• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري / أبحاث في فقه المصرفية الإسلامية
علامة باركود

البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية بين التدرج والتحايل

البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية بين التدرج والتحايل
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/7/2024 ميلادي - 24/12/1445 هجري

الزيارات: 1695

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية بين التدرج والتحايل

 

كما ترددت البدائل المصرفية - في مقاصدها - بين أن تحقق المقاصد الشرعية، أو الصور الشكلية، ترددت كذلك في مقاصد صانعيها بين أن يتخففوا من الضوابط الشرعية؛ طلبًا للتدرج فيها، أو قصدًا للتحايل عليها، ونبسط ذلك في مطلبين:

المطلب الأول: العلاقة بين البدائل والتدرج:

لم ينـزل القرآن الكريم جملةً واحدةً، وإنما نزل مفرّقًا على ضوء الحكمة الإلهية، وبحسب الوقائع والمناسبات، فبدأت الآيات القرآنية بتقرير عقيدة التوحيد، ونبذ الشرك بالله، وتوضيح حقائق اليوم الآخر، وبيان أصول الأخلاق الإسلامية، يلخص ذلك جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه لما سأله في بداية الإسلام: ما أنت؟ قال: "أنا نبي"، فقلت: وما نبي؟ قال: "أرسلني الله"، فقلت: وبأيِّ شيءٍ أرسلك؟، قال: "أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء"[1].


وهذا التدرج في إنزال الأحكام الشرعية كان له سببان بارزان:

الأول: ما بيّنه الله تعالى في قوله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾،[2] قال الرازي: "وثالثها: أنه تعالى لو أنزل الكتاب جملةً واحدةً على الخلق، لنـزلت الشرائع بأسرها دفعةً واحدةً على الخلق، فكان يثقل عليهم ذلك، أما لما نزل مفرّقًا منجّمًا - لا جرم - نزلت التكاليف قليلاً قليلاً، فكان تحملها أسهل"[3].

 

والثاني: ما بيّنته عائشة الصديقة رضي الله عنها فيما أخرجه البخاري أنها قالت: "إنما نزل أول ما نزل منه سورةٌ من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيءٍ لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا"[4].

 

قال ابن حجر: "أشارت إلى الحكمة الإلهية في ترتيب التنـزيل، وأن أول ما نزل من القرآن الدعاء إلى التوحيد، والتبشير للمؤمن والمطيع بالجنة، وللكافر والعاصي بالنار، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أُنزلت الأحكام، ولهذا قالت: (ولو نزل أول شيءٍ لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندعها)، وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف".[5]


ولم يكن تدرج الأحكام الشرعية خاصًا بتشريع الحكم فقط، بل شمل ذلك أيضًا تبليغه للناس،[6] يدلّ على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال: "إنك تقدم على قومٍ أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاةً تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها، فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم".[7]


وهل يشمل التدرج كذلك ما يتعلق بأمر التطبيق - وخصوصًا في هذا العصر -؟.

اختلف المعاصرون في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: المنع من التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، وإنما تطبق الشريعة جميعها جملةً واحدةً.


وهو قول عددٍ من المعاصرين[8].


واستدلوا من الكتاب، والأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب بثلاثة أدلة:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾. [9]


ووجه الدلالة: أن الإسلام كلٌ لا يتجزأ، أتمّه الله تعالى، وارتضاه لنا في العبادات والمعاملات والقضـاء وسائر الأحكام، فيجب العمل بجميعه.


ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: أن سنة التدرج سنتها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فالأخذ بها أخذٌ بسنن هذا الدين.


الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ ﴾. [10]


ووجه الدلالة: أن اليهود كانوا يطبقون بعض الأحكام التي جاءت بها شريعتهم، ويتركون بعضها، فأنكر الله ذلك عليهم، قال أبو السعود[11] في تفسيره: "أتفعلون ذلك فتؤمنون ببعض الكتاب، وهو المفاداة، ﴿ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾، وهو حرمة القتال والإخراج، مع أن من قضية الإيمان ببعضه الإيمان بالباقي؛ لكون الكل من عند الله تعالى، داخلاً في الميثاق، فمناط التوبيخ كفرهم بالبعض، مع إيمانهم بالبعض". [12]


ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: بأن ترك اليهود للإيمان ببعض شرائع دينهم إنما كان عن هوىً وكبر، لا عن اتباعٍ لمسالك شرعهم.


الدليل الثالث: قول الله عزوجل: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴾. [13]


ووجه الدلالة: أنه لا يجوز ترك بعض الشرع، ومن فعل ذلك فقد وقع في الفتنة التي حذّر الله رسوله صلى الله عليه وسلم منها. [14]


ويمكن أن يناقش هذا الدليل، وكذلك ما سبقه: أن محل الخلاف في هذه المسألة ليس في ترك العمل ببعض الشرع بالكلية، وإنما هو في التدرج في التطبيق، شيئًا فشيئًا، فالساعي في التدرج ساعٍ في العمل بالدين كله، كلما تحققت له القدرة على ذلك.


(2) واستدلوا من الأثر بنقلين:

الأول: حرص أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - وقد وافقه على ذلك الصحابة رضي الله عنهم- على المبادرة بقتال مانعي الزكاة،[15] مع صعوبة الموقف، والحاجة للتدرج، والترفق بهم، لو كان ذلك سائغًا.


ويمكن أن يناقش: أن الموقف كذلك كان يحتاج إلى الحزم؛ خصوصًا وهو يتعلق بركنٍ من أركان الدين، فرأى الصديق رضي الله عنه أنه ليس بحاجة إلى التدرج معهم، وإنما أخذهم بالقوة والحزم على إقامة الدين، ومسائل التدرج إنما ترجع إلى شرط القدرة، وتقدير المصالح والمفاسد.


والثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم التابعون لما فتحوا البلدان والأمصار لم يتدرجوا مع أهلها، بل حكموا فيهم بحكم الله تعالى دون تدرج.


ويمكن أن يناقش: أن الصحابة رضي الله عنهم لم يحتاجوا إلى ذلك، وقد يحتاج إليه غيرهم، وقد عمل بالتدرج بعض التابعين؛ كما سيأتي. [16]

 

القول الثاني: يسمح بالتدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية بحسب المصلحة الشرعية.

وذهب إليه جمعٌ من العلماء المعاصرين. [17]


واستدلوا من الكتاب، والسنة، والأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب بدليلين:

الدليل الأول: قوله تعـالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا ﴾،[18] وقوله تعـالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾.[19]


ووجه الدلالة: أن تطبيق الشرع إنما يكون بحسب الوسع والاستطاعة، للفرد والجماعة، وهذا يعني التفاوت في التطبيق.


ويمكن أن يناقش: أن ترك الفرد أو الجماعة لتنفيذ الحكم لعدم الاستطاعة، إنما يرجع لمسلك الأعذار الشرعية، لا لمنهجية التدرج.


والدليل الثاني: الآيات التي تدرجت في تشريع بعض الأحكام؛ كفرض الجهاد، وتحريم الخمر.[20]


ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: بأن هذا التدرج كان في بداية الإسلام؛ لابتداء التشريع، ثم نَسخ آخر الأحكام أولها، وأُقرت الشريعة على آخر ما نزلت عليه.


(2) واستدلوا من السنة بدليلين:

الأول: ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليُنقَضنَّ عرا الإسلام عروةً عروة، فكلما انتقضت عروةٌ تشبث الناس بالتي تليها، وأولهنَّ نقضًا الحكم، وآخرهنَّ الصلاة". [21]


ووجه الدلالة:أن الهدم إذا كان يحصل بالتدريج، مع أنه أسهل، فالبناء أولى بالاحتياج إلى التدرج.[22]


والثاني: فعل النجاشي[23] ملك الحبشة، وقد أسلم، وبقي ملكًا على قومه، ولم يحملهم على الإسلام؛ خوفًا على نفسه، وعلى المسلمين معه، وعلِم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولم ينكره عليه.

 

ويناقش: أن النجاشي كان يحكم قومًا كافرين، لم يدخلوا في الإسلام أصلاً، فليسوا في موضع تطبيق أحكام الإسلام لا كلاّ، ولا جزءًا حتى يسلموا.

 

(3) واستدلوا من الأثر: بسيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -، وقد كان يحمل الناس في عصره على أحكام الشرع شيئًا فشيئًا؛[24] فدلّ ذلك على أن التدرج سنةٌ متبعةٌ عند الحاجة إليها، وليست بمنسوخة.


ويمكن أن يناقش من وجهين:

الأول: أن تدرج عمر بن عبد العزيز إنما كان في ردّ مظالم بني أمية إلى مصالح المسلمين، ولم يكن في تعطيل شرع الله تعالى، يدلّ عليه قوله لابنه: "يا بني، إن قومك قد شدّوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريد مكايدتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليّ فتقًا،[25] تكثر فيه الدماء". [26]


والثاني: أنه أثرٌ، لم يُنقل لنا بإسناده، فليس فيه حجة.


(4) واستدلوا من المعقول: بقاعدة: يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام. [27]


ووجه الدلالة: أنه يتسامح في ابتداء تطبيق الشريعة على المجتمعات التي بُعدت عن شرع الله تعالى، ما لا يتسامح فيه في مجتمعات عاشت على نهج الشريعة.


ويمكن أن يناقش: بأن هذه القاعدة كالاستثناء من الأصل؛ لذا يعبر عنها بعضهم بقوله: قد يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام، ومسائلها معدودة،[28] وعكسها أشهر منها. [29]


القول المخـتار:

الناظر في تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلم - وإلى آخر عهده - يجد أنه عليه الصلاة والسلام ترك تنفيذ بعض الأحكام، ترفقًا وتدرجًا بمن حوله، فمن ذلك: ترك نقض الكعبة، وبنائها على قواعد إسماعيل عليه السلام؛ رفقًا بقريش،[30] وترك قتل المنافقين، مراعاةً للصالح العام، ومنعًا للقالة بين الناس؛ "لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه". [31]


وفي المقابل: أقام الحد على المرأة المخزومية، ولم يراعِ غضب قريش،[32] وأمر بتأمير أسامة رضي الله عنه على جيش سيّره، غير مكترث بالقالة بين أصحابه، بل قال: "إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وايمُ الله، لقد كان خليقًا[33] بالإمارة".[34]


فعُلم من ذلك أن حكم التدرج باقٍ، لكنه يختلف باختلاف الوقائع والأحوال والأشخاص، ويضبط ذلك، ويؤطره النظر في النصوص الشرعية وكلام أهل العلم:

أ‌- النصوص الشرعية الموجِهة لفقه التدرج:

من استعرض النصوص من الكتاب والسنة، فيما يتعلق بالتدرج في تطبيق الحكم تأليفًا، وتهيئةً للقلوب، وجدها ترشد إلى بيان هذا الجانب من خلال اتجاهين:

الاتجاه الأول: النصوص التي تدرجت في تشريع بعض الأحكام في جانب الإيجاب، أو التحريم:

• ففي جانب الإيجاب: جاء التدرج في الأمر بالجهاد متوازيًا مع اتساع قدرة المسلمين،[35] وجاء الأمر بتطبيق الزكاة كذلك؛ بحسب قدرة الدولة الإسلامية. [36]


قال القرطبي[37]: "قال بعض المفسرين: إن الله تعالى لم يدع شيئًا من الكرامة والبر إلا أعطاه هذه الأمّة، ومن كرامته وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعةً واحدةً، ولكن أوجب عليهم مرةً بعد مرة". [38]


والتدرج المشروع هنا هو تدرج التطبيق بحسب الاستطاعة، والقدرة للفرد والجماعة.


وفي جانب التحريم جاء التدرج على وجهين:

الأول: تأخير الحكم حتى يستقر الإيمان في النفوس، ثم ينـزل دفعةً واحدةً؛ كتحريم التبني، وتشريع عقوبة الزنا، والقذف.[39]


الثاني: تهيئة النفوس بالتدرج في تشريع الحكم، ومنه تحريم الخمر، والربا، والميسر، وغيرها من العوائد المتمكنة في نفوس المدمنين عليها. [40]


والتدرج المشروع هنا ما تعلق بالتطبيق لا بالتشريع، فلا يُتدرج في تحريم الخمر مثلاً، لكن قد يؤخر الإنكار على الفاعل بحسب الأصلح والأنسب،[41] ويشهد لذلك:

أ‌- على مستوى الأمة: تركه صلى الله عليه وسلم لنقض الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام.[42]


ب‌- وعلى مستوى الفرد: تركه صلى الله عليه وسلم للإنكار على النائحة، فقد أخرج البخاري عن أم عطية رضي الله عنها قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾،[43] ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأةٌ يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أَجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فانطلقت، ورجعت، فبايعها.[44]


وقد استعان عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - بهذا الفهم في سياسة أمر رعيته، وفي هذا يقول لابنه عبد الملك لما قال له: ما لك لا تنفذ الأمور؟ فوالله، ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق، فقال: لا تعجل يا بُني، فإن الله ذمّ الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملةً، فيدفعوه جملةً، ويكون من ذا فتنة.[45]


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالعالم في البيان والبلاغ كذلك؛ قد يؤخر البيان، والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن؛ كما أخرَّ الله سبحانه إنزال آيات، وبيان أحكامٍ إلى وقت تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليمًا إلى بيانها"،[46] وقال في موضعٍ آخر: "فينبغي للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل، وقد يكون الواجب في بعضها كما بيّنته، فيما تقدم، العفو عند الأمر والنهي في بعض الأشياء، لا التحليل والإسقاط".[47]


الاتجاه الثاني: ما ثبت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المسلمين الجدد من الأفراد والقبائل:

• ومن شواهد ذلك مع الأفراد: ما أخرجه الشيخان عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دَوِيّ صوته،[48] ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خمس صلواتٍ في اليوم، والليلة"، فقال: هل عليَّ غيرهنّ؟ قال: "لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان"، فقال: هل عليَّ غيره؟ فقال: "لا، إلا أن تطوع"، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: "لا، إلا أن تطوع"، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفلح إن صدق".[49]


فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالفرائض دون المندوبات، وكأنّ "القصد من القصّة بيان أن المتمسك بالفرائض ناجٍ، وإن لم يفعل النوافل"،[50] وهذا نوع تدرجٍ بالبدء بالواجبات من الضروريات والحاجيات، قبل الأمر بالمندوبات من التحسينيات، و"ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وهذا جارٍ على الأصل أنه لا إثم على تارك غير الفرائض، فهو مفلحٌ، وإن كان غيره أكثر فلاحًا منه". [51]


قال النووي عند حديث أنس رضي الله عنه: "يسروا ولا تعسروا، وسَكِّنوا ولا تنفروا"[52]: "وفيه تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليهم، وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي، كلهم يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلاً قليلاً، وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج، فمتى يُسّر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها سهلت عليه، وكانت عاقبته غالبًا التزايد منها، ومتى عُسّرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن دخل أوشك أن لا يدوم، أو لا يستحليها". [53]


ويبرز هنا تساؤل: هل يتدرج في صنع البدائل الإسلامية بالبدء بما يرفع الحرج، ويجنب المسلم الإثم، وإن لم يحقق المصالح الاقتصادية العليا للأمة؟.


وأقول - بعد ما سجلته سالفًا - أن هذا تدرجٌ يحمد عليه سالكه، ما دام يسلك به مسلكه الصحيح،[54] وقد قررته النصوص السابقة، ويقرره كذلك فقه الأولويات، وتزاحم المصالح.[55]


• ومن شواهد التدرج في التعامل مع المسلمين الجدد من القبائل: ما أخرجه أبو داود عن جابر رضي الله عنه، لما سئل عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها، ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول: "سيتصدقون، ويجاهدون إذا أسلموا"،[56] مع أن مجىء ثقيف كان مع عزة الإسلام، وقوته.


وفي المقابل فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن بشير بن الخصاصية السدوسي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، قال: فاشترط عليَّ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا عبده ورسوله، وأن أقيم الصلاة، وأن أؤدي الزكاة، وأن أحجّ حجة الإسلام، وأن أصوم شهر رمضان، وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله، أما اثنتان، فوالله ما أطيقهما: الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولى الدّبر، فقد باء بغضبٍ من الله، فأخاف إن حضرت تلك جَشِعَت[57] نفسي، وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غُنَيْمَة وعشر ذَوْدٍ،[58] هنَّ رَسَل أهلي وحَمُولتهم،[59] قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم حرّك يده، ثم قال: "فلا جهاد ولا صدقة، فبمَ تدخل الجنة إذًا؟" قال: قلت: يا رسول الله، أنا أبايعك، قال: فبايعته عليهنَّ كلهنَّ. [60]


وفي الأمثلة السابقة ما يبين هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في التدرج على حمل بعض الأفراد، أو القبائل على أحكام الإسلام شيئًا فشيئًا، فكان صلى الله عليه وسلم يراعي ما يعلمه من حال الداخل في الدين؛ من قدرته على تحمل التكاليف دفعةً واحدةً، أو عدم تحمله لذلك، وما يعلمه، أو يغلب على ظنه من مآله في الأخذ بها.[61]


ب- القواعد الفقهية الحاكمة لفقه التدرج:

وأكثر ما يناسب أن يناط الحكم به - استنباطًا من الأمثلة السابقة، واسترشادًا به في غيره - مسلكان:

المسلك الأول: قاعدة عموم البلوى؛ حيث عمّت البلوى بإدمان بعض المحرمات، وبتفشي جذورها المتشعبة في اقتصاديات الناس، وحياتهم الاجتماعية؛ وقد أشارت لهذا الملحظ في فقه التدرج عائشة رضي الله عنها؛ كما سبق. [62]


واعتبار عموم البلوى في الحكم الشرعي مسلكٌ معتبرٌ في الفقه الإسلامي،[63] له أمثلته، وضوابطه، فمن ذلك:

أ‌- العفو عن الشيء؛ لنـزارته وقلته، ومنه: العفو عن الأثر الذي يبقى بعد الاستجمار في محله،[64] والعفو عما لا يدركه الطرف من النجاسات. [65]


ب‌- العفو عن الشيء؛ لكثرته وشيوعه وانتشاره، ومنه: إسقاط الصلاة عن المرأة الحائض،[66] والحكم بطهارة الهرة، وقد علّل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: "إنها ليست بنجس؛ إنها من الطوّافين والطوّافات عليكم". [67]


المسلك الثاني: قاعدة الواجبات منوطة بالاستطاعة؛[68] وقد أرشدت إليه أمثلة التدرج في فرض الواجبات.


واعتبار تعلق التكليف بالاستطاعة، دلت عليه أدلةٌ شرعيةٌ كثـيرة؛ منها: قول الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾،[69] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم".[70]


وهل سيختلف الأخذ بتطبيق الضوابط الشرعية للبدائل المصرفية، بالنسبة للأقليات المسلمة في المجتمعات الكافرة عنها في ديار الإسلام؟.


من القاعدتين السابقتين يتبين أن لعموم البلوى بالمحرمات، ولعدم القدرة على تنفيذ الواجبات أثرًا، قد ينسحب على الأخذ بها، بالضوابط الشرعية لفقه التدرج.


ونخلص مما سبق أن التدرج هو السير وفق خطوات مرحلية، توصل إلى الهدف،[71] وأن أهم الضوابط الحاكمة للتدرج في صنع البدائل المصرفية: [72]

1- إبراز الهدف، وبيان أن القصور الحاصل مؤقت ومرحلي.

 

2- أن ترسم مرحلية التدرج بحسب القدرة على التطبيق، وبالموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة؛ لتقديم الأهم على غيره، وتأخير ما يحسن تأخيره، ويراعى في ذلك اختلاف الحال والزمان والمكان، ثم إنّ ما أمكن تطبيقه لا يجوز أن يُتأخر فيه.[73]


3- الأخذ بمنهج التسلسل المنطقي، والبعد الزمني للتغـيير، بعيدًا عن القفزات المحطمة؛ أخذًا بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق".[74]


4- وإنما يتحدد ما سبق بنظر العلماء الراسخين، وبصدور قرارٍ جماعيٍّ منهم، ولا يترك ذلك للمؤسسات المالية ذاتها.

 

ويحدث الخطأ في استخدام هذه المنهجية من جهاتٍ، أبرزها:

1- إذا لم يرسم الهدف أصلاً، أو كان الهدف ليس هو الغاية التي أرادها الشارع.

 

2- إذا كانت الخطوات لا توصل إلى الهدف.

 

3- إذا تأخر تنفيذ الخطوة التالية مع توفر أسباب نجاحها، أو اُستعجل في ذلك مع عدمها.

 

4- إذا بدأ التراجع في تنفيذ الخطوات، بعد تحقق النتائج الإيجابية.

 

كل تلك الأطر العامة، والمعايير الضابطة تنبغي مراعاتها، حتى لا يخرج بنا سلوك التدرج إلى هاوية التدحرج، وحتى تبقى مسيرة العمل المصرفي قريبة من التطور، بعيدة عن التدهور، بإذن الله تعالى. [75]

 

المطلب الثاني: العلاقة بين البدائل والحيل:

لما انقسمت الطرق الخفية في تعاملات الناس إلى حيلٍ محرمة، ومخارج شرعية مباحة اشتبه المحرم بالمباح، واستدل البعض بأدلة مشروعية الثاني لتجويز الأول، وتعين علينا ابتداءً ضبط معالم القسمين بما يحدد معنى كلٍ منهما، وصوره، ويوجّه أدلته، ولو على جهة التقريب، قال العز بن عبد السلام: "ما لا يحد ضابطه لا يجوز تعطيله، ويجب تقريبه"؛[76] وعلّل ذلك تلميذه القرافي بقوله: "لأن التقريب خير من التعطيل".[77]


أولاً: حقيقة الحيل المحرمة:

إذا نظرنا في الأدلة الشرعية التي ذمّت سلوك الطرق الخفية، مما يُقصد به التخلص من تبعة الحكم الشرعي، وجدنا أنها دارت على محدداتٍ بارزة، كانت هي سبب الذمّ والمنع؛ فمن ذلك:

1- المحدد الأول: ما أخرجه ابن بطة من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: "لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل".[78]


وفي هذا الحديث دليلٌ على أن مقصود الحيلة الوقوع فيما حرّم الله تعالى؛ بأيِّ صورةٍ يُخدع فيها الناظر لها ابتداء، وتكون سهلة التنفيذ، مقارنةً بالطريق الشرعي.

 

ويظهر هذا بعرض مثالين لتحايلهم؛ الأول نبّه عليه القرآن، والثاني نبّهت عليه السنة:

‌أ- المثال الأول: في قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾.[79]


فوصلوا إلى حقيقة المحرم، لا إلى صورته: فهم لم يصطادوا الحيتان يوم السبت، لكن هي التي وقعت في الشباك أو الحُفر يوم السبت،[80] وأخذوها هم يوم الأحد، ففعل الصيد لم يحدث منهم مباشرة، وفعل الأخذ والأكل لم يكن يوم السبت،[81] لكن حقيقة الأمر أنهم أخذوا حيتان السبت، وهي عين ما نهوا عنه، ثم إن ذلك دعاهم إلى استحلال ذات المحرم بعد ذلك.

 

قال ابن كثير: "وهؤلاء قومٌ احتالوا على انتهاك محارم الله، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة، التي معناها في الباطن تعاطي الحرام".[82]


فكان مقصود الحكم منعهم من أخذ الصيد بطريق المباشرة، أو التسبب؛ لكنهم تجرؤوا عليه بحيلةٍ هي " استحلال تأويل واحتيال، ظاهره ظاهر الاتقاء, وحقيقته حقيقة الاعتداء؛ ولهذا - والله أعلم - مسخوا قردةً؛ لأن صورة القرد فيها شبهٌ من صورة الإنسان، وفي بعض ما يذكر من أوصافه شبهٌ منه، وهو مخالفٌ له في الحدّ والحقيقة".[83]


‌ب- المثال الثاني: ما أخرجه الشيخان من حديث جابر رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: "إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر، والميتة، والخنـزير، والأصنام"، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس[84]؟، فقال: "لا، هو حرام"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "قاتل الله اليهود، إن الله لما حرّم شحومها جملوه،[85] ثم باعوه، فأكلوا ثمنه".[86]


فاليهود هنا وصلوا إلى حقيقة المحرم، لا إلى صورته، فهم نهُوا عن أكل الشحوم، فأذابوها حتى تغيرت صورتها، وتغير اسمها، فصارت دهنًا سائلاً، وسمي ودكاً،[87] ثم باعوها، فلم يأكلوها مباشرة، وإنما أكلوا بدلها،[88] لكن حقيقة الأمر أنهم وصلوا إلى الانتفاع بما حُرم عليهم، بعد تغيير صورته مرتين.

 

فحقيقة الحيلة أن يأتي حقيقة المحرم من جهة تختلف في الصورة، أو الاسم عن الجهة التي نهي عنها؛ كمثل التحايل على قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ﴾،[89] فلا يأكلها، لكن ينفقها في بعض حاجته.[90]


2- المحدد الثاني: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم".[91]


والالتفاف على أوامر الله تعالى، وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم صورةٌ أخرى من صور الاحتيال، فلا يأتي بالواجب على وجهه، بل يسعى للتحايل عليه، ولهذا مثالان:

أ‌- المثال الأول: ما أخرجه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه حدّثه أن في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة: "ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرّق بين مجتمع؛ خشية الصدقة".[92]


وصورة المنهي عنه: أن يجمع أو يفرّق مال الزكاة من بهيمة الأنعام؛ لتقل حصّة الزكاة؛ فيتحيل بذلك على أداء الواجب.[93]


ب‌- والمثال الثاني: ما أخرجه الخمسة إلا النسائي عن علي رضي الله عنه، قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلِّل، والمحلَّل له.[94]


والمحلِّل يتحايل لإسقاط شرط التحليل؛ وهو نكاح الرغبة مع الوطء.[95]


ومن الحيل التي نهُي عنها نصًا في خصوص المعاملات المالية: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن العينة،[96] وصورتها: أن يبيع سلعةً بثمنٍ آجل، ثم يشتريها بثمنٍ عاجلٍ أقل،[97] فقصدوا بيع نقدٍ بنقد، مع التأجيل والتفاضل، وهو محرم؛ لاشتماله على ربا النسيئة والفضل، وأخرجوه في صورة بيعتين بينهما شرط أو تواطؤ، مع أنه لا غرض لواحدٍ منهما في السلعة، وإنما هي كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: دراهم بدراهم، دخلت بينهما حريرة.[98]


فدار التحيل على حصول المحرم بعينه، مع قيام مفسدته، وزيادتها بتعب الاحتيال في معصية ومخادعة الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ثانيًا: حقيقة المخارج الشرعية:

وإذا نظرنا في الأدلة الشرعية التي رخصت في سلوك الطرق الخفية، مما يُقصد به الدلالة على المخارج عند المضايق، وجدنا أنها دارت على محدداتٍ بارزة، كانت هي سبب الترخيص والإباحة؛ فمن ذلك:

1- المحدد الأول: ما جاء من الدلالة على سلوك طرقٍ خفية؛ لأداء الواجب، ووصول الحق لصاحبه:

‌أ- فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ ﴾.[99]


فأيوب عليه السلام كان شديد التعظيم لأمر اليمين، حتى نقل الطبري[100] أنه كان يمرّ على الرجلين يتنازعان، فيذكران الله، فيرجع إلى بيته، فيكفّر عنهما؛ كراهية أن يُذكر الله إلا في حق،[101]وقد حلف على امرأته إن شفاه الله، ليجلدنها مائة جلدة، وكانت قائمةً بحقه في مرضه، فأمره الله بسلوك هذه الطريقة لأداء ما وجب عليه، دون أذيةٍ لزوجه؛ وذلك بأن يأخذ غصنًا، فيه مائة عودٍ، فيضربها به ضربةً واحدة، فيحصل بذلك مقصود الشرع في حصول التقوى في الأمرين؛ برّه بيمينه، وعدم أذية زوجته البارّة به، أو ضربها فوق حد الأدب.[102]


‌ب- ومن الثاني: ما أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو جاره، فقال: "اذهب، فاصبر"، فأتاه مرتين أو ثلاثًا، فقال: "اذهب، فاطرح متاعك في الطريق"، فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه، فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه؛ فعل الله به، وفعل، وفعل، فجاء إليه جاره، فقال له: ارجع، لا ترى مني شيئًا تكرهه.[103]


فوصل بهذه الطريق الجائزة إلى حقه في الجوار، ودفع الأذى عنه.

 

2- المحدد الثاني: ما جاء من الدلالة على سلوك طرقٍ خفية؛ للتخلص من الوقوع في المحرم، أو لدفع شرٍ وظلم:

أ‌- فمن الأول: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.[104]


والمقصود بالحيلة في هذه الآيات الحيلة المشروعة، التي يثاب عليها فاعلها؛ لأن فيها تخلصاً من الكفار، ومن البقاء بين ظهرانيهم.[105]


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فلو احتال المؤمن المستضعف على التخلص من بين الكفار لكان محمودًا في ذلك... وللناس في التلطف، وحسن التحيل على حصول ما فيه رضا الله ورسوله, أو دفع ما يكيد الإسلام وأهله سعيٌ مشكور".[106]


ب‌- ومن الثاني: ما أخرجه أحمد وغيره عن سويد بن حنظلة رضي الله عنه قال: خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا وائل بن حجر، فأخذه عدوٌ له، فتحرّج الناس أن يحلفوا، وحلفتُ أنه أخي، فخلى عنه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرتُ ذلك له، فقال: " أنتَ كنتَ أبرهم وأصدقهم، صدقتَ، المسلم أخو المسلم".[107]


فسلك رضي الله عنه المعاريض المباحة للوصول إلى مقصدٍ مشروع، وهو رفع ظلمٍ، وإنقاذ نفس مسلمٍ، وكما جازت المعاريض القولية جازت المخارج؛ إذ حقيقتها معاريض عملية.[108]


ومن المخارج التي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إليها في خصوص المعاملات المالية: ما أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء بلال بتمر بَرْني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أين هذا؟"، فقال بلال: تمرٌ كان عندنا رديء، فبعت منه صاعين بصاعٍ؛ لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "أوِّه، عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر، ثم اشتر به".[109]


وعليه فالحيل المذمومة والمخارج المشروعة يجتمعان في سلوك طريقٍ خفيٍّ، ظاهره الجواز،[110] لا تدرك حقيقته إلا بنوع فطنة؛ إما لأن ظاهره خلاف باطنه، وإما لأن الذهن لا يلتفت له عادةً.[111]


ويفترقان في أنّ المخارج المشروعة حقيقتها التوصل لأداء ما أوجب الله تعالى، أو التخلص من الوقوع فيما حرّمه سبحانه، وأما الحيل فمقصودها التوصل لما حرّمه الله تعالى؛ من ارتكاب محظور، أو ترك واجب، أو إسقاط حق،[112] قال ابن عباس رضي الله عنهما: "سدت عليكم أبواب الربا، فأنشأتم تطلبون مخارجها"؛ أيّ حيلها.[113]


وتعرف الحيل المذمومة بعلامات فارقة بينها وبين المخارج المحمودة، ومن أبرز تلك العلامات في أبواب المعاملات المالية ما يلي:

(‌أ) من جهة سببها:

1- وأسباب الحيل لخصَّها ابن تيمية في القواعد النورانية، فقال: "ولقد تأملتُ أغلب ما أوقع الناس في الحيل؛ فوجدته أحد شيئين: إما ذنوب، جُوزوا عليها بتضييقٍ في أمورهم، فلم يستطيعوا دفع هذا الضيق إلا بالحيل... وإما مبالغةٌ في التشديد لما اعتقدوه من تحريم الشارع، فاضطرهم هذا الاعتقاد إلى الاستحلال بالحيل، وهذا من خطأ الاجتهاد، وإلا فمن اتّقى الله، وأخذ ما أحلّ له، وأدى ما أوجب عليه، فإن الله لا يحوجه إلى الحيل المبتدعة أبدًا".[114]


(‌ب) من جهة القصد منها:

2- أن يقصد بالعقد ما ينافيه، أو ما لم يشرع له؛ كأن يقصد من العقد بعض أحكامه التي تحصل تبعًا لحصوله على الوجه المشروع. [115]


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "العقد إذا كان له مقصودٌ يراد في جميع صوره، وشُرط فيه ما ينافي ذلك المقصود، فقد جمع بين المتناقضين؛ بين إثبات المقصود ونفيه، فلا يحصل شيء، ومثل هذا الشرط باطلٌ بالاتفاق، بل هو مبطلٌ للعقد عندنا".[116]


3- أو يقصد مقصدًا مخالفًا للشرع، وتعرف المقاصد المذمومة بالنظر في مسالك: التهمة، والتواطؤ، والمآلات،[117] وأن ينظر خصوصًا إلى الباعث على العقد، قال ابن القيم: "من نوى بالبيع عقد الربا حصل له الربا، ولا يعصمه من ذلك صورة البيع". [118]

 

(‌ج) من جهة شكلها:

4- غالب الحيل قوامها على التركيب، وعلى الناظر أن يُفرد كل عقدٍ منهما، وينظر هل قصد المتعاقدان عقده؛ بحظه من الثمن، أو لا؟. [119]


فمن صور الحيل المنتشرة: أن يجمع بين عقدين بشرطٍ أو تواطؤ، يُمنع الجمع بينهما؛ كالتحايل على أخذ زيادةٍ على القرض، بجمع عقد القرض مع محاباة في عقد معاوضة، أو مشاركة.[120]


وقد تظهر الحيلة في الجمع بينهما، وقد تظهر في محاولة إظهارهما منفصلين، وحقيقة الأمر اجتماعهما، أو إظهار أن الشرط الذي حصل به التركيب خارج العقد، والحقيقة أنه من صميمه.[121]


5- وغالب الحيل تعتمد على تغيير الألفاظ، أو الأخذ بظاهر العقد، دون النظر إلى الحقائق، وقد نبّه النبي صلى الله عليه وسلم على فشو هذا المسلك في آخر الزمان، فعند أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليشربنَّ ناسٌ من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها". [122]


6- وقوامها كذلك على فعل اللغو؛ فيعقد عقدًا؛ ليفسخه، أو يدخل سلعة؛ ثم يخرجها كما دخلت، فمن الأول: أن يضم إلى العقد عقدًا ليس بمقصود؛ كالتحايل على ربا النسيئة في مسألة العينة، ومنه صورة المحلل في النكاح، ومن الثاني: أن يضم لأحد العوضين عوضًا غير مقصود؛ كالتحايل على ربا الفضل في مسألة مدّ عجوة، ومنه صورة المحلِّل في الميسر.

 

ومن دلائل ذلك: أن تفحص المعاملة بقاعدة المدخلات والمخرجات، وهي قاعدة ذهبية أصلّها المالكية في بيوع الآجال، وملخصها: أن "ما خرج من اليد، وعاد إليها يعدّ لغوًا"،[123] و"أن ينظر ما خرج من اليد وما خرج إليها، فإن جاز التعامل به صح، وإلا فلا"،[124] فتلغى الوسائط، وينظر في المحصّلة النهائية؛ فإن كانت نقدًا حاضرًا بزيادةٍ في الذمّة فهو ربا، أو ضمانًا بجعل، فهو غرر، ولا عبرة بما توسط من عقود.[125]


ويتردد الناظر بين كون الحيلة جائزةً أو ممنوعةً، إذا تردد في عين المقصود من الفعل، أو في حكمه،[126] وأكثر ما يكون ذلك إذا قصد المكلف بصورة الفعل أثرًا من آثاره، ونتيجةً من نتائجه، ولم يقصد حقيقته، والحكمة من تشريعه؛[127] كنكاح المحلِّل، يريد بالنكاح أثره من حلّها للأول، ولا يقصد به مقاصد النكاح التي شُرع لها؛ من المودة، والسكن، ونحوها.

 

ومن أبرز ما يوضح ذلك في باب المعاملات المالية أن نستعرض اختلافأنأنتتاختلافا الفقهاء -رحمهم الله- في مسألتي العينة والتورق:

المسألة الأولى: ما حكم بيع العينة؟.

صورة المسألة:

العينة في اللغة: خيار الشيء، وعين الشيء: نفسه، والعِينة بكسر العين تطلق على الربا، والسلف، ويقال: اعتان الرجل؛ أي اشترى بنسيئة.[128]


وسميت عينةً؛ لحصول النقد لطالب العينة؛ فاشتقاق المعنى الشرعي من العين، وهو النقد الحاضر.[129]


وعرّفها الفقهاء بتعريفاتٍ عدّة، أبرزها اثنان:

الأول ما يبرز صورتها: فهي بيع سلعةٍ بثمنٍ مؤجل، ثم شراؤها بثمنٍ معجلٍ أقل.[130]

والثاني ما يبرز حقيقتها وتخريجها: فهي: "قرضٌ في صورة بيعٍ؛ لاستحلال الفضل".[131]


واقع المسألة:

ظهرت حقيقة بيع العينة في تعاملات الناس على صورٍ متعددة، منها:

• أن يشتريها أبعد من ذلك الأجل، بأكثر من الثمن.[132]


• ومن صورها عكس العينة: أن يبيعها بثمنٍ معجل، ثم يشتريها بثمنٍ مؤجلٍ أكثر.[133]


• ومنها العينة الثلاثية: أن يُدخلا بينهما ثالثًا، فيبيع الأول سلعةً بثمنٍ مؤجل، ثم يبيعها الذي اشتراها لثالث بثمنٍ معجلٍ أقل، ثم يبيعها الثالث على الأول كما اشتراه من الثاني، فيحصل للثاني نقدٌ أقل، وعليه للأول دينٌ أكثر.[134]


تحرير محل النـزاع:

• أن تتم البيعة الثانية قبل نقد الثمن؛ فإن تمت بعده جازت بالإجماع، ولو بأقل من الثمن.[135]


• أن يشتري بأقل مما باع، أما لو اشترى بمثله أو أكثر، جاز بالإجماع؛ لخلوه من الشبهة.[136]


• أن ترجع السلعة إلى الأول، وإلا لم تسم عينة أصلاً.[137]


• أن يكون الثمن في كلا البيعتين النقد، لا العرض، وإلا جازت؛ لأن التحريم إنما كان لشبهة الربا، ولا ربا بين الأثمان والعروض، قال ابن قدامة: "ولا نعلم فيه خلافًا".[138]


• أن تكون البيعة الثانية ليست مشروطة في العقد الأول؛ وإلا حرمت؛ حتى عند القائلين بجواز بيع العينة.[139]


وما توفرت فيه الشروط السابقة، اختلف أهل العلم في حكمه على قولين:

القول الأول: حرمة بيع العينة.

وهو قول عائشة،[140] وابن عباس رضي الله عنهم، والحسن،[141] وابن سيرين[142]،[143] ومذهب الجمهور؛ من الحنفية،[144] والمالكية،[145] والصحيح عند الحنابلة.[146]


قال ابن الهمام[147]: "ومن باع جاريةً بألف درهمٍ حالةً أو نسيئةً، فقبضها، ثم باعها من البائع قبل نقد الثمن بمثل الثمن، أو أكثر جاز، وإن باعها من البائع بأقل لا يجوز عندنا".[148]


وقال ابن رشد[149]: "أن يشتريها قبل الأجل نقدًا بأقل من الثمن، أو إلى أبعد من ذلك الأجل بأكثر من ذلك الثمن، فعند مالك، وجمهور أهل المدينة أن ذلك لا يجوز".[150]


وقال ابن قدامة: "ومن باع سلعةً بنسيئةٍ لم يجز أن يشتريها بأقل مما باعها به".[151]


واستدلوا من السنة، والأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة بثلاثة أدلة:

الدليل الأول: ما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد سلّط الله عليكم ذلاً، لا ينـزعه حتى ترجعوا إلى دينكم".[152]


ووجه الدلالة: النهي عن التبايع بالعينة، والمقصود بها صورة المسألة.[153]


ويمكن أن يناقش: أن العينة المنهي عنها يراد بها بيع النسيئة؛ كما فسّرها الإمام أحمد.[154]


الدليل الثاني: ما أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة.[155]


ووجه الدلالة: أن بيع العينة بيعتان، بينهما اشتراط لفظي أو عرفي؛ فكان بيعتين في بيعة.[156]


ونوقش هذا الاستدلال: بأنّ جمعًا من أهل العلم فسّروا بيعتين في بيعة؛ أن يقول: أبيعك هذه السلعة بمائة درهمٍ نقدًا، وبمائتي درهمٍ نسيئة، أو أبيعك على أن تبيعني، وليستا من صورة المسألة.[157]


وأجيب: بأن في رواية أبي داود: "من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما، أو الربا"[158] دلالةً على أن اجتماع البيعتين أدّى إلى الربا؛ وأن سبب المنع أن هذه المعاملة ذريعة للربا - لا للجهالة بالثمن -، وهذان الأمران متحققان في صورة المسألة المتنازع فيها، وقوله صلى الله عليه وسلم: "له أوكسهما"؛ أيّ أقلهما،[159] وهو رأس ماله الذي نقده، فإن أخذ أكثر منه وقع في الربا. [160]


الدليل الثالث: ما أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلفٌ وبيع، ولا شرطان في بيع"، الحديث. [161]


وقد اُختلف في تفسير "شرطان في بيع"؛ كما اُختلف في تفسير "بيعتين في بيعة"،[162] ويقوِي حمله على معنى العينة اقتران النهي عنه بالنهي عن سلف وبيع، وإنما نهي عنه؛ سدًا لذريعة الربا. [163]


(2) واستدلوا من الأثر بأثرين:

الأول: أثر عائشة رضي الله عنها في قصّة زيد بن أرقم رضي الله عنه، وقد أجابت السائلة لما سألتها: إني بعته جاريةً إلى عطائه، بثمانمائة نسيئة، وإنه أراد بيعها، فاشتريتها منه بستمائة نقدًا, فقالت لها: بئس ما اشتريتِ، وبئس ما اشترى، أبلغي زيدًا أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب.[164]


وسبق بيان وجه دلالته، والمناقشات التي أوردت عليه. [165]


والثاني: أثر ابن عباس رضي الله عنه، لما سئل عن العينة، فقال: درهم بدرهم، وبينهما حريرة.[166]


ونوقش: بأن زيد بن أرقم رضي الله عنه قد خالفه؛ كما في الأثر السابق،[167] ونُقل كذلك القول بالجواز عن ابن عمر رضي الله عنه. [168]


(3) واستدلوا من المعقول بدليلين:

الدليل الأول: أن في بيع العينة ذريعةً إلى الربا، وصورةً من صور التحايل؛ إذ أدخل السلعة؛ ليستبيح أخذ زيادةٍ بلا عوض في عقد معاوضة، وهي حقيقة الربا، والذرائع إلى الحرام يجب سدّها. [169]


ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

الأول: بأن في إجازة هذا البيع سببًا لمنع الوقوع في الحرام؛ فتنبغي الدلالة عليه، لا منعه.[170]


وأجيب: أن الحيلة لا تجعل الحلال حرامًا، ولو كان الأمر كذلك، لكان تحايل بني إسرائيل على الصيد في السبت حسنًا.

 

والثاني: أن في منع هذا البيع اتهامًا لنيات المسلمين،[171] وحمل الناس على التّهم لا يجوز.[172]


والدليل الثاني: أن في بيع العينة ربحًا للبائع فيما لم يضمن؛ لأن الثمن الأول لم يدخل في ضمان البائع، فإذا رجعت السلعة إليه، ووقعت المقاصاة،[173] بقيت زيادة، لا يقابلها عوض.[174]


ونوقش: بأن كل واحدٍ من العقدين يجوز منفردًا؛ حيث قابله عوضٌ معلومٌ؛ فكذلك إذا اجتمعا. [175]

 

القول الثاني: جواز بيع العينة.


وهو قول ابن عمر،[176] وزيد بن أرقم رضي الله عنهم،[177] وأبي يوسف،[178] ومذهب الشافعية،[179] والظاهرية،[180] وقول عند الحنابلة. [181]


قال ابن الهمام: " وقال أبو يوسف: لا يكره هذا البيع؛ لأنه فعله كثيرٌ من الصحابة، وحمدوا على ذلك، ولم يعدّوه من الربا، حتى لو باع كاغدة[182] بألف يجوز، ولا يكره".[183]


وقال الماوردي[184]: "إذا باع الرجل سلعةً بثمنٍ حال، أو مؤجل، فافترقا على الرضا به، جاز أن يبتاعها من المشتري قبل قبض الثمن، وبعده، بمثل ذلك الثمن، وبأكثر منه، أو أقل، من جنسه، أو غير جنسه، حالاً ومؤجلا"، [185] وقال النووي: " وسواء صارت العينة عادةً له، غالبة في البلد، أم لا، هذا هو الصحيح المعروف في كتب الأصحاب، وأفتى الأسـتاذ أبو إسحاق الاسفراييني،[186] والشيخ أبو محمد[187] بأنه إذا صار عادةً له صار البيع الثاني كالمشروط في الأول؛ فيبطلان جميعا".[188]


واستدلوا من الكتاب، والسنة، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب: بقوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾.[189]


ووجه الدلالة: أن عموم هذه الآية يشمل إباحة كلٍ من العقدين منفصلين؛ فكذلك إذا اجتمعا.[190]


ويمكن أن يناقش: أن بيع العينة مستثنى من هذا العموم؛ لورود النصوص الدّالة على تحريمه.

 

(2) واستدلوا من السنة: بما أخرجه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء بلالٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمرٍ برْني، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من أين هذا؟"، قال بلال: كان عندنا تمرٌ ردي، فبعت منه صاعين بصاع، لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: "أوِّه أوِّه، عين الربا عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري فبع التمر ببيعٍ آخر، ثم اشتره".[191]


ووجه الدلالة: أن الأمر بالشراء جاء مطلقًا، سواء اشترى من بائعه الأول، أو من غيره، عن شرطٍ أو تواطؤ، أو لا. [192]


ونوقش: أن تصور هذه المعاملة يتمثل على أحد ثلاثة وجوه:[193]

1- أن يحصل بيع السلعة الأولى على مشترٍ، وشراء السلعة الثانية من غيره.

 

2- أن يحصل بيع السلعة الأولى، وشراء الثانية من عاقدٍ واحد، دون شرطٍ، ولا تواطؤ.

 

3- أن يحصل بيع السلعة الأولى، وشراء الثانية من عاقدٍ واحد، بشرطٍ، أو تواطؤ.

 

والذي يدل عليه الحديث الصورة الأولى أو الثانية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق، ولم يفصل في كون العقدين مع عاقدٍ واحدٍ أو عاقدين.[194]


أما الصورة الثالثة فغير مرادة من وجوه:

الوجه الأول: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "فبع التمر ببيعٍ آخر" أمرٌ مطلقٌ ببيعٍ مستقل، غير مرتبط بالبيع الذي بعده، لا بشرط ولا تواطؤ، وهكذا الأمر الثاني: "ثم اشتره"، وإلا صار عقدًا واحدًا مركباً.[195]


الوجه الثاني: أن كلا العقدين قُصد به الحقيقة الشرعية للبيع والشراء على الأصل، فالبيع حقيقي، إذ يقصد منه ملك الثمن، والشراء حقيقي، إذ يقصد منه ملك السلعة؛ بخلافه في الصورة الثالثة؛ إذ قُصد بالعقد فسخه قبل عقده.

 

الوجه الثالث: أن في كلا الصورتين - الأولى والثانية - استيفاءً لأحكام العقد؛ من النقد، والقبض، أما عقد المواطأة فقد يجرُّ إلى عدم تحرير وزن السلعة، ونقد الدراهم، وقبضها؛ إذ قصد العاقدين إرجاعها لصاحبها.[196]


الوجه الرابع: أن الإطلاق في هذا الحديث قُيد بحديث النهي عن بيع العينة - وهي الصورة الثالثة-، وغيره من النصوص التي تدل على سد ذرائع الربا.

 

(3) واستدلوا من المعقول: بأنه بيعٌ استجمع شروط الصحة، وخلا من موانعها، فلا وجه لمنعه، كما لو اشتراه بعد نقد الثمن. [197]


ونوقش: بأن الفارق بينهما ورود النصّ بمنع العينة، وكونها ذريعةً للربا؛ كما سبق.[198]


سبب الخلاف في هذه المسألة:

(1) معارضة النصوص والآثار المانعة لخبر الصحيحين في قصة بلال رضي الله عنه.

 

(2) هل صورة العينة؛ صورة تحايلٍ مذموم للوقوع في الحرام، أو صورة مخرج شرعي محمود؛ للتخلص من الحرام؟.

 

القول المختـار:

تحريم بيع العينة، للاعتبارات التالية:

(1) مع أن النصوص والآثار المانعة لم تسلم من نقدٍ، لكنها جاءت بألفاظ عامة، كمثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة،[199] وهو دليلٌ عام، يشمل صورة العينة، كما يشمل غيرها، أما خبر الصحيحين فحادثة عينٍ، لا عموم لها.

 

(2) أن التّهمة للتذرع إلى الربا في صورة العينة ظاهرة، والتوسل بها إلى ذلك في واقع الناس كثير، خصوصًا إذا عُلم هذا القصد بشرطٍ، أو تواطؤٍ، أو عرفٍ جارٍ في تعاملات البائع، أو أُنقص الثمن في البيع الثاني لغير سببٍ معتبرٍ؛ من تعيب السلعة، أو تقلبات الأسعار، أو نحو ذلك.

 

(3) أن السلعة لم تكن مقصودة في البيع، فلم يُهتم بقيمتها، ولا بسلامتها من العيوب، ولا بلوازم قبضها المعتبر؛ لذا خرجت كما دخلت، وإنما كان مقصود العاقدين النقد بالآجل، وهذه حقيقة الربا؛ لذا قال محمد بن الحسن: "هذا البيع في قلبي كأمثال الجبال، ذميمٌ اخترعه أكلة الربا، وقد ذمّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم".[200]


المسألة الثانية: ما حكم التورق؟.

صورة المسألة:

أصل التَّوَرُّق في اللغة: الخير والمال؛[201] لذا أطلقوا الورق على الدراهم المضروبة، وقالوا: رجل ورّاق؛ أي كثير الدراهم، وقالوا ذلك أيضًا للذي يورق ويكتب،[202] وصيغة تورق من تفعّل، ومن دلالاتها التكلف في فعل الشيء، والدخول فيه بعسرٍ وكلفة، وكأنه ليس من أهله؛ كتشجّع، وتصبّر؛[203] ولذا لا تطلق كلمة (تورق) إلا على من حصل على المال بعناء.

 

والتورق عند الفقهاء عُرِّف بعدّة تعريفات، من جيدها تعريف المجمع الفقهي الإسلامي بمكة: "شراء سلعةٍ في حوزة البائع وملكه، بثمن مؤجل، ثم يبيعها المشتري بنقدٍ لغير البائع؛ للحصول على النقد (الورق)". [204]


وأكثرُ من استخدم هذا اللفظ هم الحنابلة،[205] وأطلق عليه أهل كتب الغريب لفظ (زَرْنَقَة)، [206] وذكره الحنفية والشافعية ضمن صور العينة، والمالكية ضمن بيوع الآجال.[207]


والفرق بين التورق والعينة: أن العينة يشترط فيها بيع السلعة على بائعها الأول، والتورق بعكسه، يشترط فيه أن لا يبـيع السلعة على بائعها الأول،[208] ومن أهل العلم من سوّى بينهما في الاسم؛ فأطلق على الصورتين مسمّى العينة. [209]


محل النـزاع:

أن يقصد المشتري من شراء السلعة نسيئةً الحصول على النقد، ولولا حاجته للنقد لما اشتراها، فإن اشتراها نسيئةً بغرض التجارة، أو الانتفاع جاز باتفاق. [210]


وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: كراهة التورق.

وهو مذهب الحنفية،[211] والمالكية،[212] ورواية للحنابلة. [213]


قال المَرْغِيناني[214]: "مثل أن يستقرض من تاجرٍ عشرةً، فيتأبى عليه، ويبيع منه ثوباً، يساوي عشرةً بخمسة عشر مثلاً؛ رغبةً في نيل الزيادة؛ ليـبيعه المستقرض بعشرة، ويتحمل عليه خمسة، سمي به لما فيه من الإعراض عن الدين إلى العين، وهو مكروه". [215]


وقال الدَّرْدِير: "وكره لمن قيل له: سلفني ثمانين، وأردّ ذلك عنها مائة، أن يقول: خذ مني بمائةٍ ما - أي سلعة - بثمانين قيمةً؛ ليكون حلالاً، وما سألتنيه حرام". [216]


وقال المرداوي[217] في التورق: "وعنه يكره". [218]


واستدلوا من السنة، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة: بحديث ابن عمر رضي الله عنه السابق، وفيه: "إذا تبايعتم بالعينة". [219]


ووجه الدلالة: أن بين التورق والعينة شبهًا؛ فسواء باع على بائعه أو غيره، فثمّة شبهة الربا،[220] ومعنى قرض جرّ نفعًا. [221]


ونوقش: بالفرق بينهما؛ إذ التورق لا ترجع فيه السلعة لبائعها الأول، مما يجعل له أثرًا في تحريك البضائع في السوق، وفي تنشيط الاقتصاد.

 

(2) واستدلوا من المعقول بدليلين:

الدليل الأول: بأن في التورق إعراضًا عن مبرة الإقراض؛ بخلاً بالمال؛ فيكره لذلك. [222]


ونوقش: أن القرض غير واجب عليه، فإن تركه لما يُعذر به فلا حرج عليه، وإن تركه رغبةً عنه، وطلبًا لحظ الدنيا، دخلته الكراهة من هذه الجهة. [223]


والدليل الثاني: أن التورق بيع مضطرٍ ومحتاج، وفيه استغلالٌُ لحاجات الناس. [224]


ونوقش: أن السلم كذلك، تعجيلٌ للثمن رفقًا بالبائع، بأقل من قيمة المسلم فيه، ولذا سمي ببيع المفاليس،[225] ومع ذلك فهو مشروعٌ بالنص. [226]


القول الثاني: جواز التورق.

وهو مذهب أبي يوسف،[227] والشافعية،[228] والحنابلة في رواية هي المذهب،[229] واختاره المجمع الفقهي الإسلامي بمكة. [230]


قال الشافعي: "فإذا اشترى الرجل من الرجل السلعة، فقبضها، وكان الثمن إلى أجل فلا بأس أن يبتاعها من الذي اشتراها منه، ومن غيره بنقدٍ أقل، أو أكثر مما اشتراها به، أو بدين كذلك". [231]


وقال المرداوي: "لو احتاج إلى نقدٍ، فاشترى ما يساوي مائةً بمائةٍ وخمسين، فلا بأس، نصّ عليه، وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وهي مسألة التورق". [232]


واستدلوا: بنفس الأدلة، التي أوردوها في مسألة العينة؛ إذ التورق أحسن حالاً منها، فإن صحت صحّ، ونوقشت بما سبق.

 

القول الثالث: تحريم التورق.

وهي رواية للحنابلة،[233] اختارها ابن تيمية. [234]


قال المرداوي في مسألة التورق: " وعنه يحرم، اختاره الشيخ تقي الدين". [235]


واستدلوا من الأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من الأثر: بقول عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -: "التورق آخية الربا"؛ أي أصله.[236]


(2) واستدلوا من المعقول بأربعة أدلة:

الدليل الأول: أنه كبيع العينة المحرم؛ إذ نتيجتهما حصول ثمنٍ مؤجلٍ في ذمّته، مقابل ثمنٍ حالٍ أنقص منه، لكن في التورق زيادة كلفة وعناء. [237]


ونوقش هذا والذي قبله: بالفرق بينهما؛ إذ الحصول على النقد بطريقٍ صحيحٍ جائزٌ؛ كحديث أبي سعيد رضي الله عنه،[238] وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً رضي الله عنه أن يبيع الجمع من التمر؛ لأجل الحصول على الدراهم.

 

ثم هذا هو مقصود التجار غالبًا، لا يقصدون السلع لذواتها، بل يريدون تحصيل نقودٍ أكثر بنقودٍ أقل، والسلع المبيعة هي واسطة ذلك.[239]


والدليل الثاني: أن فيه ضررًا على المحتاج، وأكلاً لماله بالباطل. [240]

وسبقت مناقشته. [241]


والدليل الثالث: أن البيع الذي أباحه الله تعالى؛ إنما هو البيع الذي يقصد صاحبه منه الانتفاع، أو التجارة، وطلب الربح والكسب، لا الذي يقصد منه الخسارة. [242]


ويمكن أن يناقش: أن للبيع مقاصد كثيرة، وقد يقصد منه بيع السلعة لينتفع بثمنها. [243]


والدليل الرابع: أن السلعة في التورق ليست مقصودة، فصورته الحقيقية دراهم بدراهمٍ مؤجلةٍ أكثر منها، بينهما حريرة. [244]


ونوقش: أن الحريرة لا تساوي قيمتها قيمة الدرهم الزائد، بخلاف السلعة في التورق؛ فقيمتها المؤجلة تساوي ما اُشتريت به، وقيمتها المعجلة تساوي ما بيعت به؛ فهو بيعٌ حقيقي،[245] وفرقٌ بين عدم قصد السلعة، وعدم الرغبة بالاحتفاظ بها، فالأخير ليس من شروط صحة البيع. [246]


القول المخـتار:

يختلف التورق عن الربا والعينة، في كون السلعة لا ترجع إلى بائعها الأول، وهو فارقٌ مؤثرٌ ومثمر، إذ به تتحرك السلع في السوق، ويحدث انتعاشٌ للاقتصاد، وهذا على نقيض أثر الربا، الذي لا يضيف أيّ قيمةٍ اقتصاديةٍ للمجتمع.

 

وكون المستورق يخسر غالبًا في بيع سلعته، فليس معنى تقصده للبيع بخسارةٍ عمّا اشتراه به أنّ فعله يخالف مقتضى البيع؛ إذ البيع مبادلة مال بمال تملكًا وتمليكًا على جهة التأبيد،[247] وهو حاصلٌ في التورق، ويحصل للمستورق مقصوده من الانتفاع بالثمن، وإن قلّ، وينتفع أهل السوق بزيادة أرباحهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوا الناس يَرزق الله بعضهم من بعض".[248]


لكن حكم التورق لا يخلو من الكراهة؛ لما ينتج عنه من استغلال حاجات الناس، والشّح، والبخل عن الإقراض المندوب، ولما يؤدي إليه من تساهل المستورق في أمر الدَين، والاستهلاك المذمـوم، وهو عكس ما أراده الشارع، وإن كان فيه - مع ذلك - ترفعٌ عن الحاجة إلى الناس، وسدّ - في حالاتٍ كثيرةٍ - لحاجات الناس الملحة.

 

وتقبح الكراهة جدًا، إذا كان المستورق قد طلب من البائع أن يقرضه، فألجأه إلى هذه الطريقة.[249]


وحكم الكراهة من جهة الجزء يرتفع مع الحاجة، ومن جهة الكل قد يبلغ التحريم؛[250] لمنافاته لمقاصد الشرع، فلا يُشرع تنظيمه، ولا حثّ الناس عليه، فضلاً عن أن تتبناه المصارف الإسلامية، التي أسست لدعم التجارات النافعة، وسدّ حاجات الناس بالقروض الحسنة.

 

ويحصل في تنظيم هذا الأمر من المفاسد:

(1) تشجيع أمر التساهل في الدَين، والانغماس في الإسراف المذموم.

 

(2) تعطيل سنة القرض الحسن، والتطبع على استغلال حاجات الناس.

 

(3) ولما كانت السلعة لا تُقصد لأيٍّ منهما - فالبائع إنما يقصد الربح المؤجل، والمستورق يقصد النقد -، فقد يؤول الأمر - مع تنظيمها - إلى التخفف من أعباء وجود السلعة بينهما؛ إذ لا مصلحة لأيٍّ منهما فيها، وفي قبضها، وتحمل ضمانها، خصوصًا مع ضغط المنافسة؛ لتقترب بعد ذلك هذه المعاملة من الربا تمامًا.[251]


ومما سبق بيانه في المطلبين السابقين تتبين أهم الفروق في صناعة البديل بين منهجية التدرج، وبين مسلك التحايل:[252]

1- أن صناعة البديل على منهج التدرج ترتكز على خطة الوصول بالبدائل إلى الأهداف المرجوة، بصورةٍ مرحلية، ترتقي شيئًا فشيئًا، أما مسلك التحايل فيرتكز في صناعة البدائل على تعقيد الصورة والإجراءات؛ للوصول للحلول الآنية في استباحة الممنوع، فنظرة الأول إلى الأهداف، ومرونته في التطبيق، ونظرة الثاني للإجراءات الآنية، ومرونته في التساهل في الأهداف.

 

2- أن صناعة البديل على منهجية التدرج يظهر في شفافية الوقوع في النقص المرحلي في التطبيق، بينما الحيل تعتمد مسلك المخادعة، وإظهار الخطأ في صورة الصواب، وتغري بفساد الذمم، وعليه فالنقص في الأول طارئ ومؤقت، بينما في الثاني دائم ومتغلغل.



[1] أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، (1/ 569)، برقم 832.

[2] [الفرقان: 32- 33].

[3] مفاتيح الغيب، (24/ 69).

[4] في كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن، (6/ 228)، برقم 4993.

[5] فتح الباري، (9/ 40).

[6] ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، (12/ 237)، برقم 12087.

[7] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، (9/ 140)، برقم 7372، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، (1/ 51)، برقم 31.

[8] وممن رأى هذا القول: د. مفرِّح القوسي، ينظر: الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربية، ص(306)، ومصطفى العدوي، تنظر: فتوى له منشورة على الرابط: www.frequency.com/ video/ x/ 97877031، وعصام غانم، ينظر: جريدة الوعي، السنة 27، عدد ربيع الثاني 1434هـ، ود. طارق عبد الحليم، تنظر: فتوى له في موقع وذكّر.

[9] [المائدة: 3].

[10] [البقرة: 85].

[11] هو محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي، أبو السعود، فقيه، وأصولي، ومفسر، تقلد قضاء بروسة، ثم قضاء قسطنطينية، من تصانيفه: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في تفسير القرآن، وتوفي سنة 982هـ، ينظر: شذرات الذهب، لابن العماد، (8/ 398)، البدر الطالع، للشوكاني، (1/ 261).

[12] إرشاد العقل السليم، (1/ 125)، وينظر: فتح القدير، للشوكاني، (1/ 109).

[13] [المائدة: 49].

[14] ينظر: تفسير الطبري، (6/ 273).

[15] ينظر: صحيح البخاري، (9/ 115)، صحيح مسلم، (1/ 51).

[16] ص(129-130).

[17] وممن رأى هذا القول: خليل الميس، ينظر: سبل الاستفادة من النوازل، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الحادية عشرة، (2/ 422)، ود. وهبة الزحيلي، ينظر: المشاركة المتناقصة وصورها، منشور في المصدر السابق، الدورة الثالثة عشرة، (2/ 483)، ود. محمد البورنو، ينظر: قدوة الحكام والمصلحين، ص(202)، وعدنان العرعور، ينظر: منهج الدعوة في ضوء الواقع المعاصر، ص(243)، وإبراهيم المطلق، ينظر: التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(155)، ود. محمد شابرا، ينظر: مستقبل علم الاقتصاد، ص(425)، ود. محمد الشريف، ينظر: بحوث فقهية، ص(155)، ود. محمد الزحيلي، ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، ص(99)، ود. محمد كمال الدين إمام في مقال: التدرج في تطبيق الشريعة على موقع مجلة المسلم المعاصر، ود. حسام الدين عفانة في فتوى منشورة في موقع صحيفة أخبار الخليل الإلكترونية، وتنظر: فتوى هيئة الفتيا في الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر، منشورة في موقع الهيئة على الانترنت.

[18] [البقرة: 286].

[19] [التغابن: 16].

[20] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، لمحمد الزحيلي، ص(6-67).

[21] أخرجه في مسنده، (36/ 485)، برقم 22160، وصححه البوصيري في إتحاف الخيرة، (8/ 35)، برقم 7424.

[22] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، للزحيلي، ص(89).

[23] هو النجاشي ملك الحبشة، واسمه: أَصْحَمَةُ، من التابعين، أسلم وحسن إسلامه، لكنه لم يهاجر، ولا له رؤية، توفي في رجب سنة تسع للهجرة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، ينظر: أسد الغابة، لعز الدين ابن الأثير، (1/ 189)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (1/ 428-443).

[24] ينظر: حلية الأولياء، لأبي نعيم، (5/ 354)، العقد الفريد، لابن عبد ربه، (1/ 50).

[25] الفتق: أصله الشق والفتح، وقد يراد بالفتق نقض العهد، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (3/ 408).

[26] سيرة عمر بن عبد العزيز، لابن الجوزي، ص(261).

[27] ينظر: المنثور، للزركشي، (3/ 372).

[28] ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (3/ 154).

[29] ينظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص(186)، حاشية الجمل، (2/ 322).

[30] سبق تخريجه، ص(103).

[31] أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب ما ينهى من دعوى الجاهلية، (4/ 223)، برقم 3518، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، (4/ 1998)، برقم 2584.

[32] أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، (8/ 199)، برقم 6788، ومسلم في كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره، والنهي عن الشفاعة في الحدود، (3/ 1315)، برقم 1688.

[33] أيّ جديرًا بها، ينظر: مختار الصحاح، للرازي، ص(78).

[34] أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة زيد بن حارثة، (5/ 179)، برقم 4250، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد رضي الله عنهما، (4/ 1884)، برقم 2426.

[35] ينظر: زاد المعاد، لابن القيم، (3/ 64).

[36] ينظر: التطبيقات التاريخية والمعاصرة لفريضة الزكاة، لمحمد الإبراهيم، ص(60- 64).

[37] هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي، شمس الدين، أبو عبد الله الأندلسي القرطبي المالكي، مفسر وعالم باللغة، من تصانيفه: الجامع لأحكام القرآن، والتذكرة بأحوال الموتى والآخرة، توفي سنة 671هـ، مترجم له في طبقات المفسرين، لأدنه وي، (246)، الديباج المذهب، لابن فرحون، (317-318).

[38] تفسير القرطبي، (3/ 52).

[39] ينظر: تاريخ الفقه الإسلامي، لعمر الأشقر، ص(52)، فقه التدرج في التشريع الإسلامي، لمعاوية أحمد، ص(140)، معالم الشريعة الإسلامية، لصبحي الصالح، ص(139).

[40] ينظر: تفسير الطبري، (2/ 363)، تفسير القرطبي، (3/ 52)، تفسير المراغي، (3/ 60)، حكمة التشريع الإسلامي في تحريم الربا، ليوسف العالم، ص(12).

[41] ينظر: مقابلة علمية مسجلة مع فضيلة الشيخ ابن عثيمين في يوم الجمعة الموافق 21/ 4/ 1414هـ، نقلها إبراهيم المطلق في كتابه التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(143-144)، التدرج في تطبيق الشريعة، المفهوم والرؤية، لأحمد سالم، مقال منشور على موقع مجلة البيان، العدد 297.

[42] سبق تخريجه، ص(103).

[43] [الممتحنة: 12].

[44] أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)، (6/ 187)، برقم 4892.

[45] ينظر: العقد الفريد، لابن عبد ربه، (1/ 50)، الموافقات، للشاطبي، (2/ 94)، قضايا في الاقتصاد، للسويلم، ص(472).

[46] مجموع الفتاوى، (20/ 59).

[47] مجموع الفتاوى، (20/ 58).

[48] دَوِيّ: بفتح الدال، وكسر الواو، وتشديد الياء، بعد الصوت في الهواء، وشدته حتى لا يفهم؛ كصوت النحل، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (2/ 143)، شرح النووي على مسلم، (1/ 166).

[49] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، (1/ 18)، برقم 46، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، (1/ 40)، برقم 11.

[50] فتح الباري، لابن حجر، (1/ 107)، وينظر: الاستذكار، لابن عبد البر، (2/ 373)، جامع العلوم والحكم، لابن رجب، ص(208).

[51] شرح السيوطي لسنن النسائي، (1/ 228).

[52] أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم؛ كي لا ينفروا، (1/ 27)، برقم 69، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير، وترك التنفير، (3/ 1359)، برقم 1734.

[53] شرح النووي على مسلم، (12/ 41).

[54] انظر ما سيأتي من ذكر ضوابط التدرج في صناعة البدائل المصرفية، ص(138-139)، وانظر كذلك: المشاركة المتناقصة وصورها، لوهبة الزحيلي، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثالثة عشرة، (2/ 483).

[55] انظر مثالاً في فتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية بخصوص موضوع يتعلق بالمرابحة في السلع الدولية، جاء في نصّ الفتوى بعد الحكم بجواز هذه المعاملة: "على أن يكون تعامل الشركة في هذه المعاملة بصفة مؤقتة، ريثما تستكمل استثمار أموالها بطرق وعقود أقرب إلى السلامة الشرعية من هذه المعاملة"، فتوى رقم (30)، ضمن موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (1-2/ 736).

[56] في كتاب الخراج، والإمارة والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف، (3/ 163)، برقم 3025، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (4/ 387)، برقم1888.

[57] الجشع: الجزع؛ لفراق الإلف، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (1/ 274).

[58] الذود: القطيع من الإبل ما بين اثنتين إلى تسع، وقيل: ما بين ثلاث إلى عشر، ينظر: غريب الحديث، لابن الجوزي، (1/ 366)، النهاية، لابن الأثير، (2/ 171).

[59] الرسل من الإبل والغنم: ما بين عشر إلى خمس وعشرين، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (11/ 281)، والحمولة: ما يحتمل عليه الناس من الدواب، سواء كانت عليها الأحمال، أو لم تكن؛ كالركوبة، وقال الأزهري: الحمولة: ما أطاق العمل والحمل، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (11/ 182).

[60] (36/ 284)، برقم 21952، ووثق الهيثمي رجال الإسناد، في مجمع الزوائد، (1/ 47).

[61] ينظر: فتوى الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين في قبول إسلام من اشترط ارتكاب بعض المخالفات الشرعية مقابل إسلامه، مثل شرب الخمر، فيقبل منه الإسلام، ويبين له التحريم؛ لأن شرب الخمر أسهل من بقائه على الكفر، مقابلة مسجلة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في يوم الجمعة الموافق 29/ 4/ 1414هـ، وأخرى مع فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في يوم الجمعة الموافق 21/ 4/ 1414هـ، نقلها إبراهيم المطلق في كتابه التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(145).

[62] ينظر: ص(123-124).

[63] ينظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، لصالح بن حميد، ص(261-276)، عموم البلوى، دراسة نظرية تطبيقية، لمسلم الدوسري.

[64] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (1/ 407)، المغني، لابن قدامة، (1/ 118).

[65] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (1/ 83)، روضة الطالبين، للنووي، (1/ 282)، الإنصاف، للمرداوي، (1/ 56).

[66] بالإجماع، ينظر: المجموع، للنووي، (2/ 354)، مطالب أولي النهي، للرحيباني، (1/ 240)، وينظر تعليل ترك الحائض قضاء الصلاة؛ لأجل كثرة ذلك واستمراره: شرح البخاري، لابن بطال، (4/ 97)، نيل الأوطار، للشوكاني، (1/ 354).

[67] أخرجه أحمد، (37/ 316)، برقم 22636، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، (1/ 19)، برقم 75، والترمذي في كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، (1/ 151)، برقم 92، والنسائي في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، (1/ 58)، برقم 68، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بسؤر الهرة، والرخصة في ذلك، (1/ 131)، برقم 367، عن أبي قتادة رضي الله عنه، وقد جوّد إسناده الإمام مالك، نقله عنه الترمذي في جامعه، (1/ 152).

[68] ينظر: المستصفى، للغزالي، ص(208)، الموافقات، للشاطبي، (4/ 272).

[69] [التغابن: 16].

[70] أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (9/ 117)، برقم 7288، ومسلم في كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع ونحو ذلك، (4/ 1830)، برقم 1337.

[71] ويراجع في تعريف التدرج: البدائل المشروعة وأهميتها في نجاح الدعوة، للبيابوني، ص(52)، التدرج في التشريع والتطبيق في الشريعة الإسلامية، لمحمد الزحيلي، ص(28).

[72] ينظر: قضايا في الاقتصاد، للسويلم، (500-507)، التدرج في التشريع والتطبيق في الشريعة الإسلامية، لمحمد الزحيلي، ص(99-126)، التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية، للشريف، ص(174).

[73] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، للزحيلي، ص(103)، التدرج في تطبيق الشريعة، للشريف، ص(174)، مستقبل علم الاقتصاد، لمحمد شابرا، ص(425).

[74] أخرجه أحمد في مسنده، (20/ 346)، برقم، 13052، من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم2246.

[75] وأذكّر هاهنا بمثالٍ سبق نقله في التمهيد، وموضع الشاهد منه قول الشيخ محمد تقي العثماني، رئيس المجلس الشرعي في هيئة المحاسبة العامة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية:" لا شك أن هيئات الرقابة الشرعية والمجامع والندوات الفقهية أجازت للمصارف الإسلامية بعض العمليات التي هي بالحيل أشبه منها بالعمليات الحقيقية، ولكن هذه الإجازة كانت؛ لتسيير عجلتها في ظروف صعبة، عدد المصارف الإسلامية فيها قليل جدًا، وكان من المفروض أن تتقدم المصارف الإسلامية إلى العمليات الحقيقية، المؤسسة على أساس أهداف الاقتصاد الإسلامي، وإلى الابتعاد عن مشابهة الأعمال الربوية، ولو خطوة فخطوة، ولكن الذي يحدث الآن هو عكس ذلك، فإن المؤسسات المالية الإسلامية أصبحت تتنافس في أن تتقدم بجميع خصائص السوق الربوية بعجرها وبجرها، وتأتي بمنتجات جديدة ترجع القهقرى إلى الاقتراب من العمليات الربوية، بدلاً من أن تبتعد عنها، وكثيرًا ما تبدر هذه المنتجات بالحيل التي يمجها الفكر السليم، ويضحك عليها الأعداء"، الصكوك وتطبيقاتها المعاصرة، ص(15-16).

[76] قواعد الأحكام في مصالح الأنام، (2/ 12).

[77] الفروق، (1/ 218).

[78] في إبطال الحيل، ص(46-47)، قال ابن كثير في تفسيره (1/ 108): "وهذا إسناد جيد"، وحسّنه ابن تيمية في الفتاوى الكبرى، (3/ 418).

[79] [الأعراف: 163].

[80] ينظر: تفسير البغوي، (2/ 208)، المغني، لابن قدامة، (4/ 43).

[81] ينظر: تفسير ابن كثير، (2/ 259).

[82] المصدر السابق، (2/ 258).

[83] بيان الدليل، لابن تيمية، ص(45).

[84] أيّ يشعلون بها سرجهم ومصابيحهم، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (2/ 506).

[85] أيّ أذابوه، واستخرجوا دهنه، ينظر: عمدة القاري، للعيني، (12/ 56)، الديباج على مسلم، للسيوطي، (4/ 180).

[86] أخرجه البخاري في كتاب البيوع، باب بيع الميتة والأصنام، (3/ 110)، برقم 2236، ومسلم في كتاب المساقاة، باب تحريم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام، (3/ 1207)، برقم 1581.

[87] ينظر: معالم السنن، للخطابي، (3/ 133).

[88] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(56-57)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 244).

[89] [البقرة: 188].

[90] يراجع: تفسير القرطبي، (2/ 338)، تفسير السعدي، ص(88).

[91] سبق تخريجه، ص(137).

[92] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع، (2/ 144)، برقم 1450.

[93] ينظر: شرح البخاري، لابن بطال، (3/ 451)، شرح السنة، للبغوي، (6/ 14).

[94] أخرجه أحمد، (2/ 67)، برقم 635، وأبو داود، في كتاب النكاح، باب التحليل، (2/ 227)، برقم 2076، والترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء في المحلّ والمحلّل له، (2/ 418)، برقم 1119، وابن ماجه في كتاب النكاح، باب المحلّل والمحلّل له، (1/ 622)، برقم 1935، وحسّنه ابن القطان في الوهم والإيهام، (5/ 760).

[95] ينظر: تفسير البغوي، (1/ 209)، الاستذكار، لابن عبد البر، (5/ 448)، المغني، لابن قدامة، (7/ 181).

[96] ينظر: مسند الإمام أحمد، (9/ 51)، برقم 5007، وسنن أبي داود في كتاب الإجارة، باب في النهي عن العينة، (3/ 274)، برقم 3462، وصحّح بعض طرقه ابن القطان في بيان الوهم والإيهـام، (5/ 296)، وابن عبد الهادي في المحرر، ص(487).

[97] ينظر: تفسير القرطبي، (2/ 59)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 416-417)، الكافي، لابن قدامة، (2/ 25).

[98] سبق تخريجه، ص(104).

[99] [ص: 44].

[100] هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير، أبو جعفر الطبري، رأس المفسرين، كان حافظًا فقيهًا محدثًا مؤرخًا، وكان شافعيًا، ثم انفرد بمذهب مستقل، وله أتباع، من تصانيفه: تفسير القرآن، وهو أجلّ التفاسير، وتاريخ الأمم، توفي سنة 310هـ، له ترجمة في طبقات المفسرين، للأدنه وي، ص(48-51)، تاريخ بغداد، للخطيب، (2/ 162-168).

[101] ينظر: تفسير الطبري، (23/ 167).

[102] ينظر: تفسير ابن كثير، (4/ 40)، تفسير القرطبي، (15/ 213)، المبسوط، للسرخسي، (30/ 209).

[103] أخرجه في كتاب الأدب، باب حق الجوار، (4/ 339)، برقم 5153، وحسّنه الألباني في صحيح الأدب المفرد، ص(71)، برقم 92.

[104] [النساء: 97-99.

[105] ينظر: الموسوعة الفقهية الكويتية، (18/ 331).

[106] بيان الدليل، ص(158).

[107] أخرجه أحمد، (27/ 284)، برقم 16726، واللفظ له، وأبو داود في كتاب الأيمان والنذور، باب المعاريض في اليمين، (3/ 224)، برقم 3256، وابن ماجه في كتاب الكفارات، باب من ورّى في يمينه، (1/ 685)، برقم 2119، وقد سكت عنه أبو داود، ونقل الشوكاني في نيل الأوطار، (9/ 111) عن الحافظ ابن حجر قوله: "ورجاله ثقات".

[108] ينظر: الحيل الفقهية، لصالح بوبشيش، ص(83).

[109] سبق تخريجه، ص(62).

[110] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (4/ 201)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 127).

[111] يراجع: غمز عيون البصائر، للحموي، (1/ 38)، الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 274)، بحوث وفتاوى إسلامية، لجاد الحق علي جاد الحق، (3/ 424).

[112] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (30/ 210)، الموافقات، للشاطبي، (2/ 387)، فتح الباري، لابن حجر، (12/ 326)، المغني، لابن قدامة، (4/ 43)، وينظر أيضًا: الفتاوى الشرعية للبنك الإسلامي الأردني، (2/ 59)، وفتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، برقم (128)، (2/ 24-25).

[113] الاستذكار، لابن عبد البر، (19/ 210).

[114] القواعد النوارنية، ص(130-131).

[115] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (2/ 331)، بيان الدليل، لابن تيمية، ص(35)، نظرية المصلحة، لحسين حامد، ص(280).

[116] مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 156).

[117] ينظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 221).

[118] إعلام الموقعين، (3/ 91)، وانظر ذلك في مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 439)، وجامع الرسائل، له، (1/ 223).

[119] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(238).

[120] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 27-28)، التدابير الواقية من الربا في الإسلام، لفضل إلهي، ص(129-132).

[121] ينظر: الحيل الفقهية، لرفيق المصري، ص(257).

[122] أخرجه أحمد، (29/ 615)، برقم 18073، وأبو داود في كتاب الأشربة، باب في الدّاذيّ، (3/ 329)، برقم 3688، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب العقوبات، (2/ 1333)، برقم 4020 عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، وحسّنه ابن تيمية في بيان الدليل، ص(61).

[123] حاشية الدسوقي، (3/ 62).

[124] الفروق، للقرافي، (3/ 422).

[125] ينظر: قضايا في الاقتصاد، لسامي السويلم، ص(387).

[126] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (2/ 388).

[127] ينظر: الفـتاوى الكبرى، لابن تيمية، (3/ 109)، وتراجع: أنواع التحيل في مقاصد الشريعة الإسلامية، للطاهر بن عاشور، ص(356-360).

[128] ينظر: مختار الصحاح، للرازي، ص(195)، لسان العرب، لابن منظور، (13/ 305)،.

[129] ينظر: تفسير القرطبي، (2/ 59)، نيل الأوطار، للشوكاني، (5/ 319)، وتراجع أقوال أخرى: درر الحكام، لمنلا خسرو، (7/ 412)، حاشية الدسوقي، (3/ 88).

[130] ينظر: تفسير القرطبي، (2/ 59)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 416-417)، الكافي، لابن قدامة، (2/ 25).

[131] الموسوعة الفقهية الكويتية، (9/ 96)، وينظر: الكافي، لابن عبد البر، ص(325).

[132] ينظر: بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 106).

[133] ينظر: الكافي، لابن قدامة، (2/ 26)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 126).

[134] ينظر: حاشية ابن عابدين، (5/ 273)، تفسير القرطبي، (2/ 59)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 50)، وانظر صورًا أخرى: المدونة، لمالك، (9/ 117-123).

[135] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (6/ 433)، وقارن بالإنصاف، للمرداوي، (4/ 335).

[136] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 199).

[137] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 213).

[138] المغني، لابن قدامة، (4/ 132).

[139] ينظر: المحلى، لابن حزم، (9/ 47)، الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، للأزهري، ص(215).

[140] ينظر: المصنف، لعبد الرزاق، (8/ 185)، سنن الدارقطني، (3/ 52)، سنن البيهقي، (5/ 539).

[141] هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصري، كانت أمه مولاة لأم سلمة رضي الله عنها، عالم عابد زاهد، رأى عثمان وطلحة وكبار الصحابة رضي الله عنهم، مات في سنة 110هـ، له ترجمة في الطبقات، لابن سعد، (7/ 156-177)، البداية والنهاية، لابن كثير، (9/ 266-267).

[142] هو محمد بن سيرين، أبو بكر الأنصاري البصري، مولى أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب تعبير الرؤى، سمع أبا هريرة وعمران بن حصين وابن عباس رضي الله عنهم، توفي سنة 110هـ، له ترجمة في سير أعلام النبلاء، للذهبي، (4/ 606-622)، البداية والنهاية، لابن كثير، (9/ 274-276).

[143] ينظر: المصنف، لابن أبي شيبة، (5/ 24)، المدونة، لمالك، (9/ 118)، المغني، لابن قدامة، (4/ 132).

[144] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 198)، شرح فتح القدير، لابن الهمام، (6/ 433)، اللباب، للمنبجي، (2/ 490)، درر الحكام، لمنلا خسرو، (7/ 411-412)، حاشية ابن عابدين، (5/ 273)، و(5/ 326).

[145] ينظر: المدونة، لمالك، (9/ 118)، الاستذكار، لابن عبد البر، (6/ 271)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 106)، بلغة السالك، للصاوي، (3/ 69).

[146] ينظر: الكافي، (2/ 25)، المغني، لابن قدامة، (4/ 132)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 125)، شرح الزركشي على الخرقي، (2/ 75)، الإنصاف، للمرداوي، (4/ 335)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 26).

[147] هو محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد السواسي الحنفي، المعروف بابن الهمام، كمال الدين، فقيه، وأصولي، ومفسر، من تصانيفه: شرح الهداية، وسمّاه فتح القدير، والتحرير في أصول الفقه، ينظر: الضوء اللامع، للسخاوي، (8/ 128-132)، البدر الطالع، للشوكاني، (2/ 201-202).

[148] شرح فتح القدير، (6/ 432-433).

[149] هو محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي، أبو الوليد، يلقب بابن رشد " الحفيد " تمييزًا له عن جده أبي الوليد محمد بن أحمد، من مصنفاته: تهافت التهافت، وبداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، توفي سنة 595هـ، مترجم له في سير أعلام النبلاء، للذهبي، (21/ 307-309)، الديباج المذهب، لابن فرحون، (285-286).

[150] بداية المجتهد، (2/ 106).

[151] المغني، (4/ 132).

[152] سبق تخريجه، ص(143).

[153] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 212).

[154] ينظر: مسائل الإمام أحمد وابن راهويه، للمروزي، (2/ 11).

[155] أخرجه أحمد، (15/ 358)، برقم 9584، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة، (2/ 524)، برقم 1231، والنسائي في كتاب البيوع، في بيعتين في بيعة، (7/ 340)، برقم 4646، قال الترمذي: "حسن صحيح"، وكذا البغوي في شرح السنة، (8/ 143).

[156] يراجع: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 432).

[157] ينظر: سنن النسائي، (7/ 340)، معرفة السنن والآثار، للبيهقي، (4/ 382)، التمهيد، لابن عبد البر، (24/ 390).

[158] في كتاب الإجارة، باب فيمن باع بيعتين في بيعة، (3/ 274)، برقم 3461، وقد خالف في هذه الزيادة يحيى بن زكريا بن أبي زائدة سبعة من الأئمة، فيهم يحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن هارون، وعبدة بن سليمان، كلهم يروونه عن محمد بن عمرو بدونها، فتعتبر شاذّة، ينظر: أحاديث معلّة ظاهرة الصحة، للوادعي، ص(433).

[159] ينظر: سبل السلام، للصنعاني، (3/ 16)، عون المعبود، للعظيم آبادي، (9/ 238).

[160] ينظر: الفتاوى الكبرى، لابن تيمية، (6/ 44)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 247).

[161] أخرج أحمد، (11/ 253)، برقم 6671، وأبو داود في كتاب الإجارة، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، (3/ 283)، برقم 3504، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، (2/ 526)، برقم 1234، والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، (7/ 333)، برقم 4625، وصححه ابن القطان في الوهم والإيهام، (5/ 487)، وابن تيمية في بيان الدليل، ص(237).

[162] ينظر: شرح السنة، للبغوي، (8/ 145).

[163] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 296).

[164] سبق تخريجه، ص(100)، وينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 198)، الاستذكار، لابن عبد البر، (6/ 271)، الكافي، لابن قدامة، (2/ 25).

[165] ينظر: ص(100-102).

[166] سبق تخريجه، ص(104)، وينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 288)، المغني، لابن قدامة، (4/ 132).

[167] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 289).

[168] ينظر: المحلى، لابن حزم، (9/ 51).

[169] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 199)، المغني، لابن قدامة، (4/ 132)، مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 437)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 250).

[170] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 289)، المحلى، لابن حزم، (9/ 52).

[171] ينظر: المدونة، لمالك، (9/ 121)، المحلى، لابن حزم، (9/ 52)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/ 106).

[172] ينظر: الاستذكار، لابن عبد البر، (6/ 273).

[173] المقاصاة: تسوية الحسابات المالية والديون، وقوامها المعاوضة على الديون والأرصدة، ينظر: معجم المصطلحات الاقتصادية، لخليل أحمد خليل، ص(179).

[174] ينظر: اللباب، للمنبجي، (2/ 127).

[175] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 290).

[176] ينظر: المحلى، لابن حزم، (9/ 51)، الاستذكار، لابن عبد البر، (6/ 273)، وقد أسنده عبد الرزاق في مصنفه (8/ 187) إليه، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، ينظر: تقريب التهذيب، لابن حجر، (464).

[177] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 287).

[178] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (6/ 433)، حاشية ابن عابدين، (5/ 273)، و(5/ 326)، درر الحكام، لمنلا خسرو، (7/ 411-412).

[179] ينظر: الأم، للشافعي، (3/ 38)، مختصر المزني، ص(85)، الحاوي الكبير، للماوردي، (5/ 287)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 416-417)، ونقلت الكراهة في أسنى المطالب، لزكريا، (2/ 41)، نهاية المحتاج، للرملي، (3/ 477).

[180] ينظر: المحلى، لابن حزم، (9/ 47)، الاستذكار، لابن عبد البر، (6/ 273).

[181] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 248)، الإنصاف، للمرداوي، (4/ 335)، وقارن بمجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 30).

[182] أيّ ورقة، وهي كلمة فارسية معرّبة، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (3/ 380).

[183] شرح فتح القدير، (7/ 212-213)، وينظر: حاشية ابن عابدين، (5/ 326).

[184] هو علي بن محمد بن حبيب البصري، أبو الحسن الماوردي الشافعي، فقيه، أصولي، مفسر، أديب، ولي القضاء، ولقب بأقضى القضاة، من تصانيفه: الحاوي الكبير في فروع الفقه الشافعي، والأحكام السلطانية، وتوفي سنة 450هـ، له ترجمة في تاريخ بغداد، للخطيب، (12/ 102)، طبقات الفقهاء الشافعية، لابن الصلاح، (2/ 636-642).

[185] الحاوي، (5/ 287).

[186] هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران الاسفراييني، أبو اسحاق، الفقيه، الشافعي، المتكلم، الأصولي، من مصنفاته: جامع الحلي في أصول الدين والرد على الملحدين، توفي سنة 418هـ، ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، (17/ 353-355)، الوافي بالوفيات، للصفدي، (6/ 69-70).

[187] هو عبد الله بن يوسف بن حيويه الجويني الشافعي، أبو محمد، والد عالم الحرمين الجويني، فقيه ومفسر، من تصانيفه: التفسير الكبير، والتبصرة والتذكرة في الفقه، توفي سنة 438هـ، ينظر: البداية والنهاية، لابن كثير، (12/ 55)، طبقات الشافعية، لقاضي شهبة، (1/ 210-211).

[188] روضة الطالبين، (3/ 417).

[189] [البقرة: 275].

[190] ينظر: الحاوي، للماوردي، (5/ 287).

[191] سبق تخريجه، ص(62).

[192] ينظر: الأم، للشافعي، (3/ 78).

[193] ينظر: المغني، لابن قدامة، (4/ 42).

[194] ينظر: الموافقات، للشاطبي، (2/ 390)، فتح الباري، لابن حجر، (4/ 401).

[195] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 177).

[196] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(199).

[197] ينظر: المحلى، لابن حزم، (9/ 51).

[198] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 199).

[199] سبق تخريجه، ص(153).

[200] شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 212-213).

[201] ينظر: مقاييس اللغة، لابن فارس، (6/ 101).

[202] ينظر: مختار الصحاح، للرازي، ص(299)، لسان العرب، لابن منظور، (10/ 376)، المعجم الوسيط، (2/ 1026).

[203] ينظر: زاد المعاد، لابن القيم، (4/ 138).

[204] قرار المجمع الفقهي الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي، في دورته الخامسة عشرة بمكة، 11/ 7/ 1419هـ، ضمن قرارات المجمع الفقهي، ص(320)، وينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، (13/ 161)، الموسوعة الكويتية، (14/ 147)، المعايير الشرعية، ص(492).

[205] ينظر: المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/ 49)، الإنصاف، للمرداوي، (4/ 337)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 26).

[206] ينظر: الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، للأزهري، ص(216)، غريب الحديث، للخطابي، (2/ 204)، الفائق، للزمخشري، (2/ 108)، غريب الحديث، لابن الجوزي، (1/ 435).

[207] ينظر: الهـداية، للمرغيناني، (3/ 94)، حاشية الصاوي، (3/ 131)، الأم، للشافعي، (3/ 78-79).

[208] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القـيم، (9/ 249)، شرح فتح القـدير، لابن الهمام، (7/ 213)، الإنصـاف، للمرداوي، (4/ 337).

[209] ينظر: النهاية، لابن الأثير، (2/ 301)، المصباح المنير، للفيومي، (2/ 441).

[210] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 30).

[211] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (14/ 36)، الهداية، للمرغيناني، (3/ 94)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 163)، حاشية ابن عابدين، (5/ 273).

[212] ينظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد الجد، (2/ 43)، شرح الخرشي على خليل، (5/ 106)، الشرح الصغير، للدردير، مع حاشية الصاوي، (3/ 131)، منح الجليل، لعليش، (5/ 105)، حاشية الدسوقي، (3/ 89)، ونقل الجواز ابن جزي في القوانين الفقهية، ص(179).

[213] ينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 135)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 126)، الإنصاف، للمرداوي، (4/ 337).

[214] هو علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني الحنفي، برهان الدين، أبو الحسن، فقيه، فرضي، محدث، من تصانيفه: شرح الجامع الكبير للشيباني، بداية المبتدي، توفي سنة 593هـ، ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، (21/ 232)، تاج التراجم في طبقات الحنفية، للسودوني، ص(206-207).

[215] الهداية شرح البداية، (3/ 94).

[216] الشرح الكبير، (3/ 89).

[217] هو علي بن سليمان بن أحمد بن محمد السعدي الصالحي، علاء الدين، أبو الحسن المرداوي الحنبلي، فقيه ومحدث وأصولي، من تصانيفه: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، توفي سنة 885هـ، ينظر: المنهج الأحمد، للعليمي، (5/ 290-298)، الضوء اللامع، للسخاوي، (5/ 225-227).

[218] الإنصاف، (4/ 337).

[219] سبق تخريجه، ص(153)، وينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 163)، حاشية ابن عابدين، (5/ 273).

[220] ينظر: الشرح الصغير، للدردير، مع بلغة السالك، (3/ 131).

[221] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (14/ 36).

[222] ينظر: الهداية، للمرغيناني، (3/ 94)، حاشية ابن عابدين، (5/ 273).

[223] ينظر: شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 213).

[224] ينظر: معالم السنن، للخطابي، (3/ 87)، تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 249).

[225] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (12/ 126)، المغني، لابن قدامة، (4/ 220).

[226] ينظر: التورق في الفقه الإسلامي، لنزيه حماد، ص(31).

[227] ينظر: حاشية ابن عابدين، (5/ 273)، واختاره ابن الهمام، في شرح فتح القدير، (7/ 213).

[228] ينظر: الأم، للشافعي، (3/ 78-79)، ويراجع: مختصر المزني، ص(85)، الحاوي الكبير، للماوردي، (5/ 287)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 416-417)، نهاية المحتاج، للرملي، (3/ 477).

[229] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (4/ 337)، الروض المربع، (2/ 56)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 26)، مطالب أولي النهى، للرحيباني، (3/ 61).

[230] ينظر: قرار المجمع، الدورة الخامسة عشرة، ضمن قرارات المجـمع، ص(320)، وهو اختيـار الشيخ عبد العزيز بن باز، ينظر: فتاويه،(19/ 94)، والشيخ محمد العثيمين بشروط ذكرها في رسالة المداينة، ص(7)، والشرح الممتع، (8/ 220-221).

[231] الأم، (3/ 78-79).

[232] الإنصاف، (4/ 337).

[233] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (4/ 337).

[234] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 303)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 126).

[235] الإنصاف، (4/ 337).

[236] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 434).

[237] ينظر: تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 250).

[238] سبق تخريجه، ص(62).

[239] ينظر: فتاوى ابن باز، (19/ 98).

[240] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 434).

[241] ينظر: ص(162-163).

[242] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 434).

[243] يراجع: المدخل الفقهي العام، للزرقا، (1/ 401).

[244] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 432).

[245] ينظر: التأصيل الفقهي للتورق، لابن منيع، ص(365).

[246] ينظر: مذاهب العلماء في التورق، لعبد الله السعيدي، ص(32-33).

[247] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (5/ 61)، روضة الطالبين، للنووي، (3/ 336)، المغني، لابن قدامة، (3/ 480).

[248] أخرجه مسلم، في كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي، (3/ 1157)، برقم 1522.

[249] ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 163)، الشرح الصغير، للدردير، مع حاشية الصاوي، (3/ 131).

[250] قال الشاطبي: "إذا كان الفعل مكروهًا بالجزء كان ممنوعًا بالكل؛ كاللعب بالشطرنج، والنرد بغير مقامرة، وسماع الغناء المكروه"، الموافقات، (1/ 133).

[251] ينظر: بيان الدليل، لابن تيمية، ص(199).

[252] ينظر: قضايا في الاقتصاد، للسويلم، ص(512-516)، وقد استقدتُ منه كثيرًا في تحرير هذين الفارقين، ويراجع: التدرج في التشريع والتطبيق، لمحمد الزحيلي، ص(99-126)، الحيل الفقهية، لرفيق المصري، ص(257).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الشيخ أ.د.عبد السلام الشويعر في محاضرة بعنوان (البنوك والمعاملات المصرفية المعاصرة)
  • البدائل الإسلامية بين التخريج على الفروع والتخريج على القواعد المعاملات المصرفية نموذجا
  • التعريف بمصطلح البدائل الإسلامية، وبيان أهميتها
  • السندات، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل
  • العلاقة بين البدائل وشكلية العقود
  • المعاملات المصرفية الممنوعة لأجل الغرر، والقواعد الحاكمة لها
  • أنواع البدائل الإسلامية المصرفية
  • ضوابط البديل الشرعي المنضبط للمعاملات المصرفية

مختارات من الشبكة

  • حكم التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية نموذجا(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الطرق التي سلكتها المصارف الإسلامية لإيجاد البدائل المصرفية (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • البدائل بين المقاصد الشرعية وشكلية العقود(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الأحكام المتعلقة بنظرية البدائل الشرعية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • نظرية البدائل بين فقه الأولويات وفقه الضرورة(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • خصم الأوراق التجارية، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • بطاقات الائتمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الودائع لأجل تحرير التخريج وبيان الحكم ومناقشة البدائل (WORD)(كتاب - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • الأدلة الشرعية على ضرورة الاعتناء بفقه البدائل الشرعية(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب