خلافي مع زوجتي

الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نشكُركم على تواصُلكم معنا وثقتكم بموقعنا.

بخصوص مشكلتك، فإنكما بوصفكما زوجين، تحتاجان إلى وسيط فعلًا، حسب تعبيرك في آخر الرسالة، وهذا تمامًا هو ما أرشدتْ إليه الآية القرآنية: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35].

والمشكلة بحاجة إلى تحليل أعمقَ مِن مجرد ذَهاب خادمة، فعِشرتكما الطويلة تحتِّم عليكما تجاوزَ مثل هذه العقبة الصغيرة، وهذا التحليل ينبغي أن يتولَّاه مرشدٌ أسري ماهرٌ، أو مختص اجتماعي أو نفسي، للوقوف على أسباب المشكلة وإرشادكم إلى حلِّها.

أما بخصوص الشروط التي وضعتْها زوجتُك، فلا حرجَ من وجود شروط توافُقية أيًّا كان شكلها أو نوعها، ولكنَّ طبيعة الشروط تُبيِّن طبيعة العلاقة بينكما، وقد تكون هذه الشروط مجرَّدَ ردِّ فعلٍ للعلاقة المتأزِّمة بينكما؛ بحيث إنه إن عادت الأمور إلى سابق عهدها، فسوف تكون هذه الشروط من الماضي، ولن يتمَّ التعامل بها فعليًّا.

كما أن استجابتك المبدئية لهذه الشروط جيدة - مراعاةً منك لحقِّ العِشرة الزوجية - ولكن الشرط المتعلق بفرض مبلغ مالي ثابتٍ شهريًّا لها ولبناتها، أرى أن تَحسِمَه بصورة ثابتة، وأقترح أن تَلتزمُ لهم شهريًّا بدفع مبلغ ثابت يتمُّ الاتفاق عليه حسب قدرتك المالية، قد يكون المبلغُ الذي اشترطتْه عليك أقلَّ أو أكثرَ، ولا داعي لتحديد احتياجاتهم حسب ما تَجود به نفسُك؛ لأن هذا أمرٌ لا يُمكن ضبطُه عند المنازعات، نعم أنت جَوَاد وكريمٌ، ولكن في حال وجود المشكلة بينكما، فالأفضل تحديدُ البنود الخلافية بشكل واضحٍ ومحدد، ومن أهمها البنود المالية؛ حيث يَكثُر فيها النزاعُ عادةً.

من المهم ألا تجعلَ العطاء والمنع للمال عقوبةً منك لسلوك زوجتك، في هذه الحالة سيَزيد من تعقيد الأمور ونفورِها منك، وعليك بسلوك خطة مالية واضحة ومحددة، دون أي منعٍ أو إخلالٍ بهذا الشرط المالي، وهذا ليس انتقاصًا مِن كرامتك بوصفك زوجًا وراعيَ أسرةٍ، وإنما هو ترتيب عادي، والأصل فيه أن يكون موجودًا في الحياة الزوجية الطبيعية؛ حيث يقوم كثير من الأزواج عادةً بتحديد مصروفٍ ثابتٍ لزوجاتهم وللأسرة من باب الترتيب المالي لميزانية الأسرة، ويمكن التعاقد اليومي مع خادمات للقيام بالمهام المُتعبة في المنزل.

بَقِيَ موضوعُ الطبخ الذي ربما لم تتعوَّد عليه زوجتُك، بسبب وجودِ خادمةٍ دائمة، لذا مِن الأفضل استخدام كلمات التشجيع، بدلًا مِن اللوم على التقصير، وعليكم تَحمُّل فترة التدريب على الطبخ برُوح رياضية، وأثناء هذه الفترة يُمكن الاستعانة بالأكل من المطاعم، وما تيسَّر عملُه في البيت كالسندويتشات، وبمساعدة البنات وتشجيعهنَّ على مساعدة أُمِّهنَّ في شأن المطبخ.

أما موضوع الخروج من المنزل لقضاء بعض الحاجات، فله بُعدان، البُعد الأول بُعد فقهي، ويمكنك أن تبحث عن أقوال المختصين فيه، والثاني بعد تربوي؛ حيث إن علاقة المودة والاحترام هي التي تَجعل الشفافية عالية بين الزوجين، فالحياة الزوجية مَبناها على المودة والتفاهم، والتعامل هنا مع زوجةٍ وبنات وصَفهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالقوارير؛ تنبيهًا على طريقة التعامل معهنَّ، وأن هذا التعامل ينبغي أن يكون برِفقٍ وبلُطف، وفي مثل هذه الحالات ينصح بمراعاة الرفق واللين، كالسماح للزوجة بالخروج المعتدل الذي ليس فيه معصية.

نسأل الله لكما التوفيقَ والسداد، والله الموفِّقُ.