ليس الواصل بالمكافئ

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فتحليل مشكلتكِ يتلخص في الآتي:

1- أنتِ بنت حساسة جدًّا جدًّا؛ ولذا تعطين الأمور أكبر من حجمها الحقيقي.

2- ومن حساسيتكِ الشديدة صرتِ تفسرين الأمور تفسيرًا خاطئًا، وتخافين خوفًا مبالغًا فيه من ظلم الآخرين.

3- والداكِ يتمتعان بطيبة طيبة، لكنها قد تُستغَلُّ من بعض الآخرين بالجرأة على أسرتكم لفظيًّا ومعنويًّا؛ لأنهم يفسرون طيبة والديكِ بالضعف.

4- وتسألين: هل تُسألين يوم القيامة عن أخطائكِ معهم؟ وهل تهجرين أقاربكِ الذين أساؤوا لكِ؟

5- يُلحظ عليكِ جَلْدُ ذاتكِ، واتهام نفسكِ إلى درجة التحطيم النفسي وربما الجسدي أيضًا.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه: الحل في الآتي بتوفيق الله سبحانه:

أولًا: محاسبة النفس على أخطائها طيبة، إذا كانت بحدود معقولة لا مبالغة فيها، ولا تحطيم للنفس.

ثانيًا: طيبة والديكِ ربما تعدت الطيبة المعقولة إلى شيءٍ من الضعف، وهذا الضعف يجرِّئُ الغير على الأبوين، وعلى أبنائهما؛ ولذا منعًا للتجرؤ عليكم، لا بد من إظهار الوالدين القوة مع مَن يستغل طيبتهما.

ثالثًا: ومن أعظم ما يحميكم جميعًا من مضايقات الغير الآتي:

1- المحافظة على الواحبات الشرعية، خاصة الصلاة في أوقاتها.

2- كثرة الدعاء بصرف الأذى.

3- كثرة الاسترجاع.

4- كثرة الحوقلة.

5- كثرة الاستغفار.

6- الصدقة.

7- المحافظة على أذكار الصباح والمساء.

رابعًا: أما سؤالكِ: هل تهجرينهم وتكتفين بالصلة في الأعياد والمناسبات فقط؟ فالجواب في الآتي:

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: ((أن رجلًا قال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصِلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحلُمُ عنهم ويجهلون عليَّ، فقال: لئن كنتَ كما قلتَ، فكأنما تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم، ما دمت على ذلك))؛ [رواه مسلم (8/ 319)].

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ له في أثَرِهِ، فلْيَصِلْ رَحِمَهُ))؛ [متفق عليه].

فصلي رحمكِ، ولو قاطعوكِ، ولو تجهموا في وجهكِ.

خامسًا: وأما سؤالكِ: هل يحاسبكِ ربكِ يوم القيامة على مقاطعتكِ لهم؟

فأقول: ابذلي ما تقدرين عليه من صلتهم، وأقلُّها الزيارة بين الفينة والأخرى، والمؤانسة لهم ولو بالجوال.

سادسًا: من يأتيكِ منهم ضرر واضح وليس وسوسة، فتكتفين بالقدر المعقول الذي يكون وسطًا بين القطيعة وبين الصلة الدائمة؛ فلا تقاطعيهم أبدًا.

سابعًا: أعود وأكرِّر: أخشى أن يكون كل ما تعانين منه مجرد وسوسة، ومبالغات وحساسية زائدة، فإن كان كذلك، فجاهدي نفسكِ على التخلص منها، وادعي ربكِ كثيرًا؛ حتى لا تقعي في الإثم.

حفظكِ الله، وحماكِ من شر الحساسية ومن الظلم والقطيعة.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.