• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / خطب منبرية
علامة باركود

في الحاجة إلى الغيث واللجوء إلى الله تعالى

الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2013 ميلادي - 22/1/1435 هجري

الزيارات: 23353

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

خطبة

في الحاجة إلى الغيث واللجوء إلى الله تعالى


اللهمَّ إنَّا نَحمدك ونستعينك، ونستغفرك ونتوب إليك، نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحيُّ القيوم، ونتوب إليه، اللهمَّ أنت الملك، لا إله إلا أنت، أنت ربُّنا ونحن عبيدك، ظَلمنا أنفسنا، واعترَفنا بذنوبنا، فاغفِر اللهمَّ لنا ذنوبنا، إنه لا يَغفر الذنوب إلاَّ أنت، تبارَكت ربَّنا وتعالَيْت، نَستغفرك ونتوب إليك.

 

اللهمَّ اغفِر لنا ما قدَّمنا، وما أخَّرنا، وما أسْرَرنا، وما أعْلَنَّا، وما أنت أعلم به منَّا، أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر، لا إله إلا أنت.

 

أمَّا بعدُ:

فأوصيكم أيها الناس ونفسي بتَقوى الله - عز وجل - فاتَّقوه - رَحِمكم الله - فتقوى الله طريق النجاة والسلامة، وسبيل الفوز والكرامة.

 

المتقون هم الناجون من عذاب الله؛ ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 72]، ولجنة الله هم الوارثون؛ ﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 63].

 

عباد الله:

كلنا نعلم أنَّ الله تعالى عليم حكيم، وأنَّ الله تعالى بيده خزائنُ السموات والأرَضين، ألَم يقل - سبحانه -: ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [المنافقون: 7]؟

 

ألَم يقل محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو أعلم الخلق بربِّه: ((يدُ الله ملأَى، لا تَغيضها نفقةٌ، سحَّاء الليل والنهار، أرأيتُم ما أنفَق منذ خلَق السماء والأرض، فإنه لَم يَغِض ما في يده، وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان، يَخفض ويرفع))؛ أخرَجه البخاري.

 

وقال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحجر: 21].

 

ونحن جميعًا نعلم أنَّ الله - سبحانه - يبتلي بالنقص والضرَّاء، كما يبتلي بالعطاء والنَّعماء، وهو أحكم الحاكمين؛ ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].

 

وأرزاق الله تعالى تَغدو وتروح، يَهبها مَن يشاء، ويَصرفها عمَّن يَشاء، ولا مُعَقِّب لحُكمه، ولا رادَّ لقضائه - تعالى وتقدَّس؛ ﴿ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ ﴾ [يوسف: 56].

 

ومن تلك النعم والأرزاق التي يَصرفها ربُّنا كما يشاء: إنزال الغيث؛ كما قال - سبحانه -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الفرقان: 48 - 50].

 

وهو القائل - سبحانه -: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 18]، وهو القائل - تعالى وتقدَّس -: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ ﴾ [الملك: 30].

 

أيها الناس:

كلنا وقَفنا على ما حصَل من الضرر بتأخُّر نزول الغيث لمدة عامين متواصلين، فالآبار قد نَضَبت والأشجار يبِسَت، والأرض قَحَطت، والنخيل قد عَطِشَت، والثمار قد ذَبَلَت، والمواشي قد هُزِلتْ، ومعها القلوب قد وجَفَت، والنفوس قد هَلِعَت، إلاَّ مَن رَحِم الله تعالى، ونحن أيها المسلمون مُضطرون إلى الغيث غاية الضرورة، ولا يستطيع أحدٌ أن يُنزل الغيث إلاَّ الله تعالى وحده، الذي يُجيب المضطر إذا دعاه، ويَكشف السوء عمَّن لاذَ بحِماه، فهو غِياث المستغيثين، وجابر المُنكسرين، وراحم المستضعفين، وهو على كلِّ شيء قدير، وبكل شيء عليم، يُعطي لحِكمة، ويَمنع لحِكمة، وهو اللطيف الخبير.

 

أيها المسلمون:

إذا عَلِمنا أننا مُضطرون إلى رحمة ربِّنا وغَيثه غاية الضرورة، وأنه لا يَكشف ضُرَّنا ولا يَغيث شدَّتنا إلاَّ الرحمن الرحيم، الجَوَاد الكريم، وإذا عَلِمنا أنَّ الدعاء هو العبادة، وأنَّ الله حييٌّ كريم، يَستحيي من عبده إذا رفَع يديه إليه، أن يردَّهما صفرًا، وأنَّ مَن دعا الله بإخلاص وصِدق، فلن يَخيب، فإمَّا أن يُعطى مطلوبَه، أو يُدَّخَر له ما هو أكثر منه وأعظم، أو يُدفع عنه من السوء ما هو أشدُّ وأكبرُ، وإذا عَلِمنا أنَّ ربَّنا تعالى قريبٌٍ ممن دعاه؛ ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

 

ونعلم أنَّ للداعي المضطر منزلةً خاصة؛ ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62].

 

وهذا النبي يونس - عليه السلام - لَمَّا الْتَقَمه الحوت وأضحى رهينَ بطنه في الظلمات المُركبة، ماذا صنَع؟ لقد لَجَأ إلى ربِّه، وتضرَّع إليه بالتوحيد والشهادة، التوحيد الذي هو مَفزع الخلائق إلى ربِّها، وهو مَلجؤها وحِصنها وغِياثها؛ قال تعالى عن يونس: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87].

 

فجاءَه الغوث الإلهي العاجل؛ ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]؛ أي: وكذلك نَصنع بالمؤمنين إن فعَلوا مثلما فعَل.

 

إذا عَلِمنا ذلك كلَّه يا عباد الله، أفلا نَلجأ إلى ربِّنا وخالقنا، ورازقنا ومولانا - جل في علاه؟!

 

أفلا نُحاسب أنفسنا ونتفقَّد حالنا في جَنب الله تعالى، ألَم نسمع قوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴾ [الروم: 41]، ألَم نسمع قوله - جل وعز -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].

 

إذا عَلِمنا أيها المسلمون ذلك كلَّه، فلنتوجَّه بقلوبنا إلى ربِّنا، ولنَرفع أيدينا إليه، مُستغيثين به، راجين لفَضْله، آملين لكرَمه.

 

وقدِّموا بين يدي ذلك توبة نصوحًا واستغفارًا من الذنوب، ألا فاتَّقوا الله ربَّكم، وتوجَّهوا إليه بقلوبكم، وأحسِنوا به الظنَّ في نفوسكم، تعجَّلوا الإنابة، وبادِروا بالتوبة، وأَلِحُّوا في المسألة، فبالتوبة النصوح تُغسل الخطايا بطهور الاستغفار، وتُستمطَر السماء، وتُستدر الخيرات، وتُستنزَل البركات.

 

عباد الله، تبارَك اسم ربِّنا، وتعالى جَدُّه، هو غفَّار الذنوب، وستَّار العيوب، ينادي عباده وله الحمد: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].

 

ويُناديهم في مَلئِه الأعلى: "يا عبادي، إنكم تُخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفرْ لكم".

 

سبحانه وتقدَّس، هو أعلم بخَلقه، عَلِم عجزهم وضَعفهم، ونقصَهم وتقصيرهم، ففتَح لهم باب الرجاء في عفوه والطمع في رحمته، والأمل في مَرضاته؛ ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 221].

 

الرحمات من ربِّنا فيَّاضة، لا يَنقطع مددُها، والنِّعم من عنده دفَّاقة، لا يَنقص عطاؤها، ومن ذا الذي يتألَّى على الله ألاَّ يَغفر ذنوب عباده؛ ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135].

 

عباد الله، إذا كَثُر الاستغفار في الأمة، وصدَر عن قلوبٍ بربِّها مُطمئنة، دفَع الله عنها ضروبًا من النِّقم، وصرَف عنها صنوفًا من البلايا والمِحن؛ ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33].

 

وبالاستغفار تتنزَّل الرحمات؛ ﴿ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل: 46].

 

وأفضل الاستغفار - أيها الإخوة - أن يبدأ العبد بالثناء على ربِّه، ثم يُثَنِّي بالاعتراف بالنِّعم، ثم يقرَّ لربِّه بذنبه وتقصيره، ثم يسألَ بعد ذلك ربَّه المغفرة؛ كما جاء في حديث شدَّاد بن أوس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((سيِّد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلَقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطَعت، أعوذ بك من شرِّ ما صنَعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفِر لي، فإنه لا يَغفر الذنوب إلا أنت)).

 

قال أهل العلم:

وقد كان سيِّد الاستغفار؛ لأنه تضمَّن الاعتراف بربوبيَّة الله - سبحانه - وألوهيته وتوحيده، والاعتراف بعَجْز العبد وتقصيره، واعترافه بأنه في قَبضة مولاه، لا مَهربَ منه ولا مَفرَّ، وتضمَّن اجتهاد العبد بدخوله تحت عهد ربِّه ما استطاع وأطاق، لا بحسب حقِّ الله وجلاله، وعَظمة مقامه، ولكنَّه جهد المُقل، وما أسرع أثر الضراعة والاستكانة والابتهال إلى الله تعالى، إن وافَق توحيدًا وتوكُّلاً على الله، وثقةً به وبواسع فضْله.

 

قَحَط الناس في آخر مدَّة الناصر لدين الله، فأمَر القاضي منذر بن سعيد البلوطي بالبروز إلى الاستسقاء بالناس، فتأهَّب لذلك وصام بين يديه ثلاثة أيام - تنفُّلاً، وإنابةً، ورَهبة - فاجتمَع له الناس في مصلَّى الرَّبض بقرطبة، بارزين إلى الله تعالى في جَمْع عظيمٍ، وصَعِد الخليفة الناصر في أعلى مكان؛ ليشارف الناس، ويُشاركهم في الخروج والضراعة إلى الله، فأبْطَأ القاضي؛ حتى اجتمَع الناس، وغَصَّت بهم ساحة المصلَّى، ثم خرَج نحوهم ماشيًا مُخبتًا، وقام ليَخطب، فلمَّا رأى الناس في ارتقابه، رقَّت نفسه، وغَلَبته عيناه، فاستعْبَر وبكى حينًا، ثم افتتَح خطبته، بأن قال: يا أيها الناس، سلام عليكم، ثم سكَت، ولَم يكن من عادته، فنظَر الناس بعضهم إلى بعض، لا يدرون ما به، ولا ما أراد بقوله، ثم اندفع تاليًا لقول الله تعالى: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54].

 

ثم قال: استغفروا ربَّكم، إنه كان غفارًا، استغفروا ربَّكم ثم توبوا إليه، وتَزَلَّفوا بالأعمال الصالحات لَديه، فضجَّ الناس بالبكاء، وجأَرُوا بالدعاء، ومضى على تمام خطبته، ففَزِع الناس بوعظه، وأحسَّ الناس الإخلاصَ بتذكيره، فلم يَنقضِ النهار حتى أمَر الله السماء بماء مُنهمرٍ، روى الثرى، والله لطيف بعباده، قريب ممن دعاه، و﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾ [الرعد: 11].

 

أقول قولي..

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والاستعانة بالله، والشكوى إلى الله، والرحمة من الله، واللطف بيد الله، والرزق عند الله، والغيث بيد الله، والتوبة إلى الله، والناس جميعًا فقراء إلى الله، هو الأوَّل فليس بعده شيء، وهو الآخر فليس قبله شيء، وهو الظاهر فليس فوقه شيء، وهو الباطن فليس دونه شيء، له الحمد كله، وإليه يُرجع الأمر كله: علانيته وسرُّه، لا ربَّ سواه، ولا راحمَ إلا الله، والصلاة والسلام على أعرف الخَلق بمولاه، قام لربِّه حتى تفطَّرت قدماه، ضجَّ بالدعاء والتضرُّع لربِّه؛ حتى سقَط رداؤه وهو المجاب من ربِّه إذا دعاه.

 

أمَّا بعدُ: أيها الناس:

إني داعٍ فامِّنوا: اللهمَّ إنا نسألك بأنَّا نَشهد أنك أنت الله، لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لَم يلد ولَم يولد، ولَم يكن له كفوًا أحدٌ.

 

يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيُّوم، نسألك أن تغيثَ قلوبنا، وتُحييها بذِكرك، وتُصلح باطننا وظاهرنا، اللهمَّ أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزِل علينا الغيث ولا تَجعلنا من القانطين.

 

اللهمَّ أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم اسقِنا غيثًا مُغيثًا، هنيئًا مريئًا، طبقًا سحًّا مُجللاً، عامًّا نافعًا، غير ضارٍّ، عاجلاً غير آجلٍ، اللهمَّ تُحيي به البلاد، وتُغيث به العباد، وتَجعله بلاغًا للحاضر والباد. اللهمَّ سُقيا رحمة لا سُقيا عذاب ولا هدمٍ، ولا بلاءٍ ولا غرقٍ، اللهمَّ اسقِ عبادك وبلادك وبهائمك، وانشُر رحمتك، وأَحْي بلدك الميت، اللهم أنْبِت لنا الزرع، وأدرَّ لنا الضَّرع، وأنزِل علينا بركاتك، واجعَل ما أنزلته قوة لنا على طاعتك، وبلاغًا إلى حين.

 

اللهمَّ إنَّا خلقٌ من خلقك، فلا تَمنع عنَّا بذنوبنا فضْلك، سبحانك اللهمَّ ربَّنا، عليك توكَّلنا، ربَّنا لا تَجعلنا فتنةً للقوم الظالمين، اللهمَّ اكشِف عنَّا من البلاء ما لا يَكشفه إلا أنت، اللهمَّ إنَّا نَستغفرك إنَّك كنت غفارًا، فأرسِل السماء علينا مدرارًا.

 

اللهمَّ اسْقِنا الغيث، وآمِّنا من الخوف، ولا تَجعلنا آيسين، ولا تهلكنا بالسنين، اللهمَّ ارحَم الأطفال الرُّضَّع، والبهائم الرُّتَّع، والشيوخ الرُّكَّع، وارحَم الخلائق أجمعين.

 

اللهمَّ إنَّ بالبلاد والعباد والخَلق من اللأْوَاء، والجَهد والضَّنك، ما لا نشكوه إلاَّ إليك، اللهمَّ إنَّا نستغفرك ونَستسقيك، اللهمَّ إنَّا نَستغفرك إنَّك كنت غفَّارًا، فأرسِل السماء علينا مدرارًا، اللهمَّ اسقِنا سُقيًا نافعة وادعة، تَزيد بها في شكرنا، وتُوسع فيها على فقرائنا، وتُحيي بها أرضنا، أنت الحي فلا تموت، وأنت القيُّوم فلا تنام، بك نصول ونجول، وعليك التُّكلان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وهو الذي ينزل الغيث مِن بعد ما قنطوا
  • الحاجة إلى الغيث وأهمية صلاة الاستسقاء
  • بمناسبة نزول الغيث
  • الغيث وشكر الله
  • اللجوء إلى الله
  • متى نرجع إلى الله تعالى اختيارا قبل أن نرجع اضطرارا؟
  • اللجوء إلى الله في النوازل والملمات (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • مخالطة الناس حسب الحاجة وترك الوحدة سفرا وحضرا إلا لحاجة سبب لطرد الشيطان(مقالة - آفاق الشريعة)
  • القاعدة الفقهية: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، عامة كانت أو خاصة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة الحاجة بين الإفراط والتفريط(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحاجة المنزلة منزلة الضرورة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحاجات الجسمية عند الطالبات المدعوات في المرحلة الثانوية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الإسراف في الطعام والشراب في رمضان(مقالة - ملفات خاصة)
  • من مائدة الفقه (ما يحرم عند قضاء الحاجة وما يكره)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مائدة الفقه: آداب قضاء الحاجة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح جامع الترمذي (السنن) النبي كان إذا أراد الحاجة أبعد في المذهب(مادة مرئية - موقع موقع الأستاذ الدكتور سعد بن عبدالله الحميد)
  • من معاني خطبة الحاجة وفوائدها(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب