أن يروِّح قلبه بروح رجاء الخلف من الله، فإنه من كل شيء عوض إلا الله، فما منه عِوَض كما قيل:


مِن كل شيء إذا ضيَّعته عِوَضٌ
وما مِن الله إن ضيعته عِوضُ

ومِن علاجها: أن يعلم أن حظَّه من المصيبة ما تُحدثه له، فمَن رَضِيَ فله الرِّضا، ومَن سخط فله السخط، فحظك منها ما أحدثته لك، فاخترْ خير الحظوظ أو شرَّها، فإن أحدثت له سخطًا وكفرًا كُتب في ديوان الهالِكين، وإن أحدثت له جزعًا وتفريطًا في ترك واجب أو فعل محرَّم كُتب في ديوان المفرِّطين، وإن أحدثت له شكاية وعدم صبر كتب في ديوان المغبونين، وإن أحدثت له اعتراضًا على الله وقدحًا في حِكمته فقد قرع باب الزندقة أو ولَجه، وإن أحدثت له صبرًا وثباتًا لله كتب في ديوان الصابِرين، وإن أحدثتْ له الرضا عن الله كتب في ديوان الراضين، وإن أحدثت له الحمد والشكر كتب في ديوان الشاكرين، وكان تحت لواء الحمد مع الحمَّادين، وإن أحدثت له محبة واشتياقًا إلى لقاء ربه كتب في ديوان المحبين المخلصين.


ومن علاجها: أن يعلم أنه وإن بلغ في الجزع غايته، فآخر أمره إلى صبر الاضطرار، وهو غير محمود ولا مُثاب، قال بعض الحكماء: العاقل يفعل في أول يوم مِن المصيبة ما يفعله الجاهل بعد أيام، ومن لم يَصبر صبر الكرام سَلا سلوَّ البهائم.


ومِن علاجها: أن يعلم أن أنفع الأدوية له مُوافَقة ربِّه وإلهه فيما أحبه ورضيَه له، وأن خاصية المحبة وسرَّها مُوافَقة المحبوب، فمَن ادَّعى محبة محبوب ثم سخط ما يحبه وأحب ما يُسخطه فقد شهد على نفسه بكذبه، وتمقَّت إلى محبوبه.


ومن علاجها: أن يوازن بين أعظم اللذتين والمُتعتَين وأدومهما؛ لذة تمتُّعه بما أصيب به، ولذة تمتُّعه بثواب الله له، فإن ظهَرَ له الرجحان فآثر الراجح فليَحمد الله على توفيقه، وإن آثر المرجوح من كل وجه فليعلم أن مصيبتَه في عقله وقلبه، ودينه أعظم من مصيبته التي أصيب بها في دنياه". ا هـ مختصرًا.


أسأل الله أن يُفرغ عليك صبرًا، وأن يرحم موتى المسلمين





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • لماذا نخاف من الموت
  • كيفية مواساة الطفل لموت أبيه وأخيه
  • وسواس يراودني بأني السبب في موت أمي!
  • أشعر بالذنب تجاه موت ابنتي
  • أكره الحياة وأخاف الموت
  • أفكار تتعلق بموت والدي وانتحاري!
  • ماتت أحلامي بموت أولادي
  • زوجتي تسببت في موت أمي!
  • اليأس والموت

مختارات من الشبكة

  • مخطوطة تسلية الحزين في موت البنين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة الصحيحة لإيصال الخبر الحزين أو السار إلى ذويه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كم على شفير جهنم من حزين حائر!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إلى صديقي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • بوح حزين!(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نشيد البلبل الحزين(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • حزين .. فكم يستباح الوطن (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • صور من عالم حزين (قصيدة تفعيلة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • نقوش على الجدار الحزين(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أدب وجدان العلي الحزين!(مقالة - حضارة الكلمة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب