• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات   بحوث ودراسات   كتب   برنامج نور على الدرب   قالوا عن الشيخ زيد الفياض   مواد مترجمة   عروض الكتب  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إقليم سدير في التاريخ (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نظرات في الشريعة (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قاهر الصليبيين: صلاح الدين الأيوبي (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    القاضي إياس بن معاوية (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    نصائح العلماء للسلاطين والأمراء (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    في سبيل الإسلام (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    حقيقة الدروز (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    فصول في الدين والأدب والاجتماع (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    مؤتفكات متصوف (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    قضية فلسطين (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    من كل صوب (PDF)
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
  •  
    عرض كتاب " العلم والعلماء " للعلامة زيد الفياض
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    عرض كتاب: دفاع عن معاوية للدكتور زيد عبدالعزيز ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    آثار العلامة الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض رحمه ...
    دار الألوكة للنشر
  •  
    واجب المسلمين في نشر الإسلام.. الطبعة الثالثة ...
    الشيخ زيد بن عبدالعزيز الفياض
شبكة الألوكة / المواقع الشخصية / مواقع المشايخ والعلماء / الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك / بحوث ودراسات / المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع
علامة باركود

الحرابة في الفقه الإسلامي

الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 31/10/2017 ميلادي - 10/2/1439 هجري

الزيارات: 126700

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحرابة في الفقه الإسلامي


والأصل في هذا الكتاب قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾... الآية [المائدة: 33].

وذلك أن هذه الآية عند الجمهور هي في المحاربين، وقال بعض الناس: إنها نزلت في النفر الذين ارتدوا في زمان النبي عليه الصلاة والسلام، واستاقوا الإبل، فأمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقُطعت أيديهم وأرجلهم وسُملت أعينهم[1].


والصحيح: أنها في المحاربين؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾ [المائدة: 34]، وليس عدم القدرة عليهم مشترطة في توبة الكفار فبقي أنها في المحاربين "1001ب".


والنظر في أصول هذا الكتاب ينحصر في خمسة أبواب:

أحدها: النظر في الحِرابة.

والثاني: النظر في المحارب.

والثالث: فيما يجب على المحارب.

والرابع: في مُسقط الواجب عنه، وهي التوبة.

والخامس: بماذا تثبت هذه الجناية.


الباب الأول: فأما الحِرابة، فاتفقوا على أنها إشهار السلاح وقَطْع السبيلِ خارج المِصْر[2].

واختلفوا في من حارب داخل المِصر:

فقال مالك[3]: داخل المصر وخارجه سواء.

واشترط الشافعي[4]: الشوكة وإن كان لم يشترط العدد، وإنما معنى الشوكة عنده قوة المغالبة؛ ولذلك يشترط فيها البعد عن العمران؛ لأن المغالبة إنما تتأتى بالبعد عن العمران، وكذلك يقول الشافعي[5]: إنه إذا ضعف السلطان، ووجدت المغالبة في المِصر كانت محاربة، وأما غير ذلك فهو عنده اختلاس.

وقال أبو حنيفة[6]: لا تكون محاربة في المِصر.


الباب الثاني: فأما المحارب: فهو كل من كان دمه محقونًا قبل الحرابة، وهو المسلم والذمي.

الباب الثالث: وأما ما يجب على المحارب، فاتفقوا على أنه يجب عليه حق لله وحق للآدميين.


واتفقوا على أن حق الله هو القتل والصَّلب، وقطع الأيدي وقطع الأرجل من خلاف، والنفي على ما نص الله تعالى في آية الحرابة[7].

واختلفوا في هذه العقوبات، هل هي على التخيير أو مرتبة على قدر جناية المحارب؟

فقال مالك[8]: إن قتل فلا بد من قتله، وليس للإمام تخيير في قطعه ولا في نفيه، "وأما إذا أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه[9]" وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف.


وأما إذا أخاف السبيل فقط فالإمام عنده مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه، ومعنى التخيير عنده: أن الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام، فإن كان "1002أ" المحارب ممن له الرأي والتدبير فوجه الاجتهاد قتله أو صلبه؛ لأن القطع لا يرفع ضرره، وإن كان لا رأي له، وإنما هو ذو قوة وبأس قطعه من خلاف، وإن كان ليس فيه شيء من هاتين الصفتين أخذ بأيسر ذلك فيه، وهو الضرب والنفي.


وذهب الشافعي[10] وأبو حنيفة[11] وجماعة من العلماء إلى أن هذه العقوبة هي مُرتبة على الجنايات المعلوم من الشرع ترتيبها عليه، فلا يُقتل من المحاربين إلا من قَتل، ولا يُقطع إلا من أخذ المال، ولا يُنفى إلا من لم يأخذ المال ولا قتل، وقال قوم: بل الإمام مخير فيهم على الإطلاق، وسواء قتل أو لم يقتل، أخذ المال أو لم يأخذه.


وسبب الخلاف: هل حرف "أو" في الآية للتخيير أو للتفصيل على حسب جناياتهم؟ ومالك حمل البعض من المحاربين على التفصيل والبعض على التخيير.


واختلفوا في معنى قوله: ﴿ أَوْ يُصَلَّبُوا ﴾ [المائدة: 33] فقال قوم: إنه يُصلب حتى يموت جوعًا، وقال قوم: بل معنى ذلك أنه يُقتل ويُصلب معًا، وهؤلاء منهم من قال: يُقتل أولًا ثم يُصلب، وهو قول أشهب[12]، وقيل: إنه يُصلب حيًا ثم يُقتل في الخشبة، وهو قول ابن القاسم وابن الماجشون[13].


ومن رأى أنه يُقتل أولًا ثم يُصلب صلى عليه عنده قبل الصلب.

ومن رأى أنه يُقتل في الخشبة، فقال بعضهم: لا يصلى عليه تنكيلًا له، وقيل: يقف خلف الخشبة ويُصلى عليه.

وقال سحنون: إذا قُتل في الخشبة أُنزل منها وصُلي عليه.


وهل يعاد إلى الخشبة بعد الصلاة؟ فيه قولان عنه، وذهب أبو حنيفة وأصحابه[14]: أنه لا يبقى على الخشبة أكثر من ثلاثة أيام.

وأما قوله: ﴿ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ ﴾ [المائدة: 33] فمعناه: أن تُقطع يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم إن عاد قُطعت يده اليسرى ورجله اليمنى، "واختلف إذا لم تقطع يده اليمنى؟ فقال ابن القاسم: تقطع يده اليسرى ورجله اليمنى[15]" وقال أشهب: تُقطع يده اليسرى ورجله اليسرى "1002ب".


واختلف أيضًا في قوله: ﴿ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [المائدة: 33] فقيل: إن النفي هو السجن، وقيل: إن النفي هو أن يُنفى من بلد إلى بلد فيُسجن فيه إلى أن تظهر توبته - وهو قول ابن القاسم عن مالك[16] - ويكون بين البلدين أقل ما تقصر فيه الصلاة، والقولان عن مالك، وبالأول قال أبو حنيفة[17]، وقال ابن الماجشون[18]: معنى النفي: هو فرارهم من الإمام لإقامة الحد عليهم، فأما أن يُنفى بعد أن يُقدر عليه فلا.


وقال الشافعي[19]: أما النفي فغير مقصود، ولكن إن هربوا شرَّدناهم في البلاد بالاتباع، وقيل: هي عقوبة مقصودة، فقيل: على هذا يُنفى ويُسجن دائمًا، وكلها عن الشافعي، وقيل: معنى ﴿ أَوْ يُنْفَوْا ﴾، أي: من أرض الإسلام إلى أرض الحرب.


والذي يظهر: أن النفي هو تغريبهم عن وطنهم؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾... الآية [النساء: 66].


فسوَّى بين النفي والقتل، وهي عقوبة معروفة بالعادة من العقوبات كالضرب والقتل، وكل ما يقال فيه سوى هذا فليس معروفًا لا بالعادة ولا بالعرف.


الباب الرابع: وأما ما يُسقط الحق الواجب عليه، فإن الأصل فيه: قوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾ [المائدة: 34].

واختُلف من ذلك في أربعة مواضع:

أحدها: هل تُقبل توبته؟

والثاني: إن قُبلت فما صفة المحارب الذي تُقبل توبته؟ فإن لأهل العلم في ذلك قولين:

قول: أنه تُقبل توبته وهو أشهر؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾.

وقول: أنه لا تُقبل توبته، قال ذلك من قال: إن الآية لم تنزل في المحاربين.


وأما صفة التوبة التي تُسقط الحكم: فإنهم اختلفوا فيها على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن توبته تكون بوجهين:

أحدهما: أن يترك ما هو عليه وإن لم يأت الإمام.

والثاني: أن يُلقي سلاحه ويأتي الإمام طائعًا، وهو مذهب ابن القاسم[20].


والقول الثاني: أن توبته إنما تكون بأن يترك ما هو عليه ويجلس "1003أ" في موضعه ويظهر لجيرانه، وإن أتى الإمام قبل أن تظهر توبته أقام عليه الحدَّ، وهذا قول ابن الماجشون[21].


والقول الثالث: أن توبته إنما تكون بالمجيء إلى الإمام، وإن ترك ما هو عليه لم يُسقط ذلك عنه حُكمًا من الأحكام إن أُخذ قبل أن يأتي الإمام، وتحصيل ذلك: هو أن توبته قيل: إنها تكون بأن يأتي الإمام قبل أن يقدر عليه، وقيل: إنها إنما تكون إذا ظهرت توبته قبل القُدرة فقط، وقيل: تكون بالأمرين جميعًا.


وأما صفة المحارب الذي تقبل توبته: فإنهم اختلفوا فيها أيضًا على ثلاثة أقوال:

أحدها: أن يلحق بدار الحرب.

والثاني: أن تكون له فِئة.

والثالث: كيفما كانت له فئة، أو لم تكن لحق بدار الحرب أو لم يلحق. واختلف في المحارب إذا امتنع فأمنه الإمام على أن ينزل؟

فقيل: له الأمان، ويسقط عنه حد الحرابة.

وقيل: لا أمان له؛ لأنه إنما يُؤمن المشرك.


وأما ما تُسقط عنه التوبة فاختلفوا في ذلك على أربعة أقوال:

أحدها: أن التوبة إنما تُسقط عنه حد الحرابة فقط، ويؤخذ بما سوى ذلك من حقوق الله وحقوق الآدميين، وهو قول مالك[22].


والقول الثاني: أن التوبة تُسقط عنه حدَّ الحرابة، وجميع حقوق الله من الزنى والشراب والقطع في السرقة، ويتبع بحقوق الناس من الدماء والأموال إلا أن يعفو أولياء المقتول.


والثالث: أن التوبة ترفع جميع حقوق الله، ويؤخذ بالدماء وفي الأموال بما وجد بعينه في أيديهم ولا تُتبع ذممهم.


والقول الرابع: أن التوبة تُسقط جميع حقوق الله وحقوق الآدميين من مال ودم إلا ما كان من الأموال قائم العين بيده.


الباب الخامس: وأما بماذا يثبت هذا الحد؟ فبالإقرار وبالشهادة، ومالك[23] يقبل شهادة المسلوبين على الذين سلبوهم.

وقال الشافعي[24]: تجوز شهادة أهل الرُّفقة عليهم إذا لم يدعوا لأنفسهم ولا لرفقائهم مالًا أخذوه، وتثبت عند مالك[25] الحرابة بشهادة السماع[26]" "1003ب".


وقال في "الاختيارات": "فصل: والمحاربون حكمهم في المِصر والصحراء واحد، وهو قول مالك[27] في المشهور عنه والشافعي[28] وأكثر أصحابنا.


قال القاضي: المذهب[29] على ما قاله أبو بكر في عدم التفرقة، ونصَّ في الخلاف: بأنهم في البُنيان أحق بالعقوبة منهم في الصحراء، والردء كالمباشرة في الحرابة، وهو مذهب أحمد[30]، وكذا في السرقة، والمرأة التي تُحضر النساء للقتل تُقتل.


والعقوبات التي تقام من حد وتعزير إذا ثبتت بالبينة فإذا أظهر من وجب عليه الحدُّ أو التعزير التوبة ولم يوثق "منه[31]" بها فيقام عليه "الحد"[32]، وإن كان تائبًا في الباطن كان الحدُّ مكفرًا، وكان مأجورًا على صبره.


وإن جاء تائبًا بنفسه فاعترف فلا يقام عليه في ظاهر مذهب أحمد[33]، ونص عليه في غير موضع، كما جزم به الأصحاب وغيرهم في المحاربين، وإن شهد "به[34]" على نفسه كما شهد به ماعز والغامدية، واختار إقامة الحد عليه أقيم وإلا فلا.


وتصح التوبة من ذنب مع الإصرار على آخر إذا كان المقتضي للتوبة منه أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كان المانع من أحدهما أشد، هذا هو المعروف عن السلف والخلف"[35].


وقال البخاري: "بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب المحاربين من أهل الكفر والرِّدة".

وقول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33].


حدَّثنا علي بن عبد الله، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو قلابة الجرمي، عن أنس رضي الله عنه قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم نفر من عُكل فأسلموا، فاجتووا المدينة، فأمرهم أن يأتوا إبل الصدقة "1004أ" فيشربوا من أبوالها وألبانها، ففعلوا فصحوا، فارتدوا وقتلوا رعاتها واستاقوا "الإبل"[36]، فبعث في آثارهم فأتي بهم، فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم، ثم لم يحسمهم حتى ماتوا"[37].


قال الحافظ: "قال ابن بطال[38]: ذهب البخاري إلى أن آية المحاربة نزلت في أهل الكفر والرِّدة، وساق حديث العرنيين، وليس فيه تصريح بذلك، ولكن أخرج عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة حديث العرنيين... وفي آخره قال[39]: بلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾... الآية [المائدة: 33[40] ووقع مثله في حديث أبي هريرة[41]، وممن قال ذلك الحسن وعطاء والضحاك والزهري.


وذهب جمهور الفقهاء: إلى أنها نزلت في من خرج من المسلمين يسعى في الأرض بالفساد، ويقطع الطريق، وهو قول مالك[42] والشافعي[43] والكوفيين[44]، ثم قال: ليس هذا منافيًا للقول الأول؛ لأنها وإن نزلت في العرنيين بأعيانهم لكن لفظها عام يدخل في معناه كل من فعل مثل فعلهم من المحاربة والفساد[45].


وقال الحافظ: بل هما متغايران، والمرجع إلى تفسير المراد بالمحاربة، فمن حملها على الكفر خصَّ الآية بأهل الكفر، ومن حملها على المعصية عمَّ[46].


ثم نقل ابن بطال[47] عن إسماعيل القاضي: أن ظاهر القرآن وما مضى عليه عمل المسلمين يدل على أن الحدود المذكورة في هذه الآية نزلت في المسلمين، وأما الكفار فقد نزل فيهم ﴿ فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ﴾... إلى آخر الآية [محمد: 4] فكان حكمهم خارجًا عن ذلك.


وقال تعالى في آية المحاربة: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ﴾ [المائدة: 34] وهي دالة على أن من تاب من المحاربين يسقط عنه الطلب بما ذكر بما جناه فيها ولو كانت الآية في الكافر لنفعته المحاربة، ولكان إذا أحدث الحرابة مع كفره اكتفينا بما ذكر في الآية، وسلم من القتل فتكون الحرابة خففت عنه القتل.


وأجيب عن هذا الإشكال: بأنه لا يلزم من إقامة هذه الحدود على المحارب المرتد مثلًا أن تسقط عنه المطالبة بالعود إلى الإسلام أو القتل، وقد تقدم في تفسير المائدة ما نقله المصنف عن سعيد بن جبير: أن معنى المحاربة لله الكفر به "1004ب".


وأخرج الطبري من طريق روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس في آخر قصة العُرنيين قال: فذكر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [المائدة: 33]، وأخرج نحوه من وجه آخر عن أنس.


وأخرج الإسماعيلي هناك من طريق مروان بن معاوية، عن معاوية بن أبي العباس، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه سلم في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾، قال: "هم من عُكل"[48].


قال الحافظ: قد ثبت في "الصحيحين": أنهم كانوا من عُكل وعُرينة، فقد وجب التصريح الذي نفاه ابن بطال.


والمعتمد: أن الآية نزلت أولًا فيهم، وهي تتناول بعمومها من حارب من المسلمين بقطع الطريق، لكن عقوبة الفريقين مختلفة، فإن كانوا كفارًا يُخير الإمام فيهم إذا ظفر بهم، وإن كانوا مسلمين فعلى قولين:

أحدهما - وهو قول الشافعي[49] والكوفيين[50] -: يُنظر في الجناية فمن قَتل قُتل، ومن أخذ المال قُطع، ومن لم يقتل ولم يأخذ مالًا نُفي، وجعلوا "أو" للتنويع، وقال مالك[51]: بل هي للتخيير، فيتخير الإمام في المحارب المسلم بين الأمور الثلاثة، رجح الطبري الأول.


واختلفوا في المراد بالنفي في الآية:

فقال مالك[52] والشافعي[53]: يخرج من بلد الجناية إلى بلدة أخرى، زاد مالك: فيُحبس فيها.

وعن أبي حنيفة[54]: بل يُحبس في بلده، وتُعقِّب: بأن الاستمرار في البلد، ولو كان مع الحبس إقامة فهو ضد النفي، فإن حقيقة النفي الإخراج من البلد، وقد قُرنت مفارقة الوطن بالقتل؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ ﴾ [النساء: 66].


وحُجة أبي حنيفة: أنه لا يؤمن منه استمرار المحاربة في البلدة الأخرى، فانفصل عنه مالك[55]: بأنه يُحبس بها "1005أ".

وقال الشافعي[56]: يكفيه مفارقة الوطن والعشيرة خذلانًا وذلًا"[57].


وقال الحافظ أيضًا: "تنبيه: أشكل قوله في آية المحاربين ﴿ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [المائدة: 33]، مع حديث عبادة الدال على أن من أقيم عليه الحد في الدنيا كان له كفارة، فإن ظاهر الآية: أن المحارب يُجمع له الأمران.


والجواب: أن حديث عبادة مخصوص بالمسلمين، بدليل أن فيه ذكر الشرك مع ما انضم إليه من المعاصي، فلما حصل الإجماع على أن الكافر إذا قُتل على شركه فمات مشركًا، أن ذلك القتل لا يكون كفارة له، قام إجماع أهل السنة على أن من أقيم عليه الحد من أهل المعاصي كان ذلك كفارة لإثم معصيته[58]، والذي يضبط ذلك: قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 116] والله أعلم"[59].



[1] أخرجه البخاري 5685، ومسلم 1671 من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

[2] فتح القدير 4/ 275، وحاشية ابن عابدين 4/ 126، والشرح الصغير 2/ 435، وحاشية الدسوقي 4/ 348، وتحفة المحتاج 9/ 158، ونهاية المحتاج 8/ 4، وشرح منتهى الإرادات 6/ 261، وكشاف القناع 14/ 181.

[3] الشرح الصغير 2/ 435، وحاشية الدسوقي 4/ 348.

[4] تحفة المحتاج 9/ 157 و158، ونهاية المحتاج 8/ 4.

[5] تحفة المحتاج 9/ 158 و159، ونهاية المحتاج 8/ 4.

[6] فتح القدير 4/ 274، وحاشية ابن عابدين 4/ 126.

[7] فتح القدير 4/ 268، وحاشية ابن عابدين 4/ 123 و124، والشرح الصغير 2/ 436 و437، وحاشية الدسوقي 4/ 349، وتحفة المحتاج 9/ 159 و160، ونهاية المحتاج 8/ 7، وشرح منتهى الإرادات 6/ 264، وكشاف القناع 14/ 181.

[8] الشرح الصغير 2/ 436، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[9] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، والمثبت من بداية المجتهد.

[10] تحفة المحتاج 9/ 161، ونهاية المحتاج 8/ 7.

[11] فتح القدير 4/ 268 و269، وحاشية ابن عابدين 4/ 123.

[12] المنتقى شرح الموطأ 7/ 172.

[13] الشرح الصغير 2/ 436، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[14] فتح القدير 4/ 271، وحاشية ابن عابدين 4/ 124 و125.

[15] ما بين المعقوفين سقط من الأصل، والمثبت من بداية المجتهد.

[16] الشرح الصغير 2/ 437، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[17] فتح القدير 4/ 269، وحاشية ابن عابدين 4/ 123.

[18] المنتقى شرح الموطأ 7/ 173، وشرح منح الجليل 4/ 545.

[19] المجموع 22/ 229، وتحفة المحتاج 9/ 159، ونهاية المحتاج 8/ 5.

[20] الشرح الصغير 1/ 160، وحاشية الدسوقي 4/ 352.

[21] منح الجليل 4/ 549.

[22] الشرح الصغير 2/ 437، وحاشية الدسوقي 4/ 350.

[23] الشرح الصغير 2/ 354، وحاشية الدسوقي 4/ 177.

[24] الأم 8/ 372، ومغني المحتاج 4/ 186.

[25] الشرح الصغير 2/ 365، وحاشية الدسوقي 4/ 198.

[26] بداية المجتهد 2/ 418 - 421.

[27] الشرح الصغير 2/ 435، وحاشية الدسوقي 4/ 348.

[28] تحفة المحتاج 9/ 159، ونهاية المحتاج 8/ 4 و5.

[29] شرح منتهى الإرادات 6/ 261، وكشاف القناع 14/ 181.

[30] شرح منتهى الإرادات 6/ 263، وكشاف القناع 14/ 185.

[31] ما بين المعقوفين سقط من الأصل، والمثبت من الاختيارات.

[32] ما بين المعقوفين سقط من الأصل، والمثبت من الاختيارات.

[33] شرح منتهى الإرادات 6/ 267، وكشاف القناع 14/ 190.

[34] ليست في الأصل ولا الاختيارات، واستدركها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بخطه.

[35] الاختيارات الفقهية ص 296 و297.

[36] ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، واستدرك من صحيح البخاري.

[37] البخاري 6802.

[38] شرح صحيح البخاري 8/ 416.

[39] أي قتادة.

[40] مصنف عبد الرزاق 10/ 107 18538.

[41] مصنف عبد الرزاق 10/ 108 18541.

[42] الفواكه الدواني 2/ 279، ومنح الجليل 4/ 543.

[43] تحفة المحتاج 9/ 157، ونهاية المحتاج 8/ 3.

[44] فتح القدير 4/ 268.

[45] شرح صحيح البخاري 8/ 417.

[46] كذا في الأصل، وفي الفتح: "عمم".

[47] شرح صحيح البخاري 8/ 417.

[48] تفسير الطبري 6/ 206.

[49] تحفة المحتاج 9/ 161، ونهاية المحتاج 8/ 7.

[50] فتح القدير 4/ 269، وحاشية ابن عابدين 4/ 123.

[51] الشرح الصغير 2/ 436، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[52] الشرح الصغير 2/ 437، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[53] تحفة المحتاج 9/ 159، ونهاية المحتاج 8/ 5.

[54] فتح القدير 4/ 269، وحاشية ابن عابدين 4/ 123.

[55] الشرح الصغير 2/ 437، وحاشية الدسوقي 4/ 349.

[56] تحفة المحتاج 9/ 159، ونهاية المحتاج 8/ 5.

[57] فتح الباري 12/ 109 و110.

[58] فتح القدير 4/ 112، والشرح الصغير 2/ 382، وحاشية الدسوقي 4/ 239 و240، وتحفة المحتاج 10/ 245، ونهاية المحتاج 7/ 246، وكشاف القناع 14/ 256.

[59] فتح الباري 12/ 112.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عقوبة الاعتداء على المال بالسرقة والحرابة
  • أحكام الحرابة

مختارات من الشبكة

  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (3) علم أصول الفقه علم إسلامي خالص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المقدمات في أصول الفقه: دراسة تأصيلية لمبادئ علم أصول الفقه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • خصائص ومميزات علم أصول الفقه: الخصيصة (1) علم أصول الفقه يجمع بين العقل والنقل (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حقيقة مفهوم الفقه وأثرها في تدريس علم الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الفرق بين قواعد الفقه وأصول الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المصنف الفريد في علم أصول الفقه في ثوبه الجديد لعبدالحكيم مالك(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نظرية الضرورة الطبية في الفقه الإسلامي لأحمد ذيب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النظريات العامة في الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العالم بالفقه دون أصوله، والعالم بأصول الفقه دون فروعه: هل يعتد بقولهما في الإجماع؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فقه تاريخ الفقه(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب