• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

من أسباب ظهور العلمانية في المجتمعات الغربية

من أسباب ظهور العلمانية في المجتمعات الغربية
د. التجاني محمد الأمين زايد أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/2/2016 ميلادي - 16/5/1437 هجري

الزيارات: 14256

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من أسباب ظهور العلمانية في المجتمعات الغربية

(مظاهر القصور الفلسفي والعلمي والفني والروحي لسلطة رجال الدين)

قراءة تاريخية تحليلية نقدية مختصرة[1]

 

مقتبسات:

"إن المسيحين يعرفون أن موت المسكين تحت ألسنة الكلاب التي تلحس قروحه أفضل بكثير من موت الغني في البرفير والأرجوان".

القديس أوغستينس، مدينة الله، مج1 ص 27، ط2 دار الشروق.

"كل شيء له مغزى ثنائي؛ فاللفظ "أحمر" يعني اللون الأحمر، كما يرمز لدم المسيح، والخشب يستدعي ذكرى الصلب بالمعنى الحقيقي، وترمز حركة "أبو جلمبو" بأطرافه الجانبية إلى الخديعة، والسماء كلها رموز وإشارات..." الفيلسوف المعاصر جميس بيرك متحدثًا عن روح الفلسفة المسيحية في كتابه: عندما يتغير العالم Burke, The Day The Universe Changed," p. 28, London Writers Ltd 1995

ABSTRACT

There are many objective reasons that have brought into existence what Philosophy historians called Modern Philosophy that created the present Western Civilization and paved the way for issues in Contemporary Philosophy. Modern Philosophy has split into two main schools: Rationalism and Empiricism both of which led to what is known today as Secularism and this point will not be discussed here.

In this short paper I reviewed and analyzed - what I thought - some of the most important reasons for the emergence of Modern Philosophy. This is done through the most important features of the intellectual life to what is known in the history of Europe as The Age of Faith (The Dark Ages). The Age of Faith was based on the Clerics theory of religious thought, which eliminated by the Renaissance. The Renaissance represented an introduction to Modern Philosophy as it contained introductory thoughts that eliminated the Clerics.

In this study, I followed the historical analytical approach in the selection of research data. Soon this approach guided me to an amazing result that the Clerics - as a theory for understanding, interpretation and application of religion - was serious in overwhelming the whole life with a religious nature developed by powerful men who believed in what they sought and worked hard towards applying it in all walks of life. I have chosen to study some aspects of Philosophy, Science, Art, and Monasticism which represented the spiritual and practical life of that era. Surprisingly I found the result of application is quite possible in a way - regardless of its cost in life. On the other hand, it was amazing to see a serious attempt and its results on the ground. The interesting result that I found was that religion - as a theoretical thought elicited from a sacred text - can be applied in life, regardless of the reliability of elicitation process or the source elicited from.


ثمة أسباب موضوعية أظهرت إلى حيز الوجود ما سماه مؤرخو الفلسفة بـ: الفلسفة الحديثة (فلسفة القرنين 17 و18)، التي صنعت الحضارة الغربية الماثلة، بل وما زالت "الفلسفة المعاصرة" لم تتجاوز "أطروحات" الفلسفة الحديثة التي انفلقت إلى مدرستين رئيسيتين (العقلية Rationalism، والتجريبية Empiricism)، كلاهما يقود إلى نتيجة واحدة، وهي ما يُعرف في عالمنا الإسلامي بـ: (العلمانية secularism)، وتلك قصة لن نناقشها هنا.

 

في هذه الورقة المختصرة استعرضت وحللت - ما رأيته - أحد أهم أسباب نشأة الفلسفة الحديثة، من خلال أهم معالم الحياة الفكرية لِما عُرِف في تاريخ أوربا بـ: العصور الوسطى، أو المظلمة، أو ما سماه "ويل ديورانت 1885 - 1981" (بعصر الإيمان The Age of Faith)[2]، عصر الإيمان هو الحِقبة السابقة لحِقبة الفلسفة الحديثة، بل السابقة لما عُرِف بعصر النهضة (Renaissance)[3] الأوربية، والنهضة هي المدخل إلى الفلسفة الحديثة، من حيث إنها كانت المقدمات الفكرية المزيلة لما قبلها، أعني الفكر الذي قام على نظرية "الإكيلورس"، والمصطلح "إكيلورس = clerics" يعني رجال الكنيسة.

 

اتبعت في تتبع وانتقاء نقاط هذه الورقة منهجًا تاريخيًّا تحليليًّا مختصرًا، أوصلني إلى نتيجة مذهلة، مُفادها: أن الإكلورس - باعتباره نظرية لفهم وتفسير وتطبيق الدين - كان جادًّا في طبع الحياة كلها بطابع دِين استنبطه رجال أشداء، آمنوا بما استنبطوا، ثم سعَوا - بجد وهمة - في تطبيقه في جميع شِعاب الحياة، وقد اخترت في دراسة الفلسفة والعلم والفن والرهبنة جوانب رأيتها تعبر عن الحياة الروحية والعملية لتلك الحقبة، والمدهش أني وجدتُ نتيجة التطبيق ممكنة من ناحية - بغض النظر عن كلفتها في الحياة - ومذهلة من ناحية أخرى؛ وذلك بالنظر للمحاولة الجادة ونتائجها على الأرض، والفائدة التي خرجت بها أن الدِّين - باعتباره فكرة نظرية مستنبطة من نص مقدس - يمكن تطبيقه في الحياة، بغض النظر عن سلامة الاستنباط، أو سلامة النص المستنبط منه.

 

أولًا: القصور الفلسفي:

كان الشعار المرفوع طيلة العصور الوسطى هو "الفلسفة في خدمة رؤى الإكلورس الدينية"[4]، وقد كانت هذه الرؤى ذات اتجاه واحد في نظرتها للكون والحياة والمجتمع؛ إذ أهملت الثنائية التي نعتبرها من صميم طبيعة الأشياء، فالتفاعل بين تلك الثنائية يحفظ التوازن، وهو سر فاعلية الأشياء وحركتها، فالنفس الإنسانية أو الرُّوح لا يمكن معرفتها حق المعرفة إذا تجاوزنا تمامًا متطلبات وعائها الذي يحويها، المتمثل في مادة الجسد وصورته، تمامًا كما أن الكون الميتافيزيقي الماورائي الغيبي لا يمكن معرفته حقًّا إذا تجاوزنا معرفة الكون الفيزيائي الآني المنظور، وهذا التجاوز المخل هو الذي فعلته بالضبط الفلسفة المسيحية طيلة قرونها الوسطى، خصوصًا تلك التي طبعت بالطابع الأوغسطيني[5] المتأثر بالمدارس اليونانية، وخاصة في سقراطيتها القائمة على شعار "اعرِفْ نفسك"، وبصورة أكبر في أفلاطونيتها المتدثرة بنظرية المثل - هذا إذا استثنينا جزئيًّا توما الأكويني الذي جعل سلطة أرسطو هي الحاكمَ للرؤى اللاهوتية في نهاية القرون الوسطى - وهذا الاتجاه الواحدي الذي لمحناه محمولًا في جوهر السيل المعرفي لفكر القرون الوسطى وما نتج عنه من نتائج هو الذي خوَّل لنا وصفه بالقصور الفلسفي، وإليك المزيد.

 

1 - سقراط وأفلاطون عند آباء الكنيسة:

يقول "جيلسون" المتخصص في فلسفة القرون الوسطى: والواقع أننا نستطيع أن نرى عنصرًا مشتركًا بين سقراطية سقراط والسقراطية التي حددها وحفِظ معالمها آباء الكنيسة والفلاسفة في العصور الوسطى، وهذا العنصر المشترك هو نزعتهما العدائية للطبيعة Anti - Physicism، ولقد اتفقوا جميعًا على أن معرفة الإنسان لنفسه أهم بكثير من معرفة الأشياء الخارجية[6].

 

أوغستين يعرِّف النفس بأنها (الجوهر العاقل القادر على أن يتحكم في البدن)[7]، وفي التحليل النهائي - كما يرى "جيلسون" في هذا التعريف - (يكون الإنسان هو النفس فقط، أو بمعنى آخر أن النفس ذاتها هي الإنسان)[8]، يقول أوغستين: (إن النفس نفس فقط؛ لأنها تمتلك جسدًا تستخدمه، والجسد جسد فقط؛ لأنه في خدمة النفس)[9]، يقول جيلسون: (لكن تعريف النفس في كلا الحالتين - في الواقع - يرادف تعريف الإنسان)[10].

 

وعلى الرغم من أنني متعاطف مع تعريف أوغستين للنفس، فإن المراد من هيمنة النفس على البدن تغييبه، ومن ثم إنكاره، ونتيجة هذا المسلك المتطرف تنبئنا عن ضرورة التحفظ حول مدى قدرة النفس الدائمة في تحكمها في البدن، فالأوفق هو أن تُراعى أحوال الطرفين في العلاقة بينهما، وأن تكون العلاقة مبنية على التفاهم أو التفاعل، بفهم خصائص كليهما الآخر، دون أن تكون العلاقة مبنية على محو الآخر.

 

وبهذا تم إنكار الجسد في التصور المعرفي للإنسان، أما إنكار الكون الفيزيائي في سبيل معرفة الكون الميتافيزيقي فقد تمثل كالآتي:

 

"إذا كان الله هو الوجود Being، فإن ذلك لا يعني أنه هو الوجود الكلي الشامل فحسب، ولكنه يعني كذلك أنه هو الوجود الحقيقي بصفة خاصة، وأن كل شيء آخر - ما عدا الله وفق التصور الإكلورسي - ليس إلا وجودًا جزئيًّا لا يستحق اسم الوجود على الإطلاق، وهكذا فإن كل ما يبدو لنا بوضوح شديد أنه واقعي على الأصالة - كل ما حولنا: عالم الامتداد والتغيير - قد ألقى بأسره في عالم الظاهر، وهبط إلى مرتبة اللاحقيقي، أو الزائف"[11].

 

يقول جيلسون: "القول بأن الواقع المحسوس الذي يحيط بنا ليس هو الواقع الحقيقي لم يكن كشفًا أتت به المسيحية لأول مرة، فنحن جميعًا نذكر فلسفة أفلاطون، والطريقة التي نظرت بها إلى الأشياء الموجودة في هذا العالم، واعتبرتها مجرد ظلال لعالم آخَر، هو عالم المُثل، في حين نظرت إلى عالم المُثل على أنه العالم الأبدي الدائم الضروري، وهكذا فإن العالم بما فيه من مُثل هو العالم الحقيقي، أما عالم الأشياء المحسوسة، الذي نعيش فيه، فهو عالم التغير والتحول والصيرورة[12].

 

فكرة التغير أو التحول والصيرورة مأخوذة من هيراغليط، الذي عندنا هو الأب للنزعة المادية والنسبية في الفلسفة الغربية الحديثة؛ لذلك نجد من الطبيعي أن ترفض الكنيسة عالم هيراغليطس، بل أنكرته معرفيًّا، ويذهب جيلسون شارحًا فهم الكنيسة الفلسفي للكون المستند إلى سلطة أوغستين، المستند بدوره إلى سلطة أفلاطون، والمتعارض مع الكون الهيراغليطيسي قائلًا: (إن أفلاطون الذي ألهم أوغستين لم يكن يعتقد أن طبيعة الأشياء المادية لها من الاتساق ما يكفي أن تكون موضوعًا لأية معرفة يقينية؛ فعالم المُثل هو وحده موضوع العلم اليقيني، أما عالم الحس عنده فلا يصلح لأن يكون مجرد أساس للظن opinion على أحسن الفروض)[13].

 

يقول الكاتب والفيلسوف الإنجليزي المعاصر جيمس بيرك James Burke واصفًا نظرية "الإكلورس" في الكون: (كل شيء في العالم، بالنسبة للإكلورس، له دلالة مخفية، والله - حسَب تعاليم "أوغستين" - هو من أخفى المعنى الحقيقي للطبيعة، وبهذا ما نراه أمامنا لا يمثِّل الشيء نفسه الذي يظهر أمام حواسنا، وبهذا أضحى كتاب الطبيعة "أي: الكون المنظور" هو شفرة يتعين على المؤمن وحده أن يفك رموزها.

 

إن العالم الذي وصفته كتب الإكلورس كان ظلالًا ورموزًا ليس إلا، وخلف كل شيء محسوس تكمن فكرة روحية، هي الحقيقة الوحيدة لهذا الشيء، ولا أهمية لتعيُّنِه المشاهد لنا في الدنيا، كل شيء له معنى ثنائي (ظاهر وباطن)؛ فعلى سبيل المثال: كلمة "أحمر" تعني اللون الأحمر، كما أنها في الوقت نفسه ترمز لدم المسيح... والخشب يستدعي ذكرى الصَّلب بالمعنى الحقيقي، وترمز حركة "أبو جلمبو" بأطرافه الجانبية إلى الخيانة (الخديعة)، والسماء كلها رموز والإشارات ...)[14].

 

وهكذا نستطيع أن نلمس القصور الفلسفي المسيحي - في عصور أوربا "المظلمة" - يتبدى في قضيتين أساسيين فشلت في أن تحتويهما نظرية المعرفة المسيحية، أعني "الطبيعة"، أو ما عبرنا عنه بالكون الفيزيائي المنظور، والقضية الثانية هي "الجسد = البدن"، أو ما عبرنا عنه بوعاء النفس، فكلا القضيتين أسقِطتا أو أهملتا تمامًا عند غالبية مفكري الإكلورس، بينما نجد على النقيض أن هاتين القضيتين المهملتين هما محط أنظار الفكر الفلسفي الغربي الدنيوي الحديث؛ إذ حصر نفسه تمامًا في دائرتيهما، وهذا الفكر العلماني الحديث - أي الفكر السكيولرزمي الدنيوي - يعترف بأنه يقوم دائمًا على نقيض التصور الإكلورسي اللاهوتي المعرفي، إذًا هو أيضًا، وكما أوردنا في غير هذا المكان[15]، شكل من أشكال الفكر الواحدي، وإن اختلفت نتائجه، وهذا هو الفارق الأعظم بين فكر الوسطية المستمد من الوحي الصحيح، وفكر اللاهوت المسيحي، ونقيضه العلماني.

 

2 - سلطة أرسطو على الكنيسة في أواخر القرون الوسطى:

إذا تركنا أفلاطون جانبًا، الذي بسطه الفيلسوف القديس "أوغسطين" مرجعية نهائية للكنيسة منذ القرن الرابع وحتى ما يشارف نهايات القرون الوسطى (ما يقارب ألف عام)، وتحولنا إلى أرسطو الذي قدمه الفيلسوف القديس "توما الأكويني" بديلًا عن أفلاطون، وذلك عن طريق التراث العربي الإسلامي - (خير من قدم أرسطو للغرب) - فسنستغرب كيف أن الكنيسة قد تحولت إلى أرسطو بدلًا عن أفلاطون، مع أن بينهما من التباين ما لا يخفى، ولئن خرجت الفلسفة الوسيطة عن الفكر الأرسطي في بعض جوانبه بفضل "الأكويني" الذي خالف أرسطو، حين رأى الأخير "أن الطبيعة عملية تطورية عظيمة، نسبة المراتب العليا منها إلى السفلى كنسبة الصورة إلى المادة، أو العقل إلى القوة، وأن ما هو بالقوة في المراحل الدنيا، يصبح بالفعل في مراتب أعلى، وقد حاول أن يفسر الروح في حدود هذه الطبيعة[16]، غير أننا نجد الأكويني الذي أخذ بفلسفته على العموم اعتقد أن الروح شيء مخالف للجسم اختلافًا تامًا، وبذلك استبدل الأحادية التي نادى بها أرسطو - والمتعارضة مع تعاليم الكنيسة التي فصلت بين الروح والجسم - بثنائية الروح والجسم[17]، وعلى العموم فإن خرج الأكويني في بعض النواحي عن فلسفة أرسطو التي ظن أنها تتعارض مع المسيحية، غير أنه رغم ذلك نجد الأكويني - والكنيسة من بعده - قد اعتبر فلسفة أرسطو في مجملها صادقة بصورة مطلقة، ومن ثم نظرت الكنيسة - بعد أن استسلمت للأكويني - إلى كل انحراف عنها على أنه بدعة ينبغي محاربتها ومحاسبة من ينادي بها، وهكذا "اقتضى أن يدور كل بحث في نطاق الفلسفة الأرسطية، ويؤول إلى تعزيزها، وأن يجهَّلَ كل ما لا يتفق مع مبادئها، وكان ذلك كله سببًا من أسباب التخلف العلمي في القرون الوسطى؛ لأن الفلسفة الأرسطية قضت على التفسير الآلي للطبيعة - الذي يعتبره العلمُ الحديث وسيلة لاكتشاف الحقائق الكونية - واستبدلت به تفسيرًا غائيًّا صوريًّا، وأصبح كل شيء يفسر بإضافة "يه" إلى آخره، فإذا تغيرت بذرة إلى شجرة، فذلك يعزى إلى أن صورة الشجرة أو "الشجرية" أصبحت كائنة فيها بالفعل، فكل شيء ما هو إلا بفضل صورته وحسب، ونتج عن ذلك أن انصرف الناس عن تقصي أسرار الكون، وعن الأخذ بأسباب التقدم والرقي، واكتفَوا بما حصلوا عليه من معارف ضئيلة، كانوا يفسرونها على نحو ما تريده الكنيسة؛ ولذلك فلا عجب أن يُظهر الناس رغبة شديدة في اكتساب المعارف التي أخذت تتدفق من الشرق في مطلع عصر النهضة"[18].

 

وعلى الرغم من أن الفكر الدنيوي الغربي الحديث (السكيولرزم الحديثة) يعتبر أرسطو عقبةً كؤودًا أمام انطلاق العلم التجريبي الحديث بفضل منطقه الصوري، غير أنه من المؤكد لنا - وبمفارقة عجيبة - أن أرسطو نفسه هو الذي سارَع بنهاية العصور الوسطى؛ أعني هو الذي قضى على سلطة الكنيسة! وذلك بفضل منطقه العقلاني الذي لم يستطع تلميذه الكبير القديس توما الأكويني إلا أن يفصِل في نهاية المطاف بين نطاق الدِّين ومجال الفلسفة، الشيء الذي جعل مؤرخي الغرب يعتقدون أن الفلسفة الحديثة، وتحديدًا الجذور الحديثة للعلمانية (السيكيولرزم)، تجد مرجعيتها عند الأكويني نفسه، من خلال فصله بين نطاق ما هو ديني وما هو فلسفي، وعليه فقد مهَّد بهذا الفصل الطريق إلى آخرين ليسيروا إلى أبعد نقطة؛ لذا ليس غريبًا أن يحتفي فلاسفة العلمانية بذكرى توما الأكويني[19].

 

ثانيًا: انحطاط الحركة العلمية:

إذا كان العلم Science ذا علاقة وطيدة بالكون الفيزيائي، بل هذا الكون هو موضوعه، ورأينا مكانة هذا الكون المادي في العرف والفكر الكنسي، فإنه ربما كان من المفارقة أن نكتب عن حركة العلم في عصور هيمنت عليها التصورات الكنسية؛ لأنه باختصار ليست هنالك حركة علمية بالمعنى الحديث لكلمة علم Science، فإذا كانت الجامعات هي المؤسسات الأكاديمية المنوط بها عملية البحث العلمي، فإن هذه الجامعات سيطرت عليها العقول "الإكلوريسية"، وحددت سياستها التعليمية الفرماناتُ البابوية، فتبنَّت الجامعات في تلك الآونة ما عُرف بـ: "سياسة التعليم السلمي"[20]، وإذا تساءلنا عن ماهية "التعليم السلمي" فالإجابة: هو ذلك التعليم الذي خطت معالمه وحدوده الأساسية نظرةُ "الإكلورس" اللاهوتية تجاه القضايا التي لها علاقة بحركة العلم، وإذا تساءلنا: هل للإكلورس أو الكنيسة تصورات ونظريات في قضايا العلم الطبيعي التطبيقي التجريبي الذي يخضع للمعمل وأدواته؛ حتى تستطيع أن ترسم - وَفْقَه - حدود ذلك التعلُّم السلمي الذي ينبغي عدم تخطيه‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ا؟‍ فإن الإجابة على ذلك قطعًا تأتي بالسلب؛ لأن الكنيسة لم يكن لها دافع يدفعها حتى تتوغل في قضايا العلم بهذه الصورة التفصيلية، ولكن لا شك في ذلك أن الكنيسة تبنَّت نظريات ذات صلة وثيقة بالعلم وحركته، وخاصة في الفلَك والجغرافيا والنشوء، أو ما عُرف بـ: "نظرية الخلق"، وفي الواقع أن كل هذه النظريات تجد جذورها في الفكر القديم السابق للمسيحية؛ فالمسيحية فقط حاولت أن تنتقي ما يناسبها، بل ما يناسب ظاهر آياتها "التوراإنجيلية" من تلك النظريات، ومن ثم جعلت هذه النظريات حدودًا لِما عُرف بـ: "التعليم السلمي"، ويمكننا تحديد هذه النظريات كالتالي:

 

1- النظرية الجيوستيرية Geocentric Theory:

وهي النظرية القائلة بأن الأرض مركز النظام الكوني، وأن الشمس وبقية السيارات إنما يدرن من حولها وهي ثابتة لا تتحرك، وقد ظلت هذه النظرية من المسلمات البديهية في المجتمع الغربي المسيحي حتى منتصف القرن السادس عشر الميلادي، والويل لمن يخالفها[21].

 

ولقد تبرعت الكنيسة بطرح براهين ظنت عقلانيتها، لأجل تعضيد صحة هذه النظرية، وهذه البراهين إنما تكشف عن مدى طفولية عقل الكنيسة وسطحيته، فعن صورة الأرض قالوا: إنها منبسطة غير كروية، وأما شكلها فهو مستطيل، و(طولها أطول من عرضها!)[22].

 

2- نظرية الخلق:

لقد تحدثوا عن الذي تولى القيام بعملية الخلق، فاختلفوا فيه، وقالوا: إنه الأب، وآخرون قالوا: إنه الابن، وغيرهم ذكر أنه الروح القدس، كما أن منهم من جمع هذه الثلاثة أقانيم واعتبرها الخالق مجتمعة، وتحدثوا كذلك عن تاريخ الخلق، فذكروا أنه قبل 4004 قبل ميلاد "يسوع"، وتحدثوا عن تفاصيل كثيرة خالفها العلم الحديث، ولا نجد داعيًا لذكرها[23]، لكن ما يهمنا هو أن المقصود بسياسة التعليم السلمي: عدم مخالفة هذه النظريات في مجال علم الفلَك والجغرافيا أو غيرها من الأمور التي حددتها الكنيسة.

 

يقول د. توفيق الطويل في كتابه: قصة النزاع بين الدين والفلسفة: (لكن الكنيسة كانت إذ ذاك تحتكر العلم، وتهيمن على شؤونه، فصارت الجامعات في ركابها، وأخذت تتلقى الأوامر والتعليمات من رجالها، وتلقن طلابها ما يبيحه هؤلاء، وحبست عنهم ما يحرمونه، ومن هنا نشأت "سياسة التعليم السلمي" الذي جرت عليه الجامعات، وأصبح أساتذتها لا يُعنَون بالحقيقة من حيث هي وليدة نظر عقلي سليم واختيار تجريبي مؤكد، بقدر ما يُعنَون بالاستجابة لطاعة الكنيسة، واعتناق ما تقره من آراء، فإذا تجلى لأستاذ الجامعة بطلان رأي شائع معتمد، وأضحى على يقين من ذلك، كان عليه أن يجاريَ العُرف الذي يقضي التزامه بسياسة التعليم السلمي في الجامعات، وأن يحبس الرأي في حنايا نفسه، ولا يبشر به أحدًا من تلامذته أو سواهم، كما فعل الكثيرون من أمثال رينولد Reinhold في منتصف القرن السادس عشر، أو كان على هذا الأستاذ الذي يكشف خطأ رأي مألوف أن يغادر منصبه من الجامعة؛ ليتمكن من التبشير به خارجها، كما فعل أمثال ريتوكس Rheticus، وإلا أُكره على ترك منصبه راغمًا، كما حدث لجاليليو في القرن التالي، وقد كان هؤلاء الثلاثة على يقين من صحة الرأي الذي بشَّر به كوبر نيكوس بصدد دوران الأرض)[24]، وكانت الجامعات في ذلك الوقت تفاخر بأنها التزمَتِ التعليم السلمي الذي لا يحيد عن حقائق الكتب المقدسة، ولم تأذن بإدخال الفكر الجديد في برامجها.

 

وهنالك ملاحظة هامة، وهي أن جميع الطوائف الدينية - بما فيها البروتستانت التي وُصفت بعدائها الشديد للكنيسة الكاثوليكية ورجالها - قد اتفقوا جميعًا على محاربة الرُّوح العلمية الجديدة التي تستند على التجريب والمشاهدة والمنطق الحر، وكان لا بد للروح العلمي الجديد من أن يلتمس طريقه خارج الجامعات، وقد نهضت بهذا العبء الجمعية الملكية ونحوها[25].

 

وهكذا سرعان ما تجد حركة المجتمع قد تجاوزت جميع مؤسسات الكنيسة، بما فيها الجامعات التي سيطرت عليها، وسرعان ما بدأ الانفجار يحاصر هذه المؤسسات؛ حيث نشأت معاهد تولت التبشير بالعلم، وتحررت من نفوذ الكنيسة ورجالها، فنشأت أكاديمية فلورنسا والبندقية في القرن الخامس عشر، وقامت في باريس كلية فرنسا على يد "فرانسوا الأول"؛ للتبشير بالعلوم الإنسانية، وظهرت بوادر منهج البحث العلمي، وهكذا استطاعت الحركة الدنيوية أن تتمدد يومًا إثر يوم، على حساب حركة الإكلورس في أشكالها المختلفة، فيما عُرف تاريخيًّا بعصر النهضة، الذي صُور على أنه "تلك الفترة التي اكتشف الإنسان فيها أن المفاهيم الأرسطية عن الطبيعة والحياة أصبحت أضيقَ مِن أن تستوعب وجهات النظر والخبرات الجديدة التي ظهرت نتيجة الظروف التاريخية والجغرافية"[26].

 

ثالثًا: حركة الفنون:

لقد انعكست الفلسفة الأوغسطينية على النشاط الفني كذلك، وخاصة في النواحي المعمارية المجسدة في الكنائس والأديرة، وكلها كانت تحمل في أحشائها دلالات العصر الديني الكنسي، (وقد أظهرت الزخارف التي تزينت بها الكنائس، التي شيدت في فترة متأخرة، مثل: كنيسة "مريم المجدلية" العظيمة في مدينة فيزلاي، الاتجاه نفسه، من حيث عدم الاهتمام بالعالم الواقعي؛ فالأزهار وأوراق الشجر تحولت إلى تصميمات تجريدية، مثلما تحولت الوجوه إلى أقنعة ذات بعدين، والوردة أصبحت ميدالية، ونبات الأقنثا Acantus اتخذ شكل صبار غير محدود المعالم، وظهر مسيحهم على الأيقونات البيزنطية التي تصور المسيح - عليه السلام - مصلوبًا وهو على هيئة قسيس يبسط ذراعيه في حركة تشير إلى منح البركة، أو يصورونه مثبتًا على الصليب بمسامير على شكل دوائر رمزية، دون أن نرى ما نتوقعه من ملامح الألم الإنساني لعملية صلب المسيح)[27]، ويرى جميس بيرك أن الترانيم الكنسية التي قدمها جريجوري الأكبر في القرن السابع، نشاز لا يتوفر فيه أي هارموني، فلم يكن هدف المؤلف الموسيقي الإمتاع، بل تركيز الفكر فقط على عملية التعبد[28].

 

لقد فشلت حركة الفنون أن تستنطق الطبيعة الساكنة في تلك العصور، كما فشِلت أن تبشر بحياة ملؤها التفاؤل والإحساس بالجمال والحياة داخل كوننا المنظور؛ لأن الكون بالمفهوم الأوغستيني، أضحى لإنسان ذلك العصر عبارة عن عالم سكوني ثابت لا يتغير... وكانت الطبيعة بالنسبة لهم لغزًا غامضًا، ولا جدوى من دراستها، أما موقفهم من عالم الطبيعة الذي يعيشون فيه فقد كان في أحسن الأحوال موقف عدم اللامبالاة، أو التشاؤم الشديد في معظم الأحوال[29].

 

وهكذا ووسط هذا الجو التشاؤمي في هذا الكون الأوغستيني يمكننا أن نتصور حركة الفنون، خاصة إذا علمنا أن الفنان ينبغي بطبعه أن يكون شخصًا مرهف الإحساس، ومليئًا بالجمال والحياة، وإن فنًّا يخرج عن دائرة الكون الطبيعي الفيزيائي ليعبر عن كون ميتافيزيقي لن يستطيع أن يبلغ غايته، مع التسليم بنبل تلك الغاية؛ لأن الله لم يخلق هذا الكون لنتجاوزه، أو نتشاءم منه.

 

أما إذا تركنا أوغستين، وبلغنا نهاية العصور الوسطى، حيث انتصر أرسطو على أفلاطون أوغستين لسنوات لم تدم طويلًا، فنستطيع أن نلمح حركة الفنون في المنظور الأرسطي كما يلي:

إذ إن مذهب أرسطو يقول: إن الله أو المحرك الأعظم عند بدء الخليقة خلق السموات كأفضل ما يكون الخلق، وجعلها في حركة دائرية أبدية، والكون ملجئ لإفراغ فيه؛ حيث إن الفراغ الظاهري ملجئ بوجود الله، وكل ما في هذا الكون إنما وجد لهدف واحد فقط، هو تمجيد الرب، وكانت اللوحات تحكي قصصًا من الكتاب المقدس، وحددت الاعتبارات اللاهوتية تصوير الأشخاص بحيث يظهرون بالحجم الذي يتناسب مع أهميتهم الدينية في القصة، ولما كان عدم الاهتمام بأمور الدنيا هو السمة السائدة في العصور الوسطى لم يحاول أحدٌ تصوير العالم المحيط بالشخصيات الدينية التي يرسمها الفنانون في لوحاتهم، بل كانوا يملؤون الفراغات المساحية بين تلك الشخصيات باللون الذهبي، رمزًا لوجود الله في كل مكان، كما عكس الفن كذلك رمزية العالم؛ فكل شيء فيه ليس كما يبدو لنا في ظاهره؛ فالعالم كيان عضوي حي، كل جزء فيه له قيمة أخلاقية؛ فالأعلى خير من الأدنى، والثابت خير من المتغير، والساكن أجل من المتحرك، وأن التراتيبية الهرمية للقيمة النسبية هي التي حددت مكان ومكانة كل شيء في الطبيعة؛ فالنبيل يأتي في درجة أفضل من الإنسان العادي، الذي تأتي بعده المرأة، ثم الحيوان، ومن بعدها النباتات، وأخيرًا الجماد، وقد انقسمت سلسلة الوجود العظمى هذه إلى فئات منفصلة، كل منها لها تراتيبها الهرمية[30].

 

وهكذا، فهذه هي المظاهر التي خلفها الإكلورس في نسيج الحياة الغربية، ويمكننا أن نضيف عليها ما عُرف تاريخيًّا بمحاكم التفتيش[31]، وما خلفته من آثار اجتماعية ونفسية داخل المجتمع الغربي.

 

رابعًا: حركة الرهبنة، أو ما ندعوه بالوجه السالب لحركة التدين:

لا بد من الإشارة إلى أن المسيحية الغربية في عصورها الوسطى وقبيل انهيارها التام، الذي أعقب تلك العصور، تبدت في وجهين اثنين من وجوه التدين، أحدهما وجه إيجابي من حيث التصدي لأي مشكلة وصبغها بالصبغة الدينية، بغض النظر عن نجاح هذا التصدي أو فشله، ونرى أن حركة "الإكلورس" تمثل هذا الاتجاه، ثم أوضحنا مفهوم "الإكلورس" للتدين، وما نتج عنه من مظاهر كانت سببًا مباشرًا لظهور الفكر الدنيوي العلماني، الذي سعى لاجتثاث النموذج الديني.

 

أما صورة التدين الأخرى فقد عرفت تاريخيًّا بحركة الرهبنة Conventual Movement، ونرى أن نصفها بالوجه "السلبي"؛ كونها قد هربت تمامًا عن مواجهة مشاكل الحياة.

 

إن حركة الرهبنة - التي سنختم بها هذه الدراسة - هي الأخرى ذات علاقة وطيدة بظاهرة انهيار الفكر الديني المسيحي بكافة أشكاله المتأخرة، ومكَّنت بالتالي - مع غيرها - للفكر السكيولرزمي لأن يرث الحياة، وأن يضع لها نظرية تسير وفق هديها؛ ولهذا حق لنا أن نتعرض لحركة الرهبنة هذه في خطوطها العريضة بأن نبين ماهيتها، وأن نستعرض مظاهرها في حياة أوربا الغربية.

 

الرهبنة في التاريخ الإنساني:

إن حركة الرهبنة أو الديرية، كما يورد د. ج.ج كولتون في مقالته المتخصصة في موسوعة تاريخ العالم[32]، التي يقول فيها: (الديرية نظام عريق في القِدم، قد يصل في قِدمه إلى عصر ما قبل التاريخ؛ فقد وجدت دائمًا أقليات صغيرة من الرجال والنساء تجد في العزلة والتأمل الحالةَ التي تلائمها وتناسب طبيعتها)، ولقد أحسن القولَ هذا الباحثُ، وكان دقيقًا في إشارته إلى أن هنالك "دائمًا أقليات" من الجنسين تستجيب لدواعي الرهبنة، مما يعني وفق هذه الإشارة أنهم أقليات يصنفون دائمًا في خانة الشواذ في التاريخ الإنساني، كما أن الظاهرة لم تكن في غابر التاريخ ظاهرة اجتماعية تطغى على غيرها من الظواهر الفكرية والفلسفية والدينية التي تسعى إلى توجيه المجتمعات وفق الرؤى التي تراها.

 

الشرق موطن الرهبنة:

وعلى الرغم من أن حياة "التأمل والعزلة" ظاهرة إنسانية عامة لا تعرف زمانًا ولا مكانًا، فإننا لا نخالف كولوتون الذي حدد الشرق موطنًا للظاهرة؛ حيث يقول: (وجد هذا النظام في الشرق أتباعًا له في وقت مبكر، ثم أصبح له في كافة بلاد الشرق كيان موطد الأركان باقترانه بالديانة البوذية)[33]، ويعضد "ويلز" هذا الرأي[34]، ويختار "جيبون" مصر على وجه الخصوص أول مراكز هذه الحركة[35].

 

المسيحية والرهبنة:

عند اختفاء السيد المسيح على الطريقة التي يفهمها المسيحيون، يبدو أن غالبية أوائلهم كانوا يظنون أن العالم أوشك على نهايته، وأن المسيح قادم لا محالة لمحاسبة البشر؛ لذلك كانوا أكثر تشددًا وزهدًا في الحياة الدنيا ومتطلباتها، بيد أنه لما انقضى زمن لم ينقضِ فيه أجل العالم، تجد أن هذه الجماعة المسيحية انقسمت على نفسها، فمنهم من هو مترخِّص وأكثر مرونة، ومنهم من ازداد في تقشفه وتشدده، والكثيرون من هذا القسم الأخير آثروا الهروب والعزلة في الصحاري والجبال بعيدًا عن المجتمع المدني[36].

 

إن ظاهرة الرهبنة وازدهارها في الشرق ترجع أسبابها إلى المسيحية الوثنية التي حوت في صلبها تعاليم بوذا وكرشنا، وعلى وجه الخصوص البوذية، فضلًا عن أنها لا تعدم لها دافعًا محفزًا داخل أقوال الكتاب المقدس المنسوبة إلى السيد المسيح[37]، أو تكون هذه الحركة رد فعل لِما عرفت به الأمم المعاصرة لها من انغماس في وحل الحياة المادية، مثل اليهود والروم، والأبيقورية اليونانية في أدنى انحطاطها، فضلًا عن أننا لا ننفي علاقة هذه الظاهرة بالعقلية الشرقية، وما عُرفت به من خيال واسع، وعلينا ألا ننسى أن الشرق - لا الغرب - هو مهبط أديان، وأن هذه الظاهرة شكل من أشكال التدين، بغض النظر عن سلامة الفهم للدين، لكن - مع استصحاب كل تلك الظروف المربوطة بالشرق - كان ينبغي أن تكون الظاهرة محدودة ومحصورة في شواذ المجتمع، ولكن لما كانت غير ذلك التمسنا لها تلك الأسباب مجتمعة، وأسبابًا أخرى قد تتعلق بطبيعة المجتمع الغربي وبُعده عن صناعة الحضارة، بل انغماسه في ظلام دامس عَنْوَنه المؤرخون بـ: العصور المظلمة.

 

الرهبنة في الغرب:

في أوائل القرن السادس نجد ثلاثة نظم ديرية غربية، قام على تكوينها قيصريوس وكاسيودوس والقديس بندكت St. Benedict، ويعد نظام بندكت أكثر فعالية، وسرعان ما أصبح النظام الوحيد المعترف به لدى رهبان الغرب[38]؛ فقد صاغ بندكت دستورًا صارمًا يحكم بموجبه الدير، ومتى ما أقر الإنسان وقبِل هذا النظام الديري، فعليه أن يتقيد بقانونه تقيدًا صارمًا، وينبغي ألا يتشكك فيه، أو يناقش سلطة الرئيس؛ لأن رئيس الدير "يقوم مقام المسيح في قيادته لتلاميذه، وفي رعايته لهم، والحدَب عليهم"، إن الدير مجتمع مكتفٍ بذاته؛ لذلك ينبغي تهيئته بما يلائم ذلك، ولا ينبغي للراهب مغادرةُ حرمه...

 

لم يجوِّز بندكت الكلام للراهب أو الثرثرة؛ لأن الرهبان المصلحين - وكما جاء في قانونه - لا يتحدثون إطلاقًا[39]، وتقوم مؤسسة الدير على أسس ثلاثة:

أولًا: الطاعة العمياء، وهي أن تطيع رئيسك، وأن تنفذ مطالبه دون تساؤل؛ لأنه يقوم مقام المسيح.

 

ثانيًا: الفقر، و"الفقر" من وجهة النظر البندكتية ينبغي أن يكون مطلقًا؛ فالراهب يرتكب إثمًا كبيرًا إذا ادعى لنفسه "ملكية خاصة"، مهما تضاءل شأنها، كأن يدعي ملكية قلم، أو غيره من الأشياء[40].

 

العزوبية: كانوا يفرون من ظل النساء، ويتأثمون من قربهن والاجتماع بهن، وكانوا يعتقدون أن مصادفتهن في الطريق والتحدث إليهن، ولو كنَّ أمهاتٍ أو شقيقاتٍ، تُحبط أعمالهم وجهودهم الروحية، كما يروي ليكي Lecky في أخطر كتاب[41] يكشف الدرك الأخلاقي الذي وصلت إليه أوربا في ذلك الوقت، والراهب، كما هو معلوم، غيرُ مسموح له بالزواج، ولا بالسكن مع أمِّه[42].

 

كل هذه الأسس الثلاثة تسعى مجتمعة لإماتة الجسد وتعذيبه، وهي تعبر بشكل أو بآخر عن النظرية الأوغستينية في الجسد الإنساني، فعند مؤسس الديرية في فرنسا "كولمبان" فإن الراهب ينبغي أن يصوم كل يوم ويصلي، ويجب أن يأوي إلى الفراش وهو متعب يكاد يغلبه النوم وهو سائر في الطريق، وكان المقصِّرون منهم يعاقَبون بالجلد المبرح وغيره من العقوبات، كذلك يذكر ديورانت في قصة الحضارة:

 

ستة سياط إذا سعل أو تبسم أثناء الصلاة، أو قرع القدح بأسنانه أثناء العشاء الرباني، واثنا عشر سوطًا إذا نسي أن يدعو الله قبل الطعام، وخمسون لمن تأخر عن الصلاة، ومائة لمن يشترك في نزاع، ومائتان لمن يتحدث مع امرأة بغير احتشام[43].

 

وهناك من الرهبان مَن يعاقب نفسه بأمور يصعب تصديقها، كما يحكيها لنا ليكي Lecky في كتابه الآنف الذكر[44]، وهكذا فإن "الحياة الرهبانية بدأت منفِّرة للعقليِّين"، كما يقول[45].

 

مظاهر الرهبانية في الحياة الغربية:

1- تفكك الأسرة:

يشير ليكي إلى أن الرهبان يتجولون في البلاد، ويختطفون الأطفال، ويهرِّبونهم إلى الصحراء والأديار، وينتزعون الصبيان من حجور أمهاتهم، ويربونهم تربية رهبانية، والحكومة لا تملِك من الأمر شيئًا، والجمهور والدَّهماء يؤيدونهم ويحبذون الذين يهجرون آباءهم وأمهاتهم، وبرع كبار الرهبان في مهارة تهريب الأطفال، حتى روى أن الأمهات كن يسترن أولادهن في البيوت إذا رأين الراهب أمبروز Ambrose، وأصبح الآباء والأولياء لا يملِكون من أولادهم شيئًا، وانتقل نفوذهم وولايتهم إلى الرهبان.

 

وكان من أهم نتائج الرهبنة أن تزلزلت دعائم حياة الأسرة، وإشاعة النكد والقسوة بين أفرادها؛ فالرهبان الذين من المفترض أن تفيض عيونهم حنانًا ورأفة تقسو قلوبهم وتجمد عيونهم على الآباء والأمهات والأولاد، فيخلفون الأمهات ثكالى، والأولاد يتامى.

 

2. اللامبالاة واختلال المعايير:

يقول ليكي: إن كثيرًا من أخلاق الغربيين التي كانت تُعَد فضائل، مثل الفتوة والمروءة، عادت فاستحالت عيوبًا ورذائلَ، والحرص على إعمار الكون أصبح ضربًا من ضروب التخلي عن الله والانشغال بالدنيا، وباختصار نستطيع القول: إن المعايير اختلطت على الناس، والموازين تبدَّلَت، وأصبح الذي يأكل مِن عرَقِ الآخرين في شكل هباتٍ وصدقات خيرًا مِن الذي يعطي تلك الصدقات.

 

2- فشلها في وقاية المجتمع من الانحلال الأخلاقي:

لم تستطع حركة متطرفة كهذه أن تستجيب لها غالبية قطاعات المجتمع؛ لأنها أبعد عن الفهم السليم للنفس الإنسانية وخباياها، يصور ليكي العصر الذي انتشرت فيه الرهبنة بقوله:

 

إن التبذُّل والإسفاف قد بلغا غايتهما في أخلاق الناس واجتماعهم، وكانت الدعارة والفجور والإخلاد إلى الترف، والتساقط على الشهوات، والتملق في مجالس الملوك، وأندية الأغنياء والأمراء والمسابقة في زخارف اللباس والحلي والزينة في حدتها وشدتها، كانت الدنيا في ذلك الحين تتأرجح بين الرهبانية القصوى، والفجور الأقصى، وإن المدن التي ظهر فيها أكثر الزهاد كانت أسبق المدن في الخلاعة والفجور، وقد اجتمع في هذا العصر الفجورُ والوهمُ، اللذان هما عدوان لشرَفِ الإنسان وكرامته.

 

وأخيرًا، فإن الرهبنة لم تنهزم أمام إصلاح المجتمع الأوربي فحسب، وإنما انهزمت كذلك أمام نفسها، إنك تستطيع أن تسمع كل ما هو مَهُول ومثير للعجَب على لسان ديورانت في "قصة الحضارة"، وكيف هانت نفوس الرهبان أن تهدم الأسس التي بنَوا عليها رهبانيتهم، يقول ديورانت على لسان رئيس دير كلوني:

"إن بعض رجال الدين في الأديرة وفي خارجها يستهترون بابن العذراء استهتارًا يستبيحون معه ارتكاب الفحشاء في ساحاته نفسها، بل في تلك البيوت التي أنشأها المؤمنون الخاشعون؛ لكي تكون ملاذًا للعفة والطهارة، في حرمها المسور، لقد فاضت هذه البيوت بالدعارة، حتى أصبحت مريم العذراء لا تجد مكانًا تضع فيه الطفل عيسى"[46].

 

"وكذلك ثبت اختلاسهم لأموال الدير التي كانت تجمع لتصرف على الفقراء؛ فاغتنَوْا حتى أصبحت مقولةُ: إن الرهبانية تقوم على الفقر، مقولةً لا قيمة لها"[47].

 

هذه هي مبررات بروز الفكر اللاديني في الغرب، ممثَّلةً فيما اصطلح عليه غربيًّا بـ: "عصر الإيمان The Age of Faith"، الذي استمر مهيمنًا على مظاهر الحياة الغربية لألف عام، لا شك أنها قد أرهقت الأمم الغربية، وأن المرء لَمُندهشٌ كيف أن هذه الأمم قد تحمَّلت السلطة الكنسية طيلة هذه القرون الطوال، وأن المرء كذلك لا يجد مبررًا كافيًا للذين ثاروا عليه فحسب، بل إن ما هو غير مبرَّر كيف أن هذه الثورة قد تأخرت كثيرًا؟! لعل ذلك راجع إلى القوة القابضة للنظام الكنسي، الذي أثبت نجاحًا منقطع النظير في السيطرة على المجتمع، أو ربما كان يرجع سبب هذا النوم الثقيل لأهل الغرب - الذي فاق نوم أهل الكهف - إلى أسباب "إكلوجية"، ولَّدت فيهم قابلية التحمل والتعايش مع ظروف غير طبيعية؛ كالعيش في مناخ بارد ورطب في غياب تسهيلات التقنية الحديثة، كما أننا نتساءل في هذا الخصوص: كيف أن المسيحية الشرقية لم تفعل في بيئتها التي عاشت فيها مثل ما فعلت مسيحية الغرب؟! ترى هل يتعلق الأمر بطبيعة الإنسان أم بطبيعة المكان؟ وما دور الحضارة الإسلامية في هذا الجانب؟

 

إن الشرق هو مهبط أديان ذات طابع سماوي، أما الغرب فهذه أول محاولة - على ما نعلم - ينتقل إليه فيها دينٌ باسم السماء، وقد حكم التاريخ بفشل هذه التجربة، فربما كان إنسان ذلك المكان غيرَ مهيئ، لظروف كثيرة، لاستيعاب مثل هذا الضرب من التديُّن، مع أن الذي انتقل إليه - في الواقع - دين "مخلوط" (فوق "سماء" مع تحت "أرض") إن جازت التسمية، أم أن مربط الفرس يكمُن في هذه "الخلطة" نفسها؟‍‍‍‍ إذ إن الوثنية الخالصة - على ما نعلم - وكذا أديان الوحي السماوي لم تفعل ما فعلته المسيحية المخلوطة.

 

على أي حال، نأمل أن نجد فرصة أخرى في دراسة أخرى لمحاولة الإجابة عن مثل هذه التساؤلات، لكن ما نريد أن نختم به هو أن الثورة على هذا النوع من الإيمان كانت عنيفة، وأكثر منهجية؛ إذ - كما يقول علماء الديناميكا - لكل فعل رد فعل، مضاد له في الاتجاه، ومساوٍ له في الحركة، وهذا بالضبط ما حدث.

 

وقد عبَّر عن رد الفعل المعاكس هذا المؤرخُ الكبير ويل ديورانت في قصة الحضارة بعد انتصار الحركة العلمانية؛ حيث أورد شعار الثوار العلمانيين بالقول: كان شعارهم: "اشنقوا آخرَ ملِك بأمعاء آخرِ قسيس"، يتابع ديورانت القول: "ثم اتخذ الفرنسيون لهم امرأةً حسناءَ من نساء باريس رمزًا، أطلقوا عليه "إله العقل"، ثم ما لبثت أن أخذت العقيدة الدينية في الذبول، حتى أصبح الإلحاد مفخرة الأندية، بما فيها أندية الكنيسة نفسها"[48].

 

فهل يا ترى أن هذا الفعل العنيف المعاكس - ممثَّلًا في الفكر اللاديني - سيستمر هو الآخر في فعاليته لألف عام أخرى كضده السابق؟ أم أن الأمر سيكون خلاف ذلك؟ إنما مصير هذه التساؤلات متروكٌ للبشرية جمعاء.


المراجع:

1) إداور بروي، تاريخ الحضارات العام مج 3، القرون الوسطى، ت. يوسف وفريد داغر، عويدات، بيروت - باريس ط2، 1986.

2) العهد الجديد: طبعة عربية جديدة، منشورات جمعيات الكتاب المقدس المتحدة، بيروت، طبعة ثالثة 1978.

3) التجاني محمد الأمين، مفهوم العلمانية في الفكر الغربي الحديث، منشورات مركز التنوير المعرفي 2007، الخرطوم.

4) الطويل: (د. توفيق)، قصة النزاع بين الدين والفلسفة، الناشر مكتبة الآداب، مصر، بدون تاريخ.

5) أوغستينس، مدينة الله، مج1، ط2، دار الشروق.

6) جيلسون: (إتين) روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، عرض وتعليق، د. إمام عبدالفتاح، دار الثقافة القاهرة، ط2، 1982.

7) حتى: (د. كريم)، الفلسفة الحديثة، عرض نقدي، منشورات جامعة بنغازي، كلية الآداب 1974.

8) ديورانت: (ول دايريل)، قصة الحضارة (سلسلة)، ت: د. محمد بدران، الإدارة العامة للثقافة، جامعة الدول العربية، ط3، 1973.

9) كاريزون: (أندريه)، تيارات الفكر الفلسفي من القرون الوسطى حتى العصر الحديث، ت: نهاد رضا، عويدات، بيروت، ط1، 1962.

10) الندوي: (أبو الحسن علي الحسني)، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟!، دار الجيل، بيروت، طبعة جديدة، 1991.

11) هامرتون: (السير جون أ.) تاريخ العالم ج4 ت: قسم ت: بوزارة التربية والتعليم، مصر، مكتبة النهضة، بدون تاريخ.

12) وايت: (أندرو وديكسون)، بين الدين والعلم، ت: إسماعيل مظهر، دار العصور للطباعة والنشر 1930.

13) Burke, Jamese, The Day The Universe Changed,London Writers Ltd 1995

14) Gibbon, Edward, The History of the Decline and Fall of the Roman Empire, vol.6, The Origin of Monasticism (C. XXXVII), ed. J.B.Bury with an Introduction by W.E.H.Lecky (New York: Fau and Co., 1906), in 12 vols

15) William Edward Lecky, History of European Morals From Augustus to Charlemagne, M.A. Ninth Edition, In Two Volumes, Vol. 2., p.331, London, Longmans, Green, And Co.,1890



[1] هذه الورقة تم نشرها في مجلة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر في العدد vol. 32-No.1, 2014. بعنوان: من أسباب ظهور الفلسفة الأوربية الحديثة: تجليات القصور الفلسفي والعلمي والروحي لنظرية الإكيلورس في أوربا العصور الوسطى (قراءة تاريخية تحليلية مختصرة).

[2] أرَّخ لهذا العصر مؤرخون كثر، أهمهم: ويل ديورانت (William James Durant 1981 - 1885)؛ إذ صاغ أحد مجلدات موسوعته "قصة الحضارة" عنوانًا عنونه بـ: (عصر الإيمان)، كما أرخ له الفيلسوف إيتين جيلسون Etienne Gilson (1884 - 1978) في كتابه: روح فلسفة العصر الوسيط.

[3] وتعني " Renaissance" إعادة الميلاد، ويعنون بها إحياء ما اندثر من جذور العلمانية في الفلسفة اليونانية، وهي: الجانب المادي الذي يقوم على النسبية المطلقة في مبحثي المعرفة "الأبستمولوجيا"، والقيم "الإكسلوجيا".

[4] جبلسون: روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط ص23، ط 3 (1996) مكتبة مدبولي، وانظر: كاريزون (أندريه)، تيارات الفكر الفلسفي من القرون الوسطى حتى العصر الحديث ص20، وتوفيق الطويل قصة النزاع بين الدين والفلسفة.

[5] نسبة إلى فيلسوف المسيحية الأول القديس أوغسطين، كما تمظهر هذا في كتابه "مدينة الله"، مدينة الله مؤلف من جزأين، نقله إلى العربية: الخور أسقف يوحنا الحلو، دار الشروق، الطبعة الثانية، 2006 بيروت.

[6] جيلسون: روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط ص284.

[7] السابق ص236.

[8] السابق ص236.

[9] نقلًا عن السابق ص236.

[10] السابق ص 236.

[11] السابق ص94.

[12] روح الفلسفة المسيحية لجيلسون، ترجمة: إمام عبدالفتاح ص94.

[13] السابق ص309.

[14] " Jamese Burke, The Day The Universe Changed," p. 28, London Writers Ltd 1995

{Everything was of dual significance: red was both a color, and a symbol of the blood of Christ. Wood recalled the True Cross. The crab's sideways motion symbolized fraudulence. The whole of the sky was filled with signs…} Jamese Burke, The Day The Universe Changed," p. 28, London Writers Ltd 1995

"The Etymologies were massive, rambling and confused. Later scholars, such as the Venerable Bede, the eighth - century Abbot of Wearmouth and Jarrow in Northumberland, added to it from time to time. The encyclopedias and the other lists of 'facts' about the world to be found at the time in various books on minerals, animals and plants, presented the knowledge in what would appear to us a strange way. Everything had a hidden meaning, because, according to Augustine's teaching, nature's true meaning was not made visible by God. Nothing, therefore, was what it seemed. The 'Book of Nature' was a cryptogram that had to be decoded by the faithful.

The world described in these books was a world of shadows. Behind every object lay an 'idea', a spiritual entity that was its only real meaning. Its earthly, visible manifestation was unimportant. Everything was of dual significance: red was both a colour, and a symbol of the blood of Christ. Wood recalled the True Cross. The crab's sideways motion symbolised fraudulence. The whole of the sky was filled with signs/Astrology endowed all of nature with power to affect life in some way. But this weird, mystic interpretation of reality was driven back inside the monasteries when new invasions and the break up of Charlemagne's Empire after his death in the ninth century brought Europe into chaos once more...."

[15] انظر كتابي: مفهوم العلمانية في الفكر الغربي الحديث. منشورات مركز التنوير المعرفي 2007، الخرطوم.

[16] د. كريم حتى، الفلسفة الحديثة عرض نقدي، ص11.

[17] يقول د. كريم حتى عن ثنائية الكنيسة في مجال المادة والروح: "ومما أسهم في تأخر معرفة الذات الإنسانية مذهب ثنائية الجسم والروح، ذلك المذهب الذي ينفي وجود ارتباط طبيعي بين الجسماني والروحاني، ويمكن فعل القوانين الطبيعية في مجال الذات"؛ السابق ص12.

[18] السابق ص12.

[19] لمعرفة المزيد عن دور الأكوايني في ميلاد الفكر العلماني من حيث لا يحتسب، انظر فصل الجذور الحديثة للعلمانية في كتابي السابق ذكره.

[20] انظر قصة النزاع بين الدين والفلسفة، توفيق الطويل، ص34.

[21] وايت بين العلم والدين ص84.

[22] السابق ص86.

[23] المرجع السابق.

[24] انظر قصة النزاع بين الدين والفلسفة، توفيق الطويل، ص34.

[25] السابق.

[26] الفلسفة الحديثة ص14.

[27] the day the universe changed عندما يتغير العالم، جيمس بيرك، ص37.

[28] السابق ص38.

[29] السابق ص38.

[30] السابق ص80.

[31] المزيد من التفصيل عن أثر هذه المحاكم مبثوث في كتاب د. الطويل "قصة النزاع ".

[32] المقالة بعنوان: "الديرية، أسبابها ونتائجها: عرض عام للدور الاجتماعي والثقافي الذي لعبه نظام الديرية في تاريخ العالم"، تجدها في المجلد الرابع من موسوعة تاريخ العالم - السير جون أ. هامرتن ص295.

[33] السابق ص295.

[34] معالم تاريخ الإنسانية ص232.

[35] Gibbon, The History of the Decline & Fall of the Roman Empire, vol.6, The Origin of Monasticism (C. XXXVII), {1776}

[36] السابق.

[37] انظر إنجيل متى 10: 10 - 11، يقول متى على لسان السيد المسيح: "لا تقتنوا ذهبًا ولا فضة ولا نحاسًا في مناطقكم، ولا مزودًا للطريق، ولا ثوبين، ولا أحذية ولا عصًا".

[38] المقالة السابقة ص297.

[39] انظر موسوعة تاريخ العالم مقالة د.ج.ج كولتون، السابقة ص299.

[40] السابق ص299.

[41] William Edward Lecky, History of European Morals From Augustus to Charlemagne, M.A. Ninth Edition, In Two Volumes, Vol. 2., p.331, London, Longmans, Green, And Co.,1890

[42] السابق ص 331.

[43] الجزء 14 ص365.

[44] نقلًا عن "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟!" - أبو الحسن الندوي ص240.

[45] إداور بروي، تاريخ الحضارات العام مج 3، القرون الوسطى، ت. يوسف وفريد داغر، ص 142 منشورات عويدات، بيروت - باريس ط2، 1986.

[46] الكتاب ال 145 ص372.

[47] انظر مقالة كولتون السابقة ص305.

[48] ول ديورانت: قصة الحضارة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • العلمانية لا تقبل التجزئة 1/3
  • العلمانية لا تقبل التجزئة 2/3
  • العلمانية لا تقبل التجزئة 3/3
  • العلمانية
  • العلمانية ومشتقاتها
  • حقيقة العلمانية

مختارات من الشبكة

  • أسباب ظهور العلمانية في الغرب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الإلحاد: أسبابه، طبائعه، مفاسده، أسباب ظهوره، علاجه للشيخ العلامة محمد الخضر حسين (ت: 1377 هـ) (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • أسباب ظهور التدوين الحر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أسباب تأخر ظهور المصارف الإسلامية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأسباب والمسببات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب التخفيف في التكاليف الشرعية(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • أسباب الإعاقة البصرية(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صدقة السر سبب من أسباب حب الله لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صدقة السر سبب من أسباب رضى الله عنك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • صلة الرحم سبب عظيم من أسباب الرزق(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 17/11/1446هـ - الساعة: 9:44
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب