حوار مع أحمد يسري - الحاصل على المركز الأول في مسابقة الماهر بالقرآن

حوار مع أحمد يسري

الحاصل على المركز الأول على مستوى العالم في مسابقة "الماهر بالقرآن"

• نموذج مشرِّف للشباب.. القارئ الطبيب أحمد يسري:

♦ بفَضل الله حصلتُ على المركز الأول عالميًّا في مسابقة "الماهر بالقرآن".

♦ تَكريم الهيئة العالميَّة لتحفيظ القرآن لي زادَني إصرارًا على التفوُّق.

♦ حبِّي لكتاب الله جعلَني أشارِك في كثيرٍ من المسابقات المحليَّة والدوليَّة.

♦ لستُ أزهريًّا، ولكنِّي استعنتُ بشيوخ الأزهر في رِحلتي القرآنيَّة.

♦ أعشق القنوات الدينيَّة، ولا أنسى دور أسرتي وشيوخي في تشجيعي.

((أهلُ القرآن هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه))؛ لهذا كرَّمهم الله في الدنيا قبل الآخِرة، وخاصَّة إذا كانوا من الشَّباب الذي يَنشأ في رِحاب القرآن، فَيكون من السَّبعة الذين يُظلُّهم اللهُ في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه، ويزداد الأمر أهميَّة إذا كان حافِظ القرآن متفوِّقًا في دراسته العلميَّة، فيكون نموذجًا مشرِّفًا، جمَع الله له التفوُّق الديني والدنيوي.

ويعدُّ طبيب المستقبل أحمد يسري، الطالب بكلية الطب - جامعة قناة السويس نموذجًا مشرفًا، وقد كرَّمَته الهيئةُ العالميَّة لتحفيظ القرآن الكريم؛ لحصوله على المركز الأول على مستوى العالَم في مسابقة "الماهر بالقرآن".

• في البداية نود أن تقدموا أنفسكم للقراء.

• أحمد يسري محمد، من مواليد نوفمبر 1991، قرية الظاهرية التابعة لمدينة التلِّ الكبير بمحافظة الإسماعيلية.

أحفظ القرآنَ الكريم بروايتَي شعبة وحفص عن عاصم، وحاصل على بكالوريوس الطبِّ والجراحة من جامعة قناة السويس أكتوبر ٢٠١٤.

رحلتي مع القرآن:

• كيف بدأت رحلتك مع القرآن؟

♦ أحمد يسري: بدأَت رحلتي مع القرآن منذ الصِّغر في كتَّاب القرية، عندما أرسلني والِدي لمحفِّظي الأول الشيخ عاطف عبدالعال، ولَبِثتُ عنده في الكتَّاب من سن الخامسة حتى الصف الثاني الإعدادي تقريبًا، وكان يعاونه في التحفيظ الشيخ علي شحاتة، وحفظتُ معهما ما يقرب من ثمانية عشر جزءًا من القرآن؛ من سورة "النَّاس" حتى سورة "يوسف"، ثمَّ انتقلتُ إلى كتَّاب محفِّظي الثاني الشيخ أشرف علي عطية بإحدى القرى المجاورة لنا؛ قرية "الغرابوة"، وعلى يديه أتممتُ حفظَ القرآن، وراجعتُه عليه عدَّةَ مرات، وعندما وصلتُ الصفَّ الثالث الثانوي لم أستطِع المداومةَ على الحضور في الكتَّاب؛ حيث ركَّزتُ في المذاكرة، وبفضل الله حصلتُ على الثانوية العامَّة بمجموع ٩٨.٢٪ في القسم (علمي - علوم)، والتحقتُ بكليَّة الطبِّ بجامعة قناة السويس.

انتقال إيجابي:

• ما هو تَأثير انتِقال أسرتك من القرية إلى المدينة في مَسيرة حفظك لكتاب الله عزَّ وجلَّ؟

♦ أحمد يسري: أسرتي هي الدَّاعم الرَّئيسي لي في التفوُّق بعد تَوفيق الله سبحانه وتعالى، وقد حاولَت توفيرَ الجوِّ المناسب لي؛ فمثلًا انتقلَت الأسرةُ في العام الأول للجامعة إلى حيِّ السلام بمدينة التلِّ الكبير، واستقرَّت هناك؛ وكان ذلك سببًا رئيسيًّا في التعرُّف على شيخين جليلين، كانا سببًا في تَثبيت حفظي لكتاب الله عزَّ وجلَّ، ودراسة أحكام التلاوة؛ وهما الشيخان الجليلان: "أحمد السيد طه" والدكتور الصيدلي "محمد عطية النجار"؛ فمثلًا على يدِ الشيخ أحمد طه قرأتُ القرآنَ الكريم وراجعتُه مرارًا وتَكرارًا، وكان يصبر عليَّ كثيرًا، لدرجة أنَّه كان ربَّما يَستمع منِّي في اليوم الواحد إلى ما يقرب من ثُلث القرآن الكريم، وبدأ في تَدريس عِلم التَّجويد وإقرائي ختمةً مرتَّلةً برواية حفصٍ عن عاصم، لكنَّ الشيخَ سافر إلى المملكة العربية السعوديَّة لتدريس العلوم الشرعيَّة والقرآن، وأرسلَني إلى تلميذه شيخي الفاضِل المتقِن الجامِع للقراءات العشر الكبرى الدكتور "محمد عطية النجار"، وعليه قرأتُ ختمةً بقراءة عاصم بروايتي شُعبة وحفص، وأجازني ولله الحمدُ بإسناده المتَّصل إلى سيدنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أقرأُ على الشيخ منذ ٢٠١٠م إلى يومنا هذا، وأبدًا لا أستغني عن نُصحه وتوجيهه، نفَع اللهُ به ورضِي عنه.

وقرأتُ أيضًا على الدكتور المدقِّق الفقيه المتقِن الجامع للقراءات العشر الكبرى "محمد عبدالله" المقيم بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية، وهو ممَّن جمَع بين تخصُّص الطبِّ والقرآن؛ فهو أيضًا مختص في طبِّ وجراحة العيون جزاه الله عنِّي خيرًا، لكن لم نكمل الختمةَ؛ لانشِغالي بالجامعة وصعوبة السَّفَر، وضيق وقتِ الشيخ، وقرأتُ ختمةً على فضيلة الشيخ "مصطفى عبدالمتجلي" المفتِّش العام بوزارة الأوقاف المصريَّة، قرأتُ ختمةً برواية ورش عن نافع من طريق الأزرق، وصَلنا فيها إلى سورة التوبة، نسأل اللهَ أن تَكتمل.

دور الأسرة:

• ما هو دور الأسرة في توفير الجوِّ المناسِب لكم في حِفظ القرآن، وتحصيلِ العلوم الدراسيَّة حتى تفوقتَ في المجالين معًا بالتعاون مع شيوخك؟

♦ أحمد يسري: للأسرة دورٌ عظيم في حياتي؛ فأبي وأمِّي وفَّرا لي كلَّ سُبل الرَّاحة وأسباب النَّجاح، فجزاهم الله خيرًا، ومهما فعلتُ فلن أستطيع أن أردَّ لهما ولو جزءًا يسيرًا من أفضالهما؛ فهما دائمًا ما كان يُتابعاني، ويعرفان ماذا قرأتُ اليومَ وما هو مستواي، فأبي صَديقٌ لمحفِّظي الأول الشيخ عاطف، وكان دائمًا ما يتابع أحوالي ويَعرف أخباري منه، كذلك أمِّي كانت تراجِع لي في بداية حِفظي، وهي مَن علَّمَتني القراءةَ والكتابة، على الرغم من أنَّهما لا يحفظان القرآن.

مسابقات قرآنية:

• ماذا عن مشاركتك في المسابقات القرآنيَّة وتفوقك فيها؟

♦ أحمد يسري: بالنِّسبة للمشاركة في المسابقات؛ فلله الحمد شاركتُ في مسابقاتٍ دوليَّة ومحلية عديدة؛ منها: مسابقة شيخ الأزهر عام ٢٠٠٤ تقريبًا، فرع ١٨ جزءًا، وفزتُ بمركز متقدِّم، وشاركتُ عدَّةَ مرَّات في مسابقة ليلة القدر، وحصلتُ على مراكز متقدِّمة فيها، وشاركتُ كذلك في مسابقة وزارة التربية والتعليم وأنا طالِب في مرحلة التَّعليم الأساسي، وكذلك في مَرحلة التعليم الجامعيِّ، وحصلتُ على مراكز متقدِّمة، وكذلك مسابقة "ضيوف الرحمن" بتليفزيون القناة، وحصلتُ على جائزتَي عمرة أعوام ٢٠١٠ و٢٠١٥، وأيضًا مسابقة وزارة الشباب عام ٢٠١٤ حصلتُ على المركز الأول على الجمهوريَّة، وأيضًا حصلتُ على المركز الأول في مسابقة الأوقاف عام ٢٠١٠.

مسابقات دولية:

• ماذا عن المسابقات الدوليَّة التي شاركتَ وتفوقتَ فيها؟

♦ أحمد يسري: من خلال تفوُّقي بفضل الله في المسابقات المحليَّة؛ رُشِّحتُ للمسابقات الدوليَّة؛ مثل جائزة دبي الدولية، ثمَّ مسابقة الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم بمصر أعوام ٢٠١٤ و٢٠١٥، ثمَّ رُشِّحتُ نتيجة توفيق الله لي بعد ذلك للمسابقة الدوليَّة بجُدَّة رمضان الماضي ٢٠١٥، وحصلتُ بفضل الله على المركز الأول في حفظ وتفسيرِ القرآن، وكذلك حصلتُ على المركز الثالث بمسابقة سيد جنيد الدوليَّة بالبحرين لحفظ وتَجويد القرآن عام ٢٠١٥، والمركز الرَّابع بجائزة دبي الدوليَّة لحفظ وتجويد القرآن عام ٢٠١٠ كبرى المسابقات العالميَّة.

وحصلتُ على مركز متقدِّم في جائزة بلال بن رباح بليبيا على مستوى دوَل المغرب العربي ومصر عام ٢٠١٣، وهناك قابلتُ سيدي الدكتور كمال قدة الجزائري أستاذ القرآن وعلومه بجامعة الوادي بالجزائر، وهو من كِبار مقرئي الجزائر، كان رئيسًا للَجنة التحكيم بليبيا، وأكرمني الله وشرَّفني بقراءة ما تيسر من القرآن عليه، وكان سببًا في تَصحيح تلاوتي وإرشادي لفنِّيَّات التلاوة ودقائقِ الأمور، فجزاه الله عنِّي وعن سائر القرَّاء خيرًا، وكانت هذه من أهمِّ نِقاط التحوُّل في مَسيرتي مع القرآن إن لم تكن الأهمَّ والأبرز.

شيخي المفضل:

• لكلِّ إنسان شيخٌ معيَّن يحبُّ الاستماعَ إليه في الإذاعة أو عبر الفضائيات، فمَن هو شيخك المفضَّل؟

♦ أحمد يسري: أحبُّ جميعَ القرَّاء الذين إذا قرؤوا القرآنَ جعلوا المستمعين يَخشعون لله ويَخشَونه، وأثَّروا في المستمعين؛ من أبرزهم القارئ "محمد صديق المنشاوي"، والمقرئ المدقِّق الجامع للقراءات العشر "محمود خليل الحصري" رحمهما الله، وهذا لا يقلِّل من حبِّي لكلِّ أهل القرآن، فيكيفهم فخرًا أنَّهم أهل الله وخاصَّتُه.

نصيحة غالية:

• ما هي نصيحتك للآباء والأمَّهاتِ حتى يَجعلوا أبناءهم وبناتهم يَحفظون القرآنَ؟

♦ أحمد يسري: أنصح الآباءَ والأمَّهات بأن يَدفعوا بالأبناء في الصِّغر لمحفِّظٍ متقِن، ومربٍّ يعلِّم التلميذَ الأدبَ قبل القرآن، وأن يحتسبوا الأجرَ عند الله تعالى، وأنصح نفسي وإخواني بإخلاص النيَّةِ عند القراءة، وتدبُّر القرآن، والتحاكم إليه، وهذه أيضًا نَصيحتي لجميع المسلمين؛ بأن لا يَفوتنا أن نَستفيد من التقنيات الحديثة والقنوات القرآنيَّة النَّافعة؛ مثل الإنترنت والفضائيات.

خدمة القرآن:

• بمناسبة الحديث عن وسائل الاتِّصال الحديثة ودورها في خِدمة القرآن، فما هي القنوات الدينيَّة المحبَّبة لك؟

‏♦ أحمد يسري: أحبُّها جميعًا؛ لأنَّها جميعًا هدفها نَبيل وهو خِدمة الإسلام عامَّة، ودستورِه العظيم - وهو القرآن - بوجهٍ خاصٍّ؛ فمثلًا أحبُّ جدًّا قناةَ المجد، وقناة أهل القرآن، أمَّا مقدِّمي البرامج فأحبُّ جدًّا برامج وكتب الدكتور المقرئ الزاهد العلامة أيمن رشدي سويد حفظه الله، وكذلك لا أنسى كِبار قرَّاء بلاد المغرب العربي، وأبرزهم القارئ المغربي عمر القزابري، وله مصحف مرتل برواية ورش عن نافع؛ وهو تلميذ شيخنا المصري العلَّامة الأستاذ الدكتور أحمد المعصراوي، وكذلك القارئ الليبي المتقِن وليد النائحي؛ وله مصحف مرتل برواية قالون عن نافع، والقارئ المدقق الجزائري عبدالكريم حمادوش؛ ويقرأ برواية ورش على قناة الجزائر الفضائيَّة للقرآن الكريم، فهؤلاء أصحاب قراءة نديَّة متقنة لا يَستغني عنها قارئ القرآن.

فضائل القرآن:

• في نهاية هذه الرِّحلة القرآنيَّة نرى على الجانب الآخر كثيرًا من النَّاس يَجهل فضائلَ القرآن؛ لهذا نودُّ إلقاءَ الضوء عليها؟

♦ أحمد يسري: فضائل القرآن كثيرة، وقد ذَكر القرآنُ نفسه كثيرًا منها؛ مثل قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، وقول الله تعالى: ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]، وقول الله تعالى أيضًا: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23]، وكذلك قول الله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾ [فاطر: 29، 30].

أهل الله:

• هذا ما جاء عن فَضل القرآن وأهله في القرآن نفسه، فماذا جاء عنهم في السنَّة النبويَّة؟

♦ أحمد يسري: وصَفَهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم بأنَّهم أهْلُ الله وخاصَّتُه، فقال: ((إنَّ لله تعالى أهْلِين من النَّاس))، قالوا: يا رسولَ الله، مَن هم؟ قال: ((هم أهلُ القرآن؛ أهلُ الله وخاصَّتُه))، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضًا: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنَّه يأتي يومَ القيامة شفيعًا لأصحابه))، وأخبرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنَّ القرآن خيرُ زاد في الدنيا والآخرة، فقال: ((يُقال لصاحِب القرآن: اقرأ، وارتقِ، ورتِّل كما كنتَ ترتِّل في الدنيا؛ فإنَّ منزلتك عند آخر آيةٍ تقرؤها)).