كيف أكون الأولى على دفعتي؟

أختي العزيزة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا وأهلاً وسهلاً بكِ دائمًا وأبدًا.

سأجيبكِ عن تساؤلاتكِ - إن شاء الله - لكن سأكون واضحة معكِ منذ البداية: كيف أكون الأولى على دفعتي؟ هذا سؤال متأخر جدًّا؛ لأنكِ ستنهين دراستكِ عما قريب، ولا أريدكِ - ولمصلحتكِ - أن تعيشي على وهم؛ فالأُولى على الدفعة يفترض أنها قدَّمتِ الخطوةَ الأولى منذ السنة الأولى، أليس كذلك؟! في حين أنكِ قلتِ في استشارتكِ السابقة: "كنت دائمًا أتحصل على المرتبة الأولى، أما الآن فلا، والسبب يعود ربما لتقصيري بعض الشيء، ولكن تقصيري هذا جاء بعد يأسي في تحقيق مرادي".

برغم التقصير في السنوات الثلاث الماضية إلا أنه من الممكن أن تصبحي الأولى أو الثانية، أو حتى الثالثة بتوفيق الله - تعالى - لكن لا تتعبي أعصابكِ إن لم تَصِلي إلى هذه المرتبة، أقولها لكِ وأنا أتفهم شعوركِ جيدًا؛ فقد كنتُ في يومٍ ما طالبة مثلكِ، حريصة على الوصول إلى هذه المرتبة، غير أني تعبتُ كثيرًا في طريقي إليها، فالكتاب يجب أن يؤخَذ بقوة ﴿ يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ﴾ [مريم: 12]، سواء أكان كتابًا منزَّلاً من السماء، أم كتابًا من كتب أهل الأرض.

الوصول إلى القمة ليس مجردَ كلمة نردِّدها ونكتبها على الورق؛ بل هو صعود باتِّجاه القمم، وارتقاء نحو العلا، وتعب وألم، في حين أنكِ حريصة على المسمَّى أكثرَ من حرصكِ على بذْل الجهد، وتحمُّل الألم وخيبات الأمل، مع شديد احترامي لكِ.

ثم هل حقًّا استفدتِ مما كتبناه لكِ في الاستشارة السابقة؟! لا أعتقد ذلك - برغم ثقتي أنكِ لو أخذتِ بربع ما كتبتُه لكِ، وقمتِ بتطبيقه عمليًّا، لتفوقتِ في دراستكِ، وحققت ما تتمنين بعد توفيق الله تعالى - لأنكِ في الحقيقة تعيدين عليَّ السؤال نفسه؛ إنما مصاغًا بطريقة مختلفة، وكم آلمني ذلك بحق! ليس لأني تعبتُ كثيرًا في جوابي عليكِ في مجالٍ أبعد ما يكون عن مجال تخصصي؛ ولكن لأني حين أجبتكِ لم أراعِ قدراتكِ الحقيقية، وهذا تقصير مني، لا أدري كيف أخرج من دائرته.

على أية حال، أضيف إلى ما كتبته لك سابقًا ما يلي:

فيما يتعلق بتعلم الفرنسية وإتقانها - وهو أكثر ما ركَّزتِ عليه في استشارتك - أنصحك بالكتب والمواقع التالية:

هذا موقع فرنسي جميل، ومن أفضل المواقع لتعليم الفرنسية:

http://www.francaisfacile.com

اقتني القاموس الفرنسي الشهير Le Petit Robert.

وكذلك قاموس أكسفورد إنجليزي- فرنسي/ فرنسي- إنجليزي Grand Dictionnaire Hachette Oxford شراء أو تحميلاً.

ولاختبار فرنسيتك؛ أنصحكِ بشراء أو تحميل كتاب: Guide officiel d'entraînement au TCF : Test de connaissance du français، activités d'entraînement (1 livre + 1 CD audio) مع القرص الصوتي، وهو نموذج لامتحان الـ TCF الذي يجرى في السفارات الفرنسية قبل إجراءات التقديم للحصول على الفيزا للسفر إلى فرنسا.

أكْثري من قراءة الأدب الفرنسي (قصص - روايات - شعر - نصوص مسرحية)، وقراءة الصحف المحلية المكتوبة باللغة الفرنسية، وسماع الإذاعات الناطقة بالفرنسية، واهتمِّي بالتعايش المعرفي والحوار مع الفرنكفونيين في بلدك.

ولإتقان الإنجليزية جربي المواقع التالية:

http://www.lingq.com

http://www.tolearnenglish.com

http://www.learn-english-network.org

بالنسبة للمواقع المتعلقة بالترجمة، يمكنك زيارة موقع الجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة، التابعة لجامعة الإمام بالرياض: www.saolt.net، سجلي في المنتدى؛ لتتمكني من الاستفادة منه.

بالنسبة للمشكلة النفسية المتعلقة بفقدانك الثقة بنفسك بعد تعليق صديقتك على نطقكِ، فالأمر يتطلب منكِ إعادة بناء لثقتك، من خلال وقف التفكير في هذا الموقف تحديدًا، لا بأس لقد أخفقت في نطق تلك الكلمة، فكلنا نخطئ، لكن هل يعني الإخفاق في نطق كلمة واحدة إخفاقًا في كل اللغة؟! كان عليكِ أن تشكري صديقتكِ لتنبيهها إياكِ للنطق السليم، بدلاً من أن تتقوقعي على نفسكِ هكذا!

أنتِ تجيدين ثلاث لغات بإتقان - ما شاء الله - وهذه مهارة ليست بمقدور أي أحد، هذا ذكاء لغوي تتميزين به، فاحمدي الله عليه، وثقي بقدراتكِ، ولا تقارني نفسكِ بغيرك، ولا تقلِّلي من شأن نفسكِ، والأهمُّ من ذلك لا تهتمي للكيفية التي يراكِ بها الناس؛ لأن نظرة الناس ظالمة في أكثرها، ومحبطة على الأغلب.

أحبِّي نفسكِ بالقدر الذي يجعلكِ تنهين آخر سنوات الجامعة بثقة ونجاح، ضعي بصمتكِ فيها قبل أن تغادريها، وتذكَّري أنكِ قادرة على فعل الكثير، وإنجاز الكثير، فقط إن رغبتِ أنتِ في ذلك عملاً لا قولاً؛ ((اعملوا، فكلٌّ ميسَّر لما خُلق له))؛ كما قال المصطفى - صلوات الله وسلامه عليه.

كيف أحب المطالعة؟ وكيف أجدها ممتعة؟

كيف تتفوقين بدون مطالعة؟! العلم هو المطالعة، والدين قد بدأ بـ﴿ اقْرَأْ ﴾ [العلق: 1]، فإذا أردتِ أن تحبي القراءة، وأن تستمتعي بها، فاقرئي من منطلق ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾ [العلق: 1]، ومنطلقِ ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴾ [العلق: 3]، وستجدين ساعتئذٍ كم القراءة ممتعة!

لن أقول لكِ اقرئي حسب ميولكِ، أو اقرئي الميسَّر من الكتب، أو تخيَّري المكان والزمان المناسبين؛ فهذا كلام في غاية السخف، فأنتِ لستِ طفلة أولاً، لقد كبِرتِ، وستتخرجين في الجامعة عما قريب، وخطابي معكِ - وإن بدا قاسيًا - هو لمصلحتكِ أولاً وآخرًا، ولأن هناك الكثير – ثانيًا - ممن يقرأ وهو راقد على فراش المرض، أو معتقل في سجن، هناك من لا يجد إلا (الكتاب المقدس) ليقرأه إمعانًا في إذلاله! هناك من يتمنى لو كان مبصرًا ليقرأ، فلْنرتَقِ بأنفسنا لنرتقيَ بأرواحنا، من يرغب في القراءة فسيقرأ؛ المسألة مسألة إرادة، واحتساب، وصدق نية.

لقد تعب الأوائل في كتابة العلم وتدوينه، وقد كانت آخر رسالة كتبها ابن تيمية - يا رب ارحمه رحمة واسعة - مكتوبة بالفحم، يقول فيها:

"ونحن - ولله الحمد والشكر - في نِعَمٍ عظيمة، تتزايد كل يوم، ويجدد الله - تعالى - من نعمه نعمًا أخرى، وخروج الكتب كان من أعظم النعم؛ فإني كنت حريصًا على خروج شيء منها؛ لتقفوا عليه".

ثم يقول: "والأوراق التي فيها جواباتكم غُسلت، وأنا طيب، وعيناي طيبتان أطيب ما كانتا، ونحن في نِعَم عظيمة لا تحصى ولا تعد، والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه".

يقول - رحمه الله - إنه في نعمة وهو في السجن والأوراق قد غُسلت؛ لأنه لم يجد غير رسائل تلاميذه التي تصل إليه، فيغسلها؛ ليرد عليهم، بعد أن مُنِع من الأوراق والأقلام، فلا يجد غير الفحم ليكتب لهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

لقد تألم الكُتَّاب وتعذَّبوا من أجل أن تصل إلينا علومهم، ثم نسأل نحن بعد ذلك كيف نستمتع بالقراءة؟! كم الأمر مخجل! كم الأمر محزن!

دمتِ بألف خير.