أكره خطيبي وأريد فسخ الخطبة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ سيدنا محمد النبي الأمي الأمين؛ أما بعدُ:

ابنتي الغالية:

لقد ترسخت في نفوسنا مفاهيمُ فاسدةٌ، ما أنزل الله بها من سلطان، مثل الاهتمام بفارق السن بين الزوجين، هذا أمر نسبي ويخضع لعوامل كثيرة، وليس له قاعدة يجب علينا الالتزام بها، فكم من فتاة أعرفها معرفة شخصية تزوَّجت من هو أصغر منها في العمر، ويعيشان في سعادة غامرة، بل حفزها ذلك للاهتمام بجمالها، فظلَّت عمرها أنيقة جميلة تبدو أصغر منه، وكذلك كثيرات أخذْنَ من هو في عمرها، والأكثر من هو في مثل حالتكِ، فارق عمري بسيط، الرجل فيه أكبر سنًّا، فكيف بربكِ تشهدين له بالدين والخُلُق والقدرة، ثم تتركينه لمجرد أنه يكبركِ بعامين؟ ثم إن الذين يستغربون من حولكِ إما أن يكونوا جهلة أو حاسدين لا غير ذلك.

لا تُسلِمِي أذنكِ للناس ثم تُخْضِعي حياتكِ لأهوائهم، وهم فيهم الفاسد، والجاهل، والحاسد، وقليل من العقلاء المتقين.

كل أمرٍ ترتابين فيه، قيسِيه على الدين، ثم خذي بأقرب الحلول لنفسك.

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولَّى أسامة بن زيد إمارة الجيش وهو في السابعة عشرة من عمره تقريبًا؛ يعني ذلك: أن الشاب قادر على إدارة امرأة ستكون أقرب الناس له، وأرحمهم به؛ هي زوجه.

اطردي الهواجس عن نفسكِ، ولا تُطْلِعي كل أحد على خصائص حياتك، إذا تركتِهِ لهذا السبب، فسوف يتزوج من هي أصغر وأجمل، وسوف تعيشين بذنب ذلك القرار الأرعن.

ثم إن هناكِ ملحوظة خذيها في الاعتبار:

الرجل - كل رجل - مهما كان عمره يكون مع الأنثى (الزوجة) على طبيعته، تراه طفلًا، وتراه ابنًا، وعند اللزوم تراه أبًا وحاميًا ومربيًا.

فإن كان له بعض المواقف التي تشعرين فيها أنه تافه مثلًا - وهذه شكوى من بنات كثيرات - فليس هذا لأنه صغير في السن، بل لأنه زوج يتحرر أمامكِ من كل قيود ووجوه الشارع التي تفرضها الحياة.

والجميع كذلك بما فيهم والدكِ وعمكِ وكل رجل يكبر في نظرك، هو في بيته يطلب المرح لا الجد، والتبسط لا التكلف، والحرية لا القيود .... وهذا ثابت عن كثير من عظماء الرجال؛ فقد قرأت مرة قول أحد العلماء لا أذكر اسمه: "لو رآني أحدكم مع زوجي، لقال: هذا الرجل ليس لديه شيء من علم".

افهمي دوركِ كزوجة، وحاجاته كزوج، ستجدينها بعيدة عن كثير من مفاهيم مغلوطة تربينا عليها دون أن نفكر فيها.