• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض / مقالات
علامة باركود

إن الرسول لنور يستضاء به

الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/8/2010 ميلادي - 7/9/1431 هجري

الزيارات: 400010

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قال كعب بن زهير:

بَانَتْ سُعَادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَتْبُولُ
مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَمْ يُفْدَ مَكْبُولُ
نُبِّئْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَوْعَدَنِي
وَالْعَفْوُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ مَأْمُولُ
مَهْلاً هَدَاكَ الَّذِي أَعْطَاكَ نَافِلَةَ الْ
قُرْآنِ فِيهَا مَوَاعِيظٌ وَتَفْصِيلُ
إِنَّ الرَّسُولَ لَنُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ
مُهَنَّدٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ مَسْلُولُ
فِي عُصْبَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَالَ قَائِلُهُمْ
بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أَسْلَمُوا َزُولُوا
زَالُوا فَمَا زَالَ أَنْكَاسٌ وَلاَ كُشُفٌ
عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلاَ مِيلٌ مَعَازِيلُ

شُمُّ العَرَانِينِ أَبْطَالٌ لَبُوسُهُمُ
مِنْ نَسْجِ دَاوُدَ فِي الْهَيْجَا سَرَابِيلُ
لَيْسُوا مَفَارِيحَ إِنْ نَالَتْ رِمَاحُهُمُ
قَوْمًا وَلَيْسُوا مَجَازِيعًا إِذَا نِيلُوا
لاَ يَقَعُ الطَّعْنُ إِلاَّ فِي نُحُورِهِمُ
وَمَا لَهُمْ عَنْ حِيَاضِ الْمَوْتِ تَهْلِيلُ

 

من أب إلى أبنائه:

قال المنفلوطي في كتابه - النظرات - لأولاده يخاطب أولاده الأربعة الذين ماتوا قبله: يا بَني، إن قدَّر الله لكم أن تتلاقوا في رَوْضة من رياض الجنة، أو على شاطئ غِدير من غدرانها، أو تحت قصْر من قصورها، فاذكروني مثلما أذكرُكم، وقِفوا بين يدي ربِّكم صفًّا واحدًا، كما يقف بين يديه المصلُّون، ومدُّوا إليه أكفَّكم الصغيرة، كما يمدها السائلون، وقولوا له: اللهم إنَّك تعلم أنَّ هذا الرجل المسكين كان يحبُّنا، وكنا نحبه، وقد فرَّقت الأيام بيننا وبينه، فهو لا زال يلاقي بعدنا مِن شقاء الحياة وبأسائها ما لا طاقةَ له باحتماله، ولا نزال نجد بين جوانحنا من الوجد به والحنين إليه ما يُنغِّص علينا هناءَ هذه النعمة التي ننعم بها في جوارك، بين سمعك وبصرك، وأنت أرحم بنا وبه من أن تُعذِّبنا عذابًا كثيرًا، فإمَّا أن تأخذنا إليه، أو تأتي به إلينا، بل لا تطلبوا منه إلاَّ أن يأتي بي إليكم، فإنَّ الحياة التي كرهتُها لنفسي لا أرضاها لكم، فعسى أن يستجيبَ الله من دعائكم ما لم يَستجب من دعائي، فيرفع هذا السِّتار المسبل بيني وبينكم، فنلتقي كما كنَّا[1].

 

♦ سأل الحجَّاجُ الغضبانَ بن القبعثرَى عن مسائلَ يمتحنه فيها، قال له: مَن أكرم الناس؟ قال: أفقههم في الدِّين، وأصدقُهم لليمين، وأبذلهم للمسلمين، وأكرمُهم للمهانين، وأطعمهم للمساكين، قال: فمَن ألْأَمُ الناس؟ قال: المعطي على الهوان، المقتِّر على الإخوان، الكثير الألوان.

 

قال: فمَن أشرُّ الناس؟ قال: أطولهم جفوة، وأدومهم صبوة، وأكثرهم خلوة، وأشدُّهم قسوة.

 

قال: فمَن أشجع الناس؟ قال: أضربُهم بالسيف، وأقراهم للضيف، وأتركُهم للحيف، قال: فمن أجبنُ الناس؟ قال: المتأخِّر عن الصفوف، المنقبض عن الزحوف، المرتعش عندَ الوقوف، المحبُّ ظلال السقوف، الكاره لضرْب السيوف.

 

♦ خرج عمر بن عبدالعزيز مع سليمان بن عبدالملك للغزو، فاقتتل غلمانُ عمر وغلمان سليمان على الماء، فشكوا ذلك إلى سليمان، فأرسل إلى عمر فقال له: ضَرَب غلمانُك غلماني، قال عمر: ما علمت، فقال له سليمان: كذبت، قال: ما كذبت منذ شددت عليَّ إزاري وعلمت أنَّ الكذب حرام، فبلغ ذلك سليمان، فشقَّ عليه، فدخلتْ فيما بينهما عمَّة لهما، فقال لها سليمان: قولي له: يدخل عليَّ ولا يعاتبني، فدخل عليه عمر، فاعتذر إليه سليمان وقال له: يا أميرَ المؤمنين، ما اغتممتُ بأمر ولا أكربني همٌّ إلاَّ خطرت فيه على بالي.

 

♦ قيل لعمر بن عبدالعزيز:

ما تقول في علي وعثمان، وفي حرب الجمل وصِفِّين؟ قال: تلك دماءٌ كفَّ الله يدي عنها، فأنا أكره أن أغمسَ لساني فيها.

 

♦ وكتب عمر بن عبدالعزيز إلى بعض عمَّاله:

أما بعد: فإذا دعتْك قدرتُك على ظلم الناس، فاذكر قدرةَ الله عليك، ونفاد ما تأتي إليهم، وبقاء ما يأتون إليك، والسلام.

 

♦ قال هشام بن عبدالملك لمسلمة:

يا أبا سعيد، هل دخلك ذعرٌ قط لحرْب، أو عدو؟ قال: ما سلمتُ في ذلك من ذعر ينبه على حيلة، ولم يَغْشني فيها ذعرٌ سلبني رأيي.

قال هشام: هذه البسالة.

 

محمد بن القاسم:

قال أبو اليقظان: وَلَّى الحجَّاج محمدَ بن القاسم بن محمد بن الحكم الثقفيَّ قتالَ الأكراد بفارس، فأباد منهم، ثم ولاَّه السِّند، فافتتح السند والهند، وقاد الجيوش، وهو ابن سبع عشرة سنة، فقال فيه الشاعر:

إِنَّ السَّمَاحَةَ وَالْمُرُوءَةَ وَالنَّدَى
لِمُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ
قَادَ الْجُيُوشَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ حَجَّةً
يَا قُرْبَ ذَاكَمْ سُؤْدُدًا مِنْ مَوْلِدِ

 

وقال زياد بن الأعجم:

حَتَّى الْمَنَابِرُ أَصْبَحَتْ مُخْتَالَةً
بِمُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ

 

ليته سكت؟!

قال ابنُ الضحَّاك بن قيس الفهري لهشام بن عبدالملك قبل أن يملك يضر أهله، وإن في الأرض عن مجلسِك هذا لسَعة، فتجهَّز عمر يريد مصر - وهو يومئذ غلام شاب - يا ابن الخلائف لِمَ تطيل شعرَك وقميصك؟ قال: أكره أن أكون كما قال الشاعر:

قَصِيرُ الْقَمِيصِ فَاحِشٌ عِنْدَ بَابِهِ
وَشَرُّ غِرَاسٍ فِي قُرَيْشٍ مُرَكَّبَا

 

 

وهذا الشعر لأبي خالد مرْوان بن الحكم، هجَا به الضحَّاكَ بن قيس.

♦ دخل رجلٌ على هشام بن عبدالملك فقبَّل يديه، فقال: أفٍّ له، إنَّ العرب ما قبَّلَت الأيدي إلاَّ هلوعًا، ولا فعلتْه العجم إلاَّ خضوعًا.

 

♦ لَمَّا صارت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور، كتب إليه رجلٌ كان مِن خاصَّته قبل توليه الخِلافة:

إِنَّا بِطَانَتُكَ الْأُلَى
كُنَّا نُكَابِدُ مَا نُكَابِدْ
وَنَبِيتُ مِنْ شَفَقٍ عَلَيْ
كَ رَبِيئَةً وَاللَّيْلُ مَاجِدْ
هَذَا أَوَانُ وَفَاءِ مَا
سَبَقَتْ بِهِ مِنْكَ الْمَوَاعِدْ

 

فوقَّع أبو جعفر على كل بيت منها: صدقت صدقت، ثم دعا به وألحقَه في خاصته.

 

لا يلومه!

دخل شابٌّ من بني هاشم على المنصور، فسأله عن وفاة أبيه؟ فقال: مَرِض أبي - رضي الله عنه - يوم كذا، ومات - رضي الله عنه - يومَ كذا، وترك - رضي الله عنه - مِن المال كذا، ومِن الولد كذا، فانتهرَه الربيع، وقال: بين يدي أمير المؤمنين تُوالي بالدعاء لأبيك؟ فقال الشاب: لا ألومك؛ لأنَّك لم تعرفْ حلاوة الآباء.

 

قال الراوي: فما علمنا أنَّ المنصور ضَحِك في مجلسه ضحكًا قط، فافترَّ عن نواجذه إلاَّ يومئذ، وكان الربيع لقيطًا.

 

أبو الشمقمق:

كان أبو الشمقمق الشاعر أديبًا ظريفًا، وكان صعلوكًا، متبرِّمًا بالناس، وقد لزم بيتَه في أطمار مسحومة، وكان إذا استفتح عليه أحدٌ بابَه، خرج فينظر من فروج الباب، فإن أعجبه الواقف فتح له، وإلاَّ سكت عنه، فأقبل إليه يومًا بعضُ إخوانه الملطفين له، فدخل عليه، فلما رأى سوء حاله، قال له: أبشر أبا الشمقمق، فإنَّا روينا في بعض الحديث: إنَّ العارين في الدنيا هم الكاسون يومَ القيامة، فقال: إن صحَّ والله هذا الحديث كنتُ أنا في ذلك اليوم بزَّازًا.

 

دعاء:

ربنا لا تؤاخذْنا إن نسينا أو أخطأنا، اللهمَّ إني أعوذ بك من غلبة الدَّين وقهْر الرجال.

 

♦ وعن حماد عن أبيه قال: دخلتُ يومًا على الرشيد، فقال لي: يا إسحاق، أنشدني شيئًا من شعرك فأنشدته:

وَآمِرَةٍ بِالْبُخْلِ قُلْتُ لَهَا اقْصِرِي
فَذَلِكَ شَيْءٌ مَا إِلَيْهِ سَبِيلُ
أَرَى النَّاسَ خِلاَّنَ الْجَوَادِ وَلاَ أَرَى
بَخِيلاً لَهُ فِي الْعَالَمِينَ خَلِيلُ
وَمِنْ خَيْرِ حَالاَتِ الْفَتَى لَوْ عَلِمْتِهِ
إِذَا نَالَ شَيْئًا أَنْ يَكُونَ يُنِيلُ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الْبُخْلَ يُزْرِي بِأَهْلِهِ
فَأَكْرَمْتُ نَفْسِي أَنْ يُقَالَ بَخِيلُ
عَطَائِي عَطَاءُ الْمُكْثِرِينَ تَجَمُّلاً
وَمَالِي كَمَا قَدْ تَعْلَمِينَ قَلِيلُ
وَكَيْفَ أَخَافُ الْفَقْرَ أَوْ أُحْرَمُ الْغِنَى
وَرَأْيُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ جَمِيلُ

 

فقال: لا تخفْ - إن شاء الله - يا فضل، أعطِه مائةَ ألف درهم، ثم قال: لله دَرُّ أبيات تأتينا بها يا إسحاق، ما أتقنَ أصولَها، وأحسنَ فصولَها، وأقل فضولها، فقلت: كلامك يا أمير المؤمنين، أحسنُ مِن شعري، فقال: يا فضل، أعطه مائة ألف أخرى، فكان أوَّل مال اعتقدته.

 

♦ حكى الربيع مولى الخليفة المنصور قال:

ما رأيتُ رجلاً أربط جأشًا، وأثبت جنانًا، من رجل سُعي به إلى المنصور أنَّ عنده ودائعَ وأموالاً لبني أمية، فأمرني بإحضارِه، فأحضرته إليه، فقال له المنصور: قد رُفِع إلينا خبر الودائع والأموال التي عندك لبني أمية، فأخرج لنا منها وأحضرها، ولا تكتم منها شيئًا، فقال: يا أمير المؤمنين أنت وارثُ بني أمية؟ قال: لا، قال: أتُوصي لهم في أموالهم ورباعهم؟ قال: لا، قال: فما مسألتُك عمَّا في يدي من ذلك؟ فأطرق المنصورُ وتفكَّر ساعة، ثم رَفَع رأسه، وقال: إنَّ بني أمية ظلموا المسلمين فيها، وأنا وكيلُ المسلمين في حقوقهم، وأريد أن آخذَ ما ظلموا المسلمين فيه، فأجعله في بيت أموالهم.

 

فقال: يا أمير المؤمنين، فتحتاج إلى إقامة بيِّنة عادلة أنَّ ما في يدي لبني أمية ممَّا خانوه وظلموه، فإنَّ بني أمية قد كانتْ لهم أموالٌ غير أموال المسلمين، فأطرق المنصور ساعة، ثم رفع رأسه وقال: يا ربيع ما أرى الشيخ إلاَّ قد صدق، وما يجب عليه شيء، وما يسعنا إلاَّ أن نعفو عمَّا قيل عنه، ثم قال: هل لك من حاجة؟


قال: نعم، حاجتي يا أمير المؤمنين، أن تجمعَ بيني وبين مَن سعى إليك، فوالله الذي لا إله إلاَّ هو ما في يدي لبني أمية مالٌ ولا وديعة، ولكنَّني لَمَّا مثلُت بين يديك، وسألتني عمَّا سألتني عنه، قابلتُ بين هذا القول الذي ذكرته الآن وبين ذلك القول الذي ذكرته أولاً، فرأيت ذلك أقربَ إلى الخلاص والنجاة.

 

فقال: يا ربيع، اجمع بينه وبين مَن سعى به، فجمع بينهما، فلما رآه قال: هذا غلامي، اختلس لي ثلاثةَ آلاف دينار من مالي، وأبَقَ مني، وخاف من طلبي له، فسعى بي عند أمير المؤمنين، قال: فشدَّد المنصور على الغلام وخوَّفه فأقرَّ بأنه غلامه، وأنَّه أخذ المال الذي ذكره، وسعى به كذبًا عليه، وخوفًا من أن يقع في يدِه، فقال له المنصور: سألتُك أيها الشيخ أن تعفوَ عنه، فقال: قد عفوت عنه وأعتقته، ووهبته ثلاثة الآلاف التي أخذها، وثلاثة آلاف أخرى أدفعها إليه، فقال له المنصور: ما على ما فعلت من مزيد، قال: بلى يا أمير المؤمنين، إنَّ هذا كلَّه لقليل في مقابلةِ كلامك لي، وعفوك عني، ثم انصرف، قال الربيع: فكان المنصور يتعجَّب منه، وكلَّما ذَكَره يقول: ما رأيت مثل هذا الشيخ يا ربيع.

 

♦ لما حج هارون الرشيد وقدم المدينة، بعث إلى الإمام مالك بن أنس بكيس فيه خمسمائة دينار، فلما قضى نسكَه وانصرف وقدم المدينة، بعث إلى مالك: إن أمير المؤمنين يحب أن تنتقل معه إلى مدينة السلام، فقال للرسول: قل له: إنَّ الكيس بخاتمه، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون".

 

♦ دخل عبدالملك بن صالح يومًا على الرشيد، فلم يلبثِ الرشيد أن التفت إليه متمثِّلاً:

أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي
عَذِيرُكَ مِنْ خَلِيلِكَ مِنْ مُرَادِ

 

ثم قال: أما والله، ولكأنِّي أنظر إلى شؤبوبها قد جمع، وعارضها قد لمع، وكأني بالوعيد قد وقع، فأقلع عن براجم بلا معاصم، وجماجم بلا غلاصم، فمهلاً مهلاً.

 

فبي والله، يسهُل لكم الوعر، ويصفو لكم الكَدر، وألقت إليكم الأمور مقاليد أزمَّتِها، فالتداركَ التدارك، قبل حلول داهية خبوط باليد، لبوط بالرِّجل.

 

قال عبدالملك: أفذًّا ما تكلمت، أم توأمًا يا أميرَ المؤمنين؟ قال: بل فذًّا.

 

قال: اتقِ الله في ذي رَحمِك، وفي رعيتك التي استرعاك الله، ولا تجعلِ الكفرَ مكانَ الشُّكر، ولا العقابَ موضعَ الثواب، فقد محضتُ لك النصيحة، وأديتُ لك الطاعة، وشددت أواخي ملكك بأثقل مِن ركني يلملم، وتركت عدوك سبيلاً تتعاوره الأقدام، فاللهَ اللهَ في ذي رحمك أن تقطعه بعد أن وصلتَه، إنَّ الكتاب لنميمة واشٍ، وبغي باغٍ، ينهش اللحم، ويَلَغُ في الدم، فكم ليل تمام فيك كابدته، ومقام ضيِّق فرجته، وكنت كما قال أخو بني كلاب:

وَمَقَامٍ ضَيِّقٍ فَرَّجْتُهُ
بِلِسَانِي وَمَقَامِي وَجَدَلْ
لَوْ يَقُومُ الْفِيلُ أَوْ فَيَّالُهُ
زَلَّ عَنْ مِثْلِ مَقَامِي وَزَحَلْ

فرضي عنه، ورحَّب به.

 

♦ قال الأصمعي: قال لي الرشيد:

يا عبدالملك، أنت أعلم منَّا، ونحن أعقلُ منك، فلا تعلمنا في ملأ، ولا تسرعْ إلى تذكيرنا في خلاَ، واتركْنا حتى نبتدئك بالسؤال، فإذا بلغتَ من الجواب قدرَ الاستحقاق، فلا تزدْ إلا أن نستدعيَ ذلك منك، وانظر إلى ما هو ألطفُ في التأديب، وأنصف في التعليم، وأبلغ بأوجز لفظ غاية التقويم.

 

أعرابية تحب قومها:

قالت امرأة من بني نمير وقد حضرتها الوفاة وأهلها مجتمعون: من ذا الذي يقول:

لَعَمْرِي مَا رِمَاحُ بَنِي نُمَيْرٍ
بِطَائِشَةِ الصُّدُورِ وَلاَ قِصَارِ

 

قالوا: زياد الأعجم، قالت: أُشهِدكم أنَّ له الثلثَ من مالي، وكان مالاً كثيرًا.

 

رؤياه جنت عليه:

حُكِي أنَّ عاملاً أتى عمر - رضي الله عنه - فقال: رأيت الشمس والقمر اقتتلاَ، فقال له عمر: مع مَن كنت؟ قال: مع القمر، فقال: مع الآية الممحوة! والله لا وليتَ لي عملاً فعزله، ثم اتَّفق أنَّ عليًّا - رضي الله عنه - وقع بينه وبين معاوية ما وقع، فكان ذلك الرجل مع معاوية.

 

حب عفيف:

دخلتْ بثينة على عبدالملك بن مرْوان فقال لها: يا بثينةُ، ما أرى فيك شيئًا مما كان يقوله جميل، فقالت: يا أمير المؤمنين، إنَّه كان يرنو إليَّ بعينَين ليستَا في رأسك، قال: فكيف رأيتِه في عشقه؟ قالت: كان كما قال الشاعر:

لاَ وَالَّذِي تَسْجُدُ الْجِبَاهُ لَهُ
مَا لِي بِمَا تَحْتَ ذَيْلِهَا خَبَرُ
وَلاَ بِفِيهَا وَلاَ هَمَمْتُ بِهَا
مَا كَانَ إِلاَّ الْحَدِيثُ وَالنَّظَرُ

 

يترفَّع عن الهجاء:

عن يونس بن حبيب النحْوي قال: قال رجل لخالد بن صفوان: كان عَبدة بن الطبيب لا يُحسن أن يهجو، فقال: لا تقل ذاك، فوالله ما أبَى عن عِيٍّ، ولكنَّه كان يترفَّع عن الهجاء، ويراه ضِعةً، كما يرى تركَه مروءةً وشرفًا.

 

ثم قال:

وَأَجْرأُ مَنْ رَأَيْتُ بِظَهْرِ غَيْبٍ
عَلَى عَيْبِ الرِّجَالِ ذَوُو الْعُيُوبِ

 

هل يجوز؟

قال بعضُهم: رأيتُ رجلاً محمومًا مصدَّعًا يأكُل التمر، ويجمع النوى.

 

فقلت: ويحَك أنت بهذه الحال وتأكل التمر؟! فقال: يا مولاي، عندي شاة تُرضع، وما لها نوى، فأنا آكَلُ التمر مع كراهيتي له؛ لأطعمها النَّوى، فقلتُ: أطعمها التَّمْر والنوى، قال: أو يجوز ذلك؟ قلت: نعم، قال: والله لقد فرجتَ عنِّي، لا إله إلاَّ اللهُ، ما أحسنَ العِلمَ!

 

♦ قال مسلمة بن عبدالملك لنصيب: يا أبا محجن: أمَا تُحسِن الهجاء؟! قال: أمَا تراني أحسن مكانَ عافاك الله، ولا عافاك الله.

 

♦ وقيل للعجاج: ما لَكَ لا تحسن الهجاء؟ قال: هل على الأرض نافع إلاَّ وهو على الإفساد أقْدرُ.

 

♦ وقال رؤبة بن العجاج: الهدم أسرعُ من البناء.

 

♦ قال المدائني: أسرتْ مزينة حسَّان بن ثابت، وكان قد هجاهم، فقال:

مُزَيْنَةُ لاَ يُرَى فِيهَا خَطِيبٌ
وَلاَ فَلَجٌ يُطَافُ بِهِ خَضِيبُ
أُنَاسٌ تَهْلِكُ الْأَحْسَابُ فِيهِمْ
يَرَوْنَ التَّيْسَ يَعْدِلُهُ الْحَبِيبُ

 

فأتتهم الخزرج يفتدونه، فقالوا: نفاديه بتَيْس، فغضِبوا وقاموا، فقال لهم حسَّان: يا إخوتي، خذوا أخاكم، وادفعوا إليهم أخاهم.

 

♦ سأل عبدُالرحمن بن حسان بعضَ الولاة حاجةً فلم يقضها له، فسألها آخرَ فقضاها، فقال:

ذَمَمْتَ وَلَمْ تَحْمَدْ وَأَدْرَكْتُ حَاجَتِي
تَوَلَّى سِوَاكُمْ أَجْرَهَا وَاصْطِبَارَهَا
أَبَى لَكَ كَسْبَ الْحَمْدِ رَأيٌ مُقَصِّرٌ
وَنَفْسٌ أَضَاقَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ بَاعَهَا
إِذَا هِيَ حَثَّتْهُ عَلَى الْخَيْرِ مَرَّةً
عَصَاهَا وَإِنْ هَمَّتْ بِشَرٍّ أَطَاعَهَا

 

♦ مرَّت امرأةٌ مِن بني نمير على مجلس لهم، فقال رجل منهم: أيَّتها الرسحاء (الرسحاء التي خفَّ لحم إليتيها ووركيها)، فقالت المرأة: يا بني نمير: والله ما أطعتُم الله، ولا أطعتم الشاعر، قال الله عز وجل: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، وقال الشاعر:

فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ
فَلاَ كَعْبًا بَلَغْتَ وَلاَ كِلاَبًا

 

♦ كان مسكين الدارمي - واسمه ربيعة بن عامر بن أنيف الدارمي الحنظلي التميمي - شاعرًا مجيدًا، سيِّدًا شريفًا، وكان بينه وبين الفرزدق مهاجاة، فدخل بينهما شيوخُ بني عبدالله وبني مجاشع، فتكافا، واتقاه الفرزدق خشيةَ أن يستعين عليه بجرير، واتَّقى مسكينٌ الفرزدق؛ خوفًا أن يعينه عليه عبدالرحمن بن حسان.

 

♦ وقال الفرزدق: نجوتُ من ثلاثة أشياء لا أخاف بعدها شيئًا: نجوتُ من زياد حين طلبني، ونجوت مِن ابني رميلة وقد نذرَا دمي، وما فاتهما أحدٌ طلباه، ونجوتُ من مهاجاة مسكين الدارمي؛ لأنَّه لو هجاني اضطرني أن أهدِم شطر حسبي؛ لأنَّه مِن بحبوحة نسبي، وأشراف عشيرتي، فكان جرير حينئذ ينتصف منِّي بيدي ولساني.

 

♦ قال رجل مِن بني تغلب - وكان ظريفًا -: ما لقي أحدٌ من تغلب ما لقيتُ أنا، قيل: وكيف ذاك؟ قال: قال الشاعر (جرير بن عطية الخطفي):

لاَ تَطْلُبَنَّ خَؤُلَةً فِي تَغْلِبٍ
فَالزِّنْجُ أَكْرَمُ مِنْهُمُ أَخْوَالاَ
وَلَوَ انَّ تَغْلِبَ جَمَّعَتْ أَحْسَابَهَا
يَوْمَ التَّفَاخُرِ لَمْ تَزِنْ مِثْقَالاَ
تَلْقَاهُمُ حُلُمَاءَ عَنْ أَعْدَائِهِمْ
وَعَلَى الصَّدِيقِ تَرَاهُمُ جُهَّالاَ
وَالتَّغْلِبِيُّ إِذَا تَنَحْنَحَ لِلْقِرَى
حَكَّ اسْتَهُ وَتَمَثَّلَ الْأَمْثَالاَ

 

والله إني لأتوهَّم أن لو نهشتِ استي الأفاعي ما حككتُها.

 

♦قال أبو عبيدة: كان الرجل مِن بني أنْف الناقة إذا قيل: ممَّن الرجل؟ قال: من بني قرع، فما هو إلاَّ أن قال الحطيئة:

قَوْمٌ هُمُ الْأَنْفُ وَالْأَذْنَابُ غَيْرُهُمُ
وَمَنْ يُسَاوِي بِأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبَا

 

فصار الرجل منهم إذا قيل ممَّن أنت؟ قال: من بني أنف الناقة.

 

♦قال عبدالله بن المعتز: لو قيل لي: مَن أحسن الناس شعرًا تعرفه؟ لقلت: العباس (ابن الأحنف):

قَدْ سَحَّبَ النَّاسُ أَذْيَالَ الظُّنُونِ بِنَا
وَفَرَّقَ النَّاسُ فِينَا قَوْلَهُمْ فِرَقَا
فَكَاذِبٌ قَدْ رَمَى بِالظَّنِّ غَيْرَكُمُ
وَصَادِقٌ لَيْسَ يَدْرِي أَنَّهُ صَدَقَا

 

حسد الشعراء:

مدَح أبو العتاهية عمرو بن العلاء، فأعطاه سبعين ألفًا، وخَلَع عليه خلعًا سَنيَّة، حتى إنَّه لم يستطعْ أن يقوم.

 

فغار الشعراء منه فجمعهم، وقال: يا لله العجب، ما أشدَّ حسدَ بعضِكم لبعض! إنَّ أحدكم يأتينا ليمدحنا، فيتغزَّل في قصيدته بخمسين بيتًا، فما يبلغنا حتى يذهب رونقُ شعره، وقد تشبَّب أبو العتاهية بأبيات يسيرة، ثم قال:

إِنِّي أَمَنْتُ مِنَ الزَّمَانِ وَصَرْفِهِ
لَمَّا عَلِقْتُ مِنَ الْأَمِيرِ حِبَالاَ
لَوْ يَسْتَطِيعُ النَّاسُ مِنْ إِجْلاَلِهِ
جَعَلُوا لَهُ حُرَّ الْوُجُوهِ نِعَالاَ
إِنَّ الْمَطَايَا تَشْتَكِيكَ لِأَنَّهَا
قَطَعَتْ إِلَيْكَ سَبَاسِبًا وَرِمَالاَ
فَإِذَا وَرَدْنَ بِنَا وَرَدْنَ خَفَائِفًا
وَإِذَا صَدَرْنَ بِنَا صَدَرْنَ ثِقَالاَ

 

♦ لَمَّا ولي الحسن بن زيد المدينة، قال لابن هرمة: إني لستُ كمَن باعَك دِينَه رجاءَ مدحك، أو خوف ذمِّك، فقد رزقني الله بولادةِ نبيِّه - عليه السلام - الممادح، وجنَّبني المقابح، وإنَّ من حقه عليَّ ألاَّ أغضي على تقصير في حقِّ ربه، وأنا أقسم لئن أتيتُ بك سكران، لأضربنَّك حدًّا للخمر، وحدًّا للسُّكْر، ولأزيدنَّ لموضع حرمتك بي، فليكنْ تركك لها لله، تُعن عليه، ولا تدعْها للناس فتُوكَل إليهم، فنهض ابن هرمة وهو يقول:

نَهَانِي ابْنُ الرَّسُولِ عَنِ الْمُدَامِ
وَأَدَّبَنِي بِآدَابِ الْكِرَامِ
وَقَالَ لِيَ اصْطِبِرْ عَنْهَا وَدَعْهَا
لِخَوْفِ اللَّهِ لاَ خَوْفِ الْأَنَامِ

 

♦ وفد أبو نواس على الخصيب بمصر، فأذِن له وعنده الشعراء، فأنشد الشعراءُ أشعارَهم، فلمَّا فرغوا قال أبو نواس: أُنشِد أيُّها الأمير قصيدةً هي كعصا موسى تلقف ما صنعوا؟ قال: أنشد، فأنشده قصيدتَه التي منها قوله:

إِذَا لَمْ تَزُرْ أَرْضَ الْخَصِيبِ رِكَابُنَا
فَأَيَّ فَتًى بَعْدَ الْخَصِيبِ نَزُورُ
فَتًى يَشْتَرِي حُسْنَ الثَّنَاءِ بِمَالِهِ
وَيَعْلَمُ أَنَّ الدَّائِرَاتِ تَدُورُ
فَمَا فَاتَهُ جُودٌ وَلاَ حَلَّ دُونَهُ
وَلَكِنْ يَسِيرُ الْجُودُ حَيْثُ يَسِيرُ

 

فاهتزَّ الخصيب لها طربًا، وأمر له بألف دينار ووصيف ووصيفة.

 

♦ قيل لأبي نواس: قد بعثوا إلى أبي عُبَيدة والأصمعي؛ ليجمعوا بينهما، فقال: أمَّا أبو عبيدة فإن خلّوه وشِعره قرأ عليهم أساطير الأولين والآخرين، وأمَّا الأصمعي فبُلبل يطربهم بصفيره.

 

♦حُكي أنَّ أبا دلف سار يومًا مع أخيه معقل، فرأيَا امرأتين يتماشيان، فقالت إحداهما للأخرى: هذا أبو دلف، قالت: نعم الذي يقول فيه الشاعر:

إِنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ
بَيْنَ بَادِيهِ وَمُحْتَضَرِهْ
فَإِذَا وَلَّى أَبُو دُلَفٍ
وَلَّتِ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِهْ

 

فبكى أبو دلَف حتى جَرَت دموعه، فقال له معقل: ما لك يا أخي تبكي؟ فقال: لأنِّي لم أقضِ حقَّ الذي قال هذا، قال: أولَمْ تُعطِه مائة ألف درهم؟ قال: والله ما في نفسي حسرةٌ إلاَّ لكوني لم أعطه مائة ألف دِينار.

 

♦ دخل أبو تمَّام على نصْر بن منصور، فأنشدَه من حاله، فلمَّا بلغ إلى قوله:

أَسَائِلَ نَصْرٍ لاَ تَسَلْهُ فَإِنَّهُ
أَحَنُّ إِلَى الْإِرْفَادِ مِنْكَ إِلَى الرِّفْدِ

 

قال له نصر: أنا واللهِ أغار على مدحك أن تضعَه في غير موضعه، ولئن بقيت لأحظرنَّ ذلك إلاَّ على أهله، وأمر له بجائزة وكسوة.

 

صداقة وعداوة:

كان سَلْم بن عمرو بن حمَّاد المعروف بسلم الخاسر تلميذًا لبشَّار بن بُرْد، وصديقًا لأبي العتاهية، فلمَّا قال بشار قصيدتَه التي يقول فيها:

مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ لَمْ يَظْفَرْ بِحَاجَتِهِ
وَفَازَ بِالطِّيِّبَاتِ الْفَاتِكُ اللَّهِجُ

 

فقال سلم أبياتًا أدخل فيها معنى هذا البيت فقال:

مَنْ رَاقَبَ النَّاسَ مَاتَ غَمًّا
وَفَازَ بِاللَّذَّةِ الْجَسُورُ

 

فبلغ بيتُه بشارًا فغضب، وقال: سار واللهِ بيت سلم، وخمل بيتنا، وكان الأمر كذلك حتى لَهِج الناس ببيت سلم، ولم يُنشد بيتَ بشَّار أحدٌ، فكان ذلك سببًا للنفور بينهما، فكان سلم بعد ذلك يقدِّم أبا العتاهية، ويقول: هو أشعر الجِنِّ والإنس، إلى أن قال أبو العتاهية يُخاطب سلمًا:

تَعَالَى اللَّهُ يَا سَلْمَ بْنَ عَمْرٍو
أَذَلَّ الْحِرْصُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ
هَبِ الدُّنْيَا تَصِيرُ إِلَيْكَ عَفْوًا
أَلَيْسَ مَصِيرُ ذَلِكَ لِلزَّوَالِ

 

فلمَّا بلغ ذلك سلمًا غَضِب على أبي العتاهية، وقال فيه كلامًا سيئًا، واتَّهمه بالزندقة، وقال: زعم أنِّي حريص وقد كنز البدر، وهو لا يزال يطلب، وأنا في ثوبي هذَين لا أملِك غيرهما، ثم كتب إليه:

مَا أَقْبَحَ التَّزْهِيدَ مِنْ وَاعِظٍ
يُزَهِّدُ النَّاسَ وَلاَ يَزْهَدُ
لَوْ كَانَ فِي تَزْهِيدِهِ صَادِقًا
أَضْحَى وَأَمْسَى بِيْتَهُ الْمَسْجِدُ
وَرَفَّضَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَلْقَهَا
وَلَمْ يَكُنْ يَسْعَى وَيَسْتَرْفِدُ
فَخَافَ أَنْ تَنْفَدَ أَرْزَاقُهُ
وَالرِّزْقُ عِنْدَ اللَّهِ لاَ يَنْفَدُ
الرِّزْقُ مَقْسُومٌ عَلَى مَنْ تَرَى
يَنَالُهُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ
كُلٌّ يُوَفَّى رِزْقَهُ كَامِلاً
مَنْ كَفَّ عَنْ جَهْدٍ وَمَنْ يَجْهَدُ

 

♦ قال إبراهيم بن عبدالله بن حسن لأبيه: ما شِعر كُثَيِّر عندي كما يصفه الناس، فقال له أبوه: إنك لن تضع كُثَيِّرًا بهذا، إنَّما تضع بهذا نفسك.

 

♦ يقال: أخطب مِن سحبان وائل، وهو رجل مِن خطباء العرب وشعرائها، وهو الذي يقول:

لَقَدْ عَلِمَ الْحَيُّ الْيَمَانُونَ أَنَّنِي
إِذَا قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ أَنِّي خَطِيبُهَا

 

وهو الذي قال لطلحة الطلحات الخزاعي:

يَا طَلْحُ أَكْرِمْ مَنْ بِهَا
حَسَبًا وَأَعْطَاهُمْ لِتَالِدْ
مِنْكَ الْعَطَاءُ فَأَعْطِنِي
وَعَلَيَّ مَدْحُكَ فِي الْمَشَاهِدْ

 

فقال له طلحة: احتكم، فقال: برذونك الأشهب الورد، وغلامك الخبَّاز، وقصرك بزرنج (قصبة خراسان) وعشرة آلاف، فقال له طلحة: أفٍّ، لَمْ تسألني على قدري، وإنَّما سألتَني على قدرك وقدر باهلة، ولو سألتَني كلَّ قصر لي وعبد ودابَّة لأعطيتك، ثم أمر له بما سأل، ولم يزدِه عليه، وقال: تالله ما رأيتُ مسألةَ محكم ألأم مِن هذا!!

 

♦ قال أبو يعلَى المعروف بابن القلانسي التميمي:

يَا نَفْسُ لاَ تَجْزَعِي مِنْ شِدَّةٍ عَظُمَتْ
وَأَيْقِنِي مِنْ إِلَهِ الْخَلْقِ بِالْفَرَجِ
كَمْ شِدَّةٍ عَرَضَتْ ثُمَّ انْجَلَتْ وَمَضَتْ
مِنْ بَعْدِ تَأْثِيرِهَا فِي الْمَالِ وَالْمُهَجِ

 

هجاء الصاحب بن عبَّاد:

ومِن الشِّعر المقذع في الهجاء ما ذَكَره أبو حيَّان التوحيدي في مثالب الوزيرَين، قال:

وحدثني العبسي - وقد جرى ذكر ابن عبَّاد:

لَقَدْ أَتَانَا حَدِيثٌ مَا نُكَذِّبُهُ
عَنِ الرَّسُولِ رَوَيْنَاهُ بِإِسْنَادِ
أَنْ نَطْلُبَ الْخَيْرَ مِمَّنْ وَجْهُهُ حَسَنٌ
فَكَيْفَ نَطْلُبُهُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّادِ
مُشَوَّهِ الْخَلْقِ لاَ دِينٌ وَلاَ حَسَبٌ
كَالْقِرْدِ مَا عِنْدَهُ خَيْرٌ لِمُرْتَادِ

 

فقلت: لِمَن الشعر، فإنَّه واقع جدًّا؟! فقال: هو لإدريس بن أبي حفصة، قلت له: ما عنَى غير صاحبنا.

 

الأدب العربي:

الأدب العربيُّ فيه الجادُّ والهازل، والحقيقي والخيالي، حوى المدح والقدح، والرِّثاء والوصف، والتهاني والغَزَل والحماسة، ينتقل من فَنَن إلى فَنَن، ويطير مِن بستان إلى بستان، حتى يدفعَ الضجر، ويقاوم الكسل والسأم.

 

البز والشارة:

كان في جوار أبان بن عبدالحميد اللاحقي رجلٌ من ثقيف، يقال له محمد بن خالد بن عمار الثقفي، وكان عدوًّا لأبان، فتزوَّج بعمارة بنت عبدالرحمن الثقفي، وكانتْ كثيرة المال، فقال أبان يهجوه، ويحذِّرها منه:

لَمَّا رَأَيْتُ الْبَزَّ وَالشَّارَهْ
وَالْفَرْشَ قَدْ ضَاقَتْ بِهِ الْحَارَهْ
وَاللَّوْزَ وَالسُّكَّرَ يُرْمَى بِهِ
مِنْ فَوْقِ ذِي الدَّارِ وَذِي الدَّارَهْ
وَأَحْضَرُوا الْمُلْهَيْنِ لَمْ يَتْرُكُوا
طَبْلاً وَلاَ صَاحِبَ زَمَّارَهْ
قُلْتُ: لِمَاذَا؟ قِيلَ: أُعْجُوبَةٌ
مُحَمَّدٌ زُوِّجَ عَمَّارَهْ
لاَ عَمَّرَ اللَّهُ بِهَا رَبْعَهُ
وَلاَ رَأَتْهُ مُدْرِكًا ثَارَهْ
مَاذَا رَأَتْ فِيهِ وَمَاذَا رَجَتْ
وَهْيَ مِنَ النِّسْوَانِ مُخْتَارَهْ
إِذَا غَفَا بِاللَّيْلِ فَاسْتَيْقِظِي
ثُمَّ اظْفِرِي إِنَّكِ ظَفَّارَهْ

 

فلمَّا سمعتْ عمارة هذه بشعره هذا هربتْ، فَحُرِم الثقفيُّ من جهتها مالاً كثيرًا.

 

♦ مِن الناس مَن يُعدُّ الواحد منهم بألف، ومنهم مَن يرفع رأس أمَّته ويُعلي من شأنها؛ لشجاعته أو علمه، أو اكتشافاته أو كرِمه، ومنهم مَن هو غثاء كغُثاء السيل؛ كثيرٌ عددهم، قليل نفعهم.

 



[1] الغرض من إيراد كلام المنفلوطي هذا هو التنبيه إلى ما قد يقع فيه بعض الكتاب من غلط إذ إن هذا من الاستشفاع بالأموات، وذلك مما جاء الشرع بالنهي عنه والتحذير منه حماية للتوحيد وابتعادًا عن الشرك ووسائله؛ فلا يجوز طلب الشفاعة من الأموات، ولا الاستغاثة بهم، ولا التوسل بهم، كما دلَّت على ذلك النصوصُ القرآنية، والأحاديث النبوية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نبي الإسلام، الرحمة المهداة للعالمين
  • صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- الخلقية
  • المشبهون بالرسول على مر العصور
  • لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
  • تعظيم سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم
  • وما آتاكم الرسول فخذوه

مختارات من الشبكة

  • إن الرسول لنور يستضاء به (بطاقة شعرية)(كتاب - حضارة الكلمة)
  • تفسير آية: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هيئة التعريف بالرسول تصدر كتابا بثلاث لغات لدحض الشبهات عن الرسول عليه الصلاة والسلام(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الآثار الإيمانية للإيمان بالرسل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اترك الفرصة لنور الأمل ولا تكسر بخاطري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم الاحتفال بالمولد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حب الأطفال للرسول صلى الله عليه وسلم(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الدرس الخامس: قوله تعالى { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون }(مقالة - ملفات خاصة)
  • الرسول صلى الله عليه وسلم يكرم البنات(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- تحفه لا تقدر بثمن
مهند زهور الدين محي الدين - المملكة العربية السعودية 04-04-2021 08:29 PM

رحم الله مشايخنا الكرام رحمه واسعه وأثاب الله من نشر علمهم ورحمه وغفر له

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب