• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد / بحوث ودراسات
علامة باركود

مكانة الشباب في الإسلام

أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/11/2007 ميلادي - 16/11/1428 هجري

الزيارات: 518107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
مكانة الشباب في الإسلام
(بحث لمشروع الانترنت)


ماذا تعني مرحلة الشباب:

الشباب مرحلة عمرية يمر بها الإنسان، تبدأ من سن البلوغ (أي حوالي سن الخامسة عشرة من العمر) وتنتهي تقريباً في سن الأربعين، وهناك من يجعلها تنتهي قبل الأربعين، وآخرون يوصلونها إلى الخمسين، ولكن الراجح من هذا التحديد أن مرحلة الشباب تنتهي في سن الأربعين من العمر، لأن الإنسان في هذه السن يصل إلى حده في النمو. والأصل اللغوي لكلمة الشباب يدل على أمرين: النماء، والقوة. ونجد في القرآن الكريم أن سن الأربعين داخلة في هذا المعنى، كما في قوله سبحانه وتعالى: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة}[1]. وهذا معناه أن الإنسان (إذا بلغ أشده) أي قوي وشب (وبلغ أربعين سنة) أي تناهى عقله وكمل فهمه[2].

أهمية مرحلة الشباب:
هذه المرحلة من العمر هي أهم المراحل لما تتميز به عن غيرها، ومن ذلك ما يلي:-
1 - فترة القوة والإنتاج:
يمر الإنسان في مراحل حياته بمراحل تتفاوت قوة وضعفاً، فهو يخرج إلى الدنيا صغيراً ضعيفاً، لا يعلم شيئاً، ثم يكبر شيئاً فشيئاً، فيقوى جسمه وتنمو حواسه ويزداد عقلاً وعلماً، حتى يبلغ أشده.
ولقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الطور في حياة الإنسان، حيث يقول الله سبحانه وتعالى {والله أخرجكم من بطون إمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل الكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}[3]. أي أن الله أخرج عباده من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئا ثم بعد هذا يرزقهم السمع الذي يدركون الأصوات والأبصار التي بها يحسون المرئيات والأفئدة وهي العقول التي يميز يها بين الأشياء ضارها ونافعها وهذه القوى والحواس تحصل للإنسان على التدريج قليلا قليلا كلما كبر زيد في سمعه وبصره وعقله حتى يبلغ أشده. وإنما جعل تعالى هذه في الإنسان ليتمكن بها من عبادة ربه تعالى فيستعين بكل جارحة وعضو وقوة على طاعة مولاه[4].

ولكن هذه الفترة من القوة التي تصاحب مرحلة الشباب لا تدوم، فإن الإنسان يرد مرة أخرى إلى الضعف إذا تقدم به العمر، وإلى هذا أيضاً أشار القرآن الكريم، كما في قوله سبحان وتعالى {الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفاً وشيبة}[5]. أي أحدث لكم الضعف بالهرم والكبر عما كنتم عليه أقوياء في شبابكم.

ولما كانت هذه المرحلة تتصف بالقوة والنشاط والحيوية، كانت تبعاً لهذا هي مرحلة البناء والإنتاج الذي تتطلبه الأمم وتقوم عليه الحضارات في كل زمان ومكان. فإن المنخرطين في سلك العمل على اختلاف أنواعه معظمهم من هذه الفئة فئة الشباب.

2 - أفضل مراحل العمر:
تعود الأفضليه لهذه المرحلة من العمر لما يتمتع به الإنسان فيها من القوة والنشاط، دون غيرها، ولما يتوافر لها فيها من كمال الحواس، فهو في هذه المرحلة أقدر على الانتفاع بحواسه من أي مرحلة أخرى.
ومما يدل على كون هذه المرحلة هي أفضل مراحل العمر، هو أن الله سبحانه وتعالى عنما يجازي الناس يوم القيامة، يجعل أهل الجنة شباباً لا يهرمون أبداً. وذلك من كمال السعادة. كما أن راحة الحياة وبهجتها غالباً ما تكون في مرحلة الشباب، فهي مرحلة يتطلع إليها الصغير، ويتمناها الكبير، ولذا فقد بكى عليها الشيوخ وتغنى بها الشعراء.

3 - أطول مراحل العمر:
إن عمر الإنسان في الغالب بين الستين والسبعين سنة، وبهذا أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ((أعمار أمتي بين الستين والسبعين، وأقلهم من يجوز ذلك))[6]. فإن الوسط الحسابي لهذين العددين (60،70) هو 65 سنة. وإذا كان زمن سن الطفولة من الولادة حتى نهاية الرابعة عشرة، وسن الشباب من بداية الخامسة عشرة إلى نهاية الأربعين، وسن الكهولة من الحادية والأربعين حتى نهاية الخمسين. وسن الشيخوخة بعد ذلك إلى آخر العمر، نجد أن مرحلة الشباب هي أعلى نسبة في مراحل العمر، لذا فإنه يكون فيها أكثر تجارب الحياة والعمل والإنتاج، وتتضح نسبة مرحلة الشباب إلى غيرها من مراحل العمر بالجدول الآتي:-

 

المرحلة
السنوات
النسبة المئوية
من
إلى
الطفولة
الولادة
الرابعة عشرة
22
الشباب
الخامسة عشرة
الأربعين
40
الكهولة
الحادية والأربعين
الخمسين
15
الشيخوخة
الحادية والخمسين
الوفاة
23


4 - الشباب عماد الأمم:

الشباب في جميع الأطوار وفي أي قطر من الأقطار هم عماد حضارة الأمم، وسر نهضتها؛ لأنهم في سن الهمم المتوثبة والجهود المبذولة، سن البذل والعطاء، سن التضحية والفداء. وغالباً ما يمثل الشباب النسبة العظمى من السكان في الدول النامية، الأمر الذي يقتضي مزيداً من الاهتمام به، والاستثمار فيه، حيث يعتمد نمو خيرات هذه المجتمعات، وملاحقتها لمطالب التطور وتفوق هيكل عملها وجودته على مدى جدوى عنصر الشباب فيها، ولهذا السبب نفسه نجد أنه سرعان ما ينهار أي مجتمع وتضيع قيمه إذا ما وهن شبابه، وأغلقت دونه نوافذ العلم والخبرة، بينما تتقدم المجتمعات الأخرى وتسبق غيرها معتمدة على فارق الزمن في إطلاق هذه الطاقات لأقصى ما تستطيع، وكلما اغتنمت الدول طاقات شبابها في العلم والإنتاج وبناء الحضارة زاد إنتاجها وحققت أهدافها.

الإسلام والشباب:
مما سبق علمنا أهمية هذه المرحلة من العمر، لذا فقد عني الإسلام بهذه المرحلة من العمر عناية خاصة، ووجهها للبناء والخير، وجنبها الهدم الشر. فهو يهدف إلى جعل هذه المرحلة من العمر (مرحلة الشباب) مرحلة خير على مستوى الفرد والجماعة.

وإذا تأملنا القرآن والسنة وهما المصدران الأساسيان في التشريع للمسلمين، لوجدنا فيهما اهتماماً خاصاً بمرحلة الشباب، سواء في الثناء وذكر الإنجازات، أو في الإرشاد والتوجيهات الخاصة بهذه المرحلة.

وعلى سبيل المثال نجد أن القرآن الكريم يحدثنا عن الشباب بأنهم هم الذين اتبعوا الرسل وصدقوهم وآمنوا بهم، فهؤلاء أتباع موسى (عليه السلام) يصفهم ربهم بقوله: {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين}[7]. يخبر تعالى أنه لم يؤمن بموسى عليه السلام مع ما جاء به من البينات والحجج القاطعات، والبراهين الساطعات، إلا قليل من قوم فرعون من الذرية وهم الشباب، لأن من آمن فهو معرض للإيذاء من فرعون وأعوانه، أما هؤلاء الشباب الأقوياء فقد وطنوا أنفسهم على تحمل المتاعب والمشاق في هذا السبيل، وهم يعلمون أن ما أصابهم في سبيل الله سبحانه وتعالى سوف يلاقون عليه أحسن الجزاء.

كما أن القرآن الكريم قد أثنى على فئة من الشباب الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى وكا فأهم على ذلك بزيادة الهدى حين قال سبحانه وتعالى {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}[8]. والفتية في اللغة العربية هم الشباب. وهؤلاء الشباب لهم قصة عجيبة ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وذكر فيها من الشيء المعجز مالم يحدث لغيرهم.

وأتباع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جلهم من الشباب، فقد آمن به أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) وكان عمره نحواً من ثمان وثلاثين سنة، وعمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أسلم ولم يبلغ الثلاثين من عمره، وكذلك علي وعبد الله بن مسعود، وسعيد بن زيد، ومصعب بن عمير، والأرقم بن أبي الأرقم، وخباب، وعشرات غيرهم، بل مئات كانوا شباباً.

ففئة الشباب على مدار التاريخ وفي جميع الأطوار والأقطار وعلى اختلاف الدعوات، هم أكثر الناس تأثراً وأسرعهم استجابة، بخلاف الشيوخ الذين في الغالب يتمسكون بمعتقداتهم ويؤثرون موروثاتهم، ولو تبين لهم الحق فيما يدعون إليه.

كما يشير القرآن الكريم أيضاً أن هذه المرحلة من العمر هي مرحلة القوة التي يعيشها الإنسان بين مرحلتي ضعف، كما في قوله سبحانه وتعالى {الله الذي خلقكم من ضعف ثنم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بد قوةضعفاً وشيبة}[9].

كما أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد اهتم بالشباب اهتماماً خاصاً، ولا عجب بذلك إذا علمنا أن الذين آمنوا معه في بداية الدعوة كلهم من الشباب فأيدوه ونصروه ونشروا دعوته وتحملوا في سبيل ذلك المشاق طلباً لما عند الله سبحانه وتعالى.

ومن الاهتمام بعنصر الشباب نجد ما يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم من مكانة الشباب الذي ينشأ على طاعة الله سبحانه وتعالى، فهذا الصنف من الشباب لهم مكانة عالية عند الله سبحانه وتعالى حيث ينجيهم من الضيق والكرب الذي يلحق الناس يوم القيامة فيظلهم الله سبحانه وتعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في طاعة الله سبحانه وتعالى...)).

كما نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يخاطب فئة الشباب ويوصيهم بوصية عظيمة بقوله: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء))[10]. ففي هذا التوجيه النبوي صيانة للشباب من فساد السلوك والوقوع في الإثم، الذي في الغالب يكون يسببه من الدافع الجنسي، فإن الشهوة الجنسية عند الشاب قوية، وبالتالي فإنها تدفعه إلى ارتكاب المحرمات. ويفيد الحديث أن من قدر على تكاليف الزواج فعليه بالمبادرة، حتى تهدأ نفسه وتسكن شهوته. ولكن من لم يستطع تكاليف الزواج فإن النبي صلى الله عليه وسلم وجهه توجيهاً آخر لحفظ نفسه من عواقب هذه الشهوة، فعليه بالصوم، فإن الصائم يمتنع عن الطعام والشراب من طلوع الفجر حتى غروب الشمس، وهذا مما يسبب له الإحساس بالجوع، والجوع يضعف الشهوة الجنسية عند الإنسان، وبهذا يسلم الإنسان من عواقبها السيئة.

وفي هذا الجانب وفي إطار حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الشباب وصيانتهم من عواقب هذه الشهوة نقف مع حوار دار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد الشباب الذي جاء يستأذنه في الزنا جاهلاً بحكمه في الإسلام، وإليك الحوار:
قال الشاب: يا رسول الله ائذن لي بالزنا.
فقال النبي: ادنه، فدنا منه قريبا، قال فجلس، قال أتحبه لأمك.
قال: لا والله! جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟
قال: لا والله يا رسول الله! جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال أفتحبه لأختك؟
قال لا والله! جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال أفتحبه لعمتك؟
قال: لا والله! جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أفتحبه لخالتك؟
قال: لا والله! جعلني الله فداءك.
قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم.
قال: فوضع يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء[11].

وعناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب تتخذ أشكالاً عديدة منها الوصايا النافعة لهم، ومن ذلك وصيته لابن عمه عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما) قال: كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال: ((يا غلام! إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف))[12].

فهذه وصية عظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمه الغلام ابن عباس، وصية يتكفل الله سبحانه وتعالى لمن عمل بها أن يحفظه في أموره كلها، ومن جملتها أعز ما يملكه الإنسان إيمانه بربه، فيحفظه الله سبحانه وتعالى من الشبهات المضلة، ومن الشهوات المحرمة. ويدخل في هذا الحفظ أيضاً حفظ الشاب في ماله وبدنه وأهله وكل أموره.

ومن الوصايا القيمة التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم الشباب وصيته لأبي ذر (رضي الله عنه) قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن))[13].

وهذه الوصية نفسها أوصى بها الشاب معاذ بن جبل (رضي الله عنه) حيث قال: يا رسول الله! أوصني، قال: ((اتق الله حيثما كنت -أو أينما كنت- قال: زدني قال: أتبع السيئة الحسنة تمحها، قال: زدني، قال: خالق الناس بخلق حسن))[14].

فالوصية (اتق الله حيثما كنت) توقظ في الشباب مراقبة الله سبحانه وتعالى، وخشيته، في كل زمان ومكان، فالشاب معرض أكثر من غيره للوقوع في المعصية، لقوة دافع الشهوة عنده، فإذا ضعفت نفسه وزلت به قدمه، فإنه يجد في وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمحو ذنبه ويريح قلبه.

ومن عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب ما كان يعاملهم به من التقدير لحقوقهم والاعتراف بمكانتهم، ويدل على ذلك ما يرويه سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام: ((أتأذن لي أن أعطي هؤلاء فقال الغلام لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدا قال فتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده))[15]. فلم يحتقر الرسول صلى الله عليه وسلم الغلام لصغر سنه بل اعترف له بحقه الذي شرعه له الإسلام لأنه عن يمين الرسول، فاستشاره في تقديم الشراب إلى من هو أكبر منه، ومن له مكانة عند المسلمين، إلى أفضل هذه الأمة بعد نبيها وهو أبو بكر الصديق (رضي الله عنه). فآثر الغلام أن يشرب بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم فشرب.

أضف إلى ذلك ما كان يقابلهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم من السرور وطلاقة الوجه –وهوسيد البشر- كما يروي ذلك الشاب جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: ((ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي...))[16].

وفي إطار عناية الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب النابعة من فهم عميق بخصائص هذه المرحلة نجد النبي صلى الله عليه وسلم لا يغفل عن ضبط حماسهم وتوجيههم إلى ما يتناسب وطبيعة أعمارهم. ويدل على ذلك قصة الشباب الثلاثة الذي أبدوا حماساً في العبادة، كما يروي ذلك أنس بن مالك (رضي الله عنه) قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي (صلى الله عليه وسلم) قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليهم فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني))[17]. كل ذلك شفقة من الرسول صلى الله عليه وسلم على هؤلاء الشباب الذين عزموا على ترك بعض ما أحل الله لهم والاجتهاد في طاعة الله سبحانه وتعالى.

وفي هذا الإطار نفسه نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفق على الشاب عبدالله بن عمرو بن العاص عندما أخذه حماس الشباب في قرائة القرآن كاملاً كل ليلة، فلما علم بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم قال له مشفقاً عليه: ((إني أخشى أن يطول عليك الزمان وأن تمل فاقرأه في شهر فقلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي قال فاقرأه في عشرة قلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي قال فاقرأه في سبع قلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي فأبى))[18].

وعناية الباب بالشباب ليست في عصر دون عصر، ولا في مكان دون آخر، بل هي في كل مكان، وفي كل زمان، ولا عجب في ذلك فقد جاء الإسلام بالخير والسعادة لكل البشرية، فمن وفقه الله لهذا الدين سعد في دنياه وأخراه، ومن ضل عن هذا الدين فهو على خطر عظيم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] سورة الأحقاف، الآية 15.
[2] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم 4/158.
[3] سورة النحل، الآية 78.
[4] تفسير ابن كثير 2/580.
[5] سورة الروم، الآية 54.
[6] أخرجه الترمذي في سننه، 5/553.
[7] سورة يونس، الآية 83.
[8] سورة الكهف، الآية 13.
[9] سورة الروم، الآية 54.
[10] أخرجه البخاري، كتاب النكاح، حديث رقم 5066.
[11] أخرجه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم 21708.
[12] أخرجه الترمذي في سننه، كتاب صفة القيامة، 4/667، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الألباني في كتابه (صحيح سنن الترمذي) 2/309.
[13] أخرجه الترمذي في سنن، كتاب البر والصلة 4/355، وقال: حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في كتابه (صحيح سنن الترمذي) 2/191.
[14] أخرجه الإمام أحمد في المسند، حديث رقم 31554.
[15] أخرجه البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الأشربة، حديث رقم 5620.
[16] أخرجه البخاري، الجامع الصحيح 3/48.
[17] أخرجه البخاري، الجامع الصحيح 3/354.
[18] أخرجه ابن ماجة 1/428.

 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • إلى الشباب
  • حديث الثلاثين
  • المنقود
  • الصيف وتهيؤ الشباب للقيادة
  • مطلب الأمن وتحصين الشباب
  • عناية الإسلام بالشباب (1)
  • عناية الإسلام بالشباب (2)
  • مشاركة الشباب في قضايا المجتمع ودورها في الوقاية من المخدرات
  • في الحفاظ على الشباب وسلوكه وأخلاقه
  • دور الشباب في حمل رسالة الإسلام
  • الشباب قوة الأمة
  • الشباب نعمة واختبار
  • الشباب في السيرة النبوية
  • مكانة الشباب في الإسلام (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الشباب أمل الأمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مرحلة الشباب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مكانة النبي صلى الله عليه وسلم ومكانة أتباعه في شعر الشاعر الدكتور عبدالرحمن العشماوي(مقالة - حضارة الكلمة)
  • ماذا يصنع سن الشباب؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إبطال ثلاث شبه حول مكانة المرأة في الإسلام(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أنشطة إسلامية في فعاليات كأس الندوة العالمية للشباب الإسلامي في البرازيل ( شباب مجتمعون للإسلام )(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مكانة المرأة في الإسلام: ستون صورة لإكرام المرأة في الإسلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كازاخستان: لقاء بين طلاب المدارس الإسلامية والإدارات الروحية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد تحديات العصر؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • ندوة في مدينة رودوزيم تناقش الحفاظ على قيم الإسلام ونقلها بين الشباب(مقالة - المسلمون في العالم)

 


تعليقات الزوار
17- شكر وتقدير
ادم غلغالو - كينيا 30-12-2022 11:02 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله خيرا على هذا الموضوع، نفع الله به الإسلام والمسلمين

16- كلمة شكر
محمد حنيد محمد يعقوب - الهند 14-10-2019 05:21 PM

والله استفدت كثيرا من مقالتكم الطيبة النافعة.
بارك الله فيكم و نفع بكم الإسلام والمسلمين.
لا تنسونا من دعائكم

15- شكرا
ضيف عبد الكريم - مصر 03-02-2018 11:15 PM

جزاكم الله خيرا جعله الله في ميزان حسناتكم

14- موضوع هام
صالح سوراني - العراق 25-09-2016 11:44 AM

بارك الله في جهودكم ... هذا الموضوع هام جدا وخاصة في يومنا هذا ولأن الشباب أمام خطر أعداء الإنسانية وحيث انحرافهم عن جادة الصواب

13- شكر
الهادي - Senegal 05-05-2016 05:45 PM

السلام عليكم ورحمة الله
نشكركم على جهودكم الكبيرة لخدمة الإسلام ونتمنى لكم التوفيق أينما كنتم

12- جزاك الله خيرا
فهمي الهاملي - اليمن 22-09-2014 11:32 PM

الشباب عمود الدولة تقيمه أو تكسره.

11- شكر
محمود حسن - مصر 11-04-2014 11:38 AM

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ونفع بكم

10- الشباب عماد الوطن
nana ana - فلسطين 30-03-2014 06:21 PM

الشباب عماد الوطن

9- جزاك الله خيرا
سامي خشبة - جمهورية مصر العربية . 07-02-2014 11:48 AM

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه".
وقال: "اغتنم خمسا قبل خمس: اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك".

8- شكر
zineb - maroc 29-11-2013 10:01 PM

شكرا جزيلا على هذا الموضوع جزاكم الله خيرا

1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب