استعراض كتاب (مفردات القرآن) للمعلم عبدالحميد الفراهي

استعراض كتاب (مفردات القرآن)

للمعلم عبدالحميد الفراهي

• عنوان الكتاب: مفردات القرآن.

• اسم الكاتب: المعلِّم عبدالحميد الفراهي.

• اسم المحقّق: الدكتور محمَّد أجمل أيوب الإصلاحي.

• عدد الصفحات: 476.

• الناشر: الدائرة الحميدية، مدرسة الإصلاح، سرائ مير، أعظم كره، الهند.

• الثمن: 300 روبية هندية.

• سنة الطبع: 2004م.

الدكتور محمَّد أجمل أيوب الإصلاحي، (ولد في 1948م)، من علماء أعظم كره الذين نالوا درجة كبرى بين محقِّقي اللغة العربية ونُقادها في العصر الحديث في الهند، تخرَّج في مدرسة الإصلاح، سرائ مير، أعظم كره، ثم أتمَّ ذوقه الأدبيَّ في ندوة العلماء لكناؤ، كما حصل على شهادتي "ماجستير" من جامعة علي كره الإسلامية، و"الدكتوراه" من جامعة لكناؤ بولاية أوترابراديش.

إنَّ له اليد الطولى في الأدب العربي - لا سيما العصر الجاهلي - وفي علوم القرآن الكريم، مِن أبرز مؤلَّفاته: "محاسن الشعر" (مجلدان)، و"إصلاحُ إصلاح ما غلط به النميري"، و"فهرست مصنَّفات البقاعي"، و"بحوث وتنبيهات".

وبما أنَّ الدكتور قد اختار لنفسه موضوعَ المفردات العربية القرآنية، فقد جمع ما تشتَّت في هذا المجال، وجاء بتحقيق عِلمي جميل تعتزُّ به الهند وأبناؤها كذلك.

هذا الكتاب الذي أعرضه عليكم يتعلَّق بمُفردات القرآن ومُصطَلحاته، وهو مِن أعمال إمام المفسِّرين العلامة عبدالحميد الفراهي (م: 1930م)، الذي كان مِن جهابذة علماء الهند.

تعلَّم الإمام كافة العلوم القديمة والحديثة على مهَرة أساتذة زمانه، فبرَز عالمًا نحريرًا للعلوم القديمة والجديدة، كما تضلع من اللغات: الفارسية والعربية والأرديَّة والعِبرية والإنجليزية.

قام بمهنة التدريس في مختلف جامعات الهند وباكستان، وخلف مؤلَّفات ورسائل رائعة في الدراسات العربية والإسلامية، ويدور معظم مؤلفاته حول موضوع القرآن الكريم وعلومه؛ لأنَّ التدبُّر في القرآن كان عملَ ليلِه ونهاره، ولذلك فقد جاء بتحقيقاتٍ رائعةٍ عجز عنها المتقدِّمون والمتأخِّرون على السواء.

وإن كان هذا الكتاب ليس بشامل كافة المُفرَدات القُرآنية، ولا أراد المؤلِّف هذا، ولكنَّه يُعالج أصعبها وأخطرها وأهمَّها دينًا وفكرًا، فقد أحاط فيه الإمام الفراهي بمُفردات القرآن الصعبة التي حار في شرحِها وتعيين مُرادها الحقيقيِّ العلماءُ الكبار، والعباقرةُ النوابغ، فصاغوا أحزابًا وفرقًا، وكلُّ حزب بما لديهم فرحون.

ونظرًا لأهمية الكتاب تلك، قام الدكتور الفاضل محمد أجمَل أيوب الإصلاحي بتحقيق محتوياته وتأييدها بمَزيد مِن الشواهد اللغوية المتوفِّرة لديه، فجاء الكتابُ نافعًا أكثر مما كان قبْلُ.

يَبتدئ الكتاب بمقدمة للمحقِّق، ذكَر فيها الدكتور الإصلاحي عظمة شخصية الإمام الفراهي، وأهمية مؤلفاته، وطبعاتها العديدة، ثم التفتَ إلى الكتاب الذي قام بتحقيقه، فذكَر ما فعل وحقَّق، وقد بلغ عدد صفحات المقدمة خمس صفحات.

ثمَّ قفَّاها بمُقدمة أخرى ذكر فيها ترجمة المؤلف بأسلوب علمي جديد، فذكر مصادرَ الترجمة، وشخصية الكاتب، ودراساته، ومناصبَه، وأعماله التعليمية والإدارية، وصفاته، وأخلاقه، وثقافته، وعلومه، وتلامذته، ومصنفاته المطبوعة والمخطوطة، وانطباعات العلماء عنه؛ فقد قال عنه العلامة أبو الكلام آزاد:

"كان حميد الدين الفراهي - رحمه الله - مِن العلماء الربانيِّين الذين لا تكون بضاعتهم العلم فحسبُ، بل يَجمعون بين العلم والعمل، ويندر وجود هؤلاء الحائزين للشرفَين كما لا يَخفى على أهل النظر، وإني كلما قابلته تأثرتُ بعمله أكثر مِن علمه، فإنه كان رجلاً تقيًّا بكل معنى الكلمة"؛ (مجلة الإصلاح، 1 / 1 / 56 - 61).

هذه الترجمة تشتمل على 31 صفحة.

ثم أتبعها الدكتور الإصلاحي مقدمةً ذَكر فيها كتُبَ غريب القرآن وأهميتها في شرح مفردات القرآن، وضمن هذا ذكر الكتاب الذي قام بتحقيقه، فذكر قضية عدم تمام الكتاب ومُقدِّماته، وعدد الكلمات التي شرحها المؤلف الكبير، وتفسير الألفاظ، والمنهج الذي اختاره المؤلف في شرح المفردات القرآنية، وقيمة الكتاب العِلميَّة، وطبعاته، وفي الأخير جاء ذكر ما قام به المحقِّق، وهو كما يلي:

1- تأييد حديث المؤلِّف بكلماته الأخرى الموجودة في مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة.

2- وملء الفراغ حتى الوسع عن طريق كتابات المؤلِّف.

3- وتخريج المتْن.

4- وتفسير الشواهد.

5- وترجمة موجَزة للشعراء أو الكتاب المذكورين في المتن.

6- وزيادة الشواهد الأخرى.

7- وزيادة المفردات الموجودة في كتب المؤلف.

8- وصنع الفهارس العلمية.

هذه المقدمة تشتمل على 40 صفحة.

فالكتابُ المحقَّق يبتدئ بصور بعض صفحات المتن، ثم يأتي الأصل المحقَّق الذي يحتوي على 150 صفحة، ثم تتبعه زيادات المطبوعة التي تشتمل على 87 صفحة، وتشرح 35 كلمة قرآنية صعبة، ثم تأتي زيادات الطبعة المحقَّقة؛ وهي تحتوي على 56 صفحة، وتعالج 42 كلمة قرآنية صعبة، ثم ذكر المصادر والمراجع العربية والأجنبيَّة، وهي حوالي 300 مصدر عربي وفارسي وإنجليزي وأرديٍّ، وهي تشتمل على 25 صفحة.

والفهارس العلمية التي وضعها الدكتور الإصلاحي هي تسعة: فهرس الآيات القرآنية، وفهرس الأحاديث والآثار، وفهرس الكتب السماوية الأخرى، وفهرس الشواهد، بما فيها شواهد المؤلف في المتن والحواشي، وشواهد المحقِّق، وفهرس الكتُب المذكورة في المتن، وفهرس الفوائد المَنثورة، وفهرس الأعلام والجَماعات والأماكن، وفهرس المُفردات على ترتيب المعاجم، وفي النهاية فهرس موضوعات الكتاب، وكافَّة هذه الفهارس تَحتوي على 57 صفحة، والكتاب المحقَّق بأسرِه على 476 صفحة، وطُبع في ثوب قشيب جيِّد حسب منشأ محتويات الكتاب.

وإليكم مثالاً واحدًا لشرح الكلمة وتحقيقِها مِن قِبَل الدكتور الفاضل:

"الكوثر[1]: مبالغة الكثير، فهو: ذو كثرة عظيمة وبركة وثروة، فإن الكُثْر هو الثروة، وقد سموا به الرجال، كما سمَّوهم بكثير وكُثير، وترى استعماله في طريق الصفة في قول لبيد:

وصاحبُ ملحوبٍ فُجِعْنا بموته وعند الرِّداع بيتُ آخرَ كَوثرِ[2]

وفي قول أمية بن أبي عائذ الهذلي[3]:

تَباهي الحقيق إذا ما احتدَمْ نَ حَمْحَمَ في كَوثرٍ كالجَلالِ[4]

يبدو من قراءة الكتاب أن المحقِّق بذل قصارى جهودِه في تَحقيق المتْن بأسلوب علميٍّ حديثٍ، وكنا نتمنَّى منه ذلك القدْر العلميَّ - فهو مُعترَفٌ به لدى علماء الهند والعالم العربي - في تحقيق مفردات اللغة العربية، لا سيما مفردات القرآن الكريم.

ندعو الله - عزَّ وجلَّ - أنْ يوفِّقه مَزيد الخِدمة لكتابه العزيز، ومِن ثَمَّ اللغة العربية التي هي لغة المسلمين، ولغة أهل الجنة، ولغة العلوم والفنون، وبه التوفيق، وعليه التُّكلان.

---

[1] تفسير سورة الكوثر: 2 - 3، الفصل الثاني، المطبوعة: 62 - 63.

[2] من قصيدة له في ديوانه: 52، والبيت وحده في السيرة: 1:421 والبلدان (ردع 3:39، وملحوب 5:191) واللسان (ردع) والعجز وحده في اللسان (كثر)، صاحب ملحوب: في شرح الطوسي أنه عمرو بن خالد بن جعفر، وملحوب: فرس، والرداع: موضع، وصاحبه عوف بن الأحوص، وقال أبو عمرو وابن هشام وياقوت: إنَّ ملحوبًا: أرض، وصاحبه عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب؛ أي: مات ثمَّ، أما الذي عند الرداع فهو شريح بن الأحوص، ومثله قول المخبَّل السعديِّ يصف اجتماع أحياء سعد من بني منقر وغيرهم إلى قيس بن عاصم وتعويلهم عليه في أمورهم؛ انظر: سيبويه 3:600 واللسان (أهل):

وهم أهلاتٌ حول قيس بن عاصم إذا أدلَجُوا بالليل يَدعون كَوثرا

وقال الكُمَيت بن زيد يمدح هشام بن عبدالملك بن مروان (السيرة 1:422):

وأنت كثير يا بن مروان طيِّب وكان أبوك ابن العقاقل كوثَرا

[3] شاعر إسلامي مِن شعراء الدولة الأموية وأحد مدَّاحي بني مروان، وهو مُخضرَم على ما في الإصابة عن المرزباني، ابن قتيبة: 667، والأغاني: 23: 163 - 166، الإصابة: 488، الخزانة: 435 - 436.

[4] مِن قَصيدة له في أشعار الهذليين: 504، والبيت وحده في السيرة 1:422، وغريب القرآن: 541، واللسان (كثر)، والعجز في المقاييس 5:161 بدون نسبة.

حمحم: في المطبوعة من اللسان: "وحمحمن"، ورواية الديوان وسائر المَصادر كما في الأصل، يَصف الشاعر في البيت حمارًا وعانته، الحقيق: ما يحقُّ عليه أنْ يَحميه.