قلق من التحرش والعادة السرية

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أهلاً بكِ عزيزتي في الألوكة.

رغم قِصَر رسالتك، فإنَّ خوفك وقلقك واضحان جدًّا في كلماتك!

فهمتُ مِن رسالتك أنك الآن تعانين مِن ثلاثة أمور, هي:

• شعور بالذنب بسبب ممارسة العادة السرية، وعدم القُدرة على التوقُّف.

• سيطرة ذكريات وأفكار الحادث عليك؛ بسبب وجود أخيك دائمًا معك.

• خوف وقلق مِن الزواج، ومِن تأثير الحادث على غِشاء البكارة.

عزيزتي، التعرُّض للتحرش أمرٌ سيئٌ وصعبٌ جدًّا، وتتضاعف صُعوبتُه حين يكون الشخصُ الذي آذانا هو مَن يُفترض أن يحمينا، ولكن الحياة لا تتوقَّف ولا تنتهي عند أيِّ حدثٍ مهما كان.

فالماضي - رغم قسوته - ذهَب, وآثارُه التي تركَها علينا نستطيع التغلُّب عليها بعزيمتنا وإصرارنا ورغبتنا الصادقة في التغيير للأفضل، والتغلُّب على المعوِّقات التي تُؤَخِّر نجاحنا وسعادتنا.

تأكَّدي - عزيزتي - أنك لستِ وحدك مَن تعَرَّض لهذا الموقف, وأنك لا تحملين أي وِزْرٍ أو جزءٍ مِن المسؤولية؛ لأنك في تلك السن الصغيرة لم تكوني قادرةً على التصدِّي لأخيك بقوة ومنْعِه, ولم تكوني واعيةً بحقيقةِ ما يحصُل, وربما تملَّكك الخوفُ والذُّعْرُ إن عرَف أحدٌ بالأمر، فآثرتِ السكوت والصمت والمعاناة وحدك.

ولكن - كما قلنا - كلُّ هذا انتهى، واليوم أنتِ فتاةٌ ناضجة واعيةٌ، تنظر للماضي بعين الناقد المُمَحِّص للأمور, تذكرين الحدَث وتُقيمينه, وتكتشفين ماذا تعلمتِ منه، وماذا استفدت، ثم تُودِعينه لصندوق الماضي إلى غير رجعة!

وقد يُفيدك إنِ اطَّلَعْتِ على استشارتي بعنوان: "تعرضت للاعتداء، ولا أدري ماذا أفعل؟" واستشارة أ. عائشة الحكمي - حفظها الله - بعنوان: "ما درجة تأثير التحرش على حياتي؟" اللتان تتحدثان عن الموضوع نفسِه؛ لعلها تُفيدك في أمر يزيل خوفك وقلقك.

بالتأكيد فإن ما يقلقك في موضوع الزواج هو: "غشاء البكارة", وكونك لم تذكري تفاصيل الحدث, فنحن لا نستطيع أن نقول لك: إن كانتْ هناك آثارٌ جانبية وأذى أو لا، ولكن نقول لك: أيًّا كان ما حدَث فلا تقلقي؛ لأنَّ سنك الصغيرة وقتها، والسنوات التي مرَّت على الحادثة - كفيلة بإصلاح أي آثارٍ "قد تكون حصلتْ"، وهذا أمرٌ مُستبعدٌ جدًّا إن كان التحرُّش خارجيًّا وسطحيًّا!

مِن المهم أن تعرفي عزيزتي أن غشاء البكارة ليس الدليل القاطع والوحيد على طُهرك وعفافك؛ لأنَّ الغشاء ليس واحدًا عند كلِّ إناث الأرض, بل تتعدَّد أشكالُه وصفاتُه، مِثْلُه مِثْلُ أي جزء آخر في الإنسان, فأعْيُننا مختلفةٌ, وأنوفنا لا تتشابه, وشفاهنا تميز واحدنا عن الآخر, وهكذا!

وقد سبَق أن تحدَّثتُ بشكلٍ مُفَصَّل عن غشاء البكارة في استشارة: "معالجة سلوك الزوجة، وإزالة الشكوك حول عدم خروج دم البكارة" إن أردتِ أن تعرفي أكثر عن الأمر, ولم أذكرْه هنا؛ لأنني أرى ألا تشغلي بالَك وترهقي تفكيرك بالأمر، بينما يمكنك أن تضعي هذه الطاقة وهذا الجهد فيما يجعلك جاهزةً ومُستعدَّةً وواعية عند الزواج, فبدل التفكير والخوف اقرئي الكتب التي تتحدث عن الزواج وحقوق الزوجَيْنِ, اقرئي في شخصية الرجل وأسلوبه, افهمي نفسك وطريقة تفكيرك وشخصيتك؛ لكي تكوني قادرةً على فَهْم من حولك والتعامل معهم, ثم تفهمين زوجك في المستقبل وتتعاملين معه، وفقًا للأسلوب الذي يُناسبك ويريحك! فالإنسانُ إن لم يفهمْ نفسه لن يقدرْ على فَهْم الآخرين من حوله!

والأهمُّ أن تُثقفي نفسك جنسيًّا، وتقرئي عن العلاقة الجنسية بين الزوجين وآدابها وماهيتها من الكتب العلمية الموَثَّقة؛ لأنك ستجدين الكثيرين يتحدثون، لكنَّ المُوَثِّقِينَ قليلون, وهذا شرطٌ مهمٌّ؛ لأنَّ المعلومات الخاطئة قد تُشَوِّه نظرتك، وتُشَوِّش تفكيرك عن الأمر, فكوني دقيقةً أثناء البحث والاختيار!

أخيرًا عزيزتي، نصل لمشكلة العادة السرية التي هي أمرٌ مُزْعِجٌ لك الآن ومستقبلًا, فالآن أنتِ مُثْقَلَة بمشاعر الذنب مِن ممارَستِها, والخوف مِن أن تُؤَثِّر عليك في علاقتك بزوجك، ومستقبلًا قد تُؤَثِّر في قدرتك على الشعور بالمتعة واللَّذَّة مع زوجك؛ لأن هذه الممارسات التي تقومين بها الآن تكون مُرتبطة بصورٍ وخيالاتٍ مُعَيَّنةٍ وأمورٍ محددة في عقلك، تُشَكِّل ارتباطًا شرطيًّا، وتصبح هي المثير لديك للشعور بالإثارة والمتعة, هذه الصورُ والخيالات لن تكونَ موجودةً في علاقتك بزوجك التي ستكون مختلفة تمامًا عن العادة السرية, لكن المشكلة أنَّ عقلَكِ اعتاد على أن يكونَ المثيرُ والمنبه للشعور بالمتعة هو العادة السرية، وما يُصاحبها مِن صورٍ وخيالات, ومن ثَمَّ سيصعب عليه أن يشعر بالمتعة الآن!

تَرْكُها يتطلَّب قدرًا عاليًا مِن الرغبة والإصرار والإرادة؛ لأنها تُشَكِّل مصدرَ متعة من الصعب أن يتركه الشخص ببساطةٍ؛ لذا احتاج تَرْكُها لكلِّ هذه الهمة، وقد تحدثتُ بالتفصيل عن طريقة التخلُّص منها في استشارة: "كيف أتخلص من العادة السرية"، فاقرئيها بتركيزٍ وتمعُّن وستفيدك - بإذن الله تعالى!

أخيرًا عزيزتي، لا تُرهقي نفسك بالماضي، بل اجعليه وقودًا وزادًا لترسمي مستقبلًا أحلى وأفضل.

وأرجو الله أن يكتبَ لك السعادة والسترَ والراحة والتوفيق في الدارين

وشكرًا لثقتك في الألوكة