• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تراكم صيام كفارة اليمين
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أمارس العادة، فهل فقدت عذريتي؟
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    شباب الجامعة معجبون بي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات أسرية / المشكلات بين الأبناء والآباء
علامة باركود

كيف أتحاور مع أبي وأمي؟

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/7/2011 ميلادي - 3/8/1432 هجري

الزيارات: 69544

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

أنا طالبة جامعية، أعاني من أنَّ أمي إنسانة غير مُتفهِّمة، وغير مواكبة للعصر الذي نحن فيه، رغم أنها معها شهادات علم نفس لا حصر لها، وإنسانة واعية ومثقَّفة، وكل ما تطمح له أنْ نصل إلى القمَّة، لكن ليست مَرِنَةً ولا تجيد فنَّ النِّقاش، رغم أنَّنا أخذنا دورة فن الحوار ودورة التخطيط العائلي، لكن لا تطبق أنظمتها وقوانينها، وتستعمل أسلوب الأمر في كلِّ شيء، وإذا حاولت أن أقنعها بآرائي وأفكاري تُواجِهها بـ(لا)، و(هذا غيرُ مقبول)، ويصل بها الحد إلى أنْ تحرمني من أشياء أنا أحبُّها، وهذا ما أخذته من معلومات الدورات وتركت الباقي، رغم أنها أخذت دورة الاتِّصال مع الآخَرين، والبرمجة اللغويَّة العصبيَّة، ويصل بها الحد أيضًا إلى أنْ تقول: سوف أخرجك من الجامعة، سوف أعيدُك إلى المدينة، علمًا أنَّ والديَّ تركوا المدينة من أجلي؛ لكي أكمل دراستي الجامعيَّة، وعلمًا أيضًا أنَّني أكثر إخوتي نجاحًا دراسيًّا، وأجيد فنَّ التعامُل مع الآخَرين، وأستطيع أن أحصل على ما أريد بكلِّ سهولة، لكن حاولت أنْ أصل إلى قلب أمي لكن هذا صعب جدًّا، رغم أنها والله إنسانة واعية، ودائمًا ما تُثنِي عليَّ أمام إخوتي وتفتخر بي أمام الناس، وتعتبرني من أنجح القُدوات بالبيت (أقول هذا والله وأنا أبكي)، لكن كلَّما أردت أنْ أقنعها بشيءٍ قابلتني بـ(لا) و(مستحيل)، دون حتى أنْ تستمع إلى رأيي في الموضوع.

 

أمي إنسانة متشدِّدة جدًّا، وأنا إنسانة وسطيَّة، وأبي إنسان كلُّ ما يخشاه السمعة؛ عندما أردت أنْ أتخصَّص في الطب، ذهب واستشار إخوته الذين لا يحبُّوننا وقالوا: كيف، وفضيحة، وعيب! لكن أمي أقنعَتْه ووافق على الأمر، علمًا بأنَّ والدي يُسافِر إلى الخارج، وإنسان عادي جدًّا، كلَّما تحدثت معه يقول لي: الستر يا ابنتي، والستر مهم بالحياة، ومثل هذا الكلام، حتى لو كنَّا نتحدث عن أنواع الطعام أو عن الملابس أو عن أيِّ شيء ليس له علاقة بالستر، يرجع ويقول: الستر يا ابنتي، وأحسن لك أنْ تلبسي جوارب في يديك، وحتى النقاب يريدُ مني أنْ أخفي عيوني لكي يطمئنَّ، أنا لا ألومُه على خوفه عليَّ، لكنِّي أريده أن يُعامِلني كإنسانةٍ وليس كشيءٍ منحرف، أنا إنسانة ووالله أخاف على نفسي أكثر منهم، لماذا يقولون لي هذا؟ لماذا يُشدِّدون عليَّ؟ هل لأنِّي طالبة طب بشري، أو لأنِّي إنسانة قويَّة في هذه الحياة؟ علمًا بأنَّ أختي التي أصغر مني دخَلت الجامعة، ووالداي دعَّموها بالمدرِّسات الخصوصيَّات؛ لأنَّها لا تهتمُّ بالعلم، لكنَّهم لا يُشدِّدون عليها كما يُشدِّدون عليَّ.

 

كلُّ آرائي يُقابِلونها بالرَّفض والشدَّة رغم أني لم أقُلْ شيئًا خاطئًا، ذات مرَّة كنَّا نشرب الشاي سويًّا أنا وعائلتي، ووالدي بدأ يتكلَّم عن الزواج من غير جنسيتي، فقلت: لا بأس به ما دام أنَّ هذا الشخص مسلم، فغضب أبي وقال: يعني عادي أنْ تتزوَّجي هنديًّا أو بنغاليًّا ليس له أصل ولا فصل، وأمي كذلك، حتى إني قمت من المجلس؛ لأنَّهم هاجموني ولم يُعطوني فرصة التعبير عن الرأي، رغم أنَّ الإسلام يقول: لا فرقَ بين عربيٍّ ولا أعجمي إلا بالتقوى، لماذا هذا الهجوم؟! لماذا لا يحقُّ لي التحدُّث رغم أنَّ عائلتي عائلة واعية، ومن أفضل العائلات في نظر أقاربي ومَن حولنا؟! وكذلك طلبتُ من والدي أنْ يشتري لي جوالاً بكاميرا، قال لي: الجوال وسيلة أو غاية؟ قلت له: وسيلة، ولكن لا مانع أن أُرفِّه عن نفسي، رفَض وقابَلَه بكلمة: (لا)، وأمي كذلك دعَّمته، رغم أنَّ والدي يمتلك جوالاً بكاميرا، ومن أحدث الجوَّالات، وأخي الصغير طلب منه واحدًا وأحضره له، فلماذا هذه النظرة السوداويَّة للمرأة؟! رغم أنهما - أمي وأبي - والله ينصحون الناس وحلُّوا مشاكل كثيرٍ من الناس، حتى مشاكل الطلاق حلُّوها لأقاربنا، بل هم مُستَشارون في مثل هذه الأمور، لماذا معنا لا، وأختي التي أكبر منِّي تزوَّجتْ برجلٍ يُعامِلها بقسوةٍ، يُساعِدونها دائمًا ويدعَمونها ماديًّا ومعنويًّا، لكنَّ هذا لا يحدُث معي، صحيحٌ أني لا أحتاجُ هذا الدعم، لكن لا يجعَلُونني أشعر أني على خطَأ في حين أنِّي على صواب.

 

أنا إنسانة واضحة في تعامُلاتي مع أمي وأبي، لا أُخفِي عنهما شيئًا؛ لكي تستمرَّ الثقة بيننا، لكن كلَّما حاوَلت أنْ أبني وأرفَع هذه الثقة يكسرونها برُدود فِعلهم غير المنطقيَّة، من الصعب جدًّا أنْ أتناقَش معهما حتى في أموري الخاصَّة، وأنا لستُ تلك التي تتحدَّث مع صديقاتها عن حَياتها الخاصَّة أو مَشاكلها، أو مع أيِّ شخصٍ من الناس ولا حتى إخوتي، أُحاوِل أنْ أنسى لكن يتكرَّر هذا الأمر كثيرًا.

 

هذا الشهر فقط ضربَتْني والدتي 3 كُفوف على وجهي، لماذا؟ لأنِّي رفعتُ صوتي على أخي وأختي المراهقين، هل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمر أو حَثَّ على الضرب بما أنها إنسانة مُتشدِّدة دينيًّا، كيف تفعل هذا؟ أنا سكتُّ بحكم أنها أمي! وأبي الآن محتاج إلى نقودٍ لأنَّنا سوف ننتَقِل من بيتنا، طلبتُ (لاب توب) جديدًا بمكافأة الجامعة، قال لي: احتفظي بها إلى أنْ تستقرَّ أموري قد أحتاج نقودك هذه، فحزنت جدًّا لأنَّها نقودي كيف يقول لي هذا وهو واجبٌ عليه حقُّ النفقة وليس أخْذ نقودي وما أملك؟! وأمي منذ صغري كلَّما تناقشت معها باعتبار أنها لا بُدَّ أنْ تكون أكثر مرونة تذرف الدموع وتبكي وتقول: لا أسامحك وقد أفسدت عيالي، وأنت السبب، وتضَع اللوم عليَّ، وأنا كذلك لديَّ وحمةٌ في يدي طلبت من والدتي أنْ أذهب إلى مستشفى الجلديَّة؛ لأني كبرت وأريد إزالتها، فقالت: احمدي ربك على العافية، غيرك معاقٌ، وغيرك لديه فشلٌ كلوي، لماذا تحرمني من هذا الشيء وهي تتمنَّى أن أتزوَّج، كيف لي أنْ أتزوَّج ونحن في 2011 والرجل يريد المرأة الكاملة؟

 

طلبتُ من والدتي مرَّةً أنْ أرتدي عباءةً على الكتف، فوافقَتْ نسبيًّا ثم أخبرت والدي فهلع وفزع وقال: ماذا؟! وكأنَّ السمَّ سرى ببدنه، علمًا بأنِّي طالبة، وكتبي ثقيلة جدًّا وأحتاج هذه العباءة؛ لأنَّ عباءة الرأس تسقُط من فوق رأسي دائمًا وأسقط على الأرض بسببها، فغضبَتْ والدتي لغضب والدي وتغيَّرت.

 

وهكذا حياتنا، نضغط على أنفسنا لكيلا تمرض أمي أو أبي، ولا أستطيع التحمُّل أكثر من هذا، وهذا كثير جدًّا، رغم أنَّنا أناسٌ وربي نخافُ على أنفسنا أكثر من خوف أهلنا علينا، لكن الثقة مخدوشة.

 

رغم أنَّنا لا نذهب إلى أيِّ مكان إلا وأهلنا معنا، حتى لو مع صديقاتنا لا بُدَّ من وجود أمي معنا ولا نطيل في مثل هذه الاجتماعات، إلى متى ونحن نرضَخ لمثل هذه الظروف؟! وحتى الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يكنْ هكذا، هل يجب أنْ أكون أمي أو أكون أبي ليتقبَّلوا رأيي بسَعة صدر؟ وهل يجب أنْ أتحمَّل هذا إلى أنْ أنهي دِراستي وأبتعد عنهما؟ وماذا يجب أن أفعل؟ أنا تعبت!

 

المشكلة: أمي تريد مني أنْ أكون مثلها، وأنا لا أريد أن أكون إلا أنا، يعني: لا تريد مني أن أذهب إلى السوق مع صاحباتي بسبب الزحام، ولأني قلت: اليوم العالمي لغسل اليدين (كلمة "عالمي" أفزعتهم!) وأبي يريد أنْ أكون جاهلة، لا يريد أن أشتري الجوال الذي أريده أنا؛ لأنَّه عيب وفضيحة!

 

السؤال: كيف أحلُّ هذه المشكلة؟ وكيف أجعل أمي الغريبة في صفِّي؟ وكيف أجعل من أبي إنسانًا متفهمًا؟ كيف أفتح عقلَهم على الحياة وأجعل منهما أناسًا تُواكِب 2011 بشكلٍ معقول نسبيًّا، لا أريد أنْ يواكباه كليًّا؛ لأنَّ عصرنا هذا مخيف أيضًا وفيه من الأشياء الضارَّة الكثير، لكن كيف أجعَل أهلي يثقون فينا كما أعطيناهم نحن كلَّ الثقة؟ أنتم تقولون: اجعلوا من والديكم صُحبتكم، أطرح كل ما لديَّ بهدوء وهما يُواجِهانني بالشك والكلام غير المقبول الذي قد يصل أحيانًا إلى الشَّتم واحتقار الشخصيَّة.

 

المطلوب: الله يوفقكم ويسعدكم ويُيسِّر حياتكم تحلُّونها لي في أقرب فرصة، أنا تعبت وربي، وأنا لو لم أكن أعرف أنْ الأمراض تجيء من سُوء النفسيَّة قبل التغذية ما تكلمت ولا فضفضت عمَّا بداخلي هنا، أرجوكم أسأل الله أنْ يجعلكم في الفردوس، حلُّوا مشكلتي يا أهل الخير.

 

قبل قليلٍ أختي كانت هنا أبكي وأشرح لها حالتي، أمي أتت وقالت لها: اخرجي من هنا، دَعِيها تبكي وحدها وتنبح وحدها! وربي أبكي، الله يوفقكم ساعدوني.

 

الحلول المفترضة التي باءت بالفشل الذريع جميعها:

1- أجلس معهما وأشرح لهما أنَّ لي رأيًا ولهما رأيهما، واختلاف الآراء لا يفسد للودِّ قضيَّة.

 

نتيجة رقم 1: نقاشٌ عقيم ليس له حلٌّ.

 

2- أقنعهما أنَّ هذه ليست أفضل طريقة لكي يكونوا مثل الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم – بل لا بُدَّ أن يكونوا أكثرَ مرونةً في الحياة.

 

نتيجة رقم 2: سوف تصرُخ أمي وتقول: أنا أفهَمُ منك بحياة الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم – ولستِ الشخص الذي يُعلِّمني الصحيح من الخطأ (هل أمي كاملة لا تخطئ)؟!

 

3- أقنعهم أنَّهم بهذه الطريقة لا يرفعوا الكفاءة النسبيَّة للبيت، وألا يحطوا من وضعها.

 

نتيجة رقم 3: سيقولون: لستِ أنت التي تُقرِّر كيف نتكلَّم، أو كيف نضَع قوانين للبيت، أنا أمُّك وأنا أبوك وأنت ابنتنا تسمعين غصبًا عنك.

 

الرسول يقول: نُطِيع الوالدين لكن بالدِّين ليس بالأمور الجاهليَّة!

 

4- من حقي أن أغضب وأعبِّر عن الذي بنفسي مثلَما هما يغضبان منَّا ويحرِماننا ويمنَعاننا (علمًا أني جامعيَّة ولست طفلة، وكاتبة رائعة، وربي أنا كنزٌ لأهلي وهم كنز لي لكن بعدما يكونوا متفهِّمين).

 

نتيجة رقم 4: ستصيح أمي وتقول: ما أفسد عيالي إلا أنت، وأنا لن أسامحك إلى يوم القيامة، وأنا.. وأنا.. وأنا.. وأنا.. وآخِر الأمر تدعو عليَّ!

 

5- كان هناك يومٌ عالمي لغسل اليدين بأحد الأسواق، وقلتُ لوالدي: أريد الذهاب، غضبوا وقالوا: تريدين أنْ نذهب في الزحام! لو فرضنا أني قلت لها: يا أمي، لو أنا لم أقلْ لكِ أنَّ هناك يومًا عالميًّا، وقلت لك: نذهب للسوق، وسوف تُفاجَئِين بعدد الناس والزحام، هل هذا الفعل سيُرضيكِ، هل سيُرضيكِ أنْ أخبِّئ هذا عنك ولا أجعل كلَّ شيء واضحًا أمامَك بما أنَّك لست متفهِّمة؟ هل يُرضيكِ أنْ تذهب الثقة بيني وبينك بسبب أنَّك لست راضيةً أنْ تفهمي عقول الناس في 2011، وتعتقدين أنَّنا ما زلنا في 1991!

 

نتيجة رقم 5: ستقول لي: لا طب ولا جامعة، ولينفعكِ كلامك؛ لأنَّها سوف تسرح بخيالها إلى أنِّي سوف أقَع في محارم الله! ما علاقة المجتمع بمحارم الله يا أمي؟!

 

ما الحل؟ أنا تعبتُ، يعني لا بُدَّ أنْ أكون ضعيفة ومثل أمي وألبس جوارب في اليدين حتى يقتنعوا، لا بُدَّ وأن يكونوا مُتفهِّمين مثلما نحن مُتفهِّمون أنهم كبار، ونعذرهم على ما يقولونه؛ حتى لا يصابوا بأمراضٍ.

 

ما الحل؟ كيف أقنعهم أنَّ الكمال لله وحده، ومثلما عندنا من أخطاء هم أيضًا عندهم أخطاء، ولا يحسبون أنهم على صواب في كلِّ شيء.

 

أرجوكم لا تترُكوا رسالتي تمرُّ مُرور الكرام، أنا معتمدةٌ على الله ثم عليكم، والله يُوفِّقكم.

الجواب:

أختي العزيزة، وفقكِ الله.

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ﴾ [النساء: 135]، وليس من القِسط ولا من العَدل أنْ تحدقي في النصف الفارغ من كوب النعيم ببصركِ، وتتعامي عن رؤية النصف الممتَلِئ الذي سُكِب لكِ طوعًا بكلِّ حب ورحابة صدر!

 

لقد حقَّق والداكِ الكثيرَ من أحلامكِ وأمنياتكِ، وشدَّا من أجل تعليمكِ وتوسعة مَدارككِ الرحال! وجزمًا لو تزوَّجتِ مُستقبَلاً - بمشيئة الله - فسيفِيضان عليكِ بالغالي والنَّفيس من أجل إسعادكِ، وقطعًا لن تَجِدي في الدنيا مثلَ والديكِ، فقط تأمَّلي أحوالَ الناس من حولكِ؛ كي تعلمي أي ظُلمٍ شنيع ظَلمتِ به والديكِ؟!

 

مشكلتكِ يا عزيزتي ليست مع والديكِ إطلاقًا، بل هي كامنةٌ في أغوار نفسكِ وفي طريقة تفكيركِ! فأنتِ تحملين في عقلكِ الكثير والكثير من الأفكار غير العقلانيَّة حول "أسطورة المرأة الكاملة"، والأفكار الخاطئة حول "حق المال والنفقة"، والأفكار المشوَّهة حول "الستر والعَفاف"! ولديكِ الكثيرُ من المقارنات المعيبة بينكِ وبين والديكِ، ولا مقارنة بين أبٍ وبنيه، كما أنَّكِ تحملين في قلبك شحنات سَلبِيَّة هائلة من السخط والتطلُّب والضجر، حتى إنك تضيقين بأدنى نصيحةٍ تُوجَّه إليكِ.

 

فأرجو بدايةً أنْ ترجعي إلى نفسكِ باللوم كما قال شيخ الإسلام - قدَّس الله روحه -: "إذا رأيتَ العبدَ يقع في الناس إذا آذوه، ولا يرجع إلى نفسه باللوم والاستغفار، فاعلم أنَّ مصيبته مصيبةٌ حقيقيَّة"، ثم أحصي مَساوئكِ عِوَضًا عن إحصاء مَساوئ والديكِ، وركِّزي على مَحاسِنهما بدلاً من التركيز على الجوانب التي لا تُرضِيكِ فيهما، فقد قال ابن المقفَّع: "حقٌّ على العاقل أنْ يتَّخذ مِرآتين؛ فينظر من إحداهما في مساوئ نفسه، فيتصاغَر بها ويُصلِح ما استطاع منها، وينظُر في الأخرى في محاسن الناسِ، فيحليهم بها ويأخُذ ما استطاع منها".

 

واطرحي عن عقلكِ هذا التفكير السطحي الذي لا يتوافق مع مُستواكِ العلمي ولا مع تربيتكِ الإسلاميَّة، واعلمي أنَّ العلم الذي يجعلنا مُتطلبين؛ لا نشبع ولا نقنع، وجاحِدين للنِّعَم؛ لا نشكُر ولا نرضى، وعاقِّين للوالدين؛ لا نبرُّ ولا نحسن - إنْ هو إلا فتنة ومصيبة حلَّت علينا، فتَعوَّذي بالله من علمٍ لا ينفع ومن نفسٍ لا تشبع!

 

إنَّ الغاية الحقيقيَّة من الحوار مع الآخَرين هي مدُّ الجسور المقطوعة بين العقول لتبادُل وجهات النظَر المختلفة، ومنح الفُرصة الكافية للآخَرين كي يُفكِّروا مليًّا فيما تَمَّ طرحه من أفكار وآراء ومُعتَقدات وقِيَم دون أنْ نخسر أنفسَنا وأخلاقنا وعقائدنا، وليست الغاية إطلاقًا إقناع الآخَرين بما نرى ونعتقد؛ فنحن لا نعرض منتجات للبيع ولا إعلانات تجارية خادعة، بل أفكارًا وآراء قابلة للقبول والرفض؛ أليس كذلك؟!

 

هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنَّ الفرق بين الحوار والجدال كالفرق بين التِّبر والتُّراب! وما أتلمَّسه من أسلوبكِ وكلماتكِ ولهجتكِ هو شكلٌ من أشكال الجدل، والجدل أمرٌ شنيع وقبيح ومنهيٌّ عنه في الدِّين، فكيف إنْ كان مَن تُجادِلينه أقرب الأقربين؟!

 

وفوق هذا وذلك أراكِ تُقدِّمين سوء الظن والتوقُّعات السلبيَّة كما هو حاصلٌ الآن في هذه الاستشارة؛ فقد قدمتِ كلَّ الظُّنون السيِّئة والتشاؤميَّة والسلبيَّة عند كتابتكِ للحلول الافتراضيَّة التي يمكن استخدامُها لحلِّ ما ترينه مشكلة! وأنا أُؤكِّد لكِ أنَّ هذه التوقُّعات السلبيَّة التي وضعتها هي ما ستحصل بالفعل؛ لأنَّ هذا ما تملينه على عقلكِ وعلى عقول الناس من حولكِ!

 

قال - صلَّى الله عليه وسلَّم - حاكيًا عن ربه: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي، فليظنَّ بي ما شاء))؛ يعني: ما كان في ظنِّه فإني فاعِلُه به، فإنْ ظنَّ المرء خيرًا جاءَه الخير من حيث لا يحتسب، وإنْ ظنَّ شرًّا جاءه الشر من حيث لا يحتسب؛ لذلك ورَد شرعًا النهيُ عن التطيُّر والتشاؤم، والحضُّ على التفاؤل وحسن الظن.

 

وما دُمتِ تُقدِّمين سُوء الظن بأهلكِ فلن تجني من سُوء ظنكِ هذا سوى خيبة الأمل، وما دُمتِ تجادلين بغير حقٍّ فلن تكسبي أيَّ حق، لذا إن أردتِ مستقبلاً الوصول إلى قلب والديكِ فعليكِ - بعد الإحسان إليهما - أنْ تحسني الظنَّ بهما، كما يجبُ أن تتلطَّفي في كلماتكِ ونبرة صوتكِ أثناء "حواركِ" معهما، فإنِ اقتَنعَا بما تقولين وإلا فاحتساب الأجر هو أحسن ما يمكن نيله من حوارٍ غير مثمرٍ مع والدَيْن صلبَيْن، ولا تجعلي يا أُخيَّتي من مسألة إقناع والديكِ بآرائكِ قضيَّة حياة؛ فهذا من قلَّة العقل وقلَّة الدِّين! خاصَّة وأنَّ القضايا التي تطرحينها على والديكِ ليست مصيريَّة ولا مهدِّدة لمستقبل حياتكِ؛ كأمر زواجكِ مثلاً أو تخصُّصكِ أو عملكِ، بل هي أمورٌ دنيويَّة أقل ما يمكن وصفُها بأنها سطحيَّة وهامشيَّة.

 

وأتعجَّب حقيقةً كيف تجدُ طالبة طب مثلكِ كلَّ هذا الوقت للتفكير في أمورٍ كهذه، بل كيف تجدُ الوقت للبكاء والحسرة على عدم تحقيقها؟!

 

اكبري يا أُخيَّتي عن الترَّهات وسَفاسف الأمور، وانشَغِلي بعِلمكِ ودِراستكِ، وتعلَّمي من تخصُّصكِ الصبر وضبط الأعصاب، وفكِّري بمستقبلكِ العلمي والمهني دُون نِسيان فضْل والديكِ عليكِ، فلولا اللهُ ثم وجودُهما في حَياتكِ لكنتِ اليوم في العدم! وأُحذِّرك ونفسي من جُحود فضْل أهل الفضل وكُفر نِعَم المُنعِم سبحانه؛ فلقد ضرب الله تعالى مثلاً عظيمًا للجاحدين قال فيه: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]، فاللهَ اللهَ في شُكر النِّعَم، واللهَ اللهَ في والديكِ! أوصيكِ بهما خيرًا.

 

أختم جوابي بكلمةٍ قيِّمة من "أدب ابن المقفع" أُوجِّهها إلى والديكِ وإلى كلِّ الآباء والأمَّهات والمعلِّمين و"الكبار"، الذين يُحاوِرون الصِّغار والتلاميذ والأبناء يقول فيها ابن المقفع: "لا يمنعنَّك صغرُ شأن امرئٍ من اجتناء ما رأيتَ من رأيه صَوابًا، والاصطفاء لما رأيتَ من أخلاقه كريمًا، فإنَّ اللؤلؤة الفائقة لا تُهانُ لهوانِ غائصها الذي استخرجها"، وقد أحسن الطغرائي حين قال:

 

لاَ تَحْقِرنَّ الرَّأْيَ وَهْوَ مُوَافِقٌ
حُكْمَ الصَّوَابِ إِذَا أَتَى مِنْ نَاقِصِ
فَالدُّرُّ وَهْوَ أَجَلُّ شَيْءٍ يُقْتَنَى
مَا حَطَّ قِيمَتَهُ هَوَانُ الغَائِصِ

 

دُمتِ ووالديكِ بألف خير.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شخصيتي مختلفة عن شخصية أمي
  • أمي تعاملني كالخادمة
  • أبي وأختي يظلمانني
  • أمي تكذب وتحرجني أمام صديقاتي
  • كيف أفهم أمي؟
  • لماذا لا يحس بي أحد؟
  • أمي سريعة الغضب
  • أريد أن أترك البيت بسبب أبي
  • يتهمني الناس بالجدال وأنا أريد الفهم
  • مشكلتي مع أبي
  • أريد أن أعيش مع أبي
  • أريد أن أطور نفسي وأصلح علاقة أبي بأمي
  • كيف أقنع أبي وأمي بخجلي وقت الخطبة

مختارات من الشبكة

  • كيف يتحول الأب من أب شكلي إلى أب فاعل ؟(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف أتعامل مع أبي وأمي؟(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • "كيف حالك" في كلام الفصحاء(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كيف أصلح ما بين أبي وأمي؟(استشارة - الاستشارات)
  • أبي وأمي.. كيف ينسيان؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتعامل مع مشاكل أبي ؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أجعل أبي يحبني؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف أتقرب من أبي؟(استشارة - الاستشارات)
  • كيف علمني أبي الحساب والجبر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • كيف أسامح أبي وأحبه؟(استشارة - الاستشارات)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب