• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / د. محمد منير الجنباز / مقالات
علامة باركود

مسيرة الجيش إلى تبوك

مسيرة الجيش إلى تبوك
د. محمد منير الجنباز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/5/2024 ميلادي - 5/11/1445 هجري

الزيارات: 2094

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسيرة الجيش إلى تبوك

 

بالرغم من تخلُّف كبار المنافقين مثل الجد بن قيس وعبدالله بن أبيٍّ ابن سلولَ الذي ضرب له مخيمًا عند ثنية الوداع وجمع حوله المنافقين ومن معهم من اليهود، فإنه فعل مثلما فعل بأُحد، عاد بهؤلاء ولم يشارك في هذه الغزوة، وكأن غرضه أن يُريَ الناس ما يستطيع أن يجمع من الرجال لأمر ما في نفسه، ثم أخذ يقول: يغزو محمد بني الأصفر مع جهد الحال والحر والبلد البعيد إلى ما لا قبل له به، يحسب أن قتال بني الأصفر اللعب؟، ومع ذلك فإن المنافقين بثوا أنصارهم بين الجيش؛ كيلا يفوتهم شيء من تحرك المسلمين، وكانت لهم في طريق العودة خطة تآمرية رهيبة للنيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

استخلَف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، واستخلف على المدينة سباع بن عرفطة أخا بني غفار، فأرجف المنافقون بعليٍّ وقالوا: ما خلفه إلا استثقالًا له وتخففًا منه، فلما سمع عليٌّ ما قاله المنافقون أخذ سلاحه ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجرف، فقال: يا نبي الله، زعم المنافقون أنك إنما خلفتني أنك استثقلتني وتخففت مني، فقال: ((كذبوا، ولكني إنما خلفتك لما ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي))، فرجع علي إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره، وهذا من حكمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه خلف في المدينة رجلًا قويًّا؛ كيلا يقوم المنافقون بأي عمل عدائي في غياب النبي صلى الله عليه وسلم.

 

انطلَق الجيش بعد أن اكتمل استعداده إلى تبوك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يخرج معنا إلا مقو)) - أي ذو دابة قوية - وذلك لبُعد السفر، وقال: ((استكثروا من النعال؛ فإن الرجل لا يزال راكبًا ما زال منتعلًا))، ثم دفع النبي صلى الله عليه وسلم اللواء الكبير إلى أبي بكر الصِّدِّيق، ودفع رايته إلى الزبير، وراية الأوس إلى أسيد بن الحضير، ولواء الخزرج إلى أبي دجانة، وقيل: للحباب بن المنذر، ثم تحرك الجيش، وكان يفوق ثلاثين ألفًا، منهم عشرة آلاف فارس، وأتى عبدٌ عليه السلاح فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أقاتل معك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وما أنت؟))، قال: مملوك لامرأة من بني ضمرة سيئة الملكة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ارجع إلى سيدتك، لا تقتل معي فتدخل النار))، وهذا بيان لنا لكي نرتب الأمور على الأولويات، ففي حق العبد فإن الأولوية للسيد، ولا يخرج للجهاد إلا بإذن، لكن لو دهِم العدو بلده فله أن يقاتل دون إذن سيده للخطر المحدق، وسئل زيد بن ثابت عن حركة الجيش فقال: كانت مقدمة الجيش ترحل عندما تميل الشمس وتتبعها الفرق فرقة فرقة، وأما الساقة - مؤخرة الجيش - فكان لا يأتيها الدور إلا مساء، فالحمد لله الذي جمع للنبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الجيش اللجب.

 

مضى الجيش بقية اليوم والليل فصبحوا بذي خشب، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم تحت الدومة، وكان دليله إلى تبوك علقمة بن الغفواء الخزاعي، وكان يجمع الظهر مع العصر، يؤخر الظهر ويقدم العصر، وكان يتفيأ الظلال في النهار للحر الشديد، ثم يمضي عصرًا، وكان مصلاه في كل يوم ينزله معروفًا، فأحصوها، فكانت ستة عشر موضعًا حتى تبوك، ثم أقيم فيها مساجد تذكر الناس بهذه الغزوة، وكان بين الحين والحين يذكر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن فلانًا تخلف، فيجيبهم: إن كان فيه خير يأتي الله به، وإن كان لا خير فيه فلا حاجة لنا به، وكان أبو ذر قد تخلف بسبب بعير له هزيل، فقال: أعلفه ثم ألحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد ثلاثة أيام تحسن بعيره، فحمل عليه متاعه وانطلق يتبع الجيش، فوصل إلى ذي المروة فعجز بعيره فتركه وحمل متاعه وواصل سيره يومين في الحر حتى جهد من العطش، فأدرك الجيش، وقد رآه الناس من بعيد، فقالوا: يا رسول الله، هذا رجل يمشي وحده في الطريق، فقال عليه الصلاة والسلام: ((كن أبا ذرٍّ))، فلما اقترب، قالوا: يا رسول الله، هو أبو ذر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دنوت منه، فقال: ((مرحبًا بأبي ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده))، فقال: ((ما خلَّفك يا أبا ذر؟))، فأخبره خبر البعير، قال: ((إن كنت لمن أعز أهلي عليَّ تخلفًا - وهذا عتاب رقيق - لقد غفر الله لك يا أبا ذر بكل خطوة ذنبًا إلى أن بلغتني))، ثم سقوه.

 

قال أبو ذر الغِفَاري: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك، قال: فسرت ذات ليلة معه ونحن بالأخضر - قريبًا من تبوك - وألقيَ عليَّ النعاس فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيفزعني دنوها منه خشية أن أصيب رِجله في الغرز، فطفقت أحوز راحلتي حتى غلبتني عيناي في بعض الطريق ونحن في بعض الليل، فزاحمت راحلتي راحلته ورِجله في الغرز فما استيقظت إلا بقوله: حس - تألمًا - فقلت: يا رسول الله، استغفر لي، فقال لي: ((سِرْ))، فجعل يسألني عمن تخلف من بني غفَار فأخبره بهم، وهو يسألني: ((ما فعل النفر الحمر الطوال النطانيط؟)) - مديد القامة - فحدثته بتخلفهم، قال: ((فما فعل النفر السود القصار الجعاد الحلس)) - أسود مائل للحمرة - فقلت: والله يا رسول الله، ما أعرف هؤلاء، قال: ((بل الذين هم بشبكة شدخ)) - فتذكرتهم فلم أذكرهم، ثم ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا فينا وكانوا ينزلون بشبكة شدخ لهم نعم كثيرة، فقلت: يا رسول الله، أولئك رهط من أسلم حلفاء لنا، فقال: ((ما منع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله رجلًا نشيطًا في سبيل الله ممن يخرج معنا فيكون له مثل أجر الخارج))، وهذا دليل أنه أخبر بالوحي عن هؤلاء.

 

قال عليه الصلاة والسلام: ((مَن أحيا خفًّا أو كراعًا بمهلكة من الأرض فهو له))، وسبب ذلك أن صاحب جمل أعجفَ قد تركه صاحبه في الفلاة؛ لأنه لم يعد يقوى على المسير، فوجده رجل آخر فأخذه فأطعمه في منزله أيامًا، فقوي الجمل، ثم استعمله، فرآه الأول فقال: هذا جملي، فاختصما إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

 

في هذه الغزوة ظهر تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم لحفظة القُرْآن، فكان معيارًا مهمًّا فيه التشجيع على الحفظ، فقد دفع راية بني مالك بن النجار إلى عمارة بن حزم، فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت فأعطاه الراية، فقال عمارة: يا رسول الله، لعلك وجدت عليَّ، قال: ((لا والله، ولكن قدموا القُرْآن، وكان أكثر أخذًا للقُرْآن منك، والقُرْآن يقدم وإن كان عبدًا أسود مجدعًا))، وأمر في الأوس والخزرج أن يحمل رايتهم أكثرهم أخذًا للقُرْآن، فكان معاذ بن جبل يحمل راية بني سلِمة.

 

صلى النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومًا بأصحابه في سفره وعليه جبة من صوف وقد أخذ بعِنان فرسه - مقود فرسه - وهو يصلي، فبال الفرس فأصاب الجبة فلم يغسله وقال: ((لا بأس بأبوالها ولعابها وعرقها))، وهذا تعليم لمن لم يجد مربطًا وكانت فرسه سلسة القياد أن يمسك بعِنانها وهو يصلي.

 

رغم ضخامة جيش المسلمين وضآلة عدد المنافقين فإنهم عملوا للكيد للمسلمين بشتى الطرق، وكان لهم في كل مجلس فتنة، فقال أحدهم: تحسبون قتال بني الأصفر كقتال غيرهم؟ والله لكأني بكم غدًا مقرنين في الحبال، وذلك لتخويف المسلمين، وقال وديعة بن ثابت: ما لي أرى قرَّاءنا هؤلاء أوعبَنا بطونًا، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء؟ فقال الجلاس بن سويد - وكان زوج أم عمير، وعمير كان يتيمًا في حجره، وكان معهم أثناء هذا الحديث -: هؤلاء سادتنا وأشرافنا وأهل الفضل منا - باستهزاء - ثم قال: والله لئن كان محمد صادقًا لنحن شر من الحمير، والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مائة جلدة وأنا ننفلت أن ينزل فينا القُرْآن بمقالتكم، لكن عمير - رغم أنه تربى في حجره كان مخلصًا - رد عليه وقال: فأنت شر من الحمار، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الصادق وأنت الكاذب، فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمارًا وقال: ((أدرك القوم فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى قد قلتم كذا وكذا))، فذهب إليهم عمار فقال لهم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه، فقال وديعة: إنما كنا نخوض ونلعب، فلم يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65]، وأما الجلاس فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحلف أنه لم يقل من ذلك شيئًا، فأنزل الله: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ [التوبة: 74]، ورُوي أن عميرًا قال للجلاس: والله يا جلاس قد كنت أحب الناس إليَّ وأحسنهم عندي أثرًا، وأعزهم علي أن يدخل عليه شيء نكرهه، والله لقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك، ولئن كتمتها لأهلكن، وإحداهما أهون عليَّ من الأخرى، فأخبر النبيَّ صلى الله عليه وسلم بما قاله الجلاس، ورُوي أنه تاب وحسنت توبته ولم يمنع خيرًا كان يدفعه لعمير.

 

تعليم الصحابة خرص النخل - تقدير كمية ثمره وهو على الشجر - وكان عبدالله بن رواحة يجيد هذا، وهو الذي كان يخرص نخل خيبر ليأخذ النصف وفق الاتفاق، وقد استشهد في مؤتة - مر جيش المسلمين بوادي القرى، ومروا على حديقة لامرأة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اخرُصوها))، فخرصوها وخرصها النبي صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق، وكذلك كان خرص الصحابة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: ((احفظي هذا وأعلمينا ما خرج منها حتى نرجع إليك))، وفي العودة أعلمتهم أنها بلغت عشرة أوسق.

 

المرور على الحِجْر - مدائن صالح - قال: فلما أمسينا بالحجر قال: ((إنها ستهب الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد منكم إلا مع صاحبه، ومن كان له بعير فليوثق عقاله))، فهاجت ريح شديدة ولم يقم أحد إلا مع صاحبه، إلا رجلين من بني ساعدة، خرج أحدهما لحاجته، وخرج الآخر في طلب بعيره، فأما الأول فخنق على مذهبه - أصابه مس - وأما الثاني فاحتملته الريح وألقته على جبل طيئ، ولما ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم ما حصل للرجلين، دعا للأول فشفي، وأما الثاني فقد أحضره ناس من طيئ إلى المدينة فيما بعدُ.

 

وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم الكثيرة، خصوصًا في هذه الغزوة، لعل فيها غسلًا للران الذي غلف قلوب المنافقين المرافقين في هذه الغزوة.

 

قال أبو هريرة: لما مررنا بالحِجْر استقى الناس من بئرها وعجنوا، فنادى منادي رسول الله: لا تشربوا من مائها، ولا تتوضؤوا منه للصلاة، وما كان من عجين فاعلفوه الإبل، قال سهيل بن سعد: فلما عجنت ذهبت أطلب حطبًا، فلما سمع الناس المنادي جعلوا يهرقون ما في أسقيتهم، وقالوا: قد عجنا، قال: ((اعلفوه الإبل))، قال سهيل: فأخذت ما عجنت فعلفت نضوين - بعيرين هزيلين - فكانا أضعف ركابنا، وتحول الناس إلى بئر صالح وجعلوا يغسلون أسقيتهم ويملؤونها حتى ارتووا، وفيها قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسألوا نبيكم الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيهم آية فكانت الناقة ترد عليهم من هذا الفج تسقيهم من لبنها يوم وِردها ما شربت، فعقروها، فأوعدوا ثلاثة أيام، وكان وعد الله غير مكذوب، فأخذتهم الصيحة فلم يبقَ منهم أحد تحت أديم السماء إلا هلك، إلا رجل في الحرم، منعه الحرم من عذاب الله))، قالوا: ومن هو؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أبو رغال، أبو ثقيف))، قالوا: فما له بناحية مكة؟ قال: ((إن صالحًا بعثه مصدقًا، فانتهى إلى رجل معه مائة شاة شصص - قليلة اللبن - ومعه شاة والد ومعه صبي ماتت أمه بالأمس، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليك، فقال: مرحبًا برسول الله وأهلًا، خذ، قال: فأخذ الشاة اللبون، فقال: إنما هي أم هذا الغلام بعد أمه، خذ مكانها عشرًا، قال: لا، قال: عشرين، قال: لا، قال: خمسين، قال: لا، قال: خذها كلها إلا هذه الشاة، قال: لا، قال: إن كنت تحب اللبن فأنا أحبه، فنثر كنانته ثم قال: اللهم تشهد، ثم فوَّق له بسهم فقتله، فقال: لا يسبق بهذا الخبر إلى نبي الله أول مني، فجاء صالحًا فأخبره الخبر، فرفع صالح يديه مدًّا، فقال: اللهم العن أبا رغال، ثلاثًا، وهنا قال: لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم فيصيبكم ما أصابهم))، قال أبو سعيد الخدري: رأيت رجلًا جاء النبي صلى الله عليه وسلم بخاتم وجده في الحجر في بيوت المعذبين، فأعرض عنه واستتر بيده أن ينظر إليه، وقال: ألقِه، فألقاه، فما أدري أين وقع حتى الساعة، وهذا الموقف ليعلم المسلمون مدى السخط على هؤلاء المعذَّبين.

 

وكان للمنافقين في كل موقف خبر، فبعد أن ارتحل الناس من موقعهم في الحِجْر ساروا حتى الصباح، ثم أرادوا الماء فلم يجدوه، وقل الماء في أيديهم، فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبل القِبلة فدعا - ولم يكن في السماء سحاب - فما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ائتلف السحاب في السماء من كل ناحية، فما رام مقامه حتى سحت علينا السماء بالرواء، قال الراوي: فكأني أسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم في المطر، ثم كشف الله السماء عنا من ساعتها، وإن الأرض إلا غدر تناخس - يصب بعضها في بعض - فاستقى الناس وارتووا عن آخرهم، وأسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أشهد أني رسول الله))، قال الراوي: فقلت لرجل من المنافقين: ويحك أبعد هذا شيء؟ فقال: سحابة مارة، أقول: وهل كان الناس يعرفون المنافقين؟ ذكروا أن كل عشيرة تعرف من فيها من المنافقين وكانوا ينصحونهم بترك النفاق، ولو صدر الأمر بقتلهم لاجتثوهم، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بذلك؛ منعًا للفوضى، واتهام الناس بعضهم بعضًا بالنفاق، وهي تهمة سهلة يمكن إلصاقها بالآخرين، وقد يعمد المنافقون أنفسهم إلى إلصاق هذه التهمة بالصالحين.

 

وفي المرحلة الأخيرة قبل وصول تبوك فقدَ النبي صلى الله عليه وسلم ناقته القصواء، فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول الله صلى الله عليه وسلم عمارة بن حزم عَقَبي بَدْري، وكان في رحله زيد بن اللصيت أحد بني قينقاع وقد أسلم، لكن فيه خبث اليهود وغشهم، وكان مظاهرًا لأهل النفاق، فقال: أليس محمد يزعم أنه نبي ويخبرك خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن منافقًا يقول: إن محمدًا يزعم أنه نبي وأنه يخبركم خبر السماء ولا يدري أين ناقته، وإني لا أعلم إلا ما علمني الله، وقد دلني عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا، حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوا بها))، فرجع عمارة بن حزم إلى رحله فقال: العجب من شيء حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنها عن مقالة قائل أخبره الله عنه قال كذا وكذا، فقال رجل سمع مقالة ابن اللصيت، زيد والله قائل هذه المقالة قبل أن تطلع علينا، فأقبل عمارة على زيد يجؤه في عنقه ويقول: والله إن في رحلي لداهية وما أدري، اخرج يا عدو الله من رحلي، فقال زيد بن اللصيت: لكأني لم أسلم إلا اليوم، قد كنت شاكًّا بمحمد وقد أصبحت وأنا فيه ذو بصيرة، وأشهد أنه رسول الله، وقد وكله الصحابة لإيمانه والله أعلم به.

 

يقول المغيرة بن شعبة: كنا بين تبوك والحِجْر، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته - وكان إذا ذهب أبعد - فتبعته بماء بعد الفجر، فأسفر الناس بصلاتهم حتى خافوا الشمس، فقدَّموا عبدالرحمن بن عوف فصلى بهم، فحملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إداوة فيها ماء، فلما فرغ صببت عليه فغسل وجهه ثم أراد أن يغسل ذراعيه فضاق كم الجبة - وعليه جبة رومية - فأخرج يديه من تحت الجبة فغسلهما ومسح خفيه، وانتهينا إلى عبدالرحمن بن عوف وقد ركع بالناس فسبح الناس بعد الرحمن بن عوف حين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كادوا أن يفتتنوا، فجعل عبدالرحمن يريد أن ينكص وراءه، فأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم أن اثبت، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عبدالرحمن ركعة، فلما سلم عبدالرحمن تواثب الناس، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي الركعة الباقية، ثم سلم بعد فراغه منها، ثم قال: ((أحسنتم، إنه لم يتوفَّ نبي حتى يؤمه رجل صالح من أمته))، وهذا منتهى التواضع من النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقل لهم: تسرعتم وكان يمكن انتظاري فأنا قريب، فقد نعت عبدالرحمن بن عوف بالصالح، كما يعد هذا التصرف من الصحابة تصرفًا حسنًا؛ حيث لم ينتظروا حتى طلوع الشمس فأقاموا الصلاة - حرصًا - في وقتها.

 

وتنازع أجير ليعلى بن منبه مع رجل من المعسكر، فعض الرجل يد الأجير عضة قوية، فما كان من الأجير إلا نزع يده من فم الرجل فسقطت ثنيته، فأمسك بالأجير وجاء يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يعمِد أحدكم فيعض أخاه كما يعض الفحل))، فأبطل ما أصاب من ثنيته ولم يتقد منه.

 

لا يزال عدد من الأفراد لا يلتزمون بالتعاليم، وهذا أمر مضر بمصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، والإسلام دين النظام والالتزام، خطب النبي صلى الله عليه وسلم بجموع الجيش وأعلمهم أنهم غدًا إن شاء الله سيقدَمون على عين ماء بتبوك وقت الضحى، فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتي، وكان المسلمون في أشد الحاجة إلى الماء، فسبق إليها رجلان، والعين مثل الزلال تبض بشيء من ماء - ماء قليل - فسألهما: ((هل مسستما من مائها؟))، فقالا: نعم، وفي فعلهما هلاك للجيش، ثم جمع له من مائها قليلًا قليلًا في شن ثم غسل فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها، فجاءت العين بماء كثير فاستقى الناس، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جنانًا))، وفي رواية ابن إسحاق: أن هذا كان في طريق العودة، وكان في الطريق ماء يخرج من وشل - قليل - ما يروي الراكب والراكبين والثلاثة بواد يقال له "المشقق"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن سبقنا إلى هذا الماء فلا يستقيَنَّ منه شيئًا حتى نأتيه))، فسبقه إليه نفر من المنافقين فاستقوا ما فيه، فلما أتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عليه فلم يرَ فيه شيئًا، فقال: ((مَن سبقنا إلى هذا الماء؟))، فقيل له: فلان وفلان، فقال: ((أوَلم أنْهَهم أن يستقوا منه شيئًا حتى آتيه؟))، ثم لعنهم ودعا عليهم، والأول أشهر، ورواية: لعنهم؛ لأنه علم بنفاقهم وأنهم أرادوا الأذى والعصيان.

 

قصة ذي البجادين، وهو فتى من مزينة، واسمه عبدالعزى، نشأ يتيمًا لا مال له، كفله عمه وكان ذا مال، وعمل عنده فأيسر وأصبح عنده، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تاقت نفسه إلى الإسلام، ولكن لا يقدر على اتخاذ خطوة نحو تحقيق ما تاقت إليه نفسه؛ بسبب تعنُّت عمه ومعاداته للدعوة ولنبي الدعوة، فلما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من مكة بعد فتحها قال ذو البجادين لعمه: يا عم، قد انتظرت إسلامك فلا أراك تريد محمدًا، فائذن لي في الإسلام، فقال: والله لئن اتبعت محمدًا لا أترك بيدك شيئًا أعطيتكه إلا نزعته منك حتى ثوبيك، فقال ذو البجادين: وأنا والله متبع محمدًا ومسلم وتارك عبادة الحجر والوثن، وهذا ما بيدي خذه، فأخذ كل ما أعطاه حتى جرده من إزاره، فأتى أمه فقطعت بجادًا لها باثنين فائترز بواحد وارتدى بالآخر، ثم أقبل إلى المدينة - وكان يقيم قريبًا من المدينة عند جبل ورقان - فاضطجع في المسجد وقت السَّحَر، ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، وكان يتصفح الناس إذا انصرف من الصبح، فنظر إليه فأنكره - لم يرَه من قبل - فقال: ((مَن أنت؟))، فانتسب له، فقال: ((أنت عبدالله ذو البجادين))"، فكان اختيار الاسم له بدل عبدالعزى، مع لقب جميل "ذو البجادين"، والبجاد الكساء الغليظ مثل البساط، لكنه للضرورة جعله كالثوب ليستتر به، ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انزل مني قريبًا))، فكان يكون في أضيافه ويعلمه القُرْآن حتى قرأ قُرْآنًا كثيرًا، والناس يتجهزون إلى تبوك، وكان رجلًا صيتًا، فكان يقوم في المسجد فيرفع صوته بالقراءة، فقال عمر: يا رسول الله، ألا تسمع إلى هذا الأعرابي يرفع صوته بالقُرْآن حتى قد منع الناس القراءة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((دَعْه يا عمر؛ فإنه قد خرج مهاجرًا إلى الله ورسوله))، فلما خرجوا إلى تبوك، قال: يا رسول الله، ادع الله لي بالشهادة، قال: ((أبلغني لحاء سمرة - قشرة من جذع شجرة السمر -)) فأبلغه لحاء سمرة، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عضده وقال: ((اللهم إني أحرم دمه على الكفار))، فقال: يا رسول الله، ليس أردت هذا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنك إذا خرجت غازيًا في سبيل الله فأخذتك الحمى فقتلَتْك فأنت شهيد، ووقصتك دابتك - رفستك برجلها - فأنت شهيد لا تبال بأيته كان))، فلما نزلوا تبوك فأقاموا بها أيامًا توفي عبدالله ذو البجادين، فكان بلال بن الحارث يقول: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع بلال المؤذن شعلة من نار عند القبر واقفًا بها، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، وإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يدليانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((أَدْنِيا إليَّ أخاكما))، فلما هيأاه لشقه قال: ((اللهم إني قد أمسيت عنه راضيًا؛ فارضَ عنه))، قال عبدالله بن مسعود: يا ليتني كنت صاحب هذا اللحد.

 

قال رافع بن خديج: أقمنا بتبوك مدة فأرملنا - نفد - من الزاد وقرمنا - اشتهينا - إلى اللحم ونحن لا نجده، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إن اللحم ها هنا وقد سألت أهل البلد عن الصيد فذكروا لي صيدًا قريبًا - فأشاروا إلى ناحية المغرب - فأذهب فأصيد في نفر من أصحابي؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن ذهبتَ فاذهب في عدة من أصحابك، وكونوا على خيل، فإنكم تتفرقون من العسكر))، قال: فانطلقت في عشرة من الأنصار فيهم أبو قتادة - وكان صاحب طرد بالرمح وكنت راميًا - فطلبنا الصيد فأدركنا صيدًا، فقتل أبو قتادة خمسة أحمرة - حمار الوحش - بالرمح على فرسه، ورميت قريبًا من عشرين ظبيًا وأخذ أصحابنا الظبي والظبيين والثلاثة والأربعة، وأخذنا نعامة طردناها على خيلنا، ثم رجعنا إلى العسكر فجئناهم عَشاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنا: ((جاؤوا بعد؟))، فجئنا إليه وألقينا الصيد بين يديه، فقال: ((فرِّقوه في أصحابكم))، قلت: يا رسول الله، أنت مُرْ به رجلًا، فأمر رافع بن خديج، قال: فجعلت أعطي القبيلة الحمار والظبي، حتى كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظبي واحد مذبوح، فأمر به فطبخ، فلما نضج دعا به - وعنده أضيافه - فأكلوا، ونهانا بعد أن نعود وقال: ((لا آمن))، أو قال: ((أخاف عليكم)).

 

في فترة إقامة الجيش في تبوك قلَّ الزاد، فطلب بعض الأصحاب أن ينحروا ركائبهم - الإبل - فأذن لهم، فلقيهم عمر بن الخطاب وهم على نحرها فأمرهم أن يمسكوا، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أذنت للناس في نحر حمولتهم يأكلونها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((شكوا إليَّ ما بلغ منهم الجوع فأذنت لهم، ينحر الرفقة البعير والبعيرين، ويتعاقبون فيما فضل من ظهرهم وهم قافلون إلى أهليهم))، فقال عمر: يا رسول الله، فإن يكن للناس فضل من ظهرهم يكن خيرًا، فالظهر اليوم رقاق - ضعيف - ولكن ادعُ بفضل أزوادهم ثم اجمعها فادع الله فيها بالبركة كما فعلت في منصرفنا من الحديبية يوم أرملنا، فإن الله يستجيب لك، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان عنده فضل من زاد فليأتِ به))، وأمر بالأنطاع - سفرة تمد ليكون فوقها الطعام - فبسطت، فجعل الرجل يأتي بالمُد من الدقيق والسويق والتمر ثلاثة أفراق - الفرَق يساوي بالصاع ثلاثة وبالرطل ستة عشر - ثم قام وتوضأ وصلى ركعتين، ثم دعا الله عز وجل أن يبارك فيه، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هلموا إلى الطعام، خذوا منه حاجتكم، وأقبل الناس، فجعل كل مَن جاء بوعاء ملأه، فقال بعضهم: لقد طرحت يومئذ كسرة من خبز وقبضة من تمر، لقد رأيت الأنطاع تفيض وجئت بجرابين فملأت إحداهما سويقًا والآخر خبزًا، وأخذت في ثوبي دقيقًا ما كفانا إلى المدينة، فجعل الناس يتزودون الزاد حتى نهلوا عن آخرهم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأني عبده ورسوله، وأشهد أنه لا يقولها أحد من حقيقة قلبه إلا وقاه الله حر النار)).

 

وفي تبوكَ أتى يوحنا بن رؤبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاه الجزية، وأتاه كذلك أهل جرباء وأهل أذرح وأعطوه الجزية على شروط أهل أيلة، وكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل منهم كتاب أمان، وأهدوه وأهداهم وعادوا إلى ديارهم بأمان، وقد حققت هذه الغزوة أهدافها، وأصبح الشمال تابعًا للمسلمين، وباء الروم في خوف، فلم يكن لهم حضور كما توعدوا.

 

وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بقيادة خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبدالملك صاحب دومة الجندل وكان نصرانيًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد: ((إنك ستجده يصيد البقر))، فخرج خالد حتى إذا كان قريبًا من حصنه بمرأى العين كمن له وكانت الليلة مقمرة، وكان أكيدر في حصنه مع زوجته فأتت البقر واقتربت من الحصن حتى صارت تحك بقرونها باب الحصن، فقالت امرأته: هل رأيت مثل هذا قط؟ قال: لا والله، قالت: فمن يترك هذه؟ قال: لا أحد، فنزل فأمر بفرسه فأسرج له، وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له: حسان، وطردوا البقر لصيده، فلما ابتعدوا قليلًا عن الحصن طاردتهم خيل المسلمين، فقُتل حسان وأُسر أكيدر ومن معه، وكان على أكيدر قباء من ديباج موشى بالذهب فأخذه خالد وبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبدأ الصحابة يلمسونه ويعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتعجبون من هذا؟ فوالذي نفسي بيده، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا))، ثم قدم خالد بأكيدر، فحقن النبي صلى الله عليه وسلم دمه وصالحه على الجزية ثم خلى سبيله، وكان مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك تسع عشرة ليلة لم يجاوزها، ثم عاد إلى المدينة.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة تبوك أو العسرة
  • دروس وعبر من غزوة تبوك
  • غزوة تبوك: دروس وعبر (خطبة)
  • خطبة: غزوة تبوك وجهاد المسلمين في فلسطين
  • غزوة تبوك
  • مراحل الاستعداد لغزوة تبوك

مختارات من الشبكة

  • ملخص مسيرة علم القواعد الفقهية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • مسيرة العلم في حضرموت (قصيدة)(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن حسن المعلِّم)
  • أبعاد كتابات اللغات الإفريقية بالحرف العربي ومسيرتها التاريخية(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الأباطيل في المسيرة الجهادية لخالد بن الوليد رضي الله عنه(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • محطات من مسيرة حياة أستاذنا: العلامة محمد أحمد الدالي(مقالة - موقع أ. أيمن بن أحمد ذوالغنى)
  • مسيرة التوحيد والبناء: لمحات تاريخية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مسيرة بالدراجات للمساهمة في بناء مركز تعليمي إسلامي في بلاكبيرن(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حديث: كان إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو فراسخ صلى ركعتين(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • التحكيم ومساندة مسيرة العدل في المملكة العربية السعودية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نقطة التحول في مسيرة صلاح الدين(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب