زوجة أخي متمردة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم في شبكة الألوكة.

عبارتك: "أتعبني وأحزنني هَمُّ أخي وعَجْزُه، فأرجو أن تجدوا له الحل المناسب".

في مِثْل هذه المشاكل عادةً ما نقول: إننا لا نمتلك عصا سحرية للحل؛ لأمرين:

أولًا: لطبيعة المشكلة المتعمِّقة لسنوات بين الزوجين.

ثانيًا: لطبيعة الاستشارات عن بُعد؛ حيث نقص المعلومات التشخيصية الكافية.

ومع ذلك فيمكن اعتبار هذه المشكلة ذات مستويين:

الأول: مستوى التعامُل الظاهري معها مِن قِبَل المحيطين بزوجة أخيك، لا سيما تعامُل الزوج معها.

الثاني: المستوى العميق، ويَتَعَلَّق بقضية التحليل النفسي للمشكلة.

وهذا المستوى الثاني يَحتاج لمعالجٍ نفسي يقوم باختبار مدى صحتها النفسيَّة، والغَوْص في مرحلة الطفولة، وطبيعة الصدمات التي تعرَّضتْ لها، لا سيما الصدمات العاطفية المتعلقة بأبيها؛ حيث إنَّ اختلال هذا الجانب قد يُفسِّر شيئًا مِن تعلقها الزائد بزوجها ومحاولة تملُّكه، ومن ثَم الغيرة مِن الطرف المنافس لقلب الزوج وهو قلبُ الأُم، وهذه الأمورُ وإن كانتْ غيرَ عقلانية، إلا أنَّ بعض الناس يغلب عليه التأثيرُ العاطفي، فيُمارس حياته بمقتضاه لا شعوريًّا.

مِن هنا يُمكن أن تقومي بدور التوعية للوالدة عن طبيعة هذه العلاقة المزدوجة التي يَتَعَرَّض لها أخوك كزوج مِن جانب، وكولدٍ لأمه مِن جانبٍ آخر، وإن كانتْ أمُّك - مشكورة - تقوم باحتواء الأزمة دومًا، وبالإسراع عن التنازُل ورَأْب الصدع، وهذا عاملٌ جيد يُساعد على تجاوز المشكلة.

أما على صعيد تعامُل الزوج معها، فإن ما يقوم به الزوجُ هو جيد في مُجْمَلِه، فهو يُحاول استرضاء الطرفين، لكن عليه ألا يَنساقَ دومًا لأخذ دور الزوجة في البيت بصورةٍ مستمرةٍ؛ كالقيام بإيقاظ الأولاد، والمساعدة في ترتيب البيت، إلا في إطار اتفاق على تقاسم السُّلطة، وتوزيع الأدوار؛ بحيث يعرف كلُّ شخصٍ دورَه المنوط به أصالةً، فإنْ حَصَل تجاوُزٌ في بعض الأحيان، فهو عارضٌ ومؤقتٌ وليس دائمًا.

الطلاقُ ليس حلًّا مِن قِبَل الزوج، وواضحٌ أنَّ المرأةَ تُحبُّ زوجها وتَغارُ عليه، وبسبب فرط الغيرة يحصل الصدام مع الأم؛ فالحلُّ هو التوعيةُ والعلاج؛ التوعيةُ بالواجبات والحقوق لكلٍّ مِن الزوجين تجاه الآخر، والعلاج للانحراف العاطفي النفسي، إما عن طريق المعالج النفسي، أو عن طريق الزوج نفسه إن كانتْ لديه المهارات الكافية لذلك.

مِن الأمور المفيدة في تحصيل حياة سعيدة: تقويةُ الجانب الإيماني، ورفع مستوى المراقبة الذاتية، ولا يتم هذا إلا باستعراض النُّصوص الدينية التي تحثُّ على المراقبة والخوف مِن الله تعالى؛ كقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، وقال: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]، وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7]، وقال: ﴿ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1]، وقول الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]، وقوله: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16].

فمِثْلُ هذه النصوص تَزْرَعُ المراقبة والخشية مِن الله تعالى في التعدي على الآخرين أو ظُلمهم

نسأل الله تعالى أن يُيَسِّرَ أمرك، وأنْ يَشْرَحَ صدرك، وأن يُزَوِّدك التقوى

والله الموفق