• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات علمية
علامة باركود

هل أستأنف دراستي الجامعيَّة؟

محمد بن علي المصري

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/9/2011 ميلادي - 8/10/1432 هجري

الزيارات: 7959

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد، فأنا عمري 27 سنة، تعثَّرْتُ في حياتي بعد تخرُّجي في الثَّانوية، ولَم أكمل دراستي الجامعيَّة، وعَمِلتُ السنتَيْن الماضيتَيْن في شركة، وقد استقلتُ منها منذ حوالي ثلاثة أشهر؛ حيثُ رَغِبْتُ في مُتابعة الدِّراسة؛ لأنِّي اقتنعتُ أنَّنِي بدون شهادة لا يُمكن أن أحصل على وظيفة مُحترمة، كما أنِّي أكبَرُ إخوَتِي، وأريد أن أكون لَهم عونًا في هذه الدُّنيا، وقد قرَّرتُ الدِّراسة في الجامعات الأمريكيَّة، وأنا محتار جدًّا في قراري، وشكرًا لكم.

الجواب:

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفَى، لا سيَّما عبْدُه ورسولُه محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلَّم - النبِيُّ المصطفى، وبعد:

فلا شكَّ أن طلَب العلم فريضةٌ على كلِّ مسلم، ولا يقتصر الطَّلَب على العِلْم الشرعي فقط؛ بل يَمْتدُّ أيضًا إلى العلم الدُّنيوي بِمَجالاته المختلفة؛ فقد قال تعالى: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60].

 

وفي عصرنا الحاضر لَم تَعُد القوَّةُ تقتصر فقط على الأمور التقليديَّة الْمُتبادرة للذِّهن، بل إنَّ الأمر اتَّسع بِحَيث أصبح مَن يَمْلك زمام المبادرة العِلْميَّة ويستطيع تسخيرَها في نفْعِ أُمَّتِه - سواءٌ في الأمور العسكرية أو ما تُسمَّى بالأمور المدَنيَّة - هو صاحِبَ اليد العليا في التفاوض، وإملاءِ شروطه على الآخرين.

 

ولا شكَّ أن هذه النِّية هي الأصل في الْمُسلم؛ إذْ إنَّه يُحاول أن يسمو بأفعاله وحركاته وسكناتِه؛ ليحوِّلَها من مُجرَّد أفعال "اعتياديَّة" ذاتِ نفْعٍ قاصر على نفسه فقط، إلى أفعال "عامَّة" تتعلَّق بواجبه نَحو أُمَّتِه؛ قال - صلى الله عليه وسلَّم - من حديث سعد بن أبي وقاص فيما رواه البخاري وغيره: ((… وإنَّك مَهْما أنفقْتَ من نفقة، فإنَّها صدقة، حتَّى اللُّقمة التي ترفعها إلى فِي امرأتك، وعسى الله أن يَرْفعك، فينتفع بك ناسٌ، ويُضَرَّ بك آخَرون)).

 

ولا مانِعَ أيضًا أن يكون لِهذا التوجُّه نَحو استكمال التعليم نفْعٌ خاصٌّ يعود على الإنسان، كما هو واضحٌ من السُّؤال؛ فقد قال - تبارك وتعالى -: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198]، فرَفَعَ الإثْم عن ابتغاء فضْلِ الله - تبارك وتعالى - بل وأجاز - إعانةً للمسلم على ذلك ما دام الْهدف مشروعًا - أن يَقْصُر الصَّلاة، ويقول - تبارك وتعالى -: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ ﴾ [النساء: 101]، وهو تقريرٌ للضَّرب في الأرض، وما قرَّره الشرعُ وأجازه أجاز بالتَّبَع وسائِلَه، ما لَم يَرِد في خصوصها نَهْي، فإذا كان التعليم أو زيادته أو السَّفر لتحصيله وسيلةَ حصولِ هذا النَّفع، فلا شكَّ في جوازه ما لم تُرْتَكَب في ذلك مُخالفةُ نصوص أخرى.

 

وينبِّه ربُّنا - تبارك وتعالى - أن الأرض مُعَدَّةٌ للاستفادة منها؛ فهي من حيث خِلْقتُها إنَّما تَخْدم الإنسان:﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15]، وفي هذه الآية جاءت صيغة الأَمْر لطلب الْمَصلحة من الأرض، وليس التقرير كما هو الحال في الآية السَّابقة، أو رَفْع الْجُناح - أيِ: الإثم - في سابقتها، وهو أمْرٌ يفيد الإباحة، كما جاء قوله - صلى الله عليه وسلَّم -: ((احرص على ما يَنْفعك، واستَعِن بالله، ولا تَعْجز)) فيما رواه مسلمٌ وغيره من حديث أبي هريرة، بصيغة الطَّلَب الذي يفيد الوجوبَ أو الاستحبابَ أو الإباحةَ بِحَسَبِه، ولا شكَّ في أن النفع يتضمَّن النَّفع الدِّيني، فيتراوح الأمرُ بتحصيله بين الاستحبابِ والوجوب، كما يَشْمل النفع الدُّنيوي فيتراوح الأمر بتحصيله بين الإباحة والاستحباب.

 

فلا شك أن النُّصوص منها ما جاء بِرَفع الإِثْم، ومنها ما جاء للتَّقرير، ومنها ما جاء بالطَّلَب الْمُفيد للإباحة، ومنها ما جاء بالطَّلب المفيد للاستحباب، ورُبَّما أفاد هذا التنوُّعُ في الصِّيَغ إلى تنوُّعِ رتبة العمل في الأرض من حيث إفادتُه لصاحبه، لكن لو انضمَّت إليه نيَّةُ خدمة الأُمَّة لكان أولى، ولَحصَّلَ صاحبُه خيْرَيِ الدُّنيا والآخرة، حيث يرتقي بالعمل من رتبةٍ إلى رتبة أعلى، كما سبق.

 

فإذا كانت هذه الْمَراتب تتنوَّع بالنظر إلى ذات الفعل، وترتفع بالنِّية؛ فإنَّ النَّظر إلى المستفيد، أو ما تُحقِّقه من إشباعٍ للحاجات - بتعبير الاقتصاديِّين الْمُعاصرين - يُخالف أيضًا بَيْن مراتب هذا العمل.

 

وقد أشار الإمام محمَّد بن الحسن الشيبانِيُّ إلى هذا في كتابه "الاكتساب في الرِّزق المستطاب" (ص35) بقوله: "ثُمَّ الكسب على مراتب: فمقدارُ ما لا بد لكلِّ أحدٍ منه – يعني: ما يُقِيم به صلْبَه - يفترض على كلِّ أحدٍ اكتسابه عيْنًا؛ لأنَّه لا يَتوصَّل إلى إقامة الفرائض إلاَّ به، وما يتوصل به إلى إقامة الفرائض يكون فرضًا، فإذا لَم يكسب زيادةً على ذلك فهو في سعة… وهذا إذا لم يكن عليه دَيْن؛ فالاكتساب بِقَدْر ما يقضي دَيْنه فرْضٌ عليه؛ لأنَّ قضاء الدَّين يُستحَقُّ عليه عينًا؛ قال - صلى الله عليه وسلَّم -: ((الدَّيْن مَقْضِي))، بالاكتساب يتوصَّل إليه، وكذا إن كان له عيالٌ من زوجته وأولادٌ، فإنه يفترض عليه الكسب بِقَدر كفايتهم عينًا)).

 

وفي الْمقابل فإنَّ التكاسل عن طلب الرِّزق إذا أدَّى إلى تضييع مَن يَجِب عليك نفقته يُؤْثِمك؛ يقول - صلى الله عليه وسلَّم - من حديث عبدالله بن عمرو، فيما رواه ابن حبَّان والدارميُّ والحاكم: ((كفى بالمرء إثْمًا أن يضيع مَن يقوت))، وقد ذكر الحاكم للحديث قصَّة: عن جابر الْخَيوانِيِّ قال: كنت عند عبدالله بن عمرو، فقدم عليه قَهْرَمانُ من الشَّام، وقد بَقِيتْ ليلتان من رمضان، فقال له عبدالله: هل تركْتَ عند أهلي ما يكفيهم؟ قال: قد تركْتُ عندهم نفقة، فقال عبدالله: عزَمْتُ عليك لَمَا رجعت فتركت لهم ما يكفيهم؛ فإنِّي سَمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كفى بالمرء إثْمًا أن يضيِّع مَن يعول)).

 

ولعلَّ النِّيةَ الطيِّبة التي أشار إليها الأخُ السائل بقوله: "وأريد أن أكونَ عونًا لهم في هذه الدُّنيا"؛ يعني: إخوته وأسرته، تُذكِّرنا بقصَّة جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - فيما رواه الشيخان حيث جعَل مِن زواجه - الذي هو مِن حظِّ نفسه - حظًّا لأخواته، فقد سأله النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تزوجتَ؟)) قلت – أي: جابر - : نَعَمْ، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بِكرًا أم ثيِّبًا)) قلت: بل ثيِّبًا، قال: ((أفلاَ جارية تلاعبها وتلاعِبك))، قلت: إنَّ لي أخوات، فأحببتُ أن أتزوَّج امرأة تجمعهنَّ، وتمشطهنَّ، وتقوم عليهنَّ، وفي رواية: فكرهتُ أن أتزوَّج مثلهنَّ، فلا تؤدبهنَّ، ولا تقوم عليهنَّ، فتزوجتُ ثيِّبًا لتقومَ عليهنَّ وتؤدبهنَّ، فقدْ قدَّم حظ أخواته على حظِّ نفسه - رضي الله عنه - وجعَل لتحصيل الزواج نفعًا متعديًا على أُسرته.

 

فنسأل الله تعالى أن يُبارِك لك - أخي - بنيِّتك الطيِّبة هذه.

 

أمَّا التعليم في الجامعات الأمريكيَّة، فإنَّه قد يكون بالانتقال إلى تلك الجامِعات، والإقامة في الولايات المتحِدة، وإما أنْ يكون بالمراسلة عبرَ الشبكة العنكبوتية، وحيث لم يُوضِّح السائل - حفظه الله ورعاه - أيَّ الوسيلتين يَنوي، فإنَّنا نتكلَّم عليهما جميعًا، لكنَّنا نقدِّم عليه أولاً الأصل في التعليم بالجامعات الأجنبيَّة.

 

لا يَخفَى أنَّ التعليم أصبح مِن الأدوات الرئيسة التي يحاول كلُّ مجتمع يَنتهِج أيديولوجية معيَّنة أن يؤثِّر بها في المجتمعات الأُخرى، فلقدْ لُوحِظ أنَّ الطالب الذي يتخرَّج بنوع معيَّن من الثقافات تكون له ولاءاتٌ أو تعاطفٌ وارتباط مع الهُويَّة الثقافيَّة التي تخرَّج بها.

 

فالذي يتعلَّم في فرنسا أو يتخرَّج مِن السربون مثلاً تظهر عليه الميولُ الفرانكوفونية، ولكلِّ ما هو ثقافي فَرَنسي، ولعلَّ البعثاتِ التعليميَّةَ التي شهدتْها مصرُ منذ أوائل عصْر محمَّد علي قد أثَّرتْ تأثيرًا كبيرًا، خاصَّة عندَ دارسي الحقوق، فبدلاً من أن تتأثَّر مصر بالنُّظم القانونية الأنجلوسكسونية للمحتلِّ الإنجليزي، أصبحتْ أكثرَ قربًا - بفعل التعليم - من النُّظم القانونية الفَرَنسيَّة (اللاتينية) حتى أصبحتِ الموردَ الرئيس للقوانين المصريَّة، دون أن تُحرِّك فرنسا جنديًّا واحدًا لاحتلال مصر في تلك الفترة، بل إنَّ المنافسة كانتْ على أَشُدِّها بين إنجلترا وفرنسا على مصر، فكانتِ الغلبة لفرنسا في هذا الجانبِ بفعل التعليم، بالرغمِ مِن التفوُّق العسكري الإنجليزي عليها في مصر، وهو ما يُؤكِّد خطورةَ التعليم وتأثيره الذي يفوق الغزوَ والاحتلال العسكري.

 

وهو ما يُؤكِّد أيضًا على أنَّ التأثير الثقافي للتعليم الأجنبي لا يقتصر فقط على التعليم منذُ الصغر، عكس ما يُشير أغلبُ مَن يتكلَّم في هذه القضية، ولعلَّ نُكتة المسألة تَكمُن في وجود ثقافة إسلاميَّة عندَ من يتلقَّى التعليم الأجنبي يستطيع مِن خلالها تقييم ما يَرِد عليه من الثقافات الأجنبيَّة، فيقبل ما يتوافَق مع دِينه ويرفُض ما عداه، فالثقافةُ الإسلاميَّة في هذا الوضعِ حاكمةٌ عنده على ما يُلقيه الآخَر، وباعتبار أنَّ الطفل غالبًا ما لا تتشكَّل عنده هذه الخلفية الثقافية، فقدْ أصبح محورَ الحديث في هذه القضية، ولعلَّ مِن بديع ما يُمكن التمثيل به لهذه المسألة ما ذَكَره علماؤنا - رحمهم الله -: (أنَّ ورودَ النجاسة على الماء ليس كورودِ الماء على النجاسة).

 

ولما كان الغَرْبُ أكثرَ تقدُّمًا من الناحية العِلمية الدنيويَّة - لا ننازع في ذلك - فقد يَحسُن الاستفادةُ بما عنده مِن علوم، مع عدم الإخلال بالأصلِ، وهو هُويَّتنا الإسلاميَّة، فتحقيقُ هذه المعادلة شرْطٌ في قَبول الجانب العِلمي الدنيوي لديه، وإلا فالحفاظ على الهُويَّة الإسلامية مقصدٌ شرعيٌّ أصيلٌ لا يجوز مجاوزته أو الترجيح عليه، وبناءً على ذلك فمناط السَّماح بالتعليم الأجنبي للمسلِم لا بدَّ أن يكون مشروطًا بالإعدادِ الإسلامي الجيِّد للطالب - صغيرًا أو كبيرًا - بحيث يكون قادرًا على الحفاظ على هُويَّته الإسلاميَّة، ولا يذوب في الآخَر فيتحوَّل إلى خصْم ممثِّل لثقافة أجنبية وهو مع ذلك مِن جِلدتنا، مُتكلِّم بألسنتنا، فيَلْتَبِس الأمرُ على العامَّة والخاصَّة.

 

وهنا يخرُج الأمر مِن الحيِّز النظري إلى الحيِّز العملي؛ وذلك أنَّنا لا نعرِف ثقافةَ الأخ السائل، ومدَى قُدرته على الحِفاظ على هُويَّته - نسأل الله تعالى أن يحفظ شبابنا - فإنْ كان يعرف مِن نفسه أنه تلقَّى ما يُؤهِّله للمحافظة على هُويَّته، بل والتأثير في الآخرين بالدعوةِ إلى دِين الله - تبارك وتعالى - بين ظَهْرانيهم بالحِكمة والموعظة الحسَنة، فحيَّهلاَ، وإنْ شكَّ فليتوجَّهْ إلى أهل العلم والخير في منطقته بحيث يُشيرون عليه في ذلك، ولعلَّ هذا هو الأَوْلى مِن حُكْم الرجل على نفْسه.

 

أمَّا السفر لتلقِّي هذا التعليم فإنَّه يحمل درجةً أكبرَ مِن الخطورة، فإذا كنَّا نُحذِّر من التعليم الأجنبي إذا كان في دِيار الإسلام، وشَرَطْنا له وجودَ حدٍّ أدْنَى من الثقافة الإسلاميَّة تؤهِّل صاحبَها للحفاظ على هُويَّته، فإنَّ التأثير يكون أعْلى إذا وَجَد الشاب نفسه في مجتمع يختلِف عنه تمامًا في مفاهيمه ونظرته للأمور مِن حيثُ اعتبارُها مقبولةً أو مرفوضة، ولهذا نجد أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - حذَّر مِن هذا الفعل بقوله مِن حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - فيما رواه أبو داود والترمذي وغيرهما: ((أنَا بريءٌ مِن كلِّ مسلمٍ يُقيم بين أظْهُر المشركين)).

 

وبناءً على ذلك، فإنَّ السَّفَر إلى بلادِ الشِّرْك لا يجوز إلا إذا كانتِ الضرورة ملجئةً إلى ذلك، والضرورة تُقدَّر بقَدْرها، ولها معالِم، منها توفُّر النيَّة الصالحة المقصود منها خِدمةُ الإسلام بهذا العِلم، ومنها عدمُ وجود التخصُّص التعليمي المراد بدِيار الإسلام بصِفة عامَّة، وليس بدار السائل فقط؛ أي: إنَّه إذا توافَر هذا التخصُّصُ ببلد من بلاد الإسلام حَرُم عليه السفر إلى بلادِ الكفر، وعليه العودة إلى دِياره فورَ الانتهاء مِن بُغيته، وغير ذلك.

 

ولا شكَّ أنَّ الشهواتِ أيضًا ممَّا قد يفتن المسلمَ عن دِينه، خاصَّة إذا لم يكن معه زوجتُه، التي قد تُعينه ويُعينها على الطاعات، فينفلِتُ أمرُه ويضيع ضحيةً للرذائل التي تنتشِر في تلك المجتمعات، التي لا تُنكِر منكرًا، ولا تَعرِف معروفًا، وبناءً على ذلك فإذا توفَّر شرْط وجود الهُويَّة الإسلاميَّة المانعة من الذوبان، فلا بدَّ مِن توفير كلِّ ما يبعد الشابَّ عن هذه الشهوات بزواج، والاندماج مع أهلِ الخير في هذه البلاد، بحيث يشدُّ بعضُهم بعضًا، وينصح العاقلُ منهم الشاردَ، ويقلُّ الشعور بالغُرْبة والانعزال عن المجتمعات الإسلاميَّة بإقامةِ شعائر الإسلام ومظاهِره - حسب القُدرة - فيما بينهم.

 

وإذا كان أحدُ أهدافِ السائل - بارك الله فيه - إفادةَ إخوانه وأسرته، فلا شكَّ أنَّ الفائدة المرجُوَّة من وجوده بين ظَهْرانيهم ومتابعتهم لا تقلُّ عن الفائدة المادية، التي مِن الممكن أن يُحقِّقها بالسفر، فإنَّ السفر والبعد عن الأهل - خاصَّة إذا كانوا يحتاجون إلى رِعاية الرجل - على خلافِ الأصل؛ فقدْ قال - صلى الله عليه وسلَّم - مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فيما رواه الشيخانِ وغيرهما: ((السَّفَر قطعةٌ من العذاب، يمنَع أحدَكم طعامَه وشرابَه ونومَه، فإذا قضَى نهمتَه، فليعجلْ إلى أهله))، ولعلَّ ذلك إشارةٌ منه - صلى الله عليه وسلَّم - إلى أنَّ الرعاية لا تتوقَّف على النفقة فقط، بل إنَّ لها جوانبَ أخرى، فلا يصحُّ أن يهتمَّ بجانبِ النفقة فقط على حسابِ الجوانب الأخرى.

 

أمَّا إذا كان التعليمُ عن طريقٍ غير نمطي، كالتعليم عن بُعْد، والتعليم بالمراسلة، فإنَّ مراقبة التأثير قد يقتصِر فقط على المنتَج الثقافي الذي يُقَدَّم للطالب، حيث يقلُّ الاحتكاك بالمجتمع غير المسلِم في النمط الأول، وينعدِم في الثاني، فالتعليمُ عن بُعدٍ يفترض وجودُ لقاء على فترات بيْن الطلبة وأعضاء هيئة التدريس، أو أنَّه يفترض نقْل برنامج تعليمي مِن موضعه في الجامعة الأصلية إلى أماكنَ متفرِّقة جغرافيًّا، وبناءً على ذلك فيعود الكلام على هذا النوع مِن التعليم على وجود المانِع الثقافي الإسلامي مِن الذوبان في الآخَر، مع التأكيدِ أنَّ وجود هذا النوع مِن التعليم كبديل في التخصُّص المُراد دراسته يَمنَع ويُحَرِّم الانتقالَ إلى دِيار الكفر، أو الالتحاق بمعاهدهم وجامعاتهم التي يُنشِئونها في دِيارِ الإسلام.

 

والخلاصة: أنَّنا نشير - بصفة عامَّة - على الأخِ السائل - حفظه الله ورعاه - بإكمالِ تعليمه وعدمِ الاقتصار على ما حصَّله منه، مع محاولةِ الانتهاض بالنيَّة لتشملَ خدمةَ دِينه وأمَّته، وأما اللجوء إلى الجامعات الأمريكيَّة لإكمالِ الدراسة، فإنَّنا لا ننصح به إلا عند توفُّر أسبابه، وهو عدم وجود التخصُّص المراد دراستُه بديارِ الإسلام، وبضوابطه، وهو البَدْء بالعِلم الشرعي الذي يُشكِّل الهُويَّة الثقافية للسائل - إن لم يكن هذا العِلْم متوفرًا - فإذا كان التعليمُ بالانتقال إلى الولايات المتحدة، فيجب عليه - بجانبِ العِلم الشرعي - اتِّخاذُ وسائل الابتعاد عن تأثيرِ الشهوات، كالزواج وغيره مما ذكَرْناه، وبشرْط عدم توافُر وسائل غير تقليديَّة تُوفِّر هذا التعليم دون الانتقال بيْن أظهر الكفَّار، كالتعليم عن بُعْد، أو التعليم بالمراسلة.

 

والحمد لله أولاً وآخِرًا، وصلَّى الله على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحْبه وسلَّم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حائرة بين إتمام الدراسة وقبول الزواج
  • كيف أوفق بين الدراسات العليا ومسؤولية البيت؟
  • اكتئاب بسبب الغربة وصعوبة الدراسة
  • هل أكمل دراستي وأعمل في الدعوة؟
  • هل أدرس الهندسة أم الشريعة؟
  • تعارض بين عملي ودراستي للماجستير
  • أهلي يجبرونني على حياة لا أريدها
  • لا أريد دراسة الطب
  • تائهة بين مستقبلي الدراسي والديني
  • ليس لدي رغبة في الدراسة
  • الدراسة والمستقبل المهني
  • أنا على أبواب التخرج.. ولكني مشتتة
  • كيف أدرس التاريخ والسياسة وأتمكن فيهما؟
  • حلم كلية الطب سيذهب هباء
  • تركت الجامعة وانتقلت إلى معهد مهني
  • أضعت سنوات المنحة الدراسية ولم أنجز البحث

مختارات من الشبكة

  • المنهج الخفي في تربية الطلاب(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • روسيا: السجن من 5 إلى 10 سنوات لحارقي القرآن الكريم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • فوضى تعم حياتي(استشارة - الاستشارات)
  • زوجي ورسائله لأخرى(استشارة - الاستشارات)
  • هل أقبله زوجًا أم أرفض؟(استشارة - الاستشارات)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • جهود الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في كتابه "دراسات لأسلوب القرآن" - دراسة وتحليل(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • الدراسة المصطلحية: المفهوم والمنهج لمحمد أزهري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لا أستطيع التركيز في دراستي(استشارة - الاستشارات)
  • دراسة الأسانيد إصدار مركز إحسان لدراسات السيرة النبوية(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب