• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. علي بن عبدالعزيز الشبل / مقالات
علامة باركود

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (3)

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (3)
الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/5/2016 ميلادي - 23/8/1437 هجري

الزيارات: 18492

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (3)

مقدمة ابن أبي زيد لكتابه "الرسالة"

تأليف الإمام: أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني رحمه الله (ت386)

شرح: فضيلة الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل

 

[واعلم أن خير القلوب أوعاها للخير، وأرجى القلوب للخير ما لم يسبق الشر إليه].

هذه مقدمة مهمة، في حاجة القلوب إلى العلم، وأن القلب - كما يفهم من كلام أبي زيد وغيره - كالإسفنجة، ما سبق إليه أشربه، الإسفنجة إذا وضعتها على ماء تتشرب الماء - أليس كذلك؟ نعم أم بلى؟ عسى عدوكم للبلى،بلى،وإذا وضعت الإسفنجة على بول أو عذرة - أعزكم الله وأعز الحاضرين - أتتشربها أم لا؟! كذلك القلب، إن سبق إليه الخير تمكن منه، وإن سبق إليه الشر تمكن منه؛ ولهذا كان أصح القلوب وأحسنها: أوعاها للخير؛ أي: استيعابًا للخير، وتشربًا له، وأفسدها من تشربت الباطل والشر، والخبث والمكر، خذوا على هذا مثالًا الغناء، الغناء لا يجتمع مع ألفاظ القرآن في قلب عبد، كما أنه لا يجتمع في القلب غبار في سبيل الله ودخان جهنم، وهذه إشارة بأن يبدأ الإنسان بتعلم العلم، وأعظم العلم وأجله: كلام الله؛ القرآن، فإذا حفظه وتابعه بحديث النبي عليه الصلاة والسلام، وتابعه بالعلم، أصبح قلبه والحالة هذه قلبًا حيًّا، وإن سبق إليه الشر، فهو قلب ميت، قلب فاسد، وإن خلط هذا وهذا، أصبح كمن في قلبه مرض، ونقص بقدره.

 

وأولى ما عُنِيَ به الناصحون، ورغب في أجره الراغبون: إيصال الخير إلى قلوب أولاد المؤمنين؛ ليرسخ فيها، وتنبيههم على معالم الديانة، وحدود الشريعة؛ ليُراضُوا عليها].

ليراضوا عليها؛ أي: ليُروَّضوا عليها، والرياضة: الترويض والتعويد على هذا العلم، والصغير علمه ينقش في قلبه كالحجر؛ أي: إنه يثبت، وعلم الكبير مثل نقش على ماء وبحر؛ ولهذا كان السلف يعلمون أولادهم وهم صغار العلم والخير والفضائل؛ لأن العلم في الصغر يبقى بإذن الله، كالمحفوظ في الصغر يبقى؛ ولهذا أمرنا بأهم فرائض الدين أن نتعلمها ونحن صغار، كما سيشير الماتن رحمه الله إلى الصلاة، والصحابة رضي الله عنهم جاءهم العلم ومنهم الصغير ومنهم الكبير، وكلهم اشتغلوا به؛ لأنهم ما كلفوا بالرسالة إلا وهم كبار، أبو بكر رضي الله عنه آمن وعمره أربعون سنة، لكن أولادهم علموهم العلم وهم على صغر، وكذلك التابعون، وكذلك أتباع التابعين، وما زال المسلمون خلفًا بعد سلف يعنون بأولادهم في تعليمهم العلم والدين من الصغر؛ لينشؤوا عليه ويرتاضوا عليه، وهذا مما مضى عليه عمل المسلمين.

 

[وما عليهم أن تعتقده من الدين قلوبهم، وتعمل به جوارحهم؛ فإنه روي أن تعليم الصغار لكتاب الله يطفئ غضب الله، وأن تعليم الشيء في الصغر كالنقش في الحجر].

هذا روي، لكنه في أحاديث فيها ضعف؛ ولهذا صدَّره رحمه الله تعالى بكلمة التضعيف: "روي"، وأيضًا روي في كلام الحكماء أن العلم في الصغر كنقش على حجر؛ أي: إنه يصعب زواله، وهذا تحسونه أنتم معشر الإخوة، ما تعلمتموه وحفظتموه في صغركم باق في أذهانكم، مثل المنقوش نقشًا على حجر أو على صفاة، والمحفوظ في الكبر الغالب أنه يزول إن لم يتعاهد، هذا في الغالب.

 

[وقد مثلت لك من ذلك ما ينتفعون - إن شاء الله - بحفظه، ويشرفون بعلمه، ويسعدون باعتقاده والعمل به].

هنا ذكر لكم طريقة مهمة، أشار إليها في طريقة تلقي العلم، وهو أن العلم لا بد أن يحفظ، أصول العلم لا بد أن تكون في الصدور محفوظة، كما تكون في القلوب مفهومة، والعلم إن لم يحفظ ينسى، وقد نسي آدم أبوكم، فنسيت من بعده ذريته، ﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه: 115]؛ يقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((نسي آدم؛ فنَسِيت ذريته))، وهذا - والله أعلم - من جهة تسمية الإنسان بالإنسان من جهة النسيان.

 

علم الشريعة لا بد له من حفظ أيها الإخوة، وقد يقول قائل: أين هذا في القرآن؟ وإن كان الآن... التربويون الذين تلقوا علومهم عن دافيد وجيمس وجورج وغيرهم من الغرب، يقولون: إن الطريقة التربوية لا تعتمد على الحفظ، وهذا منهج باطل في علوم الشريعة بالخصوص وعلم العربية، منهج باطل؛ أبطله القرآن، وأبطله النبي عليه الصلاة والسلام، وأبطله السلف.

 

في القرآن يقول الله جل وعلا في آية العنكبوت: ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 48، 49]، هو آيات وصفها الله جل وعلا أنها في صدور الذين أوتوا العلم؛ أي: إنها محفوظة في صدورهم، فدل ذلك على أن علم الشريعة الذي أساسه وأصله ومعوله ومعتمده على كلام الله أنه لا بد أن يكون محفوظًا في صدورهم؛ ولهذا من قرأ بلا حفظ، الغالب أنه ينسى، أو يذهل، أو لا يكون منتسبًا إلى أهل العلم.

 

النبي عليه الصلاة والسلام أمر بحفظ العلم؛ ولهذا ألقى على الناس كلام الله، فحفظهم إياه، في حديث أبي ذر وحديث عمر: أنه عليه الصلاة والسلام تكلم مع الناس وخطبهم لما صلى الغداة حتى زالت الشمس، ثم نزل فصلى الظهر، ثم خطبهم حتى أذن العصر، ثم نزل فصلى، ثم خطبهم حتى غربت الشمس، فما ترك أمرًا مما يكون بين يدي الساعة إلا أخبرهم، قالا: وكان أعلَمَنا أحفَظُنا؛ لأن العلم معوله على الحفظ، وأساسه الحفظ، وما أحسنه إن كان الحفظ منضافًا إليه فهم وفقه، ورب حامل فقه وهو غير فقيه، وهو الحافظ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، إذًا لا بد من الحفظ.

 

وكان السلف يعودون أولادهم على حفظ العلم في الكتاتيب وحلق القرآن.

 

وما زال هذا عمل المسلمين حتى جاءت المدارس الآن، فاستقت مناهجها وطرائقها في التعليم والتربية من غير أصول شريعتها، بل ممن أحسنوا بهم الظن من الأمم الشرقية أو الغربية، فتهاونوا بالحفظ، حتى دب هذا المنهج إلى طلاب العلم الآن، بل منكم - واسمحوا لنا بالصراحة والشفافية - منكم الآن من لم يحفظ، وهو منتسب إلى مجلس العلم، قد يكون مُجالسًا، ولكن لا يعد في عرف طلبة العلم وعرف العلماء عالمًا، حتى يحفظ هذا العلم، أصوله ومتونه في صدره؛ ليكون عالمًا.

 

أدركت المشايخ والعلماء لا يجلسون لطالب العلم حتى يحفظ القرآن، وحتى يحفظ جملة من أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، إما في الأربعين النووية، عمدة الحديث، البلوغ، ويحفظ في العقيدة ما يحفظ، في الفقه، في التفسير، في علوم الآلة، وبهذا يكون الإنسان عالمًا، أو طالب علم جادًّا،أما إن كان يقرأ ولا يحفظ، فهذا مجالس ومحب، لكنه غير موصوف عند التحقيق بوصف طلب العلم.

 

ولهذا ثمار هذا كما ترونه الآن فيمن يتصدر للناس الآن إما بالفتوى، أو بالقضاء، أو بالتوجيه، وهو في الحقيقة عامي، ما عنده أصول العلم؛ لأنه لم يحفظ في طلبه، وإن كان يحمل أعلى الشهادات، الماجستير أو الليسانس، أو الدكتوراه، أو البروفيسور، تجده عاميًّا في مسائل العلم، ما السبب في ذلك؟ المنهجية التي تلقى فيها العلم ليست هي منهجية العلماء، بل ربما أنه عاب طريقة العلماء في تلقي العلم، وآثر طريقة الغربيين في الاكتفاء بالفهم فقط دون الحفظ، والفهم يزول بعوارض، منها: النسيان، وزحمة المشاغل، وكثرة التكاليف، والحفظ في الصغر مهم؛ لأن الصغير دائرة الفهم عنده ضيقة، ودائرة الحفظ عنده متسعة، وكلما كبر في سنه، ضاقت دائرة الحفظ، واتسعت دائرة الفهم؛ ولهذا يتدارك كل منا نفسه، وتداركوا ذلك مع أولادكم وصغاركم، فحفظوهم كلام الله، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، عجب يا أيها الإخوة ممن ينتسب للعلم لا يحفظ القرآن، أو ليس في قلبه حفظ لحديث النبي عليه الصلاة والسلام، بل أعجب العجب أن تسمع بعالم من العلماء، ويروي لك الحديث بالمعنى، ولا يرويه بلفظه الذي حفظه؛ لأنه لم يحفظه أصلًا، هذه منقصة ومعيبة في عرف أهل العلم وطلابه.

 

[وقد جاء أن يؤمروا بالصلاة لسبع سنين، ويضربوا عليها لعشر، ويفرق بينهم في المضاجع].

يشير للحديث الذي رواه أبو داود والإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع))، مع أن هؤلاء لم يكلفوا، والتكليف إنما يكون بالبلوغ، والبلوغ له ثلاث علامات للرجل، وأربع علامات للمرأة، الأول: أن ينبتا شعر العانة، وهو الشعر الخشن الذي ينبت على القُبُل، على الفرج، العلامة الثانية: أن يدفق الذكر المني بشهوة باحتلام أو بتفكر، ليس سيلان؛ لأن السيلان قد يكون بسبب مرض، ولكن يخرج دفقًا مصحوبًا بشدة الشهوة، وهذا أيضًا للمرأة، العلامة الثالثة: بلوغ خمس عشرة سنة، وهذا الحد الأعلى للبلوغ، والمرأة تزداد على الرجل بأمر واحد، وهو: أن ينزل عليها دم الجِبلَّة والعادة، دم سيلان، وهو دم الدورة الشهرية، فإذا نزل على البنت بلغت في أي عمر كانت، بشرط ألا ينزل عليها بمرض، وهذا مبسوط تفاصيله في كتب الفقه.

 

والسنين السبع هي أول التمييز، ابن سبع وابن ثمان الغالب أنه مميز؛ ولهذا أمر بالصلاة، وضرب عليها تأديبًا وتأطيرًا على أهم فرائض الدين بعد التوحيد وهو ابن عشر، وأمر أن يفرق بين الأبناء في المضاجع، فلا ينام الابن والبنت في فراش واحد وهم أبناء عشر، هل ينامون في مكان واحد؟ قال بذلك بعض أهل العلم، ولكن مع التباعد بينهما؛ لئلا يدرج إليهما الشيطان فيثير فيهم ما هو جبلة شيطانية حيوانية في النفوس من جهة إتيان الفواحش والعياذ بالله، وأكمل من ذلك وأولاه أن يكون لهؤلاء حجرة، ولأولئك حجرة إن تيسر ذلك، والحمد لله، أظن أن هذا متيسر عند الكثير الأعم من أبناء المسلمين، وآخر سن البلوغ هو خمس عشرة سنة.

 

[فكذلك ينبغي أن يعلموا ما فرض الله على العباد من قول وعمل قبل بلوغهم؛ ليأتي عليهم البلوغ وقد تمكن ذلك من قلوبهم، وسكنت إليه أنفسهم، وأَنِسَتْ بما يعملون به من ذلك جوارحهم].

يبادر إليهم بتعليم العلم قبل البلوغ، والبلوغ إنما يكون فجأة، يحتلم في ليلة فيكون بالغًا في صبيحتها، أو يبلغ خمس عشرة سنة فيكون بالغًا، أو يُنبِت فيكون بالغًا، أو تنزل الدورة فتكون بالغة، فإذا كان مستعدًّا قبل ذلك، وعنده التأهل في التفقه في الدين، والعلم بأحكام الله جل وعلا والشرائع التي تعبدنا الله بها، كان مستعدًّا لذلك، كما أنه استعد بالصلاة، فأهمية تعلم العلم لا تقل عن أهمية معرفة أركان الإسلام وشعائره وفرائضه، وعلى هذا مضى المسلمون، وتلقى خلفهم عن سلفهم على هذا المنهاج، فلا يبلغ الابن أو البنت إلا وقد حصل من علوم الشريعة شيئًا كثيرًا، بل أكثر السلف من العلماء يتمون حفظ القرآن والاعتناء بالعلم قبل البلوغ، وبعد ذلك يتدرجون في درجات العلم، والعلم لا ينتهي بسن، علم الشريعة له أول، وليس له آخر، مع المحبرة إلى المقبرة، من الصغر إلى أن يموت، كلما خاض فيه الإنسان عرف أنه إليه أحوج، وأنه لم يتعلم شيئًا، كالبحر إذا رأيته وأنت على الشط تقول: هذا بحر قريب، وكلما خضت فيه استبان لك عظمه، وكالفضاء كلما ارتفع إليه الإنسان رأى أنه أكثر اتساعًا.

 

[وقد فرض الله سبحانه وتعالى على القلب عملًا من الاعتقادات، وعلى الجوارح الظاهرة عملًا من الطاعات].

يبين لكم الآن سبب تقسيمه في فصل يتعلق بأمور العقيدة، ثم مسائل تتعلق بمسائل الشريعة، سبب ذلك أن الله فرض على القلب أمور الاعتقاد، وفرض على الجوارح الأعمال، الأعمال التي على الجوارح هي مطبقة في مسائل التفقه ومسائل الديانة في الصلاة والزكاة والصوم والحج، في أنواع العبادات، لكن قبل ذلك أمور العقيدة فيما يصلح القلب، وهذا مناسبة ذكر هذه المقدمة العقدية قبل الشروع في المسائل الفقهية التفصيلية.

 

[وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره بابًا بابًا؛ ليقرب من فهم متعلميه - إن شاء الله تعالى، وإياه نستخير، وبه نستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه، وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا].

هنا تبرأ - رحمه الله - من حوله وقوته، "بحول الله وقوته"، وجعل استعانته واستفاضته على الله جل وعلا، به يستخير: يسأله الخيرة، وبه يستعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وهكذا أهل العلم في جل تصانيفهم، يتبرؤون من حولهم وقوتهم، إلا من حول الله وقوته؛ لأنه لو لم يكن عون من الله للفتى، فأول ما يجني عليه اجتهاده، لو لم يُعِنِ الله العالم أو طالب العلم أو صاحب الحاجة على أمر، فإن حاجته وهمته وقوته قد تكون فسادًا في هذا الأمر، وأعظم آية دلت على توحيد العبادة ما جاء في الفاتحة: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وإن شئت يا طالب العلم أن تتفيأ ظلال هذه الآية، فاقرأ مدارج السالكين لشمس الدين ابن القيم، فإن استعانة العبد بالله لا حول له إلا بها، ولا طول له إلا عليها، ولا سبيل له إلا بحول الله جل وعلا وإعانته وقدرته، وكل مَن كان بالله أعرف، عرَف أنه ما زال فقيرًا محتاجًا إلى معونة الله، وإلى هدايته، وإلى توفيقه.

 

ثم ختمها - أي المقدمة - بالصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان،لِمَ ختمها بالصلاة والسلام على النبي؟ هل انتهى مقصوده من التأليف؟ لم ينتهِ مقصوده؛ لأنه ما شرع فيه بعد،إيه يا إخوان،في مقام الدرس لا مانع أن يجيب الطالب فيخطئ، ما دام أن هناك من يسددك؛ لأن الخطأ وسيلة للصواب، لكن في مقام الفتوى لا يجيب إلا إذا كان يعلم، وهذا الفرق بين المقامين،الجواب: لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءنا بهذا الدين، والصلاة والسلام عليه أداء لمعروفه علينا، واعتراف بأن له فضلًا علينا؛ ولهذا كافأه بأن صلى وسلم عليه، ألم يقل النبي عليه الصلاة والسلام: ((من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه))؟ فنحن نصلي ونسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن له المعروف علينا، معروف الدلالة، فهو الذي دلنا على دين الله، وبلَّغنا ما أنزله الله إليه، وعطف على النبي صلى الله عليه وسلم بصحابته، ومن سار على نهجهم من التابعين وعلماء المسلمين؛ لأن هؤلاء لهم معروف، كما أن المؤلف هذا له علينا معروف أيها الإخوة؛ لأنه هو الذي قرب لنا هذه المعاني التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ما تصانيف العلماء وكتبهم ومختصراتهم ومتونهم إلا تقريب لما جاء به الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم؛ لأننا نحن في هذه الأزمان المتأخرة ما عندنا القدرة والاستقلالية أن نستقي مباشرة من القرآن ومن السنة، بل نحتاج إلى تهيئة،ما هذه الكتب والمقدمات والمختصرات إلا تهيئة لنا حتى نستقي مباشرة من الكتاب والسنة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (1)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (2)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (4)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (5)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (6)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (7)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (8)

مختارات من الشبكة

  • النمير الداني لشرح مقدمة ابن ابن أبي زيد القيرواني لوليد بن محمد بن عبدالله العلي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (23)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (22)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (21)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (20)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (19)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (18)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (17)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (16)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • شرح مقدمة ابن أبي زيد القيرواني في العقيدة (15)(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب