• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أكل الحقوق بين الإخوة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات دعوية / الدعوة والعبادة
علامة باركود

حكم مقولة: يعطي اللحم لمن ليس عنده أسنان

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/3/2012 ميلادي - 11/4/1433 هجري

الزيارات: 56407

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمَّا بعد، فعِندنا مَثَل يقول: "ربي يُعطي اللحمَ للذي ليس عندَه أسنان"، عندما أسمع شخصًا يقوله، أقول له: إنَّ هذا المَثل شِركيٌّ، قال لي أحدُ الأشخاص: لا يوجد عندَك دليلٌ؛ لأنَّه يَقصد به أنَّ الله غيرُ عادل، بغضِّ النظر عن النوايا.

 

الجواب:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فلا يَتردَّد عاقلٌ في الحُكم بقُبح هذا المَثَل المذكور وأمثاله، مما يُقالُ في بعضِ البِلاد، وتَتناقلُه الألسن، دون أن تَعيَ قُبحَه، ومخالفتَه للشريعة؛ ما يتعلَّق بصِفات الله - تعالى - وأسمائه، وأفعاله، فهذا القول: "يُعطي اللحمَ للذي ليس له أسنان"، ومِثله: "يُعطي الحَلَقَ للذي بغيرِ أُذُن"، قدْ يكون اعتراضًا على أفعالِ الله - تعالى - وتقديراتِه، وعِلمه، وحِكمته، وعَدْله؛ فالمتكلِّم إنَّما يعني الله - تعالى - بذلك المَثَل، وفي هذا ما لا يَخفَى مِن سوء الأدَب مع الله - تعالى - وسوءِ الظنِّ به؛ ففَحْوَى الكلام: أنَّ الله - تعالى - أعطَى النِّعمةَ مَن لا يستحقُّها، وأنَّ هناك مَن هو أولى بهذه النِّعمة مِن هذا المُعطَى! وهذا مِن أعظمِ الطعنِ في حِكمة الله، وعدْله؛ فالله - تعالى - يُقدِّر ما يَشاء لحِكَمٍ جَليلةٍ، تَظهر للبعض، ولا تَظهر للبعض، فمَن أغناه الله، فَلِحِكْمَةٍ، ومَن أفْقَره الله، فلحِكمة، فهو يَبْسُط الرِّزقَ لمن يشاءُ ويَقدِر؛ لحكَمةٍ؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 28]، وقال - تعالى -: ﴿ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحجرات: 8]، وما يَهَبُه - تعالى – لخَلقِه، فهو بقدَرٍ معلومٍ؛ قال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ [الحِجر:21].

ومِن المقَرَّر: أنَّ الإنسان عِلمُهُ قاصرٌ، وكذلك فَهْمُهُ وإدراكُهُ يتناسب مع طبيعةِ الإنسان القاصِرة؛ فقد يكون الخيرُ في نزْع تِلك الأشياء منه، كما قدْ يكون الذلُّ خيرًا له، نَعَمْ، فلربَّما ذُلُّه قاده إلى إسلامٍ بعدَ كُفر، أو طاعةٍ بعدَ معصية، كما أنَّ المال، والمُلك، والجاه، والعِز، قد يكون شرًّا له، فيكون هذا المسكينُ يعترض على قدرِ الله وحِكمته، ويَسعى لما فيه تلفُه وهلاكُه.

قال - تعالى -: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾[آل عمران:26].

ومَن تأمَّلَ حديثَ الأقرع والأبرص والأعمى، علِم أنَّ القَرَعَ والبَرَصَ كانا خيرًا لصاحبيهما مِن المالِ الذي طلباه، فلمَّا طَلَبَ الأوَّل شَعرًا حسنًا فأُعطيَه، وطلَب الثاني جِلدًا حسنًا فأُعطيَه، بل وأُعطي كلُّ واحد منهما مالاً وفيرًا، كان ذلك سببًا في فِتنتهما، وسَخِط الله عليهما؛ حيث أنْكرَا نِعمةَ الله عليهما، وبَخِلاَ بما أُعطيَا مِن مال؛ والحديثُ في "الصحيحين".

ثم إنَّ الله - تعالى - هو المتفرِّد بالمُلك، والخَلْق، والرَّزْق، ولا مانعَ لما أَعطى، ولا مُعطيَ لما منَع، ولم يحصلِ الاعتراض على هِبة النِّعمة مِن الله إلاَّ مِن المشركين وإخوانهم.

قال ابنُ كثيرٍ - رحمه الله - تَعليقًا على آية: ﴿ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ ﴾؛ "أي: أنتَ المتصرِّف في خلْقك، الفَعَّال لما تُريد، كما ردَّ - تبارك وتعالى - على مَن يتحكَّم عليه في أمرِه، حيث قال: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]، قال الله - تعالى - ردًّا عليهم: ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ... ﴾الآية [الزخرف: 32]؛ أي: نَحن نَتصرَّف في خلْقِنا كما نُريد، بلا مُمانِع، ولا مُدافِع، ولنا الحِكمة والحُجَّة في ذلك، وهكذا نُعطي النبوَّةَ لمَن نريد؛ كما قال - تعالى -: ﴿ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام:124]، وقال - تعالى -: ﴿ انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً ﴾ [الإسراء:21]؛ "تفسير ابن كثير" (2/ 29).

ولما ذكَر اللهُ - تعالى - اعتراضَ بعضِ الناس على مُلكٍ آتاه الله بعضَ خلْقه، رَجَعَ اللهُ - تعالى - الأمرَ إلى عِلمه، وحِكمته، وفَضله، وأنَّ الأمر لا يَرجِع إلاَّ إليه - عزَّ وجلَّ.

وأخبَر - سبحانه وتعالى - أنَّ الدنيا لا تُساوي عندَه شيئًا، وأنَّه لولا لُطفُهُ ورحمتُهُ بعباده، التي لا يُقدِّم عليها شيئًا، لوسَّع الدنيا على الذين كَفروا توسيعًا عظيمًا، وأعطاهم ما يشتهون، ولكِنْ منعَهَ مِن ذلك رحمتُهُ بعباده؛ خوفًا عليهم مِن التسارُعِ في الكُفر وكثرة المعاصي؛ بسببِ حبِّ الدنيا؛ فقال - سبحانه -: {﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 33 - 35].

والحاصِلُ: أنَّ الله يُعطي مُلكَه مَن يشاء حسبَ ما تَقتضيه حِكمته؛ فهو - سبحانه - واسعٌ في علمِهِ، وفَضْله، وكَرَمه، وقُدرته، وقوَّته، وإحاطته بكلِّ شيء، وجميعِ صفاتِهِ وأفعاله، وعليمٌ بكلِّ شيء؛ ومنه: العِلم بمَن يستحقُّ الفضل الذي يُؤتيه - تعالى - مَن يشاء؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247].

ثم إنَّ قائل هذه العِبارة قد وقَع في الفِتنة؛ فالله - تعالى - جعَل الناسَ بعضَهم لبعضٍ فِتنة، مِنهم الغني ومِنهم الفقير، ومِنهم الشريف ومِنهم الوضيع، فمَن رَضِي بما قسَم الله ولم يُسخطه، نجا مِن الفتنة، ومَن اعترض وسخِطَ، فله السُّخْط؛ قال - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 20]، وقال - تعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53].

قال القرطبيُّ - رحمه الله تعالى - في تفسيره: "قوله - تعالى -: ﴿ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ﴾ أي: إنَّ الدنيا دارُ بلاءٍ وامتحان، فأراد - سبحانه - أن يَجعلَ بعضَ العبيد فِتنةً لبعض على العمومِ في جميعِ الناس؛ مؤمنٍ، وكافرٍ، فالصحيح فِتنةٌ للمريض، والغنيُّ فتنةٌ للفقير، والفقير الصابِر فتنةٌ للغني، ومعنى هذا: أنَّ كلَّ واحد مختبَر بصاحبه؛ فالغنيُّ ممتحَن بالفقير، عليه أن يواسيَه، ولا يَسخرَ منه، والفقيرُ ممتحَن بالغنيِّ؛ عليه ألاَّ يحسُدَه، ولا يأخذَ منه إلاَّ ما أعطاه، وأنْ يَصبِرَ كلُّ واحدٍ منهما على الحق؛ كما قال الضحَّاك في معنى ﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾؛ أي: على الحق.

وأصحاب البلايا يقولون: لِمَ لمْ نُعَافَ؟ والأعمى يقول: لِمَ لمْ أُجعل كالبصير؟ وهكذا صاحِب كلِّ آفة، والرسولُ المخصوص بكرامةِ النبوَّة فِتنةٌ لأشرافِ الناس مِن الكفَّار في عصْرِه، وكذلك العلماءُ، وحكَّام العَدل، ألاَ ترى إلى قولهم: ﴿ لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31]، فالفِتنة: أن يَحسُدَ المبتلَى المعافَى، ويَحقِر المعافى المبتلَى، والصَّبر: أن يحبس كلاهما نفْسَه؛ هذا عن البطر، وذاك عن الضَّجَر.

﴿ أَتَصْبِرُونَ ﴾ محذوف الجواب؛ يعني: أمْ لا تَصبرون؟

فإنْ قيل: قد تُقال تلك العباراتُ على سبيلِ التعجُّب مِن حِكمة الله، وليس على سبيلِ الاعتراض عليه؛ فيُعطِي رجلاً مالاً ولا يُنفِقه في سبيله، أو يُعطِي آخرَ المُلكَ ولا يُسخِّره في خِدمة الشريعة، أو يُعطِي آخَرَ العِلم ولا يرعَى حقَّه؛ فالجواب: أنَّ تلك العبارَةَ لا تخلو من سوءِ ظنٍّ بالله - تعالى - وأنَّ غالب مَن يقولها مِن العوامِّ لا يُفرِّق بين التعجُّب والإقرار، ويظن أنَّ الواحدَ منهم يستحقُّ أكثر ممَّا قدِّر له، وأنَّه أولى بكثرةِ الخير والصَّرْف عن السُّوء والشر مِن غيرِه، وفي ذلك مِن الاعتراض على قَدَرِ الله - تعالى - ما يُخلْخِل به المرءُ رُكنًا مِن أركان الإيمان، وهو الإيمانُ بالقَدَر شرِّه وخيرِه، وأنَّه كلَّه مِن عند الله؛ قدَّره، وكتَبَه، وشاءَه، ثم خلقَه بحِكمته - تعالى - وعدْله.

ونَختم كلامَنا بنَصيحةٍ نفيسةٍ لابنِ القيِّم؛ حيث قال: "فأكثرُ الخَلق، بل كلُّهم - إلا مَن شاء الله - يَظنُّون باللهِ غيرَ الحقِّ ظنَّ السَّوْءِ، فإنَّ غالبَ بني آدَمَ يعتقد أنَّه مبخوسُ الحقِّ، ناقصُ الحظِّ، وأنه يستحقُّ فوقَ ما أعطاهُ اللهُ، ولِسانُ حاله يقول: ظَلمني ربِّي، ومنَعني ما أستحقُّه، ونَفسُه تشهدُ عليه بذلك، وهو بلِسانه يُنكِره، ولا يَتجاسرُ على التصريحِ به، ومَن فتَّش نفسَه، وتَغَلْغَل في معرفةِ دفائِنها، وطواياها، رأى ذلك فيها كامِنًا كُمونَ النار في الزِّناد، فاقْدَح زنادَ مَن شِئت، يُنبئك شَرَارُه عمَّا في زِناده، ولو فتَّشت مَن فتشتَه، لرأيتَ عنده تعتُّبًا على القَدَر، وملامةً له، واقتراحًا عليه؛ خلافَ ما جَرَى به، وأنَّه كان يَنبغي أنْ يكونَ كذا وكذا، فمستقِلٌّ، ومستكثِر، وفَتِّشْ نفسَك؛ هل أنت سالِمٌ مِن ذلك؟

 

فَإنْ تَنجُ مِنْهَا تنجُ مِنْ ذِى عَظِيمَةٍ
وَإلاَّ فَإنِّى لاَ إخَالُكَ نَاجِيَا

 

فليعتنِ اللبيبُ الناصحُ لنفسِه بهذا الموضعِ، وليتُبْ إلى الله - تعالى - وليستغفِرْه كلَّ وقتٍ مِن ظنُّه بربِّه ظنَّ السَّوْءِ، وليظنَّ السُّوءَ بنفسِه التي هي مأوى كلِّ سُوء، ومنبعُ كلِّ شرٍّ، المركَّبة على الجهلِ والظُّلم، فهي أَوْلَى بظنِّ السَّوْءِ من أحكمِ الحاكمين، وأعدلِ العادلين الراحمين، الغنيِّ الحميد، الذي له الغِنى التام، والحمدُ التام، والحِكمةُ التامَّة، المنزَّهُ عن كلِّ سوءٍ في ذاته، وصِفاتِهِ، وأفعالِه، وأسمائِه؛ فذاتُه لها الكمالُ المطلقُ مِن كلِّ وجه، وصفاتُه كذلك، وأفعالُه كذلك، كُلُّها حِكمةٌ ومصلحة، ورحمةٌ وعدل، وأسماؤه كُلُّها حُسْنَى.

 

فَلاَ تَظْنُنْ بِرَبِّكَ ظَنَّ سَؤْءٍ
فَإنَّ اللهَ أَوْلَى بِالجَمِيلِ
وَلاَ تَظْنُنْ بِنَفْسِكَ قَطُّ خَيْرًا
وَكَيْفَ بِظَالِمٍ جَانٍ جَهُولِ
وَقُلْ يَا نَفْسُ مَأْوَى كُلِّ سُوءٍ
أَيُرجَى الخَيْرُ مِنْ مَيْتٍ بَخِيلِ
وظُنَّ بِنَفْسِكَ السُّوءى تَجِدْهَا
كَذَاكَ وخَيْرُهَا كَالمُسْتَحِيلِ
وَمَا بِكَ مِنْ تُقًى فِيهَا وَخَيْرٍ
فَتِلْكَ مَوَاهِبُ الرَّبِّ الجَلِيلِ
وَلَيْسَ بِهَا وَلاَ مِنْهَا وَلَكِنْ
مِنَ الرَّحْمَنِ فَاشْكُرْ لِلدَّلِيلِ"؛

 

"زاد المعاد في هَدْيِ خير العِباد" (3/ 235، 236).

فهو قولٌ قبيحٌ، فيه إساءةُ أدَبٍ مع الله - تَعالى - واتِّهامٌ له - سبحانه - بأنَّه يُسيءُ التصرفَ - حاشاه - في كونِه وخَلقِه، فيُعطِي مَن لا يستحقُّ، ويَمنعُ عمَّن يستحقُّ، وبأنَّ البشرَ أعلمُ من الله بمواقعِ الفضل؛ بل لا بدَّ مِن اليقينِ بأنَّ اللهَ أعلمُ بمواقعِ فضلِه ومَنِّه، يرزقُ من يشاءُ،
كما أنَّه - سبحانه - يُعطِي الدنيا لمن يحبُّ ولمن لا يُحب، ويَرزقُ الكافرَ والمؤمنَ؛ يقول - سبحانه -: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾[القمر: 49]، ﴿ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ ﴾ [الزخرف: 32]. 





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هل كفن المرأة ثلاث أو خمس لفائف؟
  • التكييف الفقهي لتطهير النجاسات بغير الماء
  • محاكاة الشخصيات في الأبحاث الميدانية
  • العقاب والتعزير بدفع المال

مختارات من الشبكة

  • حديث: لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • بيع لحم كل جنس من الحيوانات بلحم جنس آخر(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • تركيا: مسجد يعطي المصلين جوارب جديدة بدلاً من المتسخة والممزقة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أوكرانيا: الدستور الجديد لا يعطي الحق لتتار القرم المسلمين في الانضمام للبرلمان(مقالة - المسلمون في العالم)
  • إسبانيا: عمدة "بادالونا" يعطي مهلة للمسلمين لترك الصلاة في الشارع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فضائل الصيام .. الصيام رفعة في الدرجات(مقالة - ملفات خاصة)
  • بشرى للمرتابين من أكل لحوم الخنزير خطأً(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أيام التشريق.. أيام ذكر الله(مقالة - ملفات خاصة)
  • صحابة منسيون (3) الصحابي الجليل: آبي اللحم الغفاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حديث: أفضل طعام الدنيا والآخرة اللحم(مقالة - آفاق الشريعة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب