الإدارة في سورة يوسف عليه السلام

ملخص الرسالة

الإدارة في سورة يوسف عليه السلام

دراسة موضوعية

المقدمة:

إنَّ هذا البحث المتواضع يهدف إلى إبراز الجوانب الإدارية في سورة من سور القرآن الكريم (سورة يوسف)، وإن علم الإدارة بما يحتويه من أسس ومعايير موجودة في ثنايا كتاب الله العظيم انطلاقًا من قوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38] وقوله تعالى: ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ ﴾ [النحل: 89] وقد قسمت هذا البحث إلى ثلاثة فصول:

تناول الفصل الأول: معلومات عامة حول السورة من حيث اسمها وسبب النزول وما ذكر عن قصة يوسف - عليه السلام - في التوراة والإنجيل وتم تبيين مقاصد هذه السورة وبعض أهدافها، والغاية الإدارية من نزولها.

وقد تناول موضوع الإدارة وتعريفاتها وموقعها في القرآن الكريم والسنة النبوية، وتحدثت عن بعض المصطلحات الإدارية وبدائلها في القرآن الكريم، كما تناول الباحث موضوع تطور الإدارة وعلاقة علم الإدارة بالعلوم الأخرى وفي نهاية المبحث الثاني تحدث الباحث عن مقارنة بين الإدارة الإسلامية والإدارة المعاصرة الحديثة من حيث الأسس والمرتكزات.

أما في الفصل الثاني: فيشمل البحث بعض أدوات الإدارة مثل: التخطيط ودوره في العملية الإدارية ووجوده في القرآن والسنة النبوية كما عرض الباحث بعض الحالات الموجودة في سورة يوسف من التخطيط مقارنة بأنواع التخطيط التي وجدت في العلوم الحديثة. كما بين الباحث أداة أخرى من أدوات الإدارة وهي صناعة القيادة والدور المطلوب من أجل إعداد القادة والصفات التي يجب أن يتصفوا بها، وبينت ذلك كله من خلال سورة يوسف عليه السلام.

وقد تناول الباحث أيضا أداة أخرى من أدوات الإدارة وهي: الحوار وأهميته وصلته بعلم الإدارة ووجوده في القرآن الكريم والسنة بالأمثلة العملية لنماذج من هذا الحوار في الاتصال الرأسي بين المستويات من الأعلى إلى الأدنى وبالعكس أو بين أبناء المستوى الواحد مع العلم أن الاتصال آلية من اليات الحوار.

أما في الفصل الأخير من هذا البحث فقد تناول الباحث أداتين من أدوات الإدارة شرحًا وتفصيلًا والعلاقة بينهما ووجودهما في القرآن الكريم، وهما:

أولًا: اتخاذ القرار من حيث المعاني والأسس التي يقوم عليها وبين الباحث بأن القرآن الكريم يحوى بين ثناياه آلاف القرارات وتم التركيز على ذكر ستة عشر قرارًا في سورة يوسف ثم تحليل ثلاثة منها تحليلًا وافيًا والذي بين طبيعة اتخاذ القرار في العلوم الإدارية الحديثة.

ثانيًا: وفي المبحث الأخير تحدث الباحث عن إدارة الأزمة في العلوم الحديثة من حيث المفاهيم والأسس والممارسات وأهمية القاتد المتدرب والفريق المتدرب في إدارة الأزمة، كما تم إظهار معالجة الأزمات في مواقع من حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحياة بعض خلفائه والخطة التي عالج فيها يوسف - عليه السلام - رؤيا الملك من حيث التخطيط للإنتاج والاستهلاك والادخار.

فإن أحسنت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي المقصرة وأتمنى من الله القبول.

المقدمة:

الحمد لله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، ونعوذ بالله من أن نضل أو نضل، أو نزل أو نزل، ونستغفره ونتوب إليه من كل مخالفة لمنهاجه وتعد عليه. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بتدبر القرآن الكريم و الإمعان فيه حيث قال في كتابه: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24] ونعوذ من أن نكون من الذين يقرءون القرآن ولا يتدبرونه ولا يعملون به، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله النبي الأمين الأمي الذي علم المتعلمين، والهادي إلى سواء السبيل حيث قال: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع".

وبعد: فإن سورة يوسف -عليه السلام - فيها من العلوم الكثيرة وإن كثيرًا من العلماء قد تداولوها في دراستهم وبحوثهم وخطبهم ولكني وجدت هذا الموضوع (الجوانب الإدارية في سورة يوسف عليه السلام) لم يتناوله أي من الباحثين حسب معلوماتي الشخصية....كدراسة أكاديمية. إن هذا الباب مهم لنا، وغاية في الأهمية لأنه علم يؤثر في حاضرنا ومستقبلنا. وما أحوجنا اليوم إلى أن نتعلمه، ونعمل به؛ لأن غيرنا من الأمم والشعوب تتغنى به، وتعتبره من أهم أسباب ريادتها.

كنت أود أن تكون دراسة هذا العلم شاملة للقرآن الكريم كله، إلا أنني وجدت نفسي سألج بابًا لا نهاية له، فآثرت أن تكون الدراسة في سورة يوسف - عليه السلام - سأقف عند الآيات التي تظهر فيها الإدارة أو مدلولاتها... سأدرس تلك الآيات ثم أستنبط منها ما يقابل المصطلحات الإدارية الحديثة، وسأثبت من خلال دراستي ذلك ولست أول من يقول أن القرآن الكريم فيه كل شيء، وأن القرآن جاء تبيانًا لكل شيءء وتفصيلًا لكل شيء، في كل هذه العلوم على اختلافها وما يجد منها.

أهمية البحث:

تكمن أهمية البحث فيما يلي.

1) بيان أن القرآن يحوي في ثناياه أسس الإدارة.

2) عدم وجود مشتقات لكلمة الإدارة مباشرة ووجود مصطلحات بديلة لها.

3) بيان بعض أدوات الإدارة في السورة وتحليلها.

4) بيان أن العلوم القرآنية متجددة، ومواكبة لكل العصور والأزمنة وهذا يؤكد أن القرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان.

5) إن القرآن الكريم فيه إجابات لكل التساؤلات والإشكاليات في كل زمان وفي كل مكان.

6) إن الله سبحانه وتعالى يريدنا أن نهتم بالجوانب الإدارية والتربوية ولا نتعدى ذلك فالأنبياء قدوتنا مروا بهذه التجارب.

أسباب اختيار البحث:

ويرجع إلى الآتي:

1) إن العلوم الإدارية غاية في الأهمية، وهي قديمة في نشأتها، وقد أمرنا الله - سبحانه وتعالى- أن نأخذ بها وأن نعمل بمقتضاها؛ لأن الله ربط العمل بالصلاح في مواطن كثيرة.

2) الرغبة في دراسة الأمور المعاصرة وربطها بالقرآن الكريم وخاصة الإدارة لما لها من أهمية في نجاح الأمم والشعوب.

3) المساهمة في خدمة كتاب الله ونيل رضى الله سبحانه وتعالى.

4) إن الالتزام بالعلوم الإدارية في التصور الإسلامي يمتاز بارتباطه بالعقيدة والشريعة وهذا بخلاف علم الإدارة المعاصر لأنها منبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية.

أهداف البحث: ويهدف البحث لما يلي:

1) إبراز الجوانب الإدارية الموجودة في سورة يوسف - عليه السلام -.

2) التأكيد على حقيقة واقعية لكل الباحثين وطلاب العلم الشرعي خاصة بأن تفسير القرآن الكريم لم يتوقف عند مرحلة من مراحل التاريخ البشري؛ بل إنه سيبقى يستوعب الحياة البشرية إلى يوم القيامة.

3) توجيه العاملين في الحقل الإسلامي إلى العمل بالجوانب الإدارية، والالتزام بها؛ لأنها جزء مهم من متطلبات دنياهم، ورفعة دينهم.

4) إن النصوص القرآنية نصوص مفتوحة للدراسة والبحث، وهي لا نقف عند جانب معين من العلوم، فقد تعددت الدراسات العلمية لها، فمن العلماء من درس الجوانب التربوية، ومنهم من درس الجوانب الأدبية، ومنهم من درس الجوانب الاجتماعية، والباحث سيتناول هذه السورة بدراسة الجوانب الإدارية فيها.

5) المساهمة في إثراء المكتبة الإسلامية بهذه الدراسة من التفسير الموضوعي.

الدراسات السابقة:

حظيت هذه السورة العظيمة باهتمام الكثير من العلماء والدارسين، فانبروا لها تفسيرًا وتحليلًا واستنباطًا، وتناولوا جوانبها المختلفة. يقول فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن عبد القادر المعلمي: "إن كثيرًا من المؤلفين قديمًا وحديثًا قد أفردوا تأليفات خاصة في سورة يوسف ما بين نظم ونثر وقد بلغت حوالي ستة وعشرين مؤلفًا منها على سبيل البيان لا الحصر:

1) قصة يوسف - عليه السلام - مخطوطة لأبن أبي حماد البغدادي (ت.٢٦٧ هـ).

2) تفسير سورة يوسف لابن تيمية مجلد كبير، اسمه (إيضاح المكنون).

3) شواهد التحقيق في نظم قصة يوسف - عليه السلام -.

4) تفسير سورة يوسف - عليه السلام - مخطوط لمصلح الدين مصطفى ابن شعبان الرومي (ت.٩٦٧هـ).

5) مؤتمر يوسف للشيخ عبد العليم الغزي الدمشقي.

6) الوحدة الموضوعية في سورة يوسف - عليه السلام - طبعة (1393 هـ) لحسن محمد بجودة.

7) يوسف في القرآن لأحمد ماهر البقري.

8) الفتن في حياة يوسف - عليه السلام - عبد الحميد البلالي.

9) تفسير سورة يوسف محمد رشيد رضى.

10) سورة يوسف دراسة تحليلية لأحمد نوفل.[1]

ولم يتطرق أحده للجوانب الإدارية فيها على كثرة ما حوت المكتبة من دراسات، وهذا في حدود علم الباحث المتواضعة.

ويؤكد ذلك خلو المكتبات الجامعية من دراسة تحت هذا العنوان أو حوله، كمكتبة الجامعة الإسلامية ومركز الملك فيصل للابحاث العلمية، والذي زود الباحث مشكورًا بإفادة خطية تثبت ذلك.

منهج البحث:

1) التقديم للسورة من خلال مدخل عام يتناول التعريف بها مع أسباب نزولها وغيره.

2) تحديد الجوانب الإدارية المستنبطة من الآيات القرآنية في السورة وتعريفها عند أهل العلم، وربطها بواقع المسلمين في العصر الحديث.

3) تفسير الآيات التي تعبر عن الجوانب الإدارية لبعض مفسري السلف والخلف.

4) عزو الآيات المستشهد بها إلى سورها حسب الأصول.

5) تخريج الأحاديث الواردة في البحث وعزوها إلى أصحابها حسب الأصول.

6) الترجمة للشخصيات والأعلام المغمورة.

7) إعداد قائمة المصادر والمراجع.

ولقد اعتمد الباحث في دراسته على المنهج التحليلي الاستنباطي في تناوله للدراسة.