هل أتنازل وأقبل أي خاطب لأني مطلقة؟

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته.

حياكِ الله مُجَدَّدًا، ومرحبًا بكِ في كل وقت.

لا تشعرين بسعادةٍ ويملأ قلبكِ الإحباطُ، وتعلو نفسكِ الحسرات؛ لأنكِ حصرتِ أسبابها على أمورٍ قدَريةٍ لا دخْل لكِ ولا لبَشَرٍ فيها، الزواجُ على عِظَمِ أهميته عند الناسِ، وشدة حاجتهم إليه، يبقى رزقًا كباقي الأرزاق التي قدَّرها اللهُ على عباده، ويبقى سببًا للسعادة، أو مصدرًا للشقاء، فلا تجعلي منه مِحْوَر الحياة، ولا تحصري رضا الله عليه؛ فالله تعالى يُعطي الدنيا لمن يُحب ومَن لا يُحب، ولا يُعطي الآخرة إلا لمن يُحب؛ فلا يُقاس رضا الله بما يعرض لنا في حياتنا، ولا تُقاس الراحةُ بأمور لن تَدومَ.

مِن حقِّكِ أن تجعلي الدِّين والخُلُق أولَ شرْط في زوج المستقبل - بإذن الله - ومِنَ الطبيعيِّ أن يُناسبكِ علميًّا واجتماعيًّا ومادِّيًّا؛ وليس ذلك مِنَ التشدُّد في شيءٍ؛ فقد قبلتِ المطَلَّق أو الأرمل، ولم تشترطي عمرًا محددًا، ولا شكلًا مُعَيَّنًا؛ فلستُ أرى صديقتكِ إلا بعيدةً عن العدل، نائيةً عن الصواب، واعلمي أن الناس مِن حولنا لن ينفكُّوا يُثرثرون؛ فالمطلَّقةُ أو الأرْملَةُ أو مَن تجاوزتِ الثلاثين، أو من قبِلت زوجًا وهي صغيرة، أو مَنْ رفَضَتْ شابًّا كان في نظرهم كفؤًا - لن تسلمَ مِن ألسنتهم التي لا تُحسن إلا الثرثرةَ، وإطلاق الأحكام على عباد الله دون بينةٍ جليةٍ، ولا أدلةٍ شرعيةٍ، وليس لمثْلِ هؤلاء إلا أن يُعاملوا مُعامَلة العاقل مع الوسوسة؛ مِن حيثُ الإهمالُ التام، وعدمُ الالتفات، حتى تزولَ مِن نفسها!

ما أنصحكِ به:

• الانْخِراط في العمل الدعوي، أو إكمال الدراسة، ليس لغرَض النسيان، أو التغلُّب على الأحزان، بل لِغَرَض الشعور بقيمتكِ في المجتمع، وأهميتكِ، وإبراز بصمتكِ القوية والانتفاع ونفْع غيركِ، وليكنْ هدفُكِ الأساسي ومبتغاكِ الرئيس رضا الله، وطلبَ الأجر منه سبحانه، وحينها ستجنين ثمرةَ جهدكِ، وتجمعين حصاد تعبكِ، بنفسٍ راضيةٍ، وعين كليلةٍ.

• لا تنظُري لما حولكِ نظرةً سلبيةً، ولا تُحمِّلي نفسكِ ما لا تُطيق؛ فبإمكانكِ الاعتدال في تعامُلك مع مَن حولكِ، ولا أظن وضْع المنزل بحاجةٍ لتَرْك العمل مِن أجل رعاية أختكِ الحامل؛ إذ لا تحتاج المرأةُ الحاملُ لرعايةٍ خاصةٍ إلا في بعض الحالات التي تُقَرِّرها الطبيبةُ، ومن لديها ابنةٌ بإمكانها أن تقومَ بأعمال المنزل وتعاون والدتكِ مثلما تفعلين، لستُ أرى وجودها بالمنزل يستدعي تغييرًا لبرنامجكِ اليومي، أو تعديلاً خارجًا عن المألوف، وما عليكِ إلا تقديم المساعدة في حدود الاستطاعة بعد عودتكِ إلى المنزل، أو بعد الانتهاء من دراستكِ.

• أرى أنكِ جعلتِ مِن زواجكِ السابق مصدرَ قلقٍ مستمرٍّ؛ فانصرافُ الشابِّ بعد إخباره بالأسباب الحقيقية ليس بالضرورة أن يكونَ له علاقة مباشرة بالأمر، وما عليكِ إلا ذكر الأسباب الحقيقية للطلاق، دون الخوض في تفاصيل المشكلات، أو غيبة زوجكِ السابق، بل اكتفي بذِكْر أنه لم يكن بينكما تفاهُم منذ البداية، فإن لم يُرضِه القول فرِزْقُكِ سيأتيكِ في موعدِه، ولستِ في حاجةٍ لتقديم التبريرات أو إظهار الأعذار، حتى يرضى ويقبلَ!

• اعلمي أنكِ ما زلتِ صغيرةً، وأن الحياةَ مليئةٌ بالأعمال الخيِّرة التي تنتظركِ لتحصيل الأجر، واستشعار نِعَم الله عليكِ، فلا داعي للتقوقُع على نفسكِ، والاستسلام لأحزانٍ مضتْ لحالها، فاخرجي للعالم مِن حولكِ، واختلطي بالنساء الصالحات، وتعاملي مع مجتمعكِ بما يُرضي الله، وتجنَّبي مَواطن الشبُهات، واحذري الوقوع في معاصيه، ولا خير للمرء أفضل مِن صحبة طيبةٍ تعينه على الحقِّ وتُذَكِّره بالله، فأظهري للنساء الصالحات مِن جارات وزميلات وقريبات مِن حُسْن خُلقكِ وخِلقتكِ ما قد يكون سببًا لحصول الرِّزق بإذن الله، وليكن ذلك في حدود المباح والمعقول.

• لا تنسي اللجوء إلى اللهِ، والابتهال إليه - عز وجل - أن يملأ حياتكِ بالمسرَّات، وأن يرزقكِ رضاه؛ فينعكس على نظرتكِ لكلِّ ما حولكِ؛ فالرضا جنةُ الدنيا، ومَن حُرِم الرضا فقد حُرِم الخير كله، ومَن رُزقه رُزق السعادة كلها.

والله الموَفِّق، وهو الهادي إلى سواءِ السبيل