أبي على علاقة غير طبيعية بامرأة متزوجة

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.

لم أتوقعْ أن الوضع على هذا النحو من السوء حين بدأتُ قراءة رسالتكِ، ولكن تلك هي الحياة، وهذا ما جُبلت عليه؛ فعنوانها الكبَد، وهي تدور بين نصب وهَمٍّ وابتلاءات شتى، والله المستعان.

عليكِ ألا تستسلمي لهذه الدوامة من المشكلات، وألا تبكي حالكِ؛ حيث تبقى الإيجابية مفتاحًا لكثير من الأمور التي نحسب ألا مخرجَ منها.

التشاحن مع الأخ أهون كثيرًا منه مع أحد الوالدين؛ إذ يبقى حقه أقل من حقيهما الذي ذكره الله تعالى في أكثر من موضع وشدَّد عليه، ولا أنصحكِ بإفشاء ما وقفتِ عليه من علاقة غير مشروعة للوالد – هداه الله – مع تلك المرأة؛ لأن الأمر يبقى مبنيًّا على بعض القرائن التي تؤكد أمورًا لا توضح طبيعة تلك العلاقة وحقيقة ما وصلت إليه.

التصرف بإيجابية يكون بضرورة البحث عن عمل مشروع، ولو لم يكن الراتب مُجزيًا، ففي حالتكِ أنت بحاجة للعمل للخروج من تلك الأجواء، ولتكوين مجتمع طيب وزمالات مع فتيات من عمركِ، على أن تحرصي على تجنب سيئات الخُلق منهنَّ.

وأما عن رفض والدكِ للشاب، فبعيدًا عن حال الوالد، فمن حقكِ عليه أن يتخير لكِ من الشباب من يعلم أهليته للزواج وقدرته على الإنفاق على بيت الزوجية، والحب لن يكفي لإقامة حياة طبيعية تحتاج لكثير من الأمور التي لن تعيها أنتِ الآن، والله أسأل أن ييسر أمر ذلك الشاب ويرزقه من واسع فضله؛ ليجمع لكِ بين شاب تحبينه وحياة طيبة لا تزعزعها الفاقة، ولا تهزها الحاجة.

إن كنتُ لا أرجح فضح الوالد وإفشاء أمره، لكني لا أنصح بترك تلك المرأة تدخل البيت وتخرج كما يحلو لها، وأنصحكِ بمحاولة ذكر بعض مساوئها أمام الوالدة وتخويفها من تعمق العلاقات معها، والعمل على الحد من ذلك قدر المستطاع، مع النصح العام للوالد بالرفق واللين، وإن تيسر لكِ إطْلاع من ترين فيه حكمة وصلاحًا وخبرة في الحياة من أهل الوالد فناقشي معه وقوفكِ على بعض القرائن التي تُريبكِ، بدون اتهام صريح للوالد أو الحديث عنه بالسوء.

وعليكِ أن تكوني شديدةَ الحذَر في اختياركِ إن ترجح لكِ إشراك بعض الأهل في الأمر والاستعانة برأيهم، فتحمُّل مثل هذا الأمر وحدكِ في هذا العمر قد يوقعكِ في عقوق الوالد، أو التصرف معه بالسوء، وقد يعرضكِ لضغوط نفسية وعصبية لا تُحمد عواقبها، والمرء ضعيف وحده حين تتراكم الهموم وتتتابع المحن، وما أهل الحكمة وأولو الألباب من الأهل لنا إلا كالجذوع للأشجار تدعمها في الأرض وتثبتها وتمدها بالماء والغذاء.

أُذكِّركِ أخيرًا بأهمية الدعاء لنفسكِ، ووالدكِ بالهداية وصلاح الحال، ولا تستهيني بأمر الدعاء أو تحسبينه حيلة لا تجدي نفعًا؛ فالله تعالى يعطي من يشاء من واسع كرمه وجميل فضله ورحمته.

والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل