• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع
علامة باركود

علم المشتري بالعيب بعد العقد

علم المشتري بالعيب بعد العقد
الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك


تاريخ الإضافة: 2/6/2015 ميلادي - 14/8/1436 هجري

الزيارات: 43862

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

علم المشتري بالعيب بعد العقد

المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع


قوله: (فإذا علم المشتري العيب بعد العقد أمسكه بأرشه إن شاء؛ لأن المتبايعين تراضيا على أن العِوَض في مقابلة المبيع، فكل جزءٍ منه يُقابله جزء من الثمن، ومع العيب فات جزء من المبيع فله الرجوع ببدله وهو الأرْش، وهو قسط من[1] بين قيمة الصحة والعيب...) إلى آخره[2].


قال في «المقنع»: «فمن اشترى معيباً لم يعلم عيبه فله الخيار بين الرد والإمساك مع الأرْش، وهو قسط ما بين قيمة الصحيح والمعيب من الثمن، وما كسب فهو للمشتري وكذلك نماؤه المنفصل.

وعنه[3]: لا يرده إلا مع نمائه، ووطء الثيب لا يمنع الردّ.

وعنه[4]: يمنع، وإن وطئ البِكر أو تعيبت عنده فلا الأرْش.

وعنه[5]: أنه مُخيِّر بين الأرْش وبين رده وأرْش العيب الحادث عنده ويأخذ الثمن.


قال الخِرقِي: إلا أن يكون البائع دلَّس العيب فيلزمه ردّ الثمن كاملاً.


قال القاضي: ولو تلف المبيع عنده ثم علم أن البائع دلّس العيب رجع بالثمن كله، نصَّ عليه في رواية حنبل، ويحتمل أن يلزمه عِوض العين إذا تلفت وأرْش البِكر إذا وطئها؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (الخراج بالضمان)[6]، وكما يجب عِوض لبن المُصَرَّاة على المشتري، وإن أعتق العبد أو تلف المبيع رجع بأرْشه، وكذلك إن باعه غير عالم بعيبه، نصَّ عليه، وكذلك إن وهبه، وإن فعله عالماً بعيبه فلا شيء له.


وذكر أبو الخطاب رواية أُخرى في من باعه ليس له شيء إلا أن يرد عليه المبيع فيكون له حينئذٍ الرد أو الأرْش، وإن باع بعضه فله أرْش الباقي وفي أرْش المبيع الروايتان[7].


وقال الخِرَقِيُّ: له ردّ ملكه منه بقسطه من الثمن وأرْش العيب بقدر ملكه فيه، وإن صبغه أو نسجه فله الأرْش.

وعنه[8]: له الرد، ويكون شريكاً بصبغه ونسجه»[9].


قال في «الحاشية»: «قوله: (فله الخيار بين الردّ والإمساك مع الإرْش)، أو الرد فلا نِزاع فيه، وأما الإمساك مع الأرْش فهو قول إسحاق؛ لأن المتبايعين تراضيا على أن العِوَض في مقابلة المعوض، فكل جزءٍ من العِوَض في مقابلة جزء من المعوض، ومع العيب فات جزء منه فيرجع ببدله وهو الأرْش.

وعنه[10]: ليس له أرْش إلا إذا تعذَّر ردّه، وبه قال أبو حنيفة[11] والشافعي[12]، واختاره الشيخ تقي الدين قال: وكذلك يقال في نظائره كالصفقة إذا تفرَّقت، قال الزركشي: وهو الأصح.


قال في «الإنصاف»: واختار شيخُنا في «حواشي الفروع» أنه إن دلَّس العيب خُيِّر بين الرد والإمساك بالأرْش، وإن لم يدلّس العيب خُيِّر بين الرد والإمساك بلا أرْش، ومحله: ما لم يُفض إلى رباً كشراء فضة بزنتها دراهم ونحوها معيبة، أو قفيزاً مما يجري فيه الربا بمثله فله الرد أو الإمساك مجَّاناً.


قوله: (وما كسب فهو للمشتري، وكذلك نماؤه المنفصل).

حاصله: أنه إذا أراد ردَّ المعيب فلا يخلو إما أن يكون بحاله أو يزيد أو ينقص، فالأول يرده ويأخذ الثمن، والثاني قسمان:

أحدهما: أن تكون الزيادة متصلة، كالسِّمَن، وتعلُّم صنعة، والحمل، والثمرة قبل ظهورها فيردها بنمائها؛ لأنه يتبع في العقود الفسوخ، ولعدم تصور ردها بدونه، وظاهره: أنه لا يلزم البائع قيمتها في قول أكثر الأصحاب.


الثاني: أن يكون منفصلاً وهو نوعان:

أحدهما: أن يكون في غير المبيع، كالكسب، والأجرة، وما يوهب له، أو يوصي له به، فهذا للمشتري في مقابل ضمانه؛ لأنه لو هلك كان من مال المشتري.


الثاني: أن يكون من المبيع كالولد والثمرة المجذوذة واللبن المحلوب، فالمذهب المعمول به[13] أنه للمشتري أيضاً ويرد الأصل بدونها؛ لقوله: (الخراج بالضمان)[14]، والظاهر أن النماء المتصل للبائع، وهو المذهب[15].


وقال الشيرازي: النماء المتصل للمشتري، اختاره الشيخ تقي الدين[16]»[17].


وقال ابن رشد: «الفصل الثالث: إذ وُجدت العيوب فإن لم يتغير المبيع بشيء من العيوب عند المشتري فلا يخلو أن يكون في عقارٍ أو عروضٍ أو في حيوانٍ، فإن كان في حيوان فلا خلاف أن المشتري مُخيَّر بين أن يرد المبيع ويأخذ ثمنه، أو يمسك ولا شيء له.


وأما إن كان في عقارٍ فمالك[18] يفرق في ذلك بين العيب اليسير والكثير، فيقول: إن كان العيب يسيراً لم يجب الرد، ووجبت قيمة العيب، وهو الأرش، وإن كان كثيراً وجب الرد، هذا هو الموجود المشهور في كتب أصحابه، ولم يفصّل البغداديون هذا التفصيل.


وأما العُروض: فالمشهور في المذهب: أنها ليست في هذا الحكم بمنزلة الأصول وقد قيل: إنها بمنزلة الأصول في المذهب، وهذا الذي كان يختاره الفقيه أبو بكر بن رزق شيخ جدي رحمة الله عليهما وكان يقول: إنه لا فرق في هذا المعنى بين الأصول والعُروض)، وهذا الذي قاله يلزم مَن يفرق بين العيب الكثير والقليل في الأصول - أعني: أن يفرق في ذلك أيضاً في العُروض - والأصل: أن كل ما حط القيمة أنه يجب به الرد، وهو الذي عليه فقهاء الأمصار، ولذلك لم يعول البغداديون فيما أحسب على التفرقة التي قلَّت في الأصول، ولم يختلف قولهم في الحيوان أنه لا فرق فيه بين العيب القليل والكثير.


فصل: وإذا قد قلنا: إن المشتري يُخَيَّر بين أن يرد المبيع ويأخذ ثمنه، أو يمسك ولا شيء له، فإن اتفقا على أن يمسك المشتري سلعته ويعطيه البائع قيمة العيب فعامة فقهاء الأمصار[19] يُجيزون ذلك إلا ابن سُريج من أصحاب الشافعي[20]، فإنه قال: ليس لهما ذلك، وهذا غلط؛ لأن ذلك حق للمشتري فله أن يستوفيه - أعني: أن يرد ويرجع بالثمن - وله أن يُعاوض على تركه، وما ذكره من خيار الشفعة، فإنه شاهد لنا، فإن له عندنا تركه إلى عوض يأخذه، وهذا لا خلاف فيه، وفي هذا الباب فرعان مشهوران من قبل التبعيض:

أحدهما: هل إذا اشترى المشتري أنواعاً من المبيعات في صفقة واحدة فوجد أحدها معيباً فل يرجع بالجميع أو بالذي وجد فيه العيب؟


فقال قوم: ليس له إلا أن يرد الجميع أو يمسك، وبه قال أبو ثور والأوزاعي، إلا أن يكون قد سمى ما لكل واحد من تلك الأنواع من القيمة، فإن هذا مما لا خلاف فيه أنه يرد المبيع بعينه فقط، وإنما الخلاف إذا لم يُسم.


وقال قوم: يرد المعيب بحصته من الثمن وذلك بالتقدير، وممن قال بهذا القول: سفيان الثوري وغيره، وروي عن الشافعي[21] القولان معاً.


وفرق مالك[22] فقال: ينظر في المعيب، فإن كان ذلك وجه الصفقة والمقصود بالشراء رد الجميع وإن لم يكن وجه الصفقة رده بقيمته.


وفرَّق أبو حنيفة[23] تفريقاً آخر، وقال: إن وجد العيب قبل القبض ردَّ الجميع، وإن وجده بعد القبض ردَّ المعيب بحصته من الثمن.


ففي هذه المسألة أربعة أقوال.

فحُجَّة من منع التبعيض في الرد: أن المردود يرجع فيه بقيمة لم يَتفق عليها المشتري والبائع، وكذلك الذي يبقى إنما بقيمة لم يتفقا عليها، ويمكن أنه لو بُعِّضت السلعة لم يشتر البعض بالقيمة التي أقيم بها.


وأما حُجَّة من رأى الرد في البعض المعيب ولا بد: فلأنه موضع ضرورة فأُقيم فيه التقويم والتقدير مقام الرضا قياساً على أن ما فات في البيع فليس فيه إلا القيمة، وأما تفريق مالك بين ما هو وجه الصفقة أو غير وجهها فاستحسان منه؛ لأنه رأى أن ذلك المعيب إذا لم يكن مقصوداً في المبيع فليس كبير ضرر في ألّا يوافق الثمن الذي أُقيم به، أراده المشتري أو البائع، وأما عندما يكون مقصوداً أو جُلَّ المبيع فيعظم الضرر في ذلك.


واختُلف عنه: هل يُعتبر تأثير العيب في قيمة الجميع أو في قيمة المعيب خاصة؟ وأما تفريق أبي حنيفة بين أن يقبض أو لا يقبض فإن القبض عنده شرط من شروط تمام البيع، وما لم يقبض المبيع فضمانه عنده من البائع، وحكم الاستحقاق في هذه المسألة حكم الرد بالعيب.


وأما المسألة الثانية: فإنهم اختلفوا أيضاً في رجلين يبتاعان شيئاً واحداً في صفقةٍ واحدةٍ فيجدان به عيباً فيريد أحدهما الرجوع ويأبى الآخر، فقال الشافعي[24]: لمن أراد الرد أن يرد، وهي رواية ابن القاسم عن مالك[25].


وقيل: ليس له أن يرد، فمن أوجب الرد شبَّهه بالصفقتين المفترقتين؛ لأنه قد اجتمع فيها عاقدان، ومن لم يوجبه شبهه بالصفقة الواحدة إذا أراد المشتري فيها تبعيض رد المبيع بالعيب.


الفصل الرابع: وأما إن تغير المبيع عند المشتري ولم يعلم بالعيب إلا بعد تغير المبيع عنده فالحكم في ذلك يختلف عند فقهاء الأمصار بحسب التغير، فأما إن تغير بموتٍ أو فسادٍ أو عتقٍ ففقهاء الأمصار على أنه فَوْت ويرجع المشتري على البائع بقيمة العيب.


وقال عطاء بن أبي رباح: لا يرجع في الموت والعتق بشيء، وكذلك عندهم حكم من اشترى جارية فأولدها، وكذلك التدبير عندهم وهو القياس في الكتابة.

 

وأما تغيره في البيع فإنهم اختلفوا فيه:

فقال أبو حنيفة[26] والشافعي[27]: إذا باعه لم يرجع بشيء، وكذلك قال الليث.

وأما مالك[28] فله في البيع تفصيل، وذلك أنه لا يخلو أن يبيعه من بائعه منه أو من غير بائعه، ولا يخلو أيضاً أن يبيعه بمثل الثمن أو أقل أو أكثر، فإن باعه من بائعه منه بمثل الثمن فلا رجوع له بالعيب، وإن باعه منه بأقل من الثمن رجع عليه بقيمة العيب، وإن باعه بأكثر من الثمن نظرنا: فإن كان البائع الأول مدلساً - أي: عالماً بالعيب - لم يرجع الأول على الثاني بشيءٍ، وإن لم يكن مدلساً رجع الأول على الثاني في الثمن، والثاني على الأول أيضاً، وينفسخ البيعان ويعود المبيع إلى ملك الأول.


فإن باعه من غير بائعه منه، فقال ابن القاسم[29]: لا رجوع له بقيمة العيب، مثل قول أبي حنيفة والشافعي.


وقال ابن عبد الحكم[30]: له الرجوع بقيمة العيب، وقال أشهب[31]: يرجع بالأقل من قيمة العيب أو بقيمة الثمن، ها إذا باعه بأقل مما اشتراه، وعلى هذا لا يرجع إذا باعه بمثل الثمن أو أكثر، وبه قال عثمان البَتِّي.


ووجه قول ابن القاسم والشافعي وأبي حنيفة: أنه إذا فات بالبيع فقد أخذ عوضاً فيه من غير أن يُعتبر تأثير بالعيب في ذلك العوض الذي هو الثمن؛ ولذلك متى قام عليه المشتري منه بعيب رجع هو على البائع الأول بلا خلاف.


ووجه القول الثاني: تشبيهه البيع بالعتق.


ووجه قول أشهب وعثمان: أنه لو كان عنده المبيع لم يكن له إلا الإمساك أو الرد للجميع، فإذا باعه فقد أخذ عوض ذلك الثمن، فليس له إلا ما نقص إلا أن يكون أكثر من قيمة العيب.


وقال مالك[32]: إن وهب أو تصدق رجع بقيمة العيب.


وقال أبو حنيفة[33]: لا يرجع؛ لأن هبته أو صدقته تفويت للملك بغير عوض ورضاً منه بذلك طلباً للأجر فيكون رِضاه بإسقاط حقِّ العيب أَولى وأَحرى بذلك.


وأما مالك: فقاس الهِبة على العتق، وقد كان القياس إلّا يرجع في شيء من ذلك إذا فات ولم يمكنه الرد؛ لأن إجماعهم على أنه إذا كان في يده فليس يجب له إلا الرد، أو الإمساك دليل على أنه ليس للعيب تأثير في إسقاط شيء من الثمن، وإنما له تأثير في فسخ البيع فقط.


وأما العقود التي يتعاقبها الاسترجاع، كالرهن والإجارة فاختلف في ذلك أصحاب مالك، فقال ابن القاسم[34]: لا يمنع ذلك من الرد بالعيب إذا رجع إليه المبيع.


وقال أشهب[35]: إذا لم يكن زمان خروجه عند يده زماناً بعيداً كان له الرد بالعيب، وقول ابن القاسم أولى، والهبة للثواب عند مالك[36] كالبيع في أنها فَوْت فهذه هي الأحوال التي تطرأ على المبيع من العقود الحادثة فيها وأحكامها.


باب في طروء النقصان: وأما إن طرأ على المبيع نقص فلا يخلو أن يكون النقص في قيمته، أو في البدن أو في النفس، فأما نقصان القيمة لاختلاف الأسواق فغير مؤثر في الرد بالعيب بإجماع[37]، وأما النقصان الحادث في البدن فإن كان يسيراً غير مؤثر في القيمة فلا تأثير له في الرد بالعيب، وحكمه حكم الذي لم يحدث، وهذا نص مذهب مالك[38] وغيره.


وأما النقص الحادث في البدن المؤثر في القيمة فاختلف الفقهاء فيه على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه ليس له أن يرجع إلا بقيمة العيب فقط، وليس له غير ذلك إذا أبى البائع من الرد، وبه قال الشافعي في قوله الجديد[39] وأبو حنيفة[40].

وقال الثوري: ليس له إلا أن يرد ويرد مقدار العيب الذي حدث عنده، وهو قول الشافعي الأول[41].


والقول الثالث قول مالك[42]: إن المشتري بالخيار بين أن يمسك ويضع عنه البائع من الثمن قد العيب أو يرده على البائع ويعطيه ثمن العيب الذي حدث عنده، وأنه إذا اختلف البائع والمشتري، فقال البائع للمشتري: أنا أقبض المبيع وتعطي أ،ت قيمة العيب الذي حدث عندك، وقال المشتري: بل أنا أمسك المبيع وتعطي أنت قيمة العيب الذي حدث عندك، فالقول قول المشتري والخيار له، وقد قيل في المذهب[43]: القول قول البائع وهذا إنما يصح على قول من يرى أنه ليس للمشتري إلا أن يمسك أو يرد ما نقص عنده، وشذَّ أبو محمد بن حزم[44] فقال: له أن يرد ولا شيء عليه.


وأما حُجَّة من قال: إنه ليس للمشتري إلا أن يرد ويرد قيمة العيب أو يسمك؛ فلأنه قد أجمعوا على أنه لم يحدث بالمبيع عيب عند المشتري فليس له إلا الرد[45]، فوجب استصحاب حال هذا الحكم وإن حدث عند المشتري عيب مع إعطائه قيمة العيب الذي حدث عده، وأما من رأى أنه لا يرد المبيع بشيءٍ، وإنما له قيمة العيب الذي كان عند البائع فقياساً على العتق والموت؛ لكون هذا الأصل غير مُجمع عليه، وقد خالف فيه عطاء.


وأما مالك[46]: فلمَّا تعارض عنده حق البائع وحق المشتري غلَّب المشتري وجعل له الخيار؛ لأن البائع لا يخلو من أحد أمرين:

إما أن يكون مفرطاً في أنه لم يستعلم العيب ويُعلم به المشتري.

أو يكون عَلمه فدلس به على المشتري.


وعند مالك[47]: أنه إذا صح أنه دلَّس بالعيب وجب عليه الرد من غير أن يدفع إليه المشتري قيمة العيب الذي حدث عنده، فإن مات من ذلك العيب كان ضمانه على البائع بخلاف الذي لم يثبت أنه دلس فيه.


وأما حُجَّة أبي محمد: فلأنه أمرٌ حَدَثَ من عند الله، كما لو حدث في ملك البائع، فإن الرد بالعيب دالٌ على أن البيع لم ينعقد في نفسه وإنما انعقد في الظاهر.


وأيضاً: فلا كتاب ولا سُنَّة يُوجِب على مكلَّفٍ غرم ما لم يكن له تأثير في نقصه إلا أن يكون على جهة التغليظ عند من ضمَّن الغاصب ما نقص عند بأمرٍ من الله، فهذا حكم العيوب الحادثة في البدن.


وأما العيوب التي في النفس كالإباق والسرقة، فقد قيل في المذهب[48]: إنها تثبتُ الردَّ كعيوب الأبدان، وقيل: لا.

ولا خلاف أن العيب الحادث عند المشتري إذا ارتفع بعد حدوثه أنه لا تأثير له في الرد إلا ألا[49] تؤمن عاقبته.


واختلفوا من هذا الباب في المشتري يطأ الجارية:

فقال قوم: إذا وطئ فليس له الرد وله الرجوع بقيمة العيب، وسواء كانت بكراً أو ثيباً، وبه قال أبو حنيفة[50].

وقال الشافعي[51]: يرد قيمة الوطء في البكر ولا يردها في الثيب.

وقال قوم: بل يردها ويرد مهر مثلها، وبه قال ابن شبرمة وابن أبي ليلى.

وقال سفيان الثوري: إن كانت ثيباً ردَّ نصف العشر من ثمنها، وإن كانت بكراً ردَّ العُشر من ثمنها.

وقال مالك[52]: ليس عليه في وطء الثيب شيء؛ لأنه غَلةٌ وجبت له بالضمان، وأما البكر فهو عيب يَثبت عنده للمشتري الخيار على ما سلف من رأيه وقد رُوي مثل هذا القول عن الشافعي[53].

وقال عثمان البَتِّي: الوطء مُعتبر في العُرف في ذلك النوع من الرقيق، فإن كان له أثر في القيمة رد البائع ما نقص، وإن لم يكن له أثر لم يلزمه شيء، فهذا هو حكم النقصان الحادث في المبيعات.


وأما الزيادة الحادثة في المبيع - أعني: المتولدة المنفصلة فيه - فاختلف العلماء فيها:

فذهب الشافعي[54] إلى أنها غير مؤثرة في الرد وأنها للمشتري؛ لعموم قوله عليه الصلاة والسلام: (الخراج بالضمان)[55].


وأما مالك[56]: فاستثنى من ذلك الولد، فقال: يرد للبائع وليس للمشتري إلا الرد الزائد مع الأصل أو الإمساك.


وقال أبو حنيفة[57]: الزوائد كلها تمنع الرد وتوجب أرْش العيب إلا الغلة والكسب.

وحجته: أن ما تولد عن المبيع داخل في العقد، فلما لم يكن ردُّهُ وردُّ ما تولد عنه كان ذلك فوتاً يقتضي أرش العيب إلا ما خصصه الشرع من الخراج والغلة.


وأما الزيادة الحادثة في نفس المبيع الغير المنفصلة عنه: فإنها إن كانت مثل الصبغ في الثوب والرَّقْم في الثوب فإنها توجب الخيار في المذهب، إما في الإمساك والرجوع بقية العيب، وإما في الرد وكونه شريكاً مع البائع بقيمة الزيادة.


وأما النماء في البدن مثل السِّمَن فقد قيل في المذهب[58]: يثبت به الخيار للمشتري، وقيل: لا يثبت، وكذلك النقص الذي هو الهزال فهذا هو القول في حكم التغيير»[59].

 

وقال في «الاختيارات»: «ويحرم كتم العيب في السلعة، وكذا لو أعمله به ولم يعلمه قدر عيبه، ويجوز عقابه بإتلافه والتصدق به، وقد أفتى به طائفة من أصحابنا[60].


والنماء المتصل في الأعيان المملوكة العائدة إلى من انتقل الملك عنه لا يتبع الأعيان، وهو ظاهر كلام أحمد[61] في رواية أبي طالب حيث قال: إذا اشترى غنماً فنَمَت ثم استحقت فالنماء له، وهذا يعم المتصل والمنفصل.


وإذا اشترى شيئاً فظهر به عيب فله أرْشه إن تعذَّر ردُّه، وإلا فلا، وهو رواية عن أحمد[62]، ومذهب أبي حنيفة[63] والشافعي[64]، وكذا يُقال في والمذهب[65]: يُخير المشتري بين الردِّ وأخذ الثمن وإمساكه وأخذ الأرْش.


فعليه: يجبر المشتري على الرد [أو أخذ][66] الأرْش لتضرر البائع بالتأخير.


وإذا أبقت الجارية عند المشتري وكانت معروفة بذلك قبل البيع وكتمه البائع رجع المشتري بالثمن في الأصح، والجار السوء عيب، وإذا ظهر عسر المشتري أو مطله فللبائع الفسخ»[67] انتهى، والله أعلم.



[1] كذا في الأصل، وفي الروض المربع: «ما».

[2] الروض المربع ص248و 249.

[3] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /380.

[4] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /384.

[5] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /387.

[6] تقدم تخريجه 4 /295.

[7] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11 /404.

[8] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11 /406و 407.

[9] المقنع 2 /44 - 48.

[10] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11 /373.

[11] فتح القدير 5 /152، وحاشية ابن عابدين 5 /5.

[12] تحفة المحتاج 4 /351، ونهاية المحتاج 4 /25.

[13] شرح منتهى الإرادات 3 /192، وكشاف القناع 7 /450.

[14] تقدم تخريجه 4 /295.

[15] شرح منتهى الإرادات 3 /192، وكشاف القناع 7 /452.

[16] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /383.

[17] حاشية المقنع 2 /44و 45، وانظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /377و 383، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 11 /376و 377و 380 - 382.

[18] الشرح الكبير 2 /55، وحاشية ابن عابدين 3 /114.

[19] فتح القدير 5 /153، وحاشية ابن عابدين 5 /49. والمجموع 11 /362 - 363. وشرح منتهى الإرادات 3 /206، وكشاف القناع 7 /447.

[20] المجموع 11 /362 - 363.

[21] تحفة المحتاج 4/ 381و 382، ونهاية المحتاج 4 /62.

[22] الشرح الصغير 2 /64، وحاشية الدسوقي 3 /134.

[23] فتح القدير 5 /175، وحاشية ابن عابدين 5 /40.

[24] تحفة المحتاج 4 /382، ونهاية المحتاج 4 /63.

[25] الشرح الصغير 2 /66، وحاشية الدسوقي 3 /136.

[26] فتح القدير 5 /160، وحاشية ابن عابدين 5 /20.

[27] تحفة المحتاج 4 /366 - 367، ونهاية المحتاج 4 /45.

[28] الشرح الصغير 2 /60، وحاشية الدسوقي 3 /125.

[29] المنتقى شرح الموطأ 4 /192.

[30] المنتقى شرح الموطأ 4 /192.

[31] المنتقى شرح الموطأ 4 /192.

[32] الشرح الصغير 2 /59، وحاشية الدسوقي 3 /124.

[33] فتح القدير 5 /160، وحاشية ابن عابدين 5 /20.

[34] المنتقى شرح الموطأ 4 /192.

[35] المنتقى شرح الموطأ 4 /192.

[36] الشرح الصغير 2 /59، وحاشية الدسوقي 3 /124.

[37] المنتقى شرح الموطأ 4 /197.

[38] المنتقى شرح الموطأ 4 /197.

[39] تحفة المحتاج 4 /359 - 360، ونهاية المحتاج 4 /35.

[40] فتح القدير 5 /159، وحاشية ابن عابدين 5 /18.

[41] المجموع 11 /327.

[42] المنتقى شرح الموطأ 4 /198.

[43] الشرح الصغير 2 /63، وحاشية الدسوقي 3 /136و 137.

[44] المحلى 9 /72 (1584).

[45] فتح القدير 5 /151، وحاشية ابن عابدين 5 /16. والشرح الصغير 2 /53، وحاشية الدسوقي 3/105. وتحفة المحتاج 4 /351، ونهاية المحتاج 4 /25و 26. وشرح منتهى الإرادات 3 /205، وكشاف القناع 7 /446.

[46] الشرح الصغير 2 /63، وحاشية الدسوقي 3 /132.

[47] الشرح الصغير 2 /62و 63، وحاشية الدسوقي 3 /131.

[48] الشرح الصغير 2 /55، وحاشية الدسوقي 3 /113.

[49] في الأصل: «أن» والمثبت من «بداية المجتهد».

[50] فتح القدير 5 /180، وحاشية ابن عابدين 5 /40و 41.

[51] تحفة المحتاج 4 /387و 388، ونهاية المحتاج 4 /69و 70.

[52] الشرح الصغير 2 /62، وحاشية الدسوقي 3 /130.

[53] تحفة المحتاج 4 /388، ونهاية المحتاج 4 /70.

[54] تحفة المحتاج 4 /385و 386، ونهاية المحتاج 4 /67و 68.

[55] تقدم تخريجه 4 /295.

[56] المنتقى شرح الموطأ 4 /198و 199، وحاشية الدسوقي 3 /129.

[57] فتح القدير 5 /160، وحاشية ابن عابدين 5 /19.

[58] المنتقى شرح الموطأ 4 /198و 199.

[59] بداية المجتهد 2 /165 - 170.

[60] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /365.

[61] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /381.

[62] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 11 /376.

[63] فتح القدير 5 /160، وحاشية ابن عابدين 5 /20.

[64] تحفة المحتاج 4 /359، ونهاية المحتاج 4 /40و 41.

[65] شرح منتهى الإرادات 3 /205و 206، وكشاف القناع 7 /446و 447.

[66] في الأصل: «وأخذ»، والمثبت من الاختيارات.

[67] الاختيارات الفقهية ص126.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • نظر المحكمة في دعوى نص العقد فيها على التحكيم دون موافقة طرفي العقد على نظرها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن محمد بن سعد آل خنين)
  • مسألة: عهدة الشفيع على المشتري(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • العقد الباطل والعقد الفاسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تكييف عقد المقاولة في الفقه بحسب التزام المقاول(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • حث الطلاب على الجمع بين علم التفسير والحديث والفقه(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تكييف العقد المطبوع مسبقا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقيقة العقد في الفقه الإسلامي والقانون(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حكم اشتراط عقد معاوضة في عقد معاوضة(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • حكم اشتراط عقد تبرع في عقد تبرع (صيغة القروض المتبادلة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • إجراء العقود بآلات الاتصال الحديثة (مجلس العقد)(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب