• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | استشارات نفسية   استشارات دعوية   استشارات اجتماعية   استشارات علمية  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    مر على زواجي ثلاثة أشهر وما زلت بكرا
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    حيرة بين فتاتين
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    زوجتي تفلتت من قوامتي
    د. صلاح بن محمد الشيخ
  •  
    أمي وإخوتي تركوني وحيدة
    د. شيرين لبيب خورشيد
  •  
    وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    قسوة القلب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    زواج بالإكراه
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    ممارسة السحر من غير قصد
    أ. منى مصطفى
  •  
    الهوس بالأبراج
    أ. عبدالله بن عبدالعزيز الخالدي
  •  
    رجل مطلق يحبني
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    إحباط من جميع النواحي
    أ. أحمد بن عبيد الحربي
  •  
    أكل الحقوق بين الإخوة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
شبكة الألوكة / الاستشارات / استشارات علمية / شريعة إسلامية
علامة باركود

أريد أن أعود إلى الله

أريد أن أعود إلى الله
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي

استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/1/2018 ميلادي - 21/4/1439 هجري

الزيارات: 11207

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
السؤال:

 

♦ الملخص:

شابٌّ ترك العبادات والطاعات، وصار يُشاهد الأفلام المحرَّمة، وأفلام الرسوم المتحركة التي تُخالف العقيدة، ويبحث عن طريق العودة إلى الله.

 

♦ التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ مسلم، مُشكلتي أنَّني أشعر بالوَحدة رغم قُربِ عائلتي منِّي، وأغضب بسرعة، وأشعر أيضًا بالكُره والبُغض لكلِّ الناس، وأكره مدح الناس لي؛ لأنَّ مدحهم يُشعرني أني منافق.


كان لي ابن عمٍّ قريب مني، وكنتُ أحبُّه، لكنه تُوفِّي، وكنت أتمنى رؤيته فكنتُ أعمل الأعمال الصالحة كي أكون قريبًا منه في الجنة، وصرتُ أَزيد مِن النوافل وقراءة القرآن، ثم انقطعتُ عن كلِّ ذلك فجأة؛ بل انقطعتُ عن العبادات كلِّها.


دمَّرني الإنترنت، وشكَّكني في وجود الله، حتى صرتُ أشعر أنني مِن الذين على قلوبهم الران!

أيضًا كنتُ أتابع رسوم "إنمي" اليابانية المتحرِّكة، وتفكير صانعي هذه الرسوم تفكيرٌ ياباني مِن حيث كلُّ شيء؛ فمنهم المُلحِد، ومنهم مَن يؤمن بتعدُّد الآلهة، تركت هذه الرسوم حين التزمت، ثم عدتُ إليها بعدما انقطعت عن العبادة، بل صرتُ أشاهد الأفلام المحرَّمة، ولم أعدْ أندم على مشاهدتها بعدما كنتُ أندم وأبتعد عنها حتى تغلبني نفسي؛ لكن الآن صرتُ أشاهدها كل يوم.


مشكلتي الرئيسة بعد كلِّ هذا أنني لا أعرف كيف أرجع إلى ربي؟! كيف يعود إيماني بالله إليَّ مِن جديد؟! وربما لو استطعتُ أن أعرفَ إجابةً لبعض الأسئلة التي تدور في عقلي لانحلَّت الكثير مِن العُقد التي عندي، وهذه الأسئلة هي: لماذا صار واقع المسلمين في هذه الحالة المزرية مِن الغدر والتخلُّف؟ ولماذا خلق الله الضباع والأسود التي تأكل الفريسة وهي حيَّة تتألَّم حتى تموت؟ أليس الله بأرحم الراحمين؟ ولماذا وقف الأنبياء عند رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم ولم يُرسل الله لنا نبيًّا؟

الجواب:

 

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فالذي يظهَر مِن رسالتك أيها الابن الكريم أنَّك تعرَّضتَ لهِزَّة شديدة خلخلتْ منظومة القيم في نفسك، وإن كنتُ على يقينٍ أنَّ ما يمرُّ به العالَمُ الإسلاميُّ والعربيُّ هما السبب المباشر لتبدُّل أحوال كثير من الشباب، كما أن كثرة الفِتَن والقتل وبُعْد المسلمين عن مصدر هدايتهم وعزِّهم، وتسلُّط قوى الشرِّ علينا - له أثر سيِّئٌ في نفوس الشباب أيضًا، والله المستعان، وعليه التكلان، وسأذكر لاحقًا سبب هذا الهوان، والحكمة الإلهية منه، وأنه مِن عدْل الله تعالى.


كل ما أُريده منك أيها الابن الكريم أن تُحسنَ استقبال المناقشة العقلية، وأن تَستعين بالله سبحانه في الخروج من تلك الدوَّامة، وقد أحسنتَ بمُراسلتك لشبكة الألوكة، وسأُحاول جهدي أن آخذ بيدك إلى برِّ الأمان على أن تُعاهدني أن تعمل بموجِب علم اليقين.


وحتى يسهل عليك التأمُّل والعمل؛ فسيَنتظِم كلامي معك في نقاط محدَّدة:

أولاً: كلُّنا يعلم أن الله تعالى لم يَخلُق نفس الإنسان معصومةً؛ وذلك لحِكَم جليلة ليس هذا محلَّ بسطها، فالإنسانُ في حياته الدنيا يتقلَّب مِن طاعة إلى معصية والعكس، والعِبرةُ بكمال النهاية، لا بنقص البداية، فالإنسانُ قد يكون كافرًا ثم يُسلم، فلا يضرُّه حالُه السابق، ومِن ثمَّ كان على العاقل دائمًا أن يتدارك نفسَه بالتوبة والرجوع إلى الله، فنحن في فسحة من الوقت، وباب التوبة مفتوح لا يُغلق إلا بطلوع الشمس من مغربها، أو بوصول الروح إلى الحُلقوم.


ثانيًا: أن من رحمة الله تعالى بعباده أنَّنا إذا قَوِيتْ حاجتُنا إلى معرفة شيء، فإنَّ الله تعالى يُيسِّر أسبابه، فلمَّا كانتْ حاجتنا إلى الهواء أعظمَ منها إلى الماء، كان مبذولًا لكلِّ أحد في كلِّ وقت، ولمَّا كانت حاجتنا إلى الماء أكثرَ من حاجتنا إلى القُوت، كان وجودُ الماء أكثرَ من الغذاء.


وحاجتنا إلى معرفة الخالق أعظمُ مِن حاجتنا للهواء والشَّراب والطعام والدواء وغيرها؛ من أجل هذا جعل الله دلائلَ ربوبيَّته وقُدرته وعِلمه ومَشيئته وحِكمته في فِطرة البشَر، وجعلها أيسرَ فَهمًا مِن غيرها، وكذلك لمَّا كانت حاجتنا إلى معرفة صِدق الرسُل أعظمَ مِن كل حاجة، أقام الله سبحانه مِن دلائلِ صِدقهم، وشواهدِ نُبوَّتهم، وحُسْن حال مَن اتَّبعهم وسعادته ونجاتِه، ما يَظهَر لكل من تدبَّر ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾[النور: 40].


ثالثًا: مِن آثار النقطة السابقة أنَّ الله جعل في فِطَرنا وعقولنا دلائلَ وجوده، وأن للعالَم ربًّا قادرًا حليمًا عليمًا رحيمًا، كاملًا في ذاته وصفاته، وركَّب في عقولنا مِن استحسان الحسَنِ، واستِقباح القَبيح، وجبَلَ طِباعنا على إيثار النافع المُصلح لشأننا، وترك الضارِّ المفسِد، فالشريعةُ والعقل الصحيح متوافِقان وليسا متعارضَين، وهذا دليلٌ على أنَّ كلًّا مِن عند الله تعالى.


رابعًا: تأمَّل القَدْرَ الذي تعلمُه مِن الشريعة الإسلامية، وستُدرِك بالبداهة العقلية أنه سبحانه أحكمُ الحاكمين، وأرحَمُ الراحمين، وأنه أحاط بكل شيء علمًا، وأن الشريعة كلَّها في أصولها وفروعها متَّفقة، مَرْكُوزٌ حُسْنُها في العقول، ولو وقعتْ على غير ما هي عليه، لخرجت عن الحِكمة والمصلحة والرحمة؛ بل من المُحال أن تأتيَ بخلاف ما أتتْ به، واعتَبِرْ في هذا ببعض العبادات؛ كالصلاة والزكاة والصوم والحجِّ وغيرها، وكيف أنها وُضعتْ على أكملِ الوجوه وأحسنِها، التي يُعبَد بها الخالق تبارَكَ وتَعالى.


خامسًا: أنَّ مِن كمال عدل الله تعالى أن كلَّ مَن ذاق حلاوة الإيمان، وأحسَّ بكرامته على الله، ثم تولَّى عن طاعة الله، وأبى واستكبر - فإنه يُعاقَب بسَلْبِ النِّعم، والطَّرْدِ مِن كنَفِ الله، وفي القرآن العظيم تحذيرٌ شديد مِن هذا الهَوْلِ المُخيف؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ﴾ [محمد: 38]، فحذَّر الله من التولِّي في تهديد حاسم!


وروى أبو داود عن ثوبانَ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الأممُ أن تَدَاعى عليكم، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها))، فقال قائل: ومِن قلَّة نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذ كثير، ولكنَّكم غثاءٌ كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهَن))، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهَنُ؟ قال: ((حبُّ الدنيا، وكراهية الموت)).


وأكثر المسلمين الآن - إلا من رحم الله - ليس لهم مِن الدِّين قليل ولا كثير، فتحقَّقت فينا نبوءة الصادق المصدوق.

تأمَّل معي ما رواه ابنُ عساكر في تاريخ دمشق (47 / 186) عن عبدالرحمنِ بنِ جُبيرِ بنِ نفير عن أبيه: قال: "لما فُتحت قبرسُ مُرَّ بالسَّبْيِ على أبي الدرداءِ، فبكى، فقلتُ له: تَبكي في مثل هذا اليوم الذي أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟! قال: يا جبيرُ، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله، فلَقُوا ما ترى، ما أهونَ العبادَ على الله إذا هم عَصَوه!".


وقد حذَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المصير فقال: ((إذا تبايعتم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتُم بالزرع، وتركتُمُ الجهاد - سلَّط الله عليكم ذلًّا لا يَنزعه حتى ترجعوا إلى دينِكم))؛ رواه أبو داود.


غير أني أنقل لك بشارة، وهي أنَّ النَّبع الصافيَ من الكتاب والسنَّة محفوظان بحِفظ الله تعالى لهما، وهذه معجِزة باهِرة بأنه حقًّا تنزيلٌ من عزيز حكيم، فلن يَقدِر أحدٌ - مهما بلغت قوَّتُه وعَظُم كَيْدُه - أن يمسَّ ثوابتَ الدين.


سادسًا: رسول الله هو خاتم النبيِّين، فلا دينَ بعدَ الإسلام، ولا رسولَ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم محمَّدِ بن عبدالله، فبه كَمُل دينُ الله المتضمِّن للأمر بكل معروف، والنَّهْيِ عن كل مُنكَر، وإحلالِ كل طيِّب، وتحريم كل خبيث، وأما مَن قَبْلَه من الرسل، فقد كان يحرَّم على أُمَمِهم بعض الطيِّبات؛ كما قال تعالى: ﴿ فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ﴾ [النساء: 160]، وربما لم يحرِّم الله تعالى عليهم جميع الخبائث؛ كما قال تعالى: ﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ﴾ [آل عمران: 93]، والأمر بجميع المعروف والنهي عن كلِّ منكر لم يتمَّ إلا للرسول، الذي تمَّم اللهُ به مكارم الأخلاق، وقد قال الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فقد أكمل الله لنا الدِّين، وأتمَّ علينا النِّعمة، ورَضِي لنا الإسلام دينًا؛ وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن مَثَلي ومثل الأنبياء من قَبلي، كمَثَل رجل بنى بيتًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لَبِنة من زاوية، فجعل الناس يَطوفون به، ويعجبون له، ويقولون: هلَّا وُضعت هذه اللَّبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيِّين)).


سابعًا: تأمَّل - سلَّمك الله - ما سأنقله لك من كلام نادر لشيخ الإسلام ابن تيميَّة، وهو يقرِّر تلك السنَّة الكونيَّة المطَّرِدة؛ أعني: أسبابَ زوال النِّعَم وحلول النِّقم، فقال في مجموع الفتاوى (13 / 178):

"... فلمَّا ظهر النفاق والبدع والفجور المُخالِف لدين الرسول، سُلِّطت عليهم الأعداء، فخرجت الروم النصارى إلى الشام والجزيرة مرَّةً بعد مرةٍ، وأخذوا الثغور الشاميَّة شيئًا بعد شيء، إلى أن أخذوا بيت المقدس في أواخر المائة الرابعة، وبعد هذا بمدة حاصروا دمشق، وكان أهل الشام بأسوأِ حال بين الكفار النصارى والمُنافِقين الملاحدة، إلى أن تولَّى نور الدين الشهيد، وقام بما قام به مِن أَمر الإسلام وإظهاره، والجهاد لأعدائه، ثم استنجد به ملوك مصر بنو عُبَيد على النصارى فأنجدهم.


فكان الإيمان بالرسول والجهاد عن دينِه سببًا لخير الدنيا والآخرة، وبالعكس البدع والإلحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشرِّ الدنيا والآخرة، فلمَّا ظهر في الشام ومصرَ والجزيرة الإلحادُ والبِدَع سلِّط عليهم الكفار، ولما أقاموا ما أقاموه من الإسلام وقَهر المُلحِدين والمبتدعين، نصرهم الله على الكفار؛ تحقيقًا لقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصف: 10 - 13]، وكذلك لَمَّا كان أهل المَشرِق قائمين بالإسلام، كانوا مَنصورين على الكفار المشركين من الترك والهند والصين وغيرهم، فلمَّا ظهَر منهم ما ظهر من البدع والإلحاد والفجور، سلِّط عليهم الكفار؛ قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 4 - 8].


وكان من أسباب دخول هؤلاء - يعني: التتار - ديار المسلمين، ظهورُ الإلحاد والنفاق والبِدَع، فلمَّا ظهَر بأرض المَشرِق - بسبب مثل هذا الملك ونحوه، ومثل هذا العالم ونحوه - ما ظهر من الإلحاد والبدع، سلَّط الله عليهم التُّرك المشركين الكفار، فأبادوا هذا الملك، وجرت له أمور فيها عبرة لمن يَعتبر، ويَعلم تحقيق ما أخبر الله به في كتابه؛ حيث يقول: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53]؛ أي: إن القرآن حق، وقال: ﴿ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ ﴾[الأنبياء: 37]" ا هـ مختصرًا.


أما ما أَشكَل عليك مِن خَلقِ الله تعالى للوحوش الكاسرة، وربما توهَّمتَ أنها شرٌّ محضٌ لا خيرَ فيه لأحد، أو أنها خُلقتْ لا لحكمةٍ ولا لرحمة، والله تعالى أحسنَ كلَّ شيء خَلَقه، وهو أرحم الراحمين، والخيرُ بيديه، والشرُّ ليس إليه، لا يفعل إلا خيرًا، وما خلقه من حيوانات مُفترِسة، فله فيه حكمة عظيمة، ونعمة جسيمة، منها التوازن البيئيُّ الذي تراه، فالوحوش المفترِسة من أكَلَةِ اللحوم؛ كالأسود والنُّمور والفهود والذئاب والضِّباع وغيرها، تَكمُن أهميَّتُها بما تصطاد من الحيوانات العاشبة في توازن الطبيعة النباتيِّ؛ لئلَّا تتصحَّر مِن الرعي الجائر إن كَثُرت أعداد هذه الحيوانات بما يفوق توفُّر النبات، كما أنها تقوم بخدمة كبيرة للصحَّة العامَّة في أكلها الجِيَف، ولولا هذا لأنتنتِ الأرض، وغيرها من الحِكَم والمصالح والخيرات التي لم تظهَر لنا، فالله سبحانه لم يَخلُق شيئًا عَبَثًا، ولا قصَدَ بخلقه إضرارَ عباده وهلاكهم، فكم لله في خَلْقِه من حكمة باهرة، وحُجَّة قاهرة، وآية ظاهرة، ونعمة سابغة!


وتأمَّل - شرح الله صدرك - الحِكَم والرحمةَ حتى في خلق السموم، من المصالح والحِكَم ما هو خيرٌ من تفويتها؛ بل من تأمَّلَ الوجود كلَّه، عَلِم أن الخير فيه غالبٌ، وأن الأمراض وإنْ كثُرَتْ، فالصحةُ أكثر منها، واللذَّات أكثر مِن الآلام، والعافية أعظم مِن البلاء، والغرق والحرْق والهدم ونحوُها وإن كثرتْ، فالسلامةُ أكثرُ، ولو لم يوجد هذا القسم الذي خَيْرُه غالبٌ لأجل ما يَعرِض فيه من الشرِّ، لفات الخيرُ الغالب، وفواتُ الخير الغالب شرٌّ غالب، ومثال ذلك النار، فإن في وجودها منافعَ كثيرة، وفيها مفاسد، لكن إذا قابلنا بين مصالحها ومفاسدها، لم تكن لمفاسدها نسبةٌ إلى مصالحها، وكذلك المطر والرياح والحرُّ والبَرد، وبالجملة فعناصر هذا العالم السفليِّ خيرُها مُمتزِج بشرِّها، ولكن خيرها غالب؛ قاله ابن القيم في كتابه شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل (ص: 184).


وفي الختام: أنصحك بقراءة القرآن الكريم بتدبُّر، وأن تتأمَّل كتاب الكون المفتوح، واحرص على اقتناء كتاب: "محاسن الشريعة"؛ للقفال الكبير الشافعيِّ، وهو متوفِّر على شبكة الإنترنت، وكذلك كتاب: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟"؛ لأبي الحسن الندويِّ.

ونحن في شبكة الألوكة يسرُّنا التواصل معك، والإجابة عن كل ما يُشكِل عليك.

أسأل الله أن يلهمك رشدك، وأن يعيذك من شرِّ نفسك





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق 
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الدعوة إلى الإسلام
  • التخصُّصُ وحاجة المسلمين إليه
  • مراهقتان متأرجحتان بين الإسلام والكفر
  • كيف أدعوها إلى الإسلام
  • كاد الشيطان يشككني في إسلامي، فماذا أفعل؟
  • شكوكي حول كثير مِن أحكام الشريعة
  • الجدال مع غير المسلمين أمام الملأ
  • كتب تتحدث عن تحكيم الشريعة
  • زوجتي الأجنبية غير مقتنعة بالإسلام
  • خطورة النكت التي تهزأ بشعائر الإسلام
  • هل لمن لا يقيم شعائر الإسلام حق في الميراث؟
  • أريد نصائحكم لأكون أقرب إلى الله
  • أريد العودة إلى الله

مختارات من الشبكة

  • هكذا أريدك وهكذا أريد كل أبناء المسلمين(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • أريد أن أكون، ولكن..(استشارة - الاستشارات)
  • وماذا عن أمنيتك أنت؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • همسة الفراشة (قصيدة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أريد أن أعود إلى طليقي(استشارة - الاستشارات)
  • أريد أن أعود إلى زوجي وهو يرفض(استشارة - الاستشارات)
  • أُريد أن أتوب(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • أريد الهداية لإخوتي(استشارة - الاستشارات)
  • أريد العمل لكني دون خبرة(استشارة - الاستشارات)
  • أريد علاجا للكسل(استشارة - الاستشارات)

 


مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب