• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    منهج التعارف بين الأمم
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي
    بشير شعيب
  •  
    إدارة المشاريع المعقدة في الموارد البشرية: ...
    بدر شاشا
  •  
    الاستشراق والقرآنيون
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    نبذة في التاريخ الإسلامي للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    الفلسفة الاقتصادية للاستخلاف في منظور الاقتصاد ...
    د. عبدالله محمد قادر جبرائيل
  •  
    منهج شياطين الإنس في الشرك
    أ. د. فؤاد محمد موسى
  •  
    سيناء الأرض المباركة
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    استراتيجيات المغرب في الماء والطاقة والفلاحة ...
    بدر شاشا
  •  
    طب الأمراض التنفسية في السنة النبوية
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الاستشراق والمعتزلة
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    زبدة البيان بتلخيص وتشجير أركان الإيمان لأحمد ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    مفهوم الصداقة في العصر الرقمي بين القرب الافتراضي ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / تقارير وحوارات
علامة باركود

حوار مع أ.د. سعيد إسماعيل علي - أستاذ التربية بجامعة عين شمس

حوار مع أ.د. سعيد إسماعيل علي - أستاذ التربية بجامعة عين شمس
جمال سالم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/1/2016 ميلادي - 26/3/1437 هجري

الزيارات: 25896

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حوار مع الأستاذ الدكتور سعيد إسماعيل علي

أستاذ التربية بجامعة عين شمس

 

د.سعيد إسماعيل علي، شيخ التربويين الإسلاميين:

• التدين يتزايد، والأخلاق تنهار، هذا تفسيري لهذه المعادلة المقلوبة.

• التربية والتعليم العربي يتعرضان "لعبث" ليس له مثيل في العالم.

• أبناؤنا "أيتام" في أسرهم، وشلة السوء والإعلام الفاسد يقُومان بالتربية.

• التكنولوجيا سلاح ذو حدين، الغالبية اختارت أسوأ ما فيها وجعلتها نقمة.

• غياب الإرادة السياسية أفسد مشروع توحيد المناهج التربوية العربية.

• لغتنا أصبحت غريبة وبذيئة، تستقي مفرداتها من ألفاظ "أولاد الشوارع".

• نعم لتعلُّم اللغات الأجنبية في الطفولة، لا للتعليم بها على حساب لغتنا.

 

متن الحوار:

يعد الدكتور سعيد إسماعيل علي، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، "شيخ التربويين الإسلاميين" باقتدار، ويشهد بها قرابة المائة كتاب، غالبيتها تتناول القضايا التربوية من المنظور الإسلامي، ولم يكتفِ بذلك، بل رصد الأمراض التي أصابت منظومة القيم والأخلاق، وجعلت مجتمعاتنا العربية تعاني من الانهيار المستمر، وسيتحول العَرَضُ إلى مرض عضال إذا لم نحسن تشخيصه وتقديم العلاج له، من هنا تأتي أهمية هذا الحوار الذي يعرِض للكثير من الأمراض التي أصابت منظومة القيم والأخلاق والتربية، لعله يكون جرس إنذار قبل فوات الأوان، ووقتها لن يجدي البكاء على اللبن المسكوب.

 

• التدين في تزايد، والتراجع الأخلاقي والانهيار التربوي مستمر، فما تفسير هذه المعادلة غير العقلانية؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: تناقض شكلي، نلاحظ اتساع دائرة التدين، ولكن في نفس الوقت نلاحظ تراجعًا شديدًا في التربية والأخلاق، وقد يربط بعض المغرضين أو السذَّج بين انتشار التدين والتراجع التربوي والأخلاقي، ولكن الحقيقة هذا ربط غير منطقي؛ لأن أي نوع من التدين الذي ينتشر نجده التدين الذي يركز على العبادات، وليس المعاملات، ويتصور كثير من المتدينين أنه طالما يصلي ويصوم وعمرة، ولكن العبادات نفسها شرعها الله ليس لحاجته إليها، بل لمصلحة البشر، حتى يحسنوا أخلاقهم ومعاملاتهم فيما بينهم، وإلا كيف نفهم قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 6]، وخاصة إذا ربطنا الآية السابقة بقوله تعالى من نفس السورة: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

 

التدين الظاهري:

• المساجد مليئة بالمصلين، والحجاب والنقاب ينتشر بسرعة، وبشكل بيِّنٍ، ومع هذا نجد انهيارًا وتراجعًا أخلاقيًّا، وضياعًا لمنظومة القيم والقدوة، حتى بين بعض من هؤلاء المتدينين من الرجال والنساء؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: هذا التناقض ناتج عن قصور في فهم الدين، وحصره في العبادات فقط، وليس في المعاملات، مع أن غالبية آيات القرآن والأحاديث النبوية لا تفصل العبادات عن المعاملات، فنجد آيات كثيرة جدًّا يرتبط فيها الإيمان بالعمل الصلاح، منه الأخلاق، ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾ [النور: 55]، ولو حصرنا الآيات التي فيها هذه الكلمات، وطبقنا ما فيها، لصلح حال الأمة، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو الدول، لكن وصل التناقض بين العبادة والأخلاق حتى وصل الأمر إلى وصف الشارع لهؤلاء المتناقضين بقوله: "يصلي الفرض، وينقب الأرض"، وكذلك: "يصلي ويأكل مال النبي، ويحلي بالصحابة"، إلى هذه الدرجة أساء أصحاب التدين الظاهري إلى الدين، ونفَّروا الناس منه، بدلًا من أن يكونوا عوامل جذب وهداية لغيرهم من العصاة المسلمين أو حتى غير المسلمين؛لهذا لا بد من توافق المظهر والجوهر حتى نقدم صورة طيبة للإسلام، ونرتقي بمجتمعاتنا.

 

استشهاد خاطئ:

• ألا ترى أن هناك من اتخذوا من هذا التناقض وسيلةً لتبرير عدم أداء العبادات إذا كان هذا سلوك المتدينين والمتدينات؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: للأسف أساء البعض تفسير هذا التناقض، وتقاعس عن أداء العبادات، ويحث الآخرين على عدم أدائها بقوله: "الدين المعاملة"، وطالما معاملتي طيبة مع الناس فلا قيمة للعبادة أصلًا، طالما "بيني وبين ربنا عمار، وقلبي أبيض"، وإذا أردت أن تجادله وتثبت له خطأ تفسيره، قام بعرض نماذج شنيعة من الأفراد الذين تتناقض عباداتهم مع أخلاقهم وأفعالهم بوجه عام، قال لك: أليس هؤلاء من يحرصون على أداء العبادات؟!

 

والأغرب أن هذا الساخر من تناقض التدين الظاهري يستشهد لك على صحة تصوره، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق))، وألم يصفِ الله رسوله صلى الله عليه وسلم بقوله: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]؛ فالمهم الأخلاق لا العبادات.

 

العبادات والأخلاق:

• معنى هذا أننا لم نتربَّ بما تحث عليه العبادات، أو الحكمة منها، وبالتالي أصبحنا في العبادة شيئًا، وفي معاملة الناس شيئًا آخر؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: للأسف غابت عن حياتنا كل حِكَم العبادات، ولنا أن نقارن بين هذه الحكم التي وضحها القرآن في كثير من آياته، وكذلك وضحها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديثه، وبين الواقع المرير الذي نعيش فيه، حتى إننا أصبحنا صورةً منفِّرة للإسلام، لدرجة أن كثيرًا من المسلمين الجدد أكدوا أنهم أسلموا اقتناعًا بالإسلام المكتوب، وليس بالإسلام الموجود في حياة المسلمين، فمثلًا الحكمة من الصلاة سبق أن وضحنا أنها تنهى عن المنكر، في حين أننا نجد كثيرًا من المصلين يرتكبون كثيرًا من المنكرات، ما ظهر منها وما بطن.

 

أما الزكاة فقال عنها الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 264]، وللأسف كثير منا يفعلون ما تنهى عنه الآية.

 

أما فريضة الصوم التي جعل الله حكمتها في التقوى فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم الضوابط الأخلاقية للصائم حتى ينال التقوى فقال: ((إذا كان يومُ صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد، أو قاتَله، فليقل: إني صائم))، وقال أيضًا: ((مَن لم يدَعْ قولَ الزور، والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدعَ طعامه وشرابه))، فهل يلتزم الصائمون بذلك؟

 

وكذلك فريضة الحج التي قال الله تعالى عنها: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة: 197]، وبالتالي نجد العبادات كلها تصبُّ على الأخلاق، التي للأسف تنهار عندنا بشدة، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم حدد المسلم الحقيقي بقوله: ((المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))، وقوله: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه))، فهل نحن كذلك؟!

 

• الدعاة في المساجد كيف ترى دورهم في التربية والأخلاق؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: المفترض شيء، والواقع شيء آخر، فمثلًا ينبغي أن يكونوا قدوة ومثلًا أعلى لغيرهم؛ لأنهم ورثة الأنبياء، وهم فئة ممن وصفهم الله بقوله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]، ووصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم بقوله: ((إن العلماء ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم، فمن أخَذه أخذ بحظ وافر))، هذا هو الوضع المفترض للدعاة، ولكن الواقع أن الكثير منهم دون المستوى العلمي والدعوي والأخلاقي واللغوي والسلوكي والتربوي، حتى إنك عندما تسمع خطبة الجمعة يصيبك الضغط من الأخطاء اللغوية التي تصل إلى الخطأ في نطق آيات القرآن والأحاديث النبوية، مع أنه من المفترض أنه يحفظ القرآن عن ظهر قلب قبل التحاقه بالجامعة، وخلال الجامعة يعيد تأكيد حفظه بالقراءات والتفسير، ولكن للأسف أصابهم الضعف، والتراجع الشامل، مما أفقدهم قدرتهم على التأثير، بعد أن تحوَّلوا من أصحاب رسالة إلى أصحاب وظيفة، وأجبرهم تردي مستواهم المادي إلى العمل في مِهَنٍ وضيعة تقلل من هيبتهم، وزاد الطينَ بِلَّة سخريَّةُ وسائل الإعلام منهم، والسؤال يبقى: كيف يقوم داعية هذه مواصفاته وظروفه بدور تربوي ودعوي؟ والقاعدة المتفق عليها عبر الأجيال: إن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

• ما هي خطورةُ هذا الواقع الدعوي المؤلم على مجتمعاتنا العربية والإسلامية؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: إن الدعاة يلعبون دور المخزون الإستراتيجي في التربية، بمعنى أنه إذا قصرت الأسرة والمدرسة في التربية، فيمكن للدعاة علاج هذا التقصير، وسد الفجوة، من خلال المسجد، ووسائل الإعلام التي يظهر فيها مشاهير الدعاة، الذين عليهم ملاحظات سلبية كثيرة تضر بدورهم المنوط بهم في الجوانب العلمية والدعوية والتربوية؛ ولهذا فإني أخشي - في ظل التراجع المستمر في مستوى الدعاة - أن نصلَ إلى ما حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ((إن الله لا يقبضُ العلم انتزاعًا ينتزعُهُ من العباد، ولكن يقبضُ العلمَ بقبض العُلماءِ، حتى إذا لم يُبقِ عالمًا، اتخذ الناسُ رُؤُوسًا جُهَّالًا، فسُئلُوا، فأفتَوْا بغير علمٍ، فضلُّوا وأضلُّوا)).

 

أيتام في أسرهم:

• يقال: إن الأسرة استقالت رغمًا عنها من وظيفة التربية، فهل توافق على هذا التوصيف أم أنه مبالَغٌ فيه؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: للأسف نجد أن الدور التربوي للأسرة في تراجع مستمر على مستوى كل الدول العربية، ولأسباب مختلفة من دولة لأخرى، ففي الدول الغنية تركَت الأُسَر وظيفتها للخدم والنوادي وأصدقاء السوء والإعلام، في حين انشغل الآباء والأمهات بالترفيه وجمع المال واستثماره، والبحث عن الوجاهة الاجتماعية والثراء الاقتصادي، أما في الدول الفقيرة فإن الآباء والأمهات انشغلوا في العمل ليلًا ونهارًا لتوفير الاحتياجات الأساسية للأولاد، فانشغلوا بلقمة العيش عن التربية بكل معانيها، وتركوهم لأطفال الشوارع وأصدقاء المدارس، والنتيجة واحدة في كل الحالات؛ أن أبناءنا أصبحوا "أيتامًا" رغم وجودهم وسط آبائهم وأمهاتهم، وقد عبر أمير الشعراء أحمد شوقي عن هذه الحالات بقوله:

وإذا النساءُ نشَأْنَ في أمِّيَّةً
رضَع الرِّجالُ جَهالةً وخمولَا
ليس اليتيمُ مَن انتهى أبواه مِن
همِّ الحياة وخلَّفاه ذليلَا
فأصاب بالدنيا الحكيمةِ منهما
وبحُسنِ تربيةِ الزمان بديلَا
إنَّ اليتيمَ هو الذي تَلْقى له
أمًّا تخلَّتْ، أو أبًا مشغولَا

 

إعلام مدمر:

• كيف ترى الدور التربوي لوسائل الإعلام التي شهدت تطورًا كبيرًا يمكن تسخيره لخدمة منظومة التربية والأخلاق في العالم العربي؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: رغم ما شهدته وسائل الإعلام من تقدم مذهل فإننا نلاحظ أنه تم توظيف هذا التطور في هدم الأخلاق، ومن يتأمل عدد القنوات الفضائية ثم يقوم بفرز عدد القنوات الجادة أو الهادفة سيجد النتيجة مروعة؛ حيث إن غالبيتها العظمى تهتمُّ بالترفيه والإغراء، والإثارة، ونشر الرذيلة وتزينها، وتغيير منظومة التربية والأخلاق العربية والإسلامية لتكون تابعة للغرب الذي نقلده تقليد القرود دون أي تمييز، بل إنني لست مبالغًا إذا قلت: إنها تهدِم الأخلاق والفضائل، وتشجِّع على الرذائل، حتى إنني أحذرهم من عقاب الله تعالى لهم باعتبارهم من المفسدين الذين يُشيعون الفاحشةَ في المجتمعات، ويحاربون الفضائل، فوصفهم الله بقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ﴾ [النور: 19].

 

وأتساءل: أين مواثيق الشرف الإعلامية التي صدعوا رؤوسنا بها أم أنها حبر على ورق لا قيمة لها حيث يفعل أصحاب الفضائيات ما يروق لهم دون أية ضوابط؟


عبث تربوي:

• كيف ترى الدور التربوي للمدارس التي أصبحت منظومة متنافرة، متعددة التوجهات، وليست أساسًا واحدًا مشتركًا؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: ما يحدُثُ في التعليم هو نوع من "العبث والعكّ التربوي"، الذي يوصلنا إلى تدمير منظومة التربية بشكل ليس له مثيل في العالم الذي يحترم نفسه؛ ففي الوقت الذي نجد فيه توحدًا في مراحل التعليم الأولى، أو ما يطلق عليها: "مرحلة التعليم الأساسي"؛ حتى تتوحد الهوية لدى أبناء الدولة في السنوات الدراسية الأولى التي تتشكل فيها عقلية الطفل - نجد في عالمنا العربي مدارس حكومية عامة وخاصة وتجريبية ولغات وأجنبية ودينية وغيرها من التصنيفات التي تختلف من دولة لأخرى، حسب التنوع الطائفي والعرقي، اختلاف المستوى الاقتصادي، بعد أن تحول التعليم لسلعة ترتبط جودتها لمن يدفع أكثر، أما الفقراء فليس لهم إلا التعليم الرديء الذي لا يؤهل خريجه لسوق العمل؛ لأن المبدأ الحاكم فيه "على قد فلوسك تتعلم".

 

أجيال متنافرة:

• ما هي خطورة هذه المنظومة الممزَّقة على مستقبل الأجيال؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: خطورتها أنها تخرج أجيالًا متنافرة، ذات هويات مختلفة، وثقافات متناقضة، وهذا يخلق نوعًا من الازدواجية والانفصام في شخصيات أبناء المجتمع الواحد؛ فهذا يعتز بلسانه العربي إذا كان تعليمه دينيًّا، وذاك يعتز بلسانه الأجنبي الذي يرى من خلاله أنه ذو العقلية المستنيرة القادرة على التعامل مع الغرب المتقدم ومستحدثات العصر، ومن المتفق عليه تربويًّا أن "اللغةَ وعاءُ الثقافة"، وبالتالي فإن من يدرس بالفرنسية سيكون اعتزازه بالثقافة الفرنسية، ومن يدرس باللغة الإنجليزية سيعتز بالثقافة الإنجليزية، بل إن من يدرس بالإنجليزية باللهجة الأمريكية سيكون انتماؤه للثقافة الأمريكية، وهكذا سنجد "خواجات" من أبناء جلدتنا، ثقافتهم وهويتهم مختلفة عن عامة الشعب، ويحتقرون ثقافتهم ولغتهم القومية؛ لأنهم يشعرون أنهم ينتمون إلى مجتمعات أكثر تقدمًا، إن لم يكن هذا نوعًا من الغزو الثقافي بأيدينا، فما هو الغزو الثقافي؟!

 

التعليم التغريبي:

• لكن أنصار "التعليم التغريبي" يؤكدون أنه لا يمكن التواصل مع الدول المتقدمة إلا بتعلم لغاتها؟!

♦ د.سعيد إسماعيل علي: المشكلة أن هناك فارقًا لا يدركه الكثير من المسؤولين وأولياء أمور الطلاب على حد سواء، وهذا الفارق بين "تعلم اللغة الأجنبية" و"التعلم باللغة الأجنبية"؛ فالأول لا مشكلة فيه، إذا كان بعد مرحلة سِنِّية معينة، لا تقل عن العاشرة، يكون الطالبُ قد انطلق لسانه بلغته الأصلية، وترسخت في ذهنه أنها لغته الأولى، في التفكير والتعليم، أما المفهوم الثاني وهو "التعلُّم باللغة الأجنبية" فهذا مكمن الخطورة على الهوية والثقافة الأصلية؛ حيث إنه - للأسف - يتم التعليم بتلك اللغات من سن الرابعة، أو أقل في بعض الأحيان، وهنا يتم اغتيال اللغة العربية مع سبق الإصرار والترصد، واحتلت اللغةُ الأجنبية مكانها، واحتقرتها في عُقر دارها بعد أن باعها أولادُها - من أولياء الأمور والطلاب - بثمنٍ بخسٍ، وأحيانًا بلا ثمن أصلًا.

 

توحيد المناهج:

• هناك اقتراح بأن يتم توحيد مناهج اللغة العربية والتاريخ والدين، باعتبارها من أكثر المناهج المشتركة التي تسهم في توحيد الهوية، والتقارب الفكري والثقافي بين أبناء العربية الذين مزَّقهم الاضطراب والاختلاف في منظومة التربية والتعليم؟!

♦ د.سعيد إسماعيل علي: هذا اقتراح وجيه جدًّا، ويؤيده كل المخلصين لدِينهم ووطنهم، ولكن المشكلة عندنا غياب الإرادة السياسية، وهذا ما أفسد كثيرًا من جوانب التكامل والتعاون العربي المشترك، بدءًا من تأسيس الجماعة العربية في منتصف الأربعينيات، وما صاحبها وتلاها من اتفاقيات التعاون العربي الاقتصادي من خلال السوق العربية المشتركة، وفي المجال العسكري باتفاقية الدفاع العربي المشترك، وغيرها من الاتفاقيات التي لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به، أو الورق الذي كتبت عليه.

 

التكنولوجيا والأخلاق:

• تؤكدون أن التكنولوجيا أضرت بمنظومة القِيَم والأخلاق والتربية، فما هي الأدلة التي استندتم إليها في هذا الحكم؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: لاحظت أن الزحف التدريجي المتسارع للمستحدثات التقنية الحديثة صاحبه للأسف الشديد تراجعٌ في القيم الأخلاقية، على سبيل المثال أرى المحمول الذي لا أنكر ما له فوائد لا حصر لها، تسبَّب في تراجع شديد في العلاقات الاجتماعية والحميمة بين أعضاء الأسرة الواحدة والأصدقاء؛ حيث تراجعت بشكل كبير الزيارات المتبادلة؛ فأصبح الإنسان يكتفي بالتليفون لدقائق، وهناك فرق كبير بين التواصل التليفوني والزيارات المباشرة، بما فيها من مشاعر إنسانية أسمى وأنبل، وكذلك قبل المحمول عندما كنا نقوم بكتابة الرسائل على الورق، كنا نستعرض المهارات اللغوية في إظهار المشاعر الإنسانية، أما الآن فإننا نكتب رسائل جامدة ليس فيها أية مشاعر أو مهارة، بل إنه يصل التشويه فيها إلى حد كتابة الكلمات العربية بحروف إنجليزية، وعلى من يتلقى الرسالة الاجتهاد في فهمها من هذا المسخ.

 

تدَنِّي لغة التخاطب:

• كتَرْبَويٍّ كيف ترصدون تدني لغة التخاطب في الشارع والأسرة ومؤسسات التعليم، بل في المجتمع كله؟

♦ د.سعيد إسماعيل علي: من المؤسف أن هناك تراجعًا في مستوى اللغة وأسلوب التخاطب؛ حيث دخلت على اللغة ألفاظ رديئة وبذيئة لم نكن نسمعها، فإذا بها تتحول إلى أسلوب خطاب عام، حتى في وسائل الإعلام، وليس الشارع فقط، دون أن يتم استهجان أو استنكار هذا التراجع والتدني في مستوى اللغة وأسلوب التخاطب، وللأسف فإن هذا الانهيارَ اللغوي وصل إلى داخل الأسرة، فلم يعد التخاطب بين أفرادها فيه احترام، بل إن مَن يحاول أن ينمق لغته أو يزينها بالألفاظ الجميلة يكون مثارًا للسخرية، والاتصاف بالرجعية، ويقولون له: إنه يتكلم "بالفصحى"، وكأنها جريمة يجب أن يتبرأ الإنسان العربي منها، مع أنه في الحقيقة - إذا كنا أسوياء - يجب أن يفتخر بها ويعتز بها؛ لأن كرامة البشر من كرامة لغتهم.

 

وزِيدَ الطينُ بِلَّةً في ظل عالم النت والفيس بوك، والألفاظ التي لا يجد الإنسان مثيلًا لها في الانهيار اللغوي، تبادل الشتائم مباح في ظل عدم وجود مسؤولية قانونية أو أخلاقية، وكذلك سيطرة النواحي الاقتصادية والمادية في قيادة الحياة، وتغلبها على الجوانب المعنوية والأخلاقية.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حوار مع ثلاثة من مسلمي سيدني الشباب حول اعتناقهم للإسلام
  • حوار مع عبدالنصير بن مهالي ممثل الجالية الماليزية في المؤتمر العالمي للفتوى - القاهرة 2015
  • حوار مع د. محمد أحمد لوح - رئيس مجلس أمناء اتحاد علماء إفريقيا
  • حوار مع الشيخ: منصور نياس السفير المتجول والمستشار الخاص للرئيس السنغالي
  • حوار مع أ.د. حلمي عبد الرؤوف حول وضع الأقليات المسلمة
  • حوار مع د. عبدالحكيم محمد الشاكر - مستشار مفتي دولة جزر القمر

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • حوار عن الدعوة السلفية مع د. سعيد عبدالعظيم(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حكم الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • حوار مجلة تواصل مع د. محمد بريش (PDF)(كتاب - موقع د. محمد بريش)
  • حوار عن الدعوة مع د.الطريقي(مقالة - موقع أ. د. عبدالله بن إبراهيم بن علي الطريقي)
  • د. زيد الرماني في حواره مع الرسالة(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • حوار مع د. عبدالمنعم يونس(مقالة - حضارة الكلمة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب