• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شباب الجامعة معجبون بي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية / استشارات تربوية / مشكلات المراهقين
علامة باركود

أخي وعدم احترام الآخرين

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/4/2011 ميلادي - 15/5/1432 هجري

الزيارات: 12284

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم، أنا شابٌّ في الثانية والعشرين من العمر، على قدرٍ لا بأس به - إنْ شاء الله - من التديُّن، ومن أسرةٍ متديِّنة كذلك، نُقِيم في المملكة العربيَّة السعوديَّة منذ ولادتنا، وهي لنا أشبَهُ بالوطَن. أرسَلَنِي والدي للدراسة في دولةٍ عربيَّة مُجاوِرة قريبة من بلدنا الأصلي، وبعد 4 سنوات أرسل أخي معي للدراسة كذلك، وهو الآن في السنة الثانية الجامعيَّة.

 

ليس أخي شيئًا خارقًا للعادة فيما أظنُّ، فكثيرٌ من شباب هذا الجِيل ليسوا على القدر المرجوِّ من المسؤوليَّة والتديُّن؛ فأخي - مثل شباب جيله - يستَمِع للغناء، ويسرِّح شعرَه تسريحة الصعقة الكهربائيَّة، ويلبَسُ ملابس عجيبة أشبِّهُها أحيانًا بملابس المخنَّثين، وكان حتى مدَّة قريبةٍ يتحدَّث مع الفتيات على الهاتف وعلى الإنترنت، ولا يُطِيع والدَيْه ولا يحتَرِمهما.

 

ولكنَّه - والحق يُقال - مُحافِظٌ على صلواته، ومُجانِبٌ للتدخين والشيشة والمخدِّرات - ولله الحمد.

 

نعم، ينبَغِي أنْ نسعى إلى الأفضل، لكن علينا حَلُّ المشكلات الأكثر تعقيدًا - وليست بالضرورة هي أهم شأنًا - ثم ننتَقِل إلى حلِّ المشكلات التي تُواجِه كلَّ مُرَبٍّ ومسؤول يَتعامَل مع شابٍّ في عمر أخي.

 

أستَطِيع أنْ أقول: إنَّ أهمَّ ما يتميَّز به أخي عن أفراد جِيلِه أمران:

1) قلة الاحترام للناس كافَّة.

 

2) الولَع بصرف المال فيما يُفِيد وما لا يفيد.

 

- أمَّا الأولى: فأخي لا يحتَرِم أحدًا كائنًا مَن كان، فكثيرٌ من الشباب ربما لا يحتَرِمون والدِيهم كما هو مطلوبٌ منهم دينًا وفطرةً، لكنَّهم ربما يتعامَلون بشيءٍ من الاحتِرام مع أعمامهم وأجدادهم والغُرَباء عنهم، على الأقلِّ من باب الحياء، لكن أخي لا يحتَرِم أحدًا على الإطلاق، لا أبًا ولا أمًّا، لا أخًا ولا أختًا، لا عمًّا ولا عمَّة، لا خالاً ولا خالةً، لا جدًّا ولا جدةً، كلُّ الناس عنده مادَّة دسمة للاستِهزاء والسُّخرية والشَّماتة، يستَهزِئ بهم، ويسبُّهم، ويُحاكِي طريقَتَهم سخريةً، حتى العسكري الذي كاد أنْ يُخالِفه لعدم ربطه للحزام بشكلٍ جيِّد، كان له نصيبٌ من الاستِهزاء والسخرية بعدَما عفا عنه.

 

دكتورُه في الجامعة رغم ما يُعامِله به من احترامٍ وتقديرٍ، ويُقدِّره أمامَ زُمَلائه، إلاَّ أنَّ أخي يسخَر منه ومن طريقة كلامه، يسخَر من جدِّي ومن نصائحه، وحين أُصِيب جدِّي بالزهايمر صار يسأَلُه أسئلةَ الأطفال الصِّغار، ويسخَرُ من أبي.

 

لا أدري كيف ينبَغِي أنْ أتعامَل معه؟ وهل أنا مضطرٌّ لأتحمَّل بذاءَة لسانِه طالما أنا ساكنٌ معه؟

 

- الثانية: أخي مبذِّر من الدرجة الأولى، لا أُنكِر أنَّ هذه الصفة قد يكون اكتسَبَها من والدتي، لكن ليست والدتي مُسرِفة إلى هذه الدرجة، إنَّه يشتَرِي أتفَهَ الأشياء بأغلى الأسعار؛ لأنَّ عليها ماركة الشركة الفلانية، مَن يُصدِّق أنَّ مداسًا - أكرمكم الله - هو شبيهٌ جدًّا بذلك الذي يُوضَع في حمامات المساجد، صُبِغ ببعض الألوان ووُضِعت عليه ماركة من شركة معيَّنة فأصبح سعره 95 ريالاً، أو أنَّ مزيلاً للعرق يُباع بـ150 ريالاً، أو أنَّه ذات مرَّة قال لي: أنَّه لم يلبس ملابس يُكرِّرها أكثر من مرَّة في فصلٍ دراسي أو دون الفصل؛ لكثْرة ما لدَيْه من الملابس ومن الماركات العالميَّة، ولدَيْه من الأحذية ما يجعَلُك تظنُّ بيتنا مسجدًا لكثرة الأحذية الموضوعة بالقرب من الباب، ويا ليتها أحذية، بل هي خِرَق بالية، مُرقَّعة بألوان فاقِعة، لا يظنُّ الناظر إلاَّ أنها أحذية للبنات، بل إنَّ أخي نفسه عاد ساخرًا مرَّة من بنتٍ تلبس مثل حذائه مع الجوارب، والأصل أنَّ هذا الحذاء يُلبَس بلا جوارب، فهو يَسخَر منها أنها تُحاوِل أنْ تصبح متحضِّرة وهي بدويَّة.

 

جنونُه أرهقَنِي، وأرهَقَ والدي من قبل، وأنا لا أنكر أنَّ لديَّ شيئًا من الحرص والتدقيق هو من طبيعة شخصيَّتي الوسواسيَّة، لكن يبدو أنَّ ردَّة الفعل عنده كانت زائدةً عن الحد.

 

الذي أُواجِهه الآن أنَّ أبي - ولِضَجره الشديد من أفعال أخي كلها - قال لي: إنَّني أرسلتُ أخاك للدراسة، وأنا أرى أنَّه سيتفلَّت، فإذا كان وهو بين يدي يفعَل كلَّ هذا، فماذا عَساه أنْ يفعل إذا غاب عن نظري؟ ولولا أنَّني خفتُ ألاَّ أعدل بينكما لما أرسلته، فانتَبِه إليه، ولا تُعطِه من المال إلاَّ كذا كلَّ يوم (مبلغ زهيد).

 

وأنا أظنُّ أنَّ أبي يفعل هذا لا ظنًّا منه أنَّ هذا يُصلِحه، ولكن ليُخفِّف شرَّ أخي حتى يتخرَّج ويُصبِح مسؤولاً عن نفسه، وبعد هذا يَرتاح أبي من المسؤوليَّة عن هذا المخلوق العجيب.

 

ومرَّت السنة الأولى، ولم أكن أشدِّد على أخي في المال، وكنتُ أتعاطَف معه، فكنتُ أُعطِيه ما أظنُّ أنَّه يَكفِيه، وإذا طلَب منِّي زيادةً لا أسأَلُه لماذا، وأُعطِيه ليأخذ دروسًا خصوصية رغم أنَّ أبي قال له: لا تأخُذ دروسًا خصوصيَّة إلاَّ إذا درست كلَّ يوم 4 ساعات ثم وجدت أنَّك لم تفهم، ولكنَّه لم يفعل، ورغم هذا كنتُ أُعطِيه.

 

وعدنا إلى أهلنا، ولاحَظ أبي أنَّ قلَّة أدب أخي زادَتْ ولم تنقص، فقال لأمي: لولا أنَّ ابنك (يعنيني) لا يسمَع الكلام، لما وجدنا هذا هكذا، فكانت هذه الكلمة مُؤثِّرة فيَّ، خاصَّة أنَّني مطيعٌ لوالديَّ - ولله الحمد - فصِرتُ أعطي أخي ما أمرني به والدي، ولا أزيده فلسًا واحدًا، وعندما احتجنا لشراء ثلاَّجة، قرَّرت أن أشتري ثلاجة مستعملة، وقبل كتابة هذه الأسطر بقليل طلَب منِّي مالاً ليشتري طاولةً للكيِّ فقلت له: أنا سأشتريها، وسأشتريها مستعملةً، فغَضِب، مع العلم أنَّ أخي لدَيْه من المال ما يسنده في حال ما إذا احتاج، يجمَعُه من عيديات الأقارب ومن مصادر أخرى.

 

أنا ما بقي لتخرُّجي إلاَّ القليل، فأخشى أنْ أظلم أخي بهذا الحرص، وأخشَى أيضًا أنْ أضيِّعه أكثر من ضَياعه إذا أعطَيْتُه ما يُرِيد وسمحتُ له بشراء ما يُرِيد.

 

أرجو أنْ ترشدوني، أريدُ أنْ أكسب أخي، فهو مهما آذاني وآذَى والديه فهو أخي، من لحمي ودمي.

 

معذرة على الإطالة، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

أخي الكريم، حيَّاكَ الله.

كم يُسعِدني أنْ أرى الشباب في عمركَ بهذا القدْر من التديُّن والثقافة والعَطف! إنَّكَ نعمةٌ أنعَمَ الله بها على والدَيْك، فالحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات، والحمد لله على أنْ جعَل بيننا فتية مؤمنين؛ يَأمُرون بالمعروف وينهَوْن عن المنكر؛ ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾ [الكهف: 13]، زادَكَ الله من فضله وعلمه، ورزقكَ برَّ والديكَ، ووفَّقكَ في دراستكَ، وأعانكَ في غربتكَ، وجَزاكَ الله على حرصكَ على أخيكَ خيرَ الجزاء في الدنيا والآخِرة... اللهمَّ آمين.

 

بالنسبة لأخيكَ، فأنا أُحمِّل والدَيْك مسؤوليَّة تفلُّته، خصوصًا والدكَ الكريم؛ فهو أقدَرُ على ضبْطه من سِواه لو شاء، ولكنَّه أعفى نفسَه من هذه المهمَّة وحمَّلك إيَّاها، ليزيدكَ عبئًا فوق أعباء دراستك وتغرُّبك.

 

والحق أنَّه يَصعُب ضبط تصرُّفات الشباب في سنِّ أخيك، لكن تبقَى هذه التصرُّفات مجرَّد مرحلة عمريَّة لا تلبث أنْ تنتهي - بمشيئة الله - فلا تعجَل على ذلك، عسى الله أنْ يهديه ويُصلِح حالَه ويرزقه القَناعة والحكمة، فلا يتلف ماله ويضيع شبابه.

 

الترف عاملُ إفساد، وسببٌ لتعجيل العقوبة في الدنيا؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16].

 

وقد ارتكبتَ مع أخيكَ أخطاء والديكَ التربويَّة بحسن نيَّة؛ حين حسبت أنَّ منح المال الزائد عن حاجة أخيكَ هو حبٌّ وعطف، ولم يكُ ذلك إلاَّ إفسادًا لخُلقه وتضييعًا لماله!

 

لستُ أقول: كُن بخيلاً، أو كُن قاسيًا، وإنما أقول: كُن حازمًا، متلمسًا لاحتياجات أخيكَ الملحَّة والضروريَّة، ولا تكن فيها مُسرفًا مُبذرًا؛ ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 27]، ولا بخيلاً مقترًا؛ ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].

 

ودَعْ عنكَ دور "الأب" الذي تلعَبُه الآن في غربتكَ؛ فهو دورٌ غير مُلائِم للتعامُل مع أخيكَ، بل عِشْ دوركَ كأخٍ كبير، وصديقٍ حميم، وتقاسَمَا المسؤولية معًا، ولا تجعله اعتماديًّا متلقِّيًا، يأمُر وتُلبِّي احتياجاته من دون أنْ يَشعُر بالتعب؛ بل يجب أنْ يتعب حتى يَنال ما يريد إنْ كنتَ بحقٍّ تريد أنْ ترى أخاكَ صالحًا في مجتمعه!

 

لماذا تشتري له طاولة الكي بنفسكَ؟! ألاَ يعرف هو أنْ يشتريها بنفسه؟! وإذا كان لديه المال الكافي فلمَ أنتَ مضطرٌّ لدفع المال لشراء أشياء يريد هو استعمالها؟! هل تخشى أنْ يشتري طاولة كيٍّ باذخة؟! دعْه يشتريها، لكنْ أخبره بأنَّكَ لن تعطيه مالاً زائدًا عن مصروفه الشهري الذي بدَّدَه في الكماليَّات، ليتعلَّم بعد ذلك كيف يوفر المال ويضعه في موضعه.

 

لقد علَّمَنا نبي الله يوسف - عليه السلام، وهو المعلِّم الكبير في المال والاقتصاد - قانونًا مهمًّا في الاقتصاد هو (قانون الادِّخار)؛ يقول - تعالى - على لسانه: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 47 - 49].

 

قال د. محيي الدين غازي: "إنَّ نبيَّ الله يوسف علَّم البشريَّة ولأوَّل مرَّة قانون الادِّخار، وأنَّه كيف يكون الإعداد في زمن الرَّخاء وإنْ طال لزمن الشدة الذي قد يَطُول مثله، والرخاء بطبيعته سببٌ للغفلة، فإذا طال وزرع الناس سبع سنين دأبًا - والسبعة كثيرٌ - من غير أنْ يتخلَّل تلك السنوات السبع الطوال عام جدب وزاد الرِّزق وامتَلأت المخازن، فمظنَّة الغفلة والاستِغراق في العيش الرَّغِيد أغلَب، وهنا يظهَر جَدوَى قوله الذي يجب أنْ يكون مبدأ في علم الاقتصاد: ﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴾ [يوسف: 47]، وهل سمعت البشريَّة قبل ذلك عن خبير يعدُّ الناس للأزمة قبل بَوادِرها بسبع سنوات؟!".

 

ثم يقول: "وقوله: ﴿ فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ ﴾ [يوسف: 47] يُنِير الدرب لِمَن يريد سعادةَ الحياة، إنَّه فقه الضَّرورات والأولويَّات، والأكل تعبيرٌ بليغ عن الاقتِصار على الضَّرورات؛ حيث لم يقل: تعصرون، كما قال فيما بعد: ﴿ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 49].

 

واختلاف صِيغَة الضمير بين ﴿ تأكُلون ﴾ و﴿ تحصنون ﴾ وبين ﴿ يعصرون ﴾ يُشِير إلى أنَّ الأكل وما يدخُل تحتَه والإحصان وما يُفسره ممَّا كان يرتَضِيه يوسف الحكيم، وأمَّا العصر وهو عصر الأعناب وغيرها من الفواكه - كما قال المفسِّرون - وما يُشبِهه من أعمالٍ ترفيهيَّة، فذلك ليس من أمر يوسف، بل هو ممَّا يقَع فيه الناس بأنفُسِهم حين يجدون أنفسهم في رَخاء عظيم".

 

أمَّا معلِّمنا الأوَّل في الرِّضا والقَناعة فهو نبيُّ الأمَّة محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث قال: ((مَن أصبح منكم آمِنًا في سِربِه، مُعافًى في جسَدِه، عنده قوتُ يومِه - فكأنما حِيزَت له الدُّنيا))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

 

كما علَّمَنا الحبيبُ المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - المفهومَ الحقيقيَّ لمعنى "الغنى" بأنَّه غنى النَّفس؛ فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ليس الغنى عن كثْرة العرَض، ولكنَّ الغنى غنى النفس))؛ متفق عليه.

 

ووضَّح لنا المفهوم الحقيقي لمعنى "الإفلاس" بأنَّه الإفلاس من الحسنات؛ فعن أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((أتَدرون ما المُفلِس؟)) قالوا: المُفلِس فينا مَن لا درهم له ولا مَتاع، فقال: ((إنَّ المُفلِس من أمَّتي يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ، ويأتي قد شتَم هذا، وقذَف هذا، وأكَل مالَ هذا، وسفَك دمَ هذا، وضرَب هذا، فيُعطَى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإنْ فنيَتْ حسناتُه قبل أنْ يقضى ما عليه، أُخِذ من خَطاياهم فطُرِحت عليه، ثم طُرِح في النار))؛ رواه مسلم.

 

ويجب عليكَ أنْ تنقل إلى أخيكَ الصغير هذه المعاني النبويَّة السامية؛ لعلَّها تنفعه في أمر دينه ودنياه.

 

أمَّا عن الاحترام فهو خُلُق نبويٌّ، وأسلوب تربويٌّ نتعلَّمه منذ الصِّغَر؛ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ليس منَّا مَن لم يَرحَم صغيرنا، ويَعرِف حقَّ كبيرنا))؛ رواه أحمد والترمذي، وصحَّحه الألباني.

 

وإذا لم يُعلِّمنا الآباء والأمَّهات هذه القِيمَة النبيلة في صغرنا، فإنَّه يمكن لنا اكتِسابها في الكِبَر ممَّن حولَنا؛ فأخلاق الناس مرايا عاكسة، والطِّباع سرَّاقة، وقد صدَق النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حين قال: ((مثَلُ الجليس الصالح والجليس السَّوء كحامل المِسك ونافِخ الكِير؛ فحامِل المسك: إمَّا أنْ يُحذيَك، وإمَّا أنْ تَبتاع منه، وإمَّا أنْ تجد منه ريحًا طيِّبة، ونافخ الكير: إمَّا أنْ يُحرق ثيابَك، وإمَّا أنْ تجد ريحًا خبيثة))؛ متفق عليه.

 

فكُنْ أنت قدوةً لأخيك بفعلك، كُنْ حامِلاً لمسك الاحتِرام؛ لعلَّ أخاك يَبتاع منك يومًا، وإذا قَصَّ عليكَ يومًا قصَّة فيها انتِقاص أو ازدِراء لأحدٍ، فلا تُضاحِكه أو تَسكُت على غِيبته وترضيه بسخط الله، بل خوِّفه بالله؛ ﴿ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ [النساء: 63]، ثم اترك له مجلس غيبته؛ ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام: 68].

 

ولأنه لا حبيب ولا صديق لأخيك سِواك في غُربَته؛ فسيكون مضطرًّا ساعتئذٍ للتعلُّم والتأدُّب كيلا يخسرك!

 

ثم تذكَّر - يا أخي الفاضل - أنَّ الهداية بيد الله - تعالى - ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: 39]، وأنَّ التغيير بيد الإنسان وحده؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فلو شاء الله أنْ يهدي أخاك فسيَهدِيه، ولو أراد أخوك أنْ يتغيَّر فسيتغيَّر، وكل ما يُمكِنك فعلُه هو النُّصح والتذكير بالله؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

واطلُبْ من والدَيْكَ الدُّعاء لكما بالتوفيق والهداية والصلاح؛ فدعوة الوالدين مُستَجابة - بمشيئة الله تعالى.

 

دُمتَ بألف خيرٍ، ولا تنسنا من صالح دُعائكَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أخي يسب أمي!
  • أخي يتصرف كالأطفال
  • لا أحد يقدرني
  • أخي يحب بنت عمه
  • مشكلة بيني وبين أخي بسبب نفقات المنزل

مختارات من الشبكة

  • الأخ سند أخيه وعضده وقوله تعالى {سنشد عضدك بأخيك}(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • أخي وزوجته وعدم تحمل المسؤولية(استشارة - الاستشارات)
  • استعمالات الأخوة في القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سود أخيه(كتاب - موقع د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر)
  • تفسير: (فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخي الأصغر يشاهد إباحية الشذوذ(استشارة - الاستشارات)
  • فضحت معصية أخي عند أمي(استشارة - الاستشارات)
  • أخي يشرب الحشيش(استشارة - الاستشارات)
  • فائدة في البحث عن روايات ابن أخي ابن وهب عن عمه في صحيح مسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أخي مثلي الجنس(استشارة - الاستشارات)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب