• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أمي تضغط علي للقيام بالنوافل
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    تراكم صيام كفارة اليمين
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أمارس العادة، فهل فقدت عذريتي؟
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    شباب الجامعة معجبون بي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات نفسية
علامة باركود

ضائعة في متاهات الحياة

أ. شروق الجبوري


تاريخ الإضافة: 5/6/2011 ميلادي - 3/7/1432 هجري

الزيارات: 41823

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: جزاكم الله خيرًا على هذا الموقع، وجعله الله في موازين حسناتكم.

 

ثانيًا: لا أعرف من أين أبدأ، أنا حزينة كثيرًا على حالي، أنا لا أحب التجمعات، وعندما تخبرني أمي أن هناك مناسبة يضيق صدري، وأحمل هم الذهاب إلى هذه المناسبة، علمًا بأنني يوم كنت صغيرة، كنت أذهب مع جدتي (أم أمي) للسفر وحدي بدون عائلتي، مع واحد من أخوالي، وقد سافرت معها إلى عدة مدن، وكنت دائمًا أذهب إلى بيت أعمامي، وأنام عندهم أيضًا، لكن عندما كبرت لم أعُد أذهب إليهم إلا قليلاً.

 

أنا ضائعة في متاهاتٍ، لا أعرف كيفيَّة الخروج منها، لا أعرف قد تكون طفولتي هي السبب، والله أعلم، يتكلم الناس عن طفولتهم وما أجملها! لكن أنا أضحك في داخلي؛ أي طفولة؟ وأحس أنهم يجاملون في هذا الكلام.

 

المهم أنه في طفولتي عشنا أنا وإخوتي مع أب وأم مختلفين تمامًا عن بعضهما، ومعنا جدتي (أم أبي)، وكان أبي يتعاطى المخدِّرات، كان يعذبنا ويُفشلنا أمام الناس والأقارب، وكان يضربنا، كنا نخاف منه أشد الخوف، لم نذق حنان الأبوة، وأنا عن نفسي لا أريد أن أذوقه!!

 

وفي يوم من الأيام - ولا أنسى هذا اليوم ما حييت - كنت في الصف السادس، اتصل أبي على منزل أخوالي، وردَّت خالتي، وقال: أنه يريدني، فقالت لي أنه سيأتي بعد قليل لأذهب معه، أنا وحدي، وإخوتي كانوا ذاهبين للحلقة في المسجد، وذهب للبيت أنا وهو فقط، وكان هناك عامل يقوم بتلقيح النخلة، المهم بدأ يتكلم ويحكي وهو منفعل، ودخلنا المنْزِل، وكانت أمه عند عمتي، وأخذ يضربني بسلك المدفأة العريض، حتى إنه من قوة الضرب، قفز الحذاء الذي أرتديه إلى مكان بعيد، وحاولتُ الابتعاد، لكن حافة السرير كانت تحدني، فقال: اقتربي، فاقتربت، فعاد يضربني مرة أخرى، ومن قوة الضرب سقطت؛ لا أعرف أهي محاولة مني في التمثيل، أم هو حقيقي؟ إلى أن قال: هذا بنْزين، سأحرقك به!

 

ومن هذا اليوم كرهت الرجال؛ لأن قلوبهم حجارة، هذا غير الضرب يوم كنت صغيرة، حين أخذَنا - أنا وإخوتي، وكنا صغارًا جدًّا، وكان يوم جمعة - إلى بيت عمتي، وطرق الباب، وقال أنه يريد أختي، وتردُّ ابنتها تقول: لقد ذهبت إلى صلاة الجمعة، ويضربني أمام باب بيتهم، وأذكر السيارات تمر من عندنا، وأوقف إخوتي جانبًا، حتى رجعت إلى بيت أخوالي، ورأتني خالتي، وقالت: لا تذهبي إلى أمك؛ لكي لا تراك بهذه الحال، وذهب بي خالي - كان الله في عونه أينما ذهب وحلَّ - إلى بيت عمي (أخي أبي من الأب)؛ لكي يرى ما فعل أخوه بابنته، هذا سوى ضربه لإخوتي.

 

فادعى أبي قصصًا لم تكن، ونسج من الخيال، حتى إنه سب شرف أمي أمام زوج عمتي، وزوج عمتي الثانية، علمًا بأنَّهم إخوة، وسبَّ شرفي، وسب شرف أمه!

 

كنت أتمنى أن يموت، أو يحصل له شيء، وأذكر جدتي عندما كانت تقول: ادعوا له بالهداية، فأقول في نفسي: لا نريده بكل الحالات، وقصص أخرى كثيرة مع أبي، يطول الكلام فيها للأسف، مع أنه بعض الأحيان يكون طيبًا، لكن طيبته لا تكون إلا أحيانًا ليست دائمًا.

 

أذهب معك أخي الكريم المستشار إلى شق ثاني من مشكلتي، وهو الذي دمر حياتي.. وأعتبره أشد مما عمله أبي؛ كنت في الصف الأول الابتدائي، وسبب هذه المشكلة خالي - لا سامحه الله - قرب موعد زفافه، وكنا نلعب أنا وبنات خالي وأولاد خالتي، وكان منهم من هو في عمري، ومنهم من هو أكبر بسنة أو سنتين فقط، المهم ناداني أنا، وقال: تعالي، وجميعهم يقول: أنا أريد أن أدخل، وكنت فَرِحة بأنه قد يعطيني بعضًا من الحلوى، ولَم أعلم بنيته السيِّئة، وأنه يريد أن يجرب فيَّ قبل زفافه! لماذا اختارني أنا بالذات؟ هل لأنني ليس لي سند؟ لقد دُمِّرت كليًّا، ولَم أخبر أحدًا بذلك أبدًا، حتى كان عمري 18، فأخبرت أمي بشيء من القصة.

 

وعندما كنت في عمر 18 تحرش بي خالي أيضًا، والقصة أنني كنت أزور جدتي، وكنت لا أحب أن أطيل الجلوس عندهم، فاتصلت بأمِّي، قلت لها: أريد أن تأتوا لتأخذوني، فقالت: لا أحد يوجد عندها ليأتيني، فاتصلت على خالي هذا، قال: نعم، سآتي، وكنتُ أتوقَّع أن أختي الصغيرة ستأتي معي، لكن عندما أتى قالت: لا أريد الذَّهاب، فبدأتُ أخاف وأتوتَّر، قلت: إذًا سأذهب وحدي، والله معي، وكنت حينها لا أثق في الرجال البتة، وعندما أردت الركوب في الخلف قال لي: تعالي بجانبي، وفي الطريق بدأ يسألني: هل كلمت شبابًا من قبل؟ قلتُ: لا، وقال: حتى أنا لم أكلم بنتًا! ومِن سؤاله هذا عرفت أنَّني لن أخرج بخير؛ لأني أعرف مَكْر الرجال، قال: سأذهب وأضع المسدَّس في استراحتي، قلت له: على راحتك، لكن عندما ذهب ووضع المسدس، قال: لماذا لا تَنْزِلين؟ قلت: لا أريد، قال: تعالي قليلاً فقط، قلت: اليوم نحن مدعوُّون لزفاف ابنة جيراننا، ولا يتسع الوقت لي؛ أريد أن أذهب لكي أستعدَّ وألبس، وكان يلح علي بالنُّزول، وأنا لم أستطع المقاومة، فبكيت، قال: إذًا على راحتك.. ثم قال: هلا أعطيتني قبلة؟ قلت: لا أريد، قال: أنا أريد أن أعطيك قبلة، قلت: لا أريد، وعندما خرجنا من الاستراحة، قال: أنت خائفة؟ وعندما وصلنا لاستراحة جدتي، هممت بالنزول إلا أنه بدأ يلمس جسمي، وكان قد أعطاني أموالاً قبل الذهاب لاستراحته، فرميت الأموال عليه، وقلت: لا أريدك، ولا أريد أموالك، وعندما دخلت الاستراحة شرعت في البكاء.

 

وقلت لأمي القصة، وكانت أمي حينها مريضة، لم أستطع التحمل، وقلت لها، ومع كل هذا وكرهي للرجال،. وهي مشكلتي الثانية أنني كل فترة أريد أن أتزوج رجلاً معيَّنًا، ثم أنساه وأتمنَّى رجلاً آخر، هذا الموضوع بالذات أتعبني، وأي رجل يأتي أمامي أتخيل أنَّه زوجي، حتى لو كان يحمل صفات سيِّئة، ونذرت يومًا أنْ إذا زوَّجني الله من الرَّجُل الذي كنت أريده أن أصوم أربعة أشهر متواصلة وغيرها، يتعلَّق قلبي برجل، ثم أنساه، ثم أبدأ نسج الحكاية من جديد، وأدعو الله أيضًا أن يزوجني إياه، وكان آخر واحد تمنيت أن يتزوجني بائعًا في محل للعبايات، فكنتُ أبحث عن أيِّ عذر لكي أقول لأمي: "نريد الذهاب للسوق"؛ لكي أراه.

 

ومشكلة أخرى، هي: أنني لا أحب الجلوس مع بنات في عمري، ولا أتكلم كثيرًا، وعندما أتكلم أتلعثم، وتبدأ نبضات قلبي تتسارع، ليس دائمًا يأتيني هذا الشعور إلا إذا كان من أتحدَّث معهم جميعهم ينظرون إلي.

 

أريد التغيير من حالي، لكني أراني أتراجع، تعبت من حالي هذا، وعندي أخ أصغر منِّي له هيبة، حتى إنِّي أخاف منه، ولكن أتصنَّع أنه لا يَعْنيني شيئًا، حتى أخي هذا قد ضربني، وأمسكني من شعري، وأنزلني في الدرج وسقطت...

 

عن ماذا أتكلم؟ وماذا أترك؟ حتى إنني لَم أدرس في الجامعة التي في محافظتي؛ لأن هناك بنات كثيرات أعرفهن، ومن أقاربي، وأنا أكره الكُلِّية نفسها، وذهبت إلى كلية في محافظة قريبة لنا، وأضعتُ فصلاً دراسيًّا بسبب التَّحويل.

 

في كل شيء أتعثَّر، لكني أعرف أن ربِّي معي، عندما أرى أبًا وأولاده، أقول: الحمد لله أنِّي فررتُ من أبي، وأقول في نفسي: كيف يعيشون مع أبٍ؟!

 

وأيضًا هناك نقلة كبيرة في حياتي، كنت في آخر المرحلة المتوسطة لا أذهب مع أبي، ولكن إخوتي يذهبون..

 

وعندما كنت في الصف الأول الثانوي، ولأني لا أريد أبي؛ ذهبنا إلى الشيخ في المَحكمة، وذهب خالي، ونحن ننتظره في السيارة أنا وأُمِّي، وأتى أبي وسبقهم، وقال: لماذا لا تريدينني؟ وأتى الشيخ في الحال، وسألني أمام أبي وخالي وأمي: هل تريدين أباك؟ قلت: لا، وبدأ الشيخ يتكلَّم، ويقول: هذا أبوك...

 

لكن كلام الشيخ لم يؤثر فيَّ، ولن يؤثِّر، وبدأ أبي في السفسطة في الحديث، وأخذ يتكلم عن الماضي، لكن والحمد لله، أحمد ربي أنني تخلصتُ من أبي.. وأصبحت أشعر أنِّي في حلم، أقول في نفسي: هل أنا بالفعل تخلصتُ من أبي؟! الحمد لك يا رب.

 

ومن سلسلة مشاكلي: أنني أتندم على كل شيء؛ مثلاً إذا قلت شيئًا أقول لنفسي: لماذا قلته هكذا؟ وكم أنا غبية! كيف ألبس هذا اللبس في تلك المناسبة؟

 

وأعاني من الوسواس القهري الذي أتعبني جدًّا، ولي تقريبًا مع هذا المرض ثلاث سنوات، أو أقل بقليل، لكن هذه السنوات الثلاث كأنها مليون سنة من التعب، ذُقت أنواع أمراض الوسوسة، وأنا حاليًّا أعاني من مرض التكبير.

 

ولدي مشكلة أخرى: أنني أقول في نفسي: إني إذا شاهدت الرسالة التي أتتني في الجوال قبل أن أصلِّي سيحدث لي شيء، وإن الله سيعاقبني، وأحسُّ أن الناس تحتقرني.

 

تعبت كثيرًا من حالي، وحزينة أيضًا، وأتأسَّف على الإطالة، وأتمنَّى لكم التوفيق والسداد، والصحة والعافية، وأن تكون كلُّ خطوة لكم حسنةً بإذن الله، وكلُّ خطوة نورًا لكم، أرجوك ساعدني، وشكرًا.

الجواب:

أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

نود أوَّلاً أن نشكرك على اختيارك شبكة الألوكة في بحثك عن حلٍّ لمشكلتك، ونرحِّب بك أختًا كريمة بيننا، سائلين الله تعالى أن يجعلنا سببًا في تنفيس كربتك، وكرب عباده، إنه تعالى سميع مجيب.

 

أختي الحبيبة، لا بدَّ لي أولاً من الإشادة ببعض السِّمات الإيجابيَّة التي لمستُها في سياق رسالتك، ومنها حسن ظَنِّك بالله تعالى، والذي يشير إليه قولك: "لكني أعرف أن ربِّي معي"، كما أحيِّي فيك إصرارك على مصارحة والدتك بما يحدث معك أيًّا كان الأمر، رغم أنَّك للأسف لَم تُشيري إلى ردود أفعالِها في معرِض رسالتك، واعلمي يا عزيزتي أنَّك بتعزيز وتنمية ما تَملكين من إيجابيَّات - لا سيَّما في حُسْن ظنِّك بالله تعالى - ستَضعين قدمك في الاتِّجاه الصحيح نحو التَّغيير السليم الذي تنشدين.

 

كما أودُّ التنويه - قبل الشُّروع في تحليل رسالتك - بعدم الحاجة إلى الإشارة إلى أسماء أقاربك، بل أرى ضرورة في عدم ذِكرِها؛ حيث - كما تعرفين عزيزتي - إنَّ الشبكة تقوم بنشر المشكلات وإجاباتها؛ بِهَدف تعميم الفائدة لجميع القُرَّاء، وإنَّ ذِكْر الأسماء والتفاصيل (والتي لا يَحتاجها المستشار)، ربَّما تعرِّض أهلَك وأقاربك لحرج؛ جرَّاء تعرُّف بعض القُرَّاء عليهم، خاصة أنَّ بعض ما ذكرتِ يتَّصف بالحساسيَّة التي تمسُّ العامل الدينيَّ والمُجتمعي؛ لذا أهيب بجميع المستشيرين تحرِّي هذه الأمور عند كتابة رسائلهم، ومراعاتهم للآخرين من أقاربهم ومعارفهم؛ لأنَّ قرار مُفاتحة المستشار بخطابٍ مكتوب هو قرارٌ فردي، ولا يجوز أن يؤثِّر سلبًا في أيِّ جانب من جوانبه على من لَم يشارك فيه.

 

أختي الكريمة، لقد تضمَّنَت رسالتك تفصيلات كثيرة، قدَّمتِ في مُجمَلِها عددًا غير قليل من المشكلات النفسيَّة والاجتماعية والتَّربوية؛ حيث يتبيَّن أنك قد تعرَّضْتِ إلى مشكلات حقيقيَّة في عمليات التنشئة التي مررتِ بِها في مرحلتَيِ الطُّفولة والمراهقة، وهو أمرٌ له آثاره السلبيَّة العديدة التي منها ما يصيب تكوين الفردِ النَّفسيَّ والشخصي، كما يصيب تكيُّفه الاجتماعي، كما أنك تعرَّضت إلى مواقف محبطة عديدة، وذكريات مؤلِمة تسبَّبَت في غرس مشاعر الإهانة لذاتك، خاصَّة تلك التي تتعلق بتحرُّش خالك بك، كذلك الضرب المبرح، والشتم الحاد الذي تلقَّيتِه من والدك، بالإضافة إلى الجوِّ العائلي ونوع العلاقات الأُسَريَّة التي تحيط بك منذ نشأتك، والَّتي لم تتَّسِم بكونها علاقاتٍ طبيعيَّة، كما يعد الوسواس - إذا ما كان تشخيصك له سليمًا - مشكلة في حدِّ ذاتها، تحتاج إلى نوع خاصٍّ من العلاج.

 

كل هذا وما تضمَّنه من تفصيلات تشكل بعضها أحيانًا مشكلة بحدِّ ذاتها، يجعلني أقول لك: إنَّك بحاجة ماسَّة إلى مراجعة أخصائيَّة نفسية؛ لتتابعي معها عددًا من الجلسات، يتمُّ فيها تناول مشكلاتك؛ الواحدة تلو الأخرى، وبحسب ما تراه الأخصائية من أولويَّة وأهمية في كلٍّ منها.

 

لكن هذا لا يمنع من تقديم بعض الإرشادات والنصائح التي تساعدك - إذا ما تبنَّيتِها - على الشُّروع في التغيير المنشود، والتخفيف من بعض ما تواجهين من الضغوط:

- إنَّ افتقادك للنَّموذج السليم في مرحلتَيِ الطُّفولة والمراهقة، والذي يعين الناشئ على الاقتداء به، واقتباس القِيَم الصَّحيحة منه - جعلك تفقدين ثقتَك، ليس في الرِّجال فقط (كما أشرت في معرض رسالتك) لكن في النِّساء أيضًا، وهو أحد الأسباب التي تشعرك بالانقِباض عند ملاقاتك لهن، فلم تصادفي الأب المتميِّز بالصفات الإيجابيَّة التي تؤسِّسُ تكوينك الشخصي والقيمي، ومِمَّا زاد الطين بلَّة سلوكُ خالِك الشاذُّ معك، الذي زاد من فقدان ثقتك بمن هم حولك، بالإضافة إلى شخصيَّة والدتك التي تبدو أنَّها مُسالِمة (أو استسلاميَّة) للظُّروف والمصاعب، حيث لم تذكُري في رسالتك أيَّ فعلٍ قامت به، ليس في مشكلتك فقط، بل وحتَّى في طعن أبيك في شرفها، وغير ذلك.

 

ولهذا يا عزيزتي؛ أنصحُك بترك التفكير بأسلوبٍ تقريري لهذه الظُّروف، وانظري إلى قدراتك ومميِّزاتك التي لا شك أنَّها كثيرة؛ فهي سبيلك ليس إلى التغير فحَسْب، بل إلى النجاح في جميع مجالات الحياة.

 

واعلمي أختي الكريمة، أن الله تعالى حين قدَّر لنا أقدارنا التي لم نختر فيها شيئًا - كاختيار أسمائنا، أو أهلنا، وبيئتنا، وغيرها - فقد منَّ - عزَّ وجلَّ - علينا بقدرة الاختيار في استثمار العقل والحكمة والإرادة لإحداث أيِّ تغيير إيجابيٍّ ننشُده، ولذا كانت حجَّتُه - تعالى - علينا بضرورة القيام بصالح الأعمال، وقبلها احتواء القلب السليم، والذي يقابل مفهوم الصحَّة النفسية في علم النفس.

 

- لقد أشرت في سياق رسالتك إلى حالاتٍ عديدة من الضرب والقهر التي تعرَّضْتِ إليها، وأسهَبْتِ في تفاصيل غير مهمَّة لشرحها، لكنك لم تذكُري أبدًا الأسباب التي دعَتْ إلى ذلك!

 

فقد أشرت مثلاً حتى إلى يومٍ وتاريخٍ تعرَّضت فيه للضرب من أبيك، لكنك لم تُشيري - ولو باختصار - إلى السبب الذي دعاه إلى هذا، ولذا أنصحك عزيزتي بنبذ استذكار ما تعرَّضت إليه في إطار الشُّعور بالاضطِهاد، واعمَلِي على استذكار ذلك في إطار التقييم الذاتيِّ لما قُمت به أنت أو تكلَّمت به، فأثار مشاعرَ الغضب لدى أبيك أو أخيك، ثم أعيدي رسم الموقف في مخيلتِك باستعاضة سلوكٍ آخر منك أكثر حكمة، ثم تأمَّلي نتائجه لو قمتِ به، وداومي على ذلك مع جميع خبراتك السلبية.

 

فعملية التَّقييم الذاتي هذه إن أحسنْتِ تطبيقها، ستُبعِد عنك مشاعر الاضطهاد - التي يتَّضح أنَّها تنتابك - كما أنها ستقلِّل من مشاعر بُغضك لوالدك وكُرهك له والتي تعدُّ أحد عوائق تمتُّعِك بالراحة النفسيَّة، كما أنَّها ستولِّد في نفسك دافعًا إلى التَّغيير الإيجابِيِّ بعد أن يتبنَّى ذهنُك السلوكَ السليم الواجب القيام به.

 

- احرصي على قيامك بجلسات تأمُّل لِما تمتلكين من نِعَم تتمتَّعين بها، ورغم أنك لن يُمكنك إحصاؤها، لكنَّك ستجدينها كثيرة، ثم قارني وضْعَك بعد ذلك بمن تعرفين من الفتيات، أو سمعت عنهنَّ مِمَّن لا يمتلكن ما لديك.

 

فعلى سبيل المثال لا الحصر، اذكري نعمة صحَّتِك، ومُعافاة جسدك التي تُمَكِّنك من أداء كلِّ ما تريدين دون مساعدة أحد، بينما هناك غيرك كثيرون من المعاقين الذين لا يمكنهم ذلك، وكذلك نعمة دخولك إلى الجامعة، بل واختيارك لها، مِمَّا يشير إلى مساحةٍ من الحرية تتمتَّعين بها، بينما هناك غيرك كثيرات حُرِمن منها؛ بسببٍ عائلي، أو غيره، ولا شك أنَّهن يغبِطْنك عليها... وما إلى غير ذلك من النعم.

 

أختي الكريمة، إن هذه الخطوة إن بدَتْ نصيحة دينيَّة، فإنَّها وإن كانت كذلك، فهي أسلوب علاج نفسيّ يعتمده بعض الأخصائيِّين الغربيين، والذي أسموه (بنظريَّة المقارنة التحتية)، وقد أثبتت جميع الدِّراسات التي طبَّقته في العلاج الفردي أو الجماعي نجاعته، ولذا فإني أنصحُكِ والقُرَّاء الكرام - على اختلاف همومهم وأحزانهم - أن يعمدوا إلى تبَنِّيه، وسيجدون خيرًا بإذن الله تعالى.

 

- كما أنصحك أختي الكريمة باستكشاف هوايات تميل إليها نفسُك، واحرصي على مُمارستها؛ لأنَّها تُساعدك في تعزيز ثقتك بنفسك، كما أتمنى أن تقومي باقتناءِ بعض الكُتَيبات المبسَّطة التي تُعْنَى بتعزيز الثِّقة بالنفس، وقراءتها، ولا سيَّما ليلاً، مع مداومتك على قراءة وردٍ يسير من القرآن الكريم قبل النوم.

 

وأخيرًا: أختم بالدعاء إلى الله تعالى أن يُصلِح شأنك كلَّه، ويبعد عنك كلَّ شر، وينفع بك؛ إنه تعالى سميعٌ مُجيب.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • متاهات الحب (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • متاهات الحب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاهيم ضائعة (3) نعش الحياة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفاهيم ضائعة (2) واجه حياتك(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أتحسر على حياتي الضائعة(استشارة - الاستشارات)
  • أشياء ضائعة لا ينتفع بها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فتش عن أحلامك الضائعة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • مفاهيم ضائعة (1) مفهوم الجار في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أصحاب العبادة الضائعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ابتسامة ضائعة(مقالة - حضارة الكلمة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 14:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب