• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | الثقافة الإعلامية   التاريخ والتراجم   فكر   إدارة واقتصاد   طب وعلوم ومعلوماتية   عالم الكتب   ثقافة عامة وأرشيف   تقارير وحوارات   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (10) الرد ...
    محمد تبركان
  •  
    تفيئة الاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في الأحاديث النبوية سندا ومتنا
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    طرق فعالة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري (9) بسيط ...
    محمد تبركان
  •  
    تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني طبعة دار البر ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    التحقيق في ملحمة الصديق (7) دلالات وعبر
    محمد صادق عبدالعال
  •  
    بين العبادة والعدالة: المفارقة البلاغية والتأثير ...
    عبد النور الرايس
  •  
    الثقة بالاستشراق
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    الطعن في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم
    أ. د. فالح بن محمد الصغير
  •  
    المجموع في شعر علماء هجر من القرن الثاني عشر إلى ...
    محمود ثروت أبو الفضل
  •  
    المصحف المرتل بروايات أخر غير رواية حفص عن عاصم
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    موقف أبي موسى الأشعري مع جندي من جنوده
    الشيخ عبدالعزيز السلمان
  •  
    النقد العلمي
    أ. د. علي بن إبراهيم النملة
  •  
    المصحف المرتل وفق رواية حفص عن عاصم الكوفي بصوت ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ
علامة باركود

الأتراك العثمانيون (النشأة والتطور)

محمود حسن عمر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/8/2015 ميلادي - 15/11/1436 هجري

الزيارات: 71458

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأتراك العثمانيون

(النشأة والتطور)


الحمد لله ربِّ العالمين، حمدًا تقرُّ به العيون، وتطمئنُّ إليه القلوب، وأشهدُ أنْ لا إله لا الله وحده لا شريكَ له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شيء قدير، والصلاة والسلام على أشرف الْخَلق أجمعين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدِّين.

 

أمَّا بعدُ:

فبتوفيقٍ من الله سوف أتحدثُ في هذا البحث عن الأتراك العثمانيين من حيث النشْأَة والتطور.

 

أولاً: أصل الأتراك:

إنَّ حديثَنا عن أصْل الأتراك ليس من بابِ إذكاء العصبيَّة أو الدعوة إلى القوميَّة، بل من بابِ التذكير بمواطنهم الأُولى، والتركيز على نقطتين مهمَّتين، هما:

أولاً: أنَّ تأثير الدين الإسلامي في الشعوب التي دخَلَ بلادها كان بارزًا وواضحًا، فقد هذَّبَ العادات التي اعتادتْ عليها هذه الشعوب، وجعَلَ منها عناصر قوَّة تَخدم قضيَّته الكبرى وهي إعمار الأرض، وتحقيق الاستخلافِ فيها.

 

آخرًا: أنَّ العُجمة لَم تكنْ حائلاً دون نُصرة هذا الدِّين والتمسُّك بأهدابه، والسَّعْي لنَشْره وحمايته.

 

نَسَبُ الأتراك:

تعدَّدتِ الآراء حول جذور الأتراك على النحو التالي:

أ- رأْي يُرْجِع أصْلَ الأتراك إلى قبيلة "مَذْحِج" اليمنيَّة، ويَستند أصحابُ هذا الرأْي إلى حديث رواه الإمام أحمد في مُسنده أنَّ "أكثر أهْل الجنة من "مَذْحِج"، فكأنَّ اختيار "مَذْحِج" للانتساب إليها؛ لهذه المكانة التي عُرِفَتْ بها، غير أنَّ مثلَ هذا الاتجاه لَم يَلقَ قَبولاً، وقد تعجَّبَ أحدُ الشعراء من هذه النسبة، فقال:

مَتَى كَانَتِ الأَتْرَاكُ أَبْنَاءَ مَذْحِجٍ ♦♦♦ أَلاَ إِنَّ فِي الدُّنْيَا عَجِيبًا لِمَنْ عَجِبْ

 

ب- رأْي يُرْجِع أصْلَ الأتراك إلى "قَنْطُوراء"، وهي جارية نبيِّ الله إبراهيم - عليه السلام - وقد ولدتْ له أولادًا جاء من نَسْلهم الترْك، وهذا رأْيٌ يَصْعُب تأكيدُ صحَّته.

 

ج- رأْي يَنْسِبُ الأتراك إلى يافث بن نوح - عليه السلام - وهذا رأْي لا يَستند إلى دليلٍ منطقي أو تاريخي.

 

د- رأْي ينسب الأتراك إلى قبيلة عُرِفَتْ باسم (الترْك)، وقد استطاعتْ هذه القبيلة السيطرةَ على جميع القبائل الناطقة بالتركيَّة.

 

سبب تسمية الأتراك بهذا الاسم:

تعدَّدتِ الآراء أيضًا حول تسمية الأتراك بهذا الاسم، ويُمكن تحديدُ أبرزها فيما يلي:

أولاً: يَرجع اسمُ الترْك إلى الكلمة الصينيَّة (تو - كيو)، وتؤكِّد نقوشُ أورخون التي اكْتُشِفَتْ حديثًا ذلك.

 

ثانيًا: اسم لأسرة حاكمة سيطَرتْ على غيرها من القبائل المجاورة لها، فعُرِفَ الجميعُ باسْمها.

 

ثالثًا: مُشتقَّة من كلمة (تورو) التي استُعْمِلَتْ في نقوش أورخون، بمعنى: الجماعة المتحدة بالقانون والتقاليد.

 

مواطن الأتراك الأولى:

أكَّدَتْ نقوشُ أورخون التي ظهرتْ حديثًا أنَّ المواطن الأولى للأتراك عند تُخوم الصين، وأنَّ الأتراك كانوا مجموعة من القبائل البدويَّة التي تُشبه إلى حدٍّ كبير في نظامها السياسي والاجتماعي قبائلَ العرب اليمنية.

 

وتُعَدُّ الدولة الهونية أول دولة تركيَّة عاشتْ على حدود الصين في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وأَجبرتِ الصينيين على بناء سور عظيم يَمنع عنهم غاراتِ الأتراك المتكرِّرة.

 

وتُعَدُّ منطقة ما وراء النهر - التي تُعْرَف باسم تركستان؛ أي: بلاد الترك في أسيا الوسطى، وتُمثِّل اليوم الجمهوريات الإسلامية، مثل: تركمانستان، وأوزبكستان، وقازاخستان، وقيرغيزيا - هي مواطن الأتراك الأولى التي انطلقوا منها إلى العالَم الإسلامي.

 

وهذه المنطقة التي كان الأتراك يقطنونها تمتدُّ من هَضْبة منغوليا وشمال الصين شرقًا، إلى بحر قزوين غربًا، ومن السهول السيبيريَّة شمالاً، إلى شبه القارة الهنديَّة وفارس جنوبًا.

 

صفات الأتراك:

اهتمَّ الجاحظ بالأتراك اهتمامًا بالغًا، حتى إنه ألَّف رسالة خاصَّة بهم سمَّاها: "فضائل الترك"، جَمَع فيها الكثيرَ عن صفات الترك وعاداتهم وتقاليدهم، ويُمكن تقسيم هذه الصفات إلى نوعين: صفات خُلُقية، فالتركي لا يعرف لينَ القوْل، ولا يُخادع، ولا يُنافق، ولا يَسعى بين الناس بالنميمة، ولا يتصنَّع، ولا يحبُّ الرِّياء، فضلاً عن اليقظة، وسرعة التصرُّف الجيد، وحبِّ الوطن، ولعلَّ هذه الصفات هي التي جعلتْهم يحبون الإسلام، وينضوون تحت لوائه؛ لتوافقها مع رُوح الإسلام وما يدعو إليه.

 

صفات خِلقيَّة: وتتمثَّل في قوَّة أجسامهم مع خِفَّتها، وقد ساعَدَهم ذلك على سرعة الحركة وسهولة التنقُّل، فضلاً عن الصبر والتحمُّل، وإجادة التدريب الحربي، فتكوَّنَتْ لَديهم مهارة حربيَّة فائقة.

 

ولقد كان لصفات الأتراك الخِلقيَّة والخُلقية أثرٌ كبير في حياتهم داخل أرض الإسلام، فقد ظهرتْ فروسيَّتهم في مواجهة أعداء الدولة.

 

علاقة الأتراك بالفرس قبل الإسلام:

اتَّسَمَتْ علاقة الأتراك بالفرس - وخاصَّة في عهد الدولة الساسانيَّة الفارسية - بالعَدَاء تارةً، وبالودِّ لدرجة المصاهرة تارة أخرى، وهذا يُفَسِّر سببَ استنجاد "يزدجرد" آخر ملوك الفرس بالأتراك؛ لنَجْدته أثناء الفتوحات الإسلاميَّة لبلاد الفُرس.

 

علاقة الأتراك بدُوَل الخلافة الإسلاميَّة:

بدأ أوَّلُ اتصال بين المسلمين والأتراك مع أوَّل لقاءٍ حَرْبيٍّ بينهما، وذلك في عهْد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين استنجدَ "يزدجرد" ملك الفُرس بخاقان الترك سنة 23 هجريَّة، فجاء خاقان على رأْس جيشٍ كبير، وعبر نَهْر جيحون، ولكنَّ الأحنفَ بن قيس قائد الجيش الإسلامي الذي كان في مواجهة الأتراك، استطاعَ أن يحقِّق النصر على عدوِّه بطريقة ذكيَّة، حين تمكَّن من الدخول إلى معسكر خاقان، وقتَلَ القوَّاد الثلاثة الذين كانوا يُعْلنون النفير بالطبْل، فتشاءَم خاقان من قتْلِهم، وقرَّر العودةَ.

 

وفي عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان - رضي الله عنه - دخَل المسلمون بلاد الأتراك، بعد أن تمكَّنوا من القضاء على "يزدجرد" ملك الفُرس، وقد اختلفَ المؤرِّخون في تحديد أوَّل من عَبَر نهر جيحون إلى بلاد ما وراء النهر حيث الأتراك، فمنهم مَن رأى أنَّ أوَّلَ من دخَل هذه البلاد هو: عبدالله بن عامر، ومنهم من قال: سعيد بن عثمان، ومنهم من قال: الحكم بن عمرو، غير أنَّه يُمكن الجمْعُ بين هذه الآراء في أنَّ كلَّ واحدٍ من هؤلاء دخَلَ من موطنٍ مختلف، فكلُّ مَن دخَل من مكان يُعَدُّ أوَّلَ واحدٍ دخَلَ هذه البلاد من هذا المكان.

 

أوَّل من استخدم الأتراك في الدولة الإسلامية:

يُعَدُّ أول من استقْدَمَ الأتراك إلى الدولة الإسلاميَّة واستخدمهم هو عبيدالله بن زياد؛ حيث دخَل البصرة بخَلْق من "بُخارى" نحو الألفين من خِيرة رُماة الترك وضَمَّهم إلى جيشه.

 

ولَمَّا أكْملَ قتيبة بن مسلم فتْحَ بلاد الأتراك، ووصَلَ حتى تُخوم الصين، كان جُلُّ اهتمامه هو تعليم هؤلاء القوم مبادئ الإسلام؛ لذلك بَنَى مسجدًا في "بُخارى" وآخرَ في "سمرقند" وغيرهما؛ لنشْر الإسلام هناك.

 

وقبل انتهاء العصر الأموي كان الأتراك قد عَرَفوا الإسلام، فدخَل كثيرٌ منهم فيه، وبَقِي آخرون، وطالَ أهْلُ ما وراء النهر من الأتراك ما طالَ الفُرس في خراسان من العَسْف، فكان ذلك من أسباب انتشار الدعوة العباسيَّة في هذه البلاد ونجاحها هناك.

 

وفي بداية العهد العباسي اتَّخذ أبو مسلم الخراساني تُجاهَ الأتراك في بلاد ما وراء النهر سياسةً تَعَسُّفيَّة، جعلتْهم لا يأسفون عليه لَمَّا نَكَّل به الخليفة المنصور، بل دخَل من هؤلاء الأتراك جماعةٌ إلى حاضرة الخلافة، وكان منهم حاجب الخليفة المنصور، وقد تتابَع الاتصال بالأتراك بصور مختلفة؛ حيث ظهرتْ في بلادهم فِتَنٌ استوجبتْ من الدولة العباسية أن تقمعَها، وبدأتْ تَلْقَى الأتراك عن قُرب، وتستقدمُهم إلى بلاط الخلافة؛ للإفادة منهم.

 

ولقد كان للفتنة التي حدثَتْ بين الأمين وأخيه المأمون أثرٌ في ظهور الأتراك بأعداد كبيرة على مسرح أحداث الدولة العباسية، واستطاع الأتراك أن يرتقوا في مناصب الدولة؛ حتى أصبحوا في الحرس الخاص للخليفة المأمون.

 

أما الخليفة المعتصم الذي كانتْ أُمُّه تركيَّة، فقد دفعتْه عِدَّة عوامل لاستقدام الأتراك واستخدامهم في الدولة، من هذه العوامل: الصفات المشتركة بينه وبينهم، وقام المعتصم بتمييز الأتراك في بلاط خلافته، فجعَلَ منهم حَرَسَه الخاص، وقوَّاد جيوشه، وأُمراء ولايات الدولة، وبَنَى لهم مدينة خاصَّة، هي: "سُرَّ مَنْ رأى".

 

ومع نهاية العصر العباسي الأول، كان نفوذ الأتراك قد تزايَدَ، حتى أصبحَ أكثرُ مجلس الشورى الذي يَختار الخليفة من الأتراك.

 

وقد استمرَّ نفوذُ الأتراك في العصر العباسي الثاني حتى سنة 334 هـ؛ حيث دخَلَ البويهيُّون، فقلَّصوا نفوذَ الأتراك، وأصبحَ "بنو بويه" الدعامة التي يعتمد العباسيون عليها.

 

الأتراك السلاجقة:

السلاجقة أسرة تركيَّة كبيرة تُنْسَب إلى زعيمها "سلجوق بن تقاق"، ومعنى سلجوق: القوس الحديدي، وقد اشْتُهِر هذا الرجل بكفاءته الحربيَّة، وكَثرة أتْباعه، وقد أسْلم "سلجوق" وأتباعه، وخلَّف من الأولاد "أرسلان"، و"ميكائيل"، و"موسى"، أبرزهم "ميكائيل"، الذي أنْجب "طغرل بك" (محمدًا)، و"جغرى بك" (داود)، اللَّذين قام عليهما مجدُ السلاجقة.

 

وفي الربع الأول من القرن الخامس الهجري هاجَر السلاجقة بزعامة "طغرل" وأخيه "جغرى" إلى "خراسان" الخاضعة لنفوذ الغزنويين، وبعد سلسلة من الصراع بين الغزنويين و"السلاجقة"، استطاع "السلاجقة" السيطرة على "خراسان" بعد هزيمة الغزنويين سنة (431هـ - 1040م).

 

وقد ساعَدَ "السلاجقة" على توطيد سلطانهم انتماؤُهم إلى المذهب السُّني، وإعلانهم الولاءَ والتبعيَّة للخليفة العباسي "القائم بأمر الله"، الذي عيَّن "طغرل بك" نائبًا عنه في "خراسان" وبلاد "ما وراء النهر"، وفي كل ما يتمُّ فَتْحه من البلاد، ثم قامَ "السلاجقة" بتوسيع حدود مَملكتهم بسرعة هائلة، فاستولَى زعيمهم "طغرل بك" على "جرجان" و"طبرستان" سنة 433هـ، وعلى "خوارزم" و"الري" و"همدان" سنة (434هـ - 1043م)، وعلى "أصبهان" سنة (443هـ - 1051م)، وعلى "أذربيجان" سنة (446هـ - 1054م)، وبدأ يتطلَّع للسيطرة على "بغداد"، وقد هيَّأتْ له الأوضاع السائدة فيها تحقيقَ هذا الهدف.

 

ومع بداية (رمضان 447هـ - نوفمبر 1055م) استقبلَ الخليفة "القائم بأمر الله" "طغرل بك" أول سلاطين "السلاجقة" في "بغداد" بكل حَفاوة وتكريم، ولقَّبه "ملك المشرق والمغرب"، وحرصَ "طغرل بك" هو الآخر على إبداء كلِّ مظاهر التوقير للخليفة، فاقْتَدَى به خلفاؤه، فعامَلوا الخلفاء العباسيين بكلِّ الاحترام والتوقير اللائق بهم.

 

ولَمَّا جاء "ألب أرسلان" السلجوقي إلى السلطنة، وسَّع حدود مملكة هذه الأسرة، ونجَح في القضاء على حركات العِصيان في "خراسان" و"ما وراء النهر" و"أذربيجان"، وتمكَّن من تعزيز الوجود الإسلامي في "أرمينيا" بعد انتصاره في معركة "ملاذكرد" الشهيرة، واستولَى على "حلب"، وقضَى على النفوذ العبيدي بها.

 

وعَقِب وفاة "ألب أرسلان" تولَّى السلطنة ابنه "مَلِكْشاه" بعهدٍ من أبيه، وتولَّى "نظام الملك" أخْذَ البيعة له، وأقرَّه الخليفة "القائم بأمر الله" على السلطنة، لَم يكتفِ "مَلِكْشاه" بإقرار "نظام الملك" في الوزارة، كما كان في عهْدِ أبيه، بل زادَ على ذلك بأنْ فوَّض إليه تدبيرَ المملكة، وقال له: "قد رددتُ الأمور كلَّها كبيرَها وصغيرَها إليك، فأنت الوالد"، ولقَّبه ألقابًا كثيرة، أشهرها: "أتابك"، ومعناه: الأمير الوالد، وكان "نظام الملك" أولَ مَن أُطلق عليه هذا اللقب.

 

بلغت "الدولة السلجوقية" ذِرْوة مَجْدها على يد "مَلِكْشاه"، الذي استمرَّ في السلطنة عشرين عامًا تقريبًا، استطاع خلالها استثمار ما حقَّقه "طغرل بك" و"ألب أرسلان" على أحسن وجْه، فحقَّق إنجازات كبيرة بمعاونة وزير "نظام الملك"، وقد اتَّسَعَتْ حدود "الدولة السلجوقية" في عهد "مَلِكْشاه" اتساعًا غير مسبوق، من حدود الصين إلى آخر بلاد "الشام"، ومن أقاصي بلاد الإسلام في الشمال إلى آخر "بلاد اليمن"، وحَمَل إليه ملوكُ الروم الْجِزية، كما ازدهرت الحركة الثقافيَّة في ذلك العهْد ازدهارًا ملحوظًا، فاهتمَّ بإنشاء العديد من المدارس التي نُسِبَتْ إلى "نظام الملك"، وعُرِفَتْ بالمدارس النظاميَّة، ارتادها مشاهيرُ العلماء، مثل: الإمام "أبو حامد الغزالي"، وإمام الحرمين "أبو المعالي الجويني"، وغيرهما.

 

ثم بدأتْ مظاهر الضَّعف تنتشر في جسم "الدولة السلجوقية" عقب وفاة "مَلِكْشاه"، فظَهَر الانقسام والتمزُّق والفِتن، باستثناء مُدَّة حكم السلطان "معز الدين سنجر أحمد"؛ حيث شَهِدت الدولة قوَّة وصحوة مؤقَّتة.

 

سلاجقة الروم:

سلاجقة الروم أو سلاجقة الأناضول: هم أحد فروع دولة السلاجقة، وقد حَكَموا منطقة أسيا الصُّغرى التي ضمَّتْ قونية، وسيواست، وقيصريَّة، وملطية، وأماسية، وأرخروم، وغيرها من بلاد أسيا الصغرى، واستمرَّ حُكْمُهم عبر ثمانية عشر سلطانًا منذ سنة (470 هجرية) حتى سنة (708 هجرية)، ثم استولَى المغول على أملاك هذه الدولة، ثم جاء العثمانيُّون؛ ليكونوا هم أصحاب هذه الأملاك، فمَن العثمانيون؟

 

العثمانيون:

أسرة تركية يُنْسَبونَ إلى جَدِّهم عثمان خان بن أرطغول بن سليمان شاه بن قيا ألب، ويَرجع نسبُه إلى قبيلة "قاتي" إحدى قبائل الغز التركمانيَّة، والتي كانتْ عند بداية القرن السابع الهجري الموافِق الثالث عشر الميلادي تعيش في كردستان، وتزاوِلُ حِرفة الرعي، ونتيجة للغزو المغولي بقيادة جنكيز خان نحو الغرب قاصدًا دولةَ خوارزم بالدرجة الأولى، ثم توجَّه بعد ذلك نحو العراق ومناطق شرق أسيا الصغرى، وكان يرْأسهم "سليمان شاه بن قيا ألب" جَدُّ عثمان، الذي قرَّر الهجرة في عام (617 هجرية الموافق 1220 للميلاد) مع قبيلته وفيها ألف فارس من كردستان إلى بلاد الأناضول، فاستقرَّ في مدينة أخلاط - تقع في شرق تركيا الحاليَّة.

 

ولما هَدَأتْ موجة المدِّ المغولي، رَغِب في الرجوع إلى موطنه الأول، وتابَعَ إلى ديار بَكْر، واتَّجه نحو الرِّقَّة، وأرادَ عبور نهر الفرات، فهوى فيه وغَرِق عام (628 للهجرة)، فدُفِنَ هناك قُرب قلعة "جعبر"، واختلفَ أبناؤه الأربعة في الطريق التي يجبُ أن يسلكوها، أمَّا ابنه الأكبر "سنقور تكن"، فقد حقَّق رغبة أبيه ورَجَع مع أخيه "كون طغرى" إلى موطنهم الأول، وكان "سنقور تكن" هو الذي تولَّى إمرة القبيلة وزعامتها بعد موت أبيه، وأما أخواه الآخران، وهما "أرطغرل، ودندان"، فقد عادَا أدراجهما، وكان "أرطغرل" الأوسط وزعيم المجموعة المتبقِّية من القبيلة، والذي واصَلَ تحرُّكه نحو الشمال الغربي من الأناضول، وكان معه حوالَي مائة أسرة وأكثر من أربعمائة فارس.

 

وأرسل أرطغرل ابنه "ساوجي"؛ ليطلب من الأمير علاء الدين السلجوقي أمير إمارة "قرمان" أرضًا تعيش فيها القبيلة؛ كي لا تقعَ في نزاعات، غير أنَّ "ساوجي" لَمْ يَعُدْ إلى أبيه؛ إذ تُوفِّي في الطريق، وفي هذه الأثناء إذا بأرطغرل يسمع عن بُعدٍ جَلَبَة وضوضاء، فلما دَنَا منها، وجَدَ قتالاً حاميًا بين مسلمين ونصارى، وكانتْ كفَّة الغَلبة للجيش البيزنطي، فما كان من أرطغرل إلا أنْ تقدَّمَ بكل حماسٍ وثباتٍ؛ لنجدة إخوانه في الدين والعقيدة، فكان ذلك التقدُّم سببًا في نَصر المسلمين على النصارى، وبعد انتهاء المعركة قدَّر قائد الجيش الإسلامي السلجوقي الأمير علاء الدين السلجوقي هذا الموقف لأرطغرل ومجموعته، فأقْطَعَهم أرضًا في الحدود الغربية للأناضول بجوار الثغور في الروم، وأتاحوا لهم بذلك فرصة توسيعها على حساب الروم، وكانتْ مساحة هذه الأرض 2000 كيلو متر مربع، استطاع أرطغرل أثناء جهاده ضد البيزنطيين توسيعَها إلى 4800 كيلو متر مربع، وحقَّق السلاجقة بذلك حليفًا قويًّا ومشاركًا في الجهاد ضد الروم، وقد قامتْ بين هذه الدولة الناشئة وبين سلاجقة الروم علاقة حميمة؛ نتيجة وجود عدوٍّ مشترك لهم في العقيدة والدِّين، وقد استمرَّتْ هذه العلاقة طِيلة حياة أرطغرل، حتى إذا تُوفِّي سنة 687 هـ خَلَفه من بعده في الحكم ابنه "عثمان" الذي سارَ على سياسة أبيه السابقة في أراضي الروم، والذي إليه تُنسب الدولة العثمانيَّة، فهو مؤسِّسها وأوَّلُ حُكَّامها.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (1/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (2/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (3/4)
  • قيام الدولة العثمانية وحملات التحالف الصليبي ضدها (4/4)
  • سنان باشا

مختارات من الشبكة

  • هولندا: انتقاد تركي للتمييز الهولندي ضد الأتراك والمغاربة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الحجاج الأتراك يزورون مسجد الحديبية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الأتراك الأكثر إقبالا على الفنادق الحلال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الحجاج الأتراك يتدربون على الطواف(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: تنظيم ندوة للحجاج الأتراك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: حلقة تعليمية للمعتمرين الأتراك(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الجزارون الأتراك يذهبون إلى الحج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: الطلاب الأتراك يتبرعون بمصروفهم للصومال(مقالة - المسلمون في العالم)
  • السفير التركي في فيينا: النمسا تعامل الأتراك كالفيروسات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • تركيا: بدء عودة الحجاج الأتراك إلى إسطنبول(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب