• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق / محاضرات علمية مكتوبة
علامة باركود

منافع الصوم

منافع الصوم
الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/2/2016 ميلادي - 27/4/1437 هجري

الزيارات: 17238

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

منافع الصوم


الحمد لله والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، والقائمين بالقسط من الناس.

 

أما بعد:

دلت النصوص القطعية على أن الشرع جاء؛ لتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها.

 

ومن هذه النصوص قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾ [طه: 124].

 

وقوله: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].

 

وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

يقول ابن عاشور - رحمه الله-: (واستقراء أدلة كثيرة من القرآن، والسنة الصحيحة يوجب لنا اليقين بأن أحكام الشريعة الإسلامية منوطة بحِكَمٍ، وعلل راجعة للصلاح العام للمجتمع والأفراد) [" مقاصد الشريعة ": (13)].

 

فالشريعة تستهدف تحقيق مقصد عام، وهو إسعاد الفرد والجماعة، وحفظ النظام وتعمير الدنيا بكل ما يوصل إلى الخير والكمال الإنساني.

 

يقول ابن القيم - رحمه الله-: (والقرآن وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مملوءان من تعليل الأحكام، بالحِكم والمصالح، وتعليل الخلق بهما والتنبيه على وجوه الحِكم التي لأجلها شرع الأحكام، ولأجلها خلق تلك الأعيان.


ولو كان هذا في القرآن والسنة في نحو مائة موضع، أو مائتين لسقناها، ولكنه يزيد على ألف موضع بطرق متنوعة) [" مفتاح دار السعادة ": (408)].

 

يقول الإمام العز بن عبد السلام - رحمه الله -: (الشريعة كلها مصالح: إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح، فإذا سمعت الله يقول: (يأيها الذين آمنوا) فتأمل وصيته بعد ندائه، فلا تجد إلا خيرًا يحثك عليه، أو شرًا يزجرك عنه، أو جمعًا بين الحث والزجر، وقد أبان في كتابه ما في بعض الأحكام من المفاسد؛ حثًا على اجتناب المفاسد، وما في بعض الأحكام من المصالح حثًا على إتيان المصالح) [" قواعد الأحكام ": (1/ 9)]

• • •

 

إن صيام رمضان أحد أركان الإسلام، وفروضه المعلومة من الدين بالضرورة.

 

قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 183 - 185].

 

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان " [رواه البخاري: برقم: (8) ومسلم: برقم: (16)].

 

وفضائل هذا الشهر العظيم قد ثبتت في دواوين الإسلام ومن ذلك:

1 - عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الصيام جنة، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله - تعالى- من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها " [البخاري: برقم: (46)، ومسلم: برقم: (144)].

 

2 - وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال الله - عز وجل- كل عمل بن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث يومئذ، ولا يسخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان: يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه "[رواه مسلم: برقم: (1151)].

 

3- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين" [رواه البخاري: برقم: (1899)، ومسلم: برقم: (1079)].

• • •

 

لقد تقرر أن الله - سبحانه وتعالى - لم يشرع أحكام هذا الدين دون فوائد مرجوَّة، ومقاصد جليلة، فمن المعلوم أنَّ من أسمائه سبحانه وتعالى: الحكيم، ومقتضى هذا الاسم أنَّه متَّصفٌ بالحكمة، فكلُّ ما شرعه الله وقدَّره وأمر به فهو لحكمة بالغة.

 

يقول البيضاوي -رحمه الله-: (إنَّ الاستقراء دلَّ على أنَّ الله - سبحانه - شرع أحكامه لمصالح العباد) [" المنهاج ": (233)].

 

إن الأحكام إذا ربطت بعللها، وفوائدها اقتنع الناس بها، وكان لها دورٌ كبير في تأديتها على الوجه الذي أراده الشرع؛ فإنَّ كثيرًا من الخلق يلتزمون بالعبادات ظاهرًا فقط دون أن يلتزموا معانيها وروحها، ولعلَّ من أسباب ذلك عدم علمهم بمقاصدها فيؤدُّون عباداتهم، وكأنَّها عادات وتقاليد ورثوها عن آبائهم؛ فلا يشعرون بلذَّتها وحلاوتها ولا يستفيدون من القيام بها على الوجه المطلوب.

 

ومن أبرز فوائد الصيام ومنافعه ما يلي:

أولًا: تحقيق التقوى:

وهذا هو المقصد الأسمى في حكمة مشروعية الصيام، وذلك لأنَّه عبادة يتقرب بها العبد لربِّه بترك محبوباته، وقمع شهواته، فيضبط نفسه بالتقوى ومراقبة الله -سبحانه وتعالى- في كل مكان وزمان، ولهذا يقول المولى سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

 

(فهو لجام المتَّقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين من بين سائر الأعمال، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئًا، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذُّذاتها إيثارًا لمحبَّة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه لا يطَّلع عليه سواه والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم) [ابن القيم: " زاد المعاد ": (2/ 29)].

 

ولهذا فإنَّ من تقوى المسلمين الصائمين لربِّهم أنَّهم لو ضربوا على أن يفطروا في شهر رمضان لغير عذر لم يفعلوا، لعلمهم بكراهية الله لإفطارهم في هذا الشهر، ولا ريب أنَّ هذا كما قال ابن رجب- رحمه الله-: (من علامات الإيمان حيث يكره المؤمن ما يلائمه من شهواته إذا علم أنَّ الله يكرهه) [" لطائف المعارف ": (288)].

 

بل إنَّ هذا من أبلغ حكم الصيام لتدريب النفس على التقوى ومحاسبة النفس على التقصير والنقص.

 

وصدق الله - ومن أصدق من الله قيلًا - حين قال عن حكمة تشريع الصوم: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] فإنَّ من أعظم العبادات التي يتدرب بها العبد على ممارسة التقوى والتكيف معها هي عبادة الصيام، ولأجل ذا صار من أعظم الطاعات وأجل القربات ليكون الصائم مقبلًا على الله تعالى، خاضعًا بين يديه، ومجاهدًا نفسه ومحاسبًا لها في تقصيره، فتكون نتيجة من نتائج التقوى، وقد قال ميمون بن مهران رحمه الله: (لا يكون الرجل تقيًا؛ حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الرجل شريكه؛ حتى ينظر من أين مطعمه ومشربه، ومكسبه) [رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: (7/ 195)].

 

ثانيًا: تزكية النفس:

من منافع الصيام الجليلة والتي يظهر أثرها، أنَّ فيه تزكية للنفس وتنقية لها من الأخلاق الرذيلة، والتي تكون أول ما تكون وساوس شيطانية، فإنَّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، إلاَّ أنَّه بالصيام تضيق مجاري الشيطان، ففي الحديث: " إنَّ الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم " [رواه مسلم: برقم: (2174)].

 

زاد بعضهم: " فضيِّقوا مجاريه بالجوع والصيام" وهي زيادة لا أصل لها. [قال الألباني: في تعليقه على عن هذه الزيادة: (لا أعلم لها أصلًا في شيء من كتب السنة المطبوعة أو المخطوطة) " حقيقة الصيام لابن تيمية " ص (56)].

 

لكن المعنى صحيح، يقول الإمام الكمال بن الهمام -رحمه الله-: (إنَّ الصوم يسكن النفس الأمَّارة بالسوء ويكسر سورتها في الفضول المتعلقة بجميع الجوارح من العين واللسان والأذن والفرج؛ ولذلك قيل: إذا جاعت النفس شبعت جميع الأعضاء، وإذا شبعت جاعت كلُّها، وما عن هذا صفاء القلب من الكدر، فإن الموجب لكدوراته فضول اللسان والعين، وباقيها وبصفائه تناط المصالح والدرجات) [" فتح القدير ": (2/ 300- 301)].

 

وإذا كبَح الصوم المعاصي نال العبد منزلة راقية في العبودية لله؛ لأنَّ الصوم - الذي يراد به مجرد الإمساك عن الطعام والشراب - يستطيعه كثير من الناس، بيدَ أنَّه - سبحانه- أراد من عباده أن يكون صومهم منقيًا لهم من المعاصي وما دار في فلكها وقد ذكر الإمام ابن حجر العسقلاني - رحمه الله- أنَّ العلماء: (اتفقوا على أنَّ المراد بالصيام هنا: صيام من سلم صيامه من المعاصي قولًا، وفعلًا)[" فتح الباري ": (4/ 109)].

 

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: " رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ورب قائم حظُّه من قيامه السهر " [رواه أحمد: " المسند ": (2/ 373) والنسائي: " السنن الكبرى ": برقم: (3249)، وابن ماجة: برقم: (1690)].

 

قال مجاهد بن جبر المكي -رحمه الله-: (خصلتان تفسدان الصيام: الغيبة والكذب، وقال سفيان الثوري-رحمه الله-: الغيبة تفسد الصوم) [ الغزالي: إحياء علوم الدين: (1/ 329)].

 

ثالثًا: تذكر الفقراء والمساكين ومواساتهم:

إن من فوائد الصيام أن يذوق العبد طعم الجوع والحرمان ويستشعر ما يعنيه ذلك استشعارًا حقيقيًا، فيتذكر العبد حقيقة معاناة إخوانه الفقراء.

 

قال العلامة ابن الهمام - رحمه الله - عن الصائم: (إنَّه لما ذاق ألم الجوع في بعض الأوقات، ذكر مَنْ هذا حالُه في عموم الأوقات، فتسارع الرقة عليه) [" فتح القدير ": (2/ 301)].

 

وقد ذكر ابن رجب -رحمه الله- عن بعض السلف أنَّه سئل: (لِمَ شُرِع الصيام؟ فقال: ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع) [" لطائف المعارف ": (314)].

 

ومن تدبر ذلك هيَّأ قلبه لمواساة الفقراء بكل ما يقدر عليه مما فيه مواساة لإخوانه المؤمنون، وهذا من أعظم التكافل الاجتماعي.

 

ونتأسَّى برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، حيث إنَّه كما ذكر ابن عبَّاس - رضي الله عنه- قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان) [رواه البخاري: برقم: (6)، ومسلم: برقم: (2308)].

 

قال الإمام الشافعي - رحمه الله-: (أحبُّ للرجل الزيادة بالجود في رمضان، اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم والصلاة عن مكاسبهم) [ابن رجب: " لطائف المعارف ": (315)].

 

ومن هذا الباب نجد أن العلماء قد استحبوا تفطير الصائمين المساكين، أخرج البيهقي بسنده عن أمِّ عمارة بنت كعب الأنصارية أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعت له بطعام فقال لها: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ الصائم إذا أُكِل عنده صلَّت عليه الملائكة؛ حتَّى يفرغوا " [" السنن الكبرى ": (4/ 305)].

 

وفي رواية الترمذي وزاد: (وربَّما قال: حتَّى يشبعوا) [برقم: (1738)].

 

رابعًا: تقوية الإرادة وتحقيق الصبر والمصابرة عمليًا:

حين خرج قوم طالوت معه للجهاد في سبيل الله ومقاتلة عدو الله جالوت، ابتلى الله - عز وجل- قوم طالوت بالصوم والإمساك عن الشرب من النهر، وأنَّ من شرب منه لم يستطع أن يجاهد شهوة نفسه ويصبر عليها؛ فكيف يريد أن يجاهد الكفار أعداء الله - عز وجل- ومن مرَّ من هذا النهر وصبر وصابر على الصوم فإنّهَ سينال شرف الجهاد في سبيل الله، والانتصار على الكفار.

 

ولهذا قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 249] وهؤلاء القليل الذين لم يشربوا من هذا النهر وصبروا على ذلك هم الذين نالوا العز والمجد والنصر على قوم جالوت الكافرين.

 

ومن هنا فإنَّ الصوم من أعظم المدارس التربوية التي تعين المرء على التربي على فضيلة الصبر والمصابرة، كيف وأنَّه تعالى قال: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاة ﴾ [البقرة: 45] وقد فسَّر بعض العلماء الصبر المقصود بالآية بأنَّه: الصوم.

 

قال ابن رجب - رحمه الله -: (فإنَّ الصيام من الصبر، وقد قال الله - تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10]) [" لطائف المعارف ": (283)].

 

وقد ورد في الحديث " الصوم نصف الصبر"[رواه الترمذي: برقم: (3519) وابن ماجة: برقم: (1745)].

 

خامسًا: تجديد الطاقة وتوجيه الهمَّة نحو العمل:

إن من الملاحظ أن كثيرًا من دور المسلمين وبيوتهم خلال هذا الشهر، فسيجد فيها الركود والتثاقل عن العمل، أو أنَّ بعضهم يبدأ هذا الشهر بهمَّة وثابة، وعزمة تواقة لكل خير، وما أن تمضي خمسة أيام أو عشرة حتَّى تجد الركود قد سرى في جسمه، والكلل بان على محياه، والملل صار طابعه في العمل.

 

وإن قرنا ذلك بحال السلف نجد عكس ذلك تمامًا فنجد لديهم قوَّة النشاط في تحري الخير، وكثرة العمل الصالح في هذا الشهر، ومن ذلك الغزوات والسرايا الكثيرة التي خرجت للجهاد في سبيل الله في هذا الشهر ومنها: (معركة بدر في اليوم السابع عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة، وفتح مكة في اليوم العاشر من رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، وقعة البويب في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وفتح النوبة في السنة الحادية والثلاثين من الهجرة، وفتح الأندلس في الثانية والتسعين من الهجرة، والفتوح الإسلامية للمسلمين في فرنسا في السنة الثانية بعد المائة من الهجرة، وفتح عمورية في السنة الثالثة والعشرين بعد المائتين).

 

كلُّ ذلك دليل واضح على أنَّ شهر رمضان، شهر عبادة وعمل وفتوح وانتصارات، لا شهر رفاهية، وكثرة وجبات، والتفنن في الأكلات.

 

ومن فوائد هذا الشهر تعويد البدن على العمل والحركة والنشاط، وكثرة الطاعات، وألوان العبادات، وأشكال البر والخيرات؛ ذلك أنَّ في هذا الشهر حيوية واضحة، ودورة إيمانية تربوية لائحة.

 

سادسًا: ربط الصوم بالإيمان:

فهو عبادة سرية بين العبد وبين ربه؛ فالصائم بإمكانه ألا يصوم إن شاء، سواء بمأكول أو مشروب أو بمجرد النية، وإن أمسك طوال نهاره، وظهر للناس أنه صائم.


فامتناع العبد عن المفطرات مع قدرته عليها خفية، دليل استشعاره اليقيني باطلاع ربه على سرائره وخفاياه.


ولو تأملت لوجدت هذا السر الإيماني يجري في سائر العبادات؛ فالوضوء والغسل مثلا يتطهر بهما العبد من الأحداث، ولو أتى إلى الصلاة دون طهور لما علم به الناس، وكذلك الصلاة بأذكارها من قراءة قرآن وتسبيح في السجود والركوع، يقول المصلي ذلك سرا لا يسمعه من يجاوره، وما طربه إلى ذلك إلا إيمانه العميق بربه الذي يعلم السر وأخفى: ﴿ وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴾ [طه: 7 ].


سابعًا: منافع اجتماعية:

فالصائم عندما يرى من حوله صيامًا يحس بتلاحم المجتمع بجانب عبادي يلتقي عليه الجميع، وهذا من بين الأسباب التي سهل لأجلها صوم الفرض، وصعب فيها صوم النافلة فصائم رمضان أينما ذهب وجد من حوله صائمًا، ويستشعر مشاركة الجميع له، وأنه يقوم بعمل عادي كل الناس يؤدونه بخلاف النافلة.


من هنا أيضا أصبح الصوم تربية للمجتمع، حتى المجتمعات التي يغلب عليها الفساد تجد آثار رمضان ظاهرة على عمومه؛ حتى الفساق منهم، وهذا من بركة هذا الشهر وتلك التربية.


ثامنًا: ربط العبد بالدار الآخرة:

يقوم الصوم بوظيفة الربط بين الصائم والآخرة، فهو عندما يترك ملذات الدنيا المباحة يتركها لما عند ربه من عظيم الأجر والثواب، فمقياس ربحه وخسارته مقياس أخروي.


وفي ذلك توطين وترسيخ عقيدة الصائم بالإيمان بالغيب والآخرة والتعلق بها، والترفع عن عاجل ملاذ الدنيا التي تقود إلى التثاقل والإخلاد إلى الأرض، هذا مع وافر أجره في الدنيا ونعيم حياته بصحة البدن وفرح القلب بالطاعة وانشراح الصدر بالإيمان.


وأصحاب المقاييس المادية لا يرون في الصوم أكثر من حرمان من لذة الأكل والشرب، والوقاع، والتي بها سعادة النفس وتلبية الحاجات الجسمية.

 

تاسعًا: منافع صحية:

يعتقد كثير من الناس أن للصيام تأثيرًا سلبيًا على صحتهم، وقد أثبت العلم الحديث عكس ذلك، فقد ثبت من خلال الأبحاث الطبية بعض الفوائد الوقائية للصيام ضد كثير من الأمراض والعلل الجسمية والنفسية، منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- يقوي الصيام جهاز المناعة.

 

2- الوقاية من مرض السمنة وأخطارها.

 

3- يقي الصيام الجسم من تكون حصيات الكلى، إذ يرفع معدل الصوديوم في الدم فيمنع تبلور أملاح الكالسيوم، كما أن زيادة مادة البولينا في البول، تساعد في عدم ترسب أملاح البول، التي تكون حصيات المسالك البولية.

 

4- يقي الصيام الجسم من أخطار السموم المتراكمة في خلاياه، وبين أنسجته، من جراء تناول الأطعمة، وبين أنسجته، من جراء تناول الأطعمة، وخصوصًا المحفوظة والمصنعة منها وتناول الأدوية واستنشاق الهواء الملوث بهذه السموم.

 

5- يخفف الصيام ويهدئ ثورة الغريزة الجنسية، وخصوصًا عند الشباب، وبذلك يقي الجسم من الإضرابات النفسية والجسمية، والانحرافات السلوكية، وذلك تحقيقًا للإعجاز في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء".

 

إن ما تقدم يعد جزء يسير يناسب المقام، وإلا ففوائد ومنافع الصيام كثيرة، فهي نبع يفيض على من وفقه الله للصيام وفق مراد الله ومقصود شرعه، بكثير من الفوائد التي لا بد أن تظهر عليه.

 

وفقنا الله جميعًا لصيام شهره كما أراد وشرع إنه سميع قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منافع الصيام
  • الحج منافع وبركات
  • أيام المنافع (خطبة)
  • منافع الأحجار

مختارات من الشبكة

  • منافع الحج ومقاصده (3) الإصلاح والتزكية - زيادة الإيمان - تحقيق الرابطة الإسلامية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • منافع الحج ومقاصده (2) الذكر والدعاء - التعارف والتعاون والمساواة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • منافع الحج ومقاصده (1) الإخلاص - التقوى (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • درس وعظي: منافع الحج الدينية والدنيوية(مقالة - ملفات خاصة)
  • الدرس السابع عشر: منافع ذكر الموت(مقالة - ملفات خاصة)
  • منافع الحج والعمرة في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منافع الحج في الدنيا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المنفعة في الإسلام: حيث وجد شرع الله ودينه فثمة المنفعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • منافع العبادات وأسرارها (فوائد من مصنفات السعدي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • السفر: منافع وآداب وأحكام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب