• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ابتزاز بمقطع مخل
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أمي تضغط علي للقيام بالنوافل
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    تراكم صيام كفارة اليمين
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    أمارس العادة، فهل فقدت عذريتي؟
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    شباب الجامعة معجبون بي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    هل يمكن أن يستمر الزواج بهذه التعاسة؟
    د. محمد حسانين إمام حسانين
  •  
    حجاب أمي وأختي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    يهجم علي ملل خانق دون سبب
    د. خالد بن محمد الشهري
  •  
    حيرة بين فتاتين
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    تأثير الغش في مستقبلي الدراسي
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات اجتماعية
علامة باركود

الغيرة من الأقارب والأصدقاء لأسباب دنيوية

أ. عائشة الحكمي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/9/2009 ميلادي - 20/9/1430 هجري

الزيارات: 17037

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:
السَّلام عليْكم،
أنا بنت شابَّة أحاول أن أكون ملتزِمة ومتديِّنة قدْر المستطاع، ولكِن دائمًا أشعر بالغيرة الشَّديدة إذا كان لديَّ شك أنَّ أحدًا من قريباتي أو صديقاتي لديه علاقات عاطفيَّة وقصَّة حب، علمًا أنَّني أعرف أن هذه العلاقات لا تجوز دينًا ولا أخلاقيًّا، ولكن الغيرة والوسواس يلاحقاني.

ودائمًا أتساءل: لماذا هؤلاء البنات غير الملتزمات لديْهنَّ كلّ هذا الحظَّ، كسبن كلَّ شيء: الذَّكاء، والجمال، والدراسة، والجرأة الَّتي أفتقِدها؟!

فحتى حقِّي لا أستطيع الدِّفاع عنه، ولا أستطيع الدِّفاع عن نفسي لمن أساء إليَّ بكلامه.

هناك الكثير من النِّعَم التي أنْعمها عليَّ الله، فهي لا تُعَدُّ ولا تُحصى، ولكن دائمًا أفكِّر أنَّني بنت من غير شخصيّة.
الجواب:
أختي العزيزة، حيَّاكِ الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ذكَّرني سؤالُكِ: "لماذا لدى هؤلاء البنات غير الملتزمات كل هذا الحظ؟!" بقول تلك الطَّائفة من بني إسرائيل: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص: 79]، سأذكِّرك بالقصَّة لتدركي وجه الشَّبه. 

قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 76 - 83]. 

يا عزيزتي، حين يعطي الله عبدًا من عباده الحظَّ العظيم، مسلمًا كان أم كافرًا، تقيًّا كان أم فاجرًا، فذلك لحكمة ماضية أرادها الله - سبحانه وتعالى - لا نَملك معها إلاَّ التَّسليم برضا، وليس لنا مع إرادة الله حقّ الاعتراض؛ قال تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعْمَةِ اللّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل: 71]. 

إنَّما تذكَّري أنَّه كما في قلَّة الحظ ابتلاء للمؤمن، ففي الحظّ العظيم أيضا ابتلاءٌ يَختبر به الله من عباده مَن يشاء؛ {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 55]. 
فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا        قَسَمَ الخَلائِقَ  بَيْنَنَا  عَلاَّمُهَا
 

كما يقول لبيد بن ربيعة في معلَّقته.

بالنسبة للعنوان الذي عنونتِ به استشارتكِ (الغيرة من الأقارب والأصدقاء لأسباب دنيوية) فأعتقد أنَّ التعبير قد خانكِ هنا ليس إلا؛ إذ لا أظنّ أنَّكِ تقصدين المدْلول الحرْفي لكلمة (الغيرة)؛ بل تقْصدين معنى (الغبطة) المباحة التي يتمنَّى فيها المسلم ما لدى أخيه المسلم من نِعَم دون تمنِّي زوالها، أليس كذلك؟!

إن كان الأمر كذلِك فهذا شعور طبيعي جدًّا، وتعبيرك عنه هو شكْلٌ من أشكال الصحَّة النفسيَّة، بل وشكل من أشكال الجرْأة التي تقولين: أنَّكِ تفتقدينها، وأحييكِ على ذلك.

إنَّما الأكمل هو الاقتِداء بفعل "الأنصار"، أحبِّ النَّاس إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو ألا نَجِد في صدورِنا حاجةً ممَّا أوتيَ غيرُنا.

{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 9 - 10]، ولكي نصل إلى هذه المرتبة العالية جدًّا جدًّا؛ يَجب أن نزيد أوَّلاً من درجات الإيمان في قلوبِنا، خصوصًا الإيمان المجْروح في دواخلنا، ألا وهو الإيمان بالقدَر خيرِه وشرّه.

دعاء التَّابعين الذين جاؤوا من بعدِهم من أعظم ما يُمكنني أن أنصحك به، فردِّديه دائمًا: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [الحشر: 10].

أسأل الله - تعالى - أن يبعَثَنا جميعًا مع المتَّقين الذين قال في نعيمهم: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ * لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 45 - 48]،، آمين. 

فيما يتعلَّق بالموضوع الرَّئيس الَّذي يشغل قلبكِ وعقْلكِ أكثر من غيرِه، والَّذي صدَّرتِ به استشارتكِ: "أشعر بالغيرة الشَّديدة إذا كان لديَّ شك أنَّ أحدًا من قريباتي أو صديقاتي لديه علاقات عاطفيَّة وقصَّة حب". 

فأودُّ التَّأكيد بدايةً بأنَّني لن أتحدَّث عن أحكام فقهيَّة؛ فقد قُتِل هذا الموضوع بَحثًا ونقاشًا، وعذَّبنا مشايخَنا بالسؤال فيه، وكما قلتِ بنفسكِ: " علمًا أنَّني أعرف أن هذه العلاقات لا تجوز دينًا ولا أخلاقيًّا"؛ لهذا سأركِّز فقط على النِّقاط الفكريَّة المشوَّشة لديكِ: 

أوَّلاً: يَجب أن تشكُري الله - تعالى - إذ أنعم على قلبكِ بأن أخْلاه من حبِّ الرَّجل، وشغل مكانَه بِحُبِّ خالقِه، صدِّقيني: هذه نعمة كنعمة الصحَّة لا يعرفها إلاَّ المرْضى؛ فالفتاة التي تقع في الحبّ - وأنا أتحدَّث عن الحبّ العفيف الَّذي لا طاقة لنا في دفْعِه والوقوع فيه - ربَّما تعيش أيَّامًا أو شهورًا في سعادة؛ لكنَّها كالغالبيَّة العظمى من الفتيات، ينتهي بها الحال إلى حُزْن مضاعف، وآلام يُحمد فيها الخليُّ ممَّا يلاقيه الشجيُّ، أَيَا وَيْل الشَّجِيِّ مِنَ الخَلِيِّ! كما يقول أبو تمام. 

لذا؛ حافظي على هذه النِّعْمة بالإكثار من دعوة داود - عليْه السَّلام -: "اللَّهُمَّ إني أسألك حبَّك، وحبَّ مَن يحبُّك، والعمل الَّذي يبلِّغُني حبَّك، اللهُمَّ اجعل حبَّك أحبَّ إليَّ من نفسي وأهلي ومن الماء البارد"، وكذلك: "اللهُمَّ اكْفني بحلالِك عن حرامك، وأغْنني بفضلك عمَّن سواك". 

ثانيًا: اعلمي يا أخيتي، أنَّ ارتباط أيّ فتاة بأيّ شابٍّ عاطفيًّا لا يَعْني إطلاقًا بأنَّ هذه الفتاة أجْمل أو أفضل، أو أغنى أو أكثر جُرْأة، أو غير ذلك، في المقابل لا يَعْني أنَّ الأخريات اللاَّتي لَم يُجرِّبْن مثل هذه العلاقات هنَّ أقلُّ جمالاً، أو حظًّا أو دلالاً، لا إطلاقًا؛ فالمسألة ليستْ على هذا النحو، ثقي بذلك.

بل هو بقضاء الله وقدَره أوَّلاً، فكم من قضاة وفُقهاء وقعوا في الحبِّ وهم من أتْقى النَّاس، وأكثرِهم ورعًا وحرصًا على دينهم! ولديْنا في الأدب العربي باب ماتع وشائق لمن يقرأ، مُتْعِب ومعذِّب لمن جرَّب، اسمه (غزل الفقهاء) أفرد له الشَّيخ الأديب علي الطنطاوي - رحِمه الله - فصلاً أنيقًا في كتابه القيِّم (فكر ومباحث)، وتوسَّع فيه المؤلّف عبدالله كنون في كتابه (أدب الفُقهاء)، وكم ستسْتمْتعين بالقراءة إن كنت من عشَّاق الشعر، وشعر العاطفة والوجدان على وجه التحديد. 

ولضعْف الوازع الدّيني لدى الطرَفين ثانيًا، وإلاَّ فكلّنا نستطيع أن نُحب ألْف ألف مرَّة، ونستطيع الحديث مع ألْف ألف رجل، أليس كذلك؟!

أليس في مقدورِكِ أن تتفرَّغي للحبّ والطَّريق سالك؟! إنَّ عُمَر لا يرانا! ووسائل الاتِّصال مسخَّرة للخدمة، برسالة خاطئة على الجوَّال أو إضافة متعمَّدة على الماسنجر، أو رسالة خاصَّة في أحد المنتديات، والشَّيطان الرَّجيم لا يزال متوعِّدًا بالغَواية حتَّى يوم القيامة؛ {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 79 - 83]. 

فما الَّذي يَمنعكِ غير مخافة الله واقتِناعك بأنَّه إن كان عمر لا يرانا، فرَبُّ عمر يرانا؟! فرفقًا بقلبكِ يا عزيزتي، واستعيذي بالله من كيْد الشَّيطان الذي عجَز عن إيقاعكِ في تلك العلاقات المحرَّمة، ثمَّ نجح في إثارة حزْن قلبكِ بالتَّفكير فيها على هذا النحو، كوني أقْوى منه وتجلَّدي وتأكَّدي بأنَّ هذه المجاهدة هي رأْس مالكِ الحقيقي، فلا تضيِّعيها بتفكير لا يليق بمن هي مثلُكِ، أنعم الله عليها بالكثير والكثير من النعم. 

ثالثًا: ربَّما السبب في تفكيركِ هذا هو افتقادكِ إلى الجو العاطفي الآمن داخل البيت، وأمور كهذِه لا نملك معها إلاَّ الدعاء، لكنَّكِ كبرتِ الآن وستتزوَّجين - إن شاء الله - في المستقبل القريب، عسى الله أن يرزُقَكِ الزَّوج الصَّالح المحبَّ الَّذي يراكِ أجمل النِّساء وأكملهنَّ، علمًا وجمالاً ونسبًا وخلقًا.

في يوم عُرسكِ فقط ستدركين القيمة الحقيقيَّة لفراغ القلب من الحب؛ لأنكِ حينئذٍ ستعيشين بلا ماضٍ يرهق تفكيركِ، وبلا ذئب يهدِّد بيتكِ، وبلا خطيئة تلوِّث طهركِ، وبلا مقارنات تُثْقِل همَّكِ، وبلا ذكريات تنغِّص ساعات فرحكِ، ستذكُرين كلامي هذا إن حافظتِ على قلبكِ على ما هو عليه الآن يا صغيرتي. 

بالنِّسْبة لمهارة الجرْأة والشَّجاعة التي تفتَقِدينها، رغْم أنَّكِ تَمتلكين الشَّجاعة الأدبيَّة التي مكَّنتكِ من الكتابة لنا، فلا تَحزني لفقدها؛ إذ مثل هذه المهارات يُمكن اكتسابُها والتدريب عليها، لكن المشكِلة أنَّكِ لا تسألين (كيف) تكتسبين هذه المهارة، بل تسألين (لماذا) لم تكوني بِجرأة هؤلاء الفتيات؟ وفرق بين أن نسأل بـ (كيف؟) وبين أن نسأل (لماذا؟) عند تعلُّم المهارات الشخصيَّة وتطوير الذَّات.

فـ(كيف) هذه تتضمَّن الإرادة والرَّغبة في التعلّم والتدريب، أمَّا (لماذا) فلا فائدة منها غير التحسُّر وجلْد الذات، بالأولى سنتغيَّر وننتقل خطوة إيجابيَّة إلى الأمام، وبالأخرى سنقِف في أماكننا وربَّما نستمرّ في التَّراجع إلى الخلف، أرأيت الفرق؟! 

بإمكاني توفير النَّصائح لمن أتلمَّس لديه الرَّغبة الجادَّة للتَّغيير بين سطورِه، وهو الأمر الذي لا أراه ولا أرى حتَّى ظلّه في استشارتك، غير أنّي سأحسن الظَّنَّ بكِ مرَّة أخرى وأقول: قد خانكِ التَّعبير مرَّة أخرى:

أوَّلاً: هناك مواقف تستلزم منَّا أن نقول فيها: (نعم) بِمنتهى الثِّقة، ومواقف أخرى تستلزم منَّا أن نقول فيها: (لا) بِمنتهى الثِّقة أيضًا، وسواء رضي الطَّرف الآخَر أم لم يرضَ فهذه مشكلته وحده؛ فحقّ كلّ شخصٍ أن يُبْدِي رأيَه، ومن حق الطرف الآخر أن يحترم هذا الرَّأي، المهم هنا أن تتشجَّعي وتعبِّري عن نفسكِ بهدوء، ودون ازدِراء أو تعصُّب أو غضب، فأكثر المواقِف لا تستحقُّ منَّا أكثر من كلِمة "نعم"، أو كلمة "لا"، وهذا ما يَجب أن تتعلَّميه كخطْوة مهمَّة في الدِّفاع عن رأْيِكِ، خُذي هذه الأمثِلة القرآنيَّة: 

1- قال تعالى: {فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 61 - 62].

2- وقال: {وَيَسْتَنبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [يونس:53] 

ثانيًا: استخْدمي الضمير (أنا) في التَّخاطُب، عوضًا عن (أنت)، حين ترْغبين في التَّعبير عن مشاعركِ، فالتَّخاطب بكلمة (أنت) يُشْعِر الآخر بأنَّه في موضع اتِّهام، وهذا ما يَجعل أكثر الحوارات في حالة تصادُم واختناق، لاحظي هذه القدرة العجيبة في التَّعبير عن الذَّات دون جرح الآخر لدى نبي الله نوح - عليه السَّلام - في خطابه مع قومه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ * وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللّهُ خَيْرًا اللّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ} [هود: 28 - 31]. 

ثالثًا: كوني مؤكِّدة لذاتكِ من خلال التَّعبير عن انفعالاتك:
المحبَّة: عن أنس بن مالك قال: كنتُ جالسًا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ مرَّ رجل فقال رجُل من القوم: يا رسول الله، إني لأحبُّ هذا الرجل، قال: ((هل أعلمتَه ذلك؟)) قال: لا، فقال: ((قُمْ فأعْلِمْه))، قال: فقام إليْه فقال: يا هذا، واللهِ إنِّي لأحبُّك في الله، قال: أحبَّك الَّذي أحببتَني له؛ رواه أحمد.

الحزن: قال - تعالى - على لسان يعقوب - عليه السَّلام -: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 13].

الخوف: قال - تعالى - على لسان موسى - عليه السَّلام -: {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ * وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} [الشعراء: 12 - 14].

الاستياء: قال - تعالى - على لسان موسى - عليه السَّلام -: {قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61].

الإعجاب: عن أبي هُريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((نِعْم الرَّجُل أبو بكر، نعم الرَّجُل عمر، نعم الرَّجُل أبو عبيدة بن الجراح))؛ حديث حسن رواه الترمذي.
وقيسي على ذلك كلَّ الانفعالات. 

رابعًا: ابدئِي بالتَّعبير عن نفسك ورأيكِ أمام الصِّغار والأقل والأضعف شأنًا ومكانةً منكِ، ومع المقرَّبين إليكِ تدريجيًّا حتَّى تصلي إلى مبتغاكِ.

خامسًا: تقولين عن نفسكِ: "دائمًا أفكِّر أنَّني بنت من غير شخصيَّة".

الحقيقة أنَّه لا يوجد شخْص بدون شخصيَّة، ولكن هناك أصحاب الشخصيَّات الجذَّابة اللامعة، وهناك أصحاب الشخصيات الضعيفة الباهتة، وهذا نَمط من أنماط الشخصيَّة يُمكنكِ التغلُّب على جوانبه السلبيَّة فيه باكتساب أُخرى إيجابيَّة تحقّق لك التوازن النفسي المطْلوب، الَّذي يدعم ثقتكِ بنفسكِ ويلوِّن منظارَكِ الذي تنظرين به للحياة والذَّات؛ حتَّى تري جوانبكِ المضيئة بفخْر واعتزاز، وثقي أنَّ المسألة مجرَّد عادة، تعوَّدي على النجاح وستنجحين، وفي المقابل لو عوَّدت نفسكِ على الانهزاميَّة فستنْهزمين في أسهل المواقف وأضعف الحروب بسهولة؛ {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 33]! 

سادسًا: اعتني بنفسكِ ومظهركِ وصحَّتكِ، وكوني جميلة؛ فالله يحب الجمال، ومثل هذه الأمور لها أكبر الأثر على تعزيز الثِّقة بالنفس ودعم الصحَّة النفسيَّة. 

سابعًا: استثْمري قدراتكِ وطاقاتكِ الحقيقيَّة في خدمة النَّاس ومجتمعكِ ودينكِ، اعملي جهدكِ على استِجْلاب الخير والنَّفع للغير، ولا تنتَظري أن تكوني دائمًا موضع اهتمام؛ بل ابدئي أنتِ بالاهتمام والإحسان، وثِقي أنَّكِ ستجنين من وراء ذلك خيرًا كثيرًا في الدنيا والآخرة. 

ثامنًا: اتَّخذي لنفسكِ قدوة حسنة ومثالاً تَحتذين به في شخصيَّته وأسلوب حياته، فأكثر النَّاجحين قد نجحوا من خلال اقتدائِهم بِمَن سبقوهم من النَّاجحين. 

يمكنكِ الاستزادة والاستِفادة لو قرأت كتاب: "كيف تحقق النجاح والشخصية الجذابة؟" للدكتور سامي محمود؛ فهو كتاب جميل ومبسَّط يُمكنكِ تحميله من الإنترنت. 

أرجو أن تفيدكِ هذه النَّصائح في التَّغيير، ولكن لا تلومي إلاَّ نفسكِ إن وجدتِ نفسَكِ يومًا ما على نفس الحال الذي كنتِ عليه رغْم تقادم الزمن؛ {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد:11].

دمتِ بألف خير، ولا تنسَيني من صالح دعائكِ.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أخت زوجي تغار مني فماذا أفعل؟
  • غيرة أم إعجاب وتعلق؟
  • كثرة الغيرة على النساء غير المحارم
  • شكي فيمن حولي يضر بشخصيتي
  • احترام خصوصيات الآخرين

مختارات من الشبكة

  • الغيرة القاتلة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيرة الغيرة يا أمة محمد!(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيرة المرضية وأثرها في طلاق الزوجين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التساهل مع غير المحارم من الأقارب(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • غيرة الأقارب(استشارة - الاستشارات)
  • خطورة ظاهرة التصدي للفتوى من غير العلماء في مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض دنيوية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيرة المحمودة (بطاقة دعوية)(مقالة - مكتبة الألوكة)
  • الغيرة في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الغيرة المفضية للحسد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة: الغيرة في الحياة الزوجية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب