• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمود بن أحمد الدوسري / خطب
علامة باركود

والعافين عن الناس (خطبة)

والعافين عن الناس (خطبة)
د. محمود بن أحمد الدوسري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/8/2024 ميلادي - 30/1/1446 هجري

الزيارات: 19446

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

والعافين عن الناس


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: ‌فَالْعَفْوُ: هُوَ التَّجَاوُزُ عَنِ الذَّنْبِ، ‌وَتَرْكُ ‌الْعِقَابِ ‌عَلَيْهِ. وَأَصْلُهُ: الْمَحْوُ وَالطَّمْسُ. وَلَا يَكُونُ الْعَفْوُ مَمْدُوحًا إِلَّا إِذَا كَانَ مَعَ الْقُدْرَةِ، أَمَّا إِذَا كَانَ بِدُونِ قُدْرَةٍ فَهُوَ مَذْمُومٌ؛ لِأَنَّهُ عَجْزٌ وَذُلٌّ.

 

وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَفْوِ عَنْ زَلَّاتِ النَّاسِ، وَتَجَاوُزِ أَخْطَائِهِمْ، وَأَثْنَى عَلَى الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ؛ مِنْهَا:

1- قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 134]، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيْ: إِذَا ‌ثَارَ ‌بِهِمُ ‌الْغَيْظُ كَظَمُوهُ، وكَتَمُوهُ فَلَمْ يُعْمِلُوهُ، وعَفَوْا مَعَ ذَلِكَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ، وَيَحْتَسِبُونَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَا يَبْقَى فِي أَنْفُسِهِمْ مَوْجِدَةٌ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ، وَلِهَذَا قَالَ: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ فَهَذَا مِنْ مَقَامَاتِ الْإِحْسَانِ)؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ [الْمَائِدَةِ: 13].

 

وَقَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يَدْخُلُ فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ: الْعَفْوُ عَنْ كُلِّ مَنْ أَسَاءَ إلَيْك بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. وَالْعَفْوُ أَبْلَغُ مِنَ الْكَظْمِ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ مَعَ السَّمَاحَةِ عَنِ الْمُسِيءِ، وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ مِمَّنْ تَحَلَّى بِالْأَخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ، وَتَخَلَّى عَنِ الْأَخْلَاقِ الرَّذِيلَةِ، وَمِمَّنْ تَاجَرَ مَعَ اللَّهِ، وَعَفَا عَنْ عِبَادِ اللَّهِ رَحْمَةً بِهِمْ، وَإِحْسَانًا إلَيْهِمْ، وَكَرَاهَةً لِحُصُولِ الشَّرِّ عَلَيْهِمْ، وَلِيَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُ، وَيَكُونُ أَجْرُهُ عَلَى رَبِّهِ الْكَرِيمِ، لَا عَلَى الْعَبْدِ الْفَقِيرِ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشُّورَى: 40]). فَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْأَجْرَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى "الْعَفْوِ" أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ الْإِنْسَانُ حَقَّهُ فِي الدُّنْيَا.

 

2- قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الْأَعْرَافِ: 199]؛ أَيْ: تَحَمَّلْ أَخْلَاقَهُمْ، وَتَقَبَّلْ مِنْهَا مَا سَهُلَ وَتَيَسَّرَ، وَلَا تَسْتَقْصِ عَلَيْهِمْ، قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذِهِ الْآيَةُ جَامِعَةٌ لِحُسْنِ الْخُلُقِ مَعَ النَّاسِ، وَمَا يَنْبَغِي فِي مُعَامَلَتِهِمْ، فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُعَامَلَ بِهِ النَّاسُ، أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ؛ أَيْ: مَا سَمَحَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَمَا سَهُلَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْأَعْمَالِ وَالْأَخْلَاقِ، فَلَا يُكَلِّفُهُمْ مَا لَا تَسْمَحُ بِهِ طَبَائِعُهُمْ، بَلْ يَشْكُرُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ مَا قَابَلَهُ بِهِ؛ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ جَمِيلٍ، أَوْ مَا هُوَ دُونَ ذَلِكَ، وَيَتَجَاوَزُ عَنْ تَقْصِيرِهِمْ، وَيَغُضُّ طَرْفَهُ عَنْ نَقْصِهِمْ).

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ الْعَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

قَالَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ: سمعتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ - عَلَى الْمِنْبَرِ: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ قَالَ: «وَاللَّهِ مَا أَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤْخَذَ إِلَّا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ، وَاللَّهِ لَآخُذَنَّهَا مِنْهُمْ مَا صَحِبْتُهُمْ» صَحِيحُ الْإِسْنَادِ – رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ". وَقَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَفْضَلُ ‌أَخْلَاقِ ‌الْمُؤْمِنِ الْعَفْوُ).

 

3- قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التَّغَابُنِ: 14]، قَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (لِأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ؛ فَمَنْ عَفَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ صَفَحَ صَفَحَ اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ غَفَرَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ عَامَلَ اللَّهَ فِيمَا يُحِبُّ، وَعَامَلَ عِبَادَهُ كَمَا يُحِبُّونَ وَيَنْفَعُهُمْ؛ نَالَ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَمَحَبَّةَ عِبَادِهِ، وَاسْتَوْثَقَ لَهُ أَمْرُهُ).

 

وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرَ الْعَفْوِ، كَثِيرَ الصَّفْحِ، وَكَانَ عَفْوُهُ عَنْ مَقْدِرَةٍ، وَسَمَاحَةِ نَفْسٍ، وَطَهَارَةِ قَلْبٍ؛ فَقَدْ عَفَا عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ – بَعْدَ أَنْ مَكَّنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَعَفَا عَنْ ثَقِيفٍ – بَعْدَ أَنْ آذَوْهُ وَخَذَلُوهُ وَطَرَدُوهُ، وَعَفَا عَنِ الْيَهُودِيِّ الَّذِي سَحَرَهُ، وَعَفَا عَنْ يَهُودِيَّةٍ وَضَعَتْ لَهُ السُّمَّ فِي الشَّاةِ، وَعَفَا عَنْ مُشْرِكٍ أَرَادَ قَتْلَهُ، وَعَفَا عَنْ أَعْرَابِيٍّ جَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ؛ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ؛ ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ﴾ [الْأَحْزَابِ: 21].

 

وَخَيْرُ مَنِ اقْتَدَى بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْعَفْوِ عَنِ النَّاسِ- هُمُ الصَّحَابَةُ الْكِرَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَمِنْ نَمَاذِجِ الْعَفْوِ فِي سِيرَتِهِمُ الْعَطِرَةِ:

1- قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ؛ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ، وَفَقْرِهِ: "وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 22]. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "بَلَى؛ وَاللَّهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي". فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا"» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «دَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: "هِي يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؛ فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ [أَيِ: الْكَثِيرَ]، وَلَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ!"، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ؛ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ بْنُ قَيْسٍ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ"، وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ؛ [أَيْ: يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ]» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: «‌كُلُّ ‌النَّاسِ ‌مِنِّي ‌فِي ‌حِلٍّ».

 

3- تَزَوَّجَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ امْرَأَةً، فَسَمَّى لَهَا صَدَاقَهَا، ثُمَّ طَلَقَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 237]؛ فَقَالَ: (‌أَنَا ‌أَحَقُّ ‌بِالْعَفْوِ مِنْهَا).

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ... عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَخْبَارِ الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ:

1- قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (كُلُّ مَنْ ذَكَرَنِي فَفِي حِلٍّ إلَّا مُبْتَدِعًا، وَقَدْ جَعَلْتُ أَبَا إِسْحَاقَ- يَعْنِي: الْمُعْتَصِمَ- فِي حِلٍّ، وَرَأَيْتُ اللَّهَ يَقُولُ: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النُّورِ: 22]، وَقَالَ: (وَمَا يَنْفَعُكَ أَنْ يُعَذِّبَ اللَّهُ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ فِي سَبَبِكَ).

 

2- وَقَالَ ‌الْفُضَيْلُ ‌بْنُ ‌عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (إِذَا أَتَاكَ رَجُلٌ يَشْكُو إِلَيْكَ رَجُلًا، فَقُلْ: يَا أَخِي! اعْفْ عَنْهُ؛ فَإِنَّ الْعَفْوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، فَإِنْ قَالَ: "لَا يَحْتَمِلُ قَلْبِي الْعَفْوَ، وَلَكِنْ أَنْتَصِرُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ"، قُلْ: فَإِنْ كُنْتَ تُحْسِنُ تَنْتَصِرُ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَإِلَّا فَارْجِعْ إِلَى بَابِ الْعَفْوِ؛ فَإِنَّهُ بَابٌ وَاسِعٌ، فَإِنَّ مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَصَاحِبُ الْعَفْوِ يَنَامُ اللَّيْلَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَصَاحِبُ الِانْتِصَارِ يُقَلِّبُ الْأُمُورَ)؛ يَعْنِي: يُفَكِّرُ كَيْفَ يَنْتَصِرُ، فَهَذَا مِمَّا يُؤَرِّقُهُ، أَمَّا إِذَا عَفَا فَيَسْلَمُ صَدْرُهُ.

 

3-وَمِنْ كَلَامِ المُنْتَصِرِ بِاللَّهِ - إِذْ عَفَا عَنِ الشَّارِيِّ الخارِجِيِّ، المُكَنَّى بِأَبِي الْعَمَرَّدِ: (‌لَذَّةُ ‌العَفْوِ أَعْذَبُ مِنْ لَذَةِ التَّشَفِّي، وَأَقْبَحُ فَعَالِ المُقْتَدِرِ الانْتِقَامُ).

 

عِبَادَ اللَّهِ.. فَمَنْ أَرَادَ الْعِزَّةَ – فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فَعَلَيْهِ بِالْعَفْوِ عَنِ الْمُسِيئِينَ وَالتَّجَاوُزِ عَنْهُمْ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: «وَلاَ عَفَا رَجُلٌ عَنْ مَظْلَمَةٍ إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ بِهَا عِزًّا» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. فَالَّذِي يَعْفُو عَنِ النَّاسِ يَعِيشُ عَزِيزًا بَيْنَهُمْ.

 

وَمِنْ أَهَمِّ فَضَائِلِ الْعَفْوِ، وَفَوَائِدِ الصَّفْحِ عَنِ النَّاسِ:

1-الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ دَلِيلُ كَمَالِ الْإِيمَانِ، وَحُسْنِ الْإِسْلَامِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ بِالنَّاسِ.

 

2-الْعَفْوُ وَالصَّفْحُ مِنْ مَظَاهِرِ حُسْنِ الْخُلُقِ، وَسَعَةِ الصَّدْرِ، وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى كَمَالِ النَّفْسِ وَشَرَفِهَا.

 

3-أَهْلُ الْعَفْوِ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَيَعْفُو عَنْهُمْ، ثُمَّ يُحِبُّهُمُ النَّاسُ.

 

4-الْعَفْوُ أَمَانٌ مِنَ الْفِتَنِ، وَعَاصِمٌ مِنَ الزَّلَلِ.

 

5-بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ تَنْقَلِبُ الْعَدَاوَةُ إِلَى صَدَاقَةٍ، وَيَتَحَوَّلُ أَلَدُّ الْأَعْدَاءِ إِلَى وَلِيٍّ حَمِيمٍ، وَإِلَى صَدِيقٍ مُحِبٍّ.

 

6- الْعَفْوُ يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ الْقَاسِيَةِ؛ إِذْ يَجْعَلُ الْمُسِيءَ نَادِمًا مُتَأَسِّفًا عَلَى سُوءِ فِعْلِهِ وَتَصَرُّفِهِ.

 

7-بِالْعَفْوِ وَالصَّفْحِ تُغْفَرُ الذُّنُوبُ، وَتَحْصُلُ الْأُجُورُ وَالْحَسَنَاتُ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير آية: (الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
  • والعافين عن الناس

مختارات من الشبكة

  • العفو (والعافين عن الناس)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • تفسير قوله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ... }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة التفسير: سورة الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: العفو والتسامح شيمة الأتقياء الأنقياء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحديث التاسع عشر: الترهيب من سؤال الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • استراتيجية ذاتية لمواجهة أذى الناس(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنقذته جارية فأنقذ الله بسببه أمة من الناس (PDF)(كتاب - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • البعثة المحمدية وحال الناس قبلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • طريقنا للقلوب: 35 وسيلة لكسب قلوب الناس (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة متخصصة حول الزكاة تجمع أئمة مدينة توزلا
  • الموسم الرابع من برنامج المحاضرات العلمية في مساجد سراييفو
  • زغرب تستضيف المؤتمر الرابع عشر للشباب المسلم في كرواتيا
  • نابريجني تشلني تستضيف المسابقة المفتوحة لتلاوة القرآن للأطفال في دورتها الـ27
  • دورة علمية في مودريتشا تعزز الوعي الإسلامي والنفسي لدى الشباب
  • مبادرة إسلامية خيرية في مدينة برمنغهام الأمريكية تجهز 42 ألف وجبة للمحتاجين
  • أكثر من 40 مسجدا يشاركون في حملة التبرع بالدم في أستراليا
  • 150 مشاركا ينالون شهادات دورة مكثفة في أصول الإسلام بقازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 27/6/1447هـ - الساعة: 18:15
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب