الأحكام الشرعية المتعلقة بالمحبة

الأحكام الشرعية المتعلقة بالمحبة

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وعبده محمد وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن المحبة ركن ركين من مقامات الإيمان والإحسان، وقد اشترط لإيمان كل مكلف أن يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، إلا أن كثيراً من دعاة الفضائيات يركزون على مقام المحبة دون المقامات الأخرى، كما هو معروض هذه الأيام في عدد من البرامج الدينية خلال هذا الشهر الفضيل، وقد قال ابن القيم رحمه الله:" الخوف أحد أركان الإيمان والإحسان الثلاثة التي عليها مدار مقامات السالكين جميعها وهي: الخوف، والرجاءُ، والمحبة وقد ذكره سبحانه في قوله: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 56، 57]، فجمع بين المقامات الثلاثة، فإن ابتغاءَ الوسيلة إليه هو التقرب إليه بحبه وفعل ما يحبه. ثم يقول: ﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ [الإسراء: 57]، فذكر الحب والخوف والرجاءَ" طريق الهجرتين ص 282.

والتركيز على المحبة دون الخوف والرجاء ناتج عن الضعف الشامل للأمة، والنظر للغرب نظرة تخوف وترقب، كحال من يركز على صفة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه نبي الرحمة، ويكثر من ذلك، ولا يذكر أنه صلى الله عليه وسلم نبي الملحمة إطلاقاً، والتوازن هو المطلوب.

وفي هذا المقال، محاولة لبحث مدلولات المحبة والحب في نصوص الوحيين، والأحكام المتعلقة بها، وبالنظر الكلي للنصوص يتبين للقارئ الكريم بعض المسائل المشكلة مثل محبة الزوجة النصرانية، ومحبة القريب الكافر، ونحو ذلك، ومن الله أستمد العون.

وقبل الدخول في الأحكام أنبه إلى الحب عرف بتعريفات كثيرة، والذي يترجح أنه ليس كل شيء يمكن تعريفه كما حققه الإمام ابن تيمية رحمه الله، بل هي بحسب متعلقاتها وآثارها. وأما أحكام المحبة، فيمكن بيانها بسبر موارد ذكرها في نصوص الوحيين، وهي راجعة إلى أربعة معان، وفيما يأتي بيانها.

أولا: من الإيمان بالغيب إثبات أن الله سبحانه وتعالى يُحِب ويُحَب:

من مذهب أهل السنة إثبات صفة المحبة وبيان قيمة المحبة لله سبحانه وتعالى، وهي أنه سبحانه وتعالى يُحِب ويُحَب، وخالف في ذلك الجهمية ومن تبعهم من المعطلة، فأنكروا أثبات صفة المحبة لله تعالى، وأنكروا محبة العباد لله تعالى.

ودليل إثبات الصفة لله تعالى أدلة كثيرة وأكتفي بدليلين فيهما أن الله يحب ويُحب وهو قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]. و قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة: 54].

وهذه المحبة تتفاوت حسب قوة الإيمان، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

وقال: ﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 24].

وفي الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار) (البخاري برقم 16 ومسلم برقم 43).

ومحبة الأنداد أكثر من حب الله ظلم عظيم، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 165].

والمحبة درجات، وقد أثبت الله لنفسه منها الخلة والمحبة والمودة:

• فأثبت الخلة لإبراهيم عليه السلام في قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125].

• وأثبت المحبة الخاصة التي لموسى عليه السلام، فقد قال تعالى: ﴿ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ﴾ [طه: 39].

• وأثبت المودة في قوله: ﴿ وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ﴾ [البروج: 14]. وقال:" ﴿ وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ﴾ [هود: 90].

قال شيخنا عبدالله ابن جبرين رحمه الله في تعليقه على لمعة الاعتقاد:" الود هو خالص الحب ".

ثانياً: من الإيمان بالغيب إثبات أن بعض الجمادات تحب وتُحب:

• فقد ثبت إثبات المحبة لجبل أحد، فعن ابن عباس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أحد جبل يحبنا ونحبه" (رواه البخاري برقم 1482 ومسلم برقم 1392).

ثالثا: من الأمور القدرية الكونية محبة الناس لبعض المخلوقات:

• ودليل ذلك قوله تعالى في آل عمران: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].

• ومن طبيعة البشر المحبة الخاصة بين الزوجين، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21].

• وقد يكون بعض الولد أحب من غيرهم، كما قال إخوة يوسف: ﴿ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا ﴾ [يوسف: 8].

• ومن طبيعة البشر محبة الأقارب، وخاصة ذوي الإحسان منهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: 56] والذي يظهر من الآية أن المقصود أبو طالب بن عبدالمطلب، فقد مات على الشرك مع حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هدايته، وبعض العلماء فسروها بتقدير محذوف، بحيث يكون المعنى: من أحببت هدايته، وكلا القولين ذكرهما الطبري وابن الجوزي والبغوي وغيرهم من المفسرين رحمهم الله، إلا أن الأصل عدم التقدير. ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ [الشورى: 23]، وهو ظاهر ترجيح ابن كثير رحمه الله، فقد قال في تفسير الآية:" نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ عَمّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ كَانَ يَحوطُه وَيَنْصُرُهُ، وَيَقُومُ فِي صَفِّهِ وَيُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا طَبْعِيًّا لَا شَرْعِيًّا" (تفسير القرآن العظيم 6 /246).

• ومن ذلك محبة المصاحب، قال تعالى عن بعض أهل النفاق: ﴿ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ ﴾ [النساء: 73].

• ومن طبيعة البشر حب المال، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات: 8] وقال تعالى ﴿ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ﴾ [الفجر: 20]، وقال جل وعلا: ﴿ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ﴾[البقرة: 177] وقال سبحانه: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8] وقال تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 92]، وقال سليمان عليه السلام في صورة ص:" ﴿ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ [ص: 32].

• ومن طبيعة البشر محبة بعض الأشياء كمحبة السلام وترك الحرب، مع أن القتال قد يكون فيه صلاحهم، ولكن إذا تعارضت محبة الأمن والسلام مع أمر الله تعالى بالجهاد، فيجب تقديم محبة الله على محبة النفس، فلا يلامون إلا عند التعارض، قال تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216] وقال تعالى في بيان حال الصحابة في غزوة بدر: ﴿ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 7].

• ومن ذلك محبة البشر للانتصار ونيل المراد، قال تعالى: ﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ [الصف: 13] وقال تعالى في لوم بعض الصحابة بعد أحد: ﴿ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: 152].

ونحوها من الآيات.

وفي موقف الشرع من محبة هذه الأمور الطبعية يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله في كتابه قاعدة في المحبة ص 17:" وكذلك الذي يحب الطعام والشراب والنساء فإن هذا محمود وبه يصلح حال بني آدم ولولا ذلك لما استقامت نفس الأنساب (لعل الصواب الإنسان) ولا وجدت الذرية ولكن يجب العدل والقصد في ذلك كما قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ﴾ [الأعراف: 31]، وكما قال تعالى: ﴿ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون: 6، 7].

رابعا: من الأمور الشرعية وجوب محبة الله ورسوله وبعض العباد:

وأهم ما أمر الله به في المحبة: محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31]. قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31]. و قوله تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [المائدة: 54]. وهذه المحبة تتفاوت حسب قوة الإيمان، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ﴾ [البقرة: 165]. وقال: ﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [التوبة: 24]. وفي الصحيحين: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله، ومن كان يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"(البخاري برقم 16 ومسلم برقم 43). وفي شمول هذه المحبة للعبادة يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:" فأصل العبادة محبة الله بل إفراده بالمحبة وأن يكون الحب كله لله فلا يحب معه سواه وإنما يحب لأجله وفيه كما يجب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه فمحبتنا لهم من تمام محبته وليست محبة معه كمحبة من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبه" (مدارج السالكين 1 /119).

• ومن ذلك محبة المهاجرين، قال تعالى في سورة الحشر (الآية: 9): ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ﴾ [الحشر: 9].

• ومن ذلك محبة الأنصار، فقد قال صلى الله عليه وسلم:" آية الإيمان حب الأنصار" (رواه البخاري برقم 17 ومسلم برقم 74).

• ومن ذلك محبة آل البيت، قال تعالى: ﴿ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ﴾ [الشورى: 23].

• ومن ذلك أن الله جعل لأهل الإيمان والطاعة حباًّ بأمره الشرعي، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96].

• وقد لام الله الصحابة على حب أهل النفاق فقال في آل عمران: 119: ﴿ هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ ﴾.

• ونفى الله الإيمان عمن يواد من حاد الله ورسوله، قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المجادلة: 22] وقال تعالى: ﴿ لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ ﴾[الممتحنة: 1].

• ومن ذلك محبة الأعمال الصالحة، ومن أعظم النعم أن يحب المرء الإيمان بتوفيق الله تعالى، قال تعالى ممتنا على عباده: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 7].

• وحب التطهر محمود ومن صفات المؤمنين، قال تعالى في التوبة: 108: ﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾.

• ومن ذلك محبة الآخرة أكثر من الدنيا، فقد لام الله من يحب الدنيا على الآخرة، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ ﴾ [النحل: 107].

• وعند تعارض المحبوب لله والمبغوض للنفس، فالواجب تقديم ما يحب الله، وبذا يصبح المكروه محبوبا، ولذا قال يوسف: ﴿ قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ﴾ [يوسف: 33].

• ومحبة الأهل والمال الوطن لا تقدم على محبة ما يحبه الله من جهاد وهجرة، قال تعالى: ﴿ وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24]. ومحبة الدنيا لا تقدم على الآخرة، قال تعالى: ﴿ كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ﴾ [القيامة: 20، 21] وهذه المحاب المذمومة منها ما يصل إلى الشرك بالله تعالى، ومنها ما هو محرم، وتفصيلها في مقال قادم.

وهذا ما تيسر جمعه من أحكام المحبة المأمور بها اعتقادا أو عملا، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.