أريد حلا لابني المراهق

السائلة الفاضلة التي أطلقتْ على نفسِها: دموع أم.
سلام من الله عليك ورحمة وسكينة من لدُنه - الرحمن الرحيم - تطمئنك وكلَّ أمّ وكل والدة في مكانك.

لا أكتُمك أنّي بكيتُ حين قرأت مشكلتك، ثمَّ أغلقت جهازي؛ لأتنفَّس الصعداء وأرى ما يُمكنُني تزْويدك به من مشورة، والله المستعان، فأنا أمّ وأُدْرِك معاناتَك.

وإني إذ أدْعو لي ولك بأن يُبلغنا الله ما يرضينا بأولادِنا، وأُطمئنُك أنَّ رسالتَك حوت إيجابيَّات عديدة، استفيدي منها في حلّ مشكلتك:

أنَّها تعمر بالإيمان، وهذا الأهمّ الَّذي لا يلقَّن؛ بل مشاعر  تنسكب وتسكن النفس، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي: ((أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظنَّ عبدي ما شاء))، وهذا رصيد قويّ لك، حريّ بك أن تستثمريه.

البيئة التي تربَّى بها ابنُك بيئة ملتزِمة ومتدينة، وهذا ثابت، والَّذي حدث له أمر طارئ، وهذا متغيِّر، والثابت أقوى من المتغير. 

أنت ووالده تتمتَّعان - بفضل الله - بوعْي وثقافة وحبٍّ يَجمعُكما، وحرْص على أطفالِكما، وهذه البيئة الصحّيَّة تجعل حلَّ المشكلة أيسر بعوْن الله، ولو أنَّني أتساءل: هل العلاقة بيْنكما وبين أبنائكما هانئة، وتدفع الابن إن تعرَّض لأذًى أن يسارع في إخباركما أم لا؟

نأتي الآن إلى لبّ المشكلة: هل تغيَّر الولد من سنةٍ؛ أي: منذ فقدك طفلك الصَّغير؟ هل تأكَّدتم فعلاً أنَّه تعرَّض للتحرّش؟ أيًّا كان جوابك فإنِّي أؤكِّد عليْك وعلى والده بعدَم التأخُّر أكثر من ذلك في معرِفة مصدر التحرُّش الَّذي تعرَّض له ابنُك؛ لتقومي بِحماية ابنِك من تكْرار حدوثه؛ لأنَّ التَّكرار يعني صعوبة أكثر في العلاج. 

لا تستبْعِدوا أيَّ بيئة أن يصدر منها الاعتِداء، حتى بيئة المسجد وحلقات الذكر إن كان يرتادها - نسأل الله العافية - يأتي لحفظ حروف القُرآن من لا يطبِّقه، واطلبوا من أُستاذ الحلقة دون أن يعرف التَّفاصيل أن يعينَكم على متابعة ابنِكم بالحلقة. 

تفقَّدي أصحابه وأخلاقهم، وهذا الأمر يستطيعُه الوالد أكثر منك، بأن يدعوَهم إلى طعام أو رحْلة ويرقب عن كثب اهتماماتِهم، ويسمع طريقة نقاشهم ومفرداتِهم، تفقَّدي كيف يقضي وقت فراغه وأي قنوات أو مواقع يشاهدها ويتَّصل بها. 

ولابدَّ من عرضه على أخصائي نفسي كفء وثقة، ليخبِرَك بحجْم المشكلة وحجْم الأثر الذي استقرَّ في نفس ابنك؛ لأنَّ الأثر والعلاج يَختلف تمامًا من شخص لآخَر حسب طبيعة الاعتداء ومرَّاته وطبيعة مَن تعرَّض له، وطبيعة مَن قام به، وعلاقته بالمعتدى عليه وهكذا. 

وإن كان فعلاً قد تعرَّض لاعتداء وإن لم تعرفوا من الولد، فيفترض بالأخصائي النفسي أن تكون عنده الكفاءة أن يعرف ذلك. 

اقتربي من أولادِك أكثر، ومن ابنك، واقضي معهم وقتًا نوعيًّا، وقد أدركتِ بنفسك أن الابتعاد عنهم يؤدِّي لنتائج سلبيَّة. 

اقرئي أكثر عن التحرُّش: أسبابه وآثاره وطرُق تجاوُزه، هذه الثقافة باتتْ لازمة للأهالي بهذا الزَّمن كثير المتغيِّرات. 

ختامًا: أسأل الله لك الحكمة والصَّبر، فالصبر - كما قال لك زوجُك - هو مربط الفرس، والثبات، وعافاك من كلِّ همٍّ وغمٍّ.