• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل / خطب منبرية
علامة باركود

شروط لا إله إلا الله (2) اليقين

شروط لا إله إلا الله (2) اليقين
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/2/2019 ميلادي - 21/6/1440 هجري

الزيارات: 37688

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شروط لا إله إلا الله (2)

اليقين


الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الْأَحْزَابِ: 70-71].

 

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ: كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) هِيَ أَفْضَلُ الْكَلَامِ، وَهِيَ أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ، مَنْ حَقَّقَهَا نَجَا بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ جَحَدَهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا خَسِرَ خُسْرَانًا أَبَدِيًّا ﴿ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الزُّمَرِ: 15]. وَمَعْنَاهَا: لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَالْبَرَاءَةُ مِنْ كُلِّ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

وَالْيَقِينُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ «وَهُوَ طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ، وَاسْتِقْرَارُ الْعِلْمِ فِيهِ». وَهُوَ ضِدُّ الرَّيْبِ وَالشَّكِّ، فَالْمُرْتَابُ وَالشَّاكُّ لَيْسَا مُتَيَقِّنَيْنِ، وَمَعْنَى الْيَقِينِ بِـ"لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ": أَنْ يَقُولَهَا وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِهَا وَبِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ. «ثُمَّ الْيَقِينُ يَنْتَظِمُ مِنْهُ أَمْرَانِ: عِلْمُ الْقَلْبِ، وَعَمَلُ الْقَلْبِ. فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَعْلَمُ عِلْمًا جَازِمًا بِأَمْرٍ؛ وَمَعَ هَذَا فَيَكُونُ فِي قَلْبِهِ حَرَكَةٌ وَاخْتِلَاجٌ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ذَلِكَ الْعِلْمُ، كَعِلْمِ الْعَبْدِ أَنَّ اللَّهَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ؛ وَلَا خَالِقَ غَيْرُهُ؛ وَأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ؛ فَهَذَا قَدْ تَصْحَبُهُ الطُّمَأْنِينَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ، وَقَدْ لَا يَصْحَبُهُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ؛ إِمَّا لِغَفْلَةِ الْقَلْبِ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ... وَإِمَّا لِلْخَوَاطِرِ الَّتِي تَسْنَحُ فِي الْقَلْبِ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْأَسْبَابِ، وَإِمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ».

 

وَالْيَقِينُ دَرَجَاتٌ ثَلَاثٌ: «فَالْأَوَّلُ: عِلْمُ الْيَقِينِ. وَالثَّانِي: عَيْنُ الْيَقِينِ. وَالثَّالِثُ: حَقُّ الْيَقِينِ». «وَعِلْمُ الْيَقِينِ: مَا عَلِمَهُ بِالْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمَوْثُوقِ كَأَخْبَارِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَيْنُ الْيَقِينِ: مَا شَاهَدَهُ وَعَايَنَهُ بِالْبَصَرِ، وَحَقُّ الْيَقِينِ: مَا بَاشَرَهُ وَوَجَدَهُ وَذَاقَهُ وَعَرَفَهُ بِالِاعْتِبَارِ».

 

«فَعِلْمُنَا الْآنَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ: عِلْمُ يَقِينٍ. فَإِذَا أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ فِي الْمَوْقِفِ لِلْمُتَّقِينَ، وَشَاهَدَهَا الْخَلَائِقُ، وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ، وَعَايَنَهَا الْخَلَائِقُ؛ فَذَلِكَ: عَيْنُ الْيَقِينِ. فَإِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ: فَذَلِكَ حِينَئِذٍ حَقُّ الْيَقِينِ».

 

وَعِلْمُ الْيَقِينِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ: تَصْدِيقُ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَيْنُ الْيَقِينِ فِيهَا: رُؤْيَةُ آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّالَّةِ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَحَقُّ الْيَقِينِ: ذَوْقُ طَعْمِ التَّوْحِيدِ بِالْقَلْبِ، وَوُجُودُ لَذَّتِهِ وَحَلَاوَتِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَاقَ طَعْمَ الْإِيمَانِ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

وَكُلُّ طَعْمٍ وَلَذَّةٍ يَجِدُهَا الْمُؤْمِنُ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ؛ فَهِيَ مِنْ دَلَائِلِ الْيَقِينِ، وَهِيَ حَقُّ الْيَقِينِ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنَّهُ يَجِدُ لَذَّةَ الْعِبَادَةِ فِي الدُّنْيَا، وَيَدْخُلُ جَنَّتَهَا قَبْلَ دُخُولِ جَنَّةِ الْآخِرَةِ.

 

وَقَدْ دَلَّتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْيَقِينِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَمِنْهَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 15]، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ عَدَمِ يَقِينِ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ: ﴿ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ [التَّوْبَةِ: 45]. فَجَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ حَقًّا هُمْ أَهْلُ الْيَقِينِ الَّذِينَ لَيْسَ فِي إِيمَانِهِمْ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَيُّ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ، بَيْنَمَا أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ فَسَادِ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ بِالرِّيبَةِ وَعَدَمِ الْيَقِينِ. وَقَالَ أَعْدَاءُ الرُّسُلِ لِلرُّسُلِ: ﴿ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 9- 10].

 

وَمِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْيَقِينِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «... مَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. فَذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ: «غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا»، وَفِي الثَّانِي: «مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ»؛ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْيَقِينِ فِي كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ، وَأَنَّ الشَّكَّ يُنَافِي الْيَقِينَ، وَلَا يُقْبَلُ تَوْحِيدُ مَنْ شَكَّ فِي (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) وَفِيمَا تَقْتَضِيهِ. وَفِي حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تَمُوتُ وَهِيَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، يَرْجِعُ ذَاكَ إِلَى قَلْبٍ مُوقِنٍ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ فَقَالَ: «اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّ مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُوقِنًا أَوْ مُخْلِصًا فَلَهُ الْجَنَّةُ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي التَّوْحِيدِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

 

فَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الْيَقِينِ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَبِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْإِيمَانُ؛ وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الْيَقِينُ الْإِيمَانُ كُلُّهُ» وَجَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو فَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ: «اللَّهُمَّ زِدْنَا إِيمَانًا، وَيَقِينًا، وَفِقْهًا». بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ أَصْحَابَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنْ يَسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى الْيَقِينَ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ، وَيَظْهَرُ عَلَى الْعَمَلِ، وَالْقُلُوبُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

 

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «يَحْصُلُ الْيَقِينُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا: تَدَبُّرُ الْقُرْآنِ. وَالثَّانِي: تَدَبُّرُ الْآيَاتِ الَّتِي يُحْدِثُهَا اللَّهُ فِي الْأَنْفُسِ وَالْآفَاقِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ حَقٌّ. وَالثَّالِثُ: الْعَمَلُ بِمُوجِبِ الْعِلْمِ».

 

فَحَرِيٌّ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ أَنْ يَجْتَهِدُوا فِي تَحْصِيلِ الْيَقِينِ، بَلْ تَحْصِيلِ حَقِّ الْيَقِينِ؛ لِتَجِدَ قُلُوبُهُمْ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَطَعْمَهُ؛ وَلِكَيْلَا يُخَالِطَ قُلُوبَهُمْ رَيْبٌ وَلَا شَكٌّ. وَلْيَكُونُوا أَهْلَ ثَبَاتٍ وَعَزْمٍ فِي السَّرَّاءِ فَلَا يَجْنَحُوا إِلَى الدُّنْيَا وَالْغُرُورِ بِهَا، وَفِي الضَّرَّاءِ فَلَا يَسْتَبِدُّ بِهِمُ الْجَزَعُ وَالْيَأْسُ فَيُخْرِجُهُمْ عَنْ يَقِينِهِمْ إِلَى وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَنَزَغَاتِهِ.

 

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَمْلَأَ قُلُوبَنَا بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الْأَخْيَارِ الْمُخْلَصِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

 

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَنْ بَلَغَ دَرَجَةَ الْيَقِينِ بِرُبُوبِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ امْتَلَأَ قَلْبُهُ حُبًّا لَهُ تَعَالَى وَتَعْظِيمًا؛ لِيَقِينِهِ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ الْخَالِقُ الرَّازِقُ الْمُدَبِّرُ الْمُحْيِي الْمُمِيتُ، وَرَأَى آيَاتِ رُبُوبِيَّتِهِ فِي خَلْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ سُبْحَانَهُ فَحَقَّقَ عَيْنَ الْيَقِينِ، ثُمَّ تَرَقَّى إِلَى دَرَجَةِ حَقِّ الْيَقِينِ؛ فَوَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ وَطَعْمَهُ، وَانْعَكَسَتْ آثَارُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَيْهِ.

 

وَمَنْ بَلَغَ دَرَجَةَ الْيَقِينِ فِي أُلُوهِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى صَرَفَ الْعِبَادَةَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَلَا يَصْرِفُ شَيْئًا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِبَادَةِ كَالدُّعَاءِ أَوِ الِاسْتِغَاثَةِ أَوِ النَّذْرِ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَمْتَلِئُ قَلْبُهُ إِلَّا بِهِ سُبْحَانَهُ، وَلَا يَتَعَلَّقُ قَلْبُهُ بِسِوَاهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَا يَرْكَنُ إِلَى غَيْرِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَلَا يَرْهَبُ مَخْلُوقًا مَهْمَا كَانَ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالدُّنْيَا وَزَخَارِفِهَا. وَيَجِدُ لَذَّةَ التَّوْحِيدِ فِي الطَّاعَاتِ، كَمَا يَجِدُهَا فِي مُجَانَبَةِ الْمُحَرَّمَاتِ.

 

وَمَنْ بَلَغَ الْيَقِينَ فِي الِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ تَعَالَى عَلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ حُكْمُهُ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الْأَمْرَ أَمْرُهُ، وَأَنَّ حُكْمَهُ خَيْرٌ لِلْبَشَرِ مِنْ حُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا يُصْلِحُهُمْ وَمَا يَصْلُحُ لَهُمْ؛ فَلَا حُكْمَ مَعَ حُكْمِهِ، وَلَا أَمْرَ فَوْقَ أَمْرِهِ، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 50]. فَالْمُوقِنُ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُعَظِّمُ شَرِيعَتَهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ؛ فَلَا يَفْتَاتُ عَلَيْهَا بِالتَّعْدِيلِ وَالتَّغْيِيرِ، وَلَا يَسْتَدْرِكُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حُكْمِهِ، وَلَا يَنْتَهِكُ أَمْرَهُ فَيُسْقِطُ الْوَاجِبَاتِ، أَوْ يُبِيحُ الْمُحَرَّمَاتِ. وَمَا أَكْثَرَ الَّذِينَ يَقَعُونَ فِي ذَلِكَ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّ فِعْلَهُمْ يَنِمُّ عَنْ ضَعْفِ يَقِينِهِمْ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّهُمْ يَخْرِمُونَهَا بِأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ حِينَ يَسْتَدْرِكُونَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي حُكْمَهُ وَشَرِيعَتِهِ؛ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَيْقَنَ بِهَا عَظَّمَهَا، وَعَظَّمَ مَدْلُولَهَا وَلَوَازِمَهَا، وَاسْتَسْلَمَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَخَضَعَ لِشَرِيعَتِهِ كُلِّهَا، وَلَمْ يُخْضِعْهَا لِلنَّقْدِ وَالرَّدِّ وَالِاعْتِرَاضِ، أَوْ يُعَرِّضْهَا لِلتَّجْزِئَةِ وَالِانْتِقَاءِ وَالتَّشَهِّي.

 

فَحَذَارِ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنَ الْمَفْتُونِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ تَوْحِيدَهُمْ أَوْ يُنْقِصُونَهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْإِصْغَاءَ لِشُبُهَاتِهِمْ، أَوِ اتِّبَاعَهُمْ فِي أَهْوَائِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَتَبَرَّؤُونَ مِنْ أَتْبَاعِهِمْ، وَكُلُّ امْرِئٍ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَلَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ مُتَمَسِّكٌ بِشَرْعِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ وَهُوَ مُتَّبِعٌ لِهَوَاهُ أَوْ هَوَى غَيْرِهِ ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ﴾ [الْمُدَّثِّرِ: 38].

 

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نظرات حول شروط لا إله إلا الله (1)
  • نظرات حول شروط لا إله إلا الله (2)
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (1)
  • شروط لا إله إلا الله
  • معنى القبول والانقياد في شروط لا إله إلا الله (2)
  • شروط لا إله إلا الله (1) العلم
  • شروط لا إله إلا الله (3) الإخلاص
  • متن منظومة لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله
  • اليقين المنافي للشك
  • المحبة من شروط لا إله إلا الله
  • أهمية اليقين وطرق تقويته
  • خطبة لا إله إلا الله
  • شروط لا إله إلا الله
  • شروط "لا إله إلا الله"

مختارات من الشبكة

  • شروط الصلاة ( من المرتع المشبع ) (8)(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • متى نعذر بترك شرط من شروط الصلاة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • من ترك شرطا من شروط الصلاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • شروط وجوب الزكاة المتعلقة بالمزكي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط (لا إله إلا الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط شهادة أن لا إله إلا الله عز وجل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل تعلم وتعليم شروط لؤلؤة التوحيد لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شروط (لا إله إلا الله)(مادة مرئية - موقع أ.د. عبدالله بن عمر بن سليمان الدميجي)
  • ما شروط تحقيق لا إله إلا الله؟(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • الشروط العقدية في العقود عامة وفي عقد النكاح خاصة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 25/11/1446هـ - الساعة: 8:19
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب