• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / فكر
علامة باركود

المسحة الجمالية في الحضارة الإسلامية

خالد برادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/1/2016 ميلادي - 8/4/1437 هجري

الزيارات: 9232

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المسحة الجمالية في الحضارة الإسلامية

 

لن نعْدوَ الحقيقة إذا قلنا: إن مفهوم الجمال الأصيلِ لا تتضح معالمه إلا بعودته إلى منبعه المتدفق منه؛ ألا وهو الإسلام؛ لأنه دين الفطرة السليمة، الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحاطها بظلاله الوارفة؛ لقول الله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الأنعام: 38]، وللحديث الذي يدل دلالة قوية على أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد علَّم المسلمين كلَّ شيء، حتى قضاءَ الحاجة، وهذا يُبرز مدى توجيه الوحي للإنسان - باعتباره خليفةً لله تعالى في أرضه - نحو النهج القويم، وهو صراط الله المستقيم؛ لينعم المرءُ فيه بالخير العميم.

 

ولذا نجد الإسلام لا يفتأ عن توجيهاته الإرشادية إلى ما فيه نعيمُ الإنسانية، في كافة المناحي الحياتية؛ ومن ثم فإن الإسلام لم يترك الفطرة الإنسانية تتردَّى في دركات الرذيلة باسْم الجمال، دون توجيه أو ضبط، بل أحاط قضية الجمال بتوجيهاته نحو الهدف الذي يَرمي إليه هذا الدينُ؛ ليسموَ الإنسان إلى درجات الفضيلة المنشودة، بناء على أن الجمال مسحة فطرية تهفو إليها الأنفس، وترنو إليها الأبصار، سواءٌ من حيث العمران، أو الإبداع في مختلف المجالات؛ لينتشيَ المرءُ بالاستمتاع بالطيبات، ولا غروَ؛ فالجمال سحر أخَّاذ، لكل ذي نظر نفَّاذ!

 

وإذا كان الجمال آية من آيات الله سبحانه وتعالى التي أبدعها في كونه، وأودَعها حُسنًا وقَبولًا في نفوس خلقه؛ فحيثما يمَّمَ الإنسان ببصره فإنه واجدٌ آياتِ الله تعالى في خلقه زينةً للوجود، تدل على أنه (سبحانه) هو الواحد المعبود.

 

الجمال في الحضارة الإسلامية:

لقد آثرت أن أركز حديثي هاهنا عن المسحة الجمالية في الحضارة الإسلامية، التي لن تَبرز جليَّة أمامنا إلا إذا ربطناها بالإسلام؛ لأنه مهما حاول المتشدِّقون بالجمال أن يتحدثوا عنه - بعيدًا عن إطاره الخلقي الذي رسمه الإسلام منذ بزوغ فجرِه - فإنهم لا محالة ستزلُّ أفكارهم، وستضلُّ خطاهم؛ فهم مُجانبون للصواب، بعيدون عن نهج أولي الألباب.

 

بل إن الحديث كذلك عن العمران بعيدًا عن رؤية الإسلام له، سيجعل التصور البشري عاجزًا عن إيفاء حاجة الإنسان إلى تفيُّؤ ظلال الجمال في الحضارة الإسلامية؛ لأنه سيرتبط لا محالة بالجانب المادي المحض، وهو آفة خطيرة تردَّى فيها بعض المفكرين الذين تعرضوا لتعريف الحضارة.

 

وإن ذلك التصور للحضارة في إطارها الماديِّ ينسجم مع تصوُّر جملة من المفكرين المعاصرين الذين غلَّبوا الطابَع المادي في تفسيرهم لها، ناهيك عن أن ذلك الاتجاه الشكليَّ المادي سيشكل تصورًا في غاية الخطورة عن الحضارة؛ إذ إنه سيركِّز اهتمامه على الجانب المادي المترَف، ويَضرِب صفحًا عن الجانب الأخلاقي في حضارة الإنسان، على النحو الذي ساقه ابنُ خَلدون في تعريفه للحضارة، ولسنا في حاجة إلى ذكر تعريفه، وتلمُّس جوانب القصور فيه، ولكن يكفي ابنَ خَلدون شرفًا أنه حاز قصَب السَّبق في التنبيه إلى الحضارة، واستخدامه لهذا المصطلح في "مقدِّمته"؛ بيْد أنه كان يَستغني عن ذِكره في كثير من الأحيان، ويلجأ إلى ذكر مصطلح العمران البشري.

 

وأريد أن أسطِّر هنا أن الجانب الأخلاقي في الحضارة يَزيد جمالها جمالًا، ويُضفي عليها أشواقًا روحية، حتى لا تَطغى المادة وحدها، وفي ذلك سعادةٌ للإنسان داخل حضارة يَحوطها الوازع الديني من كل جوانبها، ويرتفع بأصحابها الفكرُ إلى الفهم الحصيف للجمال الحضاري في إطاره الأخلاقي، الذي يركز على المبدأ الروحي، وهذا لمن شأنُه أن يمهِّد لنا القول بأنَّ قيم الجمال في الحضارة نابعةٌ من فَهم سليم لديننا - الجامعِ بين الروح والمادة - خلافًا لما شاع وذاع من أنَّ القيم هي الفلسفة كلُّ الفلسفة، فكما أن اللسان يَلفِظ مَسيخ الطعام وما تمجُّه الأذواق، فكذلك هم مع الفلسفة اليونانية، وسواها من الفلسفات التي تحمل معها عُقْهما ومَضارَّها على الإنسانية، حيث إنها تُفضي بالمرء الذي يؤسِّس رؤيته إلى الكون على مفاهيمها إلى الوقوع في الزيغ المفاهيمي، والضلال الفكري، فيقدِّس ما لا ينبغي تقديسَه، وينسى تقديس الخالق تبارك وتعالى!

 

ذلك أن "التوسل بالمفاهيم الفلسفية - ولا سيما الطبيعية والميتافيزيقية منها - في مباحث القرآن يُفضي بصاحبه إلى تقديس الطبيعة، وترك تقديس خالقها"[1]، وهذا ما أكَّده المفكر الإسلامي: بديع الزمان النورسي (ت 1379هـ).

 

وقد يكون وضعُ القيم مقابل الأخلاق هو ما جعَلها تستند في مرجعيتها إلى الإنسان، دون الله سبحانه وتعالى، ومن ثم اعتُبرت فلسفةً بشرية، متحررةً من الاستضاءة بجَذوة الوحي، وهذا مما يحتاج إلى مزيدٍ من تعميق البحث؛ ولعل الواقعَ يدل على أن الميل الفطري لدى الإنسان المسلم يُقرُّ بوجود القيم داخل حضارةٍ - أقامها أجدادُه، وسار فيها مُقتفيًا أمجادَه - لا ينبغي أن تُفصل فيها الآياتُ عن القيم، وما الفصلُ بينهما إلا إجراءٌ تجريدي صناعي، بل هو - كما يذهب الدكتور طه عبدالرحمن - أبعدُ من ذلك؛ حيث إنَّ الفصل بين الآية والقيمة هو إجراء تصنُّعي[2].

 

إن الآيات الكونية لا يمكن تفسيرها إلا بالتفاعل مع المسحة الجمالية، التي تَختلج بها النفوس المؤمنة؛ لترتقيَ بالعمران، ومعلوم أن المقياس الذي قام عليه العمران الإسلامي هو ورَع المسلم وتقواه؛ لأنه يرتبط بخالقه في بناء الحضارة، متطلِّعًا إلى مواطن الإعجاز في الكون الذي يفتح آفاق التأمل في عظَمة الخالق تبارك وتعالى، وهذا من خاصية الإسلام في البعد الجمالي، بعيدًا عن تصور دعاة الفلسفة للقيم الجمالية، التي لا توصل إلى شيء من ورائها؛ لأنها نتاج عقليةٍ بعيدة عن التصور الإسلامي، على النحو الذي عمد إليه ذَووا النزعة التغريبية - من المثقفين العرب - المكرِّسين لمفهوم التبعية في فكرهم؛ وذلك لما فسَّروا القيم بمنظار ضيق، عزَوْها إلى فكر الغرب وتصوراتهم لها، وخاصة منها قيم الجمال.

 

ومما ينبغي الإشادة به أن الحضارة الإسلامية لم تقف سدًّا منيعًا في وجوه المبدِعين، بل فتحَت لهم ذراعيها ليُظهِروا الفن المعماري الجميل، وهذا لون آخر من حرية الإبداع الجمالي؛ لأنه دين لا يَكبَح جماح العقول المبدعة، وإنما يكفيه أن يوجِّه سُفنها حتى لا تضل في ثبَج بحر الأهواء، فتحتَوِشَها الأفكارُ المادية، والنَّزغات الشيطانية.

 

ويحدِّثنا التاريخ عن هذه السماحة الكامنة في الإبداع الجميل في الحضارة؛ حيث إنَّ العرب تفوقوا على أصحاب الحضارات الأخرى، وتميزوا عنهم؛ من حيث اتخاذُهم طِرازًا خاصًّا بهم في بنائهم وعمارتهم، وقد بَزُّوهم في ذلك، واتخذوا لأنفسهم - كما أسلَفنا القول - طرازًا للبناء والعمارة خاصًّا بهم، فريدًا لا يُشبه ما كان عند الآخَرين، سواءٌ الفرسُ أو البيزنطيُّون، ويمكن الاصطلاح على هذا بأصالة الفن المعماري في الحضارة الإسلامية التي لم يتمَّ احتواؤها في نماذجِ فنون الأمم الأخرى.

 

بل إن علماء الغرب هم الذين نهَلوا مما عند المسلمين، واستلهموا منهم منجزاتهم، وتمثلوا العقلية العِلمية الإسلامية من الرُّواد المسلمين الأوائل في شتى العلوم، فقد عَمِد العالَمُ الغربي بعامة، والأوربي منه بخاصة، إلى اكتساب الثقافة الإسلامية مما جادت به قرائحُ علمائنا في مختلف العلوم، والاستفادة من مناهجهم، وخاصة التجريبية منها، وأخذ المفكرون الغربيون عنهم تلك المناهج، وخاصة المنهج التجريبي، فهذا - مثلًا - روجر بيكون (ت 693هـ) يقرأ للحسن بن الهيثم (ت 430هـ)، ولا يكتفي بذلك فحسب، بل إنه ينقل تجارِبَ ابن الهيثم في (المَناظر)؛ وذلك لِما للتَّجربة من دور في اكتشاف حقائقَ جديدة، لم تكن لتظهرَ لولا تلك النتائجُ المكتسبة بالتجريب.

 

وتجدر الإشارة إلى أهمية العقيدة الإسلامية في التوجيه الجمالي للفنِّ المعماري، ولا أدلَّ على ذلك ممَّا أبدعه المسلمون في المساجد التي هي بيوت الله تعالى، تهفو إليها قلوبُ المؤمنين متعلِّقة بها؛ يقول جل وعز: ﴿ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [النور: 36 - 38]، فلا غرابة أن يولِيَ المسلمون المساجدَ أهمية بالغة، تجلَّت في التأنق في جودة معمارها، وحسن عمارتها بعُمَّارها.

 

ولو أرَدنا أن نُفسح المجال لتأمُّلٍ بصيرٍ حول آثار العقيدة على عناصر بناء المسجد، لجاز لنا القول بأن العقيدة الإسلامية المركوزةَ في النفوس، هي التي حددت الخطوط الرئيسية للمعماري المسلم، فانطلق في طريقه المعماري وفق تخطيط دقيق محكَم، وهذا يدل على إبداع العقل المسلم في جوانب المعمار الإسلامي، الذي يشهد على مسحة الجمال؛ من أجل التعبُّد لله الكبير المتعال، في بيته الوارف الظلال.

 

ومِلاك القول: إن عمارة المسلمين كانت نابعةً من عقيدتهم، وكانت زخارفهم بعيدة عن رسم الصور ونحتها، فضلًا عن أن أثر الفن المعماري في الحضارة الإسلامية قد انتقَل إلى مختلف الأقطار، فكان أثره بارزًا في عمران الآخرين، الذين استَوحَوا من المبدِع المسلم أروع ما جادت به بَناتُ أفكاره، وروائه ومبتكراته؛ وفي ذلك ردٌّ للمغالطة الفكرية القائلة بتبَعية الحضارة الإسلامية للحضارة الغربية؛ فهذا كلام متهافت لا يَصمد أمام الحقائق الناصعة، وحسبُنا أن أشرنا إلى ذلك لنكشف عن جوهر الأصالة التي يتمتع بها الفنان المسلم، بينما سواه له تبَع، وليس العكس.

 

وقد كان لعلمائنا الجِلَّةِ في العلومِ وسائر الفنون - دورٌ في الارتقاء بالحضارة؛ وذلك بمنجزاتهم العلمية، وهذا مما لا ينبغي أن يُغفَل أثره ولا يجوز نُكرانه، من لدُن علماء الغرب، بلْهَ كافَّة المسلمين، حتى لا يَعقوا تراثَ أجدادهم، الذي عَبَر إلى الغرب فانتفع به أهلُه.

 

ولكي يتضح هذا؛ فإننا نورد بعض الأسماء اللامعة، التي قامت بدور كبير في بناء الحضارة الإنسانية، وكانوا في قمة العلوم، وخاصة التجريبية منها؛ كالزهراوي (ت400هـ)، وابن الهيثم (ت430هـ)، وابن النفيس (ت687هـ)، وسواهم؛ فما أبدعه هؤلاء وأضرابُهم لا يزال أثره واضحًا في حضارات أخرى استفادَت منه، وربما طوَّرَته، ولكنها احتكَرَته، فقد بقيت أعمالُ علمائنا محلَّ اهتمام عند علماء الغرب أنفسهم، ومحطَّ اعتبار في تاريخ العلوم، فقيمة حضارتنا أصيلة لا مِرية فيها، ولا تُجدي المكابرة في فضلها على غيرها من الحضارات.

 

وهكذا كان لعلمائنا دور كبير في رؤية المنهج المعبِّر عن خصائص الحضارة الإسلامية، وهو المنهج الحسِّي التجريبي، الذي تلقَّفه الغربُ منا، فساعده على نهضته العلمية.

 

ولعَمْر الحقِّ، إن ذلك المنهج العلمي الذي أبدعه المسلمون هو الجمال بعينه، الذي يرتاح إليه عقل الإنسان، ويجد فيه الوجدانُ بردَ اليقين على مرِّ الزمان.

 

الجمال وارتقاء الإيمان[3]:

من المعلوم الذي لا يُجهل أن إقامة العبودية لله تعالى، هي غاية الغايات من خلقه لبني آدم، باعتبار أن الإنسان هو محور بناء العمران؛ قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، والعاقل من أدرك أن عالم الملَكوت مليء بأسرار الحي الذي لا يموت، فإذا كان الله سبحانه هو الجميل الذي يحب الجمال[4]، فبدهي أن يودِع في كونه ما يكون شاهدًا على مُلكه، وعظيمِ جلال قَدرِه، وهذا هو دليل الآفاق مذلَّلٌ أمام كل مشتاق؛ للوصول إلى سيد الكون ومليكه: (الله جل وعز).

 

والناظر في كتابه سبحانه، الذي هو عِصمةٌ لمن اهتدى بهداه، وارتوى من منبعه الزُّلال (القرآن الكريم)، سيجد في كثير من الآيات أنها تستحثُّ فؤاده؛ لينطلق ببصره متأمِّلًا في الكون الذي تنطق كلُّ صغيرة وكبيرة فيه بعظَمة الخالق تبارك وتعالى.

 

ولنقرأ هذه الآيات التي تُظهر جمال عالم الشهادة، الذي هو مفتاح سعادة المتأمل البصير، في هذا الكون الذي أبدعه العليم الخبير؛ يقول جل في علاه: ﴿ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾ [النمل: 60].

 

واقرأ قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ [فاطر: 27].

 

ونود الإشارة إلى أن إدراك الصورة المستحسَنة لا تتحقَّق لدى المرء إلا إذا كان ذا نفسٍ سويَّة، تهتز للشيء المرئيِّ الجميل، وتتفاعل معه بشدوٍ أصيل، دون تمحُّل أو ابتذال بمجهود، حيث يكون سجية لها في مرئيات عالم الشهود، ونؤكد ما ذهَبنا إليه برأيِ عالِم البَصريات: ابن الهيثم (ت 430هـ)، الذي "يتلخَّص رأيه في أن المرئيات فيها معانٍ جزئية؛ كلٌّ منها على انفراد يفعل الحُسن؛ أي: يجعل الشيء حَسنًا... وإدراك الحُسن عنده أمر نفسي؛ لأنه يقول: إن المعانيَ الجزئية تفعل الحُسن؛ أي: تؤثر في النفس، وهو استحسان الصورة المستحسنة"[5].

 

وهذه خلاصة نظرية ابن الهيثم حول الجمال في المبصَرات، وإن رأيه الذي أورَدناه لهو بحق "يحتاج إلى دراسة خاصة ومقارنة"[6].

 

ومن ثمَّ فإن المسحة الجمالية في الكون لها آثارها على كل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ولو تتبعنا مَواطن الجمال التي يَفتح بها القرآنُ الكريم أعينَ القراء الناهلين من فيوضات أسراره، لوجدنا أن لها أثرًا - أيَّ أثر! - في تهذيب شعور الإنسان؛ ليقيم العبودية لله الواحد الديَّان.

 

إن القرآن الكريم يحثُّ قارئه على أن يفتح عينيه على آيات الجمال، وما سُقناه من آيات ما هو إلا نَزْر يسير مما يفيضُ به هذا الكتابُ الخالد؛ مما يوجب التأمُّل في جمال صنع الله تبارك وتعالى، ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]، وما زالت الأصوات تُحبَّر لتحسِّن صوتها به؛ صدعًا بالأمر الإلهي: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]، وقد كان علم التجويد محل عناية عند الرعيل الأول، وسجيًّا عندهم بالفطرة والتعلم؛ فأما الفطرة فلأنهم أهل لُسن وفصاحة، وأما التعلم فهذا أمر ضروري لأخذِ القرآن غضًّا كما أُنزل، ولا يخفى أن النبي صلى الله عليه وسلم - وهو المبلِّغ عن ربه جل وعلا، ومعلِّم الصحابة دينَهم، والأمةُ تتَلقَّى ذلك مِن بعدهم، وملقِّنُهم القرآن شفهًا - كانت تَطْرب نفسُه عند سماعه القرآن الكريم من غيره، وما قصة أبي موسى الأشعري عنا ببعيدة، الذي استمع له النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأبو موسى لا يدري باستماعه له، فلما أخبره النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن إعجابه بقراءته، تمنى أن لو حبَّر له صوته[7]، حتى يَزيد النبيَّ صلى الله عليه وسلم حسنًا وإعجابًا.

 

وإن صوتيات القرآن الكريم لهي من مفاخر الأمة الإسلامية؛ لأنها تأتي بالسَّنَد المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسَّنَد من الدين، ولذا فإن "هذه الصوتيات إنما تؤخَذ عن السابق بطريق المشافهة والرواية، فيَنقلها كما سمعها، وهكذا من أول السنَدِ إلى مُنتهاه"[8]، وما كان من علمائنا الكرام إلا أن عُنوا بهذا العلم الذي يعدُّ مفخرة من مفاخر المسلمين، وهذا أثر من آثار الجمال في توجيه الهمم إلى العناية به، ولما له من علاقة وطيدة بتعبدهم لله تعالى، في تلاوة القرآن الكريم بأشجى الأصوات.

 

وقد بدأ التأليف فيها منذ عهد مبكر، مع كتب النحو كما هو عند سيبويه (ت 180هـ)، وابن جني (ت 392هـ)، والزمخشري (ت 538هـ). فضلًا عمن وقف نفَسه للتصنيف في القراءات القرآنية؛ كأبي زُرعة بن زنجلة (ت 403هـ)، ومكِّي بن أبي طالب القيسي (ت 437هـ)، كما صُنِّفت مصنفات في صوتيات اللغة بعامة.

 

ولا ينبغي أن نغفل جهود العلماء المعاصرين في التأليف حول هذه الصوتيات، وقد اجتهد بعضُهم لجعلها من الفنون السمعية، ولكن لا ينبغي وضعها في مصافِّ الفنون السمعية الأخرى؛ لأن للقرآن الكريم مكانة خاصة، وحريٌّ بنا أن نجعل تجويد القرآن الكريم على القمة إذا أدرَجناه في الفنون السمعية؛ خلافًا لكثير من الأغاني التي قد تستتَّر باللباس الديني، لتنفُث من خلاله سمومها؛ ولذا لا بد من تحكيم معيار النقد في قَبول سماع الغناء.

 

إن المسلم لا يمكنه أن يكون بعيدًا عن الزينة المطلوبة؛ امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 31، 32]، فهذه الزينة التي أمر الله تعالى بها عباده هي مِن ضروريات العبادة؛ لأنها من خلق المسلم، فإذا كانت الأخلاق التي هبَّ المفكِّر طه عبدالرحمن[9]، للارتفاع بها إلى قمة الضروريات، فمن باب أولى أن يسير معها جمالُ المسلم في سَمته ومظهره ومخبَرِه، حذوَ القُذَّة بالقُذَّة، فإذا كان الدكتور طه عبدالرحمن يرى بأن "الدين والأخلاق شيء واحد، فلا دين بغير أخلاقٍ ولا أخلاق بغير دين"[10]، فسَيرًا على هذه الرؤية الحصيفة يَسوغ لنا القول بأن: الدين والجمال صِنْوان؛ فهما قرينان، وفرَسا رِهان، فلا دين بغير جمال، ولا جمال بغير دين، فالجمال شيء فطري في النفوس السليمة لا تنفكُّ عنه، ولا أجد هذه الفطرة إلا من الضروريات التي يجب أن يتَطامَن لها المسلم، ليكون على الهيئة المطلوبة التي يريدها له بارئه جل وعلا.

 

ولا شك أنه بدون الجمال تختلُّ حياة الإنسان، بل قل: إنه سيَنسلخ عن فطرته التي فطَره الله عليها، وهنا تتجلى لنا أهمية الجمال في الإسلام الذي يسعى إلى أن تُرى أثر الطهارة على المسلم في كل جوانبها؛ من تطهير الظاهر من الأحداث، وتطهير الجوارح من الآثام، وتخلية القلب وتحليته، وتطهير السرِّ عما سوى الله تعالى، وهذه هي قمة الجمال النابعة من الطهارة الشمولية للإنسان.

 

الجمال والإبداع الأدبي:

إذا كان الإسلام يَلفِت الأنظارَ إلى جمال الكون، فإنه لم يترك الناس يرتَعون في تصوير الجمال بدون ضوابط، وخاصة ما يعتلِج في نفوسهم من مشاعرَ حِيالَه، ونلمَس ذلك جليًّا في كثير من آياته، وإن شأن الأديب المسلم أن يصوغ ما يعتمل في نفسه من خلجات أدبًا رفيعًا، وهذا من آثار تفاعل النفوس مع معالم الجمال، فكيف بك إذا كانت نفسًا رقيقة، ذاتَ نزعة شاعرية مرهفة، تجعل صاحبها يُبدع انطلاقًا من جاذبية الجمال المرئيِّ في الكون الناطقِ بالوحدانية لله تعالى، الذي يدل على عظَمته جل وعلا؟!

 

ويعجبني الدكتور عماد الدين خليل الذي جعل الجمال يدور في دوائر ثلاث، "أُولاها الكون والوجود والحياة والإنسان؛ بحثًا عن عناصر الجمال. وتنطوي ثانيتها على النشاط الأدبي والفني باعتباره نشاطُا جماليُّا... أما ثالثها فتتمركز عند تاريخ الجمال"[11]، هذا التاريخ الذي سيعود بك إلى ماضٍ قد انطوى، لكنه لم ينفكَّ عن الجمال الذي ما زال يُروى، رغم أنه ذو تاريخ طويل عريض، ولذا فإن الجمال مبثوث في الكون مُذْ خلقه الله جل في علاه، فأبدع فيه من مظاهر الجمال ما يعجز كل إنسان عن استجلاء كنهه.

 

ولما كان الأدب ميدانًا للانطلاق في آفاق التعبير الجميل؛ فإن الفكرة التي ينطلق منها الأديب هي "عماد العمل الأدبي، ولها هي الأخرى جمالها؛ لأن العمل الأدبي كلٌّ لا يتجزأ، والجمال ينسحب على الشكل والمضمون معًا"[12]؛ حيث إنهما لا ينفصلان، بل يمتزجان، مما يجعل للجمال قيمتَه الكامنة في مظهره وجوهره؛ فإذا كان المرء أديبًا رقيق الحاشية، فيَّاض العاطفة، فإنه ينطلق واصفًا لذلك الجمال في كلمات قد يَطير اللبُّ لصورها، على النحو الذي وجدناه مع شعرائنا العرب، وخاصة الأندلسيين المسلمين منهم[13]، حيث برَعوا في وصف الجمال الذي يلفُّ بهم في حضارتهم من كل جانب، وقد أكثروا من وصفه، وتأنَّقوا فيه، وبرَعوا في تصوير الموصوف براعة فائقة، حتى قيل: إنهم فاقوا المشارقة في ذلك؛ لأن المناظر الجميلة قد سحَرَتهم؛ من حدائق وأزهار، وجبال وأنهار، فاستمدُّوا من الطبيعة ألوانًا من الأخيلة والأفكار في أغراضٍ شتى، وكان من نتيجة ذلك أن تأنَّق شعراء الأندلس في اختيار اللفظ المفرد، وآثروا التعبير الجميل الرشيق، المفصِح عن تفاعلهم مع جمال الحضارة التي بلغَت شأوها في آيات الجمال.

 

وإنك واجدٌ في شعر الأندلسيين - الذين فُتنوا بجمال الأندلس الساحر - رقة وجمالًا، وصورًا براقة، ونحن هنا لسنا في حاجة إلى سَوق أمثلة لذلك؛ فحَسبُنا أن لمَّحنا إلى ما امتاز به أهل الأندلس من رقَّة في خَلجاتهم الشِّعرية، التي أثَّرت فيها العوامل الطبيعية، بروائعها الجمالية، فأبدعوا - وهم ذَووا النفوس الرقيقة - شعرًا[14] سكَبوه في بحور اللغة العربية الجميلة التي كانت مِطْواعًا لقضايا شعرهم، فبلَغوا بها غاية الذِّروة، ولم يستطع الزمن أن يعفي من وصفهم الفائق للجمال في أدبهم الرائق.

 

وبالجملة فإن الإبداع الأدبي الذي يسير على هدًى من الإسلام، لَمُختلِف تمامًا عن المذاهب الأخرى في الفن، وهذه الأخيرة أظهرَت أدبًا نشأ في الغرب، وأراد أصحابُها أن يحتووا من خلاله أدبنا الأصيل؛ كدَعوتِهم لمذهب "الفن للفن"[15]، وغيرها من المذاهب الأخرى التي تُصادم الأخلاق، فتَوارى عنها الحياء، باسم الجمال والبهاء، وما هكذا يكون التعبير عن الجمال في عالم الأحياء.

 

وما أحرانا أن نعِيَ أن غاية الفنون في الإسلام هي الحفاظ على الأخلاق؛ لأنها منطلَق إلى تحقيق خلافة الله تعالى في الأرض.

 

ونحن نؤمن إيمانًا جازمًا بأن الجمال في الإسلام ينطلق من مبدأ أخلاقي؛ إذ لا مندوحة عنه حتى تستقيم الحياة، وهذا من مَزيَّة الخُلق في الجمال، حتى يؤتي الجمال آثاره الحميدة، وثمارَه اليانعة، فنرى الحياة كما أرادها لنا واهبُها، حياةً أفضل، وجمالًا برؤية أجمل.

 

وهكذا يبقى الجمال مُحاطًا بسياج الفضيلة، في نفوس أصحاب الأصالة الإسلامية، الذين يُطوِّعونه لخدمة قضايا دينهم، ويجعلونه سبيلًا للتقرب إلى بارئهم جل في علاه.

 


[1] سؤال المنهج: في أفق التأسيس لأنموذج فكري جديد؛ د. طه عبدالرحمن، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، بيروت، ط 1، 2015م، ص 177، 178.

[2] انظر: العقل المؤيد بالإيمان عند النورسي، أو اتصال الآيات والقيم؛ د. إدريس مقبول، مجلة حراء، العدد 34، السنة الثامنة، يناير - فبراير 2013م، ص 34.

[3] قبل أن ندلف إلى علاقة الجمال بارتقاء الإيمان، فإنه ينبغي التنبيه إلى أننا لم نستطرد في حديثنا - كما قد يظهر من هذا العنوان - إلى مبحث خارج الجمال في الحضارة، أو غافلين عن العبودية لله تعالى التي هي قمة حضارة الإنسان، بل إننا نعد العبودية منطلق الحضارة؛ لأننا نرفض الانشطارية بين المادة والروح، وقد كرَّس الغرب ذلك؛ حيث فصَل في القيم بين العقل والقلب، والدنيا والدين، وما هذا التقسيم الذي عمَدْنا إليه إلا لحاجة هذا المقال إلى الرضوخ إليه في رؤيتنا، فليُدرك ذلك عنَّا قُراؤنا الكرام.

[4] في الحديث الصحيح: ((إن الله جميل يحب الجمال))؛ أخرجه الإمام مسلم.

[5] الإسلام والحضارة، د. محمد عبدالهادي أبو ريدة، نقلًا عن كتاب: الحسن بن الهيثم ومآثره العلمية، د. أحمد فؤاد باشا، كتاب المجلة العربية، رقم 218، صفر 1436هـ/ ديسمبر 2014م، ص 94.

[6] هذا ما سطَّره الدكتور أحمد فؤاد باشا، في كتابه: الحسن بن الهيثم ومآثره العلمية، المرجع السابق، الصفحة نفسها.

[7] روى أبو نُعيم في الحِلية أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "يا نبي الله، أما إني لو علمتُ مكانك لحبَّرت لك القرآن تحبيرًا".

[8] انظر: مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير؛ د. مساعد بن سليمان الطيار، دار المحدث، مكتبة الملك فهد، الرياض، ط 1، 1425هـ، ص 105.

[9] أرمي بذلك إلى تعرُّض فضيلة الدكتور طه عبدالرحمن لنقد التقسيمات الثلاثة لمصالح الشريعة، وإدراجه للأخلاق ضمن المقاصد الضرورية؛ حيث يُقر بشمولية إفادة علم الأخلاق للفقه، ولأصوله أيضًا؛ (انظر كتابه: تجديد المنهج في تقويم التراث، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط 2، ص 105، 108)؛ وقد اعتبر أن علم المقاصد هو علم الأخلاق الإسلامي، وأن موضوعه دائر حول الصلاح الإنساني؛ (انظر له: سؤال المنهج: في أفق التأسيس لأنموذج فكري جديد، المؤسسة العربية للفكر والإبداع، بيروت، ط 1، 2015م، ص 71، 74)، (بتصرف يسير).

[10] سؤال الأخلاق: مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة العربية؛ د. طه عبدالرحمن، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، ط 1، 2000م، ص 52.

[11] الغايات المستهدفة للأدب الإسلامي؛ د. عماد الدين خليل، دار الضياء، الأردن، 2000م، ص 51.

[12] مدخل إلى الأدب الإسلامي؛ د. نجيب الكيلاني، سلسلة كتاب الأمة، رقم 14، رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية، قطر، ط 1، جمادى الآخرة 1407هـ، ص 94.

[13] تنكشف أمامنا حقيقة مفادها: أن الشعراء يتغنَّون بالجمال، على اختلاف مذاهبهم؛ إذ لم يجدوا مندوحة عن ذلك، بيْد أن رؤيتهم له مختلفة، تبعًا للاتجاه الذي يترسَّمون خطاه، ولكننا إذا قارنَّا بين الأدب العربي والأدب الإسلامي، فإننا واجِدون أن هناك علاقة بينهما؛ إذ وشيجةُ القُربى بينهما قائمة، ولكن مزيَّة الأدب الإسلامي أنه يسعى إلى توجيه الأدب العربي إلى المنهج السديد؛ ليوصل أصحابه إلى خدمة هذا الدين المجيد.

[14] زعم بعضهم أن شعر الأندلس قد ساد في عصر كثر فيه المجون واللهو، ولقد رد الدكتور عبدالقدُّوس أبو صالح على زَيف هذه الدعوى، بتوجيه هؤلاء إلى التساؤل على النحو التالي: كيف استطاع المسلمون على حالهم هذه أن يبقوا في الأندلس نحوًا من ثمانية قرون، يتربص بهم عدو صليبي حاقد على ما بينهم من التناحر المدمر؟ انظر مقاله: قضية الأدب الإسلامي، شبكة الألوكة، على الرابط: http://www.alukah.net/literature_language/0/31650/ وهو يريد بذلك أن يفتح الأنظار على حفاظ الأندلسيين على دينهم، على الرغم مما شهدوه من معاناة ألحقها المسيحيون بهم، وفي ذلك دليل على أهمية الحفاظ على العقيدة، التي ستحافظ - حتمًا - على نقاء أدبهم، وتجعله خاليًا من ألوان العبث والمجون، التي وصفه بها من حمَل على الشعر الأندلسي، ورماه بالضَّعَة والابتذال.

[15] يرى أصحاب هذا المذهب أن جمال الفكرة غير منفصل عن جمال التعبير؛ فالتعبير عندهم غايةٌ لِذاتها، وقد انحرف هذا المذهب على يد طائفة عابثة أخذَت تكتب في كل الموضوعات الغليظة، مستهينة بكل القيم، غير عابئة بالأخلاق أو التقاليد، أو ما يُضر بالمجتمع؛ بحجة أن هذا فن، والفن يجب أن يكون خالصًا للفن من غير أن يتقيد الأديبُ بعُرف أو دين أو تقاليدَ أو أخلاق! وهو مذهب مرفوض؛ (انظر: موقف أعلام الأدب الإسلامي من هذا المذهب، ونقدهم له؛ كالأستاذ أنور الجندي، والدكتور نجيب الكيلاني، الأول في كتابه: معالم الفكر العربي المعاصر، مطبعة الرسالة، بدون تاريخ الطبعة، ص 221؛ والآخر في كتابه: الإسلامية والمذاهب الأدبية، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1407هـ، ص 113).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • التطور الفني للمآذن في الحضارة الإسلامية
  • تاريخ النظم العلمي في الحضارة الإسلامية
  • المنحى الاقتصادي في الحضارة الإسلامية
  • الوقف على المكتبات في الحضارة الإسلامية (الأندلس نموذجا)
  • التوازن والوسطية في الحضارة الإسلامية

مختارات من الشبكة

  • بلا مسحة (قصة)(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التربية الجمالية في الإسلام ومفهومها(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • عيوب الفكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الظاهرة الجمالية في الفقه الحضاري(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • باقات من شعر المغرب العربي: دراسة تحليلية لأبنيتها الجمالية والدلالية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • التربية الجمالية في الإسلام (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • النظرة المدرسية للإنسان في التربية الجمالية في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • النظرة الكلية للإنسان في التربية الجمالية في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التربية الجمالية في الإسلام(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 18/11/1446هـ - الساعة: 8:24
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب