الوقت المناسب للزواج

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، وبعدُ:

فإني وقبلَ كلِّ شيء أرغَب في أن أسْتَفْسِرَ عن مسألةٍ مهمةٍ، وهي: هل يوجد بينكما تواصُلٌ برغم أنها مجرد خطبة؟ حيث إني فهمتُ ذلك مِن خلال استشارتك، أو أن هناك واسطة بينكما؟

إذا كان الجواب بـ(نعم)، إذًا فسأشير عليك بأن تَعْقِدوا عقد الزواج الآن؛ تفاديًا للاستمرار في أمرٍ لَم يُحِلّه الله، وهي علاقتُك بالخاطب قبل عقد الزواج، والتي لا يسمح بها شرعُنا.

أما إن كان الجوابُ بـ(لا)، فالذي أنصح به أن يتأخَّر العقدُ؛ يعني: أن تُنفذوا الاقتراح الثاني، وذلك لأنَّ العقدَ لفترةٍ طويلةٍ قد ينبني عليه عددٌ مِن السلبيات بسبب ارتباطك بزوجٍ ستكون له الولاية عليك، ولا بد مِن الطاعة، فقد يُطالبك بأمورٍ يَصْعُب عليك تنْفيذُها؛ فتقعين في الحرَج، فلا هو الذي أذن لك، ولا هو الذي قام بها بسبب بُعده.

كما أنَّ مجرد الارتباط يُشعر كلاًّ منكما بمسؤوليته تجاه الآخر، وهذا بلا ريب يُحدث انشغالاً نفسيًّا وفِكريًّا، مما قد يؤثر على دراستك.

أما ما يَظُنُّه البعضُ مِن أن طول فترة المِلْكة قد يُساعد على التعرُّف أكثر، فإنه ليس شرطًا أن يحدثَ ذلك، ولو حصل فلا يخلو الأمر مِن وُجود سلبيات أخرى، فعلى سبيل المثال: لو حصل بينكما خلافٌ مثلاً فإنَّ ذلك يجعل كلاًّ منكما يفكِّر في الانفصال مباشرةً، برغم تفاهة الأمور أحيانًا، هل تعلمين لماذا؟!

لأنَّ العلاقة في الملكة علاقةٌ سطحيةٌ، فهي تختلف عن العلاقة بعد الزواج، والتي سيكون فيها تقارُب نفسيٌّ وجسديٌّ؛ لذلك تجدين أنَّ كِلا الزوجين يسارعان في تفادي المشكلة؛ حِفاظًا على الودِّ، وامتنانًا للجميل، واعترافًا بالفَضْل، هذا رأيي، ولك أن تُكَرِّري الاستشارة في ذلك.

نأتي لمسألة فارق السن، فهي في الحقيقة ليس لها تأثيرٌ أبدًا، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوةٌ حسنةٌ؛ حيث كان الفارقُ بينه وبين زوجه خديجة رضي الله عنها أكبر بكثير، وما زاد ذلك بينهما إلا ودًّا واحترامًا، وقضيةُ التعيير هذه تعود إلى خُلُق الشخص، فهناك أيضًا مَن إذا غضب عيَّر زوجته بأنها صغيرة لا تفهم، وأنه يتمنى لو تزوَّج بكبيرةٍ عاقلةٍ، كما أن فارق سنة ليس بشيءٍ في الحقيقة.

إذًا مبنى كل ذلك سيكون على دين الشخص وخلقه، فالذي يتعامل مع زوجته بما يُرضي الله فلن ترى منه ما يَسوءُها.

ولك قبلَ كلِّ ذلك أن تستخيري الله عز وجل، وهذا ما يَحْسُن فِعْله عند الهمِّ بأيِّ أمرٍ، ففي ذلك الراحة والمَخْرَجُ.

أعانك ربي، ويسَّر أمرَك، وهداك لما فيه خيرُ دينك ودنياك